(الصفحة 147)
مسألة 3 ـ حروف المعجم في العربية ثمانية وعشرون حرفاً فتجعل الدية موزعة عليها، وأما غير العربية فإن كان موافقاً لها فبهذا الحساب، ولو كان حروفه أقلّ أو أكثر فالظاهر التقسيط عليها بالسوية كل بحسب لغته1 .
1 - قد عرفت إن الظاهر هو توزيع الدية على حروف المعجم بالسوية وإنه لا دليل على التفصيل مضافاً إلى عدم مساعدة الاعتبار فاعلم إن حروف المعجم في العربية ثمانية وعشرون حرفاً و في الفارسية تزيد عليها بأربع حروف وحينئذ فإن كان المجني عليه من أهل اللغة العربية أو من أهل غيرها الموافق لها في مقدار حروف المعجم وإلاّ فالظاهر التقسيط عليها بالسوية كل بحسب لغته ولا مجال لاحتمال كون الملاك في جميع اللغات هي ثمانية وعشرين حرفاً التي هي حروف المعجم في اللغة العربية وذلك للفرق بين المقام وبين باب مثل الصلاة الذي لا يصح فيه غير اللغة العربية ضرورة إنه لا يجوز أن يصلي كل قوم بلغة قومه بل لابد أن يصلي الجميع باللغة العربية ضرورة إنه مع مساعدة الاعتبار للفرق بين الصلاة وغيرها إن الصلاة أمر عبادي مركب إعتباري إعتبرها الشارع وهذا بخلاف الجناية التي لا يرى فيها إلاّ الجاني والمجنى عليها والجناية الواقعة من دون أن يكون هناك عبادة وإعتبار أصلا فلا مجال للاحتمال المذكور بوجه بل كل لغة على حيالها تحسب وتقسط الدية على حروف معجمها والرواية أيضاً لا دلالة لها على خصوصية حروف المعجم في العربية فتدبر.
ثم إنّ المحقق في الشرائع بعد جعل حروف المعجم أي في العربية ثمانية وعشرون حرفاً قال وفي رواية تسعة وعشرون حرفاً وهي مطرحة والظاهر إنها بلحاظ جعل
(الصفحة 148)
مسألة 4 ـ الاعتبار في صحيح اللسان بما يذهب الحروف لا بمساحة اللسان فلو قطع نصفه فذهب ربع الحروف فربع الدية ولو قطع ربعه فذهب نصف الحروف فنصف الدية1 .
الهمزة والألف اثنين لا حرفاً واحداً كما هو الظاهر وينصّ عليه خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقى البعض فجعل ديته على حروف المعجم ثم قال تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك والمعجم ثمانية وعشرون حرفاً فجعل ثمانية وعشرون جزءً فما نقص من كلامه فبحساب ذلك(1).
1 - قد مرّ في المسألة السابقة توزيع الدية على حروف المعجم بالسوية وإن ما نقص من كلامه فبحساب ذلك كما صرح به رواية السكوني فالذي يترتب على ذلك إن مساحة اللسان وطوله وعرضه لا دخل له في ذلك أصلا بل الملاك والمناط هو مقدار النقص وعليه فلو كان المقطوع النصف ولكن الذاهب الربع يكون الملاك هو الربع وكذلك في صورة العكس أي كان المقطوع الربع والذاهب النصف يكون المناط هو النصف وهكذا.
- (1) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب الثاني، ح6.
(الصفحة 149)
مسألة 5 ـ لو لم يذهب الحروف بالجناية لكن تغير بما يوجب العيب فصار ثقيل اللسان أو سريع النطق بما يعدّ عيباً أو تغيّر حرف بحرف آخر ولو كان صحيحاً لكن يعدّ عيباً فالمرجع الحكومة1 .
مسألة 6 ـ لو قطع لسانه جان فأذهب بعض كلامه ثم قطع آخر بعضه فذهب بعض الباقي أخذ بنسبة ما ذهب بعد جناية الاُولى إلى ما بقى بعدها فلو ذهب بجناية الأول نصف كلامه فعليه نصف الدية ثم ذهب بجناية الثاني نصف ما بقى فعليه نصف هذا النصف أي الربع وهكذا2 .
1 - لو لم يذهب أصل الحروف بسبب الجناية لكن تغير اللسان بها بما يوجب العيب فصار الشخص معيوباً ولو بالاضافة إلى التكلم من جهة ما ذكر فالظاهر إنه لا تقدير فيه شرعاً بل المرجع الحكومة قال في الجواهر وربما إحتمل لزوم دية الحرف في صورة بقائه غير صحيح وأورد عليه بأن الحكومة أعدل منه كما إنها كذلك لو صار بالجناية ناقصاً عن الاتيان بالمرتبة العليا منها إنتهى.
2 - الوجه في مفروض المسألة بناءً على ما مرّ واضح فإنه لو ذهب بجناية الأول نصف كلامه فعليه نصف الدية فإن ذهب بجناية الثاني نصف ما بقى من الحروف التي يصح له التكلم بها فعليه نصف هذا النصف ومعلوم إن نصف النصف يساوي الربع وهكذا في الفروض الاُخر نعم هنا قول بإعتبار أكثر الأمرين من المقطوع والذاهب من الكلام مع إختلافهما فلو قطع الأول ربع اللسان فذهب نصف الكلام كان عليه نصف الدية فإن قطع آخر بقيته فذهب ربع الكلام فعليه ثلاثة أرباعها وهكذا ولكن
(الصفحة 150)
مسألة 7 ـ لو أعدم شخص كلامه بالضرب على رأسه ونحوه من دون قطع فعليه الدية، ولو نقص من كلامه فبالنسبة كما مرّ ولو قطع آخر لسانه الذي أخرس بفعل السابق فعليه ثلث الدية وإن بقيت للسان فائدة الذوق والعون بعمل الطحن من غير فرق بين قدرة المجنى عليه على الحروف الشفوية والحلقية أم لا1 .
بملاحظة ما ذكرنا لا يبقى موقع لهذا الكلام بوجه أصلا كما هو واضح لا يخفى.
1 - أمّا ثبوت الدية الكاملة على المعدم بالضرب على رأسه ونحوه فواضح لأن المفروض الاعدام بالكلية كما إنه لو نقص من كلامه فبالنسبة كما مرّ كما إن ثبوت الثلث على القاطع لأنه قد قطع لسانه الذي لا يكون إلاّ أخرس وهذا لا فرق فيه بين أن يبقى للسان فائدة الذوق والعون بعمل الطحن وبين أن لا يبقى كما إنه لا فرق في ذلك بين أن يبقى قدرة التكلم بالحروف التي يصدر من الشفتين أو الحلق وبين أن لا يبقى كما عرفت ومن هناقضي أمير المؤمنين (عليه السلام) بسّت ديات للمضروب بعصا فذهب سمعه وبصره ولسانه وعقله وفرجه وإنقطع جماعه(1).
- (1) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب السادس، ح1.
(الصفحة 151)
مسألة 8 ـ لو قطع لسان طفل قبل بلوغه حدّ النطق فعليه الدية كاملة، ولو بلغ حدّه ولم ينطق فيقطعه لا يثبت إلاّ الثلث، ولو إنكشف الخلاف يؤخذ ما نقص من الجاني1 .
مسألة 9 ـ لو جنى عليه بغير قطع فذهب كلامه ثم عاد فالظاهر إنه تستعاد الدية وأمّا لو قلع سنّه فعادت فلا تستعاد ديتها2 .
1 - أمّا ثبوت الدية الكاملة قبل بلوغه حدّ النطق فلاصالة السلامة وإطلاق ما دل على وجوبها باستئصاله من دون فرق بين الرجل وغيره وإن ورد لفظ الرجل في بعض الأخبار ومن هنا لا خلاف فيه بين المتعرضين لهذا الفرع وإن وقع التقييد من بعضهم بما إذا كان يحرّك لسانه لبكاء أو غيره ولكنه لا حاجة إليه بعد الأصل والاطلاق المزبورين نعم لو بلغ حدّه ولم ينطق فليس فيه إلاّ الثلث للاطمئنان وغلبة الظن بالآفة الملحقة له بالأخرس ولو إنكشف الخلاف يؤخذ ما نقص من الجاني.
2 - لو وقعت الجناية على اللسان من غير طريق قطعه رأساً فذهب كلامه طرّاً واُخذت الدية الكاملة لأجله ثم عاد الكلام كذلك أي طرّاً بأجمعه فقد حكى و عن مبسوط الشيخ «إنه تستعاد الدية من المجنى عليه لأنه لما نطق وتكلم بعد أن لم ينطق علمنا إن كلامه ما كان ذهب إذ لو كان ذهب لما عاد لأن إنقطاعه بالشلل والشلل لا يزول» وأضاف إليه قوله: ولا كذلك إذا نبت لسانه لأنا نعلم إنه هبة مجددة من الله تعالى فلهذا لم يردّ الدية ولكنه قال في محكي خلافه لا تستعاد الدية لأن الأخذ كان بحق والاستعادة تفتقر إلى دليل وقال المحقق في الشرائع وهو أشبه وعن العلامة في