(الصفحة601)
باليسار وادّعى تلف أمواله وصيرورته معسراً أو أنكرته ، فإنّ القول قولها بيمين وعليه البيّنة1.
مسألة 19 : لا يشترط في إستحقاق الزوجة النفقة فقرها واحتياجها ، فلها عليه الإنفاق وإن كانت من أغنى النّاس2
1 ـ لو طالبته بالإنفاق وادّعى الإعسار وعدم الاقتدار ، ولم تصدّقه الزوجة وادّعت عليه اليسار والاقتدار على الإنفاق ولم تكن لها بيّنة فالقول قوله بيمينه; لأنّ اليسار أمرٌ حادث مسبوق بالعدم ، فقولها مخالف للأصل لابدّ لها من إقامة البيّنة ، ومع عدمها فاليمين على الزوج المنكر ، إلاّ إذا كان مسبوقاً باليسار وادّعى تلف أمواله أو سرقتها مثلا ، وأنكرت الزوجة هذه الأمور فالقول قولها مع اليمين; لأنّ مقتضى الاستصحاب بقاء اليسار وعدم التلف أو السرقة أو غيرهما من الأمور الموجبة لزوال اليسار وصيرورته معسراً ، فمع عدم البيّنة تصل النوبة إلى يمينها ، كما لا يخفى .
2 ـ لا يشترط في إستحقاق الزوجة النفقة الفقر والاحتياج إليها ، بل لها عليه الإنفاق وإن كانت من أغنى النّاس; لأنّ الاستحقاق المذكور من لوازم الزوجيّة وآثارها وأحكامها ، ولم يقيّد في شيء من الأدلّة وجوب الإنفاق بفقر الزوجة واحتياجها ، وما ورد في صحيحة شهاب المتقدّمة(1) من أنّ حقّ المرأة على زوجها أن يسدّ جوعتها ويستر عورتها الخ لا يرجع إلى أنّ سدّ جوعها يكون طريقه منحصراً بالزوج ، وكذا ستر عورتها ، بل معناه وجوب السدّ والستر على الزوج .
(1) في ص592 ـ 593 .
(الصفحة602)
مسألة 20 : إن لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه وزوجته وأقاربه الواجبي النفقة فهو مقدّم على زوجته ، وهي على أقاربه ، فما فضل من قوته صرفه عليها ، ولا يدفع إلى الأقارب إلاّ ما يفضل عن نفقتها1.
1 ـ نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة عند التعارض بلا خلاف ولا إشكال ; لأهميّة النفس عند الشارع ، والزوجة مقدّمة على الأقارب لكونها من المعاوضة ، وقد عرفت في المسألة السابقة ثبوت استحقاق الزوجة لها مطلقاً ، سواء كانت فقيرة أو غنية ، ومع عدم أداء الزوج يكون ديناً عليه ، بخلاف نفقة الأقارب الّتي يعتبر فيها الفقر والحاجة ، ولا تكون ديناً على المُنفق بحيث كان يجب عليه قضاؤه .
وقد فرّع المحقّق في الشرائع على ما ذكره قوله : فما فَضُل عن قوته صرفه إليها ـ يعني الزوجة ـ ثمّ لا يدفع إلى الأقارب إلاّ ما يفضل عن واجب نفقة الزوجة; لأنّها نفقة معاوضة ، وتثبت في الذّمة(1) . وعن بعض الشافعيّة(2) تقديم نفقة الطفل على الزوجة ، وهو في غير محلّه ، وأضعف منه احتمال تقديم نفقة القريب مطلقاً عليها ، باعتبار كونها من الديون الّتي تقدّم نفقة القريب عليها كما في المفلّس ، وربّما يؤيّد
ببعض الروايات من غير طرقنا(3) . مضافاً إلى عدم وضوح دلالتها ، فالحقّ في المسألة ما ذكر .
(1) شرائع الإسلام : 2/352 .
(2) روضة الطالبين : 8/57 ـ 58 .
(3) السنن الكبرى للبيهقي : 7/466 ، سنن أبي داود : 265 ح1691 .
(الصفحة603)
القول في نفقة الأقارب
مسألة 1 : يجب على التفصيل الآتي الإنفاق على الأبوين وآبائهما وأمّهاتهما وإن علوا ، وعلى الأولاد وأولادهم وإن نزلوا ، ذكوراً واناثاً ، صغيراً أو كبيراً ، مسلماً أو كافراً ، ولا يجب على غير العمودين من الأقارب وإن استحبّ خصوصاً الوارث منه1.
1 ـ تجب النفقة على الأبوين والأولاد إجماعاً من علماء الفريقين(1) ، ويدلّ عليه روايات مستفيضة :
ففي رواية حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : من الذي أُجبر عليه وتلزمُني نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة(2)
(1) الخلاف : 5/120 و124 ، مسالك الأفهام : 8/483 ، رياض المسائل : 7/267 ، المغني لابن قدامة : 9/256 ، الشرح الكبير : 9/274 .
(2) الكافي : 4/13 ح1 ، التهذيب : 6/293 ح 812 ، الإستبصار : 3/43 ح 144 ، الخصال : 247 ح 109 ، الوسائل : 21/525 ، أبواب النفقات ب11 ح3 .
(الصفحة604)
ومثلها رواية محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)(1) .
ومرسلة جميل بن دراج المضمرة قال : لا يجبر الرجل إلاّ على نفقة الأبوين والولد ، قال ابن أبي عمير : قلت لجميل : والمرأة؟ قال : قد روى عنبسة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلاّ طلّقها ، قلت : فهل يُجبر على نفقة الأُخت؟ فقال : لو أُجبر على نفقة الأُخت كان ذلك خلاف الرواية(2) .
إلى غير ذلك من النصوص(3) الدّالة عليه ، الّتي لا يبقى مع ملاحظة الجميع ارتياب في أصل وجوب نفقة الأقارب في الجملة ، إنّما الكلام في وجوب الإنفاق على آباء الأبوين وأمّهاتهما ، فقد تردّد المحقّق(4) في ذلك في الشرائع ، ثمّ استظهر الوجوب ، وقال صاحب الجواهر : لم نعرف المناقشة من أحد منهم سوى المصنّف هنا وفي النافع(5) (6) . والدليل على الثبوت الظنّ لو لا القطع بأنّ المراد من الأبوين هما الأبوان ومن علا ولو بمعونة الإتّفاق ظاهراً ، خصوصاً بعد إشعار الخبر(7)الوارد في الزكاة الدّال على أنّه يعطى من الزكاة الأخ والأخت والعم والعمّة والخال والخالة ، ولا يعطى الجدّ والجدّة مع حرمة الزكاة لواجبي النفقة ، فليس النهي عن الأخيرين إلاّ لوجوب الإنفاق عليهما .
(1) الكافي : 4/13 ح3 ، الوسائل : 21/526 ، أبواب النفقات ب11 ح5 .
(2) الكافي : 5/512 ح 8 ، الوسائل : 21/510 ، أبواب النفقات ب1 ح4 .
