جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ـ كتاب الحج ـ الجزء 5 « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة21)

في وجوب كون السعي بعد الطواف وصلاته

مسألة 4 ـ يجب أن يكون السعي بعد الطواف وصلاته، فلو قدّمه على الطواف أعاده بعده ولو يكن عن عمد وعلم . [1]


[1] يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين:
المقام الأوّل: في اصل اعتبار تأخر السعي ولزوم كونه بعد الطواف وصلاته. وقد حكي في الجواهر اعتراف غير واحد بنفي وجدان الخلاف فيه. قال: بل الاجماع بقسيمه عليه. بل يمكن دعوى القطع به.
أقول: وذلك مضافاً إلى ارتكاز المتشرعة وثبوت السيرة العلمية المستمرة منهم على ذلك يدل عليه النصوص المشتملة على بيان الحج قولا وفعلا القدر المتيقن بطلان السعي إذا اقدمه على الطواف أو صلاته عمداً وعن علم لأنه لا يتصور أقل منه بعد ملاحظة دليل الاعتبار وثبوت شرطية الترتب والتأخر.
المقام الثاني: فيما إذا كان التقديم عن غير عمد أو غير علم بأن وقع جهلا أو نسياناً. والظاهر ثبوت البطلان فيهما أيضاً لصحيحة منصور بن حازم. قال: سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت. قال: يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما.(1)
وقد حكي عن الفاضل والشهيد وغيرهما ان مقتضى اطلاق السؤال في الرواية وترك الاستفصال في الجواب، هو البطلان في الصورتين.
هذا والظاهر ان مورد السؤال في الرواية يختص بالمقام ولا يشمل صورة العمد والعلم، بل كان البطلان في هذه الصورة مفروغ عنه عند السائل وكانت الشبهة الموجبة لسؤال هو احتمال الصحة في صورة الجهل أو النسيان. وعليه فلا يبقى مجال

(1) وسائل: ابواب الطواف، الباب الثالث والستّون، ح2 .

(الصفحة22)

في وجوب كون السعي من الطريق المتعارف

مسألة 5 ـ يجب أن يكون السعي من الطريق المتعارف. فلا يجوز الإنحراف الفاحش. نعم يجوز من الطبقة الفوقانية أو التحتانية، لو فرض حدوثها بشرط أن يكون بين الجبلين لا فوقهما أو تحتهما. والأحوط اختيار الطريق المتعارف قبل إحداث الطبقتين. [1]


لاحتمال عروض التقييد لإطلاقه بسبب حديث الرفع ولا لرفعه بسبب ذلك الحديث بعد كون الجهل والنسيان دخيلا في ترتب الحكم المذكور في الصحيحة، فتدبر. ثم ان ظاهر المتن في المسألة الرابعة من مسائل الطواف المتقدمة انّ لزوم إعادة السعي في هذا الفرض بعد حمل العبارة عليه إنّما هو بنحو الإحتياط الوجوبي دون الفتوى. حيث إنه قال هناك: لو سعى قبل الطواف فالأحوط إادته بعده. لكن الظاهر ماهنا.
[1] من الظاهر ان المتفاهم العرفي من السّعي الواجب بين الصفا والمروة هو السعي بينهما من الطريق المتعارف. فلا يجوز الانحراف الفاحش يميناً أو يساراً كما إذا ابتدأ بالسعي من الصفا ثم دخل امسجد الحرام ووصل قريباً من الكعبة ثم رجع إلى المسعى وانتهى إلى المروة. فإنه من الواضح عدم جوازه سواء كانت الحركة بنحو الخط المنكسر أو المنحني أو ابتدأ بالسعي من الصفا ثم انحرف عن يمينه إلى الساحة الكبيرة التي احدثت أخير ثم رجع إلى المسعى وانتهى إلى المروة بنحو أحد الخطين المذكورين.
نعم لايجب أن يكون بنحو الخط المستقيم الهندسي الدقيق بل العرفى منه المطابق للسيرة المستمرة العملية من المتشرعة وارتكازهم ايضاً. وأمّا السعي من الطبقة الفوقانية الموجودة بالفعل أو من الطبقة التحتانية لو فرض حدوثها أو الطبقات

(الصفحة23)

في اعتبار الاستقبال الي المروة او الي الصفا عند السعي

مسألة 6 ـ يعتبر عند السّعي إلى المروة أو إلى الصفا الإستقبال إليهما. فلا يجوز امشي على الخلف أو أحد الجانبين. لكن يجوز الميل بصفحة وجهه إلى أحد الجانبين أو إلى الخلف. كما يجوز الجلوس والنوم على الصفا أو المروة أو بينهما قبل تمام السعي ولو بلا عذر. [1]


