قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
(الصفحة241)
لا تستعمل الطائفة إلاّ في مقام يكون هناك جماعة أشمل وأوسع منها ، وبهذا الاعتبار تكون الطّائفة قطعة من ذلك المجموع وبعضاً منه ، وعليه فاستعمالها بهذا الاعتبار في مثل القطعة من الثوب لا ينافي اعتبار الإحاطة والاحتفاف فيها أيضاً ، مضافاً إلى أنّه لم يعلم استعمالها ولو مجازاً في مثل غير القطعة من الثوب التي يكون لها احتفاف وإحاطة أيضاً ، وعلى ما ذكرنا فالظّاهر أنّه بملاحظة العرف لا مجال للمناقشة في أنّ أقلّها ثلاثة ، إلاّ أنّه لا مساغ للإغماض عن الرواية المعتبرة المفسّرة لها بالواحد ، فيصير هذا هو الأقوى .
الرابع: أنّه ينبغي أن يكون الأحجار صغاراً ، بل هو الأحوط ، ويدلّ عليه ما ورد في رواية أبي بصير المتقدّمة من قوله (عليه السلام): ويرمي الإمام ثمّ يرمي الناس بعدُ بأحجار صغار(1) . وفي رواية سماعة المتقدّمة أيضاً من قوله (عليه السلام): ثمّ يرمي الإمام ويرمي الناس بأحجار صغار(2) .
وظاهر الروايتين لزوم كون الأحجار صغاراً ، لوقوعهما في مقام بيان كيفيّة الرجم وأحكامه ، وعليه فالفتوى بالاستحباب لعلّها بملاحظة أنّه لا يظهر من الأصحاب الفتوى بالوجوب ولو بلحاظ عدم تعرّض كثير منهم لهذه الجهة ، ولكنّ الأحوط لو لم يكن الأقوى هو الوجوب .
وهل المراد من الصغار في الروايتين ما يقابل الكبير والمتوسّط ، أو ما يقابل الكبير فقط؟ قال في الجواهر: يمكن إرادة الأحجار المعتدلة من الصغار في النصوص(3) ، ولعلّه لذا قال في القواعد وكشف اللثام: ولا يرجم بحصى صغار جدّاً
(1، 2) تقدّمتا في ص225 .
(3) جواهر الكلام: 41/355 .
(الصفحة242)
يعذّب بطول الضرب مع بقاء الحياة(1) ، ولكنّ المستفاد من المتن أنّ عدم جواز الرجم بالحصى إنّما هو لعدم صدق الحجر عليه ، والظّاهر مدخلية عنوان الحجر في صدق الرجم أيضاً ; لأنّ معناه لغة هو الرمي بالحجارة ، مضافاً إلى دلالة الروايتين على اعتبار الحجريّة .
وكيف كان ، فبملاحظة الروايتين ، ومعنى الرجم الذي يعتبر فيه الرمي أنّه لا يجوز بصخرة كبيرة تقتله بواحدة أو اثنتين ; لعدم تحقّق الرمي بالإضافة إليها ، مضافاً إلى أنّه خلاف المأثور كما لا يخفى .
الخامس: أنّ الأحوط أن لا يقيم عليه الحدّ من كان على عنقه حدّ ، وفي المسألة قولان: أحدهما: القول بالتحريم ، وقد نسبه إلى القيل في الشرائع(2) . ثانيهما: الكراهة ، ونسبه في الرياض إلى ظاهر الأكثر بل المشهور ، بل في أثناء كلامه دعوى الاتّفاق على الكراهة ظاهراً(3) ، وفي محكيّ كشف اللثام نسبتها إلى ظاهر الأصحاب(4) .
وكيف كان ، فقد وردت في المسألة روايات لابدّ من ملاحظتها:
منها: صحيحة زرارة ـ على ما في الوسائل ـ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: اُتي أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل قد أقرّ على نفسه بالفجور ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: أغدوا غداً عليَّ متلثّمين ، فقال لهم: من فعل مثل فعله فلا يرجمه ولينصرف ، قال:
(1) قواعد الأحكام: 2/255 ، كشف اللّثام: 2 / 404 .
(2) شرائع الإسلام: 4/939 .
(3) رياض المسائل: 10/76 .
(4) كشف اللثام: 2/404 .
(الصفحة243)
فانصرف بعضهم وبقي بعضهم ، فرجمه من بقي منهم(1) .
ولكنّ الحديث على ما في محكيّ الكافي والتهذيب بدل «زرارة» «عمّن رواه» وإضافة كلمة: «أو أبي عبدالله (عليه السلام)»(2) . وعليه فلا تخرج الرواية أيضاً عن الحجّيّة بعد اعتبار مراسيل ابن أبي عمير ، ولا خفاء في ظهورها في النهي والتحريم .
ومنها: مرفوعة أحمد بن محمّد بن خالد ، التي رواها بطريق صحيح عليّ بن إبراهيم ، عن أبي بصير ـ يعني المرادي ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، المشتملة على قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في قصّة رجل أتاه بالكوفة وأقرّ بالزنا أربع مرّات: معاشر المسلمين إنّ هذه حقوق الله ، فمن كان لله في عنقه حدّ فلينصرف ، ولا يقيم حدود الله من في عنقه حدّ ، فانصرف الناس وبقي هو والحسن والحسين ، فرماه كلّ واحد ثلاثة أحجار فمات الرجل(3) .