(3) الوسائل : 21/507 ـ 512 و525 ـ 526 ، أبواب النفقات ب1 و11 .
(4) شرائع الإسلام : 2/352 .
(5) المختصر النافع : 220 .
(6) جواهر الكلام : 31/367 .
(7) الوسائل : 9/241 ـ 242 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب13 .
(الصفحة605)
وكذا الكلام في أولاد الأولاد ولو البنات منهم وإن نزلوا ، وهم خارجون عن محلّ ترديد المحقّق والدليل على ثبوت وجوب الإنفاق بالإضافة إليهم ما مرّ في آباء الآباء ، مضافاً إلى قوله تعالى : {لاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَق نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}(1) .
نعم ، لا إشكال ولا خلاف في أنّه لا تجب نفقة غير العمودين والأواد من الأقارب ، كالإخوة والأعمام والأخوال وغيرهم ، لما عرفت من الحصر في النصوص السابقة بالأبوين والأولاد والزوجة ، بل قد عرفت في مرسلة جميل أنّه لو أُجبر على نفقة الأُخت كان خلاف الرواية .
وفي صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : خمسة لا يعطون من الزكاة شيئاً : الأب ، والأُم ، والولد ، والمملوك ، والمرأة ، وذلك أنّهم عياله لازمون له(2) .
وعن الشيخ في محكيّ المبسوط(3) إسناد الوجوب على مطلق الوارث إلى رواية حملها على الإستحباب ، مع أنّه أنكر جملة ممّن تأخّر عنه على العثور عليها .
نعم يمكن أن يكون المراد به خبر غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أُتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بيتيم فقال : خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه(4) .
(1) سورة الإسراء : 17/31 .
(2) الكافي : 3/552 ح5 ، الوسائل : 21/525 ، أبواب النفقات ب11 ح1 .
(3) المبسوط : 6/35 .
(4) الكافي : 4/13 ح2 ، التهذيب : 6/293 ح 814 ، الإستبصار : 3/44 ح 147 ، الوسائل : 21/526 ، أبواب النفقات ب11 ح4 .
(الصفحة606)
وحمله الشيخ في محكي الإستبصار على الندب أو على ما إذا لم يكن وارث غيره ، وعن سيّد المدارك(1) الميل إلى العمل بمضمون هذه الصحيحة ، وهي :
رواية الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت : من الذي أُجبر على نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير(2) .
وفي رواية رواها عبدالرحمن بن الحجّاج ، عن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : والوارث الصغير ـ يعني الأخ وابن الأخ ـ ونحوه(3) .
ولكن ذكر صاحب الجواهر : أنّه من الضروري عدم الالتفات إلى أمثال ذلك بعد استقرار الكلمة في الأعصار المتعدّدة على عدم الوجوب ، وبعد ما سمعته من الأدلّة المعتضدة(4) . وعن ابن أبي ليلى قول صاحب المدارك(5) . مستدلاًّ عليه بقوله تعالى : { وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}(6) مع أنّه ليس فيه الوارث الصغير الذي هو المدّعى ، بل المراد منه الصبي الرضيع الذي كان له مال ورثه من أبيه ، فإنفاقه عليه مثل ما كـان على أبيه ، مضافاً إلى الاختلاف الشديد الواقع بينهم في معنى الآية من جهة المراد بالوارث ، ومن جهة المراد بمثل ذلك فراجع .
وكيف كان فلا دليل يعتدّ به على وجوب إنفاق مطلق الوارث أو خصوص الصغير .
(1) نهاية المرام : 1/485 .
(2) الفقيه : 3/59 ح209 ، الوسائل : 21/511 ، أبواب النفقات ب1 ح9 .
(3) التهذيب : 6/293 ح813 ، الإستبصار : 3/44 ح148 ، الوسائل : 21/512 ، أبواب النفقات ب1 ح10 .
(4) جواهر الكلام : 31/369 .
(5) المغني لابن قدامة : 9/264 ـ 266 ، الشرح الكبير : 9/278 ـ 279 ، بدائع الصنائع : 3/441 ، المبسوط للسرخسي : 5/223 .
(6) سورة البقرة : 2/233 .
(الصفحة607)
مسألة 2 : يُشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره واحتياجه بمعنى عدم وجدانه لما يقوت به فعلا ، فلا يجب إنفاق من قدر على نفقته فعلا و إن كان فقيراً لا يملك قوت سنته وجاز له أخذ الزكاة ونحوها ، وأمّا غير الواجد لها فعلا القادر على تحصيلها ، فإن كان ذلك بغير الاكتساب كالاقتراض والاستعطاء والسؤال لم يمنع ذلك عن وجوب الإنفاق عليه بلا إشكال ، وإن كان ذلك بالاكتساب فإن كان ذلك بالاقتدار على تعلّم صنعة بها إمرار معاشه وقد ترك التعلّم وبقي بلا نفقة فلا إشكال في وجوب الإنفاق عليه ، وكذا الحال لو أمكن له التكسّب بما يشقّ عليه تحمّله كحمل الأثقال ، أو لا يُناسب شأنه فترك التكسّب بذلك ، فإنّه يجب عليه الإنفاق عليه ، وإن كان قادراً على التكسّب بما يناسب حاله وشأنه وتركه طلباً للراحة فالظّاهر عدم وجوبه عليه . نعم لو فات عنه زمان الإكتساب بحيث صار فعلا محتاجاً بالنسبة إلى يوم أو أيّام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب وإن كان العجز حصل باختياره ، كما أنّه لو ترك التشاغل به لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيويّ أو دينيّ مهمّ كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك وجوبه1.
1 ـ يُشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره واحتياجه ، غاية الأمر أنّ الفقر هنا يُغاير الفقر في باب الزكاة ، والنسبة العموم والخصوص من وجه ، فإن كان فقيراً بمعنى أنّه لا يملك قوت سنته ولكنّه قادر على نفقته فعلا شهراً مثلا أو شهرين لا يجب إنفاقه من باب القرابة ، وإن كان مستحّقاً للزكاة ، وإن كان قادراً على التكسّب بما يناسب حاله وشأنه من دون مشقّة التحمّل كحمل الأثقال ، ولكنّه تركه طلباً للراحة ، فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه ، كما أنّه لو فات عنه زمان التكسّب بحيث صار فعلا محتاجاً بالنسبة إلى يوم أو أيّام غير قادر على تحصيلها
(الصفحة608)
مسألة 3 : لو أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً ، فهل تكون بحكم القادر فلا يجب الإنفاق عليها أم لا؟ وجهان ، أوجههما الثاني1.
وجب ، وإن كان العجز حصل باختياره ولا يجوز أخذ الزكاة ، ومادّة الاجتماع واضحة .
