قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
بأن الله خبير بالأعمال مشخص للمحظور منها عن المباح، فعليهن
أن يتربصن في مورد و أن يخترن ما شئن لأنفسهن في مورد آخر، و لذا ذيل الكلام
بقوله: و الله بما تعملون خبير.
قوله تعالى: لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم
التعريض هو الميل بالكلام إلى جانب ليفهم المخاطب أمرا مقصودا للمتكلم لا يريد
التصريح به، من العرض بمعنى الجانب فهو خلاف التصريح.
و الفرق بين التعريض و الكناية أن للكلام الذي فيه التعريض معنى مقصودا غير ما
اعترض به كقول المخاطب للمرأة: إني حسن المعاشرة و أحب النساء، أي لو تزوجت بي
سعدت بطيب العيش و صرت محبوبة، بخلاف الكناية إذ لا يقصد في الكناية غير المكنى
عنه كقولك: فلان كثير الرماد تريد أنه سخي.
و الخطبة بكسر الخاء من الخطب بمعنى التكلم و المراجعة في الكلام، يقال: خطب
المرأة خطبة بالكسر إذا كلمها في أمر التزوج بها فهو خاطب و لا يقال: خطيب و
يقال خطب القوم خطبة بضم الخاء إذا كلمهم، و خاصة في الوعظ فهو خاطب من الخطاب
و خطيب من الخطباء.
و الإكنان من الكن بالفتح بمعنى الستر لكن يختص الإكنان بما يستر في النفس كما
قال: أو أكننتم في أنفسكم، و الكن بما يستر بشيء من الأجسام كمحفظة أو ثوب أو
بيت، قال تعالى: "كأنهن بيض مكنون:" الصافات - 49، و قال تعالى: "كأمثال اللؤلؤ
المكنون:" الواقعة - 23، و المراد بالآية نفي البأس عن التعريض في الخطبة أو
إخفاء أمور في القلب في أمرها.
قوله تعالى: علم الله أنكم ستذكرونهن، في مورد التعليل لنفي الجناح عن الخطبة و
التعريض فيها، و المعنى: أن ذكركم إياهن أمر مطبوع في طباعكم و الله لا ينهى عن
أمر تقضي به غريزتكم الفطرية و نوع خلقتكم، بل يجوزه، و هذا من الموارد الظاهرة
في أن دين الإسلام مبني على أساس الفطرة.
قوله تعالى: و لا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله، العزم عقد القلب
على الفعل و تثبيت الحكم بحيث لا يبقى فيه وهن في تأثيره إلا أن يبطل من رأس، و
العقدة من العقد بمعنى الشد.
و في الكلام تشبيه علقة الزوجية بالعقدة التي يعقد بها أحد الخيطين بالآخر بحيث
يصيران واحدا بالاتصال، كان حبالة النكاح تصير الزوجين واحدا متصلا، ثم في
تعليق عقدة النكاح بالعزم الذي هو أمر قلبي إشارة إلى أن سنخ هذه العقدة و
العلقة أمر قائم بالنية و الاعتقاد فإنها من الاعتبارات العقلائية التي لا موطن
لها إلا ظرف الاعتقاد و الإدراك، نظير الملك و سائر الحقوق الاجتماعية
العقلائية كما مر بيانه في ذيل قوله تعالى: "كان الناس أمة واحدة الآية:"
البقرة - 213، ففي الآية استعارة و كناية، و المراد بالكتاب هو المكتوب أي
المفروض من الحكم و هو التربص الذي فرضه الله على المعتدات.
فمعنى الآية: و لا تجروا عقد النكاح حتى تنقضي عدتهن، و هذه الآية تكشف أن
الكلام فيها و في الآية السابقة عليها أعني قوله تعالى: لا جناح عليكم فيما
عرضتم به من خطبة النساء الآية إنما هو في خطبة المعتدات و في عقدهن، و على هذا
فاللام في قوله: النساء للعهد دون الجنس و غيره.
قوله تعالى: و اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم "إلخ" إيراد ما ذكر من صفاته
تعالى في الآية، أعني العلم و المغفرة و الحكم يدل على أن الأمور المذكورة في
الآيتين و هي خطبة المعتدات و التعريض لهن و مواعدتهن سرا من موارد الهلكات لا
يرتضيها الله سبحانه كل الارتضاء و إن كان قد أجاز ما أجازه منها.
قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة،
المس كناية عن المواقعة، و المراد بفرض الفريضة تسمية المهر، و المعنى: أن عدم
مس الزوجة لا يمنع عن صحة الطلاق و كذا عدم ذكر المهر.