ولا خفاء أيضاً في ظهورها في الحرمة ، خصوصاً مع أنّ الحكم التنزيهي لا يناسب الإنصراف الذي يترتّب عليه الإقرار الضمني ، الموجب للسقوط عن أعين الناس وهتك الحيثيّات ، وإن كان يدفعه التلثّم بحيث لا يعرف أحد أحداً ، ولكنّه مع ذلك لا يناسب مع الحكم التنزيهي غير التحريمي ، كما لا يخفى .
ومنها: ما رواه الأصبغ بن نباتة في الحديث الوارد في رجل أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)فأقرّ عنده بالزنا ، المشتمل على قوله (عليه السلام) مخاطباً لمن حضر لشهود العذاب: نشدت الله رجلا منكم لله عليه مثل هذا الحقّ أن يأخذ لله به ، فإنّه لا يأخذ لله بحقّ
(1) وسائل الشيعة: 18 / 342 ، أبواب مقدّمات الحدود ب31 ح2 .
(2) الكافي: 7/188 ح2 ، التهذيب: 10/11 ح25 .
(3) وسائل الشيعة: 18 / 342 ، أبواب مقدّمات الحدود ب31 ح3 .
(الصفحة244)
من يطلبه الله بمثله . . . (1) .
ومنها: رواية ميثم ، المشتملة على قول أمير المؤمنين (عليه السلام) مخاطباً للناس الحاضرين في رجم امرأة أقرّت عنده بالزنا أربع مرّات: أيّها الناس إنّ الله عهد إلى نبيّه(صلى الله عليه وآله) عهداً عهده محمّد(صلى الله عليه وآله) إليَّ بأنّه لا يقيم الحدَّ من لله عليه حدّ ، فمن كان لله عليه مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحدّ (2) .
وفي محكيّ المسالك الحكم بقصور سند هذه الرواية(3) ، ولكنّ الظّاهر أنّها على بعض طرق نقلها صحيحة ، وإن كان على البعض الآخر ليست كذلك .
والظّاهر من الروايات كما ذكرنا هو التحريم ، وعن السرائر: وروي أنّه لا يرجمه إلاّ من ليس لله سبحانه في جنبه حدّ ، وهذا غير متعذّر; لأنّه يتوب فيما بينه وبين الله تعالى ثمّ يرميه(4) .
ولكنّه ربّما يقال بحمل النهي فيها على الكراهة ، مضافاً إلى ما قيل من وجوب القيام بأمر الله تعالى ، وعموم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والرجم من هذا القبيل .
ويرد عليه أنّ منشأ حمل النهي على الكراهة إن كان هو قصور سند الروايات ، فقد عرفت أنّ سند أكثرها صحيح أو كالصحيح ، وإن كان هو استفادة المشهور منه الكراهة ، فمن الواضح عدم حجّية فهم المشهور فيما يتعلّق بمقام دلالة الروايات ، بل اللازم اتّباع ما هو ظاهرها بحسب العرف واللّغة ، وأمّا الوجوب المذكور فهو
(1) وسائل الشيعة: 18 / 342 ، أبواب مقدّمات الحدود ب31 ح4 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 341 ، أبواب مقدّمات الحدود ب31 ح1 .
(3) مسالك الأفهام: 14/388 ـ 389 .
(4) السرائر: 3/454 .
(الصفحة245)
لا يجتمع مع الكراهة أيضاً ، فالأحوط بملاحظة ما ذكرنا ـ لو لم يكن أقوى ـ هو عدم إقامة الحدّ ممّن كان عليه حدّ مطلقاً ، أو خصوص الحدّ المماثل على ماسيجيء.
بقي في هذا المقام اُمور:
الأوّل: أنّ الحكم ـ تحريماً أو تنزيهاً ـ شامل لمطلق الحدّ ، أو يختصّ بالحدّ المماثل للحدّ الذي أريد إجرائه ؟ وجهان: ظاهر الجملة الاُولى من رواية ميثم والمرفوعة هو الأوّل ، وظاهر ذيل رواية ميثم ورواية زرارة ورواية الأصبغ ، الثاني . ويمكن أن يقال ـ كما في الجواهر ـ بعدم المنافاة بينهما(1) ، ولعلّه لكونهما مثبتين ، ولا وجه لحمل المطلق على المقيّد في هذه الصورة ، ويؤيّده الجمع بين الأمرين في رواية ميثم على ما عرفت .
نعم ، ذكر القيد لابدّ وأن يكون له نكتة حتّى لا يكون لغواً ، ومن الممكن أن يكون الوجه فيه تحقّق الشدّة في مورد القيد ، خصوصاً على الكراهة التي يكون فيها المراتب في كثير من الموارد ، ويؤيّد ما ذكرنا من التعميم مساعدته للاعتبار ، فإنّ الملاك فيه أنّ من كان مديوناً لله تعالى ولم يف دينه لا يناسبه استيفاء الدين الإلهي من غيره ، كما لا يخفى .
