جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة المیاه
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 72)

الصورية العرفية يصير موجباً للاستقذار والتنفّر منه بحيث ربّما يزول الاشتياق بالكلّية وتتبدّل المطبوعية إلى التنفّر والانزجار فكذلك كان هذا المعنى موجباً لقياس الشرعيات إلى العرفيات وباعثاً على سؤالهم عن ذلك، وعليه فالمراد بالنجاسة ليس ما يقابل الطهارة بل المراد منها تحقّق القذارة الضعيفة في موارد ثبوتها وـ حينئذ ـ فالرواية غير قابلة للاستناد إليها على النجاسة المصطلحة.

ومنها: الأخبار الكثيرة الواردة في النزح الدالّة على وجوبه، فإنّ حملها على الوجوب التعبّدي ـ مضافاً إلى كونه بعيداً في نفسه ـ مناف لما ورد في بعضها من التعبير بالتطهير بالنزح مثل رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى بن جعفر(عليهما السلام) قال: سألته عن البئر تقع فيها الحمامة والدجاجة أو الكلب أو الهرة فقال: يجزيك أن تنزح منها دلاء فإنّ ذلك يطهّرها إن شاء الله تعالى.

هذا والظاهر انّ النزح ليس بواجب بل مستحبّ والدليل عليه اختلاف هذه الروايات في مقداره في مورد واحد بل الترديد في رواية واحدة بين الأقلّ والأكثر مضافاً إلى القرائن الموجودة في بعضها كالحكم بصحّة الوضوء الواقع قبل النزح وعدم وجوب غسل الثوب المغسول به قبله وعليه فتحمل هذه الأخبار على مرتبة ضعيفة من النجاسة لا تمنع عن شربه ولا عن الوضوء والغسل به ولا ترتفع بغير النزح ولا نحملها على مرتبة قوية من النجاسة كي تمنع عن استعمال الماء مطلقاً.

هذا ولكنّه ربّما يناقش في حمل أخبار النزح على الاستحباب بأنّ مقتضى الصناعة العلمية الأخذ بالأقلّ وحمله على الوجوب إذ لا معارض له في شيء ويحمل المقدار الأكثر على الاستحباب. كما أنّه يناقش في الحمل على المرتبة الضعيفة لأجل القرائن المذكورة بأنّ هذا ليس بجمع عرفي يفهمه أهل اللسان مع أنّه

(الصفحة 73)

يستحيل اجتماع الطهارة مع النجاسة ولو بمرتبة ضعيفة منها لأنّهما ضدّان واجتماعهما مستحيل وهل يجتمع البياض مع مرتبة ضعيفة من السواد؟!

وقال بعد ذلك ما ملخّصه: إنّ الصحيح في المقام أن يقال: إنّ الطائفتين من أظهر أنحاء المتعارضين فلا محيص فيهما من الرجوع إلى مرجّحات باب المعارضة فإن قلنا بدلالة الكتاب على طهارة جميع أقسام المياه فالترجيح مع الأخبار الدالّة على طهارة البئر لموافقتها للكتاب وإن لم نقل بذلك للمناقشة في دلالته على الطهارة المصطلحة فلا يكون الترجيح ـ حينئذ ـ إلا مع أخبار الطهارة أيضاً لمخالفتها للعامة لأنّ المذاهب الأربعة وغيرها مطبقة على انفعال ماء البئر بمجرّد الملاقاة فلابدّ من حمل أخبار النجاسة على التقية مع أنّ فيها قرينة على عدم كونها بصدد بيان الحكم الواقعي. وبهذا يشكل الافتاء باستحباب النزح أيضاً إذ بعد الحمل على التقية لم يبق هناك شيء يدلّ على الاستحباب.