المتصلة بإحدى الطبقتين كذلك فجوازه متوقف على صدق عنوان السعي بين الجبلين وأما إذا كان العنوان هو فوقهما أو تحتهما فلا يجزى ب بعد كون المدار ماذكرنا فـي الكتاب والسنّة وارتكاز المتشرعة. ومقتضى الإحتياط الكامل الذي ينبغي أن يراعى سيّما في مثل الحج الذي لا يكاد يتحقق من المكلف في طول العمر إلاّ مرة أو مرات متعددة اختيار الطريق المتعارف قبل إحداث طبقة أخرى فوقانية أو تحتانية ـ كما لا يخفى ـ .
[1] قد عرفت ان المتفاهم من الكتاب والسنة هو المشي على النحو المتعارف المتداول الذي استمرت عليه السيرة العملية من المتشرعة. فلا يجوز المشي على البطن أو على أربع أو معلّقاً أو مثلها مما هو خارج عن النحو المذكور. وعليه فالمعتبر بعد فرض لزوم الابتداء في السعي من الصفا الإستقبال إلى المروة وفي الرجوع الإستقبال إلى الصفا. فلا يجوز المشي على الخلف والقهقري أو أحد الجانبين اليمين واليسار. نعم لا يعتبر عنوان الإستقبال بالنحو المعتبر في باب الصلاة الذي يقدح فيه الإلتفات يميناً أو شمالا بنحو يرى الخلف فإنه يجوز في المقام الميل بصفحة الوجه إلى أحد الجانبين أو إلى الخلف، لعدم كونه منافياً لما هو المتفاهم من عنوان السعي بين الصفا والمروة بالنحو المتعارف.
وأمّا الجلوس أو النوم للإستراحة، فإن كان على نفس الجبلين وعلى الصفا

(الصفحة24)



والمروة، فلا اشكال في الجواز نصّاً وفتوى. وأمّا إذا كان بينهما من جهد وتعب فلا إشكال فيه أيضاً. وأمّا إذا كان لمجرد الإستراحة من دون أن يكون جهد ومشقة فمقتضى جملة من الروايات الجواز، مثل:
صحيحة الحلبي، قال: سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة أيستريح؟ قال: نعم، إن شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فليجلس.(1)
وصحيحة معاوية بن عمّار في حديث، انه سأل ابا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة يجلس عليهما، قال: أو ليس هو ذا يسعى على الدواب.(2)
ومقتضى بعض الروايات العدم، مثل: صحيحة عبد الرحمان بن ابي عبد الله عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا يجلس بين الصفا والمروة إلاّ من جهد.(3)
والظّاهر ان استثناء الجهد قرينة على كون المراد من المستثنى منه هو الحكم التنزيهي لا التحريمي. فلا مجال لدعوى التقييد خصوصاً مع التصريح في الصحيحة الأوى بالجواز بينهما معلّقاً على المشيّة لا مشروطاً بالجهد، ولكن الاحوط مع ذلك في هذه الصورة الترك. وقد قيدنا في التعليقة عن المتن أصل الحكم في الجواز بأن الأحوط أن لا يكون بمقدار يقدح في الموالاة العرفية.

(1) وسائل: ابواب السعى، الباب العشرون، ح1.
(2) وسائل: ابواب السعى، الباب العشرون، ح2.
(3) وسائل: ابواب السعى، الباب العشرون، ح4.

(الصفحة25)

في أن الأحوط عدم تأخير السّعي الى الليل

مسألة 7 ـ يجوز تأخير السعي عن الطواف وصلاته للاستراحة وتخفيف الحرّ، بلا عذر حتى إلى الليل، والأحوط عدم التأخير إلى اللّيل، ولا يجوز التأخير إلى الغد بلا عذر. [1]


[1] أمّا أصل جواز التأخير في الجملة فممّا لا إشكال فيه، بل ولا خلاف، كما في الجواهر نفى وجد انه فيه. وأمّا التأخير إلى الليل فجوازه هو المشهور كما أن عدم جوازه إلى الغد أيضاً كذلك. لكن قال المحقّق في الشرايع في المسألة الخامسة من مسائل الطواف: من طاف كان بالخير في تأخير السّعي إلى الغد ثم لا يجوز مع القدرة. وظاهره جواز الإتيان به في الغد، لظهوره في كون الغاية داخلة في المعنى كدخولها فيه بالإضافة إلى الليل، فإن الظاهر ان المشهور القائلين بجواز التأخير إلى الليل لا يفرقون بين أجزاء الليل أوّلا ووسطاً وآخراً. وعليه فظاهر كلام المحقق أيضاً دخول الغد مع أن الظاهر انه لم يقل به أحد غيره. فلابد من حمل كلامه على خروج الغاية ليخرج من الندرة.
وأعجب من ذلك. انه حكى عن الحدائق انه نقل عن الشهيد انه قال بعد نقل ذلك من المحقق: وهو مروي مع انه لم يصل إلينا رواية دالة على جواز التأخير الى الغد بالنحو المذكور. اللهم الاّ على سبيل الإطلاق، كما في بعض الروايات ـ وكيف كان فالرّوايات الواردة في هذه المسألة عبارة عن:
صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يقدم مكّة وقد اشتد عليه الحرّ فيطوف بالكعبة ويؤخّر السعي إلى أن يبرد. فقال: لا بأس به

