(الصفحة41)
فمن اطلاق الادلة المتقدمة الدالة على المشروعية للصبى يستفاد انه لا فرق بين صورة وجود الاذن و صورة عدمه اصلا فلا وجه لهذا الدليل.
ثانيهما: استتباع الحج للمال و من المعلوم ان جواز تصرف الصبى في المال مشروط باذن الولى و قد مثل في العروة للمال بالهدى و الكفارة و لاجله اورد على هذا الدليل بانه يمكن ان يقال او لا بعدم ثبوت الكفارات عليه لان عمد الصبى و خطأه واحد و اتيانه ببعض محرمات الاحرام لا يوجب الكفارات و سيأتى البحث فيه انشاء اللّه تعالى و ثانيا بانه لو سلم ثبوت الكفارة فان امكن الاستيذان من الولى فهو و الا فيدخل في العاجز و مجرد ذلك لا يوجب سقوط الحج و توقفه على اذن الولى بل يمكن الالتزام بانه يأتى بالكفارة بعد البلوغ و هكذا ثمن الهدى ان امكن الاستيذان من الولى فهو و الا فيكون عاجزا عن الهدى.
و لكن الظاهر ان المراد به هو مصارف الحج المتوقف عليها الحج نوعا لاستلزامه السفر و غيره فيكون المراد ان استتباع الحج له يوجب توقفه على الاذن.
و لكنه يرد عليه ـ مضافا الى امكان ان يتحقق البذل من اخيه ـ مثلا ـ او من غيره بحيث لا يكون الحج له مستلزما لصرف شىء من اموال نفسه اصلا ـ انه لو سلم استلزامه لصرف مال نفسه مطلقا نقول ان في مقابل ما يدل على اعتبار اذن الولى في التصرفات المالية الصادرة من الصغير الادلة الدالة على استحباب الحج و مشروعيته بالاضافة اليه غاية الامر انك عرفت ان في هذا المجال طائفة تدل بعمومها او اطلاقها على الاستحباب للصبى و طائفة تدل على خصوص الاستحباب للصبى اما الطائفة الاولى فالنسبة بينها و بين ادلة اعتبار الاذن في التصرف المالى عموم و خصوص من وجه لثبوت مادتى الافتراق و مادة الاجتماع اما الاولتان فهما حج غير الصبى و التصرف المالى في غير الحج و اما الثانية فحج الصبى و لا مرجح لدليل اعتبار الأذن بل يقع التساقط و يرجع الى اصالة عدم الاعتبار لو لم نقل بان موافقة المشهور مرجحة لدليل
(الصفحة42)
مسئلة 1 ـ يستحب للولى ان يحرم بالصبى غير المميز فيجعله محرما و يلبسه ثوبى الاحرام و ينوى عنه و يلقنه التلبية ان امكن و الا يلمى عنه و يجنبه عن محرمات الاحرام و يأمره بكل من افعاله و ان لم يتمكن شيئا منها ينوب عنه، و يطوف به و يسعى به و يقف به في عرفات و مشعر و منى، و يامره بالرمى و لو لم يتمكن يرمى عنه و يأمره بالوضوء و صلوة الطواف و ان لم يقدر يصلى عنه، و ان كان الاحوط اتيان الطفل صورة الوضوء و الصلوة ايضا و احوط منه توضؤه لو لم يتمكن من اتيان صورته1.
اعتبار الاذن.
و اما الطائفة الثانية فعلى تقدير تماميتها و الاغماض عن المناقشة المتقدمة فاللازم الالتزام بكونها مخصصة لدليل اعتبار الاذن و الا تلزم اللغوية كما لا يخفى و لكن مورد هذه الطائفة صورة وجود اذن الولى كما هو ظاهر روايات هذه الطائفة هذا و الذى يسهل الخطب انه لا معارضة بين الطائفتين و بين ادلة اعتبار الاذن بوجه فان مفادهما ثبوت الاستحباب و المشروعية و صحة العمل من الصبى و مفادها اعتبار الاذن في جواز التصرف المالى و لا منافاة بين الامرين فانه يقال بان جواز تصرفه يتوقف على الاذن و لكن حجه لا يكون مشروطا به و الكلام انما هو في الحج لا في المال فلو لم يستئذن من الولى و صرف مقدارا كثيرا من ماله فذلك لا يضر بحجه الذى لم يقم دليل على كونه مشروطا بالاذن فالاقوى ـ ح ـ ما عليه المتن نعم لو قلنا بانه لا يجوز للولى الاذن للصبى في مثل الحج لعدم كونه مصلحة مالية و غبطة دنيوية و دائرة الاذن محدودة بالتصرف الذى كان كذلك و قلنا باستلزام الحج للتصرف المالى و لو غالبا لكان مقتضى ادلة استحباب الحج للصبى سقوط اعتبار الاذن لئلا تلزم اللغوية و لكن الظاهر عدم كون دائرة الاذن محدودة بذلك بحيث لا يجوز له الاذن في التصدق بماله و لو يسيرا و عليه فلا منافاة بين الدليلين بوجه.
1 ـ فى هذه المسئلة جهات من البحث:
(الصفحة43)
الاولى: اصل ثبوت الاستحباب للولى في ان يحج بالصبى غير المميز و يدل عليه ـ مضافا الى انه المشهور بين الاصحاب بل ادعى في الجواهر انه يمكن تحصيل الاجماع ـ روايات متعددة:
منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) في حديث قال: قلت له ان معنا صبيا مولودا فكيف نصنع به؟فقال: مرامّه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها، فاتتها فسئلتها كيف تصنع فقالت إذا كان يوم التروية فاحرموا عنه و جردوه و غسلوه كما يجرد المحرم وقفوا به المواقف، فاذا كان يوم النحر فارموا عنه و احلقوا رأسه ثم زوروا به البيت و مرى الجارية ان تطوف به بالبيت و بين الصفا و المروة(1) و حميدة زوجة الامام الصادق و امّ موسى بن جعفر عليهم السّلام و كانت تقية صالحة عالمة.
