قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم" "إلخ"، الحرم بضمتين جمع الحرام صفة مشبهة، قال في المجمع: و رجل حرام و محرم بمعنى، و حلال و محل كذلك، و أحرم الرجل دخل في الشهر الحرام، و أحرم أيضا دخل في الحرم، و أحرم أهل بالحج، و الحرم الإحرام، و منه الحديث: كنت أطيب النبي لحرمه، و أصل الباب، المنع و سميت النساء حرما لأنها تمنع، و المحروم الممنوع الرزق.
قال: و المثل و المثل و الشبه و الشبه واحد، قال: و النعم في اللغة الإبل و البقر و الغنم، و إن انفردت الإبل قيل لها: نعم، و إن انفردت البقر و الغنم لم تسم نعما ذكره الزجاج.
قال: قال الفراء: العدل بفتح العين ما عادل الشيء من غير جنسه، و العدل بالكسر المثل تقول: عندي عدل بالكسر غلامك أو شاتك إذا كانت شاة تعدل شاة أو غلام يعدل غلاما فإذا أردت قيمته من غير جنسه فتحت و قلت: عدل، و قال البصريون: العدل و العدل في معنى المثل كان من الجنس أو غير الجنس.
قال: و الوبال ثقل الشيء في المكروه، و منه قولهم: طعام وبيل و ماء وبيل إذا كانا ثقيلين غير ناميين في المال، و منه: "فأخذناه أخذا وبيلا" أي ثقيلا شديدا، و يقال لخشبة القصار: وبيل من هذا، انتهى.
و قوله: "لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم" نهي عن قتل الصيد لكن يفسره بعض التفسير قوله بعد: "أحل لكم صيد البحر" هذا من جهة الصيد، و يفسره من جهة معنى القتل قوله: "و من قتله منكم متعمدا فجزاء" "إلخ"، فقوله: "متعمدا" حال من قوله: "من قتله" و ظاهر التعمد ما يقابل الخطأ الذي هو القتل من غير أن يريد بفعله ذلك كمن يرمي إلى هدف فأصاب صيدا، و لازمه وجوب الكفارة إذا كان قاصدا لقتل الصيد سواء كان على ذكر من إحرامه أو ناسيا أو ساهيا.
و قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة" لظاهر معناه: فعليه جزاء ذلك الجزاء مثل ما قتل من الصيد، و ذلك الجزاء من النعم المماثلة لما قتله يحكم به أي بذلك الجزاء المماثل رجلان منكم ذوا عدل في الدين حال كون الجزاء المذكور هديا يهدي به بالغ الكعبة ينحر أو يذبح في الحرم بمكة أو بمنى على ما يبينه السنة النبوية.
فقوله: "جزاء" بالرفع مبتدأ لخبر محذوف يدل عليه الكلام، و قوله: "مثل ما قتل" و قوله: "من النعم" و قوله: "يحكم به" "إلخ"، أوصاف للجزاء، و قوله: "هديا بالغ الكعبة" موصوف و صفة، و الهدي حال من الجزاء تقدم، هذا، و قد قيل: غير ذلك.
و قوله: "أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما" خصلتان أخريان من خصال كفارة قتل الصيد، و كلمة "أو" لا يدل على أزيد من مطلق الترديد، و الشارح السنة، غير أن قوله: "أو كفارة" حيث سمى طعام المساكين كفارة ثم اعتبر ما يعادل الطعام من الصيام لا يخلو من إشعار بالترتيب بين الخصال.
و قوله: "ليذوق وبال أمره" اللام للغاية، و هي و مدخولها متعلق بقوله: "فجزاء" فالكلام يدل على أن ذلك نوع مجازاة.
قوله تعالى: "عفا الله عما سلف و من عاد فينتقم الله منه، إلى آخر" الآية تعلق العفو بما سلف قرينة على أن المراد بما سلف هو ما تحقق من قتل الصيد قبل نزول الحكم بنزول الآية فإن تعلق العفو بما يتحقق حين نزول الآية أو بعده يناقض جعل الحكم و هو ظاهر، فالجملة لدفع توهم شمول حكم الكفارة للحوادث السابقة على زمان النزول.