(الصفحة26)



وربما فعلته. وقال: وبما رأيته يؤخر السعي إلى اللّيل.(1)
قال في الوسائل بعد نقل الرواية عن الشيخ: ورواه الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان مثله إلى قوله: وربما فعلته. إلا انه قال: يقدم مكة حاجاً. ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن سنان مثل رواية الكليني وزاد: وفي حديث آخر: يؤخره إلى الليل.
والرواية مشتملة على حكايتين، حكاية القول وحكاية الفصل.
أما الاولى فمفادها جواز تأخير السعي إلى أن يبرد. والظاهر أن الجواز لا يختص بصورة الحرج والتعب والجهد لعدم كون اشتداد الحر ملازما للحرج أولا، وظهور الرواية في جواز التأخير إلى البرودة الظارة في جواز الإتيان به عند حدوث البرودة أو في الوسط أو في الآخر ثانياً، وعليه فلا مجال لتوهم كون مفاد الرواية جواز التأخير في خصوص صورة الحرج.
وأما الثانية فلا يستفاد منها الجواز إلى الليل مطلقاً ولو من دون عذر، لأنها حكايه فعل الإمام (عليه السلام) والفعل لا اطلاق له إلا إذا كان الحاكي له هو إمام آخر، وكان غرضه من حكاية بيان الحكم وفي غير ذلك لا وجه للتمسك بالإطلاق. وعليه فيحتمل أن يكون تأخيره (عليه السلام) في مورد العذر، فلا دلالة للرواية على جواز التأخير إلى الليل مطلقاً، كما ان الزيادة في نقل الصدوق لا تصلح لإثباته، فتدبر.
وصحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت فاعيى

(1) وسائل: أبواب الطواف، الباب الستّون، ح1.

(الصفحة27)



أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة ؟ قال: نعم(1) .
وصحيحة العلاء بن رزين. قال: سألته عن رجل طاف بالبيت فاعيى أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد قال: لا(2). وفي الوسائل بعد نقل الرواية عن الكليني: ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب ورواه الصدوق بإسناده عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) .
ويظهر من الجواهر ان الرواية الأخيرة روايتان يكون الراوي في أحدهما هو العلاء وفي الثانية هو محمد بن مسلم. وعليه فما يدل على عدم جواز التأخير إلى الغد روايتان صحيحتان مع أن ظاهر الوسائل كونهما رواية واحدة. ويؤيده ان الراوي عن محمد هو العلاء.
وعليه فيحتمل اتحادهما مع الصحيحة الأولى أيضاً، وإن كان بينهما اختلاف في الجواب من جهة الإثبات والنفي، وكذا في السؤال من جهة اطلاق التأخير وتقييده بالتأخير إلى الغد ، ولكنه مع ذلك لا يكون احتمال الإتحاد منتفياً خصوصاً بعد اتحاد عبارة السؤال ـ لأنه لا مجال لتعدد السؤال، سواء كان السؤال الأول واقعاً قبل الثاني أو بعده. أمّا في الفرض الأوّل فلأنّه بعد السؤال عن تأخير السعي بنحو الإطلاق الشامل للتأخير إلى الغد والجوا بالإثبات كذلك لترك الاستفصال فيه لا مجال للسؤال الثاني أصلا إلا أن يقال بظهور السؤال في التأخير في الجملة وهو لا يشمل التأخير إلى الغد. وأمّا في الفرض الثاني فمقتضى القاعدة تقييد مورد السؤال بغير الغد ـ كما لا يخفى ـ .

(1) وسائل: ابواب الطواف، الباب الستون، ح2.
(2) وسائل: ابواب الطواف، الباب الستون، ح3.

(الصفحة28)

في ركنية السّعي

مسألة 8 ـ السّعي عبادة تجب فيه ما يعتبر فيها من القصد وخلوصه، وهو ركن، وحكم تركه عمداً أو سهواً حكم ترك الطواف، كما مرّ. [1]


