(الصفحة381)
صحة الطواف في موردها ولكنه لا اشعار فيها بالاختصاص بما اذا كان المنسىّ شوطاً واحداً لوجود الفرق بين ما اذا كان المورد مفروضاً في كلام الامام (عليه السلام)وبين ما اذا كان مذكوراً في كلام السّائل حيث انه يجري في الاوّل احتمال الاختصاص دون الثاني نعم حيث انه وقع في جملة من الموارد التفصيل بين صورتي التجاوز عن النصف وعدمه لا يبقى مجال للاستناد اليها بالاضافة الى صورة عدم التجاوز ايضاً وامّا ما في ذيل الرواية من قوله (عليه السلام): يأمر من يطوف عنه فيجري فيه احتمال لزوم الاستنابة في جميع الطواف واحتمال لزوم الاستنابة في خصوص الشوط الواحد المنسي وقد عبّر عنه بالطوّاف في الرواية في الجملة السّابقة.
ثانيتهما موثقة اسحق بن عمّار قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) رجل طاف بالبيت ثم خرج الى الصّفا فطاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف اذ ذكر انّه قد ترك بعض طوافه بالبيت قال: يرجع الى البيت فيتم طوافه ثم يرجع الى الصّفا والمروة فيتمّ ما بقى(1) . وكلمة «البعض» وان كانت مطلقة بحسب اللغة شاملة للجزء القليل والكثير من المركب المشتمل على اجزاء متعددة الاّ انّها بحسب العرف ظاهرة في الجزء القليل الذي يكون اقلّ من النصف نعم مقتضي اطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق في الحكم المذكور بين ما اذا خرج الى الصفا للسعي بعد الطواف بلا فصل او اخّر السّعي حيث انّه يجوز تأخيره عن الطواف الى الليل كما سيأتى.
هذا والرواية في المقام منحصرة بهاتين الرّوايتين وامّا صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال قلت رجل طاف بالبيت واختصر شوطاً واحداً في الحجر قال: يعيد
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والثلاثون ح ـ 2 .
(الصفحة382)
ذلك الشوط(1) . فلا ترتبط بالمقام لان موردها، اذا طاف من داخل الحجر جهلاً منه بلزوم كون الطواف واقعاً خارجاً عن الحجر ومورد البحث في المقام هو النسيان ولا يجب فيه اعادة مجموع الشوط حتى الاجزاء الواقعة صحيحة وعليه فالرواية لا تكون من روايات المقام وان عدّها صاحب الجواهر منها.
وكيف كان فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) بعد نقل الروايات المتقدمة ما لفظه: «قلت يمكن ان يكون مستند التفصيل المزبور فحوى ما تسمعه من النصوص في مسئلة عروض الحدث في الاثناء بل قد تقدم في بحث ان الحائض والنفساء اذا منعهما عذرهما عن اتمام العمرة يعد لان الى الافراد والقران من النصوص ما هو مشتمل على التعليل الشامل للمقام ففي خبر ابراهيم بن اسحاق عمن سئل ابا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت بالبيت اربعة اشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال: تتمّ طوافها فليس عليها غيره ومتعتها تامة فلها ان تطوف بين الصفا والمروة وذلك لانّها زادت على النصف وقد مضت متعتها ولتستأنف بعد الحجّ(2). وخصوص المورد لا يقدح في عموم التعليل المؤيّد بما سمعت وفحوى ما تسمعه في المريض وغيره ممّا هو ظاهر في كون المدار في صحة الطواف تجاوز النصف وعدمه مضافاً الى فتوى الاصحاب».
هذا ولكن الظاهر ان دعوى توسعة دائرة التعليل وعمومها لمثل المقام مما يكون الاخلال بالطواف ونقصه من ناحية الجزء لامن ناحية الشرط مشكلة جدّاً بل يمكن ان يقال بانه لا دليل على العموم في ناحيه الشرط اذا كان الاخلال به اختياريّاً كما اذا احدث بعد التجاوز عن النصف اختياراً نعم فيما اذا عرض له الحدث من غير اختيار
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والثلاثون ح ـ 1 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والثمانون ح ـ 4 .
(الصفحة383)
سواء كان هو الاصغر والاكبر مثل الجنابة غير الاختيارية العارضة له بعد التجاوز عنه في الطواف يكون مقتضي عموم التعليل جريان الحكم فيه وامّا في مثل المقام فلا يحصل الاطمينان بالعموم المذكور ويمكن ان يقال بانّ ضمّ الروايتتين الواردتين في المقام مع ملاحظة انّ رواية ابن عطيّة وان كانت لا اختصاص له بخصوص ما اذا كان المنسىّ خصوص شوط واحد الاّ انّ الغاء الخصوصية منها ليس بمقدار يشمل ما اذا كان المنسىّ متجاوزاً عن النصف بل يشمل ما اذا كان شوطين او ثلاثة اشواط ورواية ابن عمّار يكون الظاهر من عنوان «البعض» المنسىّ من الطواف المتذكّر له في اثناء السعي هو البعض غير البالغ حدّ النصف على ما هو المتفاهم منه في الاستعمالات العرفية فانّ ضمّهما الى التعليل الذي يصلح لان يكون مؤيّداً وان كانت صلاحيته للاستدلال به مخدوشة على ما عرفت ينتج صحة التفصيل الذي ذهب اليه المشهور.
