(الصفحة 328)
مسألة 6 ـ كل ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير لا ضمان فيه لو أتلفه، وما لم يدل دليل على عدم قابليته للملك يتملك لو كان له منفعة عقلائية وفي إتلافه ضمان الاتلاف كما في سائر الأموال1 .
مسألة 7 ـ ما يملكه الذمي كالخنزير مضمون بقيمته عند مستحليه، وفي الجناية على أطرافه الارش2 .
1 - لا شبهة في إنه لا ضمان فيما قام الدليل على إن المسلم لا يملكه إذا وقع الاتلاف من مسلم أو غيره لعدم تحقق الملكية الموجبة للضمان بالاضافة إلى المسلم كالخمر والخنزير لو أتلف شيئاً منهما على المسلم الذي يكون في يده.
ولو لم يدل دليل على عدم قابليته لأن يملكه المسلم كالدم ـ مثلا ـ فالظاهر إنه إذا كان له منفعة عقلائية كالمثال المذكور يملكه المسلم وتصح معاوضاته ومعاملاته بالاضافة إليه كما نشاهد بيع الدم في زماننا هذا بل له قيمة غالية وحينئذ إذا وقع إتلافه يتحقق ضمان الاتلاف لاطلاق دليله الذي جعل الموضوع فيه إتلاف مال الغير فتدبر.
2 - نفى صاحب الجواهر (قدس سره) وجدان الخلاف في أن ما يملكه الذمي يكون مضموناً بقيمته عند مستحليه إذا استجمع شروط الذمة التي يحقن بها ماله ودمه نعم في قواعد الفاضل إعتبار التستر بذلك قال في محكيها وإن لم يكن متستراً به فلا شيء وهو كذلك مع فرض إعتبار التستر في شروط الذمة وبدونه لا دليل عليه خصوصاً مع إطلاق الروايات الواردة التي:
منها رواية مسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) إن أمير المؤمنين (عليه السلام) رفع إليه رجل قتل
(الصفحة 329)
خنزيراً فضمنه ورفع إليه رجل كسر بربطاً فأبطله(1).
ومنها رواية غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه في حديث إنّ علياً (عليه السلام) ضمن رجلا أصاب خنزيراً لنصراني(2).
قال في الجواهر ولعل الوجه في إطلاق ضمان خنزير النصراني إن بنائه على عدم التستر به فلم يكن ذلك من شرائط الذمة عليه بخلاف غيره من الخمر ونحوه.
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، باب السته و عشرين، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، باب السته و عشرين، ح2.
(الصفحة 330)
فـروع
الأول
لو أتلف على الذمي خمراً أو آلة من اللهو ونحوه مما يملكه الذمي في مذهبه ضمنها المتلف ولو كان مسلماً ولكن يشترط في الضمان قيام الذمي بشرائط الذمة ومنه الاستتار في نحوها فلو أظهرها ونقض شرائط الذمة فلا إحترام لها ولو كان شيء من ذلك لمسلم لا يضمنه الجاني متجاهراً كان أو مستتراً1 .
مسألة 1 ـ الخمر التي تتخذ للخل محترمة لا يجوز إهراقها ويضمن لو أتلفها وكذا مواد آلات اللهو والقمار محترمة وإنما هيئتها غير محترمة ولا مضمونة إلاّ أن يكون إبطال الهيئة ملازماً لاتلاف المادة فلا ضمان حينئذ2 .
1 - قد مرّ في ذيل البحث السابق إن ضمان الخمر أو آلة من اللهو ونحوهما مما يملكه الذمي في مذهبه إنما يكون موجباً لضمان المسلم بالاضافة إلى الذمي إذا كان قائماً بشرائط الذمة المذكورة في محلها وهو ذيل كتاب الحدود ومن جملة الشروط الاستتار فلو نقض الذمي واحداً منها فلا إحترام مع الاتلاف ولا فرق في ذلك بين الخمر والخنزير بوجه من أن الخمر يمكن عادة التستر به دون الخنزير ولعل هذا هو الوجه في الفرق بين الخنزير والبربط في الرواية السابقة وأمّا إذا كان مربوطاً بالمسلم فلا ضمان مطلقاً.
