(الصفحة 33)
كمسألة إختلاف البايع والمشتري في وزن المبيع الذي إشترى مع وزن مخصوص لا يرجع فيه إلى تلك القواعد والضوابط بل يرجع في تلك إلى التوزين وفي مثل المقام إلى أهل الخبرة العالم بذلك بمقتضى شغله أو غيره نعم ذكر إنه لا يعتبر فيه العدالة وإن إعتبار التعدد أحوط وأولى مع إن إعتبار العدالة أيضاً كذلك لأدلة حجية البينة التي يعتبر فيها التعدد والعدالة في الموضوعات وقد ذكرنا في محله في البحث عن حجية قول العادل الواحد في الموضوعات إن لازم ذلك عدم إعتبار التعدد بوجه وَلغوية حجية البينة كذلك وقد حققنا ذلك في الموارد المختلفة التي منها البحث عن القواعد الفقهية الشاملة للبحث عن حجية البينة فراجع.
ثم إنه بناء على لزوم إعطاء الحوامل لو تبين الخطأ لزم الاستدراك لأنه إنكشف عدم كونها حوامل وحجية البينة أو أهل الخبرة بناءً على كفاية الوثاقة أو عدم إعتبار التعدد إنما هي ما لم ينكشف الخلاف كما في سائر الموارد.
نعم لو سقط الحمل قبل الاقباض أو وضع الحامل قبله أو تعيب قبل ادائه يجب الابدال ولو تحقق أحد هذه الاُمور بعد الاقباض لا يجب الابدال لأن المفروض قبضه حاملا غير معيوب كما لا يخفى مع إن الحامل يضع حمله بالآخرة بعد الاقباض ولا معنى لدوام الحمل فتدبر.
(الصفحة 34)
مسألة 18 ـ في دية الخطاء روايتان أولاهما ثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض ـ وهي الداخلة في السنة الثانية وعشرون ابن لبون والاُخرى خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقّة وخمس وعشرون جذعة ولا يبعد ترجيح الأول ويحتمل التخيير والأحوط التصالح1 .
1 - أمّا الرواية الاُولى فهي ذيل صحيحة عبدالله بن سنان المتقدمة قال والخطأ يكون فيه ثلاثون حقّة وثلاثون ابنة لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر الحديث(1).
والرواية الثانية فهي صدر رواية مرسلة عبدالرحمن المتقدمة أيضاً المروية في تفسير العياشي عنه عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) يقول في الخطاء خمسة وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة...(2) ومثلها رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام)في حديث قال والخطأ مائة من الابل أو ألف من الغنم أو عشرة آلاف درهم أو ألف دينار وإن كانت الابل فخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ...(3) والرواية قد عرفت إن في سندها محمد ابن سنان وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه.
والظاهر إن الترجيح مع الأول لكونها رواية صحيحة معتبرة لا ريب فيها ولكنه
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثاني، ح10.
- (3) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الأول، ح13.
(الصفحة 35)
مسألة 19 ـ دية الخطاء المحض مخفّفة عن العمد وشبيهه في سنّ الابل وصفتها لو اعتبرنا الحمل في شبهه وفي الاستيفاء فانها تستأدى في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها، وفي غير الابل من الأصناف الاُخر المتقدمة لا فرق بينها وبين غيرها1 .
يحتمل التخيير بين الروايتين فالأحوط حينئذ التصالح لعدم معلومية جنس الدية بعد معلومية أصلها وضرورة عدم لزوم الجمع، فالأحوط التصالح كما لا يخفى.
1 - دية الخطاء المحض مخففة عن العمد وشبيهه في اُمور:
الأول في الابل من جهة السنّ وقد تقدم البحث في ذلك مفصّلا.
الثاني في صفة الابل باعتبار إحتمال إعتبار الحمل في شبه العمد وعدم جريان هذا الاحتمال في غيره ولم يتقدم منه هذا البحث بوجه أصلا ولم يدل دليل معتبر على إعتباره بوجه.
