(الصفحة321)
مسألة 17 : نكاح الشغار باطل ، وهو أن تتزوّج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كلّ واحد منهما نكاح الاُخرى ، ولا يكون بينهما مهر غير النكاحين ، مثل أن يقول أحد الرجلين للآخر : زوّجتك بنتي أو اُختي على أن تزوّجني بنتك أو اُختك ، ويكون صداق كلّ منهما نكاح الاُخرى ، ويقول الآخر : قبلت وزوّجتك بنتي أو اُختي هكذا ، وأمّا لو زوّج أحدهما الآخر بمهر معلوم وشرط عليه أن يزوّجه الاُخرى بمهر معلوم فيصحّ العقدان ، وكذا لو شرط أن يزوّجه الاُخرى ولم يذكر المهر أصلاً ، مثل أن يقول : «زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك» فقال : «قبلت وزوّجتك بنتي» فانّه يصحّ العقدان ويستحقّ كلّ منهما مهر المثل1.
المتعدّدة(1) والإجماع عليها(2) . فالمتحصّل أنّ من أسباب التحريم المؤبّد اللعان بالشروط المذكورة في بابه .
1 ـ نكاح الشغار ـ بكسر الشين وفتحها والغين المعجمة ـ محرّم وباطل عندنا ، بل في الجواهر الإجماع(3) بقسميه عليه(4) بل لعلّ المحكيّ منهما متواتر ، وقد وردت فيه روايات متعدّدة ، مثل :
رواية غياث بن إبراهيم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام(5) .
(1) الوسائل : 22/407 ـ 412 ، كتاب اللعان ب1 .
(2) مسالك الأفهام : 7/356 ، الحدائق الناضرة : 23/641 ، رياض المسائل : 6/518 .
(3) الخلاف : 4/338 ـ 339 ، الروضة البهيّة : 5/244 ، كشف اللثام : 7/262 ، الحدائق الناضرة : 24/99 .
(4) جواهر الكلام : 30/128 .
(5) الكافي : 5/361 ح2 ، التهذيب : 7/355 ح1445 ، الوسائل : 20/303 ، أبواب عقد النكاح ب27 ح2 .
(الصفحة322)
ومرفوعة جمهور عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن نكاح الشغار وهي الممانحة ، وهو أن يقول الرجل للرجل : زوّجني ابنتك حتّى أُزوّجك ابنتي على أن لا مهر بينهما(1) .
ورواية الحسين بن زيد ، عن الصادق ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث المناهي ، قال : ونهى أن يقول الرجل للرجل : زوّجني اُختك حتّى أزوّجك اُختي(2) .
ومرسلة ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) . أو عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : نهى عن نكاح المرأتين ليس لواحدة منهما صداق إلاّ بضع صاحبتها ، وقال : لا يحلّ أن تنكح واحدة منهما إلاّ بصداق أو نكاح المسلمين(3) .
هذا ، والظاهر أنّ إضافة النكاح إلى الشغار إضافة بيانيّة من باب إضافة العام إلى الخاص ، وهو أمر كان معمولاً في الجاهليّة .
قال في الصحاح : الشغار بكسر الشين : نكاح كان في الجاهلية ، وهو أن يقول الرجل لآخر : زوّجني ابنتك أو اُختك على أن أزوّجك اُختي أو ابنتي ، على أنّ صداق كلّ واحدة منهما بضع الاُخرى ، كأنّهما رفعا المهر واخليا البضع عنه(4) .
وقال في القاموس : الشغار بالكسر ، أن تُزَوِّجَ الرجلَ امرأة على أن يزوّجك
(1) الكافي : 5/361 ح3 ، التهذيب : 7/355 ح 1446 ، الوسائل : 20/304 ، أبواب عقد النكاح ب27 ح3 .
(2) الفقيه : 4/3 ح1 ، الوسائل : 20/304 ، أبواب عقد النكاح ب27 ح4 .
(3) الكافي : 5/360 ح1 ، الوسائل : 20/303 ، أبواب عقد النكاح ب27 ح1 .
(4) الصحاح : 2/700 .
(الصفحة323)
أُخرى بغير مهر ، صداق كلّ واحدة بضع الاُخرى ، أو يخصّ به القرائب(1) .
وقال المحقّق في الشرائع : وهو أن تُتزوّج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كلّ واحدة نكاح الاُخرى(2) .