و الآية من الدليل على جواز تعلق العفو بما ليس بمعصية من الأفعال إذا كان من طبعها اقتضاء النهي المولوي لاشتمالها على المفسدة، و أما قوله: "و من عاد فينتقم الله منه و الله عزيز ذو انتقام" فظاهر العود تكرر الفعل، و هذا التكرر ليس تكرر ما سلف من الفعل بأن يكون المعنى: و من عاد إلى مثل ما سلف منه من الفعل فينتقم الله منه لأنه حينئذ ينطبق على الفعل الذي يتعلق به الحكم في قوله: "و من قتله منكم متعمدا فجزاء" "إلخ" و يكون المراد بالانتقام هو الحكم بالكفارة، و هو حكم ثابت بالفعل لكن ظاهر قوله: "فينتقم الله منه" أنه إخبار عن أمر مستقبل لا عن حكم حال فعلي.
و هذا شاهد على أن المراد بالعود العود ثانيا إلى فعل تعلق به الكفارة، و المراد بالانتقام العذاب الإلهي غير الكفارة المجعولة.
و على هذا فالآية بصدرها و ذيلها تتعرض لجهات مسألة قتل الصيد، أما ما وقع منه قبل نزول الحكم فقد عفا الله عنه، و أما بعد جعل الحكم فمن قتله فعليه جزاء مثل ما قتل في المرة الأولى فإن عاد فينتقم الله منه و لا كفارة عليه، و على هذا يدل معظم الأخبار المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية.
و لو لا هذا المعنى كان كالمتعين حمل الانتقام في قوله: "فينتقم الله منه" على ما يعم الحكم بوجوب الكفارة، و حمل العود على فعل ما يماثل ما سلف منهم من قتل الصيد أي و من عاد إلى مثل ما كانوا عليه من قتل الصيد قبل هذا الحكم، أي و من قتل الصيد فينتقم الله منه أي يؤاخذه بإيجاب الكفارة، و هذا - كما ترى - معنى بعيد من اللفظ.
قوله تعالى: "أحل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم و للسيارة" إلى آخر الآية، الآيات في مقام بيان حكم الاصطياد من بحر أو، بر و هو الشاهد على أن متعلق الحل هو الاصطياد في قوله: "أحل لكم صيد البحر" دون أكله، و بهذه القرينة يتعين قوله: "و طعامه" في أن المراد به ما يؤكل دون المعنى المصدري الذي هو الأكل و المراد بحل طعام البحر حل أكله فمحصل المراد من حل صيد البحر و طعامه جواز اصطياد حيوان البحر و حل أكل ما يؤخذ منه.
و ما يؤخذ من طعام البحر و إن كان أعم مما يؤخذ منه صيدا كالعتيق من لحم الصيد أو ما قذفته البحر من ميتة حيوان و نحوه إلا أن الوارد من أخبار أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تفسيره بالمملوح و نحوه من عتيق الصيد، و قوله: "متاعا لكم و للسيارة" كأنه حال من صيد البحر و طعامه، و فيه شيء من معنى الامتنان.
و حيث كان الخطاب للمؤمنين من حيث كونهم محرمين كانت المقابلة بينهم و بين السيارة في قوة قولنا: متاعا للمحرمين و غيرهم.
و اعلم أن في الآيات أبحاثا فرعية كثيرة معنونة في الكتب الفقهية من أرادها فليراجعها.
قوله تعالى: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس و الشهر الحرام و الهدي و القلائد" ظاهر تعليق الكلام بالكعبة ثم بيانه بالبيت بأنه بيت حرام، و كذا توصيف الشهر بالحرام ثم ذكر الهدي و القلائد اللذين يرتبط شأنهما بحرمة البيت، كل ذلك يدل على أن الملاك فيما يبين الله سبحانه في هذه الآية من الأمر إنما هو الحرمة.