الثالث في الاستيفاء; فإنها تستأدى في ثلاث سنين في خصوص دية الخطأ وقد وقع التصريح بذلك في صحيحة أبي ولاد المتقدمة بل جعله هو الفارق بين دية الخطأ وغيره فلا إشكال في أصل ذلك; إنما الكلام في إنه هل يجب أن يؤدي في كل سنة ثلثها أم يجوز تأخير المجموع إلى آخر ثلاث سنين كما إنه يجوز تأخير الثلثين إليه ظاهر الرواية الثاني، فإن ظاهر قول علي (عليه السلام) إنه تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ليس هو التقسيم على الثلاث بحيث يكون في كلّ سنة ثلثها وفي سنتين ثلثاهما بل الظاهر هو جواز التأخير ولو بالاضافة إلى المجموع إلى آخر ثلاث سنين وحينئذ
(الصفحة 36)
مسألة 20 ـ تستأدى الدية ـ في سنة أو سنتين أو ثلاث سنين ـ على إختلاف أقسام القتل سواء كانت الدية تامة كدية الحرّ المسلم أو ناقصة كدية المرأة والذمي والجنين أو دية الأطراف1 .
يجوز تأخير المجموع إلى آخرها ولا يجوز للولي المطالبة قبله وهذا من دون فرق بين الابل وغيرها كما إن الأمرين اللذين ذكرناهما من الاُمور الثلاثة إنما هما بالاضافة إلى الابل فقط ضرورة إن اعتبار السنّ قطعاً وكذا إعتبار الحمل إحتمالا إنما يكون بالاضافة إلى الابل التي هي أحد الاُمور الستّة الثابتة بعنوان الدية مطلقاً وأمّا غير الابل من الأصناف الاُخر فلا فرق بينها وبين غيرها أصلا كما لا يخفى.
1 - ظاهر إطلاق صحيحة أبي ولاد المتقدمة الدالة على إن دية الخطاء تستأدى في ثلاث سنين إنه لا فرق بين ما إذا كانت الدية تامة كما إذا كان المقتول حرّاً مسلماً أو ناقصة كما إذا كانت مرأة أو ذمّياً أو جنيناً كما إنه لا فرق بين ما إذا كانت الدية دية النفس أو دية الأطراف لأن كلها يطلق عليه عنوان دية الخطاء نعم في دية الطرف قول حكاه في المسألة الآتية ويقع التعرض له في شرحها إن شاء الله تعالى.
(الصفحة 37)
مسألة 21 ـ قيل إن كان دية الطرف قدر الثلث أُخذ في سنة واحدة في الخطأ وإن كان أكثر حلّ الثلث بانسلاخ الحول وحلّ الزائد عند إنسلاخ الثاني إن كان ثلثاً آخر فما دون وإن كان أكثر حل الثلث عند إنسلاخ الثاني والزائد عند إنسلاخ الثالث وفيه تأمل وإشكال بل الأقرب التوزيع إلى ثلاث سنين1 .
مسألة 22 ـ دية قتل الخطأ على العاقلة بتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ولا يضمن الجاني منها شيئاً ولا ترجع العاقلة على القاتل2 .
1 - القائل هو صاحب الجواهر (قدس سره) فإنه بعد أن منع ما حكي عن الفاضل من الخلاف في شمول حكم إستيداء الدية في ثلاث سنين لدية الأطراف إستظهر كون الأجل المزبور متمّماً لها فيلحقه التوزيع أيضاً بتوزيعها قال وحينئذ فالطرف إلى آخر ما حكاه في المتن وكلامه هذا متفرع على التثليث في دية النفس كما إدّعى أنه مفروغ عنه وعن المهذّب وغيره الاجماع عليه.
وقد عرفت المناقشة فيه وثبوت الاجماع غير محقق وعلى تقدير التثليث فاللازم التوزيع إلى ثلاث سنين كما إستقربه الماتن (قدس سره) لا إختصاص السنة الاُولى بالثلث وكذا السنة الثانية وإختصاص الثالثة بالزائد فالتحقيق ما ذكرنا من إنه لا دليل على التثليث حتى في دية النفس وجملة «وتستأدى دية الخطاء في ثلاث سنين» لا دلالة لها عليه بوجه وإن كان المنساق منها خصوص دية النفس بحيث لم تكن شاملة لدية الطرف أصلا فتأمل كيلا يختلط عليك.
2 - يختص قتل الخطا بأن ديته على العاقلة بتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى