(الصفحة241)
فيدل على ان مثل التعبير الاوّل مفادة انّما هو عدم اجتماع عمرتين في سنة، و عدم صلاحية السنة الواحدة لوقوع عمرتين فيها. و من المعلوم: ان قوله: في كل شهرعمرة او لكل شهر عمرة، مثل العبارة الاولى، لان تنوين التنكير في «عمرة» يدل على الوحدة، التي قد صرّح بها في رواية السنّة. فبملاحظة ما ذكر لا يبقى اشكال في كون الظاهر من مثل هذه العبارة هو بيان الاعتبار و الشرطيّة، و اقوى من هذه العبارة، الرواية المتقدمة، الدالة على ان السنّة اثنا عشر شهرا، و يعتمر في كل منها، كما لا يخفى.
ثم انه يؤكد ما ذكرنا و يؤيد ما اخترنا ما ورد في موردين.
احدهما: ما ورد فيمن افسد عمرته المفردة، من مثل صحيحة بريد بن معاوية العجلي، قال: سألت ابا جعفر (عليه السلام) عن رجل اعتمر عمرة مفردة، فغشى اهله قبل ان يفرغ من طوافه وسعيه. قال: عليه بدنة، لفساد عمرته، و عليه ان يقيم الى الشهر الاخر فيخرج الى بعض المواقيت، فيحرم بين عمرة.(1) و يمكن ان يقال باولوية المقام من مورد الرواية، لانه إذا لم يمكن الجمع بين عمرتين كانت الاولى منهما فاسدة في شهر واحد، فعدم امكان الجمع بين الصحيحتين انّما هو بطريق اولى، فتدبّر.
ثانيهما: ما ورد في المتمتع، الذي خرج من مكة بعد اتمام عمرة التمتع، جاهلاغير محرم، من مثل صحيحة حمّاد بن عيسى عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: من دخل مكة متمتعا في اشهر الحج، لم يكن له ان يخرج حتى يقضي الحج، فان عرضت له حاجة الى عسفان او الى الطائف او الى ذات عرق خرج محرما و دخل ملبيّا بالحج، فلا يزال على احرامه، فان رجع الى مكة رجع محرما و لم يقرب البيت
1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثاني عشر ح ـ 1.
(الصفحة242)
حتى يخرج مع الناس الى منى على احرامه، و ان شاء وجهه ذلك الى منى، قلت: فان جهل فخرج الى المدينة او نحوها بغير احرام، ثم رجع في ابّان الحج في اشهر الحج يريد الحج، فيدخلها محرما او بغير احرام؟ قال: ان رجع في شهره دخل بغير احرام، و ان دخل في غير الشهر دخل محرما، قلت: فايّ الاحرامين و المتعتين، متعة الاولى او الاخيرة؟ قال: الاخيرة هي عمرته، و هي المحتبس بها، التي وصلت بحجته... الحديث.(1) فانّ المستفاد منه جريان ما ذكر في العمرة المفردة، في عمرة التمتع، و انه مع كون الدخول في غير شهر الخروج لا بد من الاتيان بها ثانية، و مع اتحادهما في الشهر لا يلزم التكرار.
ثم ان المستفاد من روايات الشهر ليس هو اعتبار فصل مقدار الشهر بين العمرتين، بل مفادها عدم صلاحية كل شهر الاّ لوقوع عمرة واحدة فيه، فشهر رجب لا يكون صالحا الاّ للواحدة، و كذا شهر شعبان و سائر الشهور، و عليه، فلو اتى بالعمرة الرجبيّة في آخر شهر رجب، يجوز له ان يأتي بالعمرة الثانية في اوّل شعبان، لوقوع كل منهما في شهر غير شهر لآخر، و هذا كما لو نذر الاطعام ـ مثلا ـ في كل شهر، فان اللازم ان لا يخلو الشهر من الاطعام، من دون فرق بين اوّلهو وسطه و اخره. و الروايتان الواردتان فيمن افسد العمرة، او في المتمتع، الذي خرج من مكة جاهلا، ظاهرتان في هذا المعنى ايضا. و عليه، فما يخطر بالبال في بادي النظر من القائلين باعتبار الشهر من كون الفصل بين العمرتين، لا بد و ان يكون بمقدار شهر، ليس بمستند، بل الفصل هو عنوان الشهر، من الرجب و الشعبان و غيرهما.
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني و العشرون ح ـ 6.