و منها: صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال: انظروا من كان معكم من الصبيان فقد موه الى الجحفة او الى بطن مرو يصنع بهم ما يصنع بالمحرم، يطاف بهم و يرمى عنهم و من لا يجد الهدى منهم فليصم عنه وليه.(2)
و منها: صحيحة زرارة عن احدهما عليهما السّلام قال إذا حج الرجل بابنه و هو صغير فانه يأمره ان يلبى و يفرض الحج فان لم يحسن ان يلبّى لبّوا عنه و يطاف به و يصلى عنه قلت ليس لهم ما يذبحون قال يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقى عليهم ما يتقى على المحرم من الثياب و الطيب و ان قتل صيدا فعلى ابيه.(3)
و منها: غير ذلك من الروايات الدالة عليه.
ثم ان ظاهر هذه الروايات كالفتاوى اطلاق الحكم في الصبى غير المميز و انه
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 1
2 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 3
3 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 5
(الصفحة44)
لا يكون له حد فالطفل الذى ولد من يومه يجرى في وليّه هذا الحكم و لكن هنا رواية واحدة ظاهرة في التحديد و هى رواية محمد بن الفضيل قال سئلت ابا جعفر الثانى (عليه السلام)عن الصبى متى يحرم به؟قال: إذا اثغر.(1) و قوله: إذا اثغر يمكن ان يكون من باب الافعال و يكون معناه ـ ح ـ كثرة ثغر الصبى و الثغر ما تقدم من الاسنان و يمكن ان يكون من باب الافتعال و عليه فاصله: اثتغر قلبت التاء ثاء فصار اثغر بالتشديد و هذا هو الذى قاله ابن فارس في كتاب مقاييس اللغة الذى هو من اصول كتب اللغة و قد فسره بمن القى اسنانه و لكن في كتاب القصاص قد فسر المثغر في مسئلة ما لو كانت المقلوعة سن مثغر بمن سقطت اسنانه الرواضع التى من شأنها السقوط و نبت مكانها الاسنان الاصلية.
و على كلا التقديرين فمقتضى ورود الرواية في مقام التحديد و ظهورها في مفروغية ثبوت الحد عند السائل و التقرير له في الجواب ببيان الحدان تكون الرواية مخالفة للروايات المتقدمة و لا مجال لدعوى عدم المعارضة و لو بالاطلاق و التقييد لكونهما مثبتين و ذلك لاجل اقتضاء مقام التحديد لذلك غاية الامر ان ما دل من الروايات المتقدمة بالاطلاق تكون قابلة للتقييد بهذه الرواية و اما مثل صحيحة ابن الحجاج الذى ورد في سؤالها ان معنا صبيا مولودا لا تجتمع مع هذه الرواية بوجه سواء كانت من باب الافعال او من باب الافتعال لان الصبى مع وصف كونه مولودا يكون المتفاهم منه عند العرف هو الصبى الذى يكون قريب العهد بالولادة و لم يمض من ولادته الازمان قليل مع ان الاثغار لا يتحقق الا بمضى اشهر كثيرة و الاثتغار يتوقف على سنين متعددة بل في القاموس ان الصبى من لم يفطم بعد و ان كان الاطلاق في نفس هذه الرواية يكون على خلافه و عليه فتقع المعارضة بينها و بين هذه الرواية
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشرح ـ 8
(الصفحة45)
و الترجيح مع الصحيحة لموافقة المشهور.
الجهة الثانية في انه هل يختص الحكم بالصبى او يشمل الصبية ايضا و قد استشكل فيها صاحب المستند و الظاهر ان منشأ الاشكال لزوم الاقتصار في الحكم المخالف للاصل على القدر المتيقن فان استحباب الاحجاج حكم مخالف للقاعدة لا يكون معهودا في شىء من العبادات الاخرى فان موضوع الاختلاف في شرعية عبادات الصبى و تمرينيتها هو الصبى المميز و اما الصبى غير المميز فلا بحث في عدم شرعية الصورة الحاصلة منه و لا في عدم استحباب حمله عليها للولى.
و اما كونه القدر المتيقن فلدلالة الروايات المتقدمة على حكم الابن او الصبى او الصبيان الذى هو جمع الصبى فلا يظهر منها حكم الصبية بوجه.
و ربما يقال بدلالة موثقة يعقوب على حكم الصبية قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) ان معى صبية صغارا و انا اخاف عليهم البرد فمن اين يحرمون؟قال ايت بهم العرج فليحرموا منها فانك إذا اتيت بهم العرج وقعت في تهامة ثم قال فان خفت عليهم فايت بهم الجحفة(1) بناء على كون «يحرمون» و كذا قوله «فليحرموا» بصيغة المبنى للمفعول لينطبق على الصبى غير المميز.
وجه الدلالة ان الصبية و ان كانت جمعا للصبى و جمع الصبية الصبايا الا ان المتفاهم العرفى من الصبية الصغار من الا و لا داعم من الذكر و الانثى.
اقول لم يظهر وجه خصوصية هذه الرواية بعد ما كان المذكور فيها هى الصبية التى تكون جمعا للصبى.
و الظاهر ان مورد الروايات و ان كان هو الصبى او الابن او مثلهما الا ان العرف لا يرى له خصوصية بل يستفيد من نفسها شمول الحكم للصبية ايضا و هذا كعنوان «الرجل» المأخوذ في ادلة شكوك الصلوة الذى تكون خصوصيته ملغاة بنظر
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 7
(الصفحة46)
العرف فالانصاف عدم اختصاص الحكم بالذكور.