أقول: ممّا لا ينبغي من الفقيه الالتزام به طرح الأخبار الكثيرة الواردة في النزح التي بلغت من لاكثرة إلى أن عقد لها صاحب الوسائل أبواباً متعدّدة متكثّرة وكذا حملها على التقية وعدم كونها بصدد بيان الحكم الواقعي فإنّه كيف يمكن طرح هذه الأخبار مع كثرتها المعجبة أو حملها على التقية أو لا يصير ذلك قرينة على عدم كون النزح واجباً خصوصاً بعد عدم تعيين المقدار في بعضها والترديد بين الأقلّ والأكثر في رواية واحدة والمراد من النجاسة الضعيفة ليس هي النجاسة المقابلة للطهارة حتى يستحيل اجتماعها معها بل القذارة التي ترتفع بالنزح وتجتمع مع الطهارة هذا مع قطع النظر عن ملاحظة أخبار الطهارة، وامّا مع ملاحظتها خصوصاً مع صراحة بعضها في الحكم بطهارة البئر كصحيحة ابن بزيع المتقدّمة فهل لا تكون تلك الأخبار قرينة على الحمل على الاستحباب مع أنّ الحمل عليه

(الصفحة 74)

لا يحتاج إلى كثير مؤونة، مع أنّه لو وصلت النوبة إلى تحقّق المعارضة والرجوع إلى مرجّحات ذلك الباب لكان الترجيح مع أخبار النجاسة لكونها موافقة لفتوى المشهور من القدماء وقد أثبتنا في محلّه أن أوّل المرجّحات هي الشهرة الفتوائية المحقّقة بين القدماء من الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ والظاهر عدم وصول النوبة إلى المعارضة وكون النزح مستحبّاً لا واجباً وبهذا يظهر المناقشة في ادّعاء الشهرة على النجاسة بين القدماء بل الإجماع عليها لأنّ منشأه انّهم ذكروا أخبار النزح في كتبهم وأفتوا بمضمونها فربّما يتوهّم ـ كما توهّم ـ انّ مرادهم نجاسة البئر ووجوب النزح لأجل حصول الطهارة مع أنّه لم يثبت ذلك فإنّه ـ مضافاً إلى أنّه يظهر من بعضهم انّ وجوب النزح لا يكون وجوباً شرطياً بل تعبّدياً لا دلالة فيه على النجاسة بوجه ـ ينفي ذلك أنّ بعضهم قد أورد أخبار الطهارة أيضاً مثل الصدوق(قدس سره)في كتابي «المقنع والهداية» حيث إنّه قد ذكر في ضمن مقادير النزح ما يدلّ على طهارة الثوب المغسول بماء البئر وصحّة الوضوء والصلاة بعد العلم بأنّه كان فيها ميتة، وذكر في الثانية أيضاً ما يدلّ على أنّ البئر واسع لا يفسده شيء.

وبالجملة فلم يثبت الإجماع بل الشهرة على النجاسة، ولو سلم فهو لا يدلّ على طرحهم للأخبار الدالّة على الطهارة، بل لم يكن ذلك إلاّ لاجتهادهم وترجيحهم للأخبار الدالّة على النجاسة والدليل عليه انّهم ربّما التجأوا إلى تأويلها وحملها على خلاف ظاهرها كما عرفت من الشيخ الطوسي(قدس سره) لأرجحية المعارض بنظرهم، فالإجماع على تقدير تحقّقه منشأه الاجتهاد فلا يكشف عن قول المعصوم(عليه السلام) إلا بناء على بعض الوجوه المذكورة لحجّيته وقد حقّق بطلانه في الاُصول.

ثمّ إنّه قد يجمع بين الطائفتين من الأخبار ـ بعد فرض التعارض بينها ـ بحمل الطائفة الاُولى الدالّة على الطهارة على ما إذا كان ماء البئر بالغاً حدّ الكر، وحمل

(الصفحة 75)

الطائفة الثانية الدالّة على النجاسة على ما إذا لم يبلغ ذلك الحدّ.

وفيه: انّ صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ـ المتقدّمة ـ قد علّل فيها الطهارة بكون البئر له مادّة فهي صريحة في أنّ الموجب لاعتصامها والمانع عن انفعالها إنّما هو كونه له مادّة لا كون مائه بالغاً حدّ الكرّ فلا يمكن حملها على ما إذا كان الماء بالغاً ذلك الحدّ.

وقد يقال: بأنّ الطائفة الأولى منصرفة إلى ما إذا كان الماء كرّاً لكون مياه الآبار غالباً تبلغ حدّ الكرّ فلا تنافي بينها وبين الأدلّة الدالّة على انفعال الماء القليل.

