(الصفحة41)
المبحث الرابع : الأغسال
والواجب منه لغيره عقلا غسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، ومسّ الأموات ، والواجب لنفسه ، غسل الأموات ، فهنا مقاصد :
المقصد الأول : غسل الجنابة
وفيه فصول
الفصل الأوّل : ما تتحقّق به الجنابة
سبب الجنابة أمران :
الأمر الأوّل: خروج المني من الموضع المعتاد ولو في حال النوم أو الاضطرار .
(مسألة189): إن عرف المني فلا إشكال ، وإن لم يعرف فالشهوة والدفق وفتور الجسد أمارة عليه ، ومع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منيّاً ، وفي المرأة والمريض تكفي صفة الشهوة فقط ، لكن الاحتياط سيّما في المرأة لا ينبغي تركه ، بل الأحوط مع عدم اجتماع الثلاث الغسل والوضوء إذا كان مسبوقاً بالحدث الأصغر ، والغسل وحده إن كان مسبوقاً بالطهارة .
(مسألة190): من وجد على بدنه أو ثوبه منيّاً وعلم أنّه منه بجنابة لم يغتسل وجب عليه الغسل ، ويعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة ، دون ما يحتمل سبقها عليها وإن علم تاريخ الجنابة وجهل تاريخ الصلاة ، وإن كانت الإعادة لها أحوط استحباباً ، وإن لم يعلم أنّه منه لم يجب عليه شيء .
(مسألة191): إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كلّ منهما أنّها من أحدهما
(الصفحة42)
ففيه صورتان :
الاُولى: أن تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالنسبة إلى العلم بالجنابة إجمالا ، وذلك كحرمة استئجاره لدخول المسجد ، أو للنيابة عن الصلاة عن ميّت مثلا ، ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم ، فيجب على نفسه الغسل ، ولا يجوز له استئجاره لدخول المسجد ، أو للنيابة في الصلاة ، نعم لابدّ له من التوضّئ أيضاً ، تحصيلا للطهارة لما يتوقّف عليها .
الثانية: أن لا تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالا ، ففيها لا يجب الغسل على أحدهما ، لا من حيث تكليف نفسه ، ولا من حيث تكليف غيره إذا لم يعلم بالفساد ، أمَّا لو علم به ولو إجمالا لزمه الاحتياط ، فلا يجوز الائتمام لغيرهما بأحدهما فضلا عن الائتمام بكليهما ، أو ائتمام أحدهما بالآخر ، كما لا يجوز لغيرهما استنابة أحدهما في صلاة ، أو غيرها ممّا يعتبر فيه الطهارة .
(مسألة192): البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني وقبل الاستبراء بالبول فيما إذا كانت جنابته بالإنزال بحكم المنيّ ظاهراً .
الأمر الثاني: الجماع ولو لم ينزل ، ويتحقّق بدخول الحشفة في القبل أو الدبر ، ويكفي في مقطوع الحشفة مسمّى الدخول ، وفي مقطوع بعض الحشفة دخول تمام المقدار الباقي منها .
(مسألة193): إذا تحقّق الجماع تحقّقت الجنابة للفاعل والمفعول به ، من غير فرق بين الصغير والكبير ، والعاقل والمجنون ، والقاصد وغيره ، بل الظاهر ثبوت الجنابة للحيّ إذا كان المفعول ميّتاً .
(مسألة194): إذا خرج المني بصورة الدم ـ بمعنى كون حقيقته هيالمنيّ والصورة صورة الدم ، أو بما يشمل صورة الامتزاج ـ وجب الغسل بعد
(الصفحة43)
العلم بكونه منيّاً .
(مسألة195): إذا تحرّك المنيّ عن محلّه بالاحتلام ولم يخرج إلى الخارج ، لا يجب الغسل .
(مسألة196): يجوز للشخص إجناب نفسه بإتيان أهله بالجماع طلباً للّذة أو خوفاً على النفس ، وفي غيره الجواز محلّ تأمّل ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت . نعم، إذا لم يتمكّن من التيمّم أيضاً لا يجوز ذلك ، وأمَّا في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضّئاً ـ ولم يتمكّن من الوضوء لو أحدث ـ أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت .
(مسألة197): إذا شكّ في أنّه هل حصل الدخول أم لا ، لا يجب عليه الغسل ، وكذا لا يجب لو شكّ في أنّ المدخول فيه فرج ، أو دبر ، أو غيرهما .
(مسألة198): الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة دون قبلها إلاّ مع الإنزال ، فيجب عليه الغسل دونها ، إلاّ أن تنزل هي أيضاً ، ولو أدخلت الخنثى في الرجل ، أو الاُنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطىء ولا على الموطوء ، وإذا أدخل الرجل بالخنثى ، وتلك الخنثى بالاُنثى ، وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والاُنثى .