2 - في كشف اللثام: وإن إقتنى الخمر للتخليل وإن كان فيه بحث خصوصاً بناءً
(الصفحة 331)
مسألة 2 ـ قارورة الخمر وكذا سائر ما فيه الخمر محترمة ففي كسرها وإتلافها الضمان وكذا محالّ آلات اللهو ومحفظتها1 .
على غلبة سبق الخمرية للخلية في أكثر أفراد العصير وهي المسماة بالخمر المحترمة وفيه أيضاً يملك المسلم جوهر آلة اللهو فإن احرق الجاني عود آلة مثلا ضمن قيمة الخشب وسائر الأجزاء.
أقول لا ينبغي الاشكال في أن الخمر المتخذة للخل محترمة يجري فيها الضمان مع الاهراق أو الاتلاف بوجه آخر كما إنه لا ينبغي الاشكال في إنّ آلات اللهو وكذا آلات القمار إنما تكون هيئتها غير محترمة ولا مضمونة وأمّا المواد فهي باقية على المالية والملكية فمع إتلاف كلتيهما يتحقق الضمان بالاضافة إلى المواد ويمكن أن يكون كسر البربط في الرواية ناظراً إلى ذلك وكيف كان فإن لم يكن إتلاف الهيئة متوقفاً على إتلاف المادة فلا ضمان في الأول فقط وإن كان متوقفاً عليه وملازماً له فلا ضمان في إتلاف المادة أيضاً والوجه واضح.
1 - لا ينبغي الاشكال في إن قارورة الخمر وكذا سائر ما فيه الخمر محترمة وإن في إتلافها وكسرها الضمان لأنه مضافاً إلى إن أكثرها لم يوضع لخصوص هذه الظرفية بل للظرفية المطلقة إن صلاحيتها لحفظ الخمر وغيرها توجب المالية الشرعية لها نعم إذا إنحصرت منفعته بحفظ الخمر مثلا بحيث لا يكون فيه منفعة محللة لا يبعد أن يقال بعدم المالية فلا يؤثّر كسرها في الضمان وهكذا محالّ آلات اللهو ومحفظتها.
(الصفحة 332)
الثاني: إذا جنت الماشية على الزرع في الليل ضمن صاحبها، ولو كان نهاراً لم يضمن هذا إذا جنت الماشية بطبعها وأمّا لو أرسلها صاحبها نهاراً إلى الزرع فهو ضامن كما إن الضمان بالليل ثابت في غير مورد جرى الأمر على خلاف العادة مثل إن تخرب حيطان الربض بزلزلة وخرجت الماشية أو أخرجها السارق فجنت فالظاهر في الأمثال والنظائر لا ضمان على صاحبها2 .
2 - في جناية الماشية على الزرع فإذا كانت في الليل ضمن صاحب الماشية وإذا كانت في النهار لا يضمن وهو المشهور بين قدماء الأصحاب بل لعلّ عليه إجماعهم بل عن ابن زهرة دعواه عليه.
والمستند روايات:
منها رواية السكوني التي رواها عنه عبدالله بن المغيرة الذي هو من أصحاب الاجماع عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال كان علي (عليه السلام) لا يضمّن ما أفسدت البهائم نهاراً ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان يضمّن ما أفسدت البهائم ليلا(1). ولكنه ذكر المحقق في الشرائع: وفيه ضعف والأقرب إعتبار التفريط في موضع الضمان ليلا كان أو نهاراً.
لكن الضعف على تقديره منجبر بفتوى المشهور وإستنادهم إليها مع إن الراوي عن السكوني هو عبدالله بن المغيرة الذي مرّ إنه من أصحاب الاجماع والمعروف في تفسيرهم إنه لا ينظر إلى من بعدهم من الرواة وإن كان لنا في هذا التفسير نظراً إلى إن كون الرجل من أصحاب الاجماع ليس معناه إلاّ كونه مجمعاً على وثاقته وإعتبار
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الأربعون، ح1.