وكيف كان فيستفاد من بعض الروايات المتقدّمة والكلمات أنّ المهر في نكاح الشغار هو نكاح الاُخرى ، فإن كان المراد من نكاح الاُخرى هو البضع والاستمتاع ، كما في كلمات اللغويين يلزم أن يكون البضع مشتركاً بين الزوج والزوجة ، مضافاً إلى أنّ البضع لا يصلح أن يكون مهراً ، وإن كان المراد منه هو العقد لا الوطء والبضع فمن الواضح أنّه لا يكون هنا عقدان ولو مرتبطان ، بل عقد واحد مشتمل على إيجاب واحد وقبول واحد ، وقد تقدّم أنّه في المرسلة قد عبّر بجعل الصداق بضع الاُخرى ، وقد جعل الضابط كاشف اللثام في آخر كلامه أنّ كلّ نكاح جعل البضع فيه مهراً أو جزءه أو شرطه فهو باطل ، وإن جعل النكاح مهراً أو جزءه أو شرطه في نكاح بطل المسمّى دون النكاح ، وإن جعل شرطاً في النكاح ، فان علّق به بطل قطعاً ، وإلاّ فالظاهر فساد الشرط ، ويحتمل فساد المشروط أيضاً(3) .
قلت : الظاهر أنّ جعل النكاح مهراً أو جزءه أو شرطه يرجع إلى الأوّل; لأنّ البضع نتيجة النكاح وفائدته ، وهو المهر في الواقع .
هذا ، ولو وقع التزويج من أحدهما بمهر يصلح للمهرية وشرط عليه أن يزوّجه الاُخرى ، ثم تحقّق الوفاء بالشرط بعقد آخر يكون العقدان صحيحين بلا إشكال ،
(1) القاموس المحيط : 2/62 .
(2) شرائع الإسلام : 2/301 .
(3) كشف اللثام : 7/265 .
(الصفحة324)
وكذا لو وقع التزويج الأوّل بلا مهر بعد عدم لزوم ذكر المهر في النكاح الدائم ، كما سيأتي(1) إن شاء الله تعالى ، فانّ العقد الأوّل يقع صحيحاً والمهر فيه مهر المثل ، وكذا العقد الثاني المشروط كما لايخفى .
(1) في ص419 ـ 421 .
(الصفحة325)
القول في النكاح المنقطع
ويقال له : المتعة والنكاح المؤجّل1.
1 ـ قد عرفت(1) أنّ من امتيازات الإسلام النكاح المنقطع ، وتنويع النكاح إلى نوعين : دائم ومنقطع ، ولولا جعله فيه يلزم وقوع كثير من الناس في الزنا والسفاح; لعدم وجود شرائط النكاح الدائم بالإضافة إلى الجميع في جميع الحالات ، فإنّ المشتغلين في الجامعات من البنين والبنات لا يكون الازدواج الدائم لهم بميسور نوعاً ، فيلزم الالتجاء إلى الزنا بمقتضى الغريزة الجنسية والشهوة الحيوانية وطغيانها في ذلك الزمان ، فجعل النكاح المنقطع خصوصاً في مثل هذه الأحوال تحصين لهم ولهنّ عن الورود في مهلكة الزنا ، خصوصاً مع ملاحظة الخصوصيات الموجودة فيه من إمكان اشتراط عدم الدخول وعدم ثبوت النفقة ، بل التوارث على قول ، وانتفاء الولد بمجرّده بلا لعان ، وسائر الأحكام المخصوصة به ،
(1) في أوّل «فصل في عقد النكاح وأحكامه» .
(الصفحة326)
وخصوصاً مع ما ذكرنا(1) من عدم ثبوت الولاية للأب والجدّ أصلاً ، ومنه يظهر أنّ من منع من إجراء هذا الأمر ، بل في المحكي عاقب عليه ، كيف نقص الإسلام ومنع عن شيوعه وسريانه .
قال المحقّق في الشرائع : وهو سائغ في دين الإسلام لتحقّق شرعيته ، وعدم ما يدلّ على رفعه(2) .
وقال صاحب الجواهر : إنّ المسلمين كانوا يفعلونه من غير نكير ، وكذا في خلافة أبي بكر ومدّة من خلافة عمر .
نعم هو حرّمه في المدّة الاُخرى من تلقاء نفسه بعد أن روى شرعيته عن صاحب الشرع ، فانّه فيما اشتهر عنه بين الفريقين صعد المنبر وقال :
أيّها الناس متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أنهي عنهما واُحرّمهنّ واُعاقب عليهن : متعة الحج ، ومتعة النساء(3) (4) . وفي هذا المجال كلمات ، مثل أنّ التحريم والتحليل لا يكونان من شؤون النبي (صلى الله عليه وآله) أيضاً ، فضلاً عن مثله ،فانّ النبيّ لم يكن إلاّ رسولاً في هذه الجهة .
وقد قال مراراً كما في الكتاب العزيز : { إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ}(5) . وفي الكتاب أيضاً قوله تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ
(1) في «فصل في أولياء العقد» مسألة 2 .
(2) شرائع الإسلام : 2/302 .
(3) السنن الكبرى للبيهقي : 7/206 .
(4) جواهر الكلام : 30/139 ـ 140 .
(5) سورة يونس : 10/15 .
(الصفحة327)
مسألة 1 : النكاح المنقطع كالدائم في أنّه يحتاج إلى عقد مشتمل على إيجاب وقبول لفظيين ، وأنّه لا يكفي فيه مجرّد الرضا القلبي من الطرفين ولا المعاطاة ولا الكتابة ولا الإشارة ، وفي غير ذلك كما فصّل ذلك كلّه1.
