(الصفحة 308)
الثاني في كيفية التقسيط
وفيها أقوال: منها على الغني عشرة قراريط أي نصف الدينار وعلى الفقير خمسة قراريط.
ومنها يقسطها الامام (عليه السلام) أو نائبه على ما يراه بحسب أحوال العاقلة بحيث لا يجحف على أحد منهم.
ومنها إن الفقير والغني سواء في ذلك فهي عليهما والأخير أشبه بالقواعد بناءً على تحمّل الفقير1 .
ثم إنه لا ثمرة مهمة بالاضافة إلى بيان سائر المحال من المعتق وضامن الجريرة والامام (عليه السلام)لعدم وجود الأولين وعدم حضور الثالث (عليه السلام) وفي بعض المباحث السابقة إرشاد إليه كما لا يخفى.
1 - في كيفية التقسيط وذكر المحقق في الشرائع إنّ فيها قولين: أحدهما للشيخ في موضع من محكي المبسوط والخلاف والقاضي بل هو خيرة العلاّمة في القواعد والارشاد وهو القول الأول المذكور في المتن لكن في عباراتهم نوع إختلاف في المراد من التقدير المزبور فعن المهذب المراد إن أكثر ما على المؤسر نصف دينار وأكثر ما على المتوسط ربعه وعن موضع من الخلاف والمبسوط إن المراد لزومهما عليهما لا أقلّ للاجماع ولا أكثر للأصل مع عدم الدليل.
ثانيهما للشيخ أيضاً في موضع آخر من الخلاف والمبسوط والسرائر والنافع والجامع والعلامة في جملة من كتبه بل لعله المشهور كما في محكّي الرياض يقسطها الامام (عليه السلام) أو نائبه الخاص أو العام على ما يراه بحسب أحوال العاقلة بحيث لا
(الصفحة 309)
مسألة 1 ـ هل في التوزيع ترتيب حسب ترتيب الارث فيؤخذ من الأقرب فالأقرب على حسب طبقات الارث فيؤخذ من الآباء والأولاد ثم الأجداد والاُخوة من الأب وأولادهم وإن نزلوا ثم الأعمام وأولادهم وإن نزلوا وهكذا بالنسبة إلى سائر الطبقات أو يجمع بين القريب والبعيد في العقل فيوزع على الأب والابن والجد والاُخوة وأولادهم وهكذا من الموجودين حال الجناية وجهان لا يبعد أن يكون الأول أشبه1 .
يجحف بأحد منهم معللين بأنه لا دليل على التقدير المزبور حتى القياس الباطل عندنا.
لكن الظاهر الذي هو أشبه بالقواعد واُصول المذهب هو القول الأخير الذي هو تساوي الغني والفقير في ذلك خصوصاً بعد ملاحظة إنه لا فرق بينهما في الأحكام الوضعية فاتلاف مال الغير سبب لضمانه بلا فرق بين أن يكون المتلف فقيراً أو غنياً وكذا الضمان في المغصوب أو جرى اليد عليه كما في مسألة تعاقب الأيدي وَلا فرق فيه بين العنوانين أصلا اللهم إلاّ أن يقال بانصراف أدلة تحمل العاقلة عن العاقلة إذا كان فقيراً وهو خلاف إطلاق أدلة التحمل كما لا يخفى.
1 - قد جعل الماتن (قدس سره) الأشبه هو القول الأول كما في الشرائع ولعل منشأه كما في الجواهر آية واُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله بالنسبة إلى بعض المدعى متمماً بعدم القول بالفصل وكذا التعبير عن العاقلة بالورثة في مرسلة يونس عن أحدهما (عليهما السلام) أنه قال في الرجل إذا قتل رجلا خطأً فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول من الدية إن الدية على ورثته فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت
(الصفحة 310)
مسألة 2 ـ هل التوزيع في الطبقات تابع لكيفية الارث فلو كان الوارث في الطبقة الاُولى مثلا منحصراً بأب وابن يؤخذ من الأب سدس الدية ومن الابن خمسة أسداس أو يؤخذ منهما على السواء وجهان، ولو كان أحد الوراث ممنوعاً من الارث فهل يؤخذ منه العقل أم لا؟ وجهان1 .
مسألة 3 ـ لو لم يكن في طبقات الارث أحد ولم يكن ولاء العتق وضمان الجريرة فالعقل على الامام (عليه السلام) من بيت المال، ولو كان ولم يكن له مال فكذلك، ولو كان له مال ولا يمكن الأخذ منه فهل هو كذلك؟ فيه تردد2 .
المال(1). وربما يؤيد بخبري البزنطي وأبي بصير المتقدمين فيمن هرب فمات وإن لم يكن موردهما الخطاء وضعف سند المرسلة منجبر بالشهرة وإن كان في دلالة الآية تأمل.