هذا ولكن بعض الاعاظم (قدس سره) على ما في تقريرات بحثه ناقش في الاستناد بعموم التعليل بوجوه عمدتها وجهان:
الوجه الاوّل ان التعليل الوارد في بعض روايات الحيض يكون بالتعبير بقوله (عليه السلام): لانّها زادت على النصف وقد بين في محلّه ان خبر انّ المفتوحة يؤول الى المصدر فيكون نظير قولنا اكرم زيداً لعلمه لا نظير قولنا اكرمه فانه عالم و ـ ح ـ يكون ملاكاً لا علّة والعلة التي يراد بها الموضوع يؤخذ بعمومها لان الحكم دائر مدارها وجوداً وعدماً بخلاف الملاك فان الحكم وان كان لا يمكن ان يكون بلا ملاك الاّ انه يمكن ان يكون الملاك موجوداً والحكم غير موجود لوجود مانع عنه نظير ان الصلوة لم تكن واجبة في صدر الاسلام مع كون الملاك ثابتاً فيها وذلك لوجود المانع وهذا بخلاف العلّة التي هي الموضوع فلا يمكن انفكاك الحكم عنها وجوداً وعدماً.
(الصفحة384)
ويرد عليه انّ مرجع كلامه الى الفرق بين قوله: اكرم زيداً لانه عالم وبين قوله اكرم زيداً فانه عالم مع انه لا فرق بينهما في المتفاهم العرفي بوجه وان كان احدهما مع اللام وانّ المفتوحة والاخر مع الفاء وانّ المكسورة نعم يمكن قبول الفرق بين المثالين اللذين ذكرهما وامّا في المقام فَلا ويمكن ان يكون الاوّل الى المصدر المذكور في انّ المفتوحة لم يكن بمثابة ترجع الى كونه قائماً مقام المصدر في جميع الجهات وتمام الآثار فتدبر وكيف كان فالمناقشة في عموم التعليل من هذا الطريق لا تكون مقبولة بوجه.
الوجه الثاني تعارض عموم التعليل مع رواية حبيب بن مظاهر التي رواها عنه حمّاد بن عثمان قال: ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطاً واحداً فاذاً انسان قد اصاب انفي فادماه فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لابي عبدالله (عليه السلام)فقال: بئس ما صنعت كان ينبغي لك ان تبني على ما طفت ثم قال اما انه
ليس عليك شيء(1) . نظراً الى صراحتها في صحة الطواف مع قطعه لغسل انفه من الدّم مع انه لم يأت الاّ بشوط واحد فتخالف التعليل المذكور.
ولكنه اجاب عن هذا الوجه بضعف سند الرواية قال: فانه مع قطع النظر عن اصل اسناد الصدوق (قدس سره) الى حمّاد نقول: انه ضعيف بحبيب بن مظاهر فانه لو كان المراد به الشهيد بالطف فلا اشكال في وثاقته لكنه لم يكن في زمان ابي عبدالله (عليه السلام) وهذا الحديث مروّي عنه مع ان الراوي عنه هو حمّاد وهو كان في زمان ابي عبدالله (عليه السلام) فلا نعرف انّ حبيباً هذا من هو، الاّ ان يقال ان المراد من ابي عبدالله (عليه السلام) هو الحسين بن على (عليه السلام)(ولا جله وصفه صاحب الوسائل بالحسين في نقل الرواية) والمراد من
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 2 .
(الصفحة385)
حبيب بن مظاهر هو الشهيد بالطف وان حماد بن عثمان في ذلك الزمان كان موجوداً وبقي الى زمان الصادق (عليه السلام) فهو من المعمرين ولكن مع ذلك كلّه هذا صرف احتمال لا يوجب تصحيح الخبر فيتعين طرحه لضعف سنده.
اقول: كما انه لا يجدي في تصحيح الخبر كون حمّاد من اصحاب الاجماع لما مرّ غير مرة من انّ كون الراوي من اصحاب الاجماع لا يراد به الاّ مجرد كونه مجمعاً على وثاقته وصحة روايته من حيث نفسه وامّا انه لا يحتاج الى النظر في حال من قبله في السّند فلا يستفاد من ذلك بوجه.
ويمكن ان يقال بانه على تقدير الصحة ايضاً لا تعارض بين الرواية والتعليل بعد كون مورده الحدث والرواية واردة في الخبث وعليه فالعمدة في مستند المشهور ما ذكرنا.
بقي الكلام في المسئلتين في امرين:
الامر الاوّل انه وقع في المتن بعد الحكم بوجوب الاتمام فيما اذا جاوز النصف استثناء صورة تخلل الفعل الكثير واحتاط فيه وجوباً بالاتمام والاعادة وهذا الاستثناء غير موجود في كلام المشهور والظاهر انه ليس المراد من تخلل الفعل الكثير ما يرجع الى الموالات فانه يمكن الاخلال بها من دون ان يتحقق الفعل الكثير وعليه فيقع الكلام في ستند هذا الاستثناء.