الثاني: أنّه لو تاب عنه بينه وبين الله جاز إقامته ، لما مرّ سابقاً في بعض المسائل المتقدّمة من أنّ التوبة قبل البيّنة أو الإقرار يوجب سقوط الحدّ ، وعليه فالتائب لا يكون لله عليه حقّ بملاحظة توبته ، وقد عرفت فيما [تقدّم] عن ابن إدريس من الحكم بعدم التعذّر بعد انفتاح باب التوبة والرمي بعدها ، ولكن عرفت في بعض روايات الباب أنّه بعد قول أمير المؤمنين (عليه السلام) انصرف الناس كلّهم ولم يبق غيره
(1) جواهر الكلام: 41/356 ـ 357 .
(الصفحة246)
وغير الحسنين (عليهم السلام)(1) . ومن البعيد جدّاً عدم توبتهم جميعاً في ذلك الوقت ، وذكر في الجواهر أنّه يمكن أن يكون لعدم علمهم بالحكم(2) .
ولكنّه يبعّده أنّه ينبغي للإمام العالم بيان ذلك حتّى لا ينصرف كلّ الناس ، خصوصاً مع ما في الإنصراف ممّا عرفت ، والذي يحتمل وجهاً لذلك أنّه كان غرض أمير المؤمنين (عليه السلام) من ذلك إثبات مزيّة للحسنين (عليهما السلام) مقدّمة لإمامتهما ، خصوصاً مع ما في بعض الروايات من أنّه كان في جملة النّاس المنصرفين بعض أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام)(3) أيضاً ممّن اعتقد جماعة بإمامته ، فتدبّر .
الثالث: أنّه لا فرق في الحكم المذكور بين ما إذا ثبت زنا المرجوم بالإقرار أو بالبيّنة ، لكن عن الصيمري الاختصاص بالأوّل ، نظراً إلى أنّه إذا قامت البيّنة فالواجب بدأة الشهود(4) ، ومن الممكن ثبوت الحدّ عليهم فيما بينهم وبين الله ، وإلى أنّ مورد جميع الروايات المتقدّمة هي صورة الإقرار .
ويدفع الأوّل ـ مضافاً إلى أنّ مقتضاه عدم ثبوت الحكم بالإضافة إلى الشهود فقط ، لا بالإضافة إلى جميع الناس الذي هو المدّعى ـ أنّه كان الواجب عليهم في هذه الصورة هي التوبة ، ومع الإخلال بها والإصرار على عدمها يخرجون عن العدالة المعتبرة فيهم قطعاً .
مع أنّ النسبة بين دليل لزوم بدأة الشهود وبين أدلّة المقام هي العموم من وجه ، ومادّة الإجتماع هي الشهود غير التائبين ، ولا دليل على ترجيح ذلك الدّليل
(1) وسائل الشيعة: 341 و 342 ، أبواب مقدّمات الحدود ب31 ح1 و 3 .
(2) جواهر الكلام: 41/357 .
(3) الكافي: 7/185 ـ 187 ح1 ، التهذيب: 10/9 ـ 11 ح23 .
(4) غاية المرام: 4 / 320 .
(الصفحة247)
مسألة 6: إذا أُريد رجمه يأمره الإمام(عليه السلام) أو الحاكم أن يغتسل غسل الميّت بماء السدر ، ثمّ ماء الكافور ثمّ القراح ، ثمّ يكفّن كتكفين الميّت يلبس جميع قطعه ، ويحنّط قبل قتله كحنوط الميّت ، ثمّ يرجم فيصلّى عليه ويدفن بلا تغسيل في قبور المسلمين ، ولا يلزم غسل الدم من كفنه ، ولو أحدث قبل القتل لا يلزم إعادة الغسل ، ونيّة الغسل من المأمور ، والأحوط نيّة الآمر أيضاً1.
على أدلّة المقام في مورد التعارض ، ومن الممكن دعوى العكس .
ويدفع الثاني ، وضوح أنّ المورد لا يكون مخصّصاً ، خصوصاً بعد ظهور التعبير في الملاك الذي هو مستند الحكم ، كما لا يخفى .
1 ـ قال الشيخ(قدس سره) في الخلاف: «من وجب عليه الرجم يؤمر بالاغتسال أوّلا والتكفين ، ثمّ يرجم ويدفن بعد ذلك بعد أن يصلّي عليه ولا يغسل بعد قتله ، وقال جميع الفقهاء: إنّه يغسل بعد موته (قتله) ويصلّى عليه ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم لا يختلفون فيه»(1) .
والأصل في الحكم رواية مسمع كردين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: المرجوم والمرجومة يغسلانِ ويحنّطانِ ويلبسانِ الكفن قبل ذلك ، ثمّ يرجمان ويصلّى عليهما ، والمقتصّ منه بمنزلة ذلك يغسّل ويحنّط ويلبس الكفن ، ثمّ يقاد ويصلّى عليه(2) .
ورواه الصدوق(3) مرسلا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والشيخ تارة بإسناده عن
(1) الخلاف: 5/385 ـ 386 مسألة 28 .