1 - أقول أمّا تبعية التوزيع في الطبقات بكيفية الارث بالنحو المذكور في المتن فالظاهر إنه لا مجال للبحث عنها بعد البحث عن إشتراك الغني والفقير وتساويهما في التحمل كما عرفت كما إن الممنوعية من الارث لجهة لا توجب المنع عن أن يؤخذ منه العقل لعدم الملازمة بين الأمرين كما لا يخفى.
2 - قد عرفت إن العاقلة عبارة عن العصبة ثم المولى المعتق ثم ضامن الجريرة ثم
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب السادس، ح1.
(الصفحة 311)
مسألة 4 ـ لو كان في إحدى الطبقات وارث وإن كان واحداً لا يؤخذ من الامام (عليه السلام) العقل بل يؤخذ من الوارث1 .
الامام (عليه السلام)فاعلم إنه إذا لم يكن المراتب الثلاثة الاُولى موجودة ينتقل في الآخر إلى الامام (عليه السلام) وحينئذ يقع البحث في أنه عليه من بيت المال أو أنه عليه من مال نفسه وظاهر التدبر في عبارة المتن يقضي بأن الانتقال إلى بيت المال متقدم على ثبوت مال نفسه مع أن الوصول إلى الامام (عليه السلام) إن أمكن فهو أعرف بحكمه من غيره وإن لم يمكن كما في زماننا هذا فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) إنه لم يذكر أحد من المتعلمين في الفقه فضلا عن أكابرهم إن من مصرف حق الصاحب روحي له الفداء وغيره من الأنفال في زمن الغيبة ما يشتغل به ذمة الامام (عليه السلام) من ديات الخطاء نفساً وجرحاً وإن نائب الغيبة يقوم مقامه في ذلك بل إن ذكره ذاكر كان من المضحكات فلا محيص حينئذ عن القول بكونه على الجاني وإن البحث في تقدم ضمانه على ضمان الامام (عليه السلام) وبالعكس إنما هو مع بسط اليد وجريان العدل لا مطلقاً.
و ـ عليه ـ فلا يبقى وجه للتردد المذكور في الفرع الأخير في المتن فتدبر.
1 - لو كان في إحدى الطبقات وارثاً أي من العصبة الذين عرفت الضابط فيهم فالعقل عليه ولا مجال للأخذ عن الامام (عليه السلام) بعد كون مرتبته في العاقلة آخر المراتب والمفروض وجود العصبة في الرتبة الاُولى ولا فرق بين الوحدة والتعدد بوجه كما لا يخفى.
(الصفحة 312)
مسألة 5 ـ ابتداء زمان التأجيل في دية القتل خطأً من حين الموت، وفي الجناية على الأطراف من حين وقوع الجناية، وفي السراية من حين إنتهاء السراية على الأشبه، ويحتمل أن يكون من حين الإندمال ولا يقف ضرب الأجل إلى حكم الحاكم1 .
1 - أمّا كون الابتداء في القتل من حين الموت، وفي الجناية على الأطراف من حين وقوع الجناية وتحقق الضمان فلا إشكال فيه ولا شبهة.
وأمّا في السراية فهل المبدء إنتهاء السراية أو المبدء شروع الإندمال وربما نسب الثاني إلى المشهور وقد إستشكل عليه بأنه لو قطع إصبعاً منه ـ مثلا ـ وسرى إلى الكف فوقعت فأي فرق بين الوقوع إبتداءً أو بالسراية ولا شبهة في أنه في الأول من حين الوقوع فكذا الثاني.
ومقتضيى القاعدة هو الاحتمال الأول إذ بسبب إنتهاء السراية يتحقق الضمان المفروض إنه على العاقلة ولعلّ القائل بالإندمال ناظر إلى أن إحراز إنتهاء السراية لا يتحقق نوعاً إلاّ بالشروع في الإندمال لعدم العلم بإنتهاء السراية غالباً ضرورة إنه لو سرت بعد الشروع في الإندمال مجدداً من دون أن يكون المجنى عليه مقصراً في ذلك لا مجال للحكم بعدم الضمان أصلا والظاهر عدم التوقف على حكم الحاكم لاطلاق الدليل المقتضى كونه ديناً من الديون المؤجلة شرعاً من غير حاجة إلى حكم الحاكم خلافاً لبعض العامة حيث أنه جعل ابتداء الأجل من حين المرافعة إلى الحاكم وآخر فجعله من وقت حكم الحاكم بالدية حتى لو قضت ثلاث سنين ثم تحاكموا يضرب الحاكم المدة من حين حكمه محتجاً بأن هذه مدة تناط بالاجتهاد فلا تتقدر بدون الحكم ولا يخفى ضعف كلا القولين بعد ثبوت الضمان بالقتل أو الجناية أو