مسألة 2 : ألفاظ الإيجاب في هذا العقد «متّعت» و«زوّجت» و«أنكحت» أيّها حصلت وقع الإيجاب به ، ولا ينعقد بمثل التمليك والهبة والإجارة ، والقبول كلّ لفظ دالّ على إنشاء الرضا بذلك ، كقوله : «قبلت المتعة» أو « . . .التزويج» وكفى «قبلت» و«رضيت» ولو بدأ بالقبول فقال : «تزوجتك»
يُوحَى}(1).
وعليه فكيف أجاز لنفسه أن يحرّم ما حلّله الرسول من قبل الله ، ولا معنى لثبوت النسخ بعد انقطاع الوحي ، مع أنّه قد خالف متعة الحج بعد ورودها في حجّة الوداع ، وصدور الأمر بأنّ من لم يسق الهدي يتبدّل حجة الافراد إلى حجّ التمتع . وقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : إنّك لن تؤمن بهذا أبداً(2) . وهو يدلّ على عدم الايمان بمتعة الحجّ حتى في عهد الرسول .
والظاهر جريان مثله بالإضافة إلى متعة النساء ، نعوذ بالله من مخالفة الرسول التي هي مخالفة محضة لله ، ومن أراد تحقيق الحال فليراجع إلى كتاب الغدير للعلاّمة المرحوم الأميني(3) .
1 ـ لا إشكال في اعتبار الخصوصيات المعتبرة في العقد الدائم في النكاح المنقطع ،
(1) سورة النجم : 53/3 و 4 .
(2) الوسائل : 11/213 ـ 236 ، أبواب أقسام الحجّ ب2 و14 و25 و33 .
(3) الغدير : 6/198 ـ 240 .
(الصفحة328)
فقالت : «زوّجتك نفسي» صحّ1.
مسألة 3 : لا يجوز تمتّع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه ، وكذا لا يجوز تمتّع المسلم بغير الكتابية من أصناف الكفّار ولا بالمرتدّة ولا بالناصبة المعلنة بالعداوة كالخارجية2
وعدم كفاية مجرّد الرضا والمعاطاة والكتابة والإشارة ، كما فصّل .
1 ـ العمدة توهّم وقوع إيجاب ألفاظ هذا العقد بمثل التمليك أو الهبة أو الإجارة ، خصوصاً مع التعبير عنهنّ بكونها مستأجرات ، مع أنّك عرفت(1) أنّ النكاح المؤجّل قسم من مطلق النكاح ، وهو يغاير مفاهيم تلك الألفاظ ومعاني تلك الكلمات .
2 ـ أمّا عدم جواز تمتّع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه فلما عرفت(2) من أنّه لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً(3) .
والنكاح بنوعيه سبيل ، وإطلاق كثير من الروايات(4) الواردة في هذا المجال يشمل النكاح المنقطع ، وأمّا الزوج المسلم فقد قال المحقّق في الشرائع : يشترط أن تكون الزوجة مسلمة أو كتابية ، كاليهودية والنصرانية والمجوسية على أشهر الروايتين(5) .
(1) في «فصل في عقد النكاح وأحكامه» .
(2) في ص : 307 .
(3) إقتباس من سورة النساء : 4/141 .
(4) الوسائل : 20/544 و 546 ـ 549 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب7 و 9 .
(5) شرائع الإسلام : 2/303 .
(الصفحة329)
وقال في الجواهر : وفي الاُخرى النهي عن التمتع بالمجوسية ، وهو محمول على الكراهة التي قد يستفاد من بعض الأخبار تحقّقها في اليهودية أيضاً ، إلاّ أنّ المجوسية أشدّ(1). ولايجوز للزوج المسلم التمتّع بغيرالكتابية من أصناف الكفّار ، وكذا بالمرتدّة والناصبة المعلنة بالعداوة لأهل البيت (عليهم السلام) كالخارجية ، وإن كانت منتحلة للإسلام .
وكيف كان فإذا تمتّع بالكتابية له أن يمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، وغير ذلك من ارتكاب المحرّمات المنافية للاستمتاع المنفرّة ، بخلاف ما لا ينافيه; لأنّه لا سلطان له على ذلك بعد اعتصامها بالذمّة ، إلاّ إذا اشترط ذلك في العقد . وأمّا الإيمان فلا يكون شرطاً في أحد الطرفين لعدم مدخليته في الكفاءة .
نعم ، روى الصدوق في محكيّ الفقيه مرسلاً عن الرضا (عليه السلام) : المتعة لا تحلّ إلاّ لمن عرفها ، وهي حرام على من جهلها(2) .