[1] لا شبهة في كون السعي عبادة عد وقوعه جزء للحج أو العمرة. ولا مجال لأن يكون جزء العباة غير عبادة، وعليه فيعتبر فيه ما يعتبر في العبادة من النيّة والخلوص من الرياء وغيرها فينوى السّعي الذي هو جزء لحجة الاسلام ـ مثلا ـ أو عمرتها امتثالا لأمر الله تعالى. وقد تقدم التحقيق في ذلك في باب الطواف، فراجع. كما أنه قد تقدم معنى الرّكن في باب الحج وأنه مغاير لمعناه في باب الصلاة في أوّل بحث الطواف والذي ينبغي التعرض له هنا أمران:
أحدهما انه بعد وضوح كون الإخلال بالسّعي عالماً عامداً موجباً لبطلان العباده لأنه حدّ اقل آثار الجزئية الثابتة له على ماهو المفروض، اذ لا يجتمع صحة العبادة مع الإخلال بالجزء في صورة العلم والعمد. نعم حكي عن أبي حنيفة ان السّعي واجب غير ركن، فإذا تركه كان عليه دم. وعن أحمد في روايته انه مستحبّ، لكن لا ريب في فسادهما، كما في الجواهر.
وقع الكلام في أنّ الإخلال به عن جهل هل موجب البطلان أم لا؟ سواء كان الجهل عن قصور أو تقصير. والظاهر هو الأوّل، لصحيحة معاوية بن عمّار، قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام) من ترك السّعي متعمّداً فعليه الحج من قابل(1). ومقتضى إطلاق المتعمد الشمول للجاهل، لأن الجاهل أيضاً متعمد وعمله صادر عن قصد وإرادة،

(1) وسائل: ابواب السّعي، الباب السابع، ح2.

(الصفحة29)



وإن كان المنشأ هو الجهل، من دون فرق بين قسميه، فالمتعمد في مقابل الناسي وغير الملتفت، لا في مقابل الجاهل. وبذلك يتحقق معنى ركنية السعي وإن الاخلال به عالماً أو جاهلا إذا كان عن قصد وإرادة موجب بطلان الحج ولزومه من قابل.
ثانيهما فرض النسيان. قال المحقق في الشرايع: « ولو كان ناسياً وجب عليه اإتيان به فإن خرج عاد ليأتي به فإن تعذّر عليه استناب فيه» وفي الجواهر بعد العبارة «بلا خلاف أجده في شيء من ذلك، بل عن الغنية الإجماع عليه» .
وعمدة المستند الروايات الواردة في الباب وهي:
صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له رجل نسى السّعي بين الصفا والمروة، قال: يعيد السّعي. قلت: فانّه خرج (فاته ذلك حتى خرج) قال: يرجع فيعيد السّعي إن هذا ليس كرمي الجمار، إن الرمي سنّة والسعي بين الصّفا والمروة فريضة، الحديث.(1) ومن الواضح ان المراد بالإعادة هو أصل الإتيان لفرض تركه للنسيان.
وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن رجل نسى أن يطوف بين الصفا والمروة، قال: يطاف عنه(2). ورواية زيد الشّحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله، فقال: يطاف عنه.(3)
وأنت خبير بأنّ ظاهر الرواية الأولى تعين الإتيان بالسّعي المنسي مباشرة

(1) وسائل: ابواب السعي، الباب الثامن، ح1 .
(2) وسائل: ابواب السعي، الباب الثامن، ح3.
(3) وسائل: ابواب السعي الباب الثامن ح2.

(الصفحة30)



وبنفسه وظاهر الأخيرتين تعين الإستنابة والسعي عنه وهما متنافيان.
لكن في الجواهر بعد نقل الرّوايات: « المتجه الجمع بينها ولو بملاحظة الفتاوى والاجماع المحكي وقاعدة المباشرة في بعض الأفراد ونفي الحرج وقبوله للنيابة في آخر بما عرفت » والباء في قوله بما عرفت متعلقة بالجمع. ومراده من الموصول ما تقدم من عبارة الشرايع التي نفى وجدان الخلاف فيه.
ويظهر منه ان الجمع بين الروايات بما ذكر يحتاج إلى قرائن خارجية، وإنه بدونها لا يتحقق الجمع بالنحو المذكور. ولأجله ذهب الرازقي في محكي المستند إلى أن اللازم الجمع بينها بالحمل على التخيير الذي مرجعه إلى تخيير الناسي للسّعي بين أن يرجع فيسعى بنفسه وبين أن يستنيب فيتحقق من النائب.
هذا ولكن تصدى بعض الأعلام (قدس سره) للجمع بينها بنحو ينطبق على المشهور أوّلا، ولا يكون خارجاً عن الجمع الدلالي العرفي ثانياً. وذكر لتقربه أمرين:
الأمر الأوّل: إنّ الوجوب قد يكون وجوباً شرطيّاً أو شطريّاً، كالإستقبال والتشهد بالإضافة إلى الصلاة، والأمر به يكون إرشاداً إلى الشرطيّة أو الجزئيّة. وكذلك النهي عن إتيان شيء في الصلاة يكون إرشاداً إلى المانعيّة. مثل النهي عن الإتيان بها في أجزاء ما لا يؤكل لحمه ومقتضى هذه الأوامر والنواهي الشرطية المطلقة والجزئية كذلك، والمانعية أيضاً كذلك، من دون فرق بين صورتي العلم والجهل، وكذا الإلتفات وعدمه. ولأجله لكان مقتضى القاعدة احكم بالفساد في جميع موارد الفعل، لكن حديث «لا تعاد» المعروف في باب الصلاة اقتضى الصحة في غير الخمسة المستثناة فيه.