والسرّ في اختلاف معنى الفقر في كلا المقامين على ما يُستفاد من الشرائع أنّ النفقة هنا معونة على سدّ الخلّة(1) بخلافها في ذلك المقام وفي مسألة الزوجيّة ، فإنّ الملاك في الزوجيّة على ما عرفت(2) في بعض المسائل السابقة نفس الزوجيّة وإن كانت الزوجة غير فقيرة ، وكذلك في مسألة الزكاة الفقر بمعنى عدم ملكيّة قوت سنته ، وأمّا هنا فالملاك هو سدّ الجوعة ، ومن ذلك يعلم وجه الفرق بين صور المسألة المذكورة في المتن ، ولا حاجة إلى البحث في كلّ منها مستقلا ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو أمكن للمرأة القريبة كالبنت مثلا التزويج بمن يليق بها من الكفو الشرعي والعرفي ، ويقدر الزوج على نفقتها ويقوم بها دائماً من جهة لزوم الإنفاق على الزوج ، أو منقطعاً من جهة المهر الذي هو دخيل في النكاح المنقطع ، أو من جهة قيام الزوج بإنفاقها وإن لم يكن واجباً عليه ، فهل هي كالقادر على التكسّب اللائق المناسب لشأنه التارك له طلباً للراحة ، فلا يجب الإنفاق على المرأة في هذه الصورة أم لا تكون كالقادر المذكور؟ في المسألة وجهان ، جعل في المتن أنّ الأرجح هو الثاني ، ولعلّه لأجل أنّ العرف لا يحكم بكون المرأة المزبورة غنيّة قادرة على
(1) شرائع الإسلام : 2/352 .
(2) في ص601 .
(الصفحة609)
مسألة 4 : يُشترط في وجوب النفقة على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه ونفقة زوجته لو كانت له زوجة دائمة ، فلو حصل عنده قدر كفاية نفسه خاصّة اقتصر على نفسه ، ولو فضل معه شيء وكانت له زوجة فلزوجته ، ولو فضل شيء فللأبوين والأولاد1.
إنفاق نفسها من جهة التزويج ، ولا يرون التزويج تكسّباً ولو كان النكاح منقطعاً فضلا عن الدائم .
نعم ، في محكيّ كشف اللثام : ويدخل في التكسّب السؤال والاستيهاب إن لم يقدر على غيره ، ثمّ قال : ويمكن القول بوجوب التكسّب بغيره إذا قدر عليه; لِما ورد من التشديد على السؤال(1) وأنّ المؤمن لا يسأل بالكفّ(2) . وأورد عليه في الجواهر : بأنّ الظاهر عدم حرمة مطلق السؤال الذي هو بمعنى الاستيهاب ، للأصل والسيرة وغيرهما ، وإنّما يحرم منه ما به تحصيل هتك العرض الذي يجب على الإنسان حفظه كالنفس والمال ، بل هو أعظم من الأخير منهما ، وإن كان قد يجب مقدّمة لحفظ النفس مع فرض الإنحصار فيه(3) .
أقول : هنا أمران ، أحدهما : وجوب الإنفاق ، وثانيهما : حرمة هتك المؤمن ، ومادّة الاجتماع هي مادّته في مبحث إجتماع الأمر والنهي ، وقد حقّق في محلّه جوازه وعدم إمتناعه وأحكامه وآثاره .
1 ـ قد مرّ البحث في هذه المسألة ، وأنّ اللازم تقديم نفقة النفس على الزوجة
(1) الوسائل : 9/436 ـ 446 ، أبواب الصدقة ب31 و32 و33 و34 .
(2) كشف اللثام : 7/597 .
(3) جواهر الكلام : 31/374 .
(الصفحة610)
مسألة 5 : المراد بنفقة نفسه المقدّمة على نفقة زوجته مقدار قوت يومه وليلته وكسوته اللائقة بحاله وكلّ ما اضطرّ إليه من الآلات للطعام والشراب والفراش والغطاء وغيرها ، فإن زاد على ذلك شيء صرفه على زوجته ثمّ على قرابته 1.
مسألة 6 : لو زاد على نفقته شيء ولم تكن عنده زوجة ، فإن اضطرّ إلى التزويج بحيث يكون في تركه عسر وحرج شديد أو مظنّة فساد دينيّ فله أن يصرفه في التزويج وإن لم يبق لقريبه شيء ، وإن لم يكن كذلك فالأحوط صرفه في إنفاق القريب ، بل لا يخلو وجوبه من قوّة2
وتقديم نفقة الزوجة على الأقارب ، فراجع(1) .
1 ـ قد مرّ أنّ نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة وهي على نفقة الأقارب ، فاعلم أنّ المراد بنفقة النفس مقدار قوت يومه وليلته وكسوته اللائقة بحاله ، وكلّ ما اضطرّ إليه من آلات الطعام والشراب والفراش والغطاء وإن كانت باقية مدّة ، وذلك لما يستفاد ممّا ذكرنا في نفقة الزوجة من أنّها يوم فيوم(2) من أنّ الملاك هو اليوم; لاحتمال زوال الزوجيّة بعده أو إنتفاء الموضوع ، فإن زادت نفقة النفس على يوم صرف الزيادة على الزوجة ، ثمّ على القرابة ، كما تقدّم(3) .
2 ـ من لم يكن له زوجة ولم تكن النفقة منحصرة بنفقة نفسه ، بل له الزيادة
(1 ، 2) في ص602 .
(3) في ص594 .
(الصفحة611)
مسألة 7 : لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسّل إلى تحصيله بأيّ وسيلة مشروعة حتى الاستعطاء والسؤال فضلا عن الاكتساب اللائق بحاله ، ولو لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فلا ينبغي الإشكال في أنّه يجب عليه تحصيله بالاكتساب اللائق بحاله وشأنه ، ولا يجب عليه التوسّل إلى تحصيله بمثل الاستيهاب والسؤال . نعم لا يبعُد وجوب الاقتراض إذا أمكن من دون مشقّة وكان له محلّ الإيفاء فيما بعد ، وكذا الشراء نسيئة
بمقدار يكفي لنفقة الزوجة أو القريب ، ولا يمكن الجمع بينهما ، فإن اضطرّ إلى التزويج بحيث يكون في تركه عسر وحرج شديد أو مظنّة فساد ديني فله أن يصرفه في التزويج ، وإن لم يبق لقريبه شيء بعد صرف الزيادة في نفقة الزوجة ، لتقدّمها على نفقة الأقارب كما عرفت ، وإن لم يضطرّ إلى التزويج كذلك فقد احتاط في المتن بعدم التزويج والصرف في إنفاق القريب ، بل نفى خلوّ وجوبه عن القوّة ، والسرّ فيه إنّه وإن كان لا يمكن الجمع بين نفقة الزوجة والأقارب ، إلاّ أنّه حيث لا يكون بالفعل ذات زوجة ـ والمفروض عدم الإضطرار إلى التزويج من جهة العسر والحرج ، أو من جهة مظنّة فساد دينيّ ـ فلا يجب عليه بالفعل إلاّ الإنفاق على القريب القادر عليه .