ومقتضاه عدم جواز تمتّع المؤمن بالمخالفة ، والمخالف بالمؤمنة; لأنّ الحرمة من طرف تستلزمها من طرف آخر لكونها تابعة لصحة العقد وفساده ، وهو لا يتبعّض من حيث الصحّة والفساد . لكن أورد في الجواهر على الاستناد إليها بأنّها لمّا كانت غير جامعة لشرائط الحجّية لا تكون صالحة لتخصيص العمومات(3) . مع أنّ هذا النحو من مرسلات الصدوق الذي وقع الاسناد فيها إلى
(1) جواهر الكلام : 30/155 .
(2) الفقيه : 3/292 ح1385 ، الوسائل : 21/8 ، أبواب المتعة ب1 ح11 .
(3) جواهر الكلام : 30/156 .
(الصفحة330)
مسألة 4 : لا يتمتّع على العمّة ببنت أخيها ، ولا على الخالة ببنت اُختها إلاّ
الإمام (عليه السلام) دون الرواية معتبر كما ذكرناه مراراً .
ويؤيّده رواية محمد بن العيص قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال : نعم إذا كانت عارفة ، قلنا : فإن لم تكن عارفة؟ قال : فاعرض عليها وقل لها ، فإن قبلت فتزوّجها وإن أبت أن ترضى بقولك فدعها(1) .
وامّا ما في رواية الحسن التفليسي قال : سألت الرضا (عليه السلام) أيتمتّع من اليهودية والنصرانية؟ فقال : يتمتّع من الحرّة المؤمنة أحبّ إليّ ، وهي أعظم حرمة منها(2) . فالظاهر أنّ الإيمان فيها مقابل الكفر لا المخالف ، كما يدلّ عليه المقابلة فتدبّر .
ثمّ إنّه ورد في بعض الروايات النهي عن التمتّع بالمؤمنة ، وهي مرسلة الحسن بن علي ، عن بعض أصحابنا يرفعة إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تتمتّع (تمتّع خل) بالمؤمنة فتذلّها(3) .
قال في الوسائل بعد نقل الرواية : قال الشيخ : هذا شاذّ ، ويحتمل أن يكون المراد به إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف يلحق أهلها العار ، ويلحقها الذلّ ويكون ذلك مكروهاً ، وعليه لا يجوز الإغماض عن مفادها ، فالأحوط لو لم يكن أقوى الحكم بعدم الصحة للرواية المذكورة الظاهره فيه ، كما لا يخفى .
(1) الكافي : 5/454 ح5 ، التهذيب : 7/252 ح 1088 ، الوسائل : 21/25 ، أبواب المتعة ب7 ح1 .
(2) التهذيب : 7/256 ح1109 ، الإستبصار : 3/145 ح524 ، الفقيه : 3/293 ح 1390 ، الوسائل : 21/26 ، أبواب المتعة ب7 ح3 .
(3) التهذيب 7 : 253 ح1089 ، الإستبصار 3 : 143 ح515 ، وسائل الشيعة : 21/26 ، أبواب المتعة ب 7 ح 4 .
(الصفحة331)
باذنهما أو إجازتهما ، وكذا لا يجمع بين الاُختين1.
1 ـ لأنّ الأدلّة المتقدّمة(1) الواردة في توقّف نكاح بنت أخ الزوجة على إذن العمة أو إجازتها، وكذا توقّف نكاح بنت اُخت الزوجة على اذن الخالة أو إجازتها ، وكذا الآية الشريفة(2) الناهية عن الجمع بين الاُختين واردة في مطلق النكاح ، وقد عرفت(3) أنّ النكاح في الإسلام له نوعان : دائم ومنقطع ، فكلّ ما ورد في مورد النكاح من الأحكام الوجوبيّة أوالتحريميّة مشترك بين النوعين إلاّ ما خرج بالدليل، مثل النفقة والإرث على قول ، والقسم والزيادة على الأربع ونحو ذلك ، فجميع المحرّمات العينية أو الجمعية أو بدون الإذن والإجازة شاملة للنكاح المنقطع .
وعليه فلا يجوز الجمع بين الاُختين في زمان واحد في النكاح المؤجّل أيضاً ، كما أنّه لا يجوز الجمع بينهما بحيث كانت إحداهما دائماً والاُخرى منقطعاً . ولا يكاد ينقضي تعجّبي ممّن ينتحل الروحانية في بلدة يزد زمن إقامتي فيها بالإقامة المؤقّتة الجبرّية ، حيث أجاب عن سؤال الجمع بين الاُختين بنحو الدوام والانقطاع بجواز ذلك ، وأنّ عدم جواز الجمع بينهما منحصر بالنكاح الدائم ، أعاذنا الله تبارك وتعالى من الرأي في أحكام الإسلام بما يبدو في نظرنا ويظهر في اعتقادنا ، من دون المراجعة إلى آراء الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وأدلّة الفتاوى من الكتاب والسنّة ، ولعلّ منشأالحكم المذكور رعاية نظر السائل وجلب رضاه ، مع أنّ الحق أحقّ أن يتّبع فلاحظ .
(1) في «القول في المصاهرة وما يلحق بها» مسألة 9 .
(2) سورة النساء : 4/23 .