والظاهر ان مستنده رواية ابن عطية المتقدمة المشتملة على قول السائل فانه فاته ذلك حتى اتى اهله وجوابه (عليه السلام) بقوله يأمر من يطوف عنه نظراً الى ان الرجوع الى الوطن والاهل مستلزم للفعل الكثير عادة والجواب ظاهر في لزوم الاستنابة في مجموع الطواف لاخصوص الشوط الواحد المنسىّ وحيث انه لم يقع الفتوى به من المشهور
(الصفحة386)
مسألة 18 ـ لو زاد على سبعة سهواً فان كان الزائد اقلّ من شوط قطع وصحّ طوافه. ولو كان شوطاً او ازيد فالاحوط اتمام سبعة اشواط اخر بقصد القربة من غير تعتين الاستحباب او الوجوب وصلّي ركعتين قبل السّعي وجعلهما للفريضة من غير تعيين للطواف الاول او الثاني وصلي ركعتين بعد السعي لغير الفريضة 1 .
فاحتاط وجوباً بالجمع بين الامرين.
هذا ولكن الاستظهار المذكور محل نظر بل منع لما عرفت من انه يحتمل ان يكون المراد هو طواف الشوط الواحد وقد عبر في الرواية عن الشوط لواحد بالطواف وعليه فالاحتياط المذكور استحبابي كما ذكرناه في التعليقة.
الامر الثاني انه ربما يمكن ان يتخيل ان قوله (عليه السلام) في رواية ابن عطية: يأمر من يطوف عنه، ظاهر في جواز الاستنابة ولو مع القدرة على رجوعه بنفسه الى مكة وعدم كونه مستلزماً للحرج على خلاف ما اذا كان المنسي مجموع الطواف فان اللازم في المرتبة الاولى الرجوع بنفسه ومع عدم الامكان او استلزام الحرج تجوز الاستنابة.
والظاهر بطلان هذا التخيل وعدم ثبوت الاطلاق في مثل المقام فان الرجوع الى الاهل في تلك الازمنة كان ملازماً لعدم امكان الرجوع او حرجيّته وعليه فلا مجال لدعوى الاطلاق وترك الاستفصال بل الظاهر ثبوت الترتيب كما في المتن فتدبر.
(1) في هذه المسئلة فرعان:
الفرع الاوّل ما اذا زاد على سبعة اشواط سهواً وكانت الزيادة غير بالغة الى شوط كامل فيكون تذكره قبل البلوغ الى الركن العراقي الذي فيه الحجر الاسود والمحكي عن الشيخ وبني زهرة والبرّاج وسعيد والفاضل وصريح المحقق في الشرايع بل المشهور كما في الجواهر هو ما في المتن من لزوم القطع وصحة الطواف.
والدليل عليه رواية ابي كهمس قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نسي فطاف
(الصفحة387)
ثمانية اشواط قال ان ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه(1) . وفي نقل اخر زيادة: وقد اجزاء عنه وان لم يذكر حتى بلغه فليتمّ اربعة عشر شوطاً وليصل اربع ركعات(2).
وضعف السند منجبر بفتوى المشهور على طبقها والاستناد اليها لكن في مقابل الرواية صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم اربعة عشر شوطاً ثم ليصلّ ركعتين(3). وحيث انّ الدخول في الثامن مطلق شامل لما اِذا دخل فيه واتمّه وما اذا دخل فيه ولم يتمّه تكون رواية ابي كهمس المفصلة بين الفرضين مقيدة لاطلاقها وموجبة لاختصاصها بالاوّل ودعوى اختصاص الدخول في الثامن بما اذا لم يتمّه ممنوعة جدّاً.
مع ان الروايات المتعددة الاتية في الفرع الثاني الدالة على الاتمام اربعة عشر اشواطاً يكون موردها تحقق الطواف ثمانية اشواط وظاهرها مدخلية التماميه المذكورة في الحكم بالاتمام وعدم تحققه بدونها فتكون قرينة على ان المراد بالدخول ايضاً ذلك.
الفرع الثاني ما اذا كانت الزيادة المفروضة شوطاً او ازيد والكلام فيه يقع من جهات:
الجهة الاولى في صحة الطواف المأتي به وعدم لزوم اعادته من رأس وبطلانه رأساً بحيث تجب اعادته كذلك فالمشهور هي الصحّة لكنه حكي عن الصدوق في المقنع انه قال: «وان طفت بالبيت الطواف المفروض ثمانية اشواط فاعد الطواف وروى: يضيف
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 3 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 4 .
(3) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 5 .
(الصفحة388)
اليها ستّة فيجعل واحداً فريضة والاخر نافلة» وقد استفيد من كلامه ثبوت التخيير بين الامرين لانّه يعمل بجميع رواياته ولكن الظاهر عدم دلالة العبارة الاّ على اختيار وجوب الاعادة والنسبة الى الرواية تشعر بتمريضها وعليه فمرجع كلامه الى ترجيح الرواية الدالة على البطلان.
وحكي صاحب الجواهر (قدس سره) عن بعض من قارب عصره من الناس الحكم ببطلان السبعة والاعتداء بالثامن خاصة مكمّلاً له ستة على انه الطواف الواجب.
وكيف كان فالبحث من هذه الجهة تارة فيما تقتضيه القاعدة مع قطع النظر عن الروايات الواردة في المسئلة واخرى بلحاظ تلك الروايات.
امّا مقتضي القاعدة فقد ذكر صاحب الجواهر انه عبارة عن الفساد بالاضافة الى الثاني والاوّل لعدم النية ولتحقق الزيادة والظاهر صحة ما افاده بالنسبة الى الطواف الثاني وامّا بالنسبة الى الطواف الاوّل فحيث ان الزيادة تكون سهوية يكون مقتضي حديث رفع الخطأ والنسيان عدم البطلان فالقاعدة لا تقتضي البطلان بوجه.