الجهة الثانية في كيفية احجاجه فنقول: امانية الاحرام فهى شأن الولى لفرض كونه صبيا غير مميز و هو لا يقدر على النية بوجه غاية الامر ان الولى ينوى احرام الصبى بحيث يصير الصبى محرما و يدل عليه ظهور الروايات المتقدمة في ذلك و ان وقع في صحيحة ابن الحجاج التعبير بقولها: فاحرموا عنه لكن الظاهر انه ليس المراد هو احرام الولى عن الصبى كالاحرام المتحقق من النائب بقرينة قولها: و جردوه و غسلوه و غيرهما فالمراد هو الاحرام به و لذا لا بد له من مراعاة ان لا يتحقق من الصبى ما يحرم على المحرم البالغ من محرمات الاحرام كما قد صرح به في صحيحة زرارة المتقدمة حيث قال و يتقى عليهم ما يتقى على المحرم من الثياب و الطيب و من المعلوم ان ذكرهما انما هو من باب المثال لا لاجل خصوصية فيهما.
ثم انه لا يبعد ان يقال بانه كما يستحب التلفظ بالنية في اعمال حج نفسه كذلك يستحب التلفظ بها في احرام الصبى كما قاله صاحب الجواهر و تبعه السيد في العروة فيقول: اللهم انى احرمت هذا الصبى....
و يلبسه ثوبى الاحرام كما ورد في بعض الروايات و يأمره بالتلبية اى يلقنه اياها ان احسنها و ان لم يحسنها فيلبى عنه كما وقع التعرض لكلا الفرضين في رواية زرارة على ما عرفت في معناها.
و اما الطواف فحيث انه يكون مشروطا في البالغ و من بحكمه بالطهارة وقع البحث فى انه هل يجب التوضؤ هنا ام لا و على التقدير الاول فاللازم هو وضوء الولى او الصبى بمعنى اتيانه بصورة الوضوء و على تقدير عدم التمكن توضؤه او كليهما وجوه بل اقوال متعددة: قال في محكى التذكرة: «و عليه ان يتوضأ للطواف و يوضأه فان كانا غير
(الصفحة47)
متوضأين لم يجز الطواف، و ان كان الصبى متطهرا و الولى محدثا لم يجزه ايضا لان الطواف بمعونة الولى يصح و الطواف لا يصح الا بطهارة و ان كان الولى متطهرا و الصبى محدثا فللشافعية قولان احدهما لا يجزى...» و ذكر في الجواهر بعد نقل هذه العبارة: قلت لا ريب في ان الاحوط طهارتهما معا لانه المتيقن من هذا الحكم المخالف للاصل و ان كان يقوى في النظر الاكتفاء بطهارة الولى كما يؤمى اليه ما في خبر زرارة من الاجتزاء بالصلوة عنه.
اقول: مسئلة الصلوة لا تقاس بالطواف بعد كون التعبير في الرواية المذكورة يطاف به و يصلى عنه و الوجه في الفرق هو امكان الطواف بالصبى غير المميز مطلقا سواء كان بالحمل او بالتعليم و اما الصلوة فلا تجرى فيه ذلك لانه لا يمكن حمل الصبى في السنة الاولى من ولادته ـ مثلا ـ على الصلوة فاعتبار الطهارة فيها باعتبار كون الولى هو المصلى و اما الطواف فالطائف هو الطفل و ان كان بمعونة الولى.
هذا و يظهر من كشف اللثام ان اعتبار طهارة الولى كانه لا اشكال فيه و انما الاشكال فى اعتبار طهارة الصبى حيث قال: «و على من طاف به الطهارة كما قطع به في التذكرة و الدروس و هل يجب ايقاع صورتها بالطفل او المجنون وجهان كما في الدروس و ظاهر التذكرة من انها ليست طهارة مع الاصل و من انه طوافه لانه طواف بالمحمول».
و قال بعض الاعلام في شرح العروة ما خلاصته: انه ان تمكن الطفل من الوضوء و لو بتعليم الولى اياه فهو و ان لم يكن الطفل قابلا للوضوء فلا دليل على وضوئه و ما ورد من احجاج الصبى انما هو بالنسبة الى افعال الحج كالطواف و السعى و اما الامور الخارجية التى اعتبرت في الطواف فلا دليل على اتيانها صورة فان الادلة منصرفة عن ذلك كما انه لا دليل على ان الولى يتوضأ عنه فيما إذا لم يكن الطفل قابلا للوضوء فان الوضوء من شرائط الطائف لا الطواف و المفروض ان الولى غير طائف و انما يطوف بالصبى فالصحيح انه لا يعتبر الوضوء اصلا.
(الصفحة48)
اقول لو فرض ان الادلة منصرفة عن الامور الخارجية المعتبرة في الطواف فلا دليل على لزوم الوضوء و ان تمكن الطفل منه و لو بتعليم الولى كما لا يخفى.
و الظاهر انه لا مجال لدعوى الانصراف بل المستفاد من الادلة بعنوان الضابطة ان كل ما يتمكن الصبى من الاتيان به فاللازم ان يأتى به بنفسه و لو بتعليم الولى اياه من دون فرق بين الافعال و بين المقدمات و لكن تسلم لزوم طهارة الولى على ما في التذكرة و كشف اللثام يوجب التزلزل في الاقتصار على طهارة الصبى و ان كان الدليل المذكور في التذكرة غير صالح للاستدلال به فان مجرد توقف صحة طواف الصبى على معونة الولى لا يقتضى اعتبار طهارة الولى بوجه بعد عدم كونه متصفا بانه طائف و قد عرفت الفرق بين الطواف و بين الصلوة كما في الرواية فالاحوط الجمع بين الطهارتين وضوء الصبى او توضأه و وضوء الولى.