الفصل الثاني : ما يتوقّف على الغسل من الجنابة
وهي اُمور :
الأوّل: الصلاة مطلقاً ، عدا صلاة الجنائز . وكذا أجزاؤها المنسيّة ، بل سجود السهو على الأحوط استحباباً .
الثاني: الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً .
الثالث: صوم شهر رمضان وقضائه ، بمعنى أنّه لو تعمّد البقاء على الجنابة
(الصفحة44)
حتّى طلع الفجر بطل صومه ، وكذا لو نسي الجنابة حتّى دخل الفجر في شهر رمضان ، والأحوط بطلان قضائه بالإصباح جنباً مطلقاً .
الرابع: مسّ خطّ القرآن الشريف ، ومسّ اسم الله تعالى ، على ما تقدّم في الوضوء .
الخامس: اللبث في المساجد ، بل مطلق الدخول فيها ، وإن كان لوضع شيء فيها ، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز ومن خارجها ، ويجوز الدخول لأخذ شيء منها ، كما يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا والخروج من آخر ، إلاّ في المسجدين الشريفين ـ المسجد الحرام ، ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله) ـ ، والمشاهد المشرّفة كالمساجد على الأحوط ، وأحوط من ذلك إلحاقها بالمسجدين ، كما أنّ الأحوط فيها إلحاق الرواق بالروضة المشرّفة .
السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم ، وهي : ـ ألم السجدة ، وحم السجدة ، والنجم ، والعلق ـ والأقوى إلحاق تمام السورة بها حتّى بعض البسملة .
(مسألة199): لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب ، وإن لم يصلّ فيه أحد ، ولم تبق آثار المسجديّة . نعم، في مساجد الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهبت آثار المسجديّة بالمرّة يمكن القول بخروجها عنها .
(مسألة200): ما يشكّ في كونه جزءاً من المسجد من صحنه وحجراته ومنارته وحيطانه ونحو ذلك لا تجري عليه أحكام المسجديّة .
(مسألة201): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة ، بل الإجارة فاسدة ، ولا يستحقّ اُجرة المسمّـاة ، هذا إذا علم الأجير بجنابته ، وأمّا إذا كان جاهلا أو ناسياً استحقّ الاُجرة .
(مسألة202): مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرّمات المذكورة إلاّ إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة .
(الصفحة45)
الفصل الثالث : ما يكره على الجنب
قد ذكروا أنّه يكره للجنب الأكل والشرب إلاّ بعد الوضوء ، أو المضمضة والاستنشاق ، ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم ، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً ، ويكره أيضاً مسّ ما عدا خطّ المصحف ، والنوم جنباً ، إلاّ أن يتوضأ أو يتيمّم بدل الغسل إن لم يكن له الماء ، والخضاب ، رجلا كان أو امرأة ، ويكره التدهين ، وكذا الجماع إذا كانت جنابته بالاحتلام ، وحمل المصحف وتعليقه .
الفصل الرابع : واجبات غسل الجنابة
منها: النيّة ، ولابد فيها من الاستدامة إلى آخر الغسل .
ومنها: غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقّق به مسمّـاه ، فلابدّ من رفع الحاجب وتخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلاّ بالتخليل ، والأحوط وجوباً غسل ما يشكّ في أنّه من الباطن أو الظاهر ، إلاّ إذا علم سابقاً أنّه من الباطن ثمّ شك في تبدّله ، ويجب غسل الشعر مطلقاً على الأحوط .
ومنها: الإتيان بالغسل على إحدى كيفيّتين :
أُولاهما: الترتيب ، بأن يغسل أوّلا تمام الرأس ، ومنه العنق ، ثمّ الطرف الأيمن من البدن ، ثمّ الطرف الأيسر ، والأحوط استحباباً أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانياً مع الأيمن ، والنصف الأيسر مع الأيسر ، والسرّة والعورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ، ونصفهما الأيسر مع الأيسر ، ولا ترتيب هنا بين أجزاء كلّ عضو ، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى ، كما أنّه لا كيفيّة مخصوصة للغسل هنا ، بل يكفي المسمّى كيف كان .
ثانيتهما: الارتماس ، وهو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل
(الصفحة46)
غسل تمام البدن فيها ، فيخلّل شعره فيها إن احتاج إلى ذلك ، ويرفع قدمه عن الأرض إن كانت موضوعة عليها ، والأحوط وجوباً أن يحصل جميع ذلك في زمان واحد عرفاً .
(مسألة203): النيّة في هذه الكيفيّة يجب أن تكون مقارنة لتغطية تمام البدن .
(مسألة204): لا يعتبر خروج البدن كلاًّ أو بعضاً من الماء ثمّ رمسه بقصد الغسل ، ولو ارتمس في الماء لغرض ونوى الغسل بعد الارتماس ، وحرّك بدنهتحت الماء كفى على الأقوى ، وإن كان الأحوط خروج شيء من البدن بل معظمه من الماء .
