فاذا فرغت من أعمال جامع الكوفة فامض الى قبر مسلم بن عقيل رضوان الله عليه وقِف عنده وقُل :
اَلْحَمْدُ للهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبينِ، الْمُتَصاغِرِ لِعَظَمَتِهِ جَبابِرَةُ الطّاغينَ، الْمُعْتَرِفِ بِرُبُوبِيَّتِهِ جَميعُ اَهْلِ السَّماواتِ وَالاَْرَضينَ، الْمُقِرِّ بِتَوْحيدِهِ سائِرُ الْخَلْقِ اَجْمَعينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِ الاَْنامِ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الْكِرامِ، صَلاةً تَقَرُّ بِها
اَعْيُنُهُمْ، وَيَرْغَمُ بِها اَنْفُ شانِئِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ اَجْمَعينَ، سَلامُ اللهِ الْعِليِّ الْعَظيمِ وَسَلامُ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَاَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلينَ وَاَئِمَّتِهِ الْمُنْتَجَبينَ وَعِبادِهِ الصّالِحينَ وَجَميعِ الشُّهَداءِ وَالصِّدّيقينَ، وَالزّاكِياتُ الطَّيِّباتُ فيـما تَغْتَدي وَتَرُوحُ عَلَيْكَ يا مُسْلِمَ بْنَ عَقيلِ بْنِ أبي
طالِب وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ اَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَاَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَجاهَدْتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَقُتِلْتَ عَلى مِنْهاجِ الُْمجاهِدينَ في سَبيلِهِ حَتّى لَقِيْتَ اللهَ عَزَّوَجَلَّ وَهُوَ عَنْكَ راض، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللهِ، وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ في نُصْرَةِ
حُجَّةِ اللهِ وَابْنِ حُجَّتِهِ حَتّى اَتاكَ الْيَقينُ، اَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْليمِ وَالْوَفاءِ وَالنَّصيحَةِ لِخَلَفِ النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ، وَالسِّبْطِ الْمُنْتَجَبِ، وَالدَّليلِ الْعالِمِ وَالْوَصِيِّ الْمُبَلِّغِ، وَالْمَظْلُومِ الْمُهْتَضَمِ، فَجَزاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنْ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَعَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ اَفْضَلَ الْجَزاءَ بِما
صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ وَاَعَنْتَ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ اَمَرَ بِقَتْلِكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنِ افْتَرى عَلَيْكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ جَهِلَ حَقَّكَ وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ بايَعَكَ وَغَشَّكَ وَخَذَلَكَ وَاَسْلَمَكَ، وَمَنْ اَلَبَّ عَلَيْكَ وَمَنْ لَمْ يُعِنْكَ،
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَ النّارَ مَثْواهُمْ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، وَاَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ لَكُمْ ما وَعَدَكُمْ جِئْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكُمْ مُسَلِّماً لَكُمْ تابِعاً لِسُنَّتِكُمْ، وَنُصْرَتي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمينَ، فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، صَلَواتُ
اللهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى اَرْواحِكُمْ وَاَجْسادِكُمْ وَشاهِدِكُمْ وَغائِبِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، قَتَلَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالاَْيْدي وَالاَْلْسُنِ .
وجَعَلَ هذه الكلمات في المزار الكبير بمنزلة الاستئذان، وقال : بعد ذِكرِها : ثمّ ادخل وادنُ من القبر وعلى الرّواية السّابقة أشِر الى الضّريح ثمّ قُل :
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعَبْدُ الصّالِحُ الْمُطيعُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَِميرِالْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، الْحَمْدُ لله وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ
وَعَلى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ، اَشْهَدُ اَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى مامَضى عَلَيْهِ الْبَدْرِيُّونَ الُْمجاهِدُونَ في سَبيلِ اللهِ، الْمُبالِغُونَ في جِهادِ اَعْدائِهِ وَنُصْرَةِ اَوْلِيائِهِ، فَجَزاكَ اللهُ اَفْضَلَ الْجَزاءِ، وَاَكْثَرَ الْجَزاءِ، وَاَوْفَرَ جَزاءِ اَحَد مِمَّنْ وَفى بِبَيْعَتِهِ، وَاسْتَجابَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَاَطاعَ وُلاةَ اَمْرِهِ ،اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ
بالَغْتَ فِي النَّصيحَةِ وَاَعْطَيْتَ غايَةَ الَْمجْهُودِ حَتّى بَعَثَكَ اللهُ فِي الشُّهَداءِ، وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ اَرْواحِ السُّعَداءِ، وَاَعْطاكَ مِنْ جِنانِهِ اَفْسَحَها مَنْزِلاً، وَاَفْضَلَها غُرَفاً، وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي الْعِليّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ اوُلئِكَ رَفيقاً، اَشْهَدُ اَنَّكَ لَمْ
تَهِنْ وَلَمْ تَنْكُلْ، وَاَنَّكَ قَدْ مَضَيْتَ عَلى بَصيرَة مِنْ اَمْرِكَ مُقْتَدِياً بِالْصّالِحينَ وَمُتَّبِعاً لِلنَّبيّينَ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رَسُولِهِ وَاَوْلِيائِهِ في مَنازِلِ الُْمخْبِتينَ فَاِنَّهُ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ .
ثمّ صلّ ركعتين في جانب الرّأس واهدها الى جنابه ثمّ قل : اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَلا تَدَعْ لى ذَنْباً وهذا هو الدّعاء الّذي يدعى به في مرقد العبّاس وسيأتي ذكره فاذا شئت أن تودعه فودّعه بالوداع الّذي سيذكر في ذيل
زيارة العبّاس .
تقف عند قبره وتسلّم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقول :
سَلامُ اللهِ الْعَظيمِ وَصَلَواتُهُ عَلَيْكَ يا هانِيَ بْنَ عُرْوَةَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعَبْدُ الصّالِحُ النّاصِحُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلاَِميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلُوماً، فَلَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ وَاسْتَحَلَّ دَمَكَ، وَحَشى
قُبُورَهُمْ ناراً، اَشْهَدُ اَنَّكَ لَقِيْتَ اللهَ وَهُوَ راض عَنْكَ بِما فَعَلْتَ وَنَصَحْتَ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ دَرَجَةَ الشُّهَداءِ وَجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ اَرْواحِ السُّعَداءِ بِما نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ مُجْتَهِداً، وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ في ذاتِ اللهِ وَمَرْضاتِهِ، فَرَحِمَكَ اللهُ وَرَضِيَ عَنْكَ وَحَشَرَكَ مَعَ مُحَمَّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ،
وَجَمَعَنا وَاِيّاكُمْ مَعَهُمْ في دارِ النَّعيمِ، وَسَلامٌ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ .
ثمّ صلّ ركعتين واهدها الى هاني وادعُ لنفسك بما شئت وودّعه بما تودّع به مسلم .
الفَصْلُ السادِسُ :
في فَضل مَسجد السّهلة وأعماله، وأعمال مسجد زيد، ومسجد صعصعة :
اعلم انّه ليس في تلك البقاع مسجد يضاهي مسجد السّهلة فضلاً وشرفاً بعد مسجد الكوفة وهو بيت ادريس (عليه السلام)وابراهيم (عليه السلام) ومنزل خضر (عليه السلام) ومسكنه، وعن أبي بصير عن الصّادق صلوات الله وسلامه عليه قال : قال لي : يا أبا محمّد كأنّي أرى نزول القائم صلوات الله عليه في مسجد السّهلة بأهله وعياله ويكون منزله، وما بعث الله
نبيّاً الاّ وقد صلّى فيه والمقيم فيه كالمقيم في فُسطاط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما من مؤمن ولا مؤمنة الاّ وقلبه يحنّ اليه وفيه صخرة فيها صورة كلّ نبيّ، وما صلّى فيه أحد فدعا الله بنيّه صادقة الاّ صرفه الله بقضاء حاجته، وما مِن أحد استجاره الاّ أجاره الله ممّا يخاف منه، قلت : هذا لهو الفضل ، قال : نزيدك ؟ قلت : نعم ، قال : هو من البقاع التّي أحبّ الله أن يدعى فيها وما من يوم ولا
ليلة الاّ والملائكة تزُور هذا المسجد يعبدون الله فيه، أما انّي لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة الاّ فيه، يا أبا محمّد ما لم أصف اكثر ، قلت : جعلت فداك لا يزال القائم (عليه السلام) فيه أبداً ؟ قال : نعم .. الخ .