و القيام ما يقوم به الشيء، قال الراغب: و القيام و القوام اسم لما يقوم به الشيء أي يثبت كالعماد و السناد لما يعمد و يسند به كقوله: "و لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما" أي جعلها مما يمسككم، و قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس" أي قواما لهم يقوم به معاشهم و معادهم، قال الأصم: قائما لا ينسخ، و قرىء: قيما بمعنى قياما، انتهى.
فيرجع معنى قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس" إلى أنه تعالى جعل الكعبة بيتا حراما احترمه، و جعل بعض الشهور حراما، و وصل بينهما حكما كالحج في ذي الحجة الحرام، و جعل هناك أمورا تناسب الحرمة كالهدي و القلائد كل ذلك لتعتمد عليه حياة الناس الاجتماعية السعيدة.
فإنه جعل البيت الحرام قبلة يوجه إليه الناس وجوههم في صلواتهم و يوجهون إليه ذبائحهم و أمواتهم، و يحترمونه في سيىء حالاتهم، فيتوحد بذلك جمعهم، و يجتمع به شملهم، و يحيى و يدوم به دينهم، و يحجون إليه من مختلف الأقطار و أقاصي الآفاق فيشهدون منافع لهم، و يسلكون به طرق العبودية.
و يهدي باسمه و بذكره و النظر إليه و التقرب به و التوجه إليه العالمون، و قد بينه الله تعالى بوجه آخر قريب من هذا الوجه بقوله: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا و هدى للعالمين": - آل عمران: 96، و قد وافاك في الآية في الجزء الثالث من هذا الكتاب من الكلام ما يتنور به المقام.
و نظير ذلك الكلام في كون الشهر الحرام قياما للناس و قد حرم الله فيه القتال، و جعل الناس فيه في أمن من حيث دمائهم و أعراضهم و أموالهم، و يصلحون فيه ما فسد أو اختل من شئون حياتهم، و الشهر الحرام بين الشهور كالموقف و المحط الذي يستريح فيه المتطرق التعبان، و بالجملة البيت الحرام و الشهر الحرام و ما يتعلق بذلك من هدي و قلائد قيام للناس من عامة جهات معاشهم و معادهم، و لو استقرأ المفكر المتأمل جزئيات ما ينتفع به الناس انتفاعا جاريا أو ثابتا من بركات البيت العتيق و الشهر الحرام من صلة الأرحام، و مواصلة الأصدقاء، و إنفاق الفقراء، و استرباح الأسواق، و موادة الأقرباء و الأداني، و معارفة الأجانب و الأباعد، و تقارب القلوب، و تطهر الأرواح، و اشتداد القوى، و اعتضاد الملة، و حياة الدين، و ارتفاع أعلام الحق، و رايات التوحيد أصاب بركات جمة و رأى عجبا.
و كان المراد من ذكر هذه الحقيقة عقيب الآيات الناهية عن الصيد هو دفع ما يتوهم أن هذه أحكام عديمة أو قليلة الجدوى، فأي فائدة لتحريم الصيد في مكان من الأمكنة أو زمان من الأزمنة؟ و أي جدوى في سوق الهدي و نحو ذلك؟ و هل هذه الأحكام إلا مشاكلة لما يوجد من النواميس الخرافية بين الأمم الجاهلة الهمجية؟.
فأجيب عن ذلك بأن اعتبار البيت الحرام و الشهر الحرام و ما يتبعهما من الحكم مبني على حقيقة علمية و أساس جدي و هو أنها قيام يقوم به صلب حياتهم.
و من هنا يظهر وجه اتصال قوله: "ذلك لتعلموا"، إلى آخر" الآية بما قبله، و المشار إليه بقوله: "ذلك" إما نفس الحكم المبين في الآيات السابقة الذي يوضح حكمة تشريعه قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس" "إلخ"، و إما بيان الحكم الموضح بقوله: "جعل الله الكعبة" "إلخ"، المدلول عليه بالمقام.
و المعنى على التقدير الأول أن الله جعل البيت الحرام و الشهر الحرام قياما للناس و وضع ما يناسبهما من الأحكام لينتقلوا من حفظ حرمتهما و العمل بالأحكام المشرعة فيهما إلى أن الله عليم بما في السماوات و الأرض و ما يصلح شئونها، فشرع ما شرع لكم عن علم من غير أن يكون شيء من ذلك حكما خرافيا صادرا عن جهالة الوهم.