ثم انه لم يعلم ان الوجه في عدم التعرض للطهارة في الطواف و تعرضه لها بالاضافة الى الصلوة كما في المتن هل هو لعدم اعتبار الطهارة عنده في الطواف بوجه كما عرفته من بعض الاعلام او يكون الطواف بنظره مثل الصلوه لا يبعد ان يكون الوجه هو الثانى.
كما ان الظاهر بملاحظة تحقق نية الاحرام من الولى ان نية الطواف ايضا وظيفته لانه لا يمكن ان تحقق من الطفل بعد كونه غير مميز كما هو المفروض.
ثم ان ظاهر جملة من الروايات المتقدمة هو رمى الولى عنهم و معناه ان هذا العمل خارج عن دائرة قدرة الصبى غير المميز فياتى به الولى و لكن في محكى القواعد و المبسوط انه يستحب له ترك الحصى في يد غير المميز ثم يرمى الولى اى بعد اخذها من يده و في محكى المنتهى: «و ان وضعها في يد الصغير و يرمى بها فجعل يده كالالة كان حسنا» و سيأتى البحث في هذه الجهة في مباحث الرمى انشاء اللّه تعالى
(الصفحة49)
مسئلة 2 ـ لا يلزم ان يكون الولى محرما في الاحرام بالصبى بل يجوز ذلك و ان كان محلا1.
مسئلة 3 ـ الاحوط ان يقتصر في الاحرام بغير المميز على الولى الشرعى من الاب و الجد و الوصى لاحدهما و الحاكم و امينه او الوكيل منهم، و الام و ان لم تكن وليا، و الاسراء الى غير الولى الشرعى ممن يتولى امر الصبى و يتكفله مشكل و ان لا يخلو من قرب2 .
1 ـ وجه عدم اللزوم انه و ان كان المفروض في بعض الروايات المتقدمة كصحيحة زرارة الواردة فيما إذا حج الرجل بابنه الصغير صورة حج الولى ايضا الا ان الظاهر اطلاق البعض الاخر و شموله لما إذا لم يرد الولى الحج اصلا فالحكم عام لكلا الفرضين.
2 ـ القدر المتيقن من ثبوت الحكم الاستحبابى بالاضافة الى الاحجاج هو الولى الشرعى الشامل للمذكورين في المتن و البحث في ثبوت الولاية لهم موكول الى محله.
و اما غير الولى الشرعى فان كان هو الام فالظاهر ثبوت هذه الولاية لها وفاقا للمبسوط و الخلاف و المعتبر و المنتهى و التحرير و المختلف و الدروس بل في المدارك نسبه الى الاكثر و ان نسبه في الشرايع الى القول مشعرا بتضعيفه او الترديد فيه و يدل عليه ـ مضافا الى اشعار صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المشتملة على امر الامام (عليه السلام) بان تلقى ام المولود حميدة و تسئل عنها كيف تصنع بصبيانها بذلك بل دلالتها عليه ـ صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال: سمعته يقول مر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) برويثة و هو حاج فقامت اليه امرأة و معها صبى لها فقالت يا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ايحج عن مثل هذا قال: نعم و لك اجره(1)فان السؤال و ان كان لا دلالة
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب العشرون ح ـ 1
(الصفحة50)
له في نفسه على تصدى الام للاحجاج لاجتماعه مع احجاج الاب فان محط نظر السائلة ان كون الصبى غير مميز يناسب مع الحج عنه ـ الذى يكون المراد هو الحج به و ليس المراد هو النيابة في الحج عن الصبى ـ ام لا الا ان قوله (صلى الله عليه وآله) في الجواب: و لك اجره ظاهر فى تصدى الام للاحجاج و ثبوت الاجر لها فلا مجال للاشكال في الام بوجه و دعوى ان ثبوت الاجر لها اعم من احجاجها اياه مدفوعة بكونه خلاف الظاهر جدا.
و اما غير الام فربما يقال ـ كما قاله بعض الاعلام ـ بانه يجوز لكل احد ان يحرم بالصبى لانه لا دليل على حرمة التصرف بالصبى ما لم يستلزم التصرف تصرفا ماليا و الذى يحتاج الى اذن الولى ما إذا رجع التصرف بالصبى الى التصرف في امواله و اما إذا لم يرجع اليه فلا دليل على توقف جوازه على اذن الولى و عليه يجوز احجاج الصبى لكل من يتولى امر الصبى و يتكفله و ان لم يكن وليا شرعيا بل كان من الاجانب و الظاهر انه ليس البحث فى الجواز من جهة كونه تصرفا في الصبى حتى يتكلم بمثل ما ذكر بل البحث انما هو في ثبوت الاستحباب المستفاد من الادلة المتقدمة و انه هل يختص بالولى او يعم غيره ايضا و هذا لا يرتبط بالجواز من جهة كونه تصرفا في الصبى بوجه بل اللازم ملاحظة تلك الادلة و ربما يقال بدلالة صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة على ذلك نظرا الى قوله (عليه السلام) انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه الى الجحفة...(1) فان من كان معهم من الصبيان عام يشمل صبى نفسه و صبى غيره و لكن الظاهر انه لا مجال لاستفادة العموم منه فانه حيث يكون المراد هو الصبيان غير المميزين و من المعلوم ان مثلهم يكونون مع اوليائهم لان استصحاب صبى الغير مع فرض كونه غير مميز خلاف المتعارف خصوصا في سفر الحج فلا دلالة للرواية على تصدى غير الولى للتقديم الى الجحفة كما لا يخفى.