فمن المسنون فيه الصّلاة ركعتين بين العشاءين، عن الصّادق (عليه السلام) ما صلاها مكروب ودعا الله الاّ فرّج الله كربته، وعن بعض كتب الزّيارة انّه اذا أردت أن تدخل المسجد فقف على الباب وقُل :
بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَمِنَ اللهِ وَاِلَى اللهِ وَما شاءَ اللهُ وَخَيْرُ الاَْسْماءِ للهِ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ وَلا حَوْلَ و لا قُوَّةَ اِلاّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْني مِنْ عُمّارِ مَساجِدِكَ وَبُيُوتِكَ، اَللّـهُمَّ اِنّي اَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ بِمُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاُقَدِّمُهُمْ
بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجي، فَاجْعَلْنِي اَللّـهُمَّ بِهِمْ عِنْدَكَ وَجيهاً فِي الدُّنْيا وَالاْخِرةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْ صَلاتي بِهِمْ مَقْبُولَهً، وَذَنْبي بِهِمْ مَغْفُوراً، وَرِزْقي بِهِمْ مَبْسُوطاً، وَدُعائي بِهِمْ مُسْتَجاباً، وَحَوائِجي بِهِمْ مَقْضِيَّةً، وَانْظُرْ اِلَيَّ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ نَظَرْةً رَحيمَةً اَسْتَوْجِبُ بِها
الْكَرامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لا تَصْرِفْهُ عَنّي اَبَداً بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالاَْبْصارِ ثَبِّتْ قَلْبي عَلى دينِكَ وَدينِ نَبِيِّكَ وَوَلِيِّكَ، وَلا تُزِغْ قَلْبي بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَني، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً اِنَّكَ اَنْتَ الْوَهّابُ، اَللّـهُمَّ اِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَمَرْضاتَكَ طَلَبْتُ وَثَوابَكَ ابْتَغَيْتُ،
وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اَللّـهُمَّ فَاَقْبِلْ بِوَجْهِكَ ِالَيِّ، وَاَقْبِلْ بِوَجْهي اِلَيْكَ ثمّ اقرأ آية الكرسي والمعوّذتين وسبّح الله سبع مرّات واحمده سبعاً وهلّل سبعاً وكبّر سبعاً أي كرّر كلّ جملة مِن سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلـهَ اِلاّ اللهُ و
اللهُ اَكْبَرُ سبع مرّات ثمّ قل : اَللّـهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى ما هَدَيْتَني، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما فَضَّلْتَني، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما شَرَّفْتَني، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى كُلِّ بَلاء حَسَن ابْتَلَيْتَني، اَللّـهُمَّ تَقَبَّلْ صَلاتي وَدُعائي، وَطَهِّرْ قَلْبي، وَاشْرَحْ لي
صَدْري، وَتُبْ عَلَيَّ اِنَّكَ اَنْتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ .
وقال السّيد ابن طاووس اذا أردت أن تمضي الى السّهلة فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الاخرة من ليلة الاربعاء وهو أفضل من غيره من الاوقات فاذا اتيته فصلّ المغرب ونافلتها ثمّ قم فصلّ ركعتين تحيّة المسجد قربةً الى الله تعالى، فاذا فرغت فارفع يدك الى السّماء وقُل : اَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ
اِلاّ اَنْتَ مُبْدِئُ الْخَلْقِ وَمُعيدُهُمْ، وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ خالِقُ الْخَلْقِ وَرازِقُهُمْ، وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ الْقابِضُ الْباسِطُ، وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ مُدَبِّرُ الاُْمُورِ وَباعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، اَنْتَ وارِثُ الاَْرْضِ وَمَنْ عَلَيْها، اَسْاَلُكَ بِاسْمِكَ الَمخْزُنِ الْمَكْنُونِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ
وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ عالِمُ الِسِّر وَاَخْفى، اَسْاَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي اِذا دُعيتَ بِهِ اَجَبْتَ، وَاِذا ِسُئِلْتَ بِهِ اَعْطَيْتَ، وَاَسْاَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى مُحَمَّد وَاَهْلِ بَيْتِهِ وَبِحَقِّهِمُ الَّذي اَوْجَبْتَهُ عَلى نَفْسِكَ اَنْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تَقْضِيَ لي حاجَتي السّاعَةَ السّاعَةَ، يا سامِعَ الدُّعاءِ، يا
سَيِّداهُ يا مَوْلاهُ يا غِياثاهُ، اَسْاَلُكَ بِكُلِّ اسْم سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ اَوْ اسْتَأثَرْتَ بِهِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَنا السّاعَةَ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالاَْبْصارِ، يا سَميعَ الدُّعاءِ .
ثمّ اسجد واخشع وادعُ الله بما تريد ثمّ صلّ في الزّاوية الغربيّة الشّماليّة ركعتين وهي موضع دار ابراهيم الخليل (عليه السلام) حيث كان يذهب منها الى قتال العمالقة، فاذا فرغت من الصّلاة فسبّح ثمّ قُل بعد ذلك : اَللّـهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ الْبُقْعَةِ الشَّريفَةِ، وَبِحَقِّ مِنْ تَعَبَّدَ
لَكَ فيها، قَدْ عَلِمْتَ حَوائِجي، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاقْضِها، وَقَدْ اَحْصَيْتَ ذُنُوبي فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاغْفِرْها، اَللّـهُمَّ اَحْيِني ما كاَنَتِ الْحَياةُ خَيْراً لي، وَاَمِتْني اِذا كانَتِ الْوَفاةُ خَيْراً لي عَلى مُوالاةِ اَوْلِيائِكَ وَمُعاداةِ اَعْدائِكَ، وَافْعَلْ بي ما اَنْتَ اَهْلُهُ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، ثمّ
تصلّي ركعتين في الزّاوية الغربية الاخرى التي هي في سمت القبلة، ثمّ ترفع يديك وتقول : اَللّـهُمَّ اِنّي صَلَّيْتُ هذِهِ الصَّلاةَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ، وَطَلَبَ نائِلِكَ، وَرَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَتَقَبَّلْها مِنّي بِاَحْسَنِ قَبُول، وَبَلِّغْني بِرَحْمَتِكَ الْمَأْمُولَ، وَافْعَلْ
بي ما اَنْتَ اَهْلُهُ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، ثمّ اهو الى السّجود وضع خدّيك على التّراب ثمّ امض الى الزّاوية الشّرقيّة فصلّ ركعتين وابسط يديك وقُل : اَللّـهُمَّ اِنْ كانَتْ الذُّنُوبُ وَالْخَطايا قَدْ اَخْلَقَتْ وَجْهي عِنْدَكَ فَلَمْ تَرْفَعْ لي اِلَيْكَ صَوْتاً وَلَمْ تَسْتَجِبْ لي
دَعْوَةً فَاِنّي اَسْاَلُكَ بِكَ يا اللهُ فاَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَكَ اَحَدٌ، وَاَتَوَسِّلُ اِلَيْكَ بِمُحَمَّد وَآلِهِ وَاَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاَنْ تُقْبِلَ اِلَيَّ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ وَتُقْبِلَ بِوَجْهي اِلَيْكَ وَلا تُخَيِّبْني حَيْنَ اَدْعُوكَ، وَلا تَحْرِمْني حَيْنَ اَرْجُوكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
أقول : نقل عن كتاب غير معروف من كتب الزّيارات انّه ثمّ تمضى الى الزّاوية الشّرقيّة الاخرى وتصلّي هناك ركعتين وتقول : اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِاِسْمِكَ يا اللهُ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تَجْعَلَ خَيْرَ عُمْري آخِرَهُ، وَخَيْرَ اَعْمالي خَواتِيمَها
وَخَيْرَ اَيّامي يَوْمَ اَلْقاكَ فيهِ اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ، اَللّـهُمَّ تَقَبَّلْ دُعائي وَاسْمَعْ نَجْوايَ يا عَلِيُّ يا عَظيمُ يا قادِرُ يا قاهِرُ يا حَيّاً لا يَمُوتُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَاغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتي بَيْني وَبَيْنَكَ، وَلا تَفْضَحْني عَلى رُؤوسِ الاَْشْهادِ، وَاحْرُسْني بِعينِكَ الَّتي لا تَنامُ وَارْحَمَني بِقُدْرَتِكَ
عَلَيَّ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، وَصَلَّىَ اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّد وَآلِهِ الطّاهِرينَ يا رَبَّ الْعالَمينَ .