(الصفحة31)



وقد يكون مولوياً ـ كما في المقام ـ فإن الأمر بإعادة السّعي هنا أمر مولوي ضرورة عدم بطلان الحج ـ مثلا ـ بسبب نسيان السعي وإن لم يتحقق منه أصلا لا مباشرة ولا تسبيباً . وكذا الأمر بالإستنابة.
ومن الواضح ان التكليف المولوي مشروط بالقدرة وعدم التعذر والحرج عليه. ففي صورة التعذر والحرج يرتفع الوجوب بدليل نفي الحرج، فيكون الوجوب المستفاد من صحيحة معاوية بن عمار مقيداً بالقدرة وعدم الحرج. وعليه فتكون النسبة بينها وبين صحيحة محمد بن مسلم نسبة التقييد والاطلاق . فإن صحيحة ابن مسلم وإن كانت مقيدة أيضاً بالقدرة وعدم الحرج بالإضافة إلى الإستنابة . إلاَّ انها مطلقة بالإضافة إلى السّعي بنفسه من جهة القدرة وعدهما. فالصحيحة الأولى مقيدة للثانية، والنتيجة ـ حينئذ ـ مع المشهور .
الأمر الثاني: ما وصفه بكونه تقريباً أوضح، وحاصله ان كل أمر نفسي مولوي ظاهر في الوجوب التعيني، فيما لم تكن قرينة على خلافه. فالوجوب التعيني ما يقتضيه اطلاق الدليل. فإذا أورد أمران في موضع واحد ولم ينهض دليل على ان الواجب شيء واحد، بل احتمل انه واجبان فيثبت ان كل واحد واجب تعيني ولا وجه لرفع اليد عن ذلك، بل اللازم الالتزام بالوجوبين معاً. كما ورد الأمر في مورد القتل الخطائي بالدية والكفارة وهما واجبان معاً. وكذا في باب الصلاة بالإضافة إلى بعض الأجزاء المنسيّة.
وأمّا إذا كان التكليف وحداً ولم يحتمل تعدّد الواجب، فلا يجري احتمال الوجوب التعيني لهما معاً. كما في مورد الأمر بصلاة الظهر والجمعة أو بالقصر والإتمام فحينئذ

(الصفحة32)



يقع التعارض بين الدليلين. لكن طرفا التعارض ليس هما الوجوبان بذاتهما لعدم المنافاة، بل هي بين الوجوبين التعينيين فالنتيجة سقوط الإطلاقين وثبوت الوجوبين بنحو التخيير .
ولا مجال لتوهم كون المقام من هذا القبيل، لأن سقوط الإطلاقين في المقام لا موجب له، وذلك للعلم بسقوط الإطلاق من صحيحة ابن مسلم، لأنه لا تحتمل أن تكون الاستنابة واجباً تعيينياً، لأنها إمّا تخييري أو في مرتبة متأخرة، فلا إطلاق للصحيحة المذكورة. وأمّا صحيحة معاوية فلا مانع من الأخذ بإطلاقها وبطبيعة الحال يقيد بالتمكن فقط، لأدلّة نفي الحرج. فالوجوب التعييني للاستنابة ساقط، لكن الوجوب المباشري المستفاد من صحيحة معاوية نحتمل تعينه، فيؤخذ باطلاقه. فالنتيجة أيضاً مع المشهور.
لكن هذا الأمر الثاني يبتنى على استفادة التعيينية من اطلاق الوجوب الذي تدل عليه هيأت الفعل أو مثل لفظ «يجب» وقد حققنا في الأصول تبعاً لسيدنا الأستاذ الماتن (قدس سره) انه لا يعقل أن تكون نتيجة الاطلاق الذي ينطبق على المقسم هو واحد القسمين بعد لزوم أن يكون في القسم خصوصية زائده على المقسم مغايرة للخصوصية الموجودة ي القسم الآخر فما أفاده من استفادة الوجوب التعييني من الاطلاق مع كونه قسماً من مطلق الواجب ونوعاً من طبيعته مما لا يستقيم لوجه ومع الإغماض عن هذا المبنى يكون تقريباً صحيحاً، لما ذهب إليه المشهور، ولا يبقى مجال للتخيير الذي أفاده صاحب المستند (قدس سره) .