(الصفحة243)
و قد ظهر مما ذكرنا: انه لا مجال لحمل الروايات المتقدمة، المختلفة على اختلاف مراتب الفضل، بحيث كانت العمرة في كل يوم، بل في يوم واحد مرارا، بمقدارالامكان، مستحبّة ذات فضيلة، و كانت العمرة في كل عشرة اكده، و في كل شهر اكد من العشرة، و في كل سنة اكد من الشّهر، فان هذا الحمل يبتني، اوّلا: على وجود الاطلاق لادلة استحباب العمرة، و شمولها لكل زمان ممكن. و ثانيا: على اعتبار رواية العشر. و ثالثا: على كون المراد من ثبوت العمرة في مثل العشر اوالشهر، هو الاحتمال الاوّل من الاحتمالين، اللذين ذكرنا. و رابعا: على صلاحية جميع الروايات لهذا الحمل، مع ان المباني الاربعة كلها محل نظر، بل منع، لعدم ثبوت الاطلاق لتلك الادلة، لانها في مقام بيان اصل المشروعية و الاستحباب، و لا اطلاق لها يشمل كل زمان ممكن، و عدم اعتبار رواية العشر ـ كما عرفت ـ و عدم كون المراد هو الاحتمال الاوّل، بل الاحتمال الثاني ـ كما مرّ ـ و عدم صلاحية جميع الروايات للحمل المزبور، لان قول الامامين (عليهما السلام): لا يكون عمرتان في سنة. كيف يجري فيه هذا الحمل، مع ظهوره في عدم مشروعية الزائدة على الواحدة في السنّة؟ فلا مجال له، و ان اصرّ عليه صاحب المستمسك.
و بما ذكر اخيرا يظهر ان مقتضى الاحتياط ـ بعد الاعراض عن روايات السنّة او توجيهها و الاتكاء على روايات الشهر ـ عدم الاتيان بها مكررة في شهر واحد لا الاتيان بها رجاء و بقصد احتمال المطلوبية، كما يظهر من المتن و غيره، فانه بعد قيام الدليل المعتبر على عدم المشروعية لا يشرع الاتيان بها اصلا، لا أنه يؤتى بها رجاء.
بقي الكلام في هذا المقام في امرين:
الاوّل: انه غير خفي: انّ النظر في جميع الروايات المتقدمة انّما هو الى العمرة
(الصفحة244)
المفردة فقط، و امّا العمرة المتمتع بها، التي يجب ان تكون في اشهر الحج، و مع اعمال الحج و مناسكه، فهي خارجة عن الروايات، لانّها تبعا لاصل الحج لا يؤتي بها في السنّة الاّ مرة واحدة. و عليه، فلا مانع من الجمع بينها و بين العمرة المفردة في شهر واحد، سواء وقعت قبلها ام بعدها و بعد الحج. نعم، قام الدليل على عدم جواز تخلل العمرة بين عمرة التمتّع و حجه، و سيأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.
الثاني: ان ظاهر الروّايات عدم جواز وقوع عمرتين في شهر واحد بالاضافة الى مكلف واحد، لا بالاضافة الى مجموع المكلفين. و هذا مما لا ينبغي الارتياب فيه، كما ان الظاهر الذي منشأه الانصراف، عدم جوازه من شخص واحد إذا ارادايقاعهما لنفسه، و امّا إذا كانت واحدة منهما لنفسه و الاخرى لغيره نيابة، بالتبرع او الاستيجار، فلا دلالة للروايات على المنع عنه في شهر واحد. و عليه، فيجوز ان ينوب عن غيره و الاتيان بها في كل يوم، فضلا عن الشهر، كما لا يخفى.
(الصفحة245)
في اقسام الحجّ
(الصفحة246)
(الصفحة247)
القول في اقسام الحج
و هي ثلاثة: تمتع و قران و افراد: و الاوّل فرض من كان بعيدا عن مكّة، و الاخران فرض من كان حاضرا، اي غير بعيد، و حدّ البعد ثمانية و اربعون ميلا من كل جانب ـ على الاقوى ـ من مكّة، و من كان على نفس الحدّ، فالظاهر انّ وظيفته التمتع، و لو شك في ان منزله في الحدّ او الخارج وجب عليه الفحص، و مع عدم تمكنه يراعى الاحتياط. ثم انّ ما مرّ انّما هو بالنسبة الى حجة الاسلام، و امّا الحج النذري و شبهه، فله نذر أيّ قسم شاء، و كذا حال شقيقيه، و امّا الافسادي فتابع لما افسده1 .
1 - يقع الكلام في المتن في مقامات:
المقام الاوّل: في اصل انقسام الحج الى ثلاثة، و كون التمتع احد الاقسام: قال في الجواهر: بلا خلاف اجده فيه بين علماء الاسلام، بل اجماعهم بقسميه عليه، مضافا الى النصوص المتواترة فيه او القطعية، بل قيل: انه من الضروريات.
و من المناسب نقل شطر من الرواية المفصلة، الواردة في هذا الباب، الدالة على كيفية تشريع التمتع و زمانه، و من اعترض عليه و دوام التشريع، ففي الحقيقة
(الصفحة248)
يكون دليلا على حكم فقهي اصلي، و بيانا لقصة تاريخية، و مشتملا على مسألة مهمة كلامية: و هي صحيحة معاوية بن عمّار، عن ابي عبد الله (عليه السلام): انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ، ثم انزل الله عليه: «و اذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا و على كل ضامر يأتين من كل فجّ عميق» فامر المؤذنين ان يؤذّنوا بأعلى صوتهم: بان رسول الله ـ ص ـ يحج من عامه هذا. فعلم به من حضر المدينة و اهل العوالي و الاعراب، فاجتمعوا، فحج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، و انما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيتبعونه، او يصنع شيئا فيصنعونه، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في اربع بقين من ذي القعدة، فلما انتهى الى ذي الحليفة، فزالت الشمس، اغتسل، ثم خرج حتى اتى المسجد، الذي عند الشجرة، فصلى فيه الظهرو عزم (احرم) بالحج مفردا، و خرج حتى انتهى الى البيداء، عند الميل الاوّل، فصف الناس له سماطين، فلبى بالحج مفردا، و ساق الهدي ستّا و ستين بدنة او اربعا و ستين، حتى انتهى الى مكة في سلخ اربع من ذي الحجة، فطاف بالبيت سبعة اشواط و صلّى ركعتين خلف مقام ابراهيم، ثم عاد الى الحجر فاستلمه، و قد كان استلمه في أوّل طوافه، ثم قال: انّ الصّفا و المروة من شعائر الله فابدؤا بما بدأ الله به. و ان المسلمين كانوا يظنّون ان السعي بين الصفا و المروة شيء صنعه المشركون، فانزل الله تعالى: ان الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت اواعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ثم اتى الصفا فصعد عليه، فاستقبل الركن اليماني، فحمد الله و اثنى عليه، و دعا مقدار ما تقرء سورة البقرة مترسّلا، ثم انحدر الى المروة فوقف عليها، كما وقف على الصّفا، ثم انحدر و عاد الى الصفا فوقف عليها، ثم انحدر الى المروة، حتى فرغ من سعيه، ثم اتى جبرئيل و هو على المروة، فأمره ان يأمر الناس ان يحلّوا الاّ سائق هدي، فقال رجل: أنحلّ و لم نفرغ من مناسكنا؟
(الصفحة249)
نعم. فلما وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمروة بعد فراغه من السّعي اقبل على الناس بوجه، فحمد الله و اثنى عليه، ثم قال: ان هذا جبرئيل ـ و او مأبيده الى خلفه ـ يأمرني ان أمر من لم يسق هديا ان يحلّ، و لو استقبلت من امري مثل الذي استدبرت لصنعت مثل ما امرتكم(1) و لكني سقت الهدي و لا ينبغي لسائق الهدي ان يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه. قال: فقال له رجل(2) من القوم: لنخرجن حجّاجا و شعورنا تقطر؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): اما انّك لن تؤمن بعدها ابدا. فقال له سراقة بن مالك بن خثعم الكناني: يا رسول الله علمنا ديننا، كانما خلقنا اليوم، فهذا الذي امرتنا به لعامنا هذا ام لما يستقبل؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل هو للأبد الى يوم القيامة. ثم شبّك اصابعه بعضها الى بعض و قال: دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة، و قدم عليّ (عليه السلام) من اليمن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) و هو بمكة، فدخل على فاطمة (عليه السلام) و هي قد احلّت، فوجد ريحا طيبة، و وجد عليها ثيابا مصبوغة، فقال: ما هذا يا فاطمة؟ فقالت: امرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرج عليّ (عليه السلام) الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستفيتيا و محرشا على فاطمة (عليه السلام)، فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله): انّي رأيت فاطمة قد احلّت، عليها ثياب مصبوغة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انا امرت الناس بذلك، و انت يا عليّ بما اهللت، قال: قلت: يا رسول الله: اهلالا
1 ـ قال ابن اثير في نهايته في معنى هذه العبارة: «اي لو عنّ لي هذا الرأي الذي رأيته اخرا و امرتكم به في اوّل امري، لما سقت الهدي معي و قلدّته و اشعرته، فانه إذا فعل ذلك لا يحلّ حتى ينحر، و لا ينحرالا يوم النحر، فلا يصح له فسخ الحج بعمرة، و من لم يكن معه هدي، فلا يلتزم هذا، و يجوز له فسخ الحج، و انما اراد بهذا القول تطييب قلوب اصحابه، لانه كان يشقّ عليهم ان يحلّوا و هو محرم، فقال لهم ذلك، لئلا يجدوا في انفسهم، و ليعلموا ان الافضل لهم قبول ما دعاهم اليه، و انه لولا الهدي لفعله».
2 ـ قال العلامة المجلسي في مرآة العقول: انه قد تواتر كون الرجل هو عمر.
(الصفحة250)
كاهلال النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): كن على احرامك مثلي، و انت شريكي في هديتي... الحديث.(1)
المقام الثاني: في ان التمتع فرض من كان بعيدا عن مكة، و الاخران فرض من كان حاضرا، اى غير بعيد، و سيأتي حدّ البعد ان شاء الله تعالى، و قد حكى الاجماع على الاوّل من جملة كثيرة من الكتب الفقهيّة، كما في محكي كشف اللثام و المستند، و لم يحك الخلاف في الثاني الاّ عن الشيخ، في أحد قوليه، و يحيى بن سعيد.
و يدل على كليهما الكتاب و السنّة: امّا الكتاب: فقوله تعالى: «فاذا امنتم فمن تمتّع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج و سبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام و اتقوا الله و اعلموا ان الله شديد العقاب».
فان الظاهر ان المشار اليه بقوله: «ذلك» الذي، هو للاشارة الى البعيد، هوالتمتع بالعمرة الى الحج، و ليس المراد من الحاضر ما يقابل المسافر او الغائب، لان الملاك في الحاضر، الذي يقابل الامرين، هو نفس المكلف و اتصافه بذلك، فالحاضر يجب عليه الاتمام و الصيام، كما ان المسافر يجب عليه القصر و الافطار، و كذلك في الحاضر الذي يقابل الغائب، فان الملاك حضور الشخص و غيابه، و لم يعهد في شيء من الامرين مدخلية حضور الاهل. و عليه، فتوصيف الاهل بالحضور في الآية دليل على ان المراد غير الامرين، و ليس الاّ البعد في مقابل القرب، و البعيد في مقابل القريب. نعم، ربما يشكل في الاستدلال بالآية، لما
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثاني ح ـ 4.
(الصفحة251)
ذكر: بانّ ظاهر الآية بلحاظ التعبير باللام الظاهر في النفّع، ان البعيد يجوز له الاتيان بالتمتع في مقابل القريب، الذي لا يسوغ له ذلك، و لا دلالة لها على تعين التمتع للنائي، و لذا قال في المستمسك: ان ظاهر الاية الشريفة حصر التمتع بالنائي لا حصر النائي به، كما هو المدّعي.
هذا، و لكن الظاهر ان المتفاهم من الاية، بضميمة صدرها الدال، علىوجوب اتمام الحج و العمرة للّه، بالمعنى الذي تقدم للاتمام، هو التقسيم و تعيين وظيفة المكلف المستطيع، و انّه ان كان نائيا بعيدا يجب عليه التمتع، و ان كان قريبا يجب عليه احد القسمين الآخرين: القران و الافراد، و التعبير باللام لعلّه من جهد ان ماهية حج التمتع فيها سعة، لا توجد في غيره، فان الاحلال قبل الحج بعد الورود بمكة و الفراغ من العمرة يختص بالتمتع، لان غيره لا يتحقق له الاحلال بعدالورود بها الاّ بعد الفراغ عن اعمال الحج، المتوقف على مضىّ وقته و زمانه الخاص، و هذا احد وجوه التسمية بالتمتع، مع انه يمكن ان يكون اللام للاختصاص.
و بالجملة: لا تنبغي المناقشة في دلالة الاية على تعين وظيفة النائي في التمتع، و بالدلالة الالتزامية تدل على تعين وظيفة غير النائي، في غيره، بنحو التخيير بين القسمين.