ثمّ تصلّي في البيت الذي في وسط المسجد ركعتين وتقول : يا مَنْ هُوَ اَقْرَبُ اِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ، يا فَعّالاً لِما يُريدُ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَحُلْ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَنْ يُؤْذينا بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ يا كافي مِنْ
كُلِّ شَيْء وَلا يَكْفي مِنْهُ شَيْءٌ، اِكْفِنا الْمُهِمَّ مِنْ اَمْرِ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، ثمّ ضع جانبي وجهك على التّراب .
أقول : هذه البُقعة الشّريفة تعرف في العصر الحاضر بمقام الامام زين العابدين (عليه السلام) وقال في كتاب المزار القديم انّه يدعى فيها بعد الصّلاة ركعتين بدعاء اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ يا مَنْ لا تَراهُ الْعُيُونَ، الخ والدّعاء قد سلف
في أعمال دكّة باب امير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد الكوفة فراجعه هناك ويقرب من هذه البُقعة موضِع يعرف بمقام المهدي (عليه السلام) ومن المناسب فيه زيارته (عليه السلام)، ونقل عن بعض كتب الزّيارات انّه ينبغي أن يزوره الزّائر هنا قائماً على قدميه بهذه الزّيارة سَلامُ اللهِ الكامِلُ التّآمُّ الشّامِلُ
الخ وهذه هي الاستغاثة السّالفة في الفصل السّابع من الباب الاوّل من الكتاب نقلاً عن كتاب الكلم الطّيب فلا نعيدها وقد عدّها السيّد ابن طاووس من الزّيارات التي يزار بها في السّرداب المقدّس بعد الصّلاة ركعتين .
ثمّ تمضي الى مسجد زيد القريب من مسجد السّهلة فتصلّي فيه ركعتين وتبسط يديك وتقول :
اِلهي قَدْ مَدَّ اِلَيْكَ الْخاطِىءُ الْمُذْنِبُ يَدَيْهِ بِحُسْنِ ظَنِّهِ بِكَ، اِلهي قَدْ جَلَسَ الُمسيءُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُقِرّاً لَكَ بِسُوءِ عَمَلِهِ وَراجِياً مِنْكَ الصَّفْحَ عَنْ زَلَلِهِ، اِلهي قَدْ رَفَعَ اِلَيْكَ الظّالِمُ كَفَّيْهِ راجِياً لِما لَدَيْكَ فَلا تُخَيِّبْهُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ فَضْلِكَ، اِلهي قَدْ
جَثَا الْعائِدُ اِلى الْمَعاصي بَيْنَ يَدَيْكَ خائِفاً مِنْ يَوْم تَجْثُو فيهِ الْخَلائِقُ بَيْنَ يَدَيْكَ، اِلهي جاءَكَ الْعَبْدُ الْخاطِىءُ فَزِعاً مُشْفِقاً وَرَفَعَ اِلَيْكَ طَرْفَهُ حَذِراً راجِياً، وَفاضَتْ عَبْرَتُهُ مُسْتَغْفِراً نادِماً، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ ما اَرَدْتُ بِمَعْصِيَتي مُخالَفَتَكَ، وَما عَصَيْتُكَ اِذْ عَصَيْتُكَ وَاَنَا بِكَ جاهِلٌ، وَلا
لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، وَلا لِنَظَرِكَ مُسْتَخِفٌّ، وَلكِنْ سَوَّلَتْ لي نَفْسي، وَاَعانَتْني عَلى ذلِكَ شَقْوَتي، وَغَرَّني سِتْرُكَ المْرُخْى عَلَيَّ، فَمِنَ الاْنَ مِنْ عَذابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُني، وَبَحَبْلِ مَنْ اَعْتَصِمُ اِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنّي، فَيا سَوْاَتاهُ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ اِذا قيلَ لِلْمُخِفّينَ جُوزُوا ولِلْمُثْقِلينَ
حُطُّوا، اَفَمَعَ الُْمخِفّينَ اَجُوزُ اَمْ مَعَ الْمُثْقِلينَ اَحُطُّ، وَيْلي كُلَّما كَبُرَ سِنّي كَثُرَتْ ذُنُوبي، وَيْلي كُلَّما طالَ عُمْري كَثُرَتْ مَعاصِيّي، فَكَمْ اَتُوبُ وَكَمْ اَعُودُ اَما آنَ لي اَنْ اَسَتَحْيِيَ مِنْ رَبّي، اَللّـهُمَ فَبِحَِقِّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد اِغْفِرَ لي وَارْحَمَني يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ وَخَيْرَ الْغافِرينَ .
ثمّ ابك وضَع وجهك على التّراب وقُل : اِرْحَمْ مَنْ اَساءَ وَاَقْتَرَفَ وَاسْتَكانَ وَاَعْتَرَفَ، ثمّ ضع خدّك الايمن وقُل : اِنْ كُنْتُ بِئْسَ الْعَبْدُ فَاَنْتَ نِعْمَ الرَّبُّ، ثمّ
ضع خدّك الايسر وقُل : عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفُْ مِنْ عِنْدِكَ يا كَريمُ، ثمّ عُد الى السّجود وقُل اَلْعَفْوَ اَلْعَفْوَ مائة مرّة .
أقول : هذا المسجد من المساجد الشّريفة في الكوفة وينتسب الى زيد بن صوحان وهو من كبار أصحاب امير المؤمنين (عليه السلام) ويعدّ من الابدال، وقد استشهد في ركابه (عليه السلام) في واقعة الجمل، والدّعاء السّالف هو دعاؤه الذي كان يدعو به في نافلة اللّيل، وبجوار مسجده هذا مسجد أخيه صعصعة بن صوحان وهو ايضاً من أصحاب امير المؤمنين (عليه السلام)
ومن العارفين بحقّه ومن أكابر المؤمنين وقد بلغ في الفصاحة والبلاغة حيث لقّبه امير المؤمنين (عليه السلام) بالخطيب الشحشح، وأثنى عليه بالفصاحة وجودة الخطب كما مدحه بقلّة المؤنة وكثرة المعُونة، وقد حضر صعصعة تشييع جثمانه الشّريف ليلاً من الكوفة الى النّجف ولما لحدّ امير المؤمنين (عليه السلام) وقف صعصعة على القبر وأخذ كفّاً من التّراب فأهاله على رأسه وقال : بأبي أنت وأمّي يا أمير
المؤمنين (عليه السلام) هنيئاً لك يا أبا الحسن (عليه السلام) فلقد طاب مولدك، وقوى صبرك، وعظم جهادك، وبلغت ما أمّلت، وربحت تجارتك، ومضيت الى ربّك، ونطق بكثير مثلها وبكى بكاء شديداً وأبكى كلّ من كان معه، وبذلك فقد انعقد في جوف اللّيل مأتم يخطب فيه صعصعة ويحضره الامامان الحسنان (عليهما السلام)ومحمّد بن الحنفيّة وأبو الفضل العبّاس وغيرهم من أبنائه واقاربه، ولما انتهى صعصعة من خطبته عدل
الحاضرون الى الامامين الحسن والحسين (عليهما السلام) وغيرهما من أبنائه فعزّوهم في أبيهم (عليه السلام) فعادوا طرّاً الى الكوفة، والخلاصة انّ مسجد صعصعة من المساجد الشّريفة في الكوفة وقد شُوهد فيه الامام الغائب صاحب العصر صلوات الله عليه، شاهده فيه جمع من الاصحاب في شهر رجب يصلّي ركعتين ويدعو بالدّعاء اَللّـهُمَّ يا ذَا الْمِنَنِ
السّابِغَةِ وَالاْلاءِ الْوازِعَةِ الدّعاء، وظاهر عمله الشّريف اختصاص الدّعاء بهذا المسجد الشّريف كأدعية مسجد السّهلة ومسجد زيد، ولكن العمل قد كان في شهر رجب وهذا ما أورث احتمال اختصاص الدّعاء بالشّهر لا بالمسجد ولذلك نجد الدّعاء في كتب العلماء مذكوراً أيضاً في خلال أعمال شهر رجب، ونحن أيضاً قد أوردناه هناك فلا نعيده .