(الصفحة33)

في الزيادة على السبعة سهواً

مسألة 9 ـ لو زاد فيه سهواً شوطاً أو أزيد صحّ سعيه، والأولى قطعه من حيث تذكر، وإن لايبعد جواز تتميمه سبعاً، ولو نقصه وجب الإتمام أينما تذكره. ولو رجع إلى بلده وأمكنه الرجوع بلا مشقة وجب، ولو لم يمكنه أو كان شاقّاً إستناب، ولو أتى ببعض الشوط الأوّل وسهى ولم يأت بالسّعي، فالأحوط الإستيناف. [1]


[1] يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين.
المقام الأول: في الزيادة السهوية. ولا شبهة نصّاً وفتوى في عدم كونها قادحة في صحة السّعي وتماميته من دون فرق بين أن تكون الزيادة كذلك شوطاً أو أزيد. إنما الكلام في حكمه بعد التذكر من جهة لزوم القطع أو جواز التتميم سبعاً. وقد ورد فيه طائفتان من الرّوايات:
الطائفة الأولى: ما ظاهرها لزوم القطع والطرح من حيث تذكر، مثل:
صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط. ما عليه؟ فقال: إن كان خطأ اطرح واحداً واعتد بسبعة.(1)
وصحيحة معاوية بن عمّار، قال: من طاف بنى الصفا والمروة خمسة عشر شوطاً طرح ثمانية واعتدّ بسبعة، قال: وإن بدأ بالمروة فليطرح ويبدأ بالصفا.(2)
وصحيحة جميل بن درّاج، قال: حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة

(1) وسائل: ابواب السعي، الباب الثالث عشر، ح3.
(2) وسائل: اورد صدرها في ابواب السعي، الباب الثالث عشر، ح4، وذيلها في الباب العاشر، ح3.

(الصفحة34)



أربعة عشر شوطاً، فسألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن ذلك، فقال: سبعة لك وسبعة تطرح.(1)
ولكن الظاهر ان موردها الجهل. خصوصاً بقرينة قوله: «ونحن صرورة» وغير ذلك من الروايات الظاهرة في ذلك.
الطائفة الثانية: ما ظاهرها لزوم إضافة الستّة إلى الشوط الزائد الذي وقع نسياناً وهي:
صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن في كتاب عليّ (عليه السلام) إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستين ثمانية أضاف إليها ستّاً، وكذلك إذا استيقن انه سعى ثمانية أضاف إليها ستّاً.(2) وقد جمع الأصحاب بين الطائفتين بالحمل على التخيير. نعم حكي عن ابن زهرة الإقتصار على الثاني، ولكنه ليس خلافاً ـ كما في الجواهر ـ خصوصاً بعد الحكم بجوازه وكونه مندوباً.
لكنه أشكل التخيير في مجمي الحدائق بقوله: إن السّعي ليس كالطواف والصلاة يقع واجباً ومستحباً فإنا لم نقف في غير هذا الخبر على ما يدل على وقوعه مستحبّاً.
قال في المدارك: ولا يشرع استحباب السعي إلاَّ هنا ولا يشرع ابتداء مطلقاً واللازم من الطواف ثمانية كون الابتداء بالثامن من المروة، فكيف يجوز أن يعتد به ويبني عليه سعياً مستأنفاً مع اتفاق الأخبار وكلمة الأصحاب على وجوب الإبتداء في السعـي من الصفا. وانه لو بدأ من المروة وجب عليه الإعادة، عمداً كان أو سهواً.
وبالجملة فالظاهر بناء على ما ذكرناه هو العمل بالأخبار الأدلة من طرح الزائد

(1) وسائل: أبواب السّعي، الباب الثالث عشر. ح5.
(2) وسائل: ابواب الطواف، الباب الرّابع والثلاثون، ح10.

(الصفحة35)



والإعتداد بالسبعة الأوّلة. وأمّا العمل بهذا الخبر فمشكل. قال: والعجب من سيّد المدارك حيث لم ينتبه لذلك وحمل على موافقة الأصحاب في هذا الباب.
وتبعه في ذلك صاحب الرياض مع اضافة انّ صحيحة محمد بن مسلم تحمل على كون مبدأ الأشواط فيها بالمروة دون الصفا، ويكون الأمر بإضافة الست إنّما هو لبطلان السبعة الأولى لوقوع البدأة فيها بها. بخلاف الشوط الثامن لوقوع البدأة فيه من الصّفا.
هذا ولكن الإشكال في غير محلّه، بل كما في الجواهر: اجتهاد في مقابل النص فإنه لا مانع من استحباب السّعي بهذه الكيفية المذكورة في الرواية، وإن كان السّعي الابتدائي لا يكون مستحبّاً لعدم كونه مثل الطواف في الاتصاف بالوجوب والاستحباب. كما ان الدليل على عدم وقوع إبتداء السعي من المروة مطلق قابل للتقييد بهذه الصورة، لأنه ليس من الأحكام العقلية غير القابلة للتخصيص أو الأحكام التي كان طبعها آبياً عن التخصيص. وعليه فلا مانع من اتصاف السعي بالصحة في خصوص المورد وإن كان الإبتداء به من المروة. والحمل المذكور في الرياض خلاف الظاهر جدّاً. وعليه فلا محيص عمّا هو المشهور.
ثم إن من رواية صحيحة يكون مفادها مغايراً لكلتا الطائفتين المتقدمتين المشتركتين في صحة أصل السعي الواقع الذي زيد عليه سهواً. وهي صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على واحد وليطرح ثمانية; وإن طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط

(الصفحة36)