قوله تعالى: و متعوهن على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعروف،
التمتيع إعطاء ما يتمتع به، و المتاع و المتعة ما يتمتع به، و متاعا مفعول مطلق
لقوله تعالى: و متعوهن، اعترض بينهما قوله تعالى: على الموسع قدره و على المقتر
قدره، و الموسع اسم فاعل من أوسع إذا كان على سعة من المال و كأنه من الأفعال
المتعدية التي كثر استعمالها مع حذف المفعول اختصارا حتى صار يفيد ثبوت أصل
المعنى فصار لازما و المقتر اسم فاعل من أقتر إذا كان على ضيق من المعاش، و
القدر بفتح الدال و سكونها بمعنى واحد.
و معنى الآية: يجب عليكم أن تمتعوا المطلقات عن غير فرض فريضة متاعا بالمعروف و
إنما يجب على الموسع قدره أي ما يناسب حاله و يتقدر به وضعه من التمتيع، و على
المقتر قدره من التمتيع، و هذا يختص بالمطلقة غير المفروضة لها التي لم يسم
مهرها، و الدليل على أن هذا التمتيع المذكور مختص بها و لا يعم المطلقة
المفروضة لها التي لم يدخل بها ما في الآية التالية من بيان حكمها.
قوله تعالى: حقا على المحسنين، أي حق الحكم حقا على المحسنين، و ظاهر الجملة و
إن كان كون الوصف أعني الإحسان دخيلا في الحكم، و حيث ليس الإحسان واجبا استلزم
كون الحكم استحبابيا غير وجوبي، إلا أن النصوص من طرق أهل البيت تفسر الحكم
بالوجوب، و لعل الوجه فيه ما مر من قوله تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو
تسريح بإحسان الآية فأوجب الإحسان على المسرحين و هم المطلقون فهم - المحسنون،
و قد حق الحكم في هذه الآية على المحسنين و هم المطلقون، و الله أعلم.
قوله تعالى: و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن "إلخ"، أي و إن أوقعتم الطلاق قبل
الدخول بهن و قد فرضتم لهن فريضة و سميتم المهر فيجب عليكم تأدية نصف ما فرضتم
من المهر إلى أن يعفون هؤلاء المطلقات أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح من وليهن
فيسقط النصف المذكور أيضا، أو الزوج فإن عقدة النكاح بيده أيضا، فلا يجب على
الزوجة المطلقة رد نصف المهر الذي أخذت، و العفو على أي حال أقرب للتقوى لأن من
أعرض عن حقه الثابت شرعا فهو عن الإعراض عما ليس له بحق من محارم الله سبحانه
أقوى و أقدر.
قوله تعالى: و لا تنسوا الفضل بينكم "إلخ"، الفضل هو الزيادة كالفضول غير أن
الفضل هو الزيادة في المكارم و المحامد و الفضول هو الزيادة غير المحمودة على
ما قيل، و في الكلام ذكر الفضل الذي ينبغي أن يؤثره الإنسان في مجتمع الحياة
فيتفاضل به البعض على بعض، و المراد به الترغيب في الإحسان و الفضل بالعفو عن
الحقوق و التسهيل و التخفيف من الزوج للزوجة و بالعكس، و النكتة في قوله تعالى:
إن الله بما تعملون بصير، كالنكتة فيما مر في ذيل قوله تعالى: و الوالدات يرضعن
أولادهن الآية.
قوله تعالى: حافظوا على الصلوات إلى آخر الآية، حفظ الشيء ضبطه و هو في المعاني
أعني حفظ النفس لما تستحضره أو تدركه من المعاني أغلب، و الوسطى مؤنث الأوسط، و
الصلاة الوسطى هي الواقعة في وسطها، و لا يظهر من كلامه تعالى ما هو المراد من
الصلاة الوسطى، و إنما تفسيره السنة، و سيجيء ما ورد من الروايات في تعيينه.
و اللام في قوله تعالى: قوموا لله، للغاية و القيام بأمر كناية عن تقلده و
التلبس بفعله، و القنوت هو الخضوع بالطاعة، قال تعالى: "كل له قانتون:" البقرة
- 116، و قال تعالى: "و من يقنت منكن لله و لرسوله:" الأحزاب - 31، فمحصل
المعنى: تلبسوا بطاعة الله سبحانه بالخضوع مخلصين له و لأجله.
قوله تعالى: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا إلى آخر الآية، عطف الشرط على الجملة
السابقة يدل على تقدير شرط محذوف أي حافظوا إن لم تخافوا، و إن خفتم فقدروا
المحافظة بقدر ما يمكن من الصلاة راجلين وقوفا أو مشيا أو راكبين، و الرجال جمع
راجل و الركبان جمع راكب، و هذه صلاة الخوف.
و الفاء في قوله تعالى: فإذا أمنتم، للتفريع أي إن المحافظة على الصلاة أمر غير
ساقط من أصله بل إن لم تخافوا شيئا و أمكنت لكم وجبت عليكم و إن تعسر عليكم
فقدروها بقدر ما يمكن لكم، و إن زال عنكم الخوف بتجدد الأمن ثانيا عاد الوجوب و
وجب عليكم ذكر الله سبحانه.