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 3
(الصفحة51)
مسئلة 4 ـ النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولى لا من مال الصبى الا إذا كان حفظه موقوفا على السفر به فمؤنة اصل السفر ـ ح ـ على الطفل لا مؤنة الحج به لو كانت زائدة1.
و ربما يتوهم دلالة صحيحة زرارة المتقدمة ايضا على ذلك نظرا الى قوله (عليه السلام): و ان لم يحسن ان يلبّى لبّوا عنه.(1) فان الاتيان بصيغة الجمع مع كون المفروض في المورد حج الرجل بابنه و هو صغير لا يناسب الا مع جواز تلبية غير الولى من الحجاج المتعددين لانه لا معنى للزوم تلبية الجميع و بعبارة اخرى المفروض في الرواية بلحاظ هذا التعبير تعدد الحاج فاضافة التلبية الى الجميع لا يكاد يصح الا مع صحة تلبية غير الولى كما لا يخفى.
و فيه ان ذيل الرواية قرينة على كون التعدد المفروض في الرواية تعدد الاولياء و الصغار فكما ان الجمع ثابت في ناحية الاولياء كذلك متحقق في ناحية الصغار و ذلك قوله (عليه السلام) يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقى عليهم ما يتقى على المحرم...فلا دلالة للرواية على تلبية غير الولى بل كل ولى يتصدى لتلبية صغيره و لاجله يصح التعبير بقوله: لبّوا عنه و الجمع بين هذا التعبير و بين كون المفروض في اول الرواية هو حج الرجل بابنه هو حمله على كون المراد به هو الجنس القابل لارادة الجمع منه فتدبر جيدا.
1 ـ حيث ان احجاج الصبى عمل يصدر من الولى بعنوان الاستحباب و ما يترتب عليه من الثواب انما يكون عائدا الى الولى لا الى الصبى و عليه فاذا كان الاحجاج متوقفا على السفر المستلزم لثبوت النفقة زائدة على الحضر فلا وجه لثبوتها في مال الصبى بوجه بعد عدم كونها غبطة له دنيوية و لا مصلحة له اخروية اصلا و ان كان مجرد المصلحة الاخروية ايضا غير كاف ظاهرا فان التصدق بمال الطفل لا يجوز و ان كان له.
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 5
(الصفحة52)
مسئلة 5 ـ الهدى على الولى، و كذا كفارة الصيد و كذا سائر الكفارات على الاحوط 1. و في بعض النسخ: على الاقوى.
نعم في مسئلة الاحجاج إذا كان حفظه موقوفا على السفر به فمؤنة السفر على الصبى و في ماله و كذلك إذا كان السفر مصلحة له نعم في هذه الصورة ايضا لا تكون مؤنة الاحجاج في ماله كشراء ثوبى الاحرام له و امثاله لعدم ارتباطه بما يتعلق بالصبى من الحفظ و المصلحة كما لا يخفى.و قد استدل عليه في الجواهر بانه اولى من فداء الصيد الذى نص عليه في خبر زرارة قال: فما عن الشافعى في احد الوجهين من الوجوب في مال الصبى كاجرة المعلم واضح الضعف خصوصا بعد وضوح الفرق بان التعلم في الصغر يغنيه عنه في الكبر و لوفاته لم يدركه بخلاف الحج و العمرة.
1 ـ البحث في هذه المسئلة يقع في مقامات:
المقام الاول في الهدى قال في الجواهر: و كانه لا خلاف بينهم في وجوبه على الولى.
و الدليل على وجوبه على الولى ما عرفت من ان الاحجاج عمل يصدر من الولى بعنوان الاستحباب فما يتعلق به من النفقة يكون مرتبطا بالولى و لا وجه للثبوت في مال الصبى بعد عدم عود نفع اليه بوجه و الاولوية بالاضافة الى كفارة الصيد المذكورة في المسئلة السابقة جارية هنا ايضا فانه إذا كانت الكفارة في قتل الصيد الذى هو عمل اختيارى للصغير ثابتة على الولى فالهدى بطريق اولى كما لا يخفى.
و قد استدل على عدم ثبوته في مال الصبى ـ مضافا الى ما ذكر ـ بروايات: منها صحيحة زرارة المتقدمة المشتملة على قوله: قلت: ليس لهم ما يذبحون قال: يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقى عليهم ما يتقى على المحرم...(1)
قال في «المستمسك» فى مقام الاشكال على الاستدلال بالرواية: و اما صحيح
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 5
(الصفحة53)
زرارة فالامر فيه بالذبح عنهم انما كان بعد قول السائل: ليس لهم ما يذبحون فلا يدل على الحكم في صورة تمكن الطفل منه بل لعله ظاهر في الذبح من مال الصبى مع التمكن منه بل لا يبعد ظهوره في ذلك من جهة التقرير.
اقول: الظاهر ابتناء كلامه على كون مرجع الضمير في قول السائل: «هم» الحجاج صغارهم و كبارهم على ما عرفت من كون المفروض في الرواية التعدد بالاضافة الى كليهما فانه ـ ح ـ يستظهر منه انه مع تمكن الصبى لا بد و ان يتحقق الذبح من ماله مع ان الظاهر ان مرجع الضمير خصوص الكبار بقرينة قوله (عليه السلام) قبله و ان لم يحسن ان يلبّى لبّوا عنه و عليه فمراد السائل عدم تمكن الحجاج الكبار من الذبح للجميع الكبار و الصغار فالحكم بلزوم الذبح عن الصغار ظاهر ـ ح ـ في الثبوت على الولى كما هو واضح.