الفَصْلُ
السابِعُ :
في فَضل زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه
السلام)والاداب الّتي ينبغي للزّائر رعايتها في طريقه الى زيارته (عليه السلام)وفي
حرمه الطّاهر وفي كيفيّة زيارته (عليه السلام)
وفيه ثلاثة مقاصد :
اعلم انّ فضل زيارة الحسين (عليه السلام)
ممّا لا يبلغه البيان وفي روايات كثيرة انّها تعدل الحجّ والعمرة والجهاد بل هي
أفضل بدرجات، تـُورث المغفرة وتخفيف الحساب وارتفاع الدّرجات واجابة الدعوات وتورث
طول العمر والانحفاظ في النفس والمال وزيادة الرزق وقضاء الحوائج ورفع الهموم
والكربات، وتركها يوجب نقصاً في الدّين وهو ترك حقّ عظيم من حقوق النّبي (صلى الله
عليه وآله وسلم)، وأقلّ ما يوجر به زائره هو أن يغفر ذنوبه وأن يصون الله تعالى
نفسه وماله حتّى يرجع الى أهله، فاذا كان يوم القيامة كان الله له أحفظ من
الدّنيا، وفي روايات كثيرة انّ زيارته تزيل الغمّ وتهون سكرات الموت وتذهب بهول
القبر، وانّ ما يصرف في زيارته (عليه السلام)يكتب بكلّ درهم منه الف درهم، بل عشرة
آلاف دِرهم وانّ الزّائر اذا توجّه الى قبره (عليه السلام)استقبله اربعة آلاف ملك
فاذا رجع منه شايعته، وانّ الانبياء والاوصياء والائمة المعصومين والملائكة سلام
الله عليهم اجمعين يزورون الحسين (عليه السلام)ويدعون لزوّاره ويبشّرونهُم
بالبشائر، وانّ الله تعالى ينظر الى زوّار الحسين صلوات الله وسلامه عليه قبل نظره
الى من حضر عرفات، وانّه اذا كان يوم القيامة تمنّى الخلق كلّهم أن كانوا من
زوّاره (عليه السلام) لما يصدر منه (عليه السلام) من الكرامة والفضل في ذلك اليوم،
والاحاديث في ذلك لا تحصى وسنشير الى جملة منها عند ذكر زياراته الخاصّة وحسبنا
هنا رواية واحدة .
روى ابن قولويه والكليني والسّيد ابن طاوُس
وغيرهم باسناد معتبرة عن الثّقة الجليل معاوية بن وهب البجليّ الكوفي قال : دخلت
على الصادق صلوات الله وسلامه عليه وهو في مُصلاّه فجلست حتّى قضى صلاته فسمعته
وهو يُناجي ربّه ويقول : يا من خصّنا بالكرامة ووعدنا الشفاعة وحملنا الرّسالة
وجعلنا ورثة الانبياء وختم بنا الامم السّالفة وخصّنا بالوصيّة وأعطانا علم ما مضى
وعلم ما بقى وجعل افئدة الناس تهوي الينا اغْفِرْ لي وَلاِِخْواني وَزُوّارِ
قَبْرِ اَبي الْحُسَيْنِ بْنِ عَليّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِما الذين انفقوا
اموالهم واشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا ورجاء لما عندك في وصلتنا، وسروراً أدخلوه
على نبيّك محمّد صلّى الله عليه وآله واجابة منهم لامرنا وغيظاً أدخلوه على عدوّنا
وأرادُوا بذلك رضوانك فكافهم عنّا بالرّضوان واكلاهم بالليل والنّهار واخلف على
اهاليهم واولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف وأصحبهم واكفهم شرّ كلّ جبّار عنيد
واعطهم افضل ما املوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثرونا على ابنائهم وأهاليهم
وقراباتهم اللّهُمَّ انّ اعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النّهوض
والشّخوص الينا خلافاً عليهم فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيَّرَتْهَا
الشَّمْسُ وَارْحَمْ تِلْكَ الْخُدُودَ الَّتي تُقَلَّبُ عَلى قَبْرِ أبي
عَبْدِاللهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك
القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصّرخة التي كانت لنا اللهم انّي
استودعك تلك الانفس وتلك الابدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش، فما زال صلوات
الله عليه يدعو بهذا الدّعاء وهو ساجد فلمّا انصرف قلت له : جعلت فداك لو انّ هذا
الَّذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت انّ النّار لا تطعم منه شيئاً ابداً
والله لقد تمنّيت انّي كنت زرته ولم أحج، فقال لي : ما أقربك منه فما الَّذي يمنعك
من زيارته يا معاوية لا تدع ذلك ، قلت : جعلت فداك فلم أدر انّ الامر يبلغ هذا
كلّه ، فقال : يا معاوية ومن يدعو لزوّاره في السّماء اكثر ممّن يدعو لهم في
الارض، لا تدعه لخوف من أحد فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّى انّ قبره كان
بيده (أي تمنّى أن يكون قد ظلّ عنده حتّى دفن هُناك) أما تُحبّ أن يرى الله شخصك
وسوادك فيمن يدعو له رسول الله وعليّ وفاطمة والائمة المعصومون (عليهم السلام)
امّا تحبّ أن تكون غداً ممّن تصافحه الملائكة ، امّا تحبّ أن تكون غداً فيمن يأتي
وليس عليه ذنب فيتبع به ، أما تحب أن تكون ممّن يصافح رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) .
من الاداب في طريقه الى الزّيارة وفي ذلك
الحرم الطّاهر وهي عديدة :
الاوّل : أن يصوم ثلاثة أيّام متوالية قبل
الخروج من بيته ويغتسل في اليوم الثّالث على ما أمر الصّادق صلوات الله وسلامه
عليه صفوان، وستأتي الرّواية عند ذكر الزّيارة السّابعة وقال الشّيخ محمّد بن
المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: اذا أردت زيارته (عليه السلام) فصُم ثلاثة
أيّام واغتسل في اليوم الثّالث واجمع اليك أهلك وعيالك وقُل :
اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ
نَفْسي وَاَهْلي وَمالي وَوَلَدي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنّي بِسَبيل، الشّاهِدَ
مِنْهُمْ وَالْغائِبَ، اَللّـهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الاِْيمانِ
وَاحْفَظْ عَلَيْنا، اَللّـهُمَّ اجْعَلْنا في حِرْزِكَ وَلا تَسْلُبْنا
نِعْمَتَكَ وَلا تُغَيِّرْ ما بِنا مِنْ نِعْمَة وَعافِيَة، وَزِدْنا مِنْ
فَضْلِكَ اِنّا اِلَيْكَ راغِبُونَ .
ثمّ اخرج من منزلك خاشعاً واكثر من قول لا
اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ وَالْحَمْدُ للهِ وَمِن تمجيد الله تعالى
والصّلاة على النّبي وآله صلوات الله عليهم وامض وعليك السّكينة والوقار . وروي
انّ الله يخلق من عرق زوّار قبر الحسين (عليه السلام)من كلّ عرقة سبعين ألف ملك
يسبحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين (عليه السلام) الى أن تقوم السّاعة .