(2) وسائل الشيعة: 2 / 703 ، كتاب الطهارة ، أبواب غسل الميّت ب17 ح1 .
(3) من لا يحضره الفقيه: 1/157 ـ 158 ح440 .
(الصفحة248)
الكليني ، واُخرى بسند آخر مرسلا عن مسمع كردين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)مثله(1) .
وعلى أيّ حال فالرواية ضعيفة من حيث السند ، إمّا للإرسال وإمّا لغيره ، ولكنّها منجبرة بفتوى الأصحاب به من غير خلاف يعرف ، كما اعترف به في محكيّ المعتبر(2) والذكرى(3) ، هذا من جهة السند . وأمّا من جهة المتن ففي التهذيب «يغتسلان» بدل يغسّلان .
وليس المراد من قوله (عليه السلام): «يغسّلان» أنّ المباشر للغسل غيرهما من الحاكم أو نائبه ، بل الظّاهر أنّ المراد به هو الأمر بأن يغتسل بنفسه ; لعدم معهوديّة غسل الحي القادر عليه كغسل الميّت ، غاية الأمر أنّ شدّة الإضافة ربّما تقتضي وقوع النيّة من الآمر ، ولذا احتاط في المتن نيّته أيضاً زائدة على نيّة المأمور .
كما أنّ المستفاد من هذا القول وممّا عطف عليه من التحنيط والتكفين خصوصاً بعد الاقتصار على الصلاة عليه بعد الرجم ، أنّ هذا الغسل هو غسل الميّت قد قدِّم على الموت في المرجوم والمقتصّ منه ، لا أنّه غسل آخر ، فلابدّ من مراعاة الكميّة والكيفيّة المعتبرتين فيه ، كما أنّ المراد من التكفين هو التكفين المعتبر في الميّت وكذا التحنيط ، وعليه فلا مجال للتمسّك بإطلاق وجوب التغسيل والحكم بكفاية غسل واحد على نحو سائر الأغسال .
نعم ، يستفاد من الإطلاق الدّالّ على الاكتفاء بهذا الغسل ، عدم لزوم الإعادة لو أحدث قبل القتل ، من دون فرق بين ما إذا كان الحدث هو الأصغر أو الأكبر ، كما أنّ مقتضى الاقتصار على الصلاة عليه بعد الرجم عدم لزوم غسل الدم من كفنه ،
(1) التهذيب: 1/334 ح978 و 979 .
(2) المعتبر في شرح المختصر: 1/347 .
(3) ذكرى الشيعة: 1 / 329 .
(الصفحة249)
مع أنّ القاعدة تقتضي تلطّخه بالدم ، كما أنّ مقتضاه عدم تكرار الغسل بعده ; لأنّه لا يلائم مع التقديم ، وفي رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)الواردة في قصّة رجل أتاه ـ أي عليّاً (عليه السلام) ـ بالكوفة ، المشتملة على رجمه والصلاة عليه ودفنه ، فقيل: يا أمير المؤمنين ألا تغسّله؟ فقال: قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة ، لقد صبر على أمر عظيم(1) .
فإنّ الظّاهر أنّ المراد بقوله (عليه السلام): قد اغتسل هو الاغتسال الواقع قبل الرجم ، خصوصاً مع وقوعه جواباً عن الاعتراض عليه من جهة عدم التغسيل ، ويحتمل أن يكون المراد به هو التطهير الحاصل بإجراء الحدّ والرجم ، ويؤيّده التعبير بالتطهير في قول الرجل في صدر الرواية: «إنّي زنيت فطهّرني» وكيف كان فلا تجب إعادة الغسل بوجه .
وأمّا الدفن ، فيدلّ عليه مضافاً إلى رواية أبي بصير ، ما في ذيل رواية أبي مريم ، الواردة في امرأة أتت أمير المؤمنين (عليه السلام) ، المشتملة على قوله (عليه السلام) بعد رجمها: فادفعوها إلى أوليائها ، ومروهم أن يصنعوا بها كما يصنعون بموتاهم(2) .
والرواية النبويّة الواردة في المرأة الجهنية ، التي أمر بها نبي الله ، فشدّت عليها ثيابها ، ثمّ أمر بها فرجمت ، ثمّ أمرهم فصلّوا عليها ثمّ دفنوها ، فقال عمر: يا رسول الله تصلّي عليها وقد زنت؟ فقال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهلوجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها(3).
والرواية النبويّة الاُخرى الواردة في الغامدية: لقد تابت توبة لو تابها صاحب
(1) وسائل الشيعة: 18 / 375 ، أبواب حدّ الزنا ب14 ح4 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 380 ، أبواب حدّ الزنا ب16 ح5 .
(3) سنن البيهقي: 8/225 .
(الصفحة250)
مكس (ميسر) لغفر الله له ، ثمّ أمر بها فصُلّي عليها ودفنت(1) . والظّاهر أنّ المراد بصاحب المكس هو العشّار .
وممّا ذكرنا ظهر أنّ محلّ الدفن هو قبور المسلمين ; لعدم خروجه عن الإسلام ، بل توبته بالنحو المذكور في الرواية ، وتفصيل الكلام بالإضافة إلى الغسل والكفن والحنوط مذكور في كتاب الطهارة فراجع .