وامّا الرّوايات فطائفة كثيرة منها ظاهرة بل صريحة في الصحة مثل:
صحيحة ابي ايّوب قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) رجل طاف بالبيت ثمانية اشواط طواف الفريضة قال: فليضم اليها ستّاً ثم يصلّي اربع ركعات(1) . والظاهر اختصاص مورد السؤال بصورة النسيان ولا اقل من انها القدر المتيقن من اطلاقه مع ان الصحة في العمد تستلزم الصحة في السهو بطريق اولى.
ومنها صحيحة رفاعة قال كان علىّ (عليه السلام) يقول اذا طاف ثمانية فليتم اربعة عشر
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 13 .
(الصفحة389)
قلت يصلي اربع ركعات قال يصلّي ركعتين(1) .
ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما (عليه السلام) قال قلت له رجل طاف بالبيت فاستيقن انه طاف ثمانية اشواط قال يضيف اليها ستّة وكذلك اذا استيقن انه طاف بين الصفا والمروة ثمانية فليضف اليها ستّة(2). والتعبير بالاستيقان خصوصاً بصورة التفريع ظاهر في ان مورد السؤال خصوص صورة النسيان هذا والرواية واحدة وان جعلها في لوسائل وفي الكتب الفقهية روايات متعددة خصوصاً مع كون الراوي عن محمد بن مسلم هو علا في الجميع وان كان بينها اختلاف في التعبير في الجملة.
ومنها رواية علىّ بن ابي حمزة عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سئل ـ وانا حاضر ـ عن رجل طاف بالبيت ثمانيه اشواط فقال: نافلة او فريضة فقال فريضة فقال: يضيف اليها ستّة فاذا فرغ صلّي ركعتين عند مقام ابراهيم (عليه السلام) ثم خرج الى الصفا والمروة فطاف بينهما فاذا فرغ صلّي ركعتين اخر اوين فكان طواف نافلة وطواف فريضة(3).
وفي مقابل هذه الروايات روايات اخر:
منها موثقة عبدالله بن محمد عن ابي الحسن (عليه السلام) قال الطواف المفروض اذا زدت عليه مثل الصلوة المفروضة اذا زدت عليها فعليك الاعادة وكذلك السّعى(4).
وربما يقال ان الظاهر منها الزيادة العمدية لان الزيادة العمدية في الصلوة توجب البطلان غالباً وعليه فالنسبة بينهما وبين الروايات المتقدمة نسبة الخاص والعام فيخرج العامد منها وينحصر موردها بالنّاسى.
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 9 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 12 .
(3) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 15 .
(4) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 11 .
(الصفحة390)
هذا ولكنك عرفت اختصاصها في نفسها بالناسي خصوصاً مع التعبير بالاستيقان في بعضها وعليه فموردهما مختلف ولا ارتباط بينهما حتى بنحو العموم والخصوص.
ومنها صحيحة ابي بصير قال سئلت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت ثمانية ياشواط المفروض قال: يعيد حتى يثبته(1) .
ولابي بصير رواية اخرى يحتمل اتحادها مع الاولى وفي سندها اسماعيل بن مرار الذي يكون فاقداً للتوثيق الخاص بل من اسناد كتاب تفسير على بن ابراهيم القمي مع انّها مضمرة وان كان الظاهر بلحاظ كونه مسبوقاً بسؤال اخر كون مرجع الضمير مشخصّاً قال ـ في حديث ـ قلت له فانّه طاف وهو متطوع ثماني مرّات وهو ناس قال: فليتمّه طوافين ثم يصلي اربع ركعات، فامّا الفريضة فليعد حتى يتمّ سبعة اشواط(2).
ولاخفاء في دلالتهما على وجوب الاعادة والبطلان في المقام خصوصاً مع فرض خصوص النسيان في الرواية الثانية وعليه فالمعارضة متحققة بينهما وبين الروايات المتقدمة وحيث ان الشهرة الفتوائية موافقة للطائفة الاولى فلابد من الاخذ بها والحكم بالصحة وعدم لزوم الاعادة من رأس.
ومن الغريب ما ذكره بعض الاعلام (قدس سره) في مقام الجمع بين الطائفتين من ان الواجب اذا كان امراً واحداً وورد عليه امران مختلفان تقتضي القاعدة التخيير بين الامرين فح ما ذكره الصدوق من التخيير هو الصحيح ثم قال: هذا ما تقتضيه الصناعة ولكن حيث ان الامر يدور بين التعيين والتخيير فالاحتياط يقتضي أن يتم الزائد ويجعله طوافاً كاملاً بقصد القربة المطلقة.
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 1 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 2 .
(الصفحة391)
ويرد عليه مضافاً الى ما عرفت من عدم دلالة عبارة الصدوق في المقنع على التخيير والى انه لا معنى للتخيير بين الصحة والبطلان اصلاً ان الاحتياط في الدوران بين التعيين والتخيير في الاخذ بالمعيّن انّما هو لاجل حصول العلم بكونه موافقاً بالمأمور به واتمام الزائد وجعله طوافاً كاملاً لا يتحقق به ذلك بعد احتمال بطلان الطواف رأساً ولزوم اعادته بجميع اشواطه فما افاده في غاية الغرابة والتحقيق ما ذكرنا.
