(الصفحة181)
باختلاطه بمنيّها ، وإذا شك في خارج أنّه منيّ أم لا اختبر بالصفات: من الدفق، والفتور، والشهوة ، فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منيّاً وإن لم يعلم بذلك ، ومع عدم اجتماعها ولو بفقد واحد منها لا يحكم به إلّا إذا حصل العلم . وفي المرأة والمريض يكفي اجتماع صفتين(1)؛ وهما الشهوة والفتور .
الثاني : الجماع وإن لم ينزل، ولو بإدخال الحشفة أو مقدارها(2) من مقطوعها في القبل أو الدبر، من غير فرق بين الواطئ والموطوء، والرجل والامرأة، والصغير والكبير، والحيّ والميّت، والاختيار والاضطرار، في النوم أو اليقظة، حتّى لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنّهما يجنبان ، وكذا لو أدخلت ذكر ميّت أو أدخل في ميّت ، والأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل والوضوء إن كان سابقاً محدثاً بالأصغر ، والوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة دون قبلها إلاّ مع الإنزال، فيجب الغسل عليه دونها إلاّ أن تنزل هي أيضاً ، ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الاُنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطىء ولا على الموطوء ، وإذا أدخل الرجل بالخنثى والخنثى بالأُنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والاُنثى .
[641] مسألة 1 : إذا رأى في ثوبه منيّاً وعلم أنّه منه ولم يغتسل بعده وجب عليه الغسل وقضاء ما تيقّن من الصلوات التي صلاّها بعد خروجه ، وأمّا الصلوات التي يحتمل سبق الخروج عليها فلا يجب قضاؤها ، وإذا شك في أنّ هذا
(1) بل يكفي صفة الشهوة فقط، لكن الاحتياط سيّما في المرأة لا ينبغي تركه، بل الأحوط مع عدم اجتماع الثلاث الغسل والوضوء إذا كان مسبوقاً بالحدث الأصغر، والغسل وحده إن كان مسبوقاً بالطهارة.
(2) الاكتفاء فيه بالمسمّى لا يخلو عن قوّة. نعم، في مقطوع بعض الحشفة لا يبعد أن يكون المدار على غيبوبة تمام المقدار الباقي منها.
(الصفحة182)
المنيّ منه أو من غيره لا يجب عليه الغسل وإن كان أحوط، خصوصاً إذا كان الثوب مختصّاً به ، وإذا علم أنّه منه ولكن لم يعلم أنّه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة اُخرى لم يغتسل لها لا يجب عليه الغسل أيضاً ، لكنّه أحوط .
[642] مسألة 2 : إذا علم بجنابة وغسل ولم يعلم السابق منهما وجب(1) عليه الغسل، إلاّ إذا علم زمان الغسل دون الجنابة، فيمكن استصحاب الطهارة حينئذ .
[643] مسألة 3 : في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب الغسل على واحد منهما ، والظنّ كالشك، وإن كان الأحوط فيه مراعاة الاحتياط ، فلو ظنّ أحدهما أنّه الجنب دون الآخر اغتسل وتوضّأ إن كان مسبوقاً بالأصغر .
[644] مسألة 4 : إذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر; للعلم الإجمالي بجنابته أو جنابة إمامه ، ولو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد أو الاثنين منهم الاقتداء بالثالث; لعدم العلم حينئذ ، ولا يجوز لثالث علم إجمالا بجنابة أحد الاثنين أو أحد الثلاثة الاقتداء بواحد منهما أو منهم، إذا كانا أو كانوا محلّ الابتلاء له(2) وكانوا عدولا عنده ، وإلاّ فلا مانع ، والمناط علم المقتدي بجنابة أحدهما لا علمهما ، فلو اعتقد كلّ منهما عدم جنابته وكون الجنب هوالآخر، أو لا جنابة لواحد منهما وكان المقتدي عالماً كفى في عدم الجواز ، كما أنّه لو لم يعلم المقتدي إجمالا بجنابة أحدهما وكانا عالمين بذلك لا يضرّ باقتدائه .
[645] مسألة 5 : إذا خرج المنيّ بصورة الدم(3) وجب الغسل أيضاً بعد العلم بكونه منيّاً .
(1) قد تقدّم التفصيل في مثل المسألة.
(2) لا تأثير للكون في محلّ الابتلاء.
(3) بمعنى كون حقيقته هي المنيّ والصورة صورة الدم أو بما يشمل صورة الامتزاج.
(الصفحة183)
[646] مسألة 6 : المرأة تحتلم كالرجل ، ولو خرج منها المنيّ حينئذ وجب عليها الغسل ، والقول بعدم احتلامهنّ ضعيف .
