في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

بسم الله الرحمن الرحيم

نداء المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى الحاج الشيخ الفاضل اللنكراني «مدّ ظلّه العالي»
بمناسبة مهرجان أفضليات ثقافة «المهدويّة» في الصحف.


اُهنّئ كافّة أتباع مدرسة الإمامة والسالكين لطريق ولاية أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام) بمناسبة حلول الذكرى السنوية للتاسع من ربيع الأوّل الذي يتزامن لبدء ولاية خاتم الأوصياء الحجّة بن الحسن العسكري عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
إنّ مسألة الإمامة هي من النعم الإلهية التي لا تقاس بها أيّة نعمة إلهية أخرى ولم يهتمّ في تعاليم الشريعة الإسلامية بمسألة كما اهتمّ بمسألة الولاية وتنادي بها كلّ النصوص من الكتاب والسنّة من البداية حتّى النهاية وتدعو الإنسانية بكلّ فئاتها وشعوبها إلى هذا الأمر الحيوي; «ولم يناد بشيء مثل ما نودي بالولاية» كما ورد في الحديث الشريف.
وممّا امتازت به الشيعة الإمامية من بين سائر المذاهب والمدارس وتعتزّ به هو أنّها حازت السبق في هذا المجال وتعتبر حبّ الولاية والإمامة، السرّ في استمرار حياتها وبقائها.
وهناك حقيقة أعظم من ذلك كلّه وهو الوجود الشريف لإمام العصر المهدي الموعود (عج) ولعلّ «بقيّة الله» المذكورة في القرآن الكريم تعتبر أعلى العناوين وأعمق الصفات له. نعم هو البقيّة الباقية للتجلّي الإلهي وحسن الختام للعالم وكافّة الأديان وهو آخر جوهرة لمظاهر الحقّ سبحانه وتعالى وقد تجلّت فيه الصفات والأسماء الإلهية.
ويمكننا القول بأنّه كما كان النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله)المظهر التامّ للأنبياء(عليهم السلام) وأشرف جوهرة للنبوّة، كذلك يكون وجود الحجّة الشريف لبّ الإمامة والتجلّي التام لها.
ممّا لا يتطرّق إليه شكّ هو أنّ الضمائر الحيّة والحرّة وخاصّة المسلمين وأتباع مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) يعتزّون بالعيش في ضوء شعاعه الوجودي; هذا الوجود الشريف الذي يتولّى أعلى المناصب الإلهية، ألا وهو القيام بتنفيذ دين الله الكامل وقمع الظلم والاضطهاد ومواجهة البدع والانحرافات المحدثة في المجتمعين الإسلامي والإنساني.
نحن اليوم نعيش أجواء ذكراه ونجد أنفسنا حاضرين عند محضره الشريف ونراه ناظراً لمقدّراتنا وأمورنا فحياتنا وبقائنا تكمن في حبّنا لوجوده الشريف وانصياعنا لذاته المقدّسة.
وما يسرّني جدّاً ـ وأشكر الله على ذلك ـ هو شعور جماعة من أصحاب الفضيلة والعلم في الآونة الأخيرة بهذه المسؤولية الخطيرة ـ وهم بصدد اكتشاف زوايا حقيقة حجّة الله غير المعروفة ـ واقتناعهم بأنّ حياتنا الفردية والاجتماعية ووعينا السياسي والثقافي وعزّتنا وكرامتنا كلّها مرتهنة بتعرّفنا على وجوده وإن كان التعرّف على وجود حجّة الله ليس بمقدورنا كالمعرفة بالله سبحانه وتعالى معرفة كاملة وصحيحة.
فنحن وكلّ الكُتّاب والعارفين والسالكين عاجزون من الإلمام بحقيقة هذه النعمة الإلهية وكذلك لا تزال التفاصيل المتعلِّقة بما قبل الظهور وبعده والسنّة الإلهية في هذا المجال مجهولة غير معروفة لنا وهي تعدّ من الأسرار.