ومنها: إطلاق الماء ، وإباحته ، وطهارته ، والمباشرة اختياراً ، وعدم المانع من استعمال الماء من مرض ونحوه ، وطهارة العضو المغسول على نحو ما تقدّم في الوضوء ، وقد تقدّم فيه أيضاً التفصيل في اعتبار إباحة الإناء ، والمصبّ ، والمكان ، وحكم الجبيرة ، والحائل وغيرهما من أفراد الضرورة ، وحكم الشك ، والنسيان ، وارتفاع السبب المسوِّغ للوضوء الناقص في الأثناء ، وبعد الفراغ منها ، فإنّ الغسل كالوضوء في جميع ذلك . نعم، يفترق عنه في جواز المضيّ مع الشكّ بعد التجاوز وإن كان في الأثناء ، وفي عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي .
(مسألة205): الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي .
(مسألة206): العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي محلّ إشكال بلمنع. نعم، الظاهر الجواز في العكس من دون فرق بين النحوين المذكورين فيالارتماسي .
(مسألة207): يجوز الارتماس فيما دون الكرّ مع طهارة البدن ، وإن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر .
(مسألة208): إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت ، فتبيّن ضيقه ، فغسله صحيح .
(الصفحة47)
(مسألة209): ماء غسل المرأة من الجنابة ، أو الحيض ، أو نحوهما ، على زوجها على الأظهر .
(مسألة210): إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله واغتسل ولم يستحضر النيّة تفصيلا ، كفى ذلك في نيّة الغسل إذا كان بحيث لو سُئل ماذا تفعل؟ لأجاب بأنه يغتسل ، أمّا لو كان يتحيّر في الجواب بطل ; لانتفاء النيّة .
(مسألة211): إذا كان قاصداً عدم إعطاء العوض للحمّامي ، أو كان بناؤه على إعطاء الأموال المحرّمة ، أو على تأجيل العوض مع عدم إحراز رضى الحمّامي بطل غسله وإن استرضاه بعد ذلك .
(مسألة212): إذا ذهب إلى الحمّام ليغتسل ، وبعد الخروج شكّ في أنّه اغتسل أم لا ، بنى على العدم ، ولو علم أنّه اغتسل ، لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا ، بنى على الصحّة .
(مسألة213): إذا كان ماء الحمّام مباحاً ، لكن سخن بالحطب المغصوب ، لا مانع من الغسل فيه .
(مسألة214): لا يجوز الغسل في حوض المدرسة ، إلاّ إذا علم أو اطمئنّمن جهة جريان العادة بذلك أو غيره بعموم الوقفيّة أو الإباحة ، نعم إذا كان الاغتسال فيه لأهلها من التصرّفات المتعارفة الكاشفة عن عموم الإذن أو الوقف جاز .
(مسألة215): الماء الذي يسبلونه لا يجوز الوضوء ولا الغسل منه إلاّ مع العلم بعموم الإذن .
(مسألة216): لبس المئزر الغصبي حال الغسل وإن كان محرّماً في نفسه ، لكنّه لا يوجب بطلان الغسل .
(الصفحة48)
الفصل الخامس : مستحبات غسل الجنابة وأحكامه
قد ذكر العلماء(قدس سرهم) أنّه يستحبّ غَسل اليدين أمام الغُسل من المرفقين ثلاثاً ، ثمّ المضمضة ثلاثاً ، ثمّ الاستنشاق ثلاثاً ، وإمرار اليد على ما تناله من الجسد خصوصاً في الترتيبي ، بل ينبغي التأكّد في ذلك ، وفي تخليل ما يحتاج إلى التخليل ، ونزع الخاتم ونحوه ، والاستبراء بالبول قبل الغسل .
(مسألة217): الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحّة الغسل ، لكن إذا تركه واغتسل ثمّ خرج منه بلل مشتبه بالمني جرى عليه حكم المنيّ ظاهراً ، فيجب الغسل له كالمني ، سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول أم لا ، إلاّ إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى .
(مسألة218): إذا بال بعد الغسل ولم يكن قد بال قبله لم تجب عليه إعادة الغسل وإن احتمل خروج شيء من المني مع البول .
(مسألة219): إذا دار أمر بلل مشتبه بين البول والمني بعد الاستبراء بالبول والخرطات ، فإن كان متطهّراً من الحدثين وجب عليه الغسل والوضوء معاً ، وإن كان محدثاً بالأصغر وجب عليه الوضوء فقط .
(مسألة220): يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء لكلّ ما اشترط به ، وكذا سائر الأغسال الواجبة عدا غسل الاستحاضة المتوسّطة ، كما يجزئ الأغسال المندوبة التي ثبت استحبابها.