و المعنى على التقدير الثاني أنا بينا لكم هذه الحقيقة و هي جعل البيت الحرام و الشهر الحرام و ما يتبعهما من الأحكام قياما للناس لتعلموا أن الله عليم بما في السماوات و الأرض و ما يتبعها من الأحكام المصلحة لشئونها فلا تتوهموا أن هذه الأحكام المشرعة لاغية من غير جدوى أو أنها خرافات مختلقة.
قوله تعالى: "اعلموا أن الله شديد العقاب و أن الله غفور رحيم، إلى آخر الآيتين" تأكيد للبيان و تثبيت لموقع الأحكام المذكورة، و وعيد و وعد للمطيعين و العاصين، و فيه شائبة تهديد، و لذلك قدم توصيفه بشدة العقاب على توصيفه بالمغفرة و الرحمة، و لذلك أيضا أعقب الكلام بقوله: "ما على الرسول إلا البلاغ و الله يعلم ما تبدون و ما تكتمون".
بحث روائي
في الكافي،: بإسناده عن حماد بن عيسى و ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: "ليبلونكم الله بشيء من الصيد - تناله أيديكم و رماحكم"، قال: حشرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عمرة الحديبية الوحوش حتى نالتها أيديهم و رماحهم. أقول: و رواه العياشي، عن معاوية بن عمار مرسلا، و روى هذا المعنى أيضا الكليني في الكافي، و الشيخ في التهذيب، بإسنادهما إلى الحلبي عن الصادق (عليه السلام)، و العياشي عن سماعة عنه (عليه السلام) مرسلا، و كذا القمي في تفسيره مرسلا، و روي ذلك عن مقاتل بن حيان كما يأتي.
و في الدر المنثور، أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: أنزلت هذه الآية في عمرة الحديبية فكانت الوحوش و الطير و الصيد تغشاهم في رحالهم لم يروا مثله قط فيما خلا فنهاهم الله عن قتله و هم محرمون ليعلم الله من يخافه بالغيب.
أقول: و الروايتان لا تنافيان ما قدمناه في البيان السابق من عموم معنى الآية.
و في الكافي، مسندا عن أحمد بن محمد رفعه: في قوله تبارك و تعالى: تناله أيديكم و رماحكم، قال: ما تناله الأيدي البيض و الفراخ، و ما تناله الرماح فهو ما لا تصل إليه الأيدي.
و في تفسير العياشي، بإسناده عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قتل الرجل المحرم حمامة ففيها شاة، فإن قتل فرخا ففيه جمل، فإن وطأ بيضة فكسرها فعليه درهم، كل هذا يتصدق بمكة و منى، و هو قول الله في كتابه: "ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم" البيض و الفراخ "و رماحكم" الأمهات الكبار. أقول: و رواه الشيخ في التهذيب، عن حريز عنه (عليه السلام) مقتصرا على الشطر الأخير من الحديث.
و في التهذيب، بإسناده عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء و ينتقم الله منه، و النقمة في الآخرة.
و فيه،: عن الكليني، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه كفارة، فإن أصابه ثانية متعمدا فهو ممن ينتقم الله منه، و لم يكن عليه كفارة.
و فيه،: عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله: محرم أصاب صيدا؟ قال: عليه كفارة قلت: فإن هو عاد؟ قال: عليه كلما عاد كفارة.
أقول: الروايات - كما ترى - مختلفة، و قد جمع الشيخ بينها بأن المراد أن المحرم إذا قتل متعمدا فعليه كفارة و إن عاد متعمدا فلا كفارة عليه، و هو ممن ينتقم الله منه، و أما الناسي فكلما عاد فعليه كفارة.
و فيه،: بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): في قول الله عز و جل: "يحكم به ذوا عدل منكم" فالعدل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الإمام من بعده يحكم به و هو ذو عدل فإذا علمت ما حكم الله به من رسول الله و الإمام فحسبك و لا تسأل عنه.