(3) في «فصل في عقد النكاح وأحكامه» .
(الصفحة332)
مسألة 5 : يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر ، فلو أخلّ به بطل ، ويعتبر فيه أن يكون ممّا يتموّل ، سواء كان عيناً خارجيّاً أو كلّياً في الذمّة أو منفعة أو عملاً صالحاً للعوضية أو حقّاً من الحقوق المالية كحقّ التحجير ونحوه ، وأن يكون معلوماً بالكيل أو الوزن في المكيل والموزون والعدّ في المعدود أو المشاهدة أو الوصف الرافعين للجهالة ، ويتقدّر بالمراضاة قلّ أو كثر1.
1 ـ العمدة في اشتراط ذكر المهر في النكاح المنقطع الروايات الواردة في هذا المجال ، المؤيّدة بعدم الخلاف بل الإجماع(1) .
منها : صحيحة زرارة أو مرسلته ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تكون متعة إلاّ بأمرين : أجل مسمّى وأجر مسمّى(2) .
ومنها : رواية أبي بصير قال : لابدّ من أن تقول فيه هذه الشروط : أتزوّجك متعة كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً ، الحديث(3) .
ومنها : رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المتعة؟ فقال : مهر معلوم إلى أجل معلوم(4) .
وربّما يدلّ على هذا التعبير عنهنّ بأنهنّ مستأجرات ، نظراً إلى اعتبار ذكر الاُجرة في باب الإجارة لكونها معاوضة ، مثل :
رواية زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ذكرت له المتعة أهي من الأربع؟ فقال :
(1) الخلاف : 4/340 ـ 341 ، كشف اللثام : 7/276 ، رياض المسائل : 7/11 .
(2) الكافي : 5/455 ح1 ، التهذيب : 7/262 ح 1133 ، الوسائل : 21/42 ، أبواب المتعة ب17 ح1 .
(3) الكافي : 5/455 ح2 ، الوسائل : 21/42 ، أبواب المتعة ب17 ح2 .
(4) التهذيب : 7/262 ح1135 ، الوسائل : 21/42 ، أبواب المتعة ب17 ح3 .
(الصفحة333)
تزوّج منهنّ ألفاً فانّهنّ مستأجرات(1) .
ورواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في المتعة : ليست من الأربع لأنّها لا تطلّق ولا ترث وإنّما هي مستأجرة(2) .
ويؤيّد ذلك أنّ النكاح المنقطع يراد به الاستمتاع شبيه المستأجر في باب الإجارة ، وأمّا النكاح الدائم فيراد منه غالباً النسل ونحوه ، ولذا لا يشترط فيه ذكر المهر بوجه .
وممّا ذكرنا ظهر أنّه لابدّ من أن يكون المهر المذكور ممّا يتموّل ، ويكون قابلاً لوقوعه في ملك الزوجة المتمتّع بها ، من دون فرق بين الصور المذكورة في المتن ، كما أنّه لابدّ أن يكون معلوماً ولو بالمشاهدة أو الوصف الرافعين للجهالة ، من دون أن يكون له تقدير خاصّ ، حتّى لو كان كفّاً من برّ أو أقلّ .
نعم حكي عن الصدوق(3) تحديد القلّة بدرهم ، نظراً إلى رواية أبي بصير ، عن الباقر (عليه السلام) قال : سألته عن متعة النساء؟ قال : حلال وأنّه (إنّما خل) يجزي فيه الدرهم فما فوقه(4) .
ولكنّ الظاهر أنّ الرواية مع كونها ضعيفة السند إنّما يكون المراد به ذلك ، ونحوه ممّا يقع التراضي عليه ويكون صالحاً للعوضية; لا أنّ الدرهم نهاية الأقلّ ، مثل :
(1) الكافي : 5/452 ح7 ، التهذيب : 7/258 ح1120 ، الإستبصار : 3/147 ح538 ، الوسائل : 21/18 ، أبواب المتعة ب4 ح2 .
(2) الكافي : 5/451 ح1 ، التهذيب : 7/259 ح 1121 ، الإستبصار : 3/147 ح 539 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 89 ح 206 ، الوسائل : 21/18 ، أبواب المتعة ب4 ح4 و 5 .
(3) المقنع : 339 .
(4) الكافي : 5/457 ح3 ، التهذيب : 7/260 ح 1126 ، الوسائل : 21/48 ، أبواب المتعة ب21 ح1 .
(الصفحة334)
مسألة 6 : تملك المتمتّعة المهر بالعقد ، فيلزم على الزوج دفعه إليها بعده لو طالبته ، وإن كان استقراره بالتمام مراعى بالدخول ووفائها بالتمكين في تمام المدّة ، فلو وهبها المدّة فإن كان قبل الدخول لزمه نصف المهر ، وإن كان بعده لزمه الجميع ، وإن مضت من المدّة ساعة وبقيت منها شهور أو أعوام فلا يقسط المهر على ما مضى منها وما بقي . نعم لو لم يهب المدّة ولكنّها لم تف بها ولم تمكّنه من نفسها في تمامها كان له أن يضع من المهر بنسبتها ، إن نصفاً فنصف ، وإن ثلثاً فثلث ، وهكذا ما عدا أيّام حيضها ، فلا ينقص لها شيء من المهر ، وفي إلحاق سائر الأعذار كالمرض المدنف ونحوه بها أو عدمه وجهان بل قولان ، ولا يترك الاحتياط بالتصالح1.