(مسألة221): إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل ، وشكّ في أنّه استبرأ بالبول ، أم لا ، بنى على عدمه ، فيجب عليه الغسل .
(مسألة222): لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص والاختبار ، وأن يكون لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى ، أو الظلمة ، أو نحو ذلك .
(الصفحة49)
(مسألة223): لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة ، فالأقوى عدم بطلانه ، نعم يجب عليه الوضوء بعده ، لكنّ الأحوط إعادة الغسل بعد إتمامه والوضوء بعده ، أو الاستئناف قاصداً به ما يجب عليه من التمام أو الإتمام والوضوء بعده ، وكذا في سائر الأغسال .
(مسألة224): إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل ، فإن كان مماثلا للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها ، أو المسّ في أثناء غسله ، فلا إشكال في وجوب الاستئناف ، وإن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمّه ويأتي بالآخر ، ويجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ارتماساً ، وأمّا في الترتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود على النحو المأمور به واقعاً ، ويجب الوضوء بعده .
(مسألة225): إذا شكّ في غسل الرأس والرقبة قبل الدخول في غسل البدن رجع وأتى به ، وإن كان بعد الدخول فيه لم يعتن ويبني على الإتيان به على الأقوى ، وكذا إذا شكّ في غسل الطرف الأيمن مع الدخول في غسل الطرف الأيسر .
(مسألة226): إذا غسل أحد الأعضاء ثمّ شكّ في صحّته وفساده ، فالظاهرأنّه لا يعتني بالشكّ ، سواء كان الشكّ بعد دخوله في غسل العضو الآخر ، أمكان قبله .
(مسألة227): إذا شكّ في غسل الجنابة بنى على عدمه ، وإذا شكّ فيه بعد الفراغ من الصلاة واحتمل الالتفات إلى ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحّة ، لكنّه يجب عليه الغسل للصلوات الآتية ، وإذا علم إجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله ، وجبت عليه إعادة الصلاة فقط .
(مسألة228): إذا كان يعلم إجمالا أنّ عليه أغسالا واجبة ، لكنّه لا يعلم بعضها بعينه ، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه ، وإذا قصد البعض المعيّن كفى عن غير المعيّن ، وإذا علم أنّ فيها غسل الجنابة لم يحتج إلى الوضوء .
(الصفحة50)
المقصد الثاني : غسل الحيض
وفيه فصول
الفصل الأوّل : تعريف الحيض وأحكامه
وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً ، وإذاإنصبّ من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلا ، فلا يبعد عدم كونهحيضاً ، وأمّا لو خرج فلا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقياً في باطن الفرج ولو بمقدار رأس إبرة .
(مسألة229): إذا افتضّت البكر فسال دم كثير وشكّ في أنّه من دم الحيض ،أو من العذرة ، أو منهما ، أدخلت قطنة وتركتها مليّاً ، ثمّ أخرجتها إخراجاًرفيقاً ، فإن كانت مطوّقاً بالدم فهو من العُذرة ، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض ، ولا يصحّ عملها بدون ذلك حتّى ولو لم تكن حائضاً ، إلاّ إذا تمشّى منها قصد القربة .
(مسألة230): إذا تعذّر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق من حيض ، أو عدمه ، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط لزوماً الجمع بين تروك الحائض ، وأعمال الطاهرة .
الفصل الثاني : سنّ من تحيض
كلّ دم تراه الصبيّة قبل بلوغها تسع سنين ولو بلحظة لا تكون له أحكام الحيض ، وإن كان بصفات الحيض ، وكذا المرأة بعد اليأس ، ويتحقّق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشيّة ، وستّين سنة في القرشيّة. ولو شكّت امرأة في أنّها
(الصفحة51)
قرشيّة أم لا فلا تترك الاحتياط ما بين خمسين إلى ستّين سنة .
(مسألة231): الأقوى اجتماع الحيض والحمل حتّى بعد استبانته ، لكن لا يترك الاحتياط فيما ترى بعد أوّل العادة بعشرين يوماً .
الفصل الثالث : أقل الحيض وأكثره
أقلّ الحيض ما يستمرّ ثلاثة أيّام ولو في باطن الفرج ، وليلة اليوم الأوّل كليلة الرابع خارجتان ، والليلتان المتوسّطتان داخلتان ، ولا يكفي وجوده في بعض كلّ يوم من الثلاثة ، ولا مع انقطاعه في الليل ، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم ، والأقوى اعتبار التوالي في الثلاثة ، وأكثر الحيض عشرة أيّام ، وكذلك أقلّ الطهر ، فكلّ دم تراه المرأة ناقصاً عن ثلاثة ، أو زائداً على العشرة ، أو قبل مضيّ عشرة من الحيض الأوّل فليس بحيض .