الجهة الثانية في انه بعد الفراغ عن صحّة الطواف الذي زيد عليه شوط واحداً وازيد نسياناً بمقتضي القاعدة والروايات المتقدمة يقع الكلام في لزوم الاكمال والاتمام اربعة عشر اشواطاً واستحبابه وعدم لزوم الاكمال فيجوز الاقتصار على المأتي به فيه وجهان حكي في الجواهر عن الفاضل والشهيدين انهم قد صرّحوا باستحباب الاكمال واستظهره من المحقق في الشرايع وغيره ممّن عدّه في ذكر المندوبات واختاره هو ايضاً مستنداً الى الاتفاق على عدم وجوب طوافين والتصريح في بعض الروايات الصحيحة بان احدهما فريضة والاخر ندب بضميمة ان مقتضي الاصل بقاء الاوّل على وجوبه ومن المستبعد انقلاب ما نواه واجباً للندب بالنيته المتأخرة.
وذكر بعض الاعلام (قدس سره) ما حاصله انه لا ريب في ان الامر بالتكميل ليس امراً تكليفيّاً وجوبيّاً جزماً لان الطواف ليس كالصلوة في وجوب المضي وحرمة القطع كما ادعي عليه الاجماع في الصّلوة ولا كاصل الحج والعمرة في وجوب الاتمام بل الطواف يجوز قطعه اختياراً ورفع اليدعنه ويذهب حيث شاء ثم يأتي به ويستأنفه براسه من دون فرق بين ان يكون قبل الثلاثة او بعدها وعليه فالامر بالاكمال في الروايات لا يكون امراً وجوبيّاً بل هو من الامر في مقام توهم الحظر والمراد انه يصحّ له ويجوز له التتميم باتيان البقية فالمستفاد منها صحة الطوافين خصوصاً مع الامر باتيان اربع
(الصفحة392)
ركعات لكن لا يستفاد منها ان الاوّل واجب والثاني مستحب او العكس والمرجع هو اصالة عدم اشتراط صحة الطواف الاوّل باتمام الطواف الثاني كما ان الاصل عدم انقلاب الطواف الاول من الوجوب الى الندب بل الاصل يقتضي بقائه على الوجوب.
اقول لا ينبغي الاشكال في انّ ظاهر الروايات المتقدمة وجوب الاتمام اربعة عشر اشواطاً او اضافة الستة الى الثمانية على الاختلاف في العبارة ولابدّ في البين من وجود قرينة يرفع اليد بسببها عن الظهور المذكور والاّ لا مجال لرفعها عنه سواء قلنا بانّ مقتضي ظاهرها الوجوب الشرطي بمعني مدخلية الاكمال في صحة الطواف الاول او الوجوب التكليفي الذي مرجعه الى كون التكميل عقوبة مترتبة على اضافة مثل الشوط ولو سهواً كلزوم سجدتي السهو المترتب على الاتيان بالزيادة السهوية غير المبطلة في باب الصلوة حيث انه عقوبة مترتبة عليها.
وما افاده في الجواهر من الاتفاق على عدم وجوب طوافين لا يكون قرينة على الخلاف فان مرجعه الى عدم لزوم طوافين في عمرة واحدة او حجّ واحد بحيث كان كل منهما متّصفاً بعنوان الجزئية لشىء منهما وامّا مدخلية الطواف الثاني في صحة الطواف الذي هو جزء له او وجوبه بعنوان العقوبة الخارجة عن حقيقة الحج او العمرة فلا يقتضي الاجماع المذكور نفيه كما ان استدلال بعض الاعلام بما عرفت لا يكون بتامّ خصوصاً مع جعله مقتضي الاصل عدم اشتراط صحة الطواف الاوّل بالاتمام فان مرجعه الى وجود الاحتمال في هذا المجال ومع هذا الاحتمال اذا كان ظاهر الدليل موافقاً له كيف يجوز رفع اليد عنه وحمله على كون الامر فيه وارداً في مقام توهم الحظر وجواز قطع الطواف في سائر الموارد بخلاف الصلوة لا يستلزم ان يكون الحكم في المقام ايضاً ذلك على انه لا دلالة في الروايات على لزوم وقوع الاتمام والاكمال فوراً وان كان
(الصفحة393)
اللازم على تقدير كون الاوّل فريضة والثاني نافلة ذلك لئلا يتحقق الفصل الطويل بين الطواف وصلوته.
ويؤيد بل يدل على وجوب الاكمال ما حكي عن الصدوق ووالده وابن الجنيد من ان طواف الفريضة هو الطواف الثاني على ما في بعض الروايات الصحيحة الاتية ايضاً.
نعم في بعض الروايات المتقدمة ان احد الطوافين نافلة والاخر فريضة وهو مع كونه ضعيفاً من حيث السند لا دلالة له على عدم لزوم الاكمال فان كونه نافلة بمعنى كونه زائدة خارجة عما هو الجزء للحج او العمرة ولا ينافي ذلك لزوم الاتيان به خصوصاً اذا كان بعنوان العقوبة لا بعنوان الشرطية بالشرط المتأخر لصحة الطّواف الاوّل.
ثم انّ هنا رواية صحيحة رواها زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال انّ عليّاً (عليه السلام) طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد واضاف اليه ستّاً ثم صلّي ركعتين خلف المقام ثم خرج الى الصفا والمروة فلمّا فزع من السّعي بينهما رجع فصلّي
الركعتين اللتين ترك في المقام الاوّل(1) .