فليطرحها وليستأنف السعي، وإن بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصّفا.(1)
والمحكيّ عن الشيخ (قدس سره) في التهذيب: انه حمل الصحيحة على صورة العمد حيث ذكر ان من تعمّد ثمانية أعاد السعي وإن سعى تسعة لم تجب عليه الإعادة وله البناء على ما زادم واستشهد بالرواية.
ويرد عليه ـ مضافاً إلى ظهور الصحيحة في غير صورة التعمد ـ إن حملها عليها لا يصحّحها لأن الزيادة العمديّة مبطلة في السعي ـ كما عرفت في اوّل البحث ـ مع أن الشوط التاسع الذي يكون ابتدائه من الصفا وإن كان واجداً للشرط من هذه الجهة إلاّ أنه قد أتى به فرضاً بعنوان الجزئية للسعي الأوّل الباطل، فكيف يكون جزء لعبادة مستقلة أخرى.
والمحكي عنه في الاستبصار المتابعة للصدوق في الفقه في حمل الفرضين في الصحيحة على صورة النسيان وإن الفرض استيقان الزيادة وهو على المروة لا الصفا فيبطل سعيه في الفرض الثاني لابتدائه من المروة، لأنه لا يجتمع استيقان الثمانية على المروة إلاَّ مع كون الشروعى منها. ويصحّ اشوط التاسع في الفرض الأوّل لابتدائه التاسع من الصّفا.
ويرد عليه أيضاً إن حمل الصحيحة على صورة النسيان وإن كان صحيحاً إلاَّ أن دعوى كون المراد منها في كلا الفرضين صورة التذكر والاستيقان وهو على المروة لا شاهد لها اصلا. بل الظاهر منها ان شروع السعي في كلا الفرضين كان من الصفا، وإن الإشكال إنّما هو من ناحية الزيادة بحيث لو لم تكن زيادة في البين، لما كان إشكال في

(1) وسائل: اورد صدرهيا فيه في الباب الثاني عشر من ابواب السعي، ح1; وذيلها في الباب العاشر منها، ح2.

(الصفحة37)



السعي بوجه، وان الفرق بين الصورتين إنّما هو من ناحية الزيادة الواقعة من جهة الشوط أو الشوطين.
ويرد عليه أيضاً ما أوردناه على الحمل الأوّل من عدم وقوع الشوط التاسع بعنوان السّعي الذي هو عبادة مستقلة، بل بعنوان الجزئية للسّعي الأوّل.
والإنصاف ان الصحيحة غير قابلة للحمل والتوجيه ومعارضته للطائفتين الأوّلتين. فامّا أن يقال بلزوم الإعراض عنها لإعراض المشهور، وهو قادح في الحجية. وإمّا أن يقال بأنه على فرض التعارض تصل النوبة إلى المرجحات. وأوّلها ـ كما ذكرنا مراراً ـ هي الشهرة في الفتوى المطابقة لغيرهاز
ثم الظاهر انه إذا كان الزائد المنسيّ أقلّ من شوط واحد. فالروايات وإن كانت لا تشمله لورودها في مورد زيادة شوط واحد أو شوطين أو أزيد، إلاَّ أن دلالة الطائفة الأولى على حكمه إنّما هي بنحو الأولويّة، لأنّه إذا كان الشوط الكامل أو أزيد لازم الطرح في صورة النسيان فطرح الأقل من شوط واحد. وإلغائه إنما يكون بطريق أولى. والشاهد فهم العرف واستفادتهم ذلك.
وأمّا الطائفة الثانية الدالة على التكميل والإضافة، فلا دلالة لها على جواز التكميل في هذه الصّورة لأن موردها ـ مع وحدتها ـ هي صورة إضافة شوط كامل نسياناً ولا تشمل صورة زيادة الأقل ولا أولوية بالإضافة إلى هذه الطائفة لأنه لا يكون في البين أولوية من هذه الجهة. ولا يلازمه بين الجهتين أصلا. نعم يستفاد منها جواز التكميل والتتميم بالإضافة إلى الزائد عن شوط واحد بطريق أولى. فإنه إذا كان التكميل اسبوعين مشروعاً مع زيادة شوط واحد على الأشواط السبعة

(الصفحة38)