و منها موثقة اسحق بن عمار قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن غلمان لنا دخلوا معنا مكة بعمرة و خرجوا معنا الى عرفات بغير احرام قال: قل لهم: يغتسلون ثم يحرمون و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن انفسكم.(1)
و ظاهر الاكثر تمامية الاستدلال بهذه الرواية للمقام مع ان الظاهر عدم ارتباطها بما نحن فيه بوجه لان كلامنا انما هو في الصبى غير المميز الذى يريد الولى الاحجاج به بالكيفية التى عرفت و مورد هذه الرواية الصبيان المميزون الذين يتصدون للحج بانفسهم و الدليل عليه قوله: يغتسلون ثم يحرمون و لا مجال لقرائتهما مبنية للمفعول بعد قوله: قل لهم كما هو ظاهر و عليه فالمتصدى للاغتسال و الاحرام انما هو نفس الصبى و لا محالة يكون مميزا.
ان قلت ان ذيل الرواية يدل على وجوب الذبح عنهم و ظاهره الثبوت في مال الاولياء فاذا كان الهدى ثابتا على الولى في الصبى المميز ففى الصبى غير المميز
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 2
(الصفحة54)
بطريق اولى.
قلت ـ مضافا الى انه لا وجه للثبوت على الولى في الصبى المميز خصوصا إذا قلنا بعدم اشتراط حجه باذن الولى ـ يكون المراد من الذيل ان الذبح حيث يكون امرا خاصا لا يتحقق من الكبير نوعا بالمباشرة و لذا تجرى فيه النيابة في حال الاختيار فلذا ينوب الكبار عن الصغار كما ينوب الكبار بعضهم عن بعض و لا دلالة للذيل على وجوب ان يشترى الولى من ماله دون مال الطفل كما هو ظاهر فهذه الرواية اجنبية عن المقام.
المقام الثانى في كفارة الصيد و المشهور بينهم ثبوته على الولى ايضا و المحكى عن التذكرة وجوبها في مال الصبى، و عن ابن ادريس انه لا تجب الكفارة اصلا لا على الولى و لا في مال الصبى.
و يدل على المشهور ذيل صحيحة زرارة المتقدمة و هو قوله (عليه السلام): و ان قتل صيدا فعلى ابيه.(1) فانه يستفاد منه ثبوت كفارة الصيد في مورد قتل الصبى الصيد اوّلا فيقابل قول ابن ادريس و ثبوتها على الاب ثانيا فيقابل ما حكى عن التذكرة و من الواضح انه لا خصوصية للاب بل المراد به هو مطلق الولى ابا كان او غيره و قد عرفت في معنى الرواية ان هذا الذيل قرينة على عدم كون المراد بقوله: لبّوا عنه هى تلبية غير الولى ايضا بل حيث كان المفروض في الرواية تعدد الاباء و الابناء وقع التعبير بالجمع بلحاظه فالمراد هو احجاج كل ولى صبيه و كل اب ابنه كما لا يخفى و كيف كان فالاشكال انما يرد على العلامة فانه مع ذهابه الى حجية خبر الواحد كيف افتى بخلافه مع كونه صحيحا قد استند اليه المشهور و افتوا على طبقه و لا يرد على ابن ادريس من ناحية هذه الرواية بل الاشكال عليه من جهة اخرى نجىء في المقام الثالث انشاء اللّه تعالى.
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 5
(الصفحة55)
و اما ما استند اليه العلامة في فتويه فهو ان ذلك اى الاتيان بما يوجب الكفارة من محرمات الاحرام من قبيل الاتلاف و الضمانات فكما ان اتلاف الصبى سبب لضمانه كذلك اتيانه بما يوجبها سبب لثبوت الكفارة و لا مانع من ثبوت الحكم الوضعى بالنسبة الى الصبى لاشتراكه مع البالغ في الاحكام الوضعية كما قد حقق في محله.
و يرد عليه ما اورد عليه صاحب الجواهر من انه اجتهاد في مقابل النص و اما مستنده فسيأتى البحث عنه في المقام الثالث.
المقام الثالث في سائر الكفارات و البحث فيه اولا من جهة اصل ثبوت الكفارة بالاضافة الى الصبى بعد اختصاص هذه الكفارات بصورة العمد.
و ثانيا من جهة انه بعد الثبوت هل يكون ثابتا على الولى او يكون في مال الصبى و في هذا المقام احتمالات بل اقوال فالمحكى عن العلامة في التحرير و المختلف و المنتهى عدم ثبوت الكفارة اصلا و المحكى عن الكافى و النهاية الثبوت على الولى و اختاره العلامة في محكى القواعد و اما الثبوت في مال الصبى فلم ينقل عن احد و لكن لازم ما اختاره العلامة في كفارة الصيد الثبوت في مال الصبى هنا ايضا.
و كيف كان فما استدل به على عدم ثبوت الكفارة امور بعد وضوح انه لا مجال لالغاء الخصوصية مما ورد في الصيد لثبوت الخصوصية له و عدم جواز قياس غيره به:
الاول ما ورد من ان عمد الصبى خطاء فان مقتضاه ان الفعل العمدى الصادر من الصبى يترتب عليه حكم الفعل الصادر خطاء فاذا فرض ان هذه الكفارات لا تثبت الا في صورة العمد فمقتضى ما ذكر عدم ترتب الكفارة على فعل الصبى و اتيانه شيئا من محرمات الاحرام كالتظليل العمدى و لبس المخيط كذلك و قد استحسن الاستدلال بهذا الامر الشيخ فيما حكى عنه و استند اليه الحلى فيما ذهب اليه.
(الصفحة56)
و اورد على الاستدلال به بان هذه الجملة اجنبية عن امثال المقام و انما تختص بباب الديات و الجنايات كما ذكره جماعة كثيرة و منهم السيدان صاحبا المدارك و العروة و ما قيل في وجه الاختصاص امور:
احدها ان هذه الجملة وردت في روايتين: الاولى صحيحة محمد بن مسلم عمد الصبى و خطائه واحد.(1) الثانية موثقة اسحق بن عمار: عمد الصبيان خطاء يحمل على العاقلة.(2) و الرواية الثانية قرينة على ان الرواية الاولى ايضا ناظرة الى باب الديات و الجنايات لاختصاص الحمل على العاقلة بذلك الباب.