لكنّها مضافاً الى دلالتها على وقوع السهو من الامام المعصوم (عليه السلام) وهو خلاف معتقد الامامية بالنسبة الى ائمتهم (عليهم السلام) انّ ظاهر صدرها باعتبار قوله (عليه السلام) فترك سبعة هو رفع اليد عن السبعة وجعلها كالعدم وعليه فلا يلائم اضافة الركعتين الاخرتين بعد الفراغ عن السعي وحمل الترك على كون المراد به هو رفع اليد عنها بعنوان الجزئية لطواف الفريضة وجعلها طوافاً نافلة خلاف الظاهر جدّاً كما ان دعوى التفكيك في الرواية بين ما هو خلاف معتقد الشيعة بالحمل على التقية وبين الحكم المذكور فيها
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 7 .
(الصفحة394)
برفع اليد عن السبعة واضافة الستّة الظاهرة في كون الثاني هو طواف الفريضة ممّا لا مجال لها اصلاً لانه لا معنى للتفكيك بين الموضوع والحكم وليس المقام مثل مااذا كانت رواية مشتملة على حكمين ـ مثلاً ـ وكان اللازم حمل احدهما على التقيّة حيث انّه يجوز التفكيك بينهما كما لا يخفى.
ثم الظاهر انّ هذه الرواية هي مستند القول المتقدم الذي حكاه صاحب الجواهر عن بعض الناس ممّن قارب عصره من الحكم ببطلان السبعة والاعتداد بالثامن لكنك عرفت ان البطلان وان كان ظاهر رفع اليد عنها الا انه لا يلائم مع الاتيان باربع ركعات كما في الرواية.
وقد انقدح مما ذكرنا ان الظاهر هو وجوب الاكمال والاتمام وعلى تقدير التنزل فاللاّزم اختيار ما في المتن من انّ مقتضي الاحتياط الوجوبي الاتمام بقصد القربة المطلقة المجامعة للوجوب والاستحباب.
كما انه ظهر ممّا ذكرنا انه لم ينهض دليل على تعيين سبعة اشواط الفريضة وانها هي السبعة الاولى او الثانية وان كان يؤيد القول الثاني ان لازم القول الاوّل وقوع الفصل بين الطواف وصلوته بخلاف القول الثاني ولكن الظاهر عدم قدح هذا المقدار من الفصل وعليه فيتم ما في المتن ايضاً من لزوم جعل الركعتين قبل السعي لطواف الفريضة من غير تعيين انه هو الطواف الاول او الثاني وان كان يؤيد الاوّل ان لازم الثاني تحقق الانقلاب بالاضافة الى الاول لان المفروض ان الاتيان به كان بنيّة الطواف الواجب والاصل بقائه على هذا الوصف الاّ مع قيام الدليل على خلافه والمفروض عدمه.
الجهة الثالثة في وجوب الركعتين فقط او لزوم اربع ركعات ظاهر المتن هو الثاني
(الصفحة395)
وامّا الروايات فهي مختلفة فاكثرها ظاهرة في وجوب الاربع مثل رواية على بن ابي حمزة وصحيحة زرارة المتضمنة لحكاية فعل على (عليه السلام) وخبر جميل الذي رواه ابن ادريس عن نوادر ابن ابي نصر البزنطي ـ وفي اسناده ضعف ـ عنه انه سئل ابا عبدالله (عليه السلام) عمّن طاف ثمانية اشواط وهو يري انّها سبعة قال فقال انّ في كتاب علىّ (عليه السلام) انه اذا طاف ثمانية اشواط يضمّ اليها ستة اشواط ثم يصلي الركعات بعد قال: وسئل عن الركعات كيف يصليّهن او يجمعهنّ او ماذا؟ قال يصلّي ركعتين للفريضة ثم يخرج الى الصّفا والمروة فاذا رجع من طوافه بينهما رجع يصلي ركعتين للاسبوع الاخر(1) .
ويدل على وجوب الاربع ايضاً صحيحة ابي ايوب المتقدمة.
هذا ولكن ظاهر طائفة منها عدم وجوب ازيد من الركعتين مثل رواية رفاعة المتقدمة الصريحة في نفي وجوب الاربع وصحيحة عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم اربعة عشر شوطاً ثم ليصل ركعتين(2). بعد حمل الدخول على تمامية الشوط الثامن بقرينة لزوم اتمام اربعة عشر شوطاً كما لا يخفي هذا ومقتضي القاعدة جعل هذه الطائفة قرينة على عدم لزوم الاربع وكون الركعتين الاخرتين صلوة مستحبة وعليه فلا مجال للموافقة مع ما في المتن حيث ان ظاهره وجوب الاربع.
ثم انه لو قلنا بوجوب الاربع فالظاهر انّ مقتضي اطلاق بعض ما يدل عليه من الروايات الصحيحة انه لا فرق بين الاتيان بالجميع قبل السعي وبين الاتيان بالاخيرة
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 16 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الرابع والثلاثون ح ـ 5 .
(الصفحة396)
مسألة 19 ـ يجوز قطع الطواف المستحب بلاعذر، وكذا المفروض على الاقوى، والاحوط عدم قطعه بمعني قطعه بلا رجوع الى فوت الموالات العرفية 1 .