و امّا السنّة: فطائفة منها ظاهرة، بل صريحة في تعين وظيفة النائي في التمتع، و طائفة اخرى دالة على عدم مشروعية التمتع، بالاضافة الى القريب.
امّا الطائفة الاولى:
فمنها: صحيحة الحلبي، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة، لانّ الله تعالى يقول: «فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما
(الصفحة252)
استيسر من الهدي» فليس لاحد الاّ ان يتمتع، لانّ الله انزل ذلك في كتابه، و جرت به السنّة من رسول الله (صلى الله عليه وآله).(1) و هذه الرواية ادلّ روايات هذه الطائفة، لانّها مضافا الى دلالتها على حصر مشروعية الحج في التمتع، اي بالاضافة الى النائي، للتفريع على قوله تعالى: «فمن تمتع... » الوارد فيمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام، وقع فيها الاستشهادبالاية، و قد مرّ مرارا: ان مرجع الاستشهاد و الاستدلال بالكتاب الى ظهور الكتاب في نفسه في ذلك. غاية الامر، توقف ذلك على ملاحظته و النظر فيه، و الاّ فلو كان الحكم الذي استدل له بالكتاب، غير متفاهم من ظاهر الآية عرفا، بل كان امرا مخالفا للظاهر، قد بيّنه الامام (عليه السلام). فتفسيره و ان كان حجة في هذا الحال الاّ انه لا يبقى معه مجال للاستدلال بالكتاب، خصوصا إذا كان الناس و مراجعهم مخالفين، فهذه الرواية شاهدة على ما ذكرنا من تمامية دلالة الكتاب، و انه لا وجه للخدشة في دلالته بعدم كون مفادها حصر النائي بالتمتع، بل حصر الثاني بالاوّل.
و منها: صحيحة اخرى للحلبي، قال: سألت ابا عبد الله (عليه السلام)عن الحج. فقال: تمتع، ثم قال: انّا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى قلنا: يا ربّنا اخذنابكتابك، و قال النّاس: رأينا رأينا، و يفعل الله بنا و بهم ما اراد.(2) و لكنه يمكن المناقشة في دلالتها على التعين: بان قوله (عليه السلام): تمتع. و ان كان ظاهرا في نفسه في تعين التمتع، الاّ انه بلحاظ وقوعه في مقام توهم الحظه، لكونه على خلاف معتقد الناس، لا يبقى مجال للاستدلال به على التعين، كما لا يخفى.
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثالث ح ـ 2.
2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثالث ح ـ 3.
(الصفحة253)
نعم، لا تجري هذه المناقشة في رواية ليث المرادي، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: ما نعلم حجّا للّه غير المتعة، انا إذا لقينا ربّنا قلنا: يا ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيّك، و يقول القوم: عملنا برأينا، فيجعلنا الله و اياهم حيث يشاء.(1) و ذلك لظهورها في عدم مشروعية غير المتعة، و عدم العلم بثبوت حج غيرها.
و مثلها: رواية معاوية بن عمار، قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام): ما نعلم حجّا للّه غير المتعة، انّا إذا لقينا ربّنا قلنا: ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيك، و يقول القوم: عملنا برأينا، فيجعلنا الله و اياهم حيث يشاء(2).
و منها: رواية ابي بصير، قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام): يا با محمّد!كان عندي رهط من اهل البصرة فسألوني عن الحج، فاخبرتهم بما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) و بما امر به، فقالوا لي: ان عمر قد افرد الحج، فقلت لهم: ان هذا رأي رآه عمر، و ليس رأي عمر كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله).(3)
و منها: غير ذلك من الروايات التي يأتي بعضها في المباحث الآتية ان شاء الله تعالى.
و اما الطائفة الثانية:
فمنها: صحيحة الفضلاء: عبيد الله الحلبي و سليمان بن خالد و ابي بصير، كلّهم عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس لاهل مكّة و لا لاهل مرّ و لا لاهل سرف متعة، و ذلك لقول الله ـ عزّ و جلّ: «ذلك لمن لم يكن اهله حاضري
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثالث ح ـ 7.
2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثالث ح ـ 13.
3 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب الثالث ح ـ 6.