و الكاف في قوله تعالى: كما علمكم، للتشبيه و قوله: ما لم تكونوا تعلمون من
قبيل وضع العام موضع الخاص دلالة على الامتنان بسعة النعمة و التعليم، و المعنى
على هذا: فاذكروا الله ذكرا يماثل ما علمكم من الصلاة المفروضة المكتوبة في حال
الأمن في ضمن ما علمكم من شرائع الدين.
قوله تعالى: و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا وصية لأزواجهم.
وصية مفعول مطلق لمقدر، و التقدير ليوصوا وصية ينتفع به أزواجهم و يتمتعن متاعا
إلى الحول بعد التوفي.
و تعريف الحول باللام لا يخلو عن دلالة على كون الآية نازلة قبل تشريع عدة
الوفاة، أعني الأربعة أشهر و عشرة أيام فإن عرب الجاهلية كانت نساؤهم يقعدن بعد
موت أزواجهن حولا كاملا، فالآية توصي بأن يوصي الأزواج لهن بمال يتمتعن به إلى
تمام الحول من غير إخراجهن من بيوتهن، غير أن هذا لما كان حقا لهن و الحق يجوز
تركه كان لهن أن يطالبن به، و أن يتركنه فإن خرجن فلا جناح للورثة و من يجري
مجراهم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف، و هذا نظير ما أوصى الله به من حضره
الموت أن يوصي للوالدين و الأقربين بالمعروف، قال تعالى: "كتب عليكم إذا حضر
أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف حقا على
المتقين:" البقرة - 180.
و مما ذكرنا يظهر أن الآية منسوخة بآية عدة الوفاة و آية الميراث بالربع و
الثمن.
قوله تعالى: و للمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين، الآية في حق مطلق
المطلقات، و تعليق ثبوت الحكم بوصف التقوى مشعر بالاستحباب.
قوله تعالى: كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون، الأصل في معنى العقل العقد
و الإمساك و به سمي إدراك الإنسان إدراكا يعقد عليه عقلا، و ما أدركه عقلا، و
القوة التي يزعم أنها إحدى القوى التي يتصرف بها الإنسان يميز بها بين الخير و
الشر و الحق و الباطل عقلا، و يقابله الجنون و السفه و الحمق و الجهل باعتبارات
مختلفة.
و الألفاظ المستعملة في القرآن الكريم في أنواع الإدراك كثيرة ربما بلغت
العشرين، كالظن، و الحسبان، و الشعور، و الذكر، و العرفان، و الفهم، و الفقه، و
الدراية، و اليقين، و الفكر، و الرأي، و الزعم، و الحفظ، و الحكمة، و الخبرة، و
الشهادة، و العقل، و يلحق بها مثل القول، و الفتوى، و البصيرة و نحو ذلك.
و الظن هو التصديق الراجح و إن لم يبلغ حد الجزم و القطع، و كذا الحسبان، غير
أن الحسبان كان استعماله في الإدراك الظني استعمال استعاري، كالعد بمعنى الظن و
أصله من نحو قولنا: عد زيدا من الأبطال و حسبه منهم أي ألحقه بهم في العد و
الحساب.
و الشعور هو الإدراك الدقيق مأخوذ من الشعر لدقته، و يغلب استعماله في المحسوس
دون المعقول، و منه إطلاق المشاعر للحواس.
و الذكر هو استحضار الصورة المخزونة في الذهن بعد غيبته عن الإدراك أو حفظه من
أن يغيب عن الإدراك.
و العرفان و المعرفة تطبيق الصورة الحاصلة في المدركة على ما هو مخزون في الذهن
و لذا قيل: إنه إدراك بعد علم سابق.
و الفهم: نوع انفعال للذهن عن الخارج عنه بانتقاش الصورة فيه.
و الفقه: هو التثبت في هذه الصورة المنتقشة فيه و الاستقرار في التصديق.
و الدراية: هو التوغل في ذلك التثبت و الاستقرار حتى يدرك خصوصية المعلوم و
خباياه و مزاياه، و لذا يستعمل في مقام تفخيم الأمر و تعظيمه، قال تعالى:
"الحاقة ما الحاقة و ما أدراك ما الحاقة:" الحاقة - 2، و قال تعالى: إنا
أنزلناه في ليلة القدر، و ما أدراك ما ليلة القدر:" القدر - 2.
و اليقين: هو اشتداد الإدراك الذهني بحيث لا يقبل الزوال و الوهن.
و الفكر نحو سير و مرور على المعلومات الموجودة الحاضرة لتحصيل ما يلازمها من
المجهولات.