الثّاني : عن الصّادق (عليه السلام) قال :
اذا زرت أبا عبد الله (عليه السلام) فزره وأنت حزين مكروب شعث مغبر جائع عطشان
فانّ الحسين عليهِ السلام قتل حزيناً مكروباً شعثاً مغبراً جائعاً عطشاناً واسأله
الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخذه وطناً .
الثّالث : أن لا يُتّخذ الزّاد في سفر زيارته
(عليه السلام) ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللّحم المشوي والحلاوة بل يغتذى بالخبز
واللّبن، عن الصّادق صلوات الله وسلامه عليه قال : بلغني انّ قوماً اذا زاروا
الحسين (عليه السلام)حملوا معهم السّفرة فيها الجداء والاخبصة واشباهه، ولو زاروا
قبور آبائهم واحبّائهم ما حملوا معهم هذا، وقال المفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر:
تزورُون خير من أن لا تزورون ولا تزورون خير من أن تزورون ، قال : قلت قطعت ظهري ،
قال : تالله ان احدكم ليذهب الى قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه بالسُّفر، كلاّ
حتى تأتونه شعثاً غبراً.
أقول : ما أجدر للاثرياء والتّجار أن يراعوا
هذا الامر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه فاذا دعاهم أخلاؤهم في
المدن الواقعة على المسير الى المادب رفضوا الدّعوة فاذا عمدوا الى حقائبهم وسفرهم
يملؤونها بما طاب من مطبوخ الزّاد كالدّجاج المشوي وغيره من الشّواء أبوا ذلك
وصدّوا عنه قائلينْ انّنا راحلون الى كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّى بمثل ذلك .
روى الكليني (رحمه الله) انّه لمّا قتل
الحسين صلوات الله وسلامه عليه اقامت امرأة الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت
النّساء والخدم حتّى جفّت دموعهم فأهدى اليها الجونىَ وهو القطا على ما فسّرَ
لِيَقْتَتْنَ به فَيَقْوينَ على البكاء على الحسين، (عليه السلام)فلمّا رأته سألت
عنه فقيل: هو هديّة أهداها فلان تستعنّ بها في مأتم الحسين (عليه السلام)، فقالت:
لَسْنا في عُرْس فَما نَصْنَعُ بِها فأمرت باخراجه من الدّار .
الرّابع : ممّا ندب اليه في سفر زيارة الحسين
(عليه السلام) هو التّواضع والتّذلّل والتّخاشع والمشي مشي العبد الذّليل فمن ركب
من الزّائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وامثالها يجب عليه
التّحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتّمالك عن التّبختُر على سائر الزّوار من
عباد الله الّذين هم يقاسون الشّدائد والصّعاب في طريقهم الى كربلاء فلا ينظرون
اليهم نظر التّحقير والازدراء .
روى العلماء في أصحاب الكهف انّهم كانوا من
خاصّة دقيانوس ووزرائه فلمّا وسعتهم رحمة الله تعالى فاستقام فكرهم في معرفة الله
عزّوجل وفي اصلاح شأنهم استقرّوا على الرّهبنة والانزواء عن الخلق والاواء الى كهف
يعبدون الله تعالى فيه، فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة فلمّا ساروا ثلاثة اميال
قال لهم تميلخا وكان هو أحدهم : يا اِخْوَتاهُ جاءَتْ مَسْكَنَةُ الاْخِرَةِ وَذَهَبَ
مُلْكُ الدُّنْيا اِنْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلى اَرْجُلِكُمْ (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل اللهِ على
ارجلكم لعلّ الله تعالى ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من امركم مخرجاً) فنزل
اولئك العظماء الاجلاء عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتى
تقاطرت ارجلهم دماً، فعلى زائر هذا القبر الشّريف أن يراعي هذا الامر وليعلم ايضاً
انّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالى انّما هو رفعة له واعتلاء .
وقد روي في آداب زيارته (عليه السلام) عن
الصّادق (عليه السلام) قال : من أتى قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب
الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له الف درجة، فاذا أتيت
الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً وامش مشي العبد الذّليل .
الخامس : أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في اعانة
الزّائر الرّاجل اذا شاهده وقد تعب واعيا عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً
يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه .
روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون ، قال :
كنت عند الصّادق (عليه السلام)يوماً فقال لمن حضره : ماذا بكم تستخفّون بنا ؟ فقام
من بينهم رجل من أهل خراسان وقال : نعوذ بالله أن نستخفّ بكم أو بشيء من امركم ،
فقال : نعم أنت ممّن استخفّ بي واهانني ، قال الرّجل : اعوذ بالله أن اكون كذلك ،
قال (عليه السلام) : ويلك ألم تسمع فلاناً يناديك عندما كنّا بقرب جحفة ويقول
اركبني ميلاً فوالله لقد تعبت انّك والله لم ترفع اليه رأسك واستخففت به، ومن اذلّ
مؤمناً فقد اذلّنا واضاع حرمة الله تعالى .
أقول : راجع الادب التّاسع من آداب الزّيارات
العامّة فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام، ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا
الادب الَّذي ذكرناه هُنا لا يخصّ زيارة الحسين (عليه السلام)وانّما أوردناه هُنا
في الاداب الخاصّة بزيارته (عليه السلام)لكثرة مصادفة موارده في هذه الزّيارة
خاصّة .
السّادس : عن الثّقة الجليل محمّد بن مُسلم
عن الامام محمّد الباقر (عليه السلام)قال : قلت له: اذا خرجنا الى أبيك أفلسنا في
حجّ ، قال : بلى ، قلت : فيلزمنا ما يلزم الحاج ، قال : يلزمك حُسن الصحبة لمن
يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام الاّ بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثّياب،
ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحير، ويلزمك الخشوع وكثرة الصّلاة والصّلاة على محمّد
وآل محمّد، ويلزمك التّحفّظ عمّا لا ينبغي لك، ويلزمك أن تغضى بصرك (من المحرّمات
والمشتبهات)، ويلزمك أن تعود على أهل الحاجة من اخوانك اذا رأيت منقطعاً والمواساة
(أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التّقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه،
وترك الخصومة وكثرة الايمان والجدال الَّذي فيه الايمان، فاذا فعلت ذلك تمّ حجّك
وعمرتك واستوجبت من الَّذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت
أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرّضوان .
السّابع : في حديث أبي حمزة الثّمالي عن
الصّادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين (عليه السلام) انّه قال : اذا بلغت نينوى
فحطّ رحلك هُناك ولا تدهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما أقمت فيه .
الثّامن : أن يغتسل بماء الفُرات ، فالروايات
في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصّادق صلوات الله وسلامه عليه قال : من اغتسل بماء
الفُرات وزار قبر الحسين (عليه السلام) كان كيوم ولدته امّه صفراً من الذّنوب ولو
اقترفها كبائر .
وروي انّه قيل له (عليه السلام) : ربّما
أتينا قبر الحسين بن عليّ (عليهما السلام)فيصعب علينا الغُسل للزّيارة من البرد أو
غيره ، فقال (عليه السلام): من اغتسل في الفرات وزار الحسين (عليه السلام) كُتب له
من الفضل ما لا يحصى . وعن بشير الدّهان عن الصّادق (عليه السلام) قال : من أتى
قبر الحسين بن عليّ (عليهما السلام) فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم
يضع قدماً الاّ كتب الله له حجّة وعُمرة، وفي بعض الرّوايات إئت الفرات واغتسل
بحيال قبره، وكما يستفاد من بعض الرّوايات يحسن اذا بلغ الفرات أن يقول مائة مرّة
اَللهُ اَكْبَرُ ومائة مرّة لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ ويصلّي على محمّد وآله مائة
مرّة .
التّاسع : أن يدخل الحائر المقدّس من الباب
الشّرقي على ما أمر الصّادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي .
العاشر : عن ابن قولويه عن الصّادق (عليه
السلام) انّه قال للمفضّل بن عمر : يا مفضّل اذا بلغت قبر الحُسين صلوات الله
وسلامه عليه فقف على باب الرّوضة وقل هذه الكلمات، فانّ لك بكلّ كلمة منها نصيباً
من رحمة الله تعالى :
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ
صَفْوَةِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوح نَبِيِّ اللهِ، اَلسَّلامُ
عَلَيْكَ يا وارِثَ اِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى
كَليمِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ، اَلسَّلامُ
عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّد حَبيبِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَلِيِّ
وَصِيِّ رَسُولِ اللهِ، اَلسّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ الحَسَنِ الرَّضِّي،
اَلسَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ فاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ
اَيُّهَا الشَّهيدُ الصِّدّيقُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ
الْتَّقِيُّ، اَلسَّلامُ عَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَاَناخَتْ
بِرَحْلِكَ، اَلسَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الُْمحْدِقينَ بِكَ، اَشْهَدُ اَنَّكَ
قَدْ اَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَاَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً حَتّى اَتاكَ الْيَقينُ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ثمّ تمضي الى القبر ولك بكلِّ خطوة تخطوها
أجر المتشحّط بدمه في سبيل الله فاذا اقتربت من القبر فامسحه بيدك وقُل : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في
اَرْضِهِ وَسَمائِهِ
ثمّ تمضي الى صلاتِك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ ألف حجّة واعتمر الف
عمرة واعتق في سبيل الله الف رقبة وكأنّما وقف في سبيل الله الف مرّة مع نبيّ مرسل
. الخبر
الحادي عشر : روى عن أبي سعيد المدائني قال :
أتيت الصّادق (عليه السلام)فسألته ءأذهب الى زيارة قبر الحسين (عليه السلام)فأجاب
بلى اذهب الى زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)أطيب الطيّبين واطهر الطّاهرين وأحسن المحسنين، فاذا زرته فسبّح عند رأسه
بتسبيح امير المؤمنين (عليه السلام) ألف مرّة، وسبّح عند رجليه بتسبيح الزّهراء
(عليها السلام) ألف مرّة، ثمّ صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يس والرّحمن، فاذا
فعلت ذلك كان لك أجر عظيم ، قلت : جعلت فداك علّمني تسبيح عليّ وفاطمة (عليهما
السلام) ، قال : بلى يا أبا سعيد تسبيح علي صلوات الله عليه هو :
سُبْحانَ الَّذي لا تَنْفَدُ خَزائِنُهُ،
سُبْحانَ الَّذي لا تَبيدُ مَعالِمُهُ، سُبْحانَ الَّذي لا يَفْنى ما عِنْدَهُ،
سُبْحانَ الَّذي لا يُشْرِكُ اَحَداً في حُكْمِهِ، سُبْحانَ الَّذي لاَ
اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ، سُبْحانَ الَّذي لاَ انْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ، سُبْحانَ
الَّذي لا اِلـهَ غَيْرُهُ .
وتسبيح فاطمة (عليها السلام) هو :
سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْباذِخِ الْعَظيمِ،
سُبْحانَ ذِي الْعِزِّ الشّامِخِ الْمُنيفِ سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفاخِرِ
الْقَديمِ، سُبْحانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمالِ، سُبْحانَ مَنْ تَرَدّى
بِالنُّورِ وَالْوِقارِ، سُبْحانَ مَنْ يَرى اَثَرَ الَّنمْلِ فِي الصَّفا
وَوَقَعَ الطَّيْرِ فِي الْهَواءِ .
الثّاني عشر : أن يصلّي الفرائض والنّوافل عند
قبر الحسين (عليه السلام) فانّ الصّلاة عنده مقبُولة، وقال السّيد ابن طاوُس (رحمه
الله):اجتهد في أن تؤدّي صلاتك كلّها فريضة كانت أو نافلة في الحائر فقد روي انّ
الفريضة عنده تعدل الحجّ، والنّافلة تعدل العمرة .
أقول : قد مضى في حديث مفضّل فضل كثير
للصّلاة في الحائر الشّريف، وفي رواية معتبرة عن الصّادق (عليه السلام) قال : من
صلّى عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعُمرة . والَّذي يبدو من الاخبار
انّ صلاة الزّيارة أو غيرها من الصّلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّى
ممّا يلي الرّأس الشّريف، وليتأخّر المُصلّي قليلاً اذا وقف ممّا يلي الرّأس حتى
لا يكونُ محاذياً للقبر الشّريف، وورد في رواية أبي حمزة الثّمالي عن الصّادق
(عليه السلام) انّه قال : صلّ عند رأسه ركعتين تقرأ في الاولى الحمد ويس وفي
الثّانية الحمد والرّحمن وان شئت صلّيت خلف القبر وعند رأسه أفضل فاذا فرغت فصلّ
ما أحببت الاّ انّ الركعتين ركعتي الزّيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر . وروى ابن
قولويه عن الباقر (عليه السلام)انّه قال لرجل : يا فلان ماذا يمنعك اذا عرضتك حاجة
أن تمضي الى قبر الحسين صلوات الله عليه وتصلّي عنده أربع ركعات ثمّ تسأل حاجتك،
انّ الفريضة عنده تعدل الحجّ، والنّافلة تعدل العُمرة .
الثّالث عشر : اعلم انّ أهمّ الاعمال في
الرّوضة الطّاهرة للحسين (عليه السلام)هو الدّعاء فانّ اجابة الدّعاء تحت قبّته
السّامية هي ممّا خوله الله الحسين (عليه السلام)عوضاً عن الشّهادة، فعلى الزّائر
أن يغتنم ذلك ولا يتوانى في التّضرّع الى الله والانابة والتّوبة وعرض الحوائج
عليه وقد وردت في خلال زياراته عليه السلام أدعية كثيرة ذات مضامين عالية لم يسمح
لنا الاختصار بايرادها هنا والافضل أن يدعو بدعوات الصّحيفة الكاملة ما وسعه
الدّعاء فانّها أفضل الادعية، ونحن سنذكر دعاء يدعى به في جميع الرّوضات المقدّسة
في أواخر هذا الباب بعد ذكر الزّيارات الجامعة وسنذكر دعاءً هو أجمع الادعية التي
تقرأ في روضات الائمة عليه السلام، واحترازاً عن خلوّ المقام نثبت هنا دعاء وجيزاً
ورد في خلال بعض الزّيارات، وهو انّه تقول في ذلك الحرم الشّريف رافعاً يديك الى
السّماء :
اَللّـهُمَّ قَدْ تَرى مَكاني، وَتَسْمَعُ
كَلامي، وَتَرى مَقامي وَتَضَرُّعي وَمَلاذي بِقَبْرِ حُجَّتِكَ وَابْنِ
نَبِيِّكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ يا سَيِّدي حَوائِجي وَلا يَخْفى عَلَيْكَ حالي،
وَقَدْ تَوَجَّهْتُ اِلَيْكَ بِابْنِ رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ وَاَمينِكَ وَقَدْ
اَتَيْتُكَ مُتَقَرِّباً بِهِ اِلَيْكَ وَاِلى رَسُولِكَ فَاجْعَلْني بِهِ
عِنْدَكَ وَجيهاً فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ وَاَعْطِني
بِزِيارَتي اَمَلي وَهَبْ لي مُناىَ وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِشَهْوَتي وَرَغْبَتي
وَاقْضِ لي حَوائِجي وَلا تَرُدَّني خائِباً وَلا تَقْطَعْ رَجائي وَلا تُخَيِّبْ
دُعائي وَعَرِّفْنِى الاِْجابَةِ في جَميعِ ما دَعَوْتُكَ مِنْ اَمْرِ الدّينِ
وَالدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاجْعَلْني مِنْ عِبادِكَ الَّذينَ صَرَفْتَ عَنْهُمُ
الْبَلايا وَالاَْمْراضَ وَالْفِتَنَ وَالاَْعْراضَ مِنَ الدّينَ تُحْييهِمْ في
عافِيَة وَتُميتُهُمْ في عافِيَة وَتُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ في عافِيَة
وَتُجيرُهُمْ مِنَ النّارِ في عافِيَة وَوَفِّقْ لي بِمَنْ مِنْكَ صَلاحَ ما
اُؤَمِلَّ في نَفْسي وَاَهْلي وَوُلْدي وَاِخْواني وَمالي وَجَميعِ ما اَنْعَمْتَ
بِهِ عَلَيَّ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
الرابع عشر : من اعمال حرم الحسين (عليه
السلام) الصّلاة عليه وروي انّك تقف خلف القبر عند كتفه الشّريف وتصلّي على النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى الحسين صلوات الله عليه، وقد أورد السّيد ابن
طاوُس في مصباح الزّائر في خلال بعض الزّيارات هذه الصّلاة عليه :
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ
مُحَمَّد، وَصَلِّ عَلى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهيدِ، قَتيلِ الْعَبَراتِ،
وَاَسيرِ الْكُرُباتِ، صَلاةً نامِيَةً زاكِيَةً مُبارَكَةً يَصْعَدُ اَوَّلُها
وَلا يَنْفَدُ آخِرُها اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ على اَحَد مِنْ اَوْلادِ
الاَْنْبِياءِ وَالْمُرْسَلينَ يا رَبَّ الْعالِمينَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَى
الاِْمامِ الشَّهيدِ الْمَقْتُولِ الْمَظْلُومِ الَْمخْذُولِ، وَالسَّيِّدِ
الْقائِدِ، وَالْعابِدِ الزّاهِدِ، والْوَصِيِّ الْخَليفَةِ الاِْمامِ الصِّدّيقِ
الطُّهْرِ الطّاهِرِ الطَّيِّبِ الْمُبارَكِ، وَالرَّضِيِّ الْمَرْضِيِّ
وَالتَّقِيِّ الْهادِي الْمَهْدِيِّ الزّاهِدِ الذّائِدِ الُْمجاهِدِ الْعالِمِ،
اِمامِ الْهُدى سِبْطِ الرَّسُولِ، وَقُرَّةِ عَيْنِ الْبَتُولِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدي وَمَوْلايَ كَما
عَمِلَ بِطاعَتِكَ وَنَهى عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَبالَغَ في رِضْوانِكَ، وَاَقْبَلَ
عَلى ايمانِكَ غَيْرَ قابِل فيكَ عُذْراً سِرّاً وَعَلانِيَةً يَدْعُو الْعِبادِ
اِلَيْكَ، وَ يَدُلُّهُمْ عَلَيْكَ، وَقامَ بَيْنَ يَدَيْكَ يَهْدِمُ الْجَوْرَ
بِالصَّوابِ، وَيُحْيِي السُّنَّةَ بِالْكِتابِ، فَعاشَ في رِضْوانِكَ مَكْدُوداً،
وَمَضى عَلى طاعَتِكَ وَفي اَوْلِيآئِكَ مَكْدُوحاً، وَقَضى اِلَيْكَ مَفْقُوداً
لَمْ يَعْصِكَ في لَيْلِ وَلا نَهار بَلْ جاهَدَ فيكَ الْمُنافِقينَ وَالْكُفّارَ،
اَللّـهُمَّ فَاَجْزِهِ خَيْرَ جَزاءِ الصّادِقينَ الاَْبْرارِ، وَضاعِفْ
عَلَيْهِمُ الْعَذابَ وَلِقاتِليهِ الْعِقابَ، فَقَدْ قاتَلَ كَريماً وَقُتِلَ
مَظْلُوماً وَمَضى مَرْحُوماً، يَقُولُ اَنَا ابْنُ رَسُولِ اللهِ مُحَمَّد،
وَابْنُ مَنْ زَكّى وَعَبَدَ، فَقَتَلُوهُ بِالْعَمْدِ الْمُعْتَمَدِ قَتَلُوهُ
عَلَى الاْيمانِ وَ اَطاعُوا في قَتْلِهِ الشَّيْطانَ وَلَمْ يُراقِبُوا فيهِ
الرَّحْمنَ، اَللّـهُمَّ فَصَلِّ عَلى سَيِّدي وَمَوْلايَ صَلاةً تَرْفَعُ بِها
ذِكْرَه وَتُظْهِرُ بِها اَمْرَهُ، وَتُعَجِّلُ بِها نَصْرَهُ، وَاخْصُصْهُ
بِاَفْضَلِ قِسَمِ الْفَضائِلِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزِدْهُ شَرَفاً في اَعَلى
عِلِّيِّينَ، وَبَلِّغْهُ اَعَلى شَرَفِ الْمُكَرَّمينَ وَاَرْفَعْهُ مِنْ شَرَفِ
رَحْمَتِكَ في شَرَفِ الْمُقَرَّبينَ في الرَّفيعِ الاَْعَلى، وَبَلِّغْهُ
الْوَسيلَةَ وَالْمَنْزِلَةَ الْجَليلَةَ وَالْفَضْلَ وَالْفَضيلَةَ وَالْكِرامَةَ
الْجَزيلَةَ، اَللّـهُمَّ فَاَجْزِهِ عَنّا اَفْضَلَ ما جازَيْتَ اِماماً عَنْ
رَعِيَّتِهِ، وَصَلِّ عَلى سَيِّدي و مَوْلايَ كُلَّما ذُكِرَ، وَكُلَّما لَمْ
يُذْكَرْ يا سَيِّدي و مَوْلايَ أدْخِلْني في حِزْبِكَ وَزُمْرَتِكَ،
وَاِسْتَوْهِبْني مِنْ رَبِّكَ وَرَبّي فَاِنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ جاهاً وَقَدْراً
وَمَنْزِلَةً رَفيعَةً، اِنْ سَأَلْتَ اُعْطيتَ وَاِنْ شَفَعْتَ شُفِّعْتَ اللهَ
اللهَ في عَبْدِكَ وَمَوْلاكَ لا تُخَلِّني عِنْدَ الشَّدائِدِ وَالاَْهْوالِ
لِسُوءِ عَمَلي وَقَبيحِ فِعْلي وَعَظيمِ جُرْمي، فَاِنَّكَ اَمَلي وَرَجائي
وَثِقَتي وَمُعْتَمَدي وَوَسيلَتي اِلَى اللهِ رَبّي وَرَبِّكَ لَمْ يَتَوَسَّلِ
الْمُتَوَسِّلُونَ اِلَى اللهِ بِوَسيلَة هِىَ اَعْظَمُ حَقاً وَلا اَوْجَبُ
حُرْمَةً وَلا اَجَّلُ قَدْراً عِنْدَهُ مِنْكُمْ اَهْلَ الْبَيْتِ لا خَلَّفَنِىَ
اللهُ عَنْكُمْ بِذُنُوبي وَجَمَعَني وَاِيّاكُمْ في جَنَّةِ عَدْن الَّتي
اَعَدَّها لَكُمْ وَلاَِوْلِيائِكُمْ اِنَّهُ خَيْرُ الْغافِرينَ وَ اَرْحَمَ
الرّاحِمينَ، اَللّـهُمَّ اَبْلِغْ سَيِّدي وَمَوْلايَ تَحِيَّةً كَثيرَةً
وَسَلاماً، وَارْدُدْ عَلَيْنا مِنْهُ السَّلامِ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ، وَصَلِّ
عَلَيْهِ كُلَّما ذُكِرَ السَّلامُ وَكُلَّما لَمْ يُذْكَرْ يا رَبَّ الْعالَمينَ.
أقول : قد أوردنا تلك الزّيارة في خلال اعمال
يوم عاشوراء وسنذكر في أواخر الباب صلاة يصلّى بها على الحجج الطّاهرين (عليهم
السلام)تتضمّن صلاة وجيزة على الحسين (عليه السلام) فلا تدع قراءتها .