ومنه يعلم أمران : أحدهما : أنّه مع الاضطرار لو تحمّل ولم يتزوّج يجب عليه نفقة الأقارب لفرض عدم وجود الزوجة ، ثانيهما : أنّه لو تزوّج مع عدم الإضطرار المذكور لا تسقط نفقة الزوجة ، بل هي باقية وإن كان أصل النكاح غير مضطرّ إليه ، وتقدّم على نفقة الأقارب ، ويجري هذا فيما لو تزوّج أزيد من واحدة ولم يمكن الجمع بين نفقة الزوجتين أو الزوجات مع الأقارب ، كما لا يخفى .
(الصفحة612)
بالشرطين المذكورين1.
مسألة 8 : لا تقدير في نفقة الأقارب ، بل الواجب قدر الكفاية من الطعام
1 ـ من لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسّل إلى تحصيله بأيّ وسيله مشروعة ، سواء كانت إكتساباً لائقاً بحاله أو الاستعطاء والسؤال ، وقد مرّ(1) من كاشف اللثام ، ما يظهر منه عدم جواز الثاني ، وإيراد صاحب الجواهر عليه بعدم حرمة مطلق السؤال ، ولكن مع الإنحصار بالإستعطاء والسؤال يجب ذلك وإن كان مستلزماً لهتك المؤمن; لتقدّم وجوب حفظ النفس على حرمة الهتك ، وأمّا من لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فلا إشكال في أنّه يجب عليه تحصيله بالإكتساب اللائق بحاله وشأنه إذا كان قادراً عليه ، ومع عدم القدرة لا يجب عليه التوسّل إلى تحصيله بمثل الاستيهاب والسؤال; لعدم وجوبهما وإن كانا غير محرّمين لفرض عدم الهتّك; لعدم كونهما طريقين عرفاً إلى حصول النفقة ، نعم لا يبعُد وجوب الإقتراض إذا أمكن من دون مشقّة وكان له محلّ الإيفاء فيما بعد; لأنّ الاقتراض سيّما مع وجود محلّ الإيفاء من الطرق العقلائيّة المتداولة ، وكذا الشراء نسيئة بالشرطين المذكورين مع عدم المشقّة ووجود محلّ الإيفاء فيما بعد ، فإنّه أيضاً متداول بين العقلاء .
وبالجملة : فرق بين نفقة النفس ونفقة الغير ـ وإن كانا واجبين ـ بعدم إنحصار تحصيل الأوّل بطريق خاصّ وهو الاكتساب اللائق بحاله ، وإنحصار لزوم تحصيل الثاني من الطرق العقلائيّة المتعارفة الشاملة للإقتراض والشراء نسيئة ، وعدم اللزوم من طريق الاستيهاب والسؤال لما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً .
(1) في ص609 .
(الصفحة613)
والإدام والكسوة والمسكن مع ملاحظة الحال والشأن والزمان والمكان حسب ما مرّ(1) في نفقة الزوجة1.
مسألة 9 : لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولداً كان أو والداً بتزويج أو إعطاء مهر له ، وإن كان أحوط مع حاجته إلى النكاح وعدم قدرته عليه وعلى بذل الصداق خصوصاً في الأب2
1 ـ قد عرفت(2) أنّه لا تقدير في نفقة الأقارب ، بل الواجب قدر الكفاية من الطعام والإدام والكسوة والمسكن مع ملاحظة الحال والشأن والزمان والمكان كنفقة الزوجة ، غاية الأمر أنّ الملاك هناك الزوجيّة من دون فرق بين صورتي الفقر والغنى ، وهنا معونة على سدّ الخلّة وتختصّ بصورة الفقر ، وأمّا كيفيّة الإنفاق ومقداره فلا فرق فيه بين المقامين أصلا .
2 ـ لا يكون جزء النفقة الواجبة لأجل القرابة إعفاف من وجبت نفقته ولداً كان أو والداً بتزويج أو إعطاء مهر له ، وإن كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي ذلك ، خصوصاً مع الاحتياط إلى النكاح وعدم قدرته عليه وعلى بذل الصداق ، سيّما إذا كان الاحتياج شديداً واقعاً في العسر والحرج بدونه ، سيّما بالإضافة إلى الأب الذي ليس فيه القدرة على إعطاء المهر نوعاً لا بالفعل ولا في الآتي; لخروجه عن القدرة على التكسّب غالباً ، ومع احتمال كون الإنسان وماله لأبيه ـ كما ورد في بعض الروايات(3) . وإن كان لا يمكن الالتزام بما هو ظاهره كما لا يخفى ـ أنّ ذلك كلّه
(1) في مسألة 8 من مسائل « نفقة الزوجة » .
(2) في ص607 ـ 608 .
(3) الكافي: 5/395 ح3، قرب الإسناد: 285 ح1128،الوسائل:20/290و291،أبواب عقدالنكاح ب11ح5 و8.
(الصفحة614)
مسألة 10 : يجب على الولد نفقة والده دون أولاده لأنّهم إخوته ودون زوجته ، ويجب على الوالد نفقة ولده وأولاده دون زوجته 1.
مسألة 11 : لا تُقضى نفقة الأقارب ولا يتداركها لو فاتت في وقتها وزمانها ولو بتقصير من المنفق ، ولا تستقرّ في ذمّته بخلاف الزوجة كما مرّ . نعم لو لم ينفق عليه لغيبته أو امتنع عن إنفاقه مع يساره ورفع المنفَقُ عليه أمره إلى الحاكم فأمره بالإستدانة عليه فاستدان عليه اشتغلت ذمّته به ، ووجب عليه قضاؤه2 .
يجعل خصوصيّة للأب في رعاية الاحتياط الاستحبابي .
1 ـ لا يجب على الولد إلاّ نفقة الوالد دون أولاده ولو كان من أُمّه; لأنّهم إخوته ، وقد عرفت(1) عدم وجوب نفقتهم ودون زوجته لعدم ملاك وجود النفقة فيها لا القرابة ولا الزوجيّة للمنفق ، كما أنّه يجب على الوالد نفقة الولد وأولاده; لأنّهم كلّهم أولاد له دون زوجة الولد; لعدم المِلاك فيها أيضاً; لأنّ المفروض أنّها زوجة الولد لا زوجة المنفق ، وقد عرفت(2) الضابطة في نفقة القريب ، فراجع .
2 ـ قد علّل عدم وجوب قضاء نفقة الأقارب وعدم لزوم تداركها لو فاتت في وقتها وزمانها ، ولو كان بتقصير من المنفق ، مضافاً إلى نفي وجدان الخلاف فيه ، بل الإجماع عليه كما في الجواهر(3) بأنّها مواساة لسدّ الخلّة ، ولا يمكن تداركه بعد فوته وإن كان عن تقصير ، وعليه فلا تستقرّ في ذمّته بخلاف نفقة الزوجة الّتي هي دين
(1) في ص604 ـ 606 .
(2) في ص607 ـ 611 .
(3) جواهر الكلام : 31/379 .
(الصفحة615)
على عهدة الزوج كما مرّ(1) . من دون فرق بين تقدير الحاكم إيّاها وعدمه ، خلافاً لبعض العامّة(2) . واستشكل فيه في الجواهر بأنّ الأصل القضاء في كلّ حقّ ماليّ لآدميّ .