ثانيها ان نفس الصحيحة ظاهرة في الاختصاص فان المستفاد منها ان موردها ما إذا كان للعمد حكم و للخطاء ايضا حكم خاص و المقصود من الرواية الحكم بالوحدة فيما إذا صدر من الصبى و لازمه طبعا ترتب حكم الخطاء على الفعل العمدى الصادر منه فالقتل العمدى منه لا يوجب القصاص بل تثبت فيه الدية و تكون على العاقلة كما في قتل الخطاء و اما إذا لم يكن للخطاء حكم كما فيما هو المفروض في المقام لعدم ثبوت الكفارة في صورة الخطاء فلا تشمله الرواية بوجه لعدم ثبوت سنخين من الحكم بل الثابت سنخ واحد فى خصوص صورة العمد.
ثالثها انصراف هذه الجملة عن مثل المقام من الكفارات و عدم شمولها له بنظر العرف.
رابعها قيام القرينة الخارجية على الاختصاص بباب الديات و هى ملاحظة ترتب الاثار على الافعال العمدية الصادرة من الصبى و على قصده و نيته فالافطار العمدى منه في الصوم يوجب البطلان و كذا الاتيان عمدا بما يوجب قطع الصلوة و بطلانها من القواطع التى تقتضى البطلان في خصوص حال العمد و نية ثمانية
1 ـ ئل ابواب العاقلة الباب الحاديعشر ح ـ 2
2 ـ ئل ابواب العاقلة الباب الحادى عشر ح ـ 3
(الصفحة57)
فراسخ من الصبى يترتب عليها القصر و لا مجال لدعوى كون نيته كلانية و كذلك قصد الاقامة و الموارد الاخرى فهذه الامور بمنزلة القرينة الخارجية التى توجب التصرف فى ظاهر هذه الجملة و تخصيصها بخصوص باب الديات و الجنايات كما لا يخفى و الظاهر عدم تمامية شىء من هذه الوجوه الا الوجه الاخير.
اما الوجه الاول فيرد عليه منع القرينية على تقدير تسليم كون الذيل قرينة على الاختصاص بالاضافة الى الصدر في نفس الموثقة فان قوله (عليه السلام): «يحمل على العاقلة «بيان لبعض موارد الضابطة الكلية الملقاة في الصدر و لا يوجب ذلك الاختصاص للضابطة بتلك الموارد و على تقدير اختصاص الموثقة بذلك لا دليل على كونها قرينة على اختصاص الصحيحة ايضا بذلك بعد عدم المنافاة بينهما بوجه.
و اما الوجه الثانى فغاية ما يستفاد من الصحيحة اختلاف العمد و الخطاء في الحكم سواء كان بسبب كون كل منهما موضوعا لحكم او بسبب ترتب الحكم على العمد فقط و لازمه عدم ثبوته في مورد الخطأ و مقتضى الحكم بوحدتهما عدم ترتب حكم العمد على عمد الصبى و لاجل ما ذكرنا يجرى الاستصحاب في عدم الحكم فانه ايضا مرتبط بالشارع و مضاف اليه فكأنه حكم بحكمين في المقام احدهما ثبوت الكفارة على العامد و ثانيهما عدم ثبوته على الخاطىء و لا وجه لاخراج مثل هذا المورد عن الرواية اصلا.
و اما الوجه الثالث فيرد عليه منع الانصراف بعد كون الروايات المذكورة مفيدة للضابطة العامة من دون فرق بين باب الديات و بين غيره اصلا.
و اما الوجه الرابع فقد عرفت تماميته و ان ملاحظة الامور الخارجية المتقدمة و ما يشابهها تقتضى عدم سعة دائرة هذه الضابطة و اختصاصها بباب الديات و الجنايات فتحصل من جميع ما ذكرنا عدم تمامية الاستدلال لعدم ثبوت الكفارة في المقام بمثل هذه الروايات.
(الصفحة58)
الامر الثانى دعوى انصراف ادلة ثبوت الكفارة عن الشمول للصبى.
و يرد عليها منع الانصراف بعد كون موضوع الحكم هو المحرم الذى اتى بمحرّم الاحرام و لا فرق في المحرم بين البالغ و بين الصبى و لا مجال لدعوى كون احرامه صوريا و كلا احرام فان المستفاد من الروايات الواردة في احجاج الصبى صيرورته محرما حقيقة بسبب تحريم الولى اياه كما لا يخفى هذا و لكن السيد ـ في العروة ـ استشهد لمنع الانصراف بقوله و الا فيلزم الالتزام به في الصيد ايضا مع ان لازم الانصراف ليس ذلك ضرورة ان الالتزام به في الصيد لاجل ورود نص خاص فيه مضافا الى كونه في الاهمية و العظمة بمرتبة لا يبلغها سائر المحرمات و لذا تثبت كفارته في كلتا صورتى العمد و الخطاء.
الامر الثالث ان الامور المترتبة على الحج من قبيل التكليف و الحكم التكليفى مرفوع عن الصبى لحديث رفع القلم و ليس ثبوت الكفارات من الضمان كما في مورد اتلاف مال الغير الذى يوجب الضمان و يترتب عليه الحكم الوضعى غير المختص بالبالغين.