رواية الأحول قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أدنى ما يتزوّج به المتعة؟ قال : كفّ من برّ(1) .
ورواية اُخرى لأبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن أدنى مهر المتعة ما هو؟ قال : كفّ من طعام دقيق أو سويق أو تمر(2) ، فإنّ المقصود من الجميع ما ذكرنا ، كما لايخفى .
1 ـ لا إشكال هنا كالنكاح الدائم في أنّ المهر يملك بأجمعه بنفس العقد ، ولكنّ الفرق بينهما أنّ استقراره بالدخول في النكاح الدائم لا يتوقّف على التمكين بعده ، وإن كان لزوم الإنفاق متوقّفاً عليه كما سيجيء(3) إن شاء الله تعالى ، وأمّا
(1) الكافي : 5/457 ح2 ، التهذيب : 7/260 ح1125 ، الوسائل : 21/49 ، أبواب المتعة ب21 ح2 .
(2) الكافي : 5/457 ح4 ، الوسائل : 21/50 ، أبواب المتعة ب21 ح5 .
(3) في «فصل في النفقات» مسألة 1 .
(الصفحة335)
هنا فيتوقّف على الوفاء بالتمكين في تمام المدّة أيضاً ، وعليه فلو وهبها المدّة فإن كان قبل الدخول يلزم عليه نصف المهر ، وإن كان بعده لزمه الجميع ، وإن مضت من المدّة ساعة مثلاً وبقيت أعوام كذلك ، فلا يسقط المهر على ما مضى منها وما بقى .
هذا مع هبة بقيّة المدّة ، وأمّا مع عدم هبتها فمع وفائها بالتمكين فالحكم كذلك ، وأمّا مع عدم الوفاء به ولو في بعض المدّة مع عدم العذر من الحيض مثلاً ، كان للزوج أن يضع من المهر بنسبتها ، إن نصفاً فنصف ، وان ثلثاً فثلث وهكذا; لقوله تعالى : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}(1) . وفي الجواهر ورود الروايات المستفيضة(2) في أنهّ يرتبط بالمتعة(3) .
ولرواية عمر بن حنظلة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أتزوّج المرأة شهراً فتريد منّي المهر كملاً وأتخوّف أن تخلفني ، قال : يجوز أن تحبس ما قدرت عليه ، فإن هي أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك(4) .
هذا ، ولكنّ الظاهر أنّ الجمع بين جواز الحبس بالمقدار المقدور وجواز الأخذ منها بقدر ما تخلفه ممّا لا يمكن; ولذا يحتمل كما في الجواهر(5) نقلاً عن أكثر النسخ التعبير بـ «لا يجوز» لكنّه أيضاً لايوافق مع كون المتعلّق ما قدرت عليه، كما لايخفى .
وفي رواية اُخرى لعمر بن حنظلة ، التي جعلها في الوسائل رواية ثانية ، ولكنّ
(1) سورة النساء : 4/24 .
(2) الوسائل : 21/5 ـ 12 ، أبواب المتعة ب1 .
(3) جواهر الكلام : 30/164 .
(4) الكافي : 5/460 ح1 ، الوسائل : 21/61 ، أبواب المتعة ب27 ح1 .
(5) جواهر الكلام : 30/164 .
(الصفحة336)
الظاهر اتحادها مع الاُولى خصوصاً مع كون الراوي عن عمر ، هو عمر بن أبان . غاية الأمر أنّه رواها الكليني ، عن عمر بن حنظلة بطريق آخر ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : قلت له : أتزوّج المرأة شهراً فأحبس عنها شيئاً فقال : نعم ، خذ منها بقدر ما تخلفك إن كان نصف شهر فالنصف ، وإن كان ثلثاً فثلث(1) ، ولا يرد على هذه الرواية ما أوردناه على الاُولى بعد امكان الحمل على أنّ المقدار المحبوس أقلّ من المقدار الذي تخلفه .
ويشعر ممّا ذكرنا مكاتبة الريان بن شبيب ، كتب إليه يعني أبا الحسن (عليه السلام) : الرجل يتزوّج المرأة متعة بمهر إلى أجل معلوم وأعطاها بعض مهرها وأخّرته بالباقي ، ثمّ دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنّها زوّجته نفسها ولها زوج مقيم معها ، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز؟ فكتب : لا يعطيها شيئاً لأنّها عصت الله عزّوجلّ(2) لاقتضاء التعليل ذلك .