[647] مسألة 7 : إذا تحرّك المنيّ في النوم عن محلّه بالاحتلام ولم يخرج إلى خارج لا يجب الغسل كما مرّ ، فإذا كان بعد دخول الوقت ولم يكن عنده ماء للغسل هل يجب عليه حبسه عن الخروج أو لا؟ الأقوى عدم الوجوب وإن لم يتضرّر به(1) ، بل مع التضرّر يحرم ذلك ، فبعد خروجه يتيمّم للصلاة . نعم، لو توقّف إتيان الصلاة في الوقت على حبسه ـ بأن لم يتمكّن من الغسل، ولم يكن عنده ما يتيمّم به وكان على وضوء; بأن كان تحرّك المنيّ في حال اليقظة ولم يكن في حبسه ضرر عليه ـ لا يبعد وجوبه ، فإنّه على التقادير المفروضة لو لم يحبسه لم يتمكّن من الصلاة في الوقت، ولو حبسه يكون متمكِّناً .
[648] مسألة 8 : يجوز للشخص إجناب نفسه(2) ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت . نعم، إذا لم يتمكّن من التيمّم أيضاً لا يجوز ذلك ، وأمّا في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضّئاً ـ ولم يتمكّن من الوضوء لو احدث ـ أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت ، ففرق في ذلك بين الجنابة والحدث الأصغر ، والفارق النص .
[649] مسألة 9: إذا شك في أنّه هل حصل الدخول أم لا؟ لم يجب عليه الغسل ، وكذا لو شك في أنّ المدخول فيه فرج أو دبر أو غيرهما ، فإنّه لا يجب عليه الغسل .
[650] مسألة 10 : لا فرق في كون إدخال تمام الذكر أو الحشفة موجباً للجنابة بين أن يكون مجرّداً أو ملفوفاً بوصلة أو غيرها ، إلاّ أن يكون بمقدار لا يصدق
(1) عدم الوجوب مع عدم التضرّر لا يخلو عن تأمّل.
(2) بإتيان أهله بالجماع طلباً للّذة أو خوفاً على النفس، وفي غيره الجواز محلّ تأمّل.
(الصفحة184)
عليه الجماع .
[651] مسألة 11 : في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل والوضوء الأولى أن ينقض الغسل بناقض من مثل البول ونحوه ثمّ يتوضّأ ; لأنّ الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز ، والمفروض احتمال كون غسله غسل الجنابة .
فصل
في ما يتوقّف على الغسل من الجنابة
وهي اُمور :
الأوّل : الصلاة ، واجبة أو مستحبّة، أداءً وقضاءً لها ولأجزائها المنسيّة ، وصلاة الاحتياط ، بل وكذا سجدتا السهو على الأحوط . نعم، لا يجب في صلاة الأموات ولا في سجدة الشكر والتلاوة .
الثاني : الطواف الواجب دون المندوب ، لكن يحرم على الجنب دخول مسجد الحرام ، فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهواً وطاف ، فإنّ طوافه محكوم بالصحّة . نعم، يشترط في صلاة الطواف الغسل ولو كان الطواف مندوباً .
الثالث : صوم شهر رمضان وقضاؤه ، بمعنى أنّه لا يصحّ إذا أصبح جنباً متعمّداً أو ناسياً للجنابة ، وأمّا سائر الصيام ما عدا شهر رمضان وقضائه فلا يبطل بالإصباح جنباً وإن كانت واجبة . نعم، الأحوط(1) في الواجبة منها ترك تعمّد الإصباح جنباً . نعم، الجنابة العمديّة في أثناء النهار تبطل جميع الصيام حتّى المندوبة منها ، وأمّا الاحتلام فلا يضرّ بشيء منها حتّى صوم رمضان .
(1) الذي يجوز تركه كما مرّ في غايات الوضوء.
(الصفحة185)
فصل
في ما يحرم على الجنب
وهي أيضاً اُمور :
الأوّل : مسّ خطّ المصحف على التفصيل الذي مرّ في الوضوء ، وكذا مسّ اسم الله تعالى وسائر أسمائه وصفاته المختصّة ، وكذا مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام)على الأحوط .
الثاني : دخول مسجد الحرام ومسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله)وإن كان بنحو المرور .
الثالث: المكث في سائر المساجد بل مطلق الدخول فيها على غير وجه المرور، وأمّاالمرور فيهابأن يدخل من باب ويخرج من آخر فلابأس به، وكذاالدخول بقصد أخذ شيء منها، فإنّه لا بأس به ، والمشاهد كالمساجد(1) في حرمة المكث فيها .
الرابع : الدخول في المساجد بقصد وضع شيء فيها، بل مطلق الوضع فيها، وإن كان من الخارج أو في حال العبور .
الخامس : قراءة سور العزائم ، وهي سورة «إقرأ» و«النجم» و«ألم تنزيل» و«حم السجدة» وإن كان بعض واحدة منها، بل البسملة أو بعضها بقصد إحداها على الأحوط(2) ، لكن الأقوى اختصاص الحرمة بقراءة آيات السجدة منها .