أقول: و في هذا المعنى عدة روايات و في بعضها: تلوت عند أبي عبد الله (عليه السلام): "ذوا عدل منكم" فقال: ذو عدل منكم، هذا مما أخطأت به الكتاب، و هو يرجع إلى القراءة كما هو ظاهر.
و في الكافي، عن الزهري عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: صوم جزاء الصيد واجب قال الله عز و جل: "و من قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم - يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة - أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما". أ و تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدري، قال: يقوم الصيد ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما.
و فيه، بإسناده عن أحمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد فإن الله يقول: "هديا بالغ الكعبة".
و في تفسير العياشي، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "أحل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم" قال: مالحه الذي يأكلون و قال: فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر و يفرخ في البر من صيد البر، و ما كان من الطير يكون في البر و يبيض في البحر و يفرخ فهو من صيد البحر.
و فيه،: عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: أحل لكم صيد البحر و طعامه - متاعا لكم و للسيارة" قال: هي حيتان المالح، و ما تزودت منه أيضا و إن لم يكن مالحا فهو متاع.
أقول: و الروايات في هذه المعاني كثيرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من طرق الشيعة.
و في الدر المنثور،: أخرج ابن أبي شيبة عن معاوية بن قرة، و أحمد عن رجل من الأنصار: أن رجلا أوطأ بعيره أدحى نعامة فكسر بيضها فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عليك بكل بيضة صوم يوم أو إطعام مسكين:. أقول: و روي هذا المعنى أيضا عن ابن أبي شيبة عن عبد الله بن ذكوان، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و رواه أيضا عنه عن أبي الزناد عن عائشة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
و فيه،: أخرج أبو الشيخ و ابن مردويه من طريق أبي المهزم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: في بيض النعام ثمنه.
و فيه،: أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر محمد بن علي: أن رجلا سأل عليا عن الهدي مما هو؟ قال: من الثمانية الأزواج فكأن الرجل شك فقال علي: تقرأ القرآن؟ فكأن الرجل قال: نعم، قال: فسمعت الله يقول: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود - أحلت لكم بهيمة الأنعام"؟ قال: نعم قال سمعته يقول: "ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، و من الأنعام حمولة و فرشا، فكلوا من بهيمة الأنعام"؟ قال: نعم. قال: فسمعته يقول: "من الضأن اثنين و من المعز اثنين، و من الإبل اثنين و من البقر اثنين"؟ قال: نعم قال: فسمعته يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم إلى قوله هديا بالغ الكعبة"؟ قال الرجل: نعم. فقال: إن قتلت ظبيا فما علي؟ قال: شاة قال علي: هديا بالغ الكعبة؟ قال الرجل: نعم فقال علي: قد سماه الله بالغ الكعبة كما تسمع.
و فيه،: أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني: أن عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب و ابن عباس و زيد بن ثابت و معاوية قضوا فيما كان من هدي مما يقتل المحرم من صيد فيه جزاء نظر إلى قيمة ذلك فأطعم به المساكين.
و فيه،: أخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم قال: ما لفظه ميتا فهو طعامه.
أقول: و روي ما في معناه عن بعض الصحابة أيضا لكن المروي من طرق أهل البيت عنهم (عليهم السلام) خلافه كما تقدم.
و في تفسير العياشي، عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس" قال جعل الله لدينهم و معايشهم.
أقول: و قد تقدم توضيح معنى الرواية.