و الرأي: هو التصديق الحاصل من الفكر و التروي، غير أنه يغلب استعماله في
العلوم العملية مما ينبغي فعله و ما لا ينبغي دون العلوم النظرية الراجعة إلى
الأمور التكوينية، و يقرب منه البصيرة، و الإفتاء، و القول، غير أن استعمال
القول كأنه استعمال استعاري من قبيل وضع اللازم موضع الملزوم لأن القول في شيء
يستلزم الاعتقاد بما يدل عليه.
و الزعم: هو التصديق من حيث إنه صورة في الذهن سواء كان تصديقا راجحا أو جازما
قاطعا.
و العلم كما مر: هو الإدراك المانع من النقيض.
و - الحفظ -: ضبط الصورة المعلومة بحيث لا يتطرق إليه التغيير و الزوال.
و الحكمة: هي الصورة العلمية من حيث إحكامها و إتقانها.
و - الخبرة -: هو ظهور الصورة العلمية بحيث لا يخفى على العالم ترتب أي نتيجة
على مقدماتها.
و الشهادة: هو نيل نفس الشيء و عينه إما بحس ظاهر كما في المحسوسات أو باطن كما
في الوجدانيات نحو العلم و الإرادة و الحب و البغض و ما يضاهي ذلك.
و الألفاظ السابقة على ما عرفت من معانيها لا تخلو عن ملابسة المادة و الحركة و
التغير، و لذلك لا تستعمل في مورده تعالى غير الخمسة الأخيرة منها أعني العلم و
الحفظ و الحكمة و الخبرة و الشهادة، فلا يقال فيه تعالى: إنه يظن أو يحسب أو
يزعم أو يفهم أو يفقه أو غير ذلك.
و أما الألفاظ الخمسة الأخيرة فلعدم استلزامها للنقص و الفقدان تستعمل في مورده
تعالى، قال سبحانه: "و الله بكل شيء عليم:" النساء - 15، و قال تعالى: "و ربك
على كل شيء حفيظ:" سبأ - 21، و قال تعالى: "و الله بما تعملون خبير": البقرة -
234، و قال تعالى: "هو العليم الحكيم:" يوسف - 83، و قال تعالى: "إنه على كل
شيء شهيد:" فصلت - 53.
و لنرجع إلى ما كنا فيه فنقول: لفظ العقل على ما عرفت يطلق على الإدراك من حيث
إن فيه عقد القلب بالتصديق، على ما جبل الله سبحانه الإنسان عليه من إدراك الحق
و الباطل في النظريات، و الخير و الشر و المنافع و المضار في العمليات حيث خلقه
الله سبحانه خلقة يدرك نفسه في أول وجوده، ثم جهزه بحواس ظاهرة يدرك بها ظواهر
الأشياء، و بأخرى باطنه يدرك معاني روحية بها ترتبط نفسه مع الأشياء الخارجة
عنها كالإرادة، و الحب و البغض، و الرجاء، و الخوف، و نحو ذلك، ثم يتصرف فيها
بالترتيب و التفصيل و التخصيص و التعميم، فيقضي فيها في النظريات و الأمور
الخارجة عن مرحلة العمل قضاء نظريا، و في العمليات و الأمور المربوطة بالعمل
قضاء عمليا، كل ذلك جريا على المجرى الذي تشخصه له فطرته الأصلية، و هذا هو
العقل.
لكن ربما تسلط بعض القوى على الإنسان بغلبته على سائر القوى كالشهوة و الغضب
فأبطل حكم الباقي أو ضعفه، فخرج الإنسان بها عن صراط الاعتدال إلى أودية
الإفراط و التفريط، فلم يعمل هذا العامل العقلي فيه على سلامته، كالقاضي الذي
يقضي بمدارك أو شهادات كاذبة منحرفة محرفة، فإنه يحيد في قضائه عن الحق و إن
قضى غير قاصد للباطل، فهو قاض و ليس بقاض، كذلك الإنسان يقضي في مواطن
المعلومات الباطلة بما يقضي، و أنه و إن سمى عمله ذلك عقلا بنحو من المسامحة،
لكنه ليس بعقل حقيقة لخروج الإنسان عند ذلك عن سلامة الفطرة و سنن الصواب.
و على هذا جرى كلامه تعالى، فإنه يعرف العقل بما ينتفع به الإنسان في دينه و
يركب به هداه إلى حقائق المعارف و صالح العمل، و إذا لم يجر على هذا المجرى فلا
يسمى عقلا، و إن عمل في الخير و الشر الدنيوي فقط، قال تعالى "و قالوا لو كنا
نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير:" الملك - 10.
و قال تعالى: "أ فلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون
بها فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور:" الحج - 46.