ثمّ الظاهر أنّ المراد بالهبة هنا ما يشبه الابراء ، فلا يحتاج إلى قبول ولا إلى قابلية المتمتّع بها لذلك ، كالصغيرة والمجنونة وشبههما ، وقد صرّح غير واحد بأنّه يمكن هبة جميع المدّة وبعضها . نعم حكي عن كشف اللثام : إن أقرّ بعضها ووهب البعض ، كأن يهبها عقيب العقد على شهرين شهراً دون آخر اتّجه العدم; لخروجه عن النصّ من الخبر وكلام الأصحاب(3) . وأورد عليه في الجواهر بأنّه ـ بعد أن علم من الأدلّة قابليّة هذا الحقّ للإسقاط والابراء ، وأنّه مقتضى الحكمة بعد أن لم يقع بها طلاق ، وربما أراد الفراق فلو لم يصحّ ذلك لم يقع الفراق ـ لم يكن فرق بين هبة الكلّ
(1) الكافي : 5/461 ح3 ، التهذيب : 7/260 ح 1128 ، الوسائل : 21/61 ، أبواب المتعة ب27 ح2 .
(2) الكافي : 5/461 ح5 ، الوسائل : 21/62 ، أبواب المتعة ب28 ح2 .
(3) كشف اللثام : 7/278 .
(الصفحة337)
والبعض ، ولو على الوجه الذي ذكره(1) انتهى .
أقول : ويبعد جدّاً أن تصحّ في المثال هبة الشهر الأوّل دون الثاني; لأنّها في الشهر الأوّل لا تكون مزوّجة ولا غير مزوّجة .
ثمّ إنّه حكي عن المسالك أنّه قال : واعلم أنّ الظاهر من هبة المدّة قبل الدخول هبة جميع ما بقي منها عند الهبة ، وذلك هو المقتضي لسقوط نصف المهر إذا وقع قبل الدخول ، وهل المقتضي له هو مجموع الأمرين أو حصول الفرقة قبل الدخول؟ وجهان ، من ظهور اعتبار الدخول وعدمه في ذلك كالطلاق ، ومن الوقوف على موضع اليقين فيما خالف الأصل ، وتظهر الفائدة فيما لو وهبها بعض المدّة كنصفها مثلاً ، وقد بقي منها أكثر من النصف ، ولم يتّفق بها دخول حتّى انقضى ما بقي منها بغير هبة ، فعلى الأوّل يثبت لها المجموع ، وعلى الثاني النصف ، وإطلاق الرواية يدلّ على الثاني لو كانت معتبرة في الدلالة(2) انتهى .
وأشار بالرواية إلى مضمرة سماعة قال : سألته عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها ثمّ جعلته من صداقها في حلّ ، يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً؟ قال : نعم إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه ، فان خلاها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الرجل نصف الصداق(3) . والإضمار لا يضرّ من مثل سماعة خصوصاً بعد الاعتضاد بالشهرة المحقّقة(4) ، والظاهر اعتبار دلالتها بالإطلاق لصورة هبة الزوج المدّة وعدمها ، إلاّ أن يقال بعدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة ، كما لايخفى .
(1) جواهر الكلام : 30/167 .
(2) مسالك الأفهام : 7/443 ـ 444 .
(3) التهذيب : 7/476 ح1910 ، الوسائل : 21/63 ، أبواب المتعة ب30 ح1 .
(4) جامع المقاصد : 13/23 ، الروضة البهية : 5/285 ، مسالك الأفهام : 7/443 ، الحدائق الناضرة : 24/160 .
(الصفحة338)
ثمّ إنّه يدلّ على عدم حساب أيّام الحيض التي يكون الوطء فيها محرّماً شرعاً بعض الروايات ، مثل :
موثّقة إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : الرجل يتزوّج المرأة متعة تشترط له أن تأتيه كلّ يوم حتّى توفيه شرطه ، أو تشترط أيّاماً معلومة تأتيه فتغدر به فلا تأتيه على ما شرطه عليها ، فهل يصلح له أن يحاسبها على ما لم تأته من الأيّام فيحبس عنها بحساب ذلك؟ قال : نعم ، ينظر إلى ما قطعت من الشرط فيحبس عنها من مهرها مقدار ما لم تف له ما خلا أيّام الطمث فإنّها لها ، ولا يكون لها إلاّ ما أحلّ له فرجها(1) .
ورواية عمر بن حنظلة التي رواها الصدوق باسناده عن صفوان بن يحيى ، عنه قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أتزوّج المرأة شهراً بشيء مسمّى فتأتي بعض الشهر ولا تفي ببعض ، قال : يحبس عنها من صداقها مقدار ما احتبست عنك إلاّ أيّام حيضها فانّها لها(2) .
وظاهر الأخيرة استثناء أيّام الحيض مطلقاً بالإضافة إلى الوطء وغيره من الاستمتاعات الجائزة في أيّام الحيض; لدلالتها على أنّ أيّام الحيض لها مطلقاً . ويمكن أن يقال بظهور الاُولى أيضاً في ذلك ، وإن كان يحتاج إلى تدبّر وتعمّق ، فتدبّر جيّداً .