5 سورة المائدة - 100
قُل لا يَستَوِى الْخَبِيث وَ الطيِّب وَ لَوْ أَعْجَبَك كَثرَةُ الْخَبِيثِ فَاتّقُوا اللّهَ يَأُولى الأَلْبَبِ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
بيان
الآية كأنها مستقلة مفردة لعدم ظهور اتصالها بما قبلها و ارتباط ما بعدها بها فلا حاجة إلى التمحل في بيان اتصالها بما قبلها، و إنما تشتمل على مثل كلي ضربه الله سبحانه لبيان خاصة يختص بها الدين الحق من بين سائر الأديان و السير العامة الدائرة، و هي أن الاعتبار بالحق و إن كان قليلا أهله و شاردة فئته، و الركون إلى الخير و السعادة و إن أعرض عنه الأكثرون و نسيه الأقوون فإن الحق لا يعتمد في نواميسه إلا على العقل السليم، و حاشا العقل السليم أن يهدي إلا إلى صلاح المجتمع الإنساني فيما يشد أزره من أحكام الحياة و سبل المعيشة الطيبة سواء وافق أهواء الأكثرين أو خالف، و كثيرا ما يخالف فهو ذا النظام الكوني و هو محتد الآراء الحقة لا يتبع شيئا من أهوائهم، و لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض.
قوله تعالى: "قل لا يستوي الخبيث و الطيب و لو أعجبك كثرة الخبيث" كان المراد بعدم استواء الخبيث و الطيب أن الطيب خير من الخبيث، و هو أمر بين فيكون الكلام مسوقا للكناية، و ذلك أن الطيب بحسب طبعه و بقضاء من الفطرة أعلى درجة و أسمى منزلة من الخبيث فلو فرض انعكاس الأمر و صيرورة الخبيث خيرا من الطيب لعارض يعرضه كان من الواجب أن يتدرج الخبيث في الرقي و الصعود حتى يصل إلى حد يحاذي الطيب في منزلته و يساويه ثم يتجاوزه فيفوقه فإذا نفي استواء الخبيث و الطيب كان ذلك أبلغ في نفي خيرية الخبيث من الطيب.
و من هنا يظهر وجه تقديم الخبيث على الطيب، فإن الكلام مسوق لبيان أن كثرة الخبيث لا تصيره خيرا من الطيب، و إنما يكون ذلك بارتفاع الخبيث من حضيض الرداءة و الخسة إلى أوج الكرامة و العزة حتى يساوي الطيب في مكانته ثم يعلو عليه و لو قيل: لا يستوي الطيب و الخبيث كانت العناية الكلامية متعلقة ببيان أن الطيب لا يكون أردى و أخس من الخبيث، و كان من الواجب حينئذ أن يذكر بعده أمر قلة الطيب مكان كثرة الخبيث فافهم ذلك.
و الطيب و الخباثة على ما لهما من المعنى وصفان حقيقيان لأشياء حقيقية خارجية كالطعام الطيب أو الخبيث و الأرض الطيبة أو الخبيثة قال تعالى: "و البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه و الذي خبث لا يخرج إلا نكدا": "الأعراف: 58"، و قال تعالى: "و الطيبات من الرزق": "الأعراف: 32"، و إن أطلق الطيب و الخباثة أحيانا على شيء من الصفات الوضعية الاعتبارية كالحكم الطيب أو الخبيث و الخلق الطيب أو الخبيث فإنما ذلك بنوع من العناية.
هذا و لكن تفريع قوله: "فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون" على قوله: "لا يستوي الخبيث و الطيب، إلخ" و التقوى من قبيل الأفعال أو التروك، و طيبها و خباثتها عنائية مجازية، و إرسال الكلام أعني قوله: "لا يستوي، إلخ" إرسال المسلمات أقوى شاهد على أن المراد بالطيب و الخباثة إنما هو الخارجي الحقيقي منهما فيكون الحجة ناجحة، و لو كان المراد هو الطيب و الخبيث من الأعمال و السير لم يتضح ذاك الاتضاح فكل طائفة ترى أن طريقتها هي الطريقة الطيبة، و ما يخالف أهواءها و يعارض مشيئتها هو الخبيث.
فالقول مبني على معنى آخر بينه الله سبحانه في مواضع من كلامه، و هو أن الدين مبني على الفطرة و الخلقة، و أن ما يدعو إليه الدين هو الطيب من الحياة، و ما ينهى عنه هو الخبيث، و أن الله لم يحل إلا الطيبات و لم يحرم إلا الخبائث قال تعالى: "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم": "الروم: 30"، و قال: "و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث": "الأعراف: 175".
و قال: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق": "الأعراف: 32".