(1) على الأحوط، وأحوط من ذلك إلحاقها بالمسجدين، كما أنّ الأحوط فيها إلحاق الرواق بالروضة المشرّفة.
(2) بل الأقوى، لكن البعض إن كان من الآيات المختصّة لا حاجة إلى نيّة كونها منها، وإن كان من الآيات المشتركة فاللازم نيّة كونها منها أو القراءة من المصحف، ونحوه مع العلم بكونه جزءاً لها.
(الصفحة186)
[652] مسألة 1 : من نام في أحد المسجدين واحتلم أو أجنب فيهما أو في الخارج ودخل فيهما عمداً أو سهواً أو جهلا وجب عليه التيمّم للخروج ، إلاّ أن يكون زمان الخروج أقصر(1) من المكث للتيمّم فيخرج من غير تيمّم، أو كان زمان الغسل فيهما مساوياً أو أقلّ من زمان التيمّم فيغتسل حينئذ ، وكذا حال الحائض والنفساء (2).
[653] مسألة 2 : لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب، وإن لم يصلّ فيه أحد ولم يبق آثار مسجديّته . نعم، في مساجد الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهب آثار المسجديّة بالمرّة يمكن القول بخروجها عنها ; لأنّها تابعة لآثارها وبنائها .
[654] مسألة 3 : إذا عيّن الشخص في بيته مكاناً للصلاة وجعله مصلّى له لا يجري عليه حكم المسجد .
[655] مسألة 4 : كلّ ما شك في كونه جزءاً من المسجد من صحنه والحجرات التي فيه ومنارته وحيطانه ونحو ذلك لا يجري عليه الحكم ، وإن كان الأحوط الإجراء إلاّ إذا علم خروجه منه .
[656] مسألة 5 : الجنب إذا قرأ دعاء كميل الأولى والأحوط أن لا يقرأ منه (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ) [السجدة 32 : 18] لأنّه جزء من سورة «حم السجدة» ، وكذا الحائض ، والأقوى(3) جوازه لما مرّ من أنّ المحرّم قراءة
(1) أو مساوياً له.
(2) لو اتّفق لهما انتفاء الدم، وأمّا مع الاستمرار فالواجب عليهما المبادرة بالخروج ولايشرع التيمّم.
(3) قد مرّ أنّ الأقوى عدم جوازه.
(الصفحة187)
آيات السجدة لا بقيّة السورة .
[657] مسألة 6 : الأحوط عدم إدخال الجنب في المسجد، وإن كان صبيّاً أو مجنوناً أو جاهلا بجنابة نفسه .
الكلام في الحائض والنفساء ، ولو كان الأجير جاهلا أو كلاهما جاهلين في الصورة الأُولى أيضاً يستحقّ الاُجرة ; لأنّ متعلّق الإجارة وهو الكنس لا يكون حراماً ، وإنّما الحرام الدخول والمكث ، فلا يكون من باب أخذ الاُجرة على المحرّم . نعم، لو استأجره على الدخول أو المكث كانت الإجارة فاسدة ولا يستحقّ الاُجرة ولو كانا جاهلين(2) ، لأنّهما محرّمان، ولا يستحقّ الأُجرة على الحرام ، ومن ذلك ظهر أنّه لو استأجر الجنب أو الحائض أو النفساء للطواف المستحب كانت الإجارة فاسدة ولو مع الجهل ، وكذا لو استأجره لقراءة العزائم ، فإنّ المتعلّق فيهما هو نفس الفعل المحرّم ، بخلاف الإجارة للكنس فإنّه ليس حراماً ، وإنّما المحرّم شيء آخر وهو الدخول والمكث ، فليس نفس المتعلّق حراماً .
[659] مسألة 8 : إذا كان جنباً وكان الماء في المسجد يجب عليه أن يتيمّم
(1) بل يستحقّ لكون المحرّم هو المكث لا الكنس.
(2) فساد الإجارة في صورة الجهل محلّ إشكال، بل منع.
(3) إن كان المسجد غير المسجدين فلا حاجة إلى التيمّم للدخول لأخذ الماء، لما مرّ من جواز الدخول بقصد أخذ شيء. نعم، يجري هذا الحكم في المسجدين مطلقاً وفي غيرهما بقصد الاغتسال فيه، مع أنّ مشروعية التيمّم في الفرضين أيضاً محلّ إشكال.
(الصفحة188)
ويدخل المسجد لأخذ الماء أو الاغتسال فيه ، ولا يبطل تيمّمه لوجدان هذا الماء إلاّ بعد الخروج أو بعد الاغتسال ، ولكن لا يباح بهذا التيمّم إلاّ دخول المسجد واللبث فيه بمقدار الحاجة ، فلا يجوز له(1) مسّ كتابة القرآن ولا قراءة العزائم إلاّ إذا كانا واجبين فوراً .