الفصل الرابع : أحكام ذات العادة
تصير المرأة ذات عادة بتكرّر الحيض مرّتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، فإن اتّفقا في الزمان والعدد ـ بأن رأت في أوّل كلّ من الشهرين المتواليين أو آخره سبعة أيّام مثلا ـ فالعادة وقتيّة وعدديّة ، وإن اتّفقا في الزمان خاصّة دون العدد ـ بأن رأت في أوّل الشهر الأوّل سبعة ، وفي أوّل الثاني خمسة ـ فالعادة وقتيّة خاصّة ، وإن اتّفقا في العدد فقط ـ بأن رأت الخمسة في أوّل الشهر الأوّل وكذلك في آخر الشهر الثاني مثلا ـ فالعادة عدديّة فقط .
(مسألة232): ذات العادة الوقتيّة ـ سواء أكانت عدديّة أم لا ـ تتحيّض بمجرّد رؤية الدم في العادة أو قبلها بيوم أو يومين ، وإن كان أصفر رقيقاً ، فتترك العبادة وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ، ولكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض
(الصفحة52)
لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة .
(مسألة233): غير ذات العادة الوقتيّة ، سواء أكانت ذات عادة عدديّة فقط ، أم لم تكن ذات عادة أصلا كالمبتدئة ، إذا رأت الدم وكان جامعاً للصفات ، مثل الحرارة ، والحمرة أو السواد ، والخروج بحرقة ، تتحيّض أيضاً بمجرّد الرؤية ، ولكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة ، وإن كان فاقداً للصفات فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيّام ، فإن استمرّ إلى ثلاثة أيّام حكم بأنّه حيض .
(مسألة234): إذا تقدّم الدم على العادة الوقتيّة بمقدار كثير ، فإن كان الدم جامعاً للصفات تحيّضت به أيضاً ، وإلاّ فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة حتّى يستمرّ الدم إلى ثلاثة أيّام ، فيحكم بأنّه حيض .
(مسألة235): الأقوى ثبوت العادة بالتمييز ، كما لو كانت المرأة مستمرّةالدم ، فرأت خمسة أيّام مثلا بصفات الحيض في أوّل الشهر الأوّل ، ثمّرأت بصفات الاستحاضة ، وكذلك رأت في أوّل الشهر الثاني خمسة أيّامبصفات الحيض ، ثمّ رأت بصفات الاستحاضة ، فحينئذ تصير ذات عادة عدديّةوقتيّة .
الفصل الخامس : حكم الدم في أيّام العادة
كلّ ما تراه المرأة من الدم أيّام العادة فتجعله حيضاً وإن لم يكن الدم بصفات الحيض ، وكلّ ما تراه في غير أيّام العادة ـ وكان فاقداً للصفات ـ فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة حتّى يستمرّ الدم ثلاثة أيّام ، فيحكم بأنّه كان حيضاً . وإذا رأت الدم ثلاثة أيّام وانقطع ، ثمّ رأت ثلاثة اُخرى أو أزيد ، فإن كان مجموع النقاء والدمين لا يزيد على عشرة أيّام كان الكلّ حيضاً واحداً ، والنقاء
(الصفحة53)
المتخلّل بحكم الدمين على الأقوى . وإن تجاوز المجموع عن العشرة ولكن لم يفصل بينهما أقلّ الطهر ، فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر ، كان ما في العادة حيضاً ، والآخر استحاضة مطلقاً . أمّا إذا لم يصادف شيء منهما العادة ـ ولو لعدم كونها ذات عادة ـ فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر ، جعلت الواجد حيضاً ، والفاقد استحاضة ، وإن تساويا ، سواء كان كلّ منهما واجداً للصفات أم لا ، جعلت الاُولى حيضاً وتحتاط في أيّام النقاء بين تروك الحائض وأعمال الطاهرة ، وفي الدم الثاني إلى العشرة بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة .
(مسألة236): إذا تخلّل بين الدمين أقلّ الطهر كان كلّ منهما حيضاً مستقلاًّ .
الفصل السادس : انقطاع الدم دون العشرة أو تجاوزه عنها
إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة، فإن احتملت بقاءه في الرحم استبرأت بإدخال القطنة وإخراجها بعد الصبر هنيئة ، فإن خرجت ملوّثة بقيت على التحيّض ، وإن خرجت نقيّة اغتسلت وعملت عمل الطاهر ، ولا استظهار عليها هنا حتّى مع ظنّ العود ، إلاّ مع اعتياد تخلّل النقاء على وجه تعلم أو تطمئنّ بعوده ، فعليها حينئذ ترتيب آثار الحيض ، والأولى لها في كيفيّة إدخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط أو نحوه ، رافعة إحدى رجليها ثمّ تدخلها ، وإذا تركت الاستبراء ولو من غير عذر ، واغتسلت وصلّت وصادف براءة الرحم صحّ غسلها وصلاتها مع فرض تحقّق قصد القربة منها .
