جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه تفسیر آیة التطهیر
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 14)

لقد سمّرت هذه الآية الشريفة أعين ذوي البصائر صوب قمم العصمة والطهارة ، وكبَحَت المتعصّبين بلجام عصبيتهم ، وأعيتهم عن التنكّر لأفضلية أهل البيت(عليهم السلام) وأحقّيتهم وكمالهم ، ومن هناك حيث يطلع طلاّب الحقّ الذين تخلّصوا من جمود التعصّب ، تتجلّى أحقّيتهم صلوات الله عليهم .
والوقوف على دلالة هذه الآية الكريمة والإحاطة بمفادها العميق يتطلّب المزيد من الدراسة والتحرّي والتحقيق ، وللوهلة الأولى ـ إذا ما صرفنا النظر عن الروايات ـ نرى أنّ البحث ينبغي أن ينصبّ على نكات خمس رئيسية جديرة بالاهتمام:
النكتة الأولى: كون الآية الكريمة قد ذُكرت خلال آيات خاطبت زوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وعند التدقيق يتّضح أن لا علاقة لها بهاتيك النسوة .
النكتة الثانية: المفارقة التي تسجّل حول الآية بلحاظ شأن نزولها من جهة ، وقد نزلت بصورة مستقلّة في مورد خاصّ ، وكان محلّ نزولها بيتاً من بيوت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ومن جهة أُخرى ترتيبها في طريق التدوين ، الذي تخلّل آيات تتحدّث عن نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) بحيث جاءت مقحمة في سياق: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(1) .
النكتة الثالثة: البحث في المقصود من «الإرادة» في قوله تعالى:
  • (1) الأحزاب : 33  .

(الصفحة 15)

(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ . . .} .
النكتة الرابعة: ما هو «الرجس» في النظرة القرآنية؟ ليكون مبيّناً لنفي الرجس بصورة مطلقة في الآية الشريفة .
النكتة الخامسة: البحث في عبارة «أهل البيت» هل هي اصطلاح خاصّ أم أنّ لها مفهوماً عامّاً يشمل جميع أقرباء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، أم أنّها من العناوين المشيرة(1) التي لا يلحظ فيها المفهوم؟ وبعبارة أُخرى: هل عبارة «أهل البيت» ملحوظة بالمعنى الوصفي في الآية الشريفة أم أنّها مشيرة إلى جماعة معيّنة؟

  • (1) العنوان المشير: عنوان لا موضوعية له ، يشير إلى موضوع ما . مثاله إذا قيل: احترم الشخص الذي يرتدي العباءة في المجلس ، فإنّ واجب احترامه يبقى قائماً وإن نزع العباءة . . . وهنا يكون لبس العباءة عنواناً مشيراً . ويكاد هذا الأمر أن يكون أبرز ما تناوله هذا الكتاب بالبحث ، وصلب الابتكار الذي لجأ إليه المؤلّفان في معالجة الآية وتفسيرها . . . وستجد تفصيله في الصفحة 125 ـ 131 من هذا الكتاب .

(الصفحة 16)


(الصفحة 17)

النكتة الاُولى:



علاقة الآية بزوجات النبيّ(صلى الله عليه وآله)

لا ريب في أنّ هذه الآيات نزلت في المدينة; لأنّ جميع آيات سورة الأحزاب مدنية ، خصوصاً الآيات التي كانت نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)هنّ المخاطب فيها; لأنّهنّ إنّما دخلن في عصمة النبيّ(صلى الله عليه وآله)وأصبحن أزواجه في المدينة .
إذن ثمّة ظنّ قويّ هنا بأنّ الآية نزلت في أواخر حياة النبيّ(صلى الله عليه وآله)حين كان(صلى الله عليه وآله) ذا أزواج عديدة ، الأمر الذي اتّفق للنبيّ(صلى الله عليه وآله) في أواخر أيّامه ، وعلى القاعدة فإنّ جميعهنّ أو أكثرهنّ بقين في عصمته ، ثمّ حظيت وتشرّفت كلّ واحدة منهنّ بعد وفاته بلقب «أمّ المؤمنين» .
من الواضح أنّ هذه الآيات التي تخاطب الزوجات لقضية هامّة وتوجّه إليهنّ نصائح قيّمة ، وتذكّرهنّ باُمور مفيدة ، تريد رسم منهج تربوي خاصّ لهذه النسوة يحصّنهنّ من الإضرار بالإسلام والمسلمين ، لما يمكن أن يؤدّينه من دور في مستقبل الإسلام بعد رحيل النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ولما يحتمل أن يؤثّر فيهنّ من عناصر التخريب في ظلّ الاعتداد والتمتّع بلقب «أمّ المؤمنين» ، فيُضللن الاُمّة التي لم تواكب وقائع عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله)عن قرب ، وظلّت تعاني الجهل بحقائق تلك الفترة . إذ إنّ التوجّه إلى هذه الآيات والعمل بالنصائح والإرشادات التي تحويها سيحدِّد
(الصفحة 18)

تكليفهنّ الصحيح ، ويحُول دون ارتكابهنّ ما يعرقل المسيرة ويعيق دور الزعماء الواقعيين للإسلام ، فلا يكنّ سبباً لانفصام عرى الدين واُسسه .
تبدأ الآية الاُولى بمخاطبة نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله) بتذكرهنّ أنّ حبّ الدنيا ، والافتتان بالحياة المادّية وزينتها لا يتناسب ومقام الزوجية لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وتدعوهنّ لعدم التشبّث بالافتخار بهذا المقام ، واتخاذ موقف عملي وواقعي بالانفصال عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالحسنى . {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا}(1) .
وتذكّرهنّ الآية الثانية إن كنّ على استعداد لمجاراة رسول الله(صلى الله عليه وآله)في حياته المنقطعة إلى الله والتي أوقفها للآخرة ، وأردن مواصلة الحياة الزوجية معه(صلى الله عليه وآله) على هذا الأساس ، فإنّ هذا مدعاة فخر واعتزاز لهنّ وباعث لبلوغ أعظم الأجر . {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}(2) .
ثمّ تستعرض الآية الثالثة حساسية وخطورة أفعالهنّ ، والموقع المتميّز الذي اختصّت به أعمالهنّ ، فليس شأنهنّ وحسابهنّ مثل غيرهنّ من النساء إن أتين بالمعصية أو الفاحشة المبيّنة ، بل إنّ موقعهنّ من رسول الله(صلى الله عليه وآله) يجعل الحساسية مضاعفة ، وبالتالي فالعقاب مضاعف أيضاً . {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة يُضَاعَفْ لَهَا
  • (1) الأحزاب : 28  .
  • (2) الأحزاب : 29  .