ودعوى كون الحقّ هنا خصوص السدّ الذي لا يمكن تداركه واضحة المنع ، بعد إطلاق الأدلّة حرمة العلّة المستنبطة عندنا(3) . ويؤيده عطف الزوجة على الأقارب في كثير من أدّلة وجوب الإنفاق المتقدّمة ، كما أنّه يؤيدّ العلّة المستنبطة اعتبار الفقر والحاجة هنا دون الزوجة ، فالإنصاف عدم ثبوت القضاء ولو لمنع الضابطة الكليّة التي أفادها في كلّ حقّ ماليّ لآدمي ، فتدبّر جيداً .
وقد استثنى من نفقة الأقارب صورتان ، يتحقّق فيهما إشتغال الذمّة ووجوب القضاء والتدارك :
إحداهما : ما إذا لم ينفق عليه لغيبة المنفق ورفع المنفَق عليه أمره إلى الحاكم ، فأمره بالإستدانة عليه فاستدان عليه .
ثانيتهما : ما إذا امتنع المنفق عن إنفاقه مع القدرة عليه ويساره ، ورفع المنفق عليه أمره إلى الحاكم كذلك ، فإنّه في هاتين الصورتين تشتغل ذمّته به ويجب عليه قضاؤه ، ويكون أمر الحاكم بالاستدانة بمنزلة أمر المنفق بها ، لا بمعنى أن تكون ذمّة المنفق مشغولة به ابتداء ، بل بمعنى اشتغال ذمّة المنفِق عليه بذلك ، ووجوب القضاء عليه لوقوعه بأمره أو بأمر من يقوم مقامه ، ويحتمل اشتغال ذمّته به ابتداء ، كما لعلّه الظاهر من العبارة .
(1) في ص591 ـ 593 .
(2) بدائع الصنائع : 3/432 و451 ، الوجيز للغزالي : 2/116 .
(3) جواهر الكلام : 31/380 .
(الصفحة616)
مسألة 12 : لوجوب الإنفاق ترتيب من جهة المنفق ومن جهة المنفَق عليه :
أمّا من الجهة الأُولى : فتجب نفقة الولد ذكراً كان أو انثى على أبيه ، ومع عدمه أو فقره فعلى جدّه للأب ، ومع عدمه أو إعساره فعلى جدّ الأب ، وهكذا متعالياً الأقرب فالأقرب ، ومع عدمهم أو إعسارهم فعلى أُمّ الولد ، ومع عدمها أو إعسارها فعلى أبيها وأُمّ أبيها وأبي اُمّها واُمّ اُمّها ، وهكذا الأقرب فالأقرب ، ومع التساوي في الدرجة يشتركون فيه بالسويّة وإن اختلفوا في الذكورة والأُنوثة ، وفي حكم آباء الاُمّ واُمّهاتها اُمّ الأب ، وكلّ من تقرّب إلى الأب بالاُمّ كأبي اُمّ الأب واُمّ اُمّه وأمّ أبيه وهكذا ، فإنه تجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه واُمّه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلى الولد ، فإذا كان له أب وجدّ موسران فالنفقة على الأب ، ولو وإذا كان له أب واُمّ فعلى الأب ، ولو كان جدّ للأب مع اُمّ فعلى الجدّ ، ومع جدّ لاُمّ واُمّ فعلى الاُم ، ومع جدّ وجدة لاُمّ تشاركا بالسويّة ومع جدّة لأب وجدّ وجدّة لاُم تشاركوا ثلاثاً ، هذا في الاُصول أعني الآباء والاُمّهات .
وأمّا الفروع : أعني الأولاد فتجب نفقة الأب والأُمّ عند الإعسار على الولد مع اليسار ذكراً كان أم اُنثى ، ومع فقده أو إعساره فعلى ولد الولد أعني ابن ابن
ثمّ إنّه لا يبعد أن يكون مع عدم الحاكم أو صعوبة الرفع إليه يقوم عدول المسلمين مقامه; لأنّه من الأُمور الّتي لا يرضى الشارع بتركها كما لا يخفى ، وعن كاشف اللثام أنّه تتّجه الاستدانة عليه مع التعذّر ـ إلى الحاكم وعدول المسلمين ـ دفعاً للحرج . وللعامّة(1) قول بوجوب الإشهاد على إستدانته إن تعذّر الحاكم(2) .
(1) العزيز ، شرح الوجيز : 10/72 .
(2) كشف اللثام : 7/599 ـ 600 .
(الصفحة617)
أو بنت ، وبنت ابن أو بنت وهكذا الأقرب فالأقرب ، ومع التعدّد والتساوي في الدرجة يشتركون بالسويّة ، فلو كان له ابن أو بنت مع ابن ابن مثلا فعلى الإبن أوالبنت ، ولو كان له إبنان أو بنتان أو ابن وبنت اشتركا بالسويّة ، وإذا اجتمعت الاُصول والفروع يُراعى الأقرب فالأقرب ، ومع التساوي يتشاركون ، فإذا كان له أب مع ابن أو بنت تشاركا بالسويّة ، وإن كان له أب مع ابن ابن أو ابن بنت فعلى الأب .
وإن كان ابن وجدّ لأب فعلى الإبن ، وإن كان ابن ابن مع جدّ لأب تشاركا بالسويّة ، وإن كانت له اُمّ مع ابن ابن أو ابن بنت مثلا فعلى الاُمّ ، ويشكل الأمر فيما إذا اجتمعت الاُمّ مع الإبن أو البنت ، والأحوط التراضي والتسالم على الإشتراك بالسويّة .
وأمّا الجهة الثانية : فإذا كان عنده زائداً على نفقته ونفقة زوجته ما يكفي لجميع أقاربه المحتاجين وجب عليه نفقة الجميع ، وإذا لم يكف إلاّ لإنفاق بعضهم ينفق على الأقرب فالأقرب منهم ، وإذا كان قريبان أو أزيد في مرتبة واحدة ولا يكفي ما عنده الجميع فالأقرب أنّه يقسم بينهم بالسويّة مع إمكانه وإمكان انتفاعهم به ، وإلاّ فيُقرع بينهم1.
1 ـ لوجوب الإنفاق ترتيب من جهة المُنفق ومن جهة المنفَق عليه :
أمّا من الجهة الأولى : فقد ذكروا إنّ نفقة الولد ذكراً كان أو غيره تجب على والده بلا خلاف ولا إشكال ، وإن كان له أمّ موسرة ، واستدلّ عليه في الجواهر بقوله تعالى : {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ اُجُوْرَهُنَّ}(1) حيث إنّ ظاهره وجوب
(1) سورة الطلاق : 65/6 .
(الصفحة618)
اُجرة الإرضاع على الأب ، وبأصالة الأب المستفادة من قوله تعالى : {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِن ظُهُوْرِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}(1) الظاهر في أصالة ظهور الآباء على أرحام الاُمّهات .
وترك الاستفصال في حديث هند زوجة أبي سفيان ، حيث جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت : إنّ أبا سفيان شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلاّ ما آخذ منه سرّاً وهو لا يعلم ، فهل عليَّ من ذلك شيء؟ فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف(2) .