(مسألة237): إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوّثة ، فإن كانت مبتدئة ، أو لم تستقرّ لها عادة ، أو عادتها عشرة ، بقيت على التحيّض إلى تمام العشرة ، أو يحصل النقاء قبلها . وإن كانت ذات عادة دون العشرة، فإن كان ذلك الاستبراء في أيّام العادة فلا إشكال في بقائها على التحيّض ، وإن كان بعد انقضاء العادة بقيت على
(الصفحة54)
الأحوط لزوماً على التحيّض استظهاراً يوماً واحداً ، وتخيّرت بعده في الاستظهار وعدمه إلى العشرة إلى أن يظهر لها حال الدم ، وأنّه ينقطع على العشرة أو يستمرّ إلى ما بعد العشرة ، فإن اتّضح لها الاستمرار قبل تمام العشرة اغتسلت وعملت عمل المستحاضة ، وإلاّ فالأحوط لها استحباباً الجمع بين أعمال المستحاضة وتروك الحائض .
(مسألة238): من تجاوز دمها عن العشرة ، فإن كانت ذات عادة وقتيّة وعدديّة تجعل ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات ، وتجعل الزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها . وإن كانت ذات عادة عدديّة فتأخذ بعادتها في العدد وتجعل الزائد استحاضة ، ولا ترجع إلى التمييز بالصفات . وإذا كانت ذات عادة وقتيّة فقط فتأخذ بعادتها في الوقت ، ومن حيث العدد تأخذ بالصفات ، وإن لم يكن تميّز بالصفات فترجع إلى عادة أقاربها مع اتّفاقهنّ في العدد، وإلاّ فتتحيّض بثلاثة أو ستّة أو سبعة أيّام .
(مسألة239): المبتدئة ، وهي المرأة التي ترى الدم لأوّل مرّة ، والمضطربة،وهي التي رأت الدم ولم تستقرّ لها عادة ، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة ، رجعت إلى التمييز ، بمعنى أنّ الدم المستمرّ إذا كان بعضه بصفات الحيض ،وبعضه فاقداً لها ، وجب عليها التحيّض بالدم الواجد للصفات ، بشرط عدمنقصه عن ثلاثة أيّام ، وعدم زيادته على العشرة . وإن لم تكن ذات تمييز ،فالمبتدئة ترجع إلى عادة أقاربها عدداً ، بشرط اتّفاقهن ، أو كون النادركالمعدوم ، والأحوط وجوباً في فرض التميّز بالصفات مع كون الدم الواجد للصفات أقلّ من ثلاثة أيّام أن تجعله حيضاً مع تتميمه بما بعده ، ومع كونهأكثر من عشرة أيّام أن تجعله حيضاً من أوّله إلى تمام عدد الأقارب ، وإناختلفن في العدد ، فالأظهر أنّها تتحيّض بثلاثة أو ستّة أو سبعة أيّام ،
(الصفحة55)
والأحوط وجوباً أن يكون من أوّل رؤية الدم ، إلاّ إذا كان مرجّح لغير الأوّل ، ولابدّ من موافقة الشهور ، فتختار في الشهر الثاني العدد الذي اختارته في الشهر الأوّل .
وأمّا المضطربة، فالأحوط مع فقد التمييز أن تجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة في التفاوت بين عادة الأقارب والسبعة .
(مسألة240): إذا كانت ذات عادة ونسيتها ، ثمّ رأت الدم ثلاثة أيّام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً . وإذا تجاوز الدم العشرة ، فإن كان الدم مختلفاً من جهة الصفات ، جعلت ما بصفات الحيض ـ إذا لم يقلّ عن ثلاثة أيّام ولم يزد عن عشرة أيّام ـ حيضاً ، وما بصفة الاستحاضة استحاضة ، وإن لم يختلف الدم في الصفة ، أو كان ما بصفة الحيض أكثر من عشرة أيّام فالأحوط أن تجعل سبعة أيّام من الأوّل حيضاً والباقي استحاضة .
الفصل السابع : أحكام الحيض
(مسألة241): يحرم على الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات ، كالصلاة ، والصوم ، والطواف ، والاعتكاف ، ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب .
(مسألة242): يحرم وطؤها في القبل عليها وعلى الفاعل ، بل قيل إنّه من الكبائر ، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً ، أمّا وطؤها في الدبر فالأقوى كراهته كراهة مغلّظة إذا كان برضاها ، وإلاّ فالأحوط وجوباً تركه . ولا بأس بالاستمتاع بها بغير ذلك وإن كره ما تحت المئزر ممّا بين السرّة والركبة ، وإذا نقيت من الدم جاز وطؤها وإن لم تغتسل ، ولا يجب غسل فرجها قبل الوطء ، وإن كان أحوط .