فقد تحصل أن الكلام أعني قوله: "لا يستوي الخبيث و الطيب و لو أعجبك كثرة الخبيث"، مثل مضروب لبيان أن قواعد الدين ركبت على صفات تكوينية في الأشياء من طيب أو خباثة مؤثرة في سبيل السعادة و الشقاوة الإنسانيتين، و لا يؤثر فيها قلة و لا كثرة فالطيب طيب و إن كان قليلا، و الخبيث خبيث و إن كان كثيرا.
فمن الواجب على كل ذي لب يميز الخبيث من الطيب، و يقضي بأن الطيب خير من الخبيث، و أن من الواجب على الإنسان أن يجتهد في إسعاد حياته، و يختار الخير على الشر أن يتقي الله ربه بسلوك سبيله، و لا يغتر بانكباب الكثيرين من الناس على خبائث الأعمال و مهلكات الأخلاق و الأحوال، و لا يصرفه الأهواء عن اتباع الحق بتولية أو تهويل لعله يفلح بركوب السعادة الإنسانية.
قوله تعالى: "فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون" تفريع على المثل المضروب في صدر الآية، و محصل المعنى أن التقوى لما كان متعلقه الشرائع الإلهية التي تبتني هي أيضا على طيبات و خبائث تكوينية في رعاية أمرها سعادة الإنسان و فلاحه على ما لا يرتاب في ذلك ذو لب و عقل فيجب عليكم يا أولي الألباب أن تتقوا الله بالعمل بشرائعه لعلكم تفلحون.
5 سورة المائدة - 101 - 102
يَأَيهَا الّذِينَ ءَامَنُوا لا تَسئَلُوا عَنْ أَشيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسؤْكُمْ وَ إِن تَسئَلُوا عَنهَا حِينَ يُنزّلُ الْقُرْءَانُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنهَا وَ اللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكمْ ثُمّ أَصبَحُوا بهَا كَفِرِينَ (102)
بيان
الآيتان غير ظاهرتي الارتباط بما قبلهما، و مضمونهما غني عن الاتصال بشيء من الكلام يبين منهما ما لا تستقلان بإفادته فلا حاجة إلى ما تجشمه جمع من المفسرين في توجيه اتصالهما تارة بما قبلهما، و أخرى بأول السورة، و ثالثة بالغرض من السورة فالصفح عن ذلك كله أولى.
قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" الآية الإبداء الإظهار، و ساءه كذا خلاف سره.
و الآية تنهى المؤمنين عن أن يسألوا عن أشياء إن تبد لهم تسؤهم، و قد سكتت أولا عن المسئول من هو؟ غير أن قوله بعد: "و إن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم"، و كذا قوله في الآية التالية: "قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين" يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مقصود بالسؤال مسئول بمعنى أن الآية سيقت للنهي عن سؤال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أشياء من شأنها كيت و كيت، و إن كانت العلة المستفادة من الآية الموجبة للنهي تفيد شمول النهي لغير مورد الغرض و هو أن يسأل الإنسان و يفحص عن كل ما عفاه العفو الإلهي، و ضرب دون الاطلاع عليه بالأسباب العادية و الطرق المألوفة سترا فإن في الاطلاع على حقيقة مثل هذه الأمور مظنة الهلاك و الشقاء كمن تفحص عن يوم وفاته أو سبب هلاكه أو عمر أحبته و أعزته أو زوال ملكه و عزته، و ربما كان ما يطلع عليه هو السبب الذي يخترمه بالفناء أو يهدده بالشقاء.
فنظام الحياة الذي نظمه الله سبحانه و وضعه جاريا في الكون فأبدا أشياء و حجب أشياء لم يظهر ما أظهره إلا لحكمة، و لم يخف ما أخفاه إلا لحكمة أي إن التسبب إلى خفاء ما ظهر منها و التوسل إلى ظهور ما خفي منها يورث اختلال النظام المبسوط على الكون كالحياة الإنسانية المبنية على نظام بدني مؤلف من قوى و أعضاء و أركان لو نقص واحد منها أو زيد شيء
|