(1) سنن البيهقي: 8/221 .
(الصفحة251)
القول في اللواحق
وفيها مسائل:
مسألة 1 : إذا شهد الشهود بمقدار النصاب على امرأة بالزنا قبلا فادّعت أنّها بكر ، وشهد أربع نساء عدول بذلك تقبل شهادتهنّ ويدرأ عنها الحدّ . بل الظّاهر أنّه لو شهدوا بالزنا من غير قيد بالقبل ولا الدبر فشهدت النساء بكونها بكراً يدرأ الحدّ عنها ، فهل تحدّ الشهود للفرية أم لا؟ الأشبه الثاني .
وكذا يسقط الحدّ عن الرجل لو شهد الشهود بزناه بهذه المرأة ، سواء شهدوا بالزنا قبلا أو أطلقوا ، فشهدت النساء بكونها بكراً . نعم ، لو شهدوا بزناه دبراً ثبت الحدّ ولا يسقط بشهادة كونها بكراً .
ولو ثبت علماً بالتواتر ونحوه كونها بكراً ، وقد شهد الشهود بزناها قبلا أو زناه معها كذلك ، فالظّاهر ثبوت حدّ الفرية إلاّ مع احتمال تجديد البكارة وإمكانه ، ولو ثبت جبّ الرجل المشهود عليه بالزنا في زمان لا يمكن حدوث الجبّ بعده درأ عنه الحدّ وعن المرأة التي شهدوا أنّه زنى بها ، وحدَّ الشهود
(الصفحة252)
للفرية إن ثبت الجبّ علماً وإلاّ فلا يحدّ1.
1 ـ في هذه المسألة أمران:
الأمر الأوّل: أنّه إذا شهد الشهود بمقدار النصاب على أنّها زنت وادّعت البكارة وشهدت أربع نساء عدول على ثبوتها ، فهل تحدّ المرأة حدّ الزنا أم لا؟ فنقول: فيه فروض ثلاثه:
الأوّل: ما إذا شهد الشهود بالزنا المقيّد بالقبل ، والحكم فيه هو درء الحدّ عنها فتوىً ونصّاً ، أمّا الفتوى فقد قال في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه ، بل في الرياض(1): إجماعاً على الظّاهر المصرّح به في التنقيح(2) ،(3)
وأمّا النصّ فهي روايتان:
إحداهما: رواية السكوني إسماعيل بن أبي زياد المعتبرة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) أنّه أتى رجل بإمرأة بكر زعم أنّها زنت ، فأمر النساء فنظرن إليها فقلن: هي عذراء ، فقال عليّ (عليه السلام): ما كنت لأضرب من عليها خاتم من الله ، وكان يجيز شهادة النساء في مثل هذا(4) .
والجواب في الرواية شاهد على ثبوت الزنا بشهادة الشهود ، وأنّه لو لم يكن في البين ادّعاء البكارة لترتّب الحدّ عليها ، كما أنّ أمره (عليه السلام) بأن تنظر النساء إليها دليل على أنّ موردها صورة ادّعائها البكارة ، لا كونها بكراً جزماً ، وعليه فتنطبق الرواية على المقام ، وإن كان ظاهر العبارة غير ذلك كما لا يخفى .
(1) رياض المسائل: 10/78 .
(2) التنقيح الرائع: 4/345 ـ 346 .
(3) جواهر الكلام: 41/362 .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 394 ، أبواب حدّ الزنا ب25 ح1 .
(الصفحة253)
ثانيتهما: رواية زرارة ، عن أحدهما (عليهما السلام) في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا ، فقالت: أنا بكر ، فنظر إليها النساء فوجدنها بكراً ، فقال: تقبل شهادة النساء(1) .
مع أنّ مقتضى القاعدة بعد شهادة النساء بالبكارة وحجّية شهادتهنّ في مثلها ثبوت التعارض بينها وبين شهود الزنا ، وعليه فلا دليل على ثبوت الزنا حتّى يترتّب عليه الحدّ .
ودعوى إنّه يحتمل عود البكارة ، فلا تنافي بين الشهادتين مدفوعة ـ مضافاً إلى أنّه لا مجال لها في مقابل النصّ ; لأنّه اجتهاد في مقابله ـ بأنّ مجرّد الاحتمال لا ينافي تحقّق الشبهة الموجبة لدرء الحدّ ، فتدبّر . وكيف كان فلا إشكال في الحكم في هذا الفرض .
الفرض الثاني: ما إذا شهد الشهود بالزنا مطلقاً من غير تقييد بالقبل أو بغيره ، وعن المسالك(2) ثبوت الزنا في هذا الفرض ; لعدم المنافاة بعد احتمال كونه في الدبر .
ويرد عليه وضوح شمول الروايتين لهذه الصورة لو لم نقل بظهور رواية زرارة في خصوصها ، مضافاً إلى انصراف الإطلاق إلى القبل الموجب لتحقّق التعارض ، وإلى الشبهة الموجبة لدرء الحدّ .