(الصفحة56)
(مسألة243): الأحوط وجوباً للواطئ الكفّارة عن الوطء في أوّل الحيض بدينار ، وفي وسطه بنصف دينار ، وفي آخره بربع دينار ، والدينار هو (18) حمّصة من الذهب المسكوك ، ويجوز إعطاء قيمة الدينار ، والمناط قيمة وقت الأداء ، ومع عدم القدرة يتصدّق على مسكين واحد بقدر شبعه ، ومع العجز عنه يستغفر . ولا شيء على الساهي ، والناسي ، والصبيّ ، والمجنون ، والجاهل غير المقصّر بالموضوع أو الحكم .
(مسألة244): لا يصحّ طلاق الحائض وظهارها إذا كانت مدخولا بها ـ ولو دبراً ـ وكان زوجها حاضراً ، أو في حكمه ، إلاّ أن تكون حاملا فلا بأس به حينئذ ، وإذا طلّقها على أنّها حائض فبانت طاهرة صحّ ، وإن عكس فسد .
(مسألة245): غسل الحيض كغسل الجنابة في الكيفية من الارتماس والترتيب ، والظاهر أنّه يجزئ عن الوضوء كغسل الجنابة .
(مسألة246): يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان ، ولا يجب عليها قضاء الصلاة اليومية، والأحوط وجوباً قضاء صلاة الآيات .
(مسألة247): الظاهر أنّها تصحّ طهارتها من الحدث الأكبر غير الحيض ، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صحّ ، وتصحّ منها الأغسال المندوبة حينئذ ، وكذلك الوضوء .
(مسألة248): يستحبّ لها التحشّي والوضوء في وقت كلّ صلاة واجبة والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ، ذاكرة لله تعالى ، والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع .
(مسألة249): يكره لها الخضاب بالحناء ، أو غيرها ، وحمل المصحف ، ولمس هامشه ، وما بين سطوره ، وتعليقه .
(الصفحة57)
المقصد الثالث : الاستحاضة
(مسألة250): دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة ، عكس دم الحيض ، وربّما كان بصفاته ، ولا حدّ لكثيره ولا لقليله ، ولا للطهر المتخلّل بين أفراده ، ويتحقّق قبل البلوغ وبعده ، وبعد اليأس ، وهو ناقض للطهارة بخروجه ولو بمعونة القطنة ، ويكفي في بقاء حدثيّته بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها .
(مسألة251): الاستحاضة على ثلاثة أقسام : قليلة ، ومتوسّطة ، وكثيرة .
الاُولى: ما يكون الدم فيها قليلا بحيث لا يغمس القطنة .
الثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك ; بأن يغمس القطنة ولا يسيل .
الثالثة: ما يكون فيها أكثر من ذلك ; بأن يغمسها ويسيل منها .
(مسألة252): يجب عليها الاختبار ـ حال الصلاة ـ بإدخال القطنة في الموضع المتعارف والصبر عليها قليلا . وإذا تركته عمداً أو سهواً وعملت ، فإن طابق عملها الوظيفة اللازمة لها وحصول قصد القربة صحّ ، وإلاّ بطل .
(مسألة253): حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها على الأحوط وجوباً ، ووجوب الوضوء لكلّ صلاة ، فريضة كانت أو نافلة ، دون الأجزاء المنسيّة وصلاة الاحتياط ، فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء أو غيره .
(مسألة254): حكم المتوسّطة ـ مضافاً إلى ما ذكر من الوضوء وتجديدالقطنة ، أو تطهيرها لكلّ صلاة على الأحوط ـ غسل قبل صلاة الصبح قبلالوضوء أو بعده .
(مسألة255): حكم الكثيرة ـ مضافاً إلى وجوب تجديد القطنة على الأحوط
(الصفحة58)
والغسل للصبح ـ غسلان آخران : أحدهما للظهرين تجمع بينهما ، والآخر للعشاءين كذلك ، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد ، ويكفي للنوافل أغسال الفرائض ، لكن يجب لكلّ صلاة منها الوضوء .
(مسألة256): إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين ، وإذا حدثت بعدهما وجب الغسل للعشاءين . وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين ـ وجب الغسل للمتأخّر منها ، وإذا حدثت قبل صلاة الصبح ولم تغتسل لها عمداً أو سهواً وجب الغسل للظهرين ، وعليها إعادة صلاة الصبح ، وكذا إذا حدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل والوضوء .
(مسألة257): إذا حدثت الكبرى بعد أن كانت صغرى بعد صلاة الصبح وجب غسل للظهرين ، وآخر للعشاءين ، وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين ، وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخّرة منهما .