وهل يلحق سائر الأعذار كالمرض المدنف بأيّام الحيض أم لا؟ وفي محكيّ المسالك فيه وجهان من المشاركة في المعنى ، وكون ذلك على خلاف الأصل فيقتصر
(1) الكافي : 5/461 ح4 ، الوسائل : 21/61 ، أبواب المتعة ب27 ح3 .
(2) الفقيه : 3/294 ح1397 ، الوسائل : 21/62 ، أبواب المتعة ب27 ح4 .
(الصفحة339)
مسألة 7 : لو وقع العقد ولم يدخل بها مع تمكينها حتّى انقضت المدّة استقرّ عليه تمام المهر1.
فيه على مورده .
وفي محكيّ القواعد : لو منع العذر عن الجميع كلّ المدّة كالمرض المدنف فكذلك ، أي لا ينقص من مهرها شيء على إشكال(1) .
وأفاد صاحب الجواهر(قدس سره) في وجه الإشكال من انتفاء الاستيفاء رأساً وهو أحد العوضين ، فانتفى الآخر كسائر المعاوضات ، والفرق بينه وبين الحيض بأنّه عادي ، فأيّامه في حكم المستثناة في العقد بخلاف غيره(2) .
أقول : يمكن الفرق بين ما لو كان العذر مانعاً عن الجميع كلّ المدّة ، كما هو المفروض في كلام القواعد ، وبين ما لو كان كذلك في بعض المدّة ، كما أنّه يمكن الفرق بالإضافة إلى أيّام الحيض من هذه الجهة ، وعليه فلا يترك الاحتياط بالتصالح كما في المتن .
1 ـ لو وقع العقد ولم يتحقّق الدخول بها وتحقّقت هبة المدّة فالواجب عليه النصف ، كما تقدّم في مضمرة سماعة المذكورة في أواخر المسألة السابقة ، باعتبار اشتمالها على قوله (عليه السلام) : «فإن خلاها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الرجل نصف الصداق» فإنّ القدر المتيقّن من قوله : فإن خلاّها هي هبة المدّة ، ولكنّه يحتمل الاختصاص بهذه الصورة وعدم الشمول لما إذا لم تتحقّق الهبة ، ولكن تحقّق التمكين حتّى انقضت المدّة ، وعليه فيستقرّ عليه تمام المهر بعد تحقّق الملكيه بالعقد ، وثبوت
(1) قواعد الاحكام : 2/26 .
(2) جواهر الكلام : 30/168 .
(الصفحة340)
مسألة 8 : لو تبيّن فساد العقد بأن ظهر لها زوج أو كانت اُخت زوجته أو اُمّها مثلاً ولم يدخل بها فلا مهر لها ، ولو قبضته كان له استعادته ، بل لو تلف كان عليها بدله ، وكذا إن دخل بها وكانت عالمة بالفساد ، وأمّا إن كانت جاهلة فلها مهر المثل ، فإن كان ما أخذت أزيد منه استعاد الزائد ، وإن كان أقلّ أكمله1.
التمكين إلى انقضاء المدّة وإن لم يتحقّق الدخول ، ويستفاد من عبارة المسالك المتقدّمة أنّه يستفاد من الرواية أنّ الملاك في استحقاق النصف هو مجرّد حصول الفرقة قبل الدخول ، فلاحظ .
1 ـ لا إشكال في أنّها لا تستحق مهراً إذا لم يدخل بها ، وتبيّن فساد عقد الانقطاع بمثل أحد الاُمور المذكورة في المتن ، ولو قبضته كان له استعادته لعدم كونها مستحقّة ، بل لو تحقّق الإتلاف كان عليها بدله مثلاً أو قيمة لقاعدة الإتلاف ، من دون فرق بين صورة العلم بالفساد أو الجهل به لفرض الفساد واقعاً ، وأمّا لو تحقّق الدخول ففي محكيّ جمع من الكتب الفقهيّة القديمة(1) كان لها ما أخذت وليس عليه تسليم ما بقي ، ولكن قال المحقّق في الشرائع : ولو قيل : لها المهر إن كانت جاهلة ويستعاد ما أخذت إن كانت عالمة كان حسناً(2) . وتبعه الماتن(قدس سره) .
والدليل عليه كون الوطء شبهة في الأوّل ، فيستحقّ مهر المثل بها ، وتحقّق الزنا في الثاني ولا مهر لبغيّ ، بل الظاهر ثبوت الضمان عليها مع الإتلاف في هذه الصورة ، والتسليط من الزوج إنّما كان بزعم الصحّة. بل ذكر في الجواهر : أنّه لا يبعد ذلك حتّى مع علم الزوج بالفساد، باعتبارأنّ دفعه له بعنوان كونه المسمّى في العقد، فكأنّه اشترط
(1) النهاية : 491 ، المهذّب : 2/242 .
(2) شرائع الإسلام : 2/305 .
|