ولم يقع فيه استفصال عن يسار الاُمّ بالإضافة إلى الولد وعدمه ، بالإجماع(3) على عدم وجوب الإرضاع على الأُمّ ، وبظاهر النصوص(4) المزبورة التي لا يتعدّى فيها إلى الأُمّ ، بل مطلق الاُنثى إلاّ بقاعدة الإشتراك المفقود هنا بالإجماع وغيره(5) .
هذا ، ومع عدم الأب أو فقره فنفقة الولد على الجدّ للأب الذي هو أب دون أُمّ الولد ، خلافاً لبعض العامّة(6) حيث إنّه ذكر أنّ على الأمّ الثلث وعلى الجدّ الثلثان ، فإنْ فقد الجدّ أو كان معسراً فعلى أب الجدّ لأنّه أيضاً أب ، والترتيب بين الأب والجدّ وأب الجدّ إنّما هو باعتبار آية { وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
(1) سورة الأعراف : 7/172 .
(2) السنن الكبرى للبيهقي : 7/477 ، سنن الدارمي : 2/110 ح2256 .
(3) رياض المسائل : 7/241 ، جواهر الكلام : 31/380 .
(4) الوسائل : 21/525 ـ 526 ، أبواب النفقات ب11 .
(5) جواهر الكلام : 31/381 .
(6) المبسوط للسرخسي : 5/226 ـ 227 ، العزيز شرح الوجيز : 10/80 ، بدائع الصنائع : 3/444 .
(الصفحة619)
بِبَعْض}(1) وباعتبار قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخبر السابق : خذوا بنفقة أقرب الناس منه في العشيرة كما يأكل ميراثه(2) . وإن كان لا يمكن الالتزام بهذه الضابطة; لاقتضائها تقدّم الأُمّ على الجدّ للأب ، ولا يلتزمون به ، ولو عدمت الآباء أو كانوا أجمع معسرين ولم يكن ثمّ ولد ولو أُنثى أو كان معسراً أيضاً فعلى أُمّ الولد الّتي هي أقرب النّاس إليه حينئذ ، ومشاركة للرجل في وجوب النفقة على الولد المعسر بقاعدة الإشتراك في الحكم .
ومع عدمها أو إعسارها فعلى أبيها واُمّها ، وإن علوا الأقرب فالأقرب وإن كان الأقرب اُنثى والأبعد ذكراً بلا خلاف فيه ، بل عن جماعة الإجماع عليه(3) . ومع التساوي في الدرجة يشتركون فيه بالسويّة وإن اختلفوا في الذكورة والأُنوثة; للإجماع(4) ظاهراً ، أو لأنّ المتفاهم من دليل الإنفاق مع الإتّحاد في الرتبة بالإضافة إلى المنفق ذلك .
قال صاحب الجواهر(قدس سره) : ولولاه لأمكن القول بالوجوب كفاية ، أو يكون التخيير بيد المنفَق عليه ، نحو رجوع المالك على ذوي الأيدي أو بالقرعة لتعيين من يُنفق منهم(5) .
هذا ، ولكنّ المتفاهم من الدليل ما ذكر ، مضافاً إلى الإجماع المزبور ، فلا مفرّ منه كما لا يخفى .
(1) سورة الأنفال: 8/75.
(2) في ص605 .
(3) رياض المسائل : 7/274 .
(4) رياض المسائل : 7/274 ، جواهر الكلام : 31/381 .
(5) جواهر الكلام : 31/381 .
(الصفحة620)
وفي حكم آباء الأُمّ وأُمهاتها أُمّ الأب وكلّ من تقرّب إلى الأب بالأُمّ ، كأبي أُمّ الأب واُمّ اُمّه واُمّ أبيه وهكذا ، فإنّه تجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه واُمّه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلى الولد ، وظهر ممّا ذكرنا حال الأمثلة المذكورة في المتن ، هذا في الأُصول .
وأمّا الفروع : أي بالإضافة إلى المنفق المبحوث عنه في هذه الجهة ، فتجب نفقة الوالدين عند الإعسار على الولد الموسر ذكراً كان أو اُنثى ، ومع عدمه أو إعساره فعلى ولد الولد كذلك مطلقاً ، أي سواء كان ولد الإبن أو ولد البنت ، وهكذا الأقرب فالأقرب تشاركوا بالسويّة للدليل المتقدّم .
هذا ، ومع اجتماع الأُصول والفروع كما إذا كان له أب وابن معسرين ولم يقدر على نفقتهما جميعاً اشتركا بالسويّة ، كما إذا كان له ابن ابن وجدّ لأب فالحكم كذلك ، بخلاف ما إذا كان له ابن وجدّ لأب ، فإنّ الابن مقدّم لتقدّم رتبته على رتبة الجدّ ، كـما أنّه إذا كان له اُم وابن إبن تكون الأُمّ متقدّمة ، إنّما الإشكال فيما إذا اجتمعت الأُمّ مع الإبن أو البنت .
وقد احتاط في المتن وجوباً بالتراضي والتسالم على الإشتراك بالسويّة ، ووجه الإشكال كون الاُم والإبن في رتبة واحدة ، ولذا يرثان معاً في باب الإرث ، وكون الإبن مقدّماً على الجدّ الذي هو مقدّم على الأمّ ، وقد قوّاه صاحب الجواهر(قدس سره)(1) .
ولكن مقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن في القواعد فيما لو كان له اُمّ وبنت
(1) جواهر الكلام : 31/385 .
(الصفحة621)
احتمل التشريك(1) . أي إمّا بالسويّة أو على نسبة الميراث واختصاص البنت بالنفقة ، وعلّله في الجواهر بعد ما قوّاه بأنّه من كسبه وبوجود ما يدلّ على عدم الوجوب على الأُمّ من الكتاب(2) والسنّة(3) . بخلاف البنت المأمورة بالمصاحبة بالمعروف ، التي هي أقرب وأكثر ميراثاً .
أقول : والظاهر اتّحاد حكمها مع الإبن وجريان الاحتياط المذكور فيها هنا ، وإن اختصّت البنت بثبوت الفرض لها في باب الميراث .
وأمّا الجهة الثانية : الراجعة إلى ترتيب المنفَق عليه ، فقد عرفت(4) أنّ نفقة النفس مقدّمة حتى على نفقة الزوجة ، وبعدها نفقة الزوجة ، لكن وقع البحث في أنّ نفقة المملوك هل تكون متقدّمة على نفقة الزوجة أم متأخّرة عنها؟ الظاهر هو الأوّل; لأنّ نفقة المملوك من شؤون نفقة النفس ، كإنفاق الخادم أو الحيوانات المملوكة له ، المحتاج إليها في كسبه وتعيّشه ، كما لا يخفى . ونفقة الأقارب في الرتبة المتأخّرة ، لكنّه إذا كـان موسراً قادراً على نفقة الجميع يجب عليه إنفاقهم مع القدرة عليه ، ومع الإعسار والقصور فهم مترتّبون يُراعى الأقرب منهم فالأقرب ، وإن كان قريبان أو أزيد في مرتبة واحدة ولا يكفي ما عنده للجميع ، وقد استقرب في المتن أنّه يقسم بينهم بالسويّة مع إمكانه وإمكان انتفاعهم به ، وإلاّ فالرجوع إلى القرعة ، بل قيل : إنّه لولا عدم ظهور المخالف في الإشتراك مع الانتفاع الذي لم يحصل به سدّ الخلّة لأمكن القول بالقرعة فيه أيضاً; لأنّه هو المكلّف به المنفق ،
(1) قواعد الأحكام : 2/58 .