بعده لو لم نقل بان ظاهره هو الاتيان بالجميع قبل السّعي وذلك لانّ ما ورد مما يدلّ على التفصيل والتفريق مخدوش امّا من حيث السند وامّا من جهة المفاد فلا يصلح لتقييد الاطلاق بوجه.
وامّا لو قلنا باستحباب الصلوة الثانية وعدم وجوبها كما اخترناه فمع ملاحظة انّ التقييد والاطلاق في باب المستحبات يغاير باب الواجبات حيث انّ الواجبات لا تكون ذات مراتب متفاوته من حيث الشدة والضعف ولاجله في صورة احراز وحدة الحكم من ناحية وحدة السّبب او من غيرها لا محيص عن التقييد وحمل المطلق على المقيد وهذا بخلاف المستحبات التي يكون اكثرها ذا مراتب مختلفة من حيث الفضيلة قلة وكثرة فانه لا مجال فيها لحمل المطلق على المقيد بعد امكان الحمل على اختلاف مرتبتي الفضيلة الاّ في موارد احراز عدم الاختلاف من هذه الجهة ومع ملاحظة ان جريان قاعدة التسامح في ادلة السنن لا يختص بما اذا كان الدليل الفاقد لشرائط الحجية دالاًّ على اصل استحباب شيء بل يجري فيما اذا كان الدليل المذكور وارداً في مقام بيان الكيفية ايضاً وعليه فلابد من الالتزام في المقام بان اصل الاتيان بالصلوة الثانية وان كان مستحبّاً لكن الاتيان بها بعد الفراغ عن السعي افضل لدلالة روايات متعدّدة عليه وان كان كل واحدة منها غير خال عن الخدشة فيه كما عرفت.
(1) لا شبهة في انه يجوز قطع الطواف المستحب كصلوة النافلة وان لم يكن مستنداً الى عذر، وامّا الطواف الواجب فهل هو كالصلوة الواجبة حيث انه لا يجوز قطعها للاجماع على عدم جواز القطع بلا عذر او انه كالطواف المستحب فيجوز قطعه كذلك قد قوىّ في المتن الثاني والمستند فيه مضافاً الى القاعدة حيث انها لا تقتضي
(الصفحة397)
عدم الجواز بوجه ولا يكون الطواف كاصل الحج او العمرة حيث انه يجب اتمامهما بالشروع بل في موارد الفساد ايضاً على ما مرّ في بحث الجماع من محرمات الاحرام لعدم نهوض دليل على المماثلة المذكورة الروايات المتعدّدة الواردة في هذا المجال مثل:
صحيحة صفوان الجمّال قال قلت لابي عبدالله (عليه السلام) الرجل يأتي اخاه وهو في الطواف، فقال يخرج معه في حالته ثم يرجع ويبني على طوافه(1) . فان مقتضي اطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق بين الطواف الواجب والمندوب لو لم نقل بظهوره في خصوص الطواف الواجب ومن الواضح انه لا خصوصية للخروج مع الرجل في حاجته بعد عدم كونه عذراً وضرورة فتدل على الجواز بدون مثل هذا الغرض ايضاً كما ان الامر بالخروج لا دلالة له على الوجوب لوقوعه في مقام توهم الحظر فلا يستفاد منه ازيد من الجواز ومرسلة سكين بن (عن خ لـ) عمّار عن رجل من اصحابنا يكنّي ابا احمد قال كنت مع ابي عبدالله (عليه السلام) في الطواف ويده في يدي اذ عرض لى رجل له حاجة فَأوْمَأتُ اليه بيدي فقلت له: كما انت حتى افرغ من طوافي فقال ابو عبدالله (عليه السلام) ما هذا؟ فقلت اصلحك الله رجل جائني في حاجة فقال لي امسلم هو؟ قلت: نعم فقال لي اذهب معه في حاجته فقلت له اصلحك اللّه فاقطع الطّواف؟ قال نعم قلت وان كنت في المفروض؟ قال: نعم وان كنت في المفروض قال: وقال ابو عبدالله (عليه السلام) من مشي مع اخيه المسلم في حاجة كتب اللّه له الف الف حسنة ومحي عنه الف الف سيئته ورفع له الف الف درجة(2).
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 1 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 3 .
(الصفحة398)
مسألة 20 ـ لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل اتمّه وصحّ طوافه، ولو اتى بالمنافي فان قطعه بعد تمام الشوط الرّابع فالاحوط اتمامه واعادته 1 .
ورواية ابان بن تغلب قال كنت اطوف مع ابي عبدالله (عليه السلام) فعرض لي رجل من اصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجته فبينما انا اطوف اذ اشار الىَّ فرأه ابو عبدالله (عليه السلام) فقال يا ابان اياك يريد هذا؟ قلت: نعم قال فمن هو؟ قلت رجل من اصحابنا قال هو على مثل الذي انت عليه؟ قلت نعم، قال: فاذهب اليه قلت واقطع الطواف؟ قال نعم، قلت وان كان طواف الفريضة قال: نعم فذهبت معه الحديث(1) .