فالآيات كما ترى تستعمل العقل في العلم الذي يستقل الإنسان بالقيام عليه بنفسه،
و السمع في الإدراك الذي يستعين فيه بغيره مع سلامة الفطرة في جميع ذلك، و قال
تعالى: "و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه:" البقرة - 130، و قد مر أن
الآية بمنزلة عكس النقيض لقوله (عليه السلام): العقل ما عبد به الرحمن الحديث.
فقد تبين من جميع ما ذكرنا: أن المراد بالعقل في كلامه تعالى هو الإدراك الذي
يتم للإنسان مع سلامة فطرته، و به يظهر معنى قوله سبحانه: كذلك يبين الله لكم
آياته لعلكم تعقلون، فبالبيان يتم العلم، و العلم مقدمة للعقل و وسيلة إليه كما
قال تعالى: "و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها إلا العالمون:" العنكبوت -
43.
بحث روائي
في سنن أبي داود، عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، قالت: طلقت على عهد
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و لم يكن للمطلقة عدة فأنزل حين طلقت
العدة للطلاق: "و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" فكانت أول من أنزلت فيها
العدة للطلاق.
و في تفسير العياشي،: في قوله تعالى: و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء،:
عن زرارة، قال: سمعت ربيعة الرأي و هو يقول: إن من رأيي أن الأقراء التي سمى
الله في القرآن إنما هي الطهر فيما بين الحيضتين و ليس بالحيض، قال فدخلت على
أبي جعفر (عليه السلام) فحدثته بما قال ربيعة فقال: و لم يقل برأيه إنما بلغه
عن علي (عليه السلام) فقلت: أصلحك الله أ كان علي (عليه السلام) يقول ذلك؟ قال:
نعم، كان يقول: إنما القرء الطهر، تقرأ فيه الدم فتجمعه فإذا جاءت دفعته، قلت:
أصلحك الله رجل طلق امرأته طاهرا من غير جماع بشهادة عدلين؟ قال: إذا دخلت في
الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها و حلت للأزواج، الحديث.
أقول: هذا المعنى مروي بعدة طرق عنه (عليه السلام)، و قوله: قلت: أصلحك الله أ
كان علي (عليه السلام) يقول ذلك إنما استفهم ذلك بعد قوله (عليه السلام): إنما
بلغه عن علي، لما اشتهر بين العامة عن علي أنه كان يقول إن القروء في الآية هي
الحيض دون الأطهار كما في الدر المنثور، عن الشافعي و عبد الرزاق و عبد بن حميد
و البيهقي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: تحل لزوجها الرجعة عليها حتى
تغتسل من الحيضة الثالثة و تحل للأزواج، لكن أئمة أهل البيت ينكرون ذلك و
ينسبون إليه (عليه السلام): أن الأقراء الأطهار دون الحيض كما مرت في الرواية،
و قد نسبوا هذا القول إلى عدة أخرى من الصحابة غيره (عليه السلام) كزيد بن ثابت
و عبد الله بن عمر و عائشة و رووه عنهم.
و في المجمع، عن الصادق (عليه السلام): في قوله تعالى و لا يحل لهن أن يكتمن ما
خلق الله في أرحامهن الآية: الحبل و الحيض.
و في تفسير القمي،: و قد فوض الله إلى النساء ثلاثة أشياء: الطهر و الحيض و
الحبل.
و في تفسير القمي، أيضا: في قوله تعالى: و للرجال عليهن درجة، قال: قال (عليه
السلام) حق الرجال على النساء أفضل من حق النساء على الرجال.
أقول: و هذا لا ينافي التساوي من حيث وضع الحقوق كما مر و في تفسير العياشي،:
في قوله تعالى: الطلاق مرتان - فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، عن أبي جعفر
(عليه السلام)، قال: إن الله يقول الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
و التسريح بالإحسان هو التطليقة الثالثة.
و في التهذيب، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: طلاق السنة يطلقها تطليقة يعني
على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ثم يدعها حتى تمضي أقراؤها فإذا مضت أقراؤها
فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب: إن شاءت نكحته، و إن شاءت فلا، و إن أراد أن
يراجعها أشهد على رجعتها قبل أن تمضي أقراؤها، فتكون عنده على التطليقة
الماضية، الحديث.
و في الفقيه، عن الحسن بن فضال، قال: سألت الرضا عن العلة التي من أجلها لا تحل
المطلقة لعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره فقال (عليه السلام): إن الله عز و جل
إنما أذن في الطلاق مرتين فقال عز و جل: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان، يعني في التطليقة الثالثة، و لدخوله فيما كره الله عز و جل من الطلاق
الذي حرمها عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لئلا يوقع الناس في الاستخفاف
بالطلاق و لا تضار النساء، الحديث.