و يرد عليه ـ مضافا الى ان مقتضى هذا الامر عدم ثبوت الكفارة على الصبى لا عدم ثبوتها مطلقا و لو على الولى ـ ان ثبوت الكفارة و ان كان بنحو الحكم التكليفى و لا مجال لتوهم كونه بمعنى الضمان كما في اصل ثبوت الهدى في الحج فانه مجرد تكليف الا ان الكلام ليس في ذلك بل الكلام في سببية الاتيان بمحرم الاحرام لهذا الحكم التكليفى فان المستفاد من الادلة ثبوت هذه السببية شرعا و هى بلحاظ كونها من الاحكام الوضعية لا تختص بالبالغين بل تعم الصبيان كسببية الجنابة لوجوب الاغتسال بعد البلوغ فان كون المسبب حكما تكليفيا لا ينافى كون السببية شرعية غير مختصة بالبالغ و نظر العلامة في مسئلة الصيد المتقدمة الى هذا المعنى غاية الامر انه لا مجال للاخذ به من جهة الصبد بلحاظ ورود النص الخاص هناك
(الصفحة59)
و اما المقام فغير مشمول لذلك النص.
الامر الرابع ما رواه الحميرى في قرب الاسناد عن عبد اللّه بن الحسن عن جده على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) و فيه: و سئلته عن الصبيان هل عليهم احرام؟و هل يتقون ما يتقى الرجال؟قال: يحرمون و ينهون عن الشىء يصنعونه مما لا يصلح للمحرم ان يصنعه و ليس عليهم فيه شىء.(1) بناء على كون قوله (عليه السلام) يحرمون مبنيا للمفعول حتى ينطبق على الصبى غير المميز الذى هو محل البحث و يؤيده قوله: و ينهون الذى يكون مبنيا للمفعول لا محالة كما هو ظاهر و بناء على كون الذيل ظاهرا في عدم وجوب الكفارة مطلقا لا عدم وجوبها على الصبى و يمكن ان يورد على هذا الامر بمنع ظهور الذيل في ذلك و يؤيده الاتيان بكلمة «عليهم» فانه لو كان المراد عدم وجوب الكفارة مطلقا لكان يقتصر على قوله و ليس فيه شىء فتدبر.
و قد تحقق مما ذكرنا انه لم يقم دليل في مقابل اطلاق ادلة الكفارات على تقييدها بغير الصبى و لاجله تصل النوبة الى البحث في الجهة الثانية و هى ان الكفارة هل تكون ثابتة على الصبى و في ماله او تكون على الولى؟مقتضى القاعدة، الاول لما عرفت من ان مقتضى ادلة الكفارات ثبوتها على المحرم و المحرم الحقيقى في المقام هو الطفل و الاتيان بمحرم الاحرام قد صدر منه فاللازم ترتب الكفارة عليه و العجب من السيد (قدس سره) في العروة حيث انه استدل لاقوائية تكفل الولى بتضعيف ادلة نفى الكفارة او عدم ارتباطها بالمقام مع ان ثبوت الكفارة امر و تكفل الولى له امر اخر.
و كيف كان فيمكن ان يستدل على الثبوت على الولى بامرين:
احدهما ما يستفاد من صاحب الجواهر من الغاء الخصوصية عما ورد في قتل الصيد
1 ـ ئل ابواب المواقيت الباب الثامن عشر ح ـ 2
(الصفحة60)
و انه على ابيه كما في رواية زرارة المتقدمة و تقريبه ان ما ورد في الصيد يشتمل على امرين احدهما اصل ثبوت الكفارة في الصيد و ثانيهما ثبوتها على الاب و لا مجال لالغاء الخصوصية من الامر الاول بعد كون الصيد له اهمية خاصة فلا يمكن استفادة ثبوت الكفارة في غير الصيد من الرواية الواردة فيه و اما لو استفيد ثبوتها من الادلة الاخرى و ثبت اشتراك غير الصيد معه في اصل ثبوت الكفارة فلا مانع من الغاء الخصوصية بالاضافة الى الامر الثانى و الحكم بثبوت سائر الكفارات على الولى ايضا.
و هذا الامر و ان كان غير بعيد الا ان الغاء الخصوصية ليس بمثابة توجب الطمانينة للنفس و الوثوق بها كما لا يخفى.
ثانيهما التسبيب لا بمعنى صيرورة الولى سببا لتحقق محرم الاحرام من الصبى فان الولى و ان صار سببا لاحرامه فانه الذى احرمه الا ان الاحرام لا يكون سببا و موجبا لصدور محرمه من التظليل و لبس المخيط و اشباههما بل السبب له هو ارادة الصبى و قصده لاغراض مترتبة عليه فان كونه غير مميز لا ينافى كونه مريدا و قاصدا و لذا اضيف العمد اليه في قوله (عليه السلام) عمد الصبى و خطأه واحد بل بمعنى ان الولى كان مكلفا بعد الاحرام بالاتقاء عليهم كما في رواية زرارة و النهى عنهم كما في رواية على بن جعفر (ع) و صدور محرم الاحرام يكون دليلا غالبا على عدم تحقق المراقبة اللازمة و المحافظة الواجبة نعم يمكن صدور محرم الاحرام من الطفل احيانا مع كمال مراقبة الولى و شدة محافظته الا انه من الندرة بمكان.
و على ما ذكرناه فيمكن ان يقال بان عدم المراقبة ـ مع فرض كون الطفل غير مميز ـ يوجب الاستناد الى الولى فكانه صدر هذا المحرم منه فيثبت عليه الكفارة و هذا الامر و ان كان يمكن المناقشة فيه بان مخالفة الولى للتكليف المتوجه اليه بالاضافة الى الاتقاء و النهى لا يوجب ثبوت الكفارة عليه بل يترتب عليها استحقاق العقوبة و المواخذة الا انه طريق الى ان يكون مقتضى الاحتياط هو الثبوت على الولى
|