ثم ان الظاهر ان الاحتياط المذكور في المتن احتياط وجوبي وان كان مسبوقاً بالفتوى مرجعه الى لزوم رعاية الاحتياط في خصوص مورد واحد وهو ما اذا كان القطع موجباً لفوات الموالات العرفيه التي عرفت ان مقتضي الاحتياط اعتبارها في صحة الطواف ولكنه يرد عليه انّ الموالات معتبرة في الحكم الوضعي وهي الصحّة والبحث هنا في جواز القطع وعدمه على سبيل الحكم التكليفي ولا ارتباط بين الامرين فكما ان صلوة النافلة تعتبر فيها الموالات لعدم صحتها بدونها ومع ذلك يجوز قطعها كذلك المقام فانه لا يستلزم اعتبار الموالات عدم جواز القطع ولو بنحو الاحتياط الوجوبي اللّهم ان يكون مثل ذلك قرينة على كون المراد هو الاحتياط الاستحبابي فتدبّر.
(1) في هذه المسئلة فروض:
الفرض الاوّل ما لو قطع طوافه ولم يأت بالمنافي حتى مثل الفصل الطويل المانع عن تحقق الموالات العرفية والحكم فيه صحة الطواف وجواز الاتمام لان المفروض عدم كون القطع موجباً لتحقق ما يخلّ بالصحّة وتقدح فيها مضافاً الى دلالة صحيحة صفوان الجمال المتقدمة في المسئلة السابقة حيث انّ القدر المتيقن من موردها هذا
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الثاني والاربعون ح ـ 4 .
(الصفحة399)
الفرض وقد حكم فيها بالصحة وجواز البناء على طوافه.
الفرض الثاني ما لو اتى بالمنافي الشامل لمثل الفصل الطويل بقرينة الصّدر وكان القطع بعد اتمام الشوط الرابع وقد احتاط فيه وجوباً بالاتمام والاعادة وسيأتي وجهه.
الفرض الثالث ما يستفاد من المفهوم وهو ما لو كان القطع قبل اتمام الشوط الرابع والظاهر ان مراد المتن البطلان فيه ولزوم الاعادة من رأس.
وقد ورد في الفرضين روايات:
منها صحيحة صفوان الجمال المتقدمة فان مقتضي اطلاقها جواز البناء على الطواف ولو كان طواف الفريضة وكان قبل اتمام الشوط الرابع كما ان مقتضي اطلاقها انه لا فرق في القطع بين صورة الاتيان بالمنافي ولااقل من الفصل الطويل وصورة عدمه ومنها صحيحة ابان بن تغلب عن ابي عبدالله (عليه السلام) في رجل طاف شوطاً وشوطين ثم خرج مع رجل في حاجة (حاجته ظ) قال ان كان طواف نافلة بني عليه وان كان
طواف فريضة لم يبن(1) وفي رواية الكلينى: لم يبن عليه:
ومن الظاهر انه لا خصوصية للشوط او الشوطين بل يجري الحكم فيما اذا طاف ثلاثة اشواط ايضاً نعم لا مجال للتعدي الى اربعة اشواط فما زاد بعد ملاحظة وجود الفرق في موارد كثيرة عرفت جملة منها كعروض الحدث او الحيض في الاثناء.
ومنها صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال اذا طاف الرجل بالبيت ثلاثة اشواط ثم اشتكي اعاد الطواف يعني الفريضة(2). والرواية منقولة في الوسائل هكذا وليس في لطبعتين الجديدتين المشتملتين على تعيين مصدر الروايات في الذيل ومارد
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الواحد والاربعون ح ـ 5 .
(2) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والاربعون ح ـ 1 .
(الصفحة400)
الاختلاف مع المتن اشارة الى خلافه لكن الذي نقله صاحب المدارك عن الكليني بدل ثلاثة اشواط: «اشواطاً» ولذا لم يفرق بين الشوط الرابع وما دون.
والظاهر ان قوله يعني الفريضة امّا ان يكون من الامام (عليه السلام) ولا ينافيه التعبير بصورة الفعل الغائب كما هو المتداول في الاستعمالات وامّا ان يكون من الحلبي بقرينة موجودة عنده ظاهرة في كون مراد الامام (عليه السلام) هو طواف الفريضة.
ومورد البحث في المقام وان كان هي صورة القطع الاّ ان لزوم اعادة الطواف في صورة الاشتكاء الذي هو امر غير اختياري يستلزم الوجوب في صورة القطع الاختياري بطريق اولى.
ومنها رواية اسحاق بن عمار ـ وفي سندها سهل بن زياد عن ابي الحسن (عليه السلام) ـ في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتلّ علّة لا يقدر معها على اتمام الطواف فقال ان كان طاف اربعة اشواط امر من يطوف عنه ثلاثة اشواط فقد تمّ طوافه، وان كان طاف ثلاثة اشواط ولا يقدر على الطواف فان هذا مما غلب اللّه عليه فلا بأس بان يؤخّر الطواف يوماً ويومين فان خلته العلّة عاد فطاف اسبوعاً، وان طالت علّته امر من يطوف عنه اسبوعاً ويصلّي هو ركعتين ويسعى عنه وقد خرج من احرامه وكذلك يفعل في السّعي وفي رمي الجماد(1) . وفي رواية الشيخ: ويصلّي عنه وترك لفظ «في السّعى» والرواية مضافاً الى ضعف سندها تكون باعتبار دلالتها على لزوم الاستنابة فيما اذا طاف اربعة اشواط ثم اعتل علة كذائية مخالفة للمشهور لكن بالنسبة الى الثلاثة فما دون الدالة على لزوم اعادة الطواف من رأس مع حصول الفصل الطويل وبعض المنافيات عادة تدل على حكم الفرض الثالث.
(1) الوسائل ابواب الطواف الباب الخامس والاربعون ح ـ 2 .
|