[660] مسألة 9 : إذا علم اجمالا جنابة أحد الشخصين(2) لا يجوز له استئجارهما ولا استئجار أحدهما لقراءة العزائم، أو دخول المساجد أو نحو ذلك ممّا يحرم على الجنب .
[661] مسألة 10 : مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرّمات المذكورة إلاّ إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة .
فصل
في ما يكره على الجنب
وهي اُمور :
الأوّل : الأكل والشرب ، ويرتفع كراهتهما(3) بالوضوء ، أو غسل اليدين والمضمضة والاستنشاق ، أو غسل اليدين فقط .
الثاني : قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن ما عدا العزائم ، وقراءة ما زاد على السبعين أشدّ كراهة .
(1) على الأحوط.
(2) وكانا هما جاهلين بالجنابة، وعليه ففساد الإجارة محلّ إشكال كما مرّ.
(3) غاية الأمر أنّ للكراهة مراتب ترتفع أُولاها بغسل اليدين، والثانية به وبالمضمضة، والثالثة بهما وبغسل الوجه، والأخيرة بالوضوء المشتمل على المضمضة.
(الصفحة189)
الثالث : مسّ ما عدا خطّ المصحف من الجلد والأوراق والحواشي وما بين السطور .
الرابع : النوم ، إلاّ أن يتوضّأ أو يتيمّم ـ إن لم يكن له الماء ـ بدلا عن الغسل .
الخامس : الخضاب ، رجلا كان أو امرأة ، وكذا يكره للمختضب قبل أن يأخذ اللون إجناب نفسه .
السادس : التدهين .
السابع : الجماع إذا كان جنابته بالاحتلام .
الثامن : حمل المصحف .
التاسع : تعليق المصحف .
فصل
[في كيفية الغسل وأحكامه]
غيري للغايات المستحبّة ، والقول بوجوبه النفسي ضعيف ، ولا يجب فيه قصد الوجوب والندب ، بل لو قصد الخلاف لا يبطل(2) إذا كان مع الجهل، بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع وتحقّق منه قصد القربة ، فلو كان قبل الوقت واعتقد دخوله فقصد الوجوب لا يكون باطلا ، وكذا العكس ، ومع الشك في دخوله يكفي الإتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسي، أو بقصد إحدى غاياته المندوبة، أو بقصد ما
(1) مرّ في باب الوضوء أنّه لا يكون واجباً غيريّاً ولا مستحبّاً كذلك والغسل مثله.
(2) الوجه في عدم البطلان هو كون الملاك في عباديّته رجحانه الذاتي لا تعلّق الأمر الغيري به; لأنّه مضافاً إلى منع ثبوته لا يكون إلاّ توصّلياً.
(الصفحة190)
في الواقع من الأمر الوجوبيّ أو الندبيّ .
والواجب فيه بعد النيّة غسل ظاهر تمام البدن دون البواطن منه ، فلا يجب غسل باطن العين والأنف والأُذن والفم ونحوها ، ولا يجب(1) غسل الشعر مثل اللحية، بل يجب غسل ما تحته من البشرة، ولا يجزئ غسله عن غسلها . نعم، يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءاً من البدن مع البشرة ، والثُقبة التي في الأُذن أو الأنف للحلقة إن كانت ضيّقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها ، وإن كانت واسعة بحيث تعدّ من الظاهر وجب غسلها .
وله كيفيّتان :
الأُولى : الترتيب ، وهو أن يغسل الرأس والرقبة أوّلا، ثمّ الطرف الأيمن من البدن، ثمّ الطرف الأيسر ، والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانياً مع الأيمن، والنصف الأيسر مع الأيسر ، والسُرّة والعورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن، ونصفهما الأيسر مع الأيسر ، والأولى أن يغسل تمامهما مع كلّ من الطرفين ، والترتيب المذكور شرط واقعيّ ، فلو عكس ولو جهلا أو سهواً بطل ، ولا يجب البدأة بالأعلى في كلّ عضو، ولا الأعلى فالأعلى، ولا الموالاة العرفيّة بمعنى التتابع، ولا بمعنى عدم الجفاف ، فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صحّ ، وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد ، ولو تذكّر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع وغسل ذلك الجزء ، فإن كان في الأيسر كفاه ذلك ، وإن كان في الرأس أو الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب ، ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب .
الثانية : الارتماس ، وهو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية ، واللازم
(1) بل يجب على الأحوط.
(الصفحة191)
أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد ، وإن كان غمسه على التدريج ، فلو خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف ، كما إذا خرجت رجله، أو دخلت في الطين قبل أن يدخل رأسه في الماء ، أو بالعكس; بأن خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله ، ولايلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء، بل لو كان بعضه خارجاً فارتمس كفى ، بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل وحرّك بدنه كفى على الأقوى(1) ، ولو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الإعادة، ولا يكفي غسل ذلك الجزء فقط ، ويجب تخليل الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته ، ولا فرق في كيفيّة الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره من سائر الأغسال الواجبة والمندوبة .