(مسألة258): إذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع بُرء قبل الأعمال وجبت تلك الأعمال ولا إشكال، وإن كان بعد الشروع في الأعمال قبل الفراغ من الصلاة استأنفت الأعمال ، وكذا الصلاة إن كان الانقطاع في أثنائها ، وإن كان بعد الصلاة أعادت الأعمال والصلاة على الأحوط . وهكذا الحكم إذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة والصلاة ، بل يجب على الأحوط مطلقاً ، خصوصاً إذا كان في الأثناء .
(مسألة259): إذا علمت المستحاضة أنّ لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها ، وإذا صلّت قبلها بطلت صلاتها ولو مع الوضوء والغسل ، وإذا كانت الفترة في أوّل الوقت فأخّرت الصلاة عنها عمداً أو نسياناً عصت ، وعليها الصلاة بعد فعل وظيفتها .
(مسألة260): إذا انقطع الدم انقطاع برء وجدّدت الوظيفة اللازمة لها لم تجب
(الصفحة59)
المبادرة إلى فعل الصلاة ، بل حكمها حينئذ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة .
(مسألة261): إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين ولم تجمع بينهما عمداً أو لعذر وجب عليها تجديد الغسل للعصر ، وكذا الحكم في العشاءين .
(مسألة262): إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى ، كالقليلة إلى المتوسّطة ، أو إلى الكثيرة ، وكالمتوسّطة إلى الكثيرة ، فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال في أنّها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية ، وأمّا الصلاة التي فعلتها فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها ، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها الاستئناف وعمل الأعمال التي هي وظيفة الأعلى ، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة ، فتعمل أعمال الأعلى وتستأنف الصلاة ، بل يجب الاستئناف حتى إذا كان الانتقال من المتوسّطة إلى الكثيرة ، فيما إذا كانت المتوسّطة محتاجة إلى الغسل وأتت به ، فإذا اغتسلت ذات المتوسّطة للصبح ، ثمّ حصل الانتقال أعادت الغسل ، حتى إذا كان في أثناء الصبح ، فتعيد الغسل وتستأنف الصبح .
وإذا ضاق الوقت عن الغسل تيمّمت بدل الغسل وتوضأت وصلّت ، وإذا ضاق الوقت عن الوضوء أيضاً تيمّمت ثانياً بدل الوضوء ، وإذا ضاق الوقت عن ذلك أيضاً استمرّت على عملها ، لكن عليها القضاء على الأحوط .
(مسألة263): إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى استمرّت على عملها بالنسبة للصلاة الاُولى ، وتعمل عمل الأدنى بالنسبة إلى الباقي ، فإن انتقلت الكثيرة إلى المتوسّطة أو القليلة اغتسلت للظهر ، واقتصرت على الوضوء بالنسبة إلى العصر والعشاءين .
(مسألة264): يجب عليها المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل ، لكن يجوز لها الإتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري العادة بفعله قبل الصلاة ، أو يتوقّف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم العسر والمشقّة بدونه ، مثل
(الصفحة60)
الذهاب إلى المصلّى ، وتهيئة المسجد ، ونحو ذلك ، وكذا يجوز لها الإتيان بالمستحبّات في الصلاة .
(مسألة265): يجب عليها التحفّظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة ، وشدّه بخرقة ، ونحو ذلك ، فإذا قصّرت وخرج الدم أعادت الصلاة ، بل الأحوط وجوباً إعادة الغسل ، وكذا الوضوء .
(مسألة266): الأقوى توقّف صحّة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهاريّة في الكثيرة ، والأحوط توقّفها على غسل العشاءين في الليلة الماضية والأحوط استحباباً في المتوسطة توقّفه على غسل الفجر ، كما أنّ الأحوط استحباباً توقّف جواز وطئها على الغسل ، ويجوز لها دخول المساجد ، وقراءة العزائم ، ومسّ كتابة القرآن .
المقصد الرابع : النفاس
(مسألة267): دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها على نحو يعلم استناد خروج الدم إليها ، ولا حدّ لقليله ، وحدّ كثيره عشرة أيّام من حين الولادة ، وإذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاساً ، وإذا لم تر فيها دماً لم يكن لها نفاسٌ أصلا ، ومبدأ حساب الأكثر من حين تمام الولادة ، لا من حين الشروع فيها ، وإن كان جريان الأحكام من حين الشروع ، ولا يعتبر فصل أقلّ الطهر بين النفاسين ، كما إذا ولدت توأمين وقد رأت الدم عند كلّ منهما، بل النقاء المتخلّل بينهما طهر ولو كانت لحظة ، بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين أصلا ، كما إذا ولدت ورأت الدم إلى عشرة ، ثمّ ولدت آخر على رأس العشرة ، ورأت الدم إلى عشرة اُخرى ، فالدمان جميعاً نفاسان متواليان ، وإذا لم تر الدم حين الولادة ورأته قبل العشرة وانقطع
|