وفيه ـ مضافاً إلى أنّ دعوى الانصراف لا تختص بخصوص الطائفة الاُولى بل تجري في الثانية أيضاً ـ انّه لا تعارض بين الطائفة الاُولى وبين أدلّة انفعال الماء القليل بعدما عرفت من أنّ عمدة هذه الأدلّة هي مفهوم قوله(عليه السلام) : «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» وأنّ القضية الشرطية لا دلالة لها على الحصر أصلاً، فمفادها ليس إلاّ أن الكرية موجبة للاعتصام ولا ينفي الدليل الدالّ على أنّ الماء الذي كانت له مادّة معتصم أيضاً.

مع أنّه يدفع هذين القولين انّه بناء عليهما لا يبقى لعنوان «ماء البئر» موضوعية ضرورة انّ المناط في الاعتصام ـ حينئذ ـ هي الكرية لا كونه ماء البئر مع أنّ العنوان المأخوذ في الدليل هو هذا العنوان فالحمل على صورة تحقّق الكرية مستلزم لإلغاء العنوان رأساً فيلزم حمل كلام الحكيم على اللغوية فتدبّر.

ونختم الكلام في بحث ماء البئر بما أفاده سيّدنا المحقّق الاستاذ الطباطبائي البروجردي ـ قدّس سرّه الشريف ـ دليلاً على القول بطهارة ماء البئر مطلقاً وعدم نجاسته بمجرّد الملاقاة مضافاً إلى الروايات وسائر الأدلّة المعروفة بين المتأخّرين الدالّة على الطهارة بحيث لا يكاد يمكن الخدشة فيها ولذا صار موجباً لانقلاب

(الصفحة 76)

شهرة النجاسة إلى شهرة الطهارة من زمن محمد بن محمد الجهم ـ استاذ العلاّمة وتلميذ المحقّق وقد قال المحقّق في حقّه وحقّ تلميذه الآخر أب العلاّمة للخواجة نصير الدين الطوسي الذي حضر محفل المحقّق ذات يوم: إنّهما أعلم من اجتمع عنده بالأصولين «أصول الاعتقاد وأصول الفقه» ـ وتبعه العلاّمة في ذلك واستقر عليه رأي من بعده.

وكيف كان فدليل الاستاذ انّه لا إشكال في أنّ فتوى المعصوم(عليه السلام) في ماء البئر امّا النجاسة مطلقاً بسبب مجرّد الملاقاة وامّا الطهارة كذلك من دون أن يكون هناك فصل بين القليل والكثير، وذلك لعدم ذهاب أحد من علمائنا الإمامية ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ إلى التفصيل عدا بعض من لا يُعرف ولا يُعتنى بقوله، وـ حينئذ ـ فالحكم الواقعي امّا النجاسة مطلقاً وامّا الطهارة كذلك، وبعد ورود روايات كثيرة في الكر دالّة على اعتصامه وعدم انفعاله لابدّ من ملاحظة انّ ماء البئر إذا كان كرّاً هل يكون مشمولاً لتلك الروايات أم لا؟ لا مجال لدعوى عدم الشمول لأنّ خصوصية البئر عبارة عن الاشتمال عن المادّة ووقوع الماء في قعر الأرض، ومن المعلوم انّ وقوع الماء في قعر الأرض لا يوجب تبدّل حكم الكر ولا وجه لدعوى انصراف روايات الكر إلى الماء الواقع في سطح الأرض لوضوح انّ المناط هي الكثرة وبلوغ الماء إلى كم خاص ومقدار مخصوص ولا دخالة للظرف والمكان فيه أصلاً، وامّا الاشتمال على المادّة فلو لم يكن موجباً لاسراء حكم الكر إلى القليل من ماء البئر لا يصير موجباً لانفعال الكر من البئر ضرورة، فإذا ثبتت طهارة ماء البئر إذا كان كراً بمقتضى الروايات الواردة فيه تظهر طهارته إذا كان قليلاً أيضاً وذلك لعدم الفصل بين الصورتين كما عرفت.