نعم، في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع ، بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي إن شاءالله .
[662] مسألة 1 : الغسل الترتيبي أفضل(2) من الارتماسي .
[663] مسألة 2 : قد يتعيّن الارتماسي كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي ، وقد يتعيّن الترتيبي كما في يوم الصوم الواجب وحال الإحرام ، وكذا إذا كان الماء للغير ولم يرض بالارتماس فيه .
[664] مسألة 3 : يجوز في الترتيبي أن يغسل كلّ عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس ، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرّات : مرّة بقصد غسل الرأس، ومرّة بقصد غسل الأيمن، ومرّة بقصد غسل الأيسر كفى ، وكذا لو حرّك بدنه تحت الماء ثلاث مرّات، أو قصد بالارتماس غسل الرأس، وحرّك بدنه تحت الماء بقصد
(1) ولكن الأحوط أن يكون الارتماس بعد خروج شيء من البدن من الماء، بل معظمه.
(2) محلّ تأمّل.
(الصفحة192)
الأيمن، وخرج بقصد الأيسر ، ويجوز غسل واحد من الأعضاء بالارتماس والبقيّة بالترتيب ، بل يجوز غسل بعض كلّ عضو بالارتماس وبعضه الآخر بإمرار اليد .
[665] مسألة 4 : الغسل الارتماسي يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يقصد الغسل(1) بأوّل جزء دخل في الماء، وهكذا إلى الآخر، فيكون حاصلا على وجه التدريج .
والثاني : أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه، وحينئذ يكون آنيّاً، وكلاهما صحيح ، ويختلف باعتبار القصد ، ولو لم يقصد أحد الوجهين صحّ أيضاً وانصرف إلى التدريجيّ .
[666] مسألة 5 : يشترط في كلّ عضو أن يكون طاهراً حين غسله، فلو كان نجساً طهَّره أوّلا ، ولا يكفي غسل واحد لرفع الخبث والحدث كما مرّ في الوضوء ، ولا يلزم طهارة جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل وإن كان أحوط .
[667] مسألة 6 : يجب اليقين بوصول الماء إلى جيمع الأعضاء ، فلو كان حائل وجب رفعه ، ويجب اليقين بزواله مع سبق وجوده ،ومع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان(2) بعدمه بعد الفحص .
[668] مسألة 7 : إذا شك في شيء أنّه من الظاهر أو الباطن يجب غسله(3) ، على خلاف ما مرّ في غسل النجاسات، حيث قلنا بعدم وجوب غسله ، والفرق أنّ هناك الشك يرجع إلى الشك في تنجّسه بخلافه هنا، حيث إنّ التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ . نعم، لو كان ذلك الشيء باطناً سابقاً وشك في
(1) بحيث كان المؤثّر في تحقّق الغسل الحدوث، والبقاء في غير الجزء الأخير، والحدوث فقط في خصوص الجزء الأخير.
(2) إذا كان للشك منشأ عقلائي.
(3) على الأحوط.
(الصفحة193)
أنّه صار ظاهراً أم لا، فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله عملا بالاستصحاب .
[669] مسألة 8 : ما مرّ من أنّه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنّما هو فيما عدا غسل المستحاضة والمسلوس والمبطون ، فإنّه يجب فيه المبادرة إليه وإلى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث .
[670] مسألة 9 : يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيباً لا ارتماساً . نعم، إذا كان نهر كبير جارياً من فوق على نحو الميزاب لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضاً إذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء .
[671] مسألة 10 : يجوز العدول(1) عن الترتيب إلى الارتماس في الأثناء وبالعكس ، لكن بمعنى رفع اليد عنه والاستئناف على النحو الآخر .
والفضّة، وإباحة مكان الغسل ومصبّ مائه، وطهارة البدن، وعدم ضيق الوقت(2)، والترتيب في الترتيبي، وعدم حرمة الارتماس في الارتماسي منه، كيوم الصوم، وفي حال الإحرام، والمباشرة في حال الاختيار ، وما عدا الإباحة، وعدم كون الظرف من الذهب والفضّة، وعدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعيّ لا فرق فيها بين العمد والعلم والجهل والنسيان ، بخلاف المذكورات، فإنّ شرطيّتها مقصورة على حال العمد والعلم .