أقول: مذهب أئمة أهل البيت: أن الطلاق بلفظ واحد أو في مجلس واحد لا يقع إلا
تطليقة واحدة، و إن قال طلقتك ثلاثا على ما روته الشيعة، و أما أهل السنة و
الجماعة فرواياتهم فيه مختلفة: بعضها يدل على وقوعه طلاقا واحدا، و بعضها يدل
على وقوع الثلاثة، و ربما رووا ذلك عن علي و جعفر بن محمد (عليهما السلام)، لكن
يظهر من بعض رواياتهم التي رواها أرباب الصحاح كمسلم و النسائي و أبي داود و
غيرهم: أن وقوع الثلاث بلفظ واحد مما أجازه عمر بعد مضي سنتين أو ثلاثة من
خلافته، ففي الدر المنثور:، أخرج عبد الرزاق و مسلم و أبو داود و النسائي و
الحاكم و البيهقي عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) و أبي بكر و سنتين من خلافة عمر. طلاق الثلاث واحدا فقال عمر
بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضينا عليهم
فأمضاه عليهم.
و في سنن أبي داود، عن ابن عباس قال: طلق عبد يزيد أبو ركانة أم ركانة و نكح
امرأة من مزينة فجاءت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: ما يغني عني إلا
كما تغني هذه الشعرة لشعرة أخذتها من رأسها، ففرق بيني و بينه فأخذت النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) حمية فدعا بركانه و إخوته ثم قال لجلسائه: أ ترون فلانا
يشبه منه كذا و كذا و فلان منه كذا و كذا قالوا نعم، قال النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) لعبد يزيد: طلقها ففعل، قال: راجع امرأتك أم ركانة فقال: إني طلقتها
ثلاثا يا رسول الله، قال: قد علمت أرجعها و تلا: يا أيها النبي إذا طلقتم
النساء فطلقوهن لعدتهن.
و في الدر المنثور، عن البيهقي عن ابن عباس، قال: طلق ركانة امرأة ثلاثا في
مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
كيف طلقتها؟ قال طلقتها ثلاثا في مجلس واحد، قال: نعم فإنما تلك واحدة فارجعها
إن شئت فراجعها فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر فتلك السنة التي أمر
الله بها: فطلقوهن لعدتهن.
أقول: و هذا المعنى مروي في روايات أخرى أيضا و الكلام على هذه الإجازة نظير
الكلام المتقدم في متعة الحج.
و قد استدل على عدم وقوع الثلاث بلفظ واحد بقوله تعالى: الطلاق مرتان فإن
المرتين و الثلاث لا يصدق على ما أنشىء بلفظ واحد كما في مورد اللعان بإجماع
الكل، و في المجمع،: في قوله تعالى: أو تسريح بإحسان، قال: فيه قولان، أحدهما:
أنه الطلقة الثالثة، و الثاني أنه يترك المعتدة حتى تبين بانقضاء العدة،: عن
السدي و الضحاك، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام).
أقول: و الأخبار كما ترى تختلف في معنى قوله: أو تسريح بإحسان.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: و لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا -
إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله الآية،: عن الصادق (عليه السلام) قال: الخلع
لا يكون إلا أن تقول المرأة لزوجها: لا أبر لك قسما، و لأخرجن بغير إذنك، و
لأوطئن فراشك غيرك و لا أغتسل لك من جنابة، أو تقول: لا أطيع لك أمرا أو
تطلقني، فإذا قالت ذلك فقد حل له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها و كل ما قدر عليه
مما تعطيه من مالها، فإذا تراضيا على ذلك طلقها على طهر بشهود فقد بانت منه
بواحدة، و هو خاطب من الخطاب، فإن شاءت زوجته نفسها، و إن شاءت لم تفعل، فإن
زوجها فهي عنده على اثنتين باقيتين و ينبغي له أن يشترط عليها كما اشترط صاحب
المباراة فإذا ارتجعت في شيء مما أعطيتني فأنا أملك ببضعك، و قال (عليه
السلام): لا خلع و لا مباراة و لا تخيير إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين
عدلين، و المختلعة إذا تزوجت زوجا آخر ثم طلقها يحل للأول أن يتزوج بها، و قال:
لا رجعة للزوج على المختلعة و لا على المباراة إلا أن يبدو للمرأة فيرد عليها
ما أخذ منها.
و في الفقيه، عن الباقر (عليه السلام) قال: إذا قالت المرأة لزوجها جملة: لا
أطيع لك أمرا مفسرة أو غير مفسرة حل له أن يأخذ منها، و ليس له عليها رجعة. و
في الدر المنثور،: أخرج أحمد عن سهل بن أبي حثمة، قال: كانت حبيبة ابنة سهل تحت
ثابت بن قيس بن شماس فكرهته، و كان رجلا دميما فجاءت و قالت: يا رسول الله إني
لا أراه، فلو لا مخافة الله لبزقت في وجهه فقال لها: أ تردين عليه حديقته التي
أصدقك؟ قالت: نعم فردت عليه حديقته و فرق بينهما، فكان ذلك أول خلع كان في
الإسلام.