(2) سورة الطلاق : 65/6 .
(3) الوسائل : 21/525 ـ 526 ، أبواب النفقات ب11 .
(4) في ص602 .
(الصفحة622)
مسألة 13 : لو كان له ولدان ولم يقدر إلاّ على نفقة أحدهما وكان له أب موسر ، فإن اختلفا في قدر النفقة وكان ما عنده يكفي لأحدهما بعينه كالأقلّ نفقه اختصّ به وكان الآخر على الجدّ ، وإن اتّفقا في مقدارها ، فإن توافق مع الجدّ في أن يشتركا أو يختصّ كلٌّ بواحد فهو ، وإلاّ رجعا إلى القرعة1.
والفرض عدم تمكّنه إلاّ من واحد .
هذا ، ولكن حصول سدّ الخلّة في الجملة بالإضافة إلى الجميع أولى من حصوله كاملا بالنسبة إلى واحد مثلا ومحروميّة الآخر مطلقاً .
1 ـ لو كان له ولدان معسران فإن قدر على نفقة كليهما فهو ، ولا فرق في هذا الفرض بين أن يكون له أب موسر أم لا ، بل يجب عليه نفقة كلّ منهما بلا إشكال ، وإن لم يقدر إلاّ على نفقة أحدهما ، فتارة تكون نفقتهما متّحدتين في المقدار ، واُخرى تكونان مختلفتين ، كما أنّه تارة يكون له أب موسر وأُخرى لا يكون كذلك .
ففي الصورة الأولى : يختص الأقلّ نفقة به ويكون نفقة الآخر على أب الأب ، الذي فرض أنّه موسر يقدر على إنفاقه .
وفي الصورة الثانية : وهي الإتّفاق في المقدار ، فإن وقع التوافق مع الجدّ في أن يشتركا أو يختصّ كلّ بواحد ، وإلاّ يجب رجوعهما إلى القرعة ، أمّا صورة التوافق والتراضي فواضحة ، وأمّا مع عدم التراضي فليس هنا طريق إلاّ القرعة الّتي هي لكلّ أمر مشكل ، سيّما حقوق الناس ، كما أنّه لو لم يكن هنا أب موسر أصلاً ، ولم يقد إلاّ على نفقة أحدهما ، فمع عدم تراضي الولدين إلاّ بنفقة نفسه ، فقد عرفت أنّ الأقوى فيه الرجوع إلى القرعة .
أقول : ذكر صاحب الجواهر بعد ذكر مسألة المتن وحكمه بنحوه : أنّه قد يكون
(الصفحة623)
مسألة 14 : لو امتنع من وجبت عليه النفقة عنها أجبره الحاكم ، ومع عدمه فعدول المؤمنين ، ومع فقدهم ففسّاقهم ، وإن لم يمكن إجباره فإن كان له مال أمكن للمنفق عليه أن يقتصّ منه مقدارها جاز للزوجة ذلك دون غيرها إلاّ بإذن الحاكم ، فمعه جاز له الأخذ وإن لم يكن اقتصاصاً ، وإن لم يكن له مال كذلك أمر الحاكم بالاستدانة عليه ، ومع تعذّر الحاكم يشكل الأمر1.
ذلك مؤيّداً لِما ذكرناه سابقاً فيما لو تعدّد المنفق الّذي حكموا فيه بالإشتراك فيها ، ضرورة أنّه يأتي فيه مثل ما هنا من احتمال القرعة ، وإلاّ كان المتّجه فيه الإشتراك وإن كان الموضوع في المسألتين مختلفاً ، فتأمّل جيّداً(1) .
قلت : ولعلّ الفرق توجّه الخطاب بالإنفاق هناك إلى أزيد من واحد في رتبة واحدة ، أو إلى واحد لا محالة يكون كذلك ، وهنا يكون المخاطب متعدّداً وإن وجب الإنفاق على كلّ منهما مع اليسار ، فاحتمال القرعة هنا أقوى ممّا هناك ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ إذا امتنع من وجبت النفقة عنها متّحداً أو متعدّداً أجبره الحاكم حسبة ، ومع عدمه فعدول المؤمنين ، ومع عدمهم ففسّاقهم; لأنّه أمرٌ لا يرضى الشارع بتركه ، وربّما يوجب الترك الوقوع في الهلاك ، مع أنّ حفظ النفس المحترمة من أهمّ الواجبات والفرائض . وإن لم يمكن إجباره ، فإن كان له مال أمكن للمنفَق عليه المقاصّة بمقدار النفقة ، فبالإضافة إلى الزوجة تجوز المقاصّة ولو مع عدم إذن الحاكم; لعدم توقّف المقاصّة المشروعة على إذن الحاكم ، وبالنسبة إلى الزوجة حيث يكون الإنفاق حقّاً لها عليه ـ ولذا يجب القضاء عن النفقة المتروكة ولو مع يسارها وغناها ـ لا تتوقّف المقاصّة على إذن الحاكم كما سيأتي في ذيل كتاب
(1) جواهر الكلام : 31/388 .
(الصفحة624)
مسألة 15 : تجب نفقة المملوك حتى النحل ودود القزّ على مالكه ، ولا تقدير لنفقة البهيمة مثلا ، بل الواجب القيام بما تحتاج إليه من أكل وسقي
القضاء(1) إن شاء الله تعالى .
وأمّا بالإضافة إلى غير الزوجة فيحتاج إلى إذن الحاكم; لعدم صدق المقاصّة بعد عدم كون النفقة حقّاً على المنفق يجب قضاؤه لو ترك كما عرفت(2) فيما سبق ، لكن حيث إنّ إهمالها ربّما يوجب الترك لوقوع الهلاك يجوز للحاكم أن يأذن للمنفَق عليه الاستفادة من مال المنفَق مع عدم إمكان إجباره على أن ينفق بنفسه .
وإن لم يكن له مال يمكن للمنفَق عليه المقاصّة منه بمقدار النفقة أمر الحاكم بالاستدانة عليه بالنحو المذكور سابقاً(3) . ومع تعذّر الوصول إلى الحكم أو تعسّره جدّاً فقد استشكل في المتن ، ولكنّه قال في محكي المسالك : ولو لم يقدر على الوصول إلى الحاكم ففي جواز استقلاله بالاستقراض عليه أو البيع من ماله مع امتناعه أو غيبته وجهان : أجودهما الجواز; لأنّ ذلك من ضروب المقاصّة حيث يقع أخذ القريب في الوقت والزوجة مطلقاً(4) .