[672] مسألة 11 : إذا كان حوض أقلّ من الكرّ يجوز الاغتسال فيه بالارتماس مع طهارة البدن ، لكن بعده يكون من المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، فبناءً على الإشكال فيه يشكل الوضوء والغسل منه بعد ذلك ، وكذا إذا قام فيه واغتسل بنحو الترتيب بحيث(2) رجع ماء الغسل فيه ، وأمّا إذا كان كرّاً(3) أو أزيد فليس كذلك . نعم، لا يبعد صدق المستعمل عليه إذا كان بقدر الكرّ لا أزيد واغتسل فيه مراراً عديدة ، لكن الأقوى كما مرّ جواز الاغتسال والوضوء من المستعمل .
[673] مسألة 12 : يشترط في صحّة الغسل ما مرّ من الشرائط في الوضوء من النيّة واستدامتها إلى الفراغ، وإطلاق الماء وطهارته، وعدم كونه ماء الغسالة،
(1) جواز العدول عن الترتيب إلى الارتماس محلّ إشكال بل منع. نعم، الظاهر الجواز في العكس من دون فرق بين النحوين المذكورين في الارتماسي.
(2) مجرّد الرجوع لا يوجب الصدق، خصوصاً في صورة الاستهلاك.
(3) الكرّية لا مدخلية لها في ذلك، واعتصام الكرّ لا يرتبط بهذه الجهة.
(الصفحة194)
وعدم الضرر في استعماله، وإباحته وإباحة ظرفه(1)، وعدم كونه من الذهب والفضّة، وإباحة مكان الغسل ومصبّ مائه، وطهارة البدن، وعدم ضيق الوقت(2)، والترتيب في الترتيبي، وعدم حرمة الارتماس في الارتماسي منه، كيوم الصوم، وفي حال الإحرام، والمباشرة في حال الاختيار ، وما عدا الإباحة، وعدم كون الظرف من الذهب والفضّة، وعدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعيّ لا فرق فيها بين العمد والعلم والجهل والنسيان ، بخلاف المذكورات، فإنّ شرطيّتها مقصورة على حال العمد والعلم .
[674] مسألة 13 : إذا خرج من بيته بقصد الحمّام والغسل فيه فاغتسل بالداعي الأوّل، لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس في الماء : ما تفعل ؟ يقول : أغتسل فغسله صحيح ، وأمّا إذا كان غافلا بالمرّة بحيث لو قيل له : ما تفعل ؟ يبقى متحيّراً فغسله ليس بصحيح .
[675] مسألة 14 : إذا ذهب إلى الحمّام ليغتسل وبعد ما خرج شك في أنّه اغتسل أم لا يبني على العدم ، ولو علم أنّه اغتسل لكن شك في أنّه على الوجه الصحيح أم لا، يبني على الصحّة .
[676] مسألة 15 : إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه وأنّ وظيفته كانت هي التيمّم، فإن كان على وجه الداعي يكون صحيحاً ، وإن كان على وجه التقييد يكون باطلا (3)، ولو تيمّم باعتقاد الضيق فتبيّن سعته ففي صحّته وصحّة صلاته إشكال .
[677] مسألة 16 : إذا كان من قصده عدم إعطاء الأُجرة للحمّامي فغسله
(1) على نحو ما مرّ في الوضوء، وكذا إباحة المكان والمصبّ.
(2) لكنّه إذا تخلّف يكون الغسل صحيحاً، وإن تحقّق منه العصيان.
(3) الظاهر الصحّة في هذه الصورة أيضاً.
(الصفحة195)
باطل ، وكذا إذا كان بناؤه على النسيئة من غير إحراز رضا الحمامي بذلك، وإن استرضاه بعد الغسل ، ولو كان بناؤهما على النسيئة ولكن كان بانياً على عدم إعطاء الأُجرة، أو على إعطاء الفلوس الحرام ففي صحّته إشكال .
[678] مسألة 17 : إذا كان ماء الحمّام مباحاً لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه ; لأنّ صاحب الحطب يستحقّ عوض حطبه، ولا يصير شريكاً في الماء ولا صاحب حقّ فيه .
[679] مسألة 18 : الغسل في حوض المدرسة لغير أهله مشكل، بل غير صحيح ، بل وكذا لأهله إلاّ إذا علم(1) عموم الوقفية أو الإباحة .
[680] مسألة 19 : الماء الذي يسبّلونه يشكل الوضوء والغسل منه إلاّ مع العلم بعموم الإذن .
[681] مسألة 20 : الغسل بالمئزر الغصبي باطل(2) .
[682] مسألة 21 : ماء غسل المرأة من الجنابة والحيض والنفاس، وكذا أُجرة تسخينه إذا احتاج إليه على زوجها على الأظهر; لأنّه يعدّ جزءاً من نفقتها .
الخروج من الماء صحّ غسله ، وهو في صوم رمضان مشكل; لحرمة إتيان المفطر فيه بعد البطلان أيضاً، فخروجه من الماء أيضاً حرام(4) كمكثه تحت الماء ، بل يمكن أن
(1) أو اطمئن من جهة جريان العادة بذلك أو غيره.
(2) بل صحيح.
(3) على الأحوط فيهما.
(4) مع أنّ الغسل حال الخروج لا يوجب تحقّق الارتماس.
(الصفحة196)
يقال : إنّ الارتماس فعل واحد مركّب من الغمس والخروج فكلّه حرام ، وعليه يشكل في غير شهر رمضان أيضاً . نعم، لو تاب ثمّ خرج بقصد الغسل صحّ .
فصل
في مستحبّات غسل الجنابة
وهي اُمور(1) :
أحدها : الاستبراء(2) من المنيّ بالبول قبل الغسل .
الثاني : غسل اليدين ثلاثاً إلى المرفقين، أو إلى نصف الذراع، أو إلى الزندين، من غير فرق بين الارتماس والترتيب .
الثالث : المضمضة والاستنشاق بعد غسل اليدين ثلاث مرّات ، ويكفي مرّة أيضاً .
الرابع : أن يكون ماؤه في الترتيبي بمقدار صاع ، وهو ستّمائة وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال .
الخامس : إمرار اليد على الأعضاء لزيادة الاستظهار .
السادس : تخليل الحاجب الغير المانع لزيادة الاستظهار .
السابع : غسل كلّ من الأعضاء الثلاثة ثلاثاً .
الثامن : التسمية; بأن يقول : «بسم الله» ، والأولى أن يقول : «بسم الله الرحمن الرحيم» .
(1) بعضها غير ثابت فينبغي إتيانها رجاءً.
(2) فيما إذا كانت الجنابة بالإنزال.
(الصفحة197)
التاسع : الدعاء المأثور في حال الاشتغال ، وهو: «اللّهمّ طهِّر قلبي، وتقبّل سعيي، واجعل ما عندك خيراً لي ، اللّهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهِّرين» أو يقول : «اللّهمّ طهِّر قلبي، واشرح صدري، وأجر على لساني مدحتك والثناء عليك ، اللّهمّ اجعله لي طهوراً وشفاءً ونوراً ، إنّك على كلّ شيء قدير» ولو قرأ هذا الدعاء بعد الفراغ أيضاً كان أولى .
العاشر : الموالاة والابتداء بالأعلى في كلّ من الأعضاء في الترتيبي .
[684] مسألة 1 : يكره الاستعانة بالغير في المقدّمات القريبة على ما مرّ في الوضوء .
[685] مسألة 2 : الاستبراء بالبول قبل الغسل ليس شرطاً في صحّته ، وإنّما فائدته عدم وجوب الغسل إذا خرج منه رطوبة مشتبهة بالمنيّ ، فلو لم يستبرئ واغتسل وصلّى ثمّ خرج منه المنيّ أو الرطوبة المشتبهة لا تبطل صلاته، ويجب عليه الغسل لما سيأتي .
والوضوء إن لم يحتمل غيرهما ، وإن احتمل كونها مذياً مثلا; بأن يدور الأمر بين البول والمنيّ والمذي فلا يجب عليه شيء ، وكذا حال الرطوبة الخارجة بدواً من غير سبق جنابة ، فإنّها مع دورانها بين المنيّ والبول يجب(3) الاحتياط بالوضوء
(1) من دون فرق بين ما إذا استبرأ بالخرطات بعد البول قبل الإنزال وما إذا لم يستبرأ.
(2) فيما إذا لم يتحقّق البول بعد الغسل، وإلاّ فالظاهر كفاية الوضوء خاصّة.
(3) فيما إذا لم يكن مسبوقاً بالحدث الأصغر، وإلاّ فلا يجب الغسل.
(الصفحة198)
والغسل ، ومع دورانها بين الثلاثة، أو بين كونها منيّاً أو مذياً، أو بولا أو مذياً لا شيء عليه .
[687] مسألة 4 : إذا خرجت منه رطوبة مشتبهة بعد الغسل وشك في أنّه استبرأ بالبول أم لا بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل ، والأحوط ضمّ الوضوء أيضاً .
[688] مسألة 5 : لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص والاختبار، أو لأجل عدم إمكان الاختبار من جهة العمى أو الظلمة أو نحو ذلك .
[689] مسألة 6 : الرطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة لا حكم لها وإن كانت قبل استبرائها، فيحكم عليها بعدم الناقضية وعدم النجاسة، إلاّ إذا علم أنّها إمّا بول أو منيّ .
[690] مسألة 7 : لا فرق في ناقضيّة الرطوبة المشتبهة الخارجة قبل البول بين أن يكون مستبرئاً بالخرطات أم لا ، وربّما يقال: إذا لم يمكنه البول تقوم الخرطات مقامه ، وهو ضعيف .