و في تفسير العياشي، عن الباقر (عليه السلام): في قول الله تبارك و تعالى: و
تلك حدود الله فلا تعتدوها الآية فقال إن الله غضب على الزاني فجعل له مائة
جلدة فمن غضب عليه فزاد فأنا إلى الله منه بريء فذلك قوله تعالى: تلك حدود الله
فلا تعتدوها و في الكافي، عن أبي بصير قال: المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح
زوجا غيره، قال: هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة، و هي التي لا تحل
لزوجها حتى تنكح زوجا غيره و يذوق عسيلتها.
أقول: العسيلة الجماع، قال في الصحاح،: و في الجماع العسيلة شبهت تلك اللذة
بالعسل، و صغرت بالهاء لأن الغالب في العسل التأنيث و يقال: إنما أنث لأنه أريد
به العسلة و هي القطعة منه كما يقال للقطعة من الذهب: ذهبة، انتهى.
و قوله (عليه السلام): و يذوق عسيلتها، كالاقتباس من كلمة رسول الله لا حتى
تذوقي عسيلته و يذوق عسيلتك، في قصة رفاعة.
ففي الدر المنثور،: عن البزاز و الطبراني و البيهقي: أن رفاعة بن سموال طلق
امرأته فأتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا رسول الله قد تزوجني
عبد الرحمن و ما معه إلا مثل هذه، و أومأت إلى هدبة من ثوبها، فجعل رسول الله
يعرض عن كلامها ثم قال لها: تريدين أن ترجعي إلى رفاعة: لا حتى تذوقي عسيلته و
يذوق عسيلتك.
أقول: و الرواية من المشهورات، رواها جمع كثير من الرواة من أرباب الصحاح و
غيرهم من طرق أهل السنة، و الجماعة و بعض الخاصة، و ألفاظ الروايات و إن كانت
مختلفة لكن أكثرها تشتمل على هذه اللفظة.
و في التهذيب، عن الصادق (عليه السلام): عن تزويج المتعة أ يحلل؟ قال: لا لأن
الله يقول فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره - فإن طلقها فلا
جناح عليهما أن يتراجعا، و المتعة ليس فيه طلاق.
و فيه، أيضا عن محمد بن مضارب قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الخصي يحلل؟
قال: لا يحلل.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن إلى قوله و
لا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا الآية، قال: قال (عليه السلام): إذا طلقها لم يجز له
أن يراجعها إن لم يردها.
و في الفقيه، عن الصادق (عليه السلام) قال: لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ثم
يراجعها، و ليس له فيها حاجة ثم يطلقها، فهذا الضرار الذي نهى الله عنه، إلا أن
يطلق ثم يراجع و هو ينوي الإمساك.
و في تفسير العياشي،: في قوله تعالى: و لا تتخذوا آيات الله هزوا الآية،: عن
عمر بن الجميع رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث، قال: و من قرأ
القرآن من هذه الأمة ثم دخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا، الحديث.
في صحيح البخاري،: في قوله تعالى: و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن، الآية أن
أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها فخطبها فأبى معقل فنزلت:
فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن.
أقول: و روي هذا المعنى في الدر المنثور، عنه و عن عدة من أرباب الصحاح
كالنسائي و ابن ماجة و الترمذي و ابن داود و غيرهم.
و في الدر المنثور، أيضا عن السدي، قال: نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله
الأنصاري كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة و انقضت عدتها فأراد مراجعتها
فأبى جابر فقال: طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية و كانت المرأة تريد
زوجها فأنزل الله و إذا طلقتم النساء، الآية.
أقول: لا ولاية للأخ و لا لابن العم على مذهب أئمة أهل البيت فلو سلمت إحدى
الروايتين كان النهي في الآية غير مسوق لتحديد ولاية، و لا لجعل حكم وضعي بل
للإرشاد إلى قبح الحيلولة بين الزوجين أو لكراهة أو حرمة تكليفية متعلقة بكل من
يعضلهن عن النكاح لا غير.
و في تفسير العياشي،: في قوله تعالى: و الوالدات يرضعن أولادهن، الآية: عن
الصادق (عليه السلام)، قال: و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين، قال: ما
دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية فإذا فطم فالوالد أحق به من
العصبة و إن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم، و قالت الأم: لا أرضعه إلا بخمسة
دراهم فإن له أن ينزعه منها، إلا أن ذلك أجبر له و أقدم و أرفق به أن يترك مع
أمه.