ولكن قد عرفت عدم صدق المقاصّة بالإضافة إلى القريب ، مع أنّ الكلام فيما إذا لم يمكن للمنفَق عليه المقاصّة من مال المنفِق فانحصر الطريق في بالإستقراض ، والمفروض تعذّر الوصول إلى الحاكم أو تعسّره ، فالظاهر جواز الاستدانة عليه بنفسه ، كما لا يخفى .
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 377 ـ 378 .
(2 ، 3) في ص614 ـ 616 .
(4) مسالك الأفهام : 8/497 .
(الصفحة625)
ومكان رحل ونحو ذلك ، ومالكها بالخيار بين علفها وبين تخليتها لترعى في خصب الأرض ، فإن اجتزأت بالرعي وإلاّ علّفها بمقدار كفايتها1.
1 ـ لا خلاف في أنّه تجب نفقة العبد المملوك على مالكه ، ويدلّ عليه روايات كثيرة :
منها : صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : خمسة لا يعطون من الزكاة شيئاً : الاُب والأم والولد والمملوك والمرأة ، وذلك أنّهم عياله لازمون له(1) . ومثلها رواية ابن الصلت(2) مضافاً إلى قوله تعالى : { كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ}(3) .
نعم في الكسوب يكون المولى بالخيار في الإنفاق عليه من ماله أو من كسبه ، بل قد عرفت(4) أنّه يمكن أن يُقال بتقدّم نفقة العبد المملوك على نفقة الزوجة; لأنّها من شؤون نفقة النفس ، وعدم تعرّض الماتن(قدس سره) لنفقة العبد المملوك بالخصوص لعلّه لأجل عدم وجود المملوك في هذه الأزمنة في بلادنا ، كما هو دأبه في هذا الكتاب في موارد أُخر ، وتجب نفقة غير العبد من البهيمة وغيرها حتى النحل ودود القزّ ، والواجب القيام بما تحتاج إليه من أكل وسقي ومكان رحل ونحو ذلك وإن كان هذه الأمور غصبيّة ، فإنّ حُرمة الغصب والتصرّف في المال المغصوب أمرٌ ، ووجوب الإنفاق على الدّابة المملوكة أمر آخر ، بل لا يلزم في ذلك ملكيّة العين ، فلو استأجر دابّة في أيّام معيّنة أو إستعارها يكون الأمر كذلك ، والمالك بالخيار بين علفها وبين
(1) الكافي : 3/552 ح5 ، التهذيب : 4/56 ح150 ، الإستبصار : 2/33 ح101 ، الوسائل : 9/240 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب13 ح1 .
(2) علل الشرائع : 371 ح1 ، الوسائل : 9/241 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب13 ح4 .
(3) سورة النحل : 16/76 .
(4) في ص621 .
(الصفحة626)
مسألة 16: لو امتنع المالك من الإنفاق على البهيمة ولوبتخليتهاللرعي الكافي لها أُجبر على بيعها أو الإنفاق عليها أو ذبحها إن كانت ممّا يقصد اللحم بذبحها1.
تخليتها لترعى في خصب الأرض مشروطاً باجتزائها بالرعي ، وإلاّ علفها بمقدار كفايتها ، والوجه فيه واضح .
1 ـ لو امتنع المالك من الإنفاق على البهيمة مطلقاً ولو بتخليتها للرعي الكافي أو عدم إطلاّعها على المرعى أُجبر على أحد أُمور ثلاثة :
الإنفاق ، أو البيع ممّن يقوم بنفقتها ، أو الذبح إن كان لحمها مقصوداً بالذبح; لأنّه ليس هنا طريق آخر لبقاء حياتها ، كما لا يخفى .
وقد وقع الفراغ بعنايته تعالى من تسويد هذه الأوراق بيد العبد المفتاق إلى رحمة ربّه الغني : محمّد الفاضل اللنكراني إبن العلاّمة الفقيه الفقيد آية الله الشيخ فاضل اللنكراني ، تغمّده الله بغفرانه وأسكنه بحبوحات جنانه ، وكان ذلك في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1419 القمريّة من الهجرة ، على هاجرها آلاف الثناء والتحية . ويظنّ قويّاً بل يطمئنّ بكون ليلتها هي ليلة القدر الّتي جعلها الله تعالى خيراً من ألف شهر ، على ما ينصّ به الكتاب العزيز النازل في ليلة القدر ، وذلك يظهر بملاحظة الآداب والأدعية والخصوصيّات المربوطة بهذه الليلة ، والتعبيرات الواردة فيها من استحباب الغسل فيها مرّتين أولّ اللّيلة وآخرها ، واستحباب قراءة سورة القدر ألف مرّة ، واستحباب دعاء «ياربّ ليلة القدر وجاعلها خيراً من ألف شهر» واستحباب قراءة ثلاث سور خاصّة من الكتاب العزيز(1) يشتمل بعضها على قوله تعالى : {إنَّا أَنزَلنَاهُ فِي لَيلَة
(1) الوسائل : 10/350 ـ 362 ، أبواب أحكام شهر رمضان ب 31 ـ 34 ، البحار : 97/1 ـ 25 .
(الصفحة627)
مُبَارَكَة إنّا كنّا مُنذِرين * يُفرَقُ فِيَها كُلُّ أَمر حَكِيم}(1) وهي ليلة الجهني ، الذي هو عبدالله بن أنيس الأنصاري ، الذي سأل النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يعيّن له ليلة في السنة ليمكن له فيها الحضور في المدينة والاشتراك مع الناس في الاستفادة من النبي (صلى الله عليه وآله) ، فعيّن له الليلة المذكورة(2) ، وعدم تعيينها في الروايات بعنوانها الخاصّ لعلّه لأجل عدم الاكتفاء بالإحياء والعبادة في ليلة واحدة فقط ، كما يُشعر به الجواب عن سؤال التعيين : بأنّه ما أيسر ليلتين فيما تطلب(3) . ومن الأدعية المهمّة الّتي ينبغي أن يتوجّه إليها الإنسان ويدعوه بها ما ذكره الإمام الماتن الراحل الخميني قدّس الله نفسه الشريفة ، دعاء أن يرزقه الله سرّ ليلة القدر وسرّ نزول القرآن في ليلة القدر ، فإنّ فهم سرّهما من المعضلات والمشكلات ، إلاّ أن يكتفى بما يدلّ عليه ظاهر الكتاب والسنّة ، ونضيف إليه الدعاء لدرك هذه الليلة في سنوات متعدّده متكثّرة إن شاء الله تعالى ، بحقّ محمّد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين .
(1) سورة الدخان : 44/4 .
(2) التهذيب : 4/330 ح 1032 ، الوسائل : 10/359 ، أبواب احكام شهر رمضان ب 32 ح 16 .
(3) الكافي : 4/156 ح 2 ، الوسائل : 10/355 ، أبواب أحكام شهر رمضان ب32 ح 3 ، ويراجع الوسائل : 10/354 ب 32 .
|