الأصلية فمشروعيته فيما إذا كان الواقع زائداً على شوط واحد بطريق أولى ـ كما لا يخفى ـ هذا تمام الكلام في الزيادة السهويّة.
المقام الثاني: في النقيصة اسهوية. وهي بخلاف الزيادة لا تكاد تتحقق إلاَّ على تقدير فوت الموالات بناء على اعتباره أو الدخول فيما يكون مترتّباً على السعي مثل التقصير.
أمّا الأقوال، فالظاهر اتفاقها على عدم كون الإخلال بالسعي بهذا النحو موجباً لبطلانه في الجملة. إنّما الإختلاف في سعة هذه الدائرة وضيقها. ففي الجواهر: إن مقتضى اطلاق المتن والقواعد والشيخ في كتبه وبنى حمزة وإدريس والبرّاج وسعيد على ما حكي عن بعضهم عدم الفرق بين تجاوز النصف وعدمه. لكن عن المفيد وسلاّر وأبي الصلاح وابن زهرة اعتبار التجاوز عن النصف في البناء مثل الطواف بل عن الغنية الإجماع عليه. ومنه يظهر ان نسبة التفصيل الى الفقهاء (قدس سره) في غير المحلّ بل ظاهر الجواز ان الشهرة على خلافه، وما يمكن أن يستدل به على التفصيل روايتان:
إحديهما: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصّفا والمروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فاتّمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته، فإن هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوّله.(1)
ثانيتهما: مرسلة أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة

(1) وسائل: ابواب الطواف، الباب الخامس والثمانون، ح1 .

(الصفحة39)



طافت خمسة أشواط ثم اعتلت، قال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصّفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت فإذا هي قطعت طوافها في أقلّ من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوّله.(1)
والرّوايتان مضفاً إلى ضعف سندهما، يكون اشتمالهما على مانعية الحيض عن السعي. كالطواف مانعاً عن الأخذ بهما لمعلومية عدم مانعية الحيض بالإضافة إلى السعي بوجه، وعدم اشتراط الطهارة فيه كذلك. فإنه يجوز للحائض الشروع في السّعي وتكميله بخلاف الطواف ـ على ما مرّ ـ فلا مجال للأخذ بالروايتين أصلا.
وقد استدل صاحب المستند على الإطلاق برواية صحيحة لمعاوية بن عمار امشتملة على قوله (عليه السلام) : فإن سعى الرجل أقل من سبعة أشواط، ثم رجع إلى أهله، فعليه أن يرجع فيسعى تمامه وليس عليه شيء، وإن كان لم يعلم ما نقص فعليه أن يسعى سبعاً، وإن كان قد أتى أهله أو قصّر وقلم أظافره فعليه دم بقرة.
والظاهر انّها لا تكون رواية، بل من كلام الشيخ (قدس سره) في التهذيب ذكره بعد صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة الواردة في الزيادة السّهوية بعنوان صورة المسألة وبيانها أوّلا حتى يستدل عليه بالرواية أو الروايات الواردة فيها ولا تكون رواية اصلا، والشاهد عليه قوله بعده: روى ثم ذكر رواية سعيد بن يسار دليلا وقد اشتبه على مثل صاحب المستند وبعض آخر. فلا مجال للإستناد بإطلاقها بعنوان الرّواية.
والرواية الصحيحة الواردة في المقام هي صحيحة سعيد بن يسار الآتية في المسألة العاشرة الواردة في رجل سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط، ثم رجع إلى

(1) وسائل: ابواب الطواف الباب الخامس والثمانون، ح2.

(الصفحة40)



منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافيره وأحلّ ثم ذكر انه سعى ستة أشواط المشتملة على قوله (عليه السلام) : إن كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطاً إلى آخر الحديث.(1) ومثلها رواية عبد الله بن مسكان التي في سندها محمد بن سنان.(2)وموردها وإن كان هو السّعي ستة أشواط إلاَّ أنه لا شبهة في إلغاء الخصوصية منه فيما إذا سعى خمسة أشواط وذكر بعد التقصير والإحلال، بل فيما إذا سعى أربعة أشواط التي يتحقق بها التجاوز عن النصف.
وأما التعميم بالإضافة إلى صورة عدم التجاوز عن النصف، كما إذا سعى ثلاثة أشواط أو أقل فيحتاج إلى الدليل. خصوصاً بعدما عرفت من فتوى جماعة من الأصحاب بالتفصيل بين الصورتين وذهاب المشهور إلى خلافه ـ كما عرفت ـ انه مقتضى اطلاق كلماتهم وتصريح صاحب الجواهر (قدس سره) بذلك لا يكون قرينة على سعة دائرة إلغاء الخصوصية وعموميّته لجميع الموارد، خصوصاً بعد ثبوت التفصيل في باب الطواف ـ على ما عرفت ـ ولا ملازمة بين عدم اعتبار مثل الطهارة في السعي وعدم الفرق بين الصورتين ـ كما لا يخفى ـ فالإنصاف ان استفادة الإطلاق من الصحيحة مع ورودها في مورد التجاوز عن النصف مشكلة جدّاً. فمقتضى الإحتياط الوجوبي الاستيناف من رأس إذا لم يتمّ الشوط الرّابع.
ثم إنه في المتن بعد الحكم بلزوم إتمام النقيصة أينما تذكر بنحو الإطلاق إحتياط وجوباً بالإستيناف فيما إذا لم يأت بشوط واحد كامل حنما عرض له النسيان. ففي

(1) وسائل: أبوب اب السعي الباب الرابع عشر ح1.
(2) وسائل السعي الباب الرابع عشر ح2.

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>