ومع ذلك كلّه فإنّ حياة قلوبنا ونفوسنا مرتهنة بالانتظار ومستمرّة بهذا السلاح الهامّ والقاطع ونحن نتطلّع إلى الآفاق المستقبلية.
إنّ الأديان الإلهية وقادتهم اليوم مشتركة في نقطة هي الانتظار للمصلح العالمي ومن الواضح جدّاً أنّه لا أمل ولا منجى في عالمنا اليوم الذي تسوده القوى الحيوانية الاستكبارية إلاّ التطلّع إلى ظهور إنسان كامل من ناحية الله سبحانه وتعالى لإنقاذ البشرية.
لقد انتصرت الثورة الإسلامية المباركة بفضل روح الانتظار فمن الطبيعي أن يكون هو السبب أيضاً في استمرار بقائها.
وإنّني بدوري أُوصي الشعب بكافّة أبنائه وفئاته من طلاّب الجامعات ورجال الدين والعمّال والموظّفين شيوخاً وشبّاناً ونساءً ورجالاً بحبّه، فإنّنا في عصر الغيبة وإن حُرمنا من رؤية جماله المتنوّر ولكن من الضروري أن يكون الحبّ لهذه الشمس المشرقة المتواجدة وراء ستار الغيبة، حيّاً في ضمائرنا; فليس هناك طريق للسير والسلوك غير الاتّكال على الحجّة الإلهية ومن اللازم علينا أن نستمدّ منه لمعالجة مشاكلنا.
إنّ إحياء ثقافة المهدوية معناه إنشاء علاقة وثيقة ووطيدة بين الاُمّة والحجّة الإلهية وإزالة العوائق والعراقيل المتواجدة بيننا ـ كضعفاء ـ وبينه.
إنّ إحياء هذه الثقافة من الواجبات الكبيرة والذي يستمرّ إلى عصر الظهور.
ولتعلم النفوس المشوّشة والمرتبكة أنّ الالتفات إلى ذاك الوجود الشريف هو أكبر وسيلة للهدوء والاطمئنان فإنّ التوحيد الحقيقي وتطهير الأرض من دنس الشرك والنفاق والاضطهاد مرتهنان بالتمسّك بالولاية كما قال سبحانه وتعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن) فوجوده الشريف مطهّر الأرض من أي استكبار وقذارة والتمسّك بها هو الطريق الوحيد للوصول إلى مقام الأمن الذي هو أمل كافّة أولياء الله.
إنّي أُقدِّم شكري للمسؤولين المحترمين في لجنة إحياء توسيع ثقافة المهدوية لمبادرتهم إلى هذا الأمر الهام ودراستهم للمقالات والمكتوبات في هذا المجال واختيار أفضلها فإنّ لكلّ قلم ومكتوب في المجال نفسه، له أكبر تأثير في التنمية الروحية والدينية للمجتمع.
من الواجب علينا أنّ نعّد هذا الجيل والاجيال القادمة لظهوره وليشمّر الكتّاب وأصحاب دور الطبع والنشر اليوم عن سواعدهم وأن لا يألوا جهداً في هذا الميدان; هذا الميدان اللانهائي الذي ينطوي على تعاليم عظيمة.
وأخيراً أذكّر أصحاب الفضيلة والدراسة و المفكِّرين بتقديم التعاليم الإسلامية للشعب بشكل نقي وخالص بعيداً عن الزوائد المختلقة وأن يجتنبوا عن القضايا الواهنة وربّما الكاذبة التي تزعزع الاُسس العقائدية للشعب فإنّه لا حاجة في تثبيت حقيقة الإمامة إلى بيان أضغاث الأحلام والأحداث الزائفة إطلاقاً ولابدّ من الاستفادة لهذه الغاية من الجاذبيات الحقيقيّة للولاية والآثار الرائعة والكرامات المتأكّد عليها وبكلمة أخرى أنّ من واجباتنا توطيد الأصول العقائدية لا إثارة الأحاسيس الجيّاشية الزائلة العابرة فقط.
وكلّي أمل أن تنالكم عناية إمام العصر (عج) الخاصّة وأن تكون خدمات الجميع متقبّلة عند وجوده الشريف.

محمد الفاضل اللنكراني
31 / 2 / 1381 هجري شمسي
الموافق 8 / 3 / 1423 هجري قمري
و 21 / 5 / 2002 ميلادي