الخامس عشر : من أعمال هذه الرّوضة المنوّرة
دعاء المظلوم على الظّالم أي ينبغي لمن بغى عليه باغ أن يدعو بهذا الدّعاء في ذلك
الحرم الشّريف، وهو ما أورده شيخ الطّايفة (رحمه الله) في مصباح المتهجّد في أعمال
الجمعة ، قال : ويستحبّ أن يدعو بدعاء المظلوم عند قبر ابي عبدالله وهو : اَللّـهُمَّ اِنّي اَعْتَزُّ بِدينِكَ
وَاكْرُمُ بِهِدايَتِكَ وَفُلانٌ يُذِلُّني بِشَرِّهِ وَيُهينُني بِاَذِيَّتِهِ،
وَيُعيبُني بِوَلاءِ اَوْلِيائِكَ، وَيَبْهَتُني بِدَعْواهُ، وَقَدْ جِئْتُ اِلى
مَوْضِعِ الدُّعاءِ وَضَمانِكَ الاِْجابَةَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد
وَآلِ مُحَمَّد وَاَعْدني عَلَيْهِ السّاعَةَ السّاعَةَ، ثمّ تنكبّ على القبر وتقول
: مَوْلايَ اِمامي مَظْلُومٌ اسْتَعْدي عَلى ظالِمِهِ النَّصْرَ النَّصْرَ حتّى ينقطع النّفس .
السّادس عشر : من اعمال ذلك الحرم الشّريف
الدّعاء الَّذي رواه ابن فهد (رحمه الله)في عدّة الدّاعي عن الصّادق (عليه
السلام)قال : من كان له الى الله تعالى حاجة فليقف عند رأس الحسين (عليه السلام)
ويقول : يا اَبا
عَبْدِاللهِ، اَشْهَدُ اَنَّكَ تَشْهَدُ مَقامي وَتَسْمَعُ كَلامي وَاَنَّكَ حَيٌّ
عِنْدَ رَبِّكَ تُرْزَقُ فَاسْأَلْ رَبَّكَ وَرَبِّي في قَضاءِ حَوائِجي، فأنّه يقضى حاجته ان شاء الله تعالى .
السّابع عشر : من جملة الاعمال في ذلك الحرم
الشّريف الصّلاة عند الرّأس المقدّس ركعتان بسورة الرّحمن وسورة تبارك .
روى السّيد ابن طاوُس (رحمه الله) انّ من
صلاها كتب الله له خمساً وعشرين حجّة مقبولة مبرورة مع رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) .
الثّامن عشر : من الاعمال تحت تلك القبّة
السّامية الاستخارة، وصفتها على ما أوردها العلاّمة المجلسي (رحمه الله)ومصدر
الرّواية كتاب قُرب الاسناد للحميري ، قال بسند صحيح عند الصّادق (عليه السلام)
قال : ما استخار الله عزّوجلّ عبد في أمر قط مائة مرّة يقف عند رأس الحُسين صلوات
الله عليه ويقول : اَلْحَمْدُ
للهِِ وَلا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَسُبْحانَ اللهِ فيحمد الله ويهلّله ويسبّحه ويمجّده ويثنى
عليه بما هو أهله ويستخيره مائة مرّة الاّ رماه اللهُ تبارك وتعالى بأخير الامرين
. وعلى رواية اخرى يستخير الله مائة مرّة قائلاً : اَسْتَخيرُ اللهَ بِرَحْمَتِهِ
خِيَرَةً فِي عافِيَة .
التّاسع عشر : روى الشّيخ الاجل الكامل أبو
القاسم جعفر بن قولويه القمّي (رحمه الله)عن الصّادق صلوات الله عليه انّه قال :
اذا زرتم أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) فألزموا الصّمت الاّ عن الخير، وانّ
ملائكة اللّيل والنّهار من الحفظة يحضرون عند الملائكة الّذين هم في الحاير،
ويصافحونهم فلا يجيبهم ملائكة الحائر من شدّة البكاء وهم ابداً يبكون ويندبون لا
يفترون الاّ عند الزّوال وعند طلوع الفجر فالحفظة ينتظرون حين يحين الظّهر أو يطلع
الفجر فيكالمونهم ويسألونهم عن امور من السّماء وهم لا يمسكون عن الدّعاء والبكاء
فيما بين هاتين الفترتين .
وروي ايضاً عنه (عليه السلام) انّ الله تعالى
قد وكّل على قبر الحسين صلوات الله عليه أربعة آلاف من الملائكة شعث غبر على هيئة
اصحاب العزاء يبكون عليه من طلوع الفجر الى الزّوال فاذا زالت الشّمس عرجوا وهبط مثلهم
يبكون الى طلوع الفجر، والاحاديث في ذلك كثيرة ويبدو من هذه الاحاديث استحباب
البكاء عليه في ذلك الحرم الطّاهر بل الجدير أن يعد البكاء عليه والرّثاء له من
اعمال تلك البُقعة المباركة الّتي هي بيت الاحزان للشّيعة الموالين، ويستفاد من
حديث صفوان عن الصّادق (عليه السلام) انّه لا يهنأ للمرء أكله وشربه لو اطّلع على
تضرّع الملائكة الى الله تعالى في اللّعن على قتلة امير المؤمنين والحسين (عليهما
السلام) ، ونياح الجنّ عليهما وبكاء الملائكة الّذين هم حول ضريح الحسين (عليه
السلام) وشدّة حزنهم . وفي حديث عبد الله بن حماد البصري عن الصّادق صلوات الله
وسلامه عليه انّه قال : بلغني انّ قوماً يأتون من نواحي الكوفة وناساً من غيرهم
ونساء يندبنه فمن بين قاريء يقرأ وقاص يقصّ أي يذكر المصائب ونادب يندب وقائل يقول
المراثي ، فقلت له : نعم جعلت فداك قد شهدت بعض ما تصف ، فقال : الحمد لله الَّذي
جعل في النّاس من يفد الينا ويمدحنا ويرثي لنا، وجعل عدوّنا من يطعن عليهم من
قرابتنا أو غيرهم يهدون بهم ويقبّحون ما يصنعون .
وقد ورد في أوائل هذا الحديث انّه يبكيه من
زاره ويحزن له من لم يزره، ويحترق له من لم يشهده، ويرحمه من نظر الى قبر ابنه عند
رجليه في ارض فلاة ولا حميم قربة، ولا قريب، ثمّ منع الحقّ وتوازر عليه أهل الرّدة
حتّى قتلوه وضيّعوه وعرضوه للسّباع، ومنعوه شرب ماء الفرات الَّذي يشربه الكلاب
وضيّعوا حقّ رسُول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيّته به وبأهل بيته .
وروى ايضاً ابن قولويه عن حارث الاعور عن
امير المؤمنين صلوات الله عليه انّه قال : بأبي واُمّي الحسين الشّهيد خلف الكوفة،
والله كأنّي أرى وحُوش الصّحراء من كلّ نوع قد مدّت اعناقها على قبره تبكي عليه
ليلها حتّى الصّباح فاذا كان كذلك فايّاكم والجفاء، والاخبار في ذلك كثيرة .
العشرون : قال السّيد ابن طاوُس (رحمه الله)
يستحبّ للمرء اذا فرغ من زيارته (عليه السلام)وأراد الخروج من الرّوضة المقدّسة أن
ينكبّ على الضّريح ويُقبّله ويقول : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ
يا حُجَّةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِفْوَةَ، اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا
خالِصَةَ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا قَتيلَ الظَّماءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا
غَريبَ الْغُرَباءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ سَلامَ مُوَدِّع لا سَئِم وَلا قال،
فَاِنْ اَمْضِ فَلا عَنْ مَلالَة، وَاِنْ اُقِمْ فَلا عَنْ سُوءِ ظَن بِما وَعَدَ
اللهُ الصّابِرينَ، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكَ،
وَرَزَقَنِيَ اللهُ الْعَوْدَ اِلى مَشْهَدِكَ وَالْمَقامَ بِفَنائِكَ وَالْقِيامَ
فِي حَرَمِكَ وَاِيّاهُ اَسْألُ اَنْ يُسْعِدَني بِكُمْ وَيَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي
الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ .