كلمة المرجع الديني الأعلى للشيعة: سماحة آية الله العظمى الفاضل اللنكراني «مدّ ظلّه العالي»
التي ألقيت حول الاعتداء الأخير «الغزو الأمريكي لأفغانستان» بعد إلقاء درس الخارج للفقه في المسجد الأعظم بقم المشرّفة في 9 من اكتوبر / تشرين الأوّل عام 2001.
نحن نشاهد هذه الأيّام ـ وللأسف ـ أنّ الغرب والسلطات الغربيّة كلّما تتطوّر في التقنية ومظاهر الحياة المادّية ، تنحطّ في القيم الخلقية والعواطف الإنسانيّة بنفس النسبة ، وتحاول يوماً بعد يوم في هدم حقوق الإنسان.
إنّ ما حدث في أمريكا والذي لم يعرف بعد المخطّطون والمنفّذون له وحتّى لم تعرف السلطات الأمريكيّة أنّه مَن وراءَه ، ولم تعرض أيّ دليل يدلّ على القائمين به. وإن كان مؤسفاً وقد قتل فيه عدد كبير من الأبرياء وفيهم جمع من المسلمين أيضاً ، ويأسف له كلّ ضمير حيّ ، ولكن مع ذلك كلّه من الواجب أن يعلم الغرب أنّ مكافحة الإرهاب أمر كان متواجداً في مدرسة الإسلام منذ نشوءه : أكثر من ألف وأربعمائة سنة.
وخير شاهد لذلك تاريخ الإسلام فعلى سبيل المثال ـ لا الحصر ـ كان بإمكان مسلم بن عقيل : سفير الإمام أبي عبدالله الحسين(عليه السلام) إلى أهل الكوفة ـ أن يقضي بحياة عبيد الله بن زياد : الوالي على الكوفة الطاغية المتسلّط على رقاب المسلمين من قبل يزيد ـ ولو فعله لما قتل هو نفسه بيد ابن زياد ولما حدثت كارثة كربلاء المؤلمة ، ولكنّه أبى ، لأنّ هذه المبادرة كانت تعارض روح الإسلام الحنيف ، فالأصول والمبادئ الإسلاميّة القطعيّة ـ إذاً ـ وبتبعها المسلمون يعارضون الإرهاب ، ولكنّنا نشاهد هذه الأيّام أنّ دولةً تتصدّى لمكافحة الإرهاب هي بنفسها في المرتبة الأولى من الإرهاب وليس لها شغل غير ذلك.
إنّ أمريكا تدّعي اليوم أنّ كلّ دولة لا تكون معها فهي عليها ، وهذا المنطق بحدّ ذاته منطق إرهابيٌ ، اليوم هو يوم المنطق والتفكّر والتعقّل.
نحن نتسائل أمريكا : أو ليست إسرائيل التي تقوم بأبشع الأعمال الإرهابيّة وليدة أمريكا؟ ونحن نعتبر هذه الدولة الغاصبة من أكبر الحكومات التي تستمرّ في أعمالها الوحشيّة بدعم كامل من أمريكا ، فإسرائيل لا تعتبر دولة إرهابية لشعب فلسطين فحسب ، بل للعالم الإسلامي كلّه.
لقد هاجمت أمريكا بكلّ غطرستها وقواها الشعب الأفغاني الأعزل المظلوم ، ولذلك يعلن المراجع العظام ورجال الدين والحوزات العلميّة في إيران الإسلام استنكارها لهذه الأعمال الجنونيّة.
نحن وإن لم نعترف ـ ولا نعترف ـ بنظام طالبان ولكن نتسائل الأمريكان : ألم تكونوا قد أنشأتم طالبان؟ ففرقة طالبان هي الوليدة غير الشرعيّة الثانية لأمريكا بعد إسرائيل ; إنّ الشعب الأفغاني قد عانى الكثير من نظام طالبان ، ولكن هل بهذه الذريعة «مكافحة عدد من الإرهابيين» ، يسمح العقل السليم والمنطق الصحيح بالقيام بالهجمات الصاروخيّة على هذا الشعب الذي ليس بإمكانه الحصول على أيّ غذاء ودواء؟
ولتعلم أمريكا أنّ العالم الإسلامي والبشريّة كلّها يندّدان بهذه الأعمال وستعرف هي خطأ ما تقوم به آجلا أم عاجلا.
وإنّي أطالب الحوزات والعلماء الأفاضل أن لا يكونوا محايدين حول الغزو الأمريكي لأفغانستان.