و فيه، أيضا عنه: في قوله تعالى: لا تضار والدة الآية، قال (عليه السلام): كانت
المرأة ممن ترفع يدها إلى الرجل إذا أراد مجامعتها فتقول: لا أدعك، إني أخاف أن
أحمل على ولدي، و يقول الرجل للمرأة: لا أجامعك إني أخاف أن تعلقي فأقتل ولدي،
فنهى الله أن يضار الرجل المرأة و المرأة الرجل.
و فيه، أيضا عن أحدهما (عليهما السلام): في قوله تعالى: و على الوارث مثل ذلك
قال: هو في النفقة: على الوارث مثل ما على الوالد.
و فيه، أيضا عن الصادق (عليه السلام): في الآية، قال لا ينبغي للوارث أيضا أن
يضار المرأة فيقول: لا أدع ولدها يأتيها، و يضار ولدها إن كان لهم عنده شيء، و
لا ينبغي له أن يقتر عليه.
و فيه، أيضا عن حماد عن الصادق (عليه السلام) قال: لا رضاع بعد فطام، قال: قلت
له: جعلت فداك و ما الفطام؟ قال: الحولين الذي قال الله عز و جل.
أقول: قوله: الحولين، حكاية لما في لفظ الآية و لذا وصفه (عليه السلام) بقوله:
الذي قال الله.
و في الدر المنثور،: أخرج عبد الرزاق في المصنف و ابن عدي عن جابر بن عبد الله،
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يتم بعد حلم، و لا رضاع بعد
فصال، و لا صمت يوم إلى الليل، و لا وصال في الصيام، و لا نذر في معصية، و لا
نفقة في المعصية، و لا يمين في قطيعة رحم، و لا تعرب بعد الهجرة، و لا هجرة بعد
الفتح، و لا يمين لزوجة مع زوج، و لا يمين لولد مع والد، و لا يمين لمملوك مع
سيده، و لا طلاق قبل نكاح، و لا عتق قبل ملك.
و في تفسير العياشي، عن أبي بكر الحضرمي عن الصادق (عليه السلام) قال: لما نزلت
هذه الآية: و الذين يتوفون منكم - و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و
عشرا جئن النساء يخاصمن رسول الله و قلن: لا نصبر، فقال لهن رسول الله: كانت
إحداكن إذا مات زوجها أخذت بعرة فألقتها خلفها في دبرها في خدرها ثم قعدت فإذا
كان مثل ذلك اليوم من الحول أخذتها ففتقتها، ثم اكتحلت بها، ثم تزوجت فوضع الله
عنكن ثمانية أشهر.
و في التهذيب، عن الباقر (عليه السلام): كل النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة
حرة كانت أو أمة، و على أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين
فالعدة أربعة أشهر و عشرا.
و في تفسير العياشي، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له:
جعلت فداك كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر و صارت عدة المتوفى
عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا؟ فقال: أما عدة المطلقة ثلاث قروء فلأجل استبراء
الرحم من الولد، و أما عدة المتوفى عنها زوجها فإن الله شرط للنساء شرطا و شرط
عليهن: و أما ما شرط لهن ففي الإيلاء أربعة أشهر إذ يقول: للذين يؤلون من
نسائهم تربص أربعة أشهر، فلن يجوز لأحد أكثر من أربعة أشهر لعلمه تبارك و تعالى
أنها غاية صبر المرأة من الرجل، و أما ما شرط عليهن فإنه أمرها أن تعتد إذا مات
زوجها أربعة أشهر و عشرا فأخذ له منها عند موته ما أخذ لها منه في حياته.
أقول: و هذا المعنى مروي أيضا عن الرضا و الهادي (عليهما السلام) بطرق أخرى و
في تفسير العياشي، عن الصادق (عليه السلام): في قوله تعالى: و لا جناح عليكم -
فيما عرضتم به من خطبة النساء، الآية: المرأة في عدتها تقول لها قولا جميلا
ترغبها في نفسك، و لا تقول: إني أصنع كذا أو كذا أو أصنع كذا القبيح من الأمر
في البضع و كل أمر قبيح، و في رواية أخرى تقول لها و هي في عدتها: يا هذه لا
أحب إلا ما أسرك و لو قد مضى عدتك لا تفوتيني إن شاء الله، و لا تستبقي بنفسك،
و هذا كله من غير أن يعزموا عقدة النكاح.
أقول: و في هذا المعنى روايات أخر عنهم (عليهم السلام).
و في تفسير العياشي،: في قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء، الآية،:
عن الصادق (عليه السلام)، قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف
مهرها و إن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف على الموسع قدره و على المقتر
قدره و ليس لها عدة و تزوج من شاءت من ساعتها.
و في الكافي، عن الصادق (عليه السلام): في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها قال:
عليه نصف المهر إن
|