( الصفحة 228 )
مسألة 10 : يجب على الحامل والمرضعة القضاء بعد ذلك ، كما أنّ الأحوط وجوبه على الأوّلين لو تمكّنا بعد ذلك 1 .
1ـ أمّا وجوب القضاء على الحامل والمرضعة المذكورة; فلوقوع التصريح بذلك في مثل الصحيحة المتقدّمة فلا ريب في ذلك . وأمّا الأوّلان اللذان يراد بهما الشيخ والشيخة وذو العطاش، فقد احتاط في المتن الوجوب عليهما مع تمكّنهما بعد ذلك ; والمنشأ أنّ ظاهر الآية الشريفة لعلّه عدم الوجوب بالإضافة إليهما ; لما عرفت(1)من أنّ الآية قد تعرّضت لحكم ثلاثة عناوين ، وليست فيها دلالة على وجوب القضاء الذي يعبرّ عنه فيها بـ «عدّة من أيّام اُخر» ، بل الواجب على الذين لا يطيقونه فدية طعام فقط .
لكن قوّى السيّد في العروة وجوب القضاء مع التمكّن بعد ذلك (2)، كما قد نسب إلى المشهور (3) ، ولعلّ وجهه صدق الفوات ، والفرض التمكّن من القضاء ، مع أنّ صدقه محلّ إشكال ; لعدم دلالة الآية على الإيجاب عليه من الأوّل ، لا في شهر رمضان ولا بعنوان عدّة من أيّام اُخر ، كما في المسافر والمريض ، ومع عدم الوجوب عليه من أوّل الأمر لا يتحقّق عنوان الفوت ، خصوصاً مع التصريح في بعض الروايات بالعدم .
ففي صحيحة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدّق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام ، ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شيء
- (1) في ص 222 ـ 223 .
(2) العروة الوثقى 2 : 50 ، فصل في موارد جواز الإفطار .
(3) مفاتيح الشرائع 1 : 241 ، مستمسك العروة 8 : 446 .
( الصفحة 229 )
عليهما(1). ويؤيّده التعبير بإجزاء الفداء المذكورة في الآية في بعض الروايات الصحيحة (2). وعليه : فلا موجب للاحتياط الوجوبي وإن كان الاحتياط الاستحبابي ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، كما لا يخفى .
- (1) تقدّمت في ص223 .
(2) وسائل الشيعة 10 : 209 ـ 213 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 15 .
( الصفحة 230 )
( الصفحة 231 )
القول في طريق ثبوت هلال شهر رمضان وشوّال
يثبت الهلال بالرؤية وإن تفرّد به الرائي ، والتواتر والشياع المفيدين للعلم ، ومُضيّ ثلاثين يوماً من الشهر السابق ، وبالبيّنة الشرعيّة ، وهي شهادة عدلين ، وحكم الحاكم إذا لم يعلم خطؤه ولا خطأ مستنده . ولا اعتبار بقول المنجّمين ، ولا بتطوّق الهلال أو غيبوبته بعد الشفق في ثبوت كونه للّيلة السابقة وإن أفاد الظنّ 1 .
1ـ يثبت الهلال مطلقاً لا في خصوص الشهرين المذكورين في العنوان باُمور :
الأوّل : الرؤية وإن تفرّد بها الرائي وانحصرت به ، ويدلّ على ثبوت الهلال بها ـ مضافاً إلى إفادتها للعلم الذي هو حجّة عقليّة ، أو الاطمئنان الذي هو حجّة عقلائية ; ضرورة أنّ إحراز العنوان المأخوذ في موضوع الحكم لا سبيل له أولى من العلم وما يقوم مقامه ـ الروايات الكثيرة الدالّة على الثبوت بالرؤية مطلقاً ; سواء كانت مقرونة برؤية الغير أم لا ، وفي بعضها التصريح بذلك .
ففي صحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه (عليه السلام) قال : سألته عمّن يرى هلال شهر رمضان وحده لا يبصره غيره ، أله أن يصوم؟ قال : إذا لم يشك فيه فليصم وحده ،
( الصفحة 232 )
وإلاّ يصوم مع الناس إذا صاموا(1) . وقد اشتهر ما يدلّ على أنّه يصام للرؤية ويفطر للرؤية(2) .
الثاني والثالث : التواتر والشياع بشرط إفادتهما للعلم ، والثبوت في هذا الفرض واضح ، إنّما الكلام في صورة عدم إفادة العلم ، والعمدة في البحث في هذا المجال هو غير التواتر ; لأنّ فرض ثبوت التواتر مع فرض عدم إفادة العلم لعلّه غير ممكن ; فإنّ التواتر بأنواعه المختلفة لفظيّاً أو معنويّاً أو إجماليّاً يفيد العلم . وأمّا الشياع فربّما يقال فيه بالاعتبار وإن لم يفد إلاّ الظنّ ، ويستدلّ عليه ببعض الأدلّة غير الناهضة لإثبات ذلك . وقد تكلّمنا في هذا المجال في هذا الشرح في كتاب القضاء(3)ـ على ما هو ببالي ـ مثل ما ورد في قصّة إسماعيل وما قال أبوه الإمام (عليه السلام) له ، ولا نرى حاجة إلى الإعادة .
الرابع : مضيّ ثلاثين يوماً من الشهر السابق مع ثبوت أوّله ، ويدلّ عليه :
أوّلاً : أ نّ الشهر في لسان الشرع لا يزيد على ثلاثين ، بل قد ينقص بيوم واحد ، وقد اشتهر عناوين الشهور الإثنتي عشرة التي منها شهر رمضان ، الذي هو موضوع البحث في هذا الكتاب ، ويبدو في النظر أنّ السنة المركّبة من الشهور المشار إليها في باب الخمس ـ الذي يكون من الاُمور المتعلّقة له هو ما يفضل من الربح هي مؤونة السنة عند آخرها ـ هي هذه السنة المعبّر عنها بالسنة القمريّة ،
- (1) مسائل علي بن جعفر : 149 ح 193 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 261 ، كتاب الصوم ، أبواب أحكام شهر رمضان ب4 ح 2 .
(2) وسائل الشيعة 10 : 252 ـ 260 ، كتاب الصوم ، أبواب أحكام شهر رمضان ب 3 .
(3) تفصيل الشريعة فى شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 51 ـ 53 .