الفرض الثالث: ما إذا شهد الشهود بالزنا المقيّد بالدبر ، والظّاهر خروجه عن الروايتين ، وعدم كون شهادة النساء بالبكارة أقوى من العلم بها ، مع أنّه في صورة العلم لابدّ من الحكم بالزنا وترتيب أثر الحدّ عليه ; لعدم المنافاة أصلا ، فلابدّ من أن يكون الحكم كذلك في صورة الشهادة أيضاً .
(1) وسائل الشيعة: 18 / 267 ، كتاب الشهادات ب24 ح44 .
(2) مسالك الأفهام: 14/391 .
(الصفحة254)
ثمّ إنّه كما يسقط الحدّ عن المرأة في الفرضين الأولين ، كذلك يسقط عن الرجل لو شهد الشهود بزناه بهذه المرأة التي ثبتت بكارتها ، كما أنّه لو ثبت جبّ الرجل المشهود عليه بالزنا في زمان لا يمكن حدوث الجبّ بعده ، يدرأ عنه الحدّ وعن المرأة التي شهدوا أنّه زنى بها ، من دون فرق بين الفروض الثلاثة .
الأمر الثاني: في أنّه هل تحدّ الشهود للفرية في الفرضين الأوّلين اللذين لم يثبت الزنا فيهما بشهادتهم أم لا؟ فالمحكيّ عن أبي عليّ(1) والشيخ في النهاية(2) وابن إدريس في كتاب الشهادات(3) الثبوت ، وقد جعله المحقّق في الشرائع(4) الأشبه ، وعن الشيخ في المبسوط(5) الذي ألِّف بعد النهاية ، وابن إدريس في باب الحدود(6)السقوط ، وقد جعله في المتن الأشبه .
ودليل الأوّل أنّ تقديم شهادة النساء في الرواية يستلزم ردّ شهادتهم ، المستلزم لكذبهم ، الموجب لثبوت حدّ الفرية عليهم .
وقد ردّه في الجواهر بقوله: وفيه منع ظاهر; لجواز قبول الشهادتين والحكم بالتعارض المقتضي للشبهة ، ولاحتمال عود البكارة وإن بَعُدَ ، ولإشعار ترك ذكره في الخبرين(7) .
أقول: غير خفيّ أنّ رواية زرارة الظّاهرة في قبول شهادة النساء ظاهرة أيضاً في
(1) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9/137 ـ 138 .
(2) النهاية: 332 ـ 333 .
(3) السرائر: 2/137 .
(4) شرائع الإسلام: 4/939 .
(5) المبسوط: 8/10 .
(6) السرائر: 3/429 ـ 430.
(7) جواهر الكلام: 41/363 .
(الصفحة255)
ردّ شهادة شهود الزنا ، لأنّ الجواب عن سؤال وجود البيّنتين مع وجود المعارضة في البين بقبول إحداهما معيّنة يكون المتفاهم منه عند العرف ترجيح إحداهما وردّ الاُخرى ، فاحتمال كون المراد قبول الشهادتين والحكم بالتعارض لا ينطبق مع الرواية أصلا . نعم لو كان المستند في المقام هي القاعدة لكان مقتضاها التعارض المذكور .
وبالجملة ظاهر الرواية ردّ شهادة شهود الزنا ، وهو يستلزم تكذيبهم الموجب لثبوت حدّ الفرية عليهم .
وأمّا احتمال عود البكارة ، فإن اتّكلنا عليه فاللازم إجراء حدّ الزنا على المرأة ، مع أنّ المفروض درء الحدّ عنها ، وأمّا عدم التعرّض له في الروايتين فلا إشعار فيه على العدم ; لعدم كونهما في مقام بيان حكم الشهود ، بل غرضهما بيان حكم المرأة من جهة ثبوت الحدّ عليها وعدمه ، هذا فيما إذا شهدت النساء بالبكارة .
وأمّا لو ثبتت البكارة علماً من طريق التواتر وغيره ، فهذا الفرض خارج عن مورد الروايتين ، ولابدّ فيه من ملاحظة القاعدة ، ومقتضاها أنّه على تقدير المعارضة المتحقّقة بكون المشهود به هو الزنا قبلاً دون الدبر أو الإطلاق ، وبعدم احتمال تجديد البكارة وعدم إمكانه ، يثبت حدّ الفرية على الشهود; لاستلزام العلم بالبكارة مع الشرطين العلم بكذبهم ، الموجب لثبوت حدّ الفرية عليهم .
وأمّا مع انتفاء أحد الشرطين فلا تتحقّق المعارضة ولا يستلزم العلم بالبكارة للعلم بكذبهم ، فلا يتحقّق موضوع الفرية كما هو ظاهر .
بقي الكلام فيما لو ثبت جبّ الرجل المشهود عليه بالزنا أو عليها بالزنا به ، وكان ثبوته في زمان لا يمكن حدوثه بعده ، والظّاهر درء الحدّ عنه أو عنها ، سواء كان ثبوته بالعلم أو بالبيّنة . أما الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فللتعارض الموجب لعدم
(الصفحة256)
مسألة 2 : لا يشترط حضور الشهود عند إقامة الحدّ رجماً أو جلداً ، فلا يسقط الحدّ لو ماتوا أو غابوا . نعم ، لو فرّوا لا يبعد السقوط للشبهة الدارأة ، ويجب عقلا على الشهود حضورهم موضع الرجم مقدّمة لوجوب بدئهم بالرجم ، كما يجب على الإمام(عليه السلام) أو الحاكم الحضور ليبدأ بالرجم إذا ثبت بالإقرار ، ويأتي به بعد الشهود إذا ثبت بالبيّنة1.
ثبوت حدّ الزنا ; لعدم ثبوت موضوعه .
ومن الواضح أنّه لا فرق في الجبّ بين الفروض الثلاثة المتقدّمة في مسألة البكارة .
وأمّا حدّ الفرية فيثبت فيما إذا ثبت الجبّ علماً ; لما عرفت في العلم بالبكارة ، وأمّا إذا ثبت بالشهادة فالظّاهر عدم الثبوت لخروج هذا الفرض عن الروايتين ، ومقتضى القاعدة العدم كما مرّ ; لأنّه كما لم يثبت الزنا لفرض التعارض كذلك لا يثبت الفرية أيضاً ، وعليه فالفرق بين هذا المقام ومسألة البكارة أنّ الحكم بثبوت حدّ الفرية فيها لأجل ظهور الرواية فيه على ما عرفت من المتفاهم العرفي منها ، بخلاف المقام الذي لابدّ من استفادة حكمه من القاعدة ، ومقتضاها عدم ثبوت شيء من الحدّين .
1 ـ أمّا عدم اشتراط حضور الشهود عند إقامة الحدّ بمعنى سقوط الحدّ مع عدم حضورهم وكون إقامته متوقّفة عليه ، فلأنّه لا دليل على الاشتراط ، مضافاً إلى استصحاب بقاء الحدّ وعدم سقوطه ، خلافاً لأبي حنيفة ، حيث حكم بأنّه لا يجوز للحاكم أن يحكم بشهادة الشهود إذا ماتوا أو غابوا(1) ، ومراده من الحكم
(1) حاشية ردّ المحتار على الدرّ المختار: 4/11 ، المغني لابن قدامة: 10/187 .
(الصفحة257)
إجراء الحدّ لا أصل الحكم .
ووجوب بدأة الشهود بالرجم مع أنّه يختصّ بالرجم ولا يعمّ مطلق الحدّ إنّما يكون مجرّد حكم تكليفيّ ، ولا يستفاد منه الاشتراط ، وعلى ما ذكرنا فلا يكون الموت أو الغيبة مسقطاً للحدّ ، بل ولا وجه لاحتمال وجوب التأخير إلى حضورهم لو توقّع ; لأنّه لا نظرة في الحدود .
نعم ، لو كانت الغيبة بعنوان الفرار ، فالظّاهر سقوط الحدّ للشُّبهة الدارءَة ، ولحسنة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل جاء به رجلان وقالا: إنّ هذا سرق درعاً ، فجعل الرجل يناشده لمّا نظر في البيّنة ، وجعل يقول: والله لو كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما قطع يدي أبداً ، قال: ولِمَ؟ قال: يخبره ربّه إنّي بريء فيبرأني ببراءتي ، فلمّا رأى مناشدته إيّاه دعا الشاهدين ، فقال: اتّقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلماً وناشدهما ، ثمّ قال: ليقطع أحدكما يده ويمسك الآخر يده ، فلمّا تقدّما إلى المصطبة ليقطع يده ضرب الناس حتّى اختلطوا ، فلمّا اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس(1) حتّى اختلطا بالناس ، فجاء الذي شهدا عليه فقال: يا أمير المؤمنين شهد عليّ الرجلان ظلماً ، فلمّا ضرب الناس واختلطوا أرسلاني وفرّا ، ولو كانا صادقين لم يرسلاني ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من يدلّني على هذين أنكلهما(2) .
والظّاهر أنّ المستفاد من الرواية إنّه لا موضوعية للفرار ، بل الملاك هو تحقّق الشُّبهة ، فالحكم يدور مدارها وجوداً وعدماً ، كما لا يخفى .
(1) «أكون في غمار الناس» أي في جمعهم المُتكاثف ، النهاية في غريب الحديث: 3 / 384 .
(2) الكافي: 7 / 264 ح23 ، وسائل الشيعة: 18 / 345 ، أبواب مقدّمات الحدود ب33 ح2 .
(الصفحة258)
مسألة 3: إذا شهد أربعة أحدهم الزوج بالزنا ، فهل تقبل وترجم المرأة أو يلاعن الزوج ويجلد الآخرون للفرية؟ قولان وروايتان ، لا يبعد ترجيح الثاني على إشكال1.
وأمّا وجوب الحضور على الشهود عقلا في موضع الرجم ، فلما عرفت في المسائل السابقة أنّه يجب تكليفاً عليهم البدأة بالرمي ، وقد تقرّر في محلّه أنّ مقدّمة الواجب لا تتّصف بالوجوب الشرعي وإن كان غيريّاً ، بل الوجوب المتعلّق بها إنّما هو من ناحية العقل ، ضرورة حكمه بلزوم الإتيان بها لأجل التمكّن من إتيان ذيها .
ومنه يظهر وجوب حضور الإمام مطلقاً ولو في صورة الثبوت بالإقرار ، للزوم البدأة في هذه الصورة ، والإتيان بالرمي بعد الشهود فيما إذا ثبت بالبيّنة ، غاية الأمر أنّ الوجوب أيضاً عقلي من باب المقدميّة .
1 ـ أقول: القول الأوّل منسوب إلى الأكثر كما عن المسالك(1) ، وقد قوّاه صاحب الجواهر(قدس سره)(2) . والثاني محكيّ عن جماعة ، والمسألة منصوصة وردت فيها روايات متعارضة ، والبحث فيها تارة مع قطع النظر عن الروايات ، واُخرى مع ملاحظتها .
أمّا الفرض الأوّل: فالظّاهر أنّ مقتضى إطلاق ما دلّ على اعتبار الشهود الأربعة في إثبات الزنا ، ممّا عرفت أنّه لا فرق بين الزوج وبين الشاهد الأجنبي ، بعد تحقّق شرائط الشهادة فيه; من العدالة وغيرها ، بل يمكن أن يقال: بأنّ الزوج أولى بالقبول لهتك عرضه .
(1) مسالك الأفهام: 14/394 .
(2) جواهر الكلام: 41/365 .
(الصفحة259)
مع أنّه يشمله ما دلّ على جواز شهادة كلّ من الرجل والمرأة للآخر وعلى الآخر ، هذا ، مضافاً إلى ظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَات بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}(1) لظهور الاستثناء في الاتّصال ، فيدلّ على أنّ الأزواج أيضاً من الشهود ، مضافاً إلى أنّ الشهادات الأربعة بمنزلة الشّهادات من الأربعة ، وإن كان يبعّده أوّلا لزوم تعقّبها باللعن ، وثانياً لزوم تأخّرها عن الرمي ، بمعنى كونها زائدة على أصل الرمي ، وكيف كان ، فلا خفاء في ظهور الآية في كون الزوج من جملة الشهود .
هذا ، مضافاً إلى قوله تعالى: {وَالَّـتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}(2) فإنّه يشمل الزوج وغيره ، بناءً على أنّ الخطاب للحكّام .
نعم ، قوله تعالى: {لَوْلاَ جَاءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ }(3) ظاهر في لزوم الإتيان بشهود غير نفسه ; لأنّه لا يقال: جاء الإنسان بنفسه ، ولكنّ الظّاهر أظهرية الآية المتقدّمة ، فلا مانع من كون الزوج أيضاً أحد الشهداء بقرينتها .
وأمّا الفرض الثاني: فقد وردت في المسألة رواية إبراهيم بن نعيم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها؟ قال: تجوز شهادتهم(4) . وفي سندها عباد بن كثير وهو غير موثّق .
(1) سورة النور24: 6 .
(2) سورة النساء4: 15 .
(3) سورة النور24: 13 .
(4) وسائل الشيعة: 15 / 606 ، كتاب اللعان ب12 ح1 .
(الصفحة260)
وفي مقابلها رواية زرارة ، عن أحدهما (عليهما السلام) في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها ، قال: يلاعن الزوج ويجلد الآخرون(1) .
ورواية أبي سيّار مسمع ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في أربعة شهدوا على امرأة بفجور أحدهم زوجها ، قال: يجلدون الثلاثة ويلاعنها زوجها ، ويفرّق بينهما ولا تحلّ له أبداً(2) .
وفي سندها إبراهيم بن نعيم ، والظّاهر كما عن التهذيب والفقيه(3) . هو نعيم بن إبراهيم الذي هو مجهول ، كما أنّ في سند رواية زرارة إسماعيل بن خراش ، وهو أيضاً مجهول .
وقد جمع بينهما بوجوه:
الأوّل: ما عن الشيخ(قدس سره) من حمل الطائفة الثانية على اختلال بعض الشرائط(4) .
الثاني: ما عن السرائر(5) والوسيلة(6) والجامع(7) من الجمع بينهما بسبق الزوج بالقذف وعدمه ، فيعتبر الأربعة غير الزوج في الأوّل دون الثاني ; لأنّ قوله تعالى: {لَوْلاَ جَاءُو} فيمن ابتدأ بالقذف ، بل عن السرائر الاستشهاد بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إلى آخرها ، نظراً إلى أنّه قد رمى زوجته ولم يكن له شهداء إلاّ نفسه ; لأنّ شهادة الثلاثة غير معتدّ بها إلاّ بانضمام شهادة الرابع ، فكأنّها
(1) وسائل الشيعة: 15 / 606 ، كتاب اللعان ب12 ح2 .
(2) وسائل الشيعة: 15 / 606 ، كتاب اللعان ب12 ح3 .
(3) التهذيب: 10/79 ح306 ، الفقيه: 4/52 ح5078 .
(4) النهاية: 690 .
(5) السرائر: 3/430 .
(6) الوسيلة: 410 .
(7) الجامع للشرائع: 548 .
|
|