تصادف هذه الأيام الذكرى السنويّة لاستشهاد فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين سلام الله عليها ، الجوهرة التي لم يعرف لحدّ الآن كنه أبعادها الوجوديّة لأهل الفكر والبصيرة بصورة صحيحة ودقيقة وكما هو حقّها; التي يغضب الله ورسوله لغضبها ويرضيان لرضاها ، ولذلك سمّيت فاطمة فاطمة; لأنّ الخلق فُطِمَ وحُرِمَ من كنه المعرفة بها; الحقيقة التي يمكن القول بأنّها ـ مضافاً إلى كونها محوراً لأهل الكساء ـ محور لأهل البيت (عليهم السلام) في آية التطهير والتي تعلّقت إرادة الله بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم بواسطة شعاعها الوجودي. ونحن إذ نعتزّ بالتبعيّة لها ولأبنائها المعصومين ، فمن الواجب علينا أن نتعرف على أفكارهم وأوامرهم البنّاءة أكثر فأكثر ; وذلك حذراً من القصور في تكاليفنا تجاههم. وعلى علماء البلاد والخطباء المحترمين ـ إضافة إلى إقامة مجالس العزاء الحاشدة للذكرى السنوية لاستشهادها ـ ملاحظة أبعادها المعنويّة والعلميّة. ومدرسة أهل البيت ـ ولله الحمد ـ مليئة بالاستدلال والمنطق ممّا يسبّب أن يخضع لهاأهل الانصاف والفكر بسهولة. ولقد عرف العدو بجدارة أن لأجل إخلاء هذا الشعب من القيم والمبادئ الاسلاميّة والسيطرة عليه ، من الضروري إخماد هذا المشعل المتلألئ لمعتقدات الشعب وإيمانه، فنراه يعتبر تارةً ـ بواسطة جهله المطلق ـ إقامة مجالس العزاء والبكاء لسيّد الشهداء لغواً ويشكّك فيها ، ويشكّك تارةً أخرى في إستشهادها، بينما هذا أمر لا يقبل التشكيك وهو من الواضحات في تأريخ الإسلام. فليعلم المعاندون أنّه لو كان بإمكانهم القاء الشبهة حول استشهادها ، فلا يمكنهم النقاش والخدشة في مظلوميتها ، والمظالم التي حدثت بحقّها بعد رحيل رسول الله(صلى الله عليه وآله) ; فعمرها القصير والخطبة الغرّاء والمستدلّة بها على حقّها التي خطبتها في مسجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وبكائها ليلا ونهاراً ودفاعها عن حريم أهل البيت (عليهم السلام)كلّها أدلة واضحة على مظلوميّتها ، ولا استبعاد في أن يعيش العالم الإسلامي العزاء لمظلوميّتها ومظلوميّة بعلها. ولقد انتصرت ثورتنا الاسلامية المباركة بتوجّه الشعب الإيراني المسلم إلى هذه الأيام الأليمة ، ولذلك يعتبر الاهتمام بها أيضاً أفضل الأسباب لحفظ الثورة استمرارها. فمن الواجب على المؤمنين وأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الاهتمام بالأيّام الفاطميّة أكثر من أيّ وقت مضى، وأن لا يسمحوا أن تنسى هذه الأيام المؤلمة في طيّات الحوادث الأخرى، وخاصّة اليوم الثالث من جمادى الآخرة الذي أعلنته الجمهوريّة الإسلامية يوم حداد عام للذكرى السنوية لاستشهادها، فنرجو أن نواكب فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين التي هي أمّ الثقافة لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ونتمتّع بشفاعتها وشفاعة أولادها الطاهرين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.
والسلام على جميع اخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته
الأوّل من جمادى الآخرة عام 1422 هجري قمري
محمّد الفاضل