[691] مسألة 8 : إذا أحدث بالأصغر في أثناء غسل الجنابة الأقوى عدم بطلانه . نعم، يجب عليه الوضوء بعده ، لكن الأحوط إعادة الغسل بعد إتمامه والوضوء بعده، أو الاستئناف(1) والوضوء بعده ، وكذا إذا أحدث في سائر الأغسال ، ولا فرق بين أن يكون الغسل ترتيبيّاً أو ارتماسيّاً إذا كان على وجه التدريج ، وأمّا إذا كان على وجه الآنيّة فلا يتصوّر فيه حدوث الحدث في أثنائه .
[692] مسألة 9 : إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل، فإن كان مماثلا للحدث
(1) قاصداً به ما يجب عليه من التمام أو الإتمام.
(الصفحة199)
السابق ـ كالجنابة في أثناء غسلها، أو المسّ في أثناء غسله ـ فلا إشكال في وجوب الاستئناف ، وإن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمّه ويأتي بالآخر ، ويجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ، ويجب الوضوء بعده إن كانا غير الجنابة، أو كان السابق هو الجنابة ، حتّى لو استأنف وجمعهما بنيّة واحدة على الأحوط ، وإن كان اللاحق جنابة فلا حاجة إلى الوضوء، سواء أتمّه وأتى للجنابة بعده أو استأنف وجمعهما بنيّة واحدة .
[693] مسألة 10 : الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبّة أيضاً لا يكون مبطلا لها . نعم، في الأغسال المستحبّة لإتيان فعل ـ كغسل الزيارة والإحرام ـ لا يبعد البطلان ، كما أنّ حدوثه بعده وقبل الإتيان بذلك الفعل كذلك، كما سيأتي .
[694] مسألة 11 : إذا شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة أو في شرطه قبل الدخول في العضو الآخر رجع وأتى به ، وإن كان بعد الدخول فيه لم يعتن به ويبني على الإتيان على الأقوى، وإن كان الأحوط الاعتناء ما دام في الأثناء ولم يفرغ من الغسل، كما في الوضوء . نعم، لو شك في غسل الأيسر أتى به وإن طال الزمان; لعدم تحقّق الفراغ حينئذ; لعدم اعتبار الموالاة فيه ، وإن كان يحتمل(1) عدم الاعتناء إذا كان معتاد الموالاة .
[695] مسألة 12 : إذا ارتمس في الماء بعنوان الغسل ثمّ شك في أنّه كان ناوياً للغسل الارتماسي حتّى يكون فارغاً، أو لغسل الرأس والرقبة في الترتيبي حتّى يكون في الأثناء، ويجب عليه الإتيان بالطرفين، يجب عليه الاستئناف(2) . نعم،يكفيه غسل الطرفين بقصد الترتيبي; لأنّه إن كان بارتماسه قاصداً للغسل
(1) ضعيفاً.
(2) لا يجب عليه ذلك، ولا يكفي الارتماسي على الأحوط، بل يحتاط بما في المتن.
(الصفحة200)
الارتماسي فقد فرغ، وإن كان قاصداً للرأس والرقبة فبإتيان غسل الطرفين يتمّ الغسل الترتيبي .
[696] مسألة 13 : إذا انغمس في الماء بقصد الغسل الارتماسي ثمّ تبيّن له بقاء جزء من بدنه غير منغسل يجب عليه الإعادة ترتيباً أو ارتماساً ، ولا يكفيه جعل ذلك الارتماس للرأس والرقبة إن كان الجزء الغير المنغسل في الطرفين، فيأتي بالطرفين الآخرين; لأنّه قصد به تمام الغسل ارتماساً لا خصوص الرأس والرقبة، ولا يكفي نيّتهما في ضمن المجموع .
[697] مسألة 14 : إذا صلّى ثمّ شك في أنّه اغتسل للجنابة أم لا يبني على صحّة صلاته، ولكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية ، ولو كان الشك في أثناء الصلاة بطلت، لكن الأحوط إتمامها ثمّ الإعادة .
إمّا أن ينوي الجميع أو البعض ، فإن نوى الجميع بغسل واحد صحّ في الجميع وحصل امتثال أمر الجميع ، وكذا إن نوى رفع الحدث أو الاستباحة إذا كان جميعها أو بعضها لرفع الحدث والاستباحة ، وكذا لو نوى القربة ، وحينئذ فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة إلى الوضوء بعده أو قبله، وإلاّ وجب الوضوء(2) ، وإن نوى واحداً منها وكان واجباً كفى عن الجميع أيضاً على الأقوى، وإن كان ذلك الواجب غير غسل الجنابة وكان من جملتها ، لكن على هذا يكون امتثالا بالنسبة إلى ما نوى وأداء بالنسبة إلى البقيّة ، ولا حاجة إلى الوضوء إذا كان فيها الجنابة ، وإن كان الأحوط مع كون أحدها الجنابة أن ينوي غسل الجنابة . وإن نوى بعض
(1) قد مرّ أنّ الغسل لا يكون واجباً إلاّ في مورد واحد.
(2) بل لايبعد عدم وجوبه.
|