(الصفحة254)
المسجد الحرام»(1). قال في القاموس: بطن مرّ، و يقال له مرّ الظهران، موضع على مرحلة من مكّة، و عن المصباح المنير: المرحلة: المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم، و الجمع مراحل. و في القاموس ايضا: ان سرف ككتف: موضع قريب للتنعيم، و عن النهاية، في حديث تزويج ميمونة بسرف: هو بكسر الرّاء: موضع من مكة على عشرة اميال، و قيل اقل او اكثر.
و مثلها: رواية سعيد الاعرج، قال: قال ابو عبد الله (عليه السلام): ليس لاهل سرف و لا لاهل مرّ و لا لاهل مكّة متعة، يقول الله تعالى: «ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام».(2) هذا، و امّا ما حكى عن الشيخ في احد قوليه، و ابن سعيد، من جواز التمتع للقريب، فربما يستدل له بان التمتع لا ينقص عن القرآن و الافراد، بل المتمتع يأتي بصورة الافراد و زيادة، و لا تنافيه زيادة العمرة قبله.
و بطلان هذا الاستدلال واضح، بعد مغايرة التمتع مع غيره، و ان كانا مشتركين في جملة من الاحكام، و لا دليل على اجزائه عنه، بل قام الدليل على الخلاف، كما عرفت في الطائفة الثانية.
نعم، يمكن الاستدلال له بالصحيحتين الواردتين في المكيّ، إذا خرج الى بعض الامصار، و انه يجوز له التمتع في الرجوع.
احديهما: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج، عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث، قال: سألته عن رجل من اهل مكّة يخرج الى بعض الامصار ثم يرجع الى
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السادس ح ـ 1.
2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السادس ح ـ 6.
(الصفحة255)
مكّة، فيمّر ببعض المواقيت، أله ان يتمتّع؟ قال: ما ازعم: ان ذلك ليس له لو فعل، و كان الاهلال احبّ الىّ.
ثانيتهما: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج و عبد الرحمن بن اعين، قالا: سألنا ابا الحسن (عليه السلام) عن رجل من اهل(1) مكّة خرج الى بعض الامصار، ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، له ان يتمتع؟ فقال: ما ازعم: ان ذلك ليس له، و الاهلال بالحج احبّ اليّ... الحديث.(2) و لكن يرد على الاستدلال بهما للمقام، مضافا الى ما سيأتي، من: ان الحكم بجواز التمتع في مورد الروايتين، و ان نسب الى المشهور، لكنّه غير ثابت، بل لعل خلافه لا يخلو عن قوة، كما اختاره الماتن ـ قدس سره الشريف ـ نظرا الى امكان حملهما على الحج المندوب، بل في احديهما قرينة على ذلك: انه على تقدير الحكم بالجواز في موردهما، لا دلالة له على ان الحكم الاولي و الوظيفة الاصلية في المكي، و من هو مثله جواز التمتع، و البحث فعلا انّما هو في ذلك، و الاّ فالمتمتع ايضا قد تتبدل وظيفته الى الافراد، كما إذا ضاق الوقت عن اتمام العمرة.
و قد انقدح مما ذكرنا: انه ليس لمن كان اهله حاضري المسجد الحرام التمتع، بحسب الوظيفة الاصليّة.
المقام الثالث: في حدّ البعد: و قد وقع فيه الاختلاف على قولين، ذهب الى كل منهما جماعة كثيرة، و ان نسب القول بما في المتن الى المشهور و بغيره الى الندرة، لكن الحق،
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السابع ح 2.
2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السابع ح ـ 1.
(الصفحة256)
كما في الجواهر: عدم صحة النسبة.
و كيف كان، فذهب الى القول بانّ حدّ البعد ثمانية و اربعون ميلا: القمي في تفسيره، و الصدوقان و المحقق في المعتبر و النافع، و العلامة في كثير من كتبه، و الشهيدان و الكركي و غيرهم. و الى القول: بان الحدّ هو اثنا عشر ميلا: المبسوطو الاقتصاد و التبيان و مجمع البيان و فقه القران و روض الجنان و الجمل و العقود و الغنية و الكافي و الوسيلة و السرائر و الجامع و الاصباح و الاشارة، و المحقق في الشرايع، و صاحب الجواهر و غيرهم.
و امّا الروايات الواردة في هذا المجال، فلم يرد شيء منها في التحديد باثني عشرميلا، بل هي على ثلاث طوائف: الاولى: ما يدل على التحديد بثمانية و اربعين ميلا: و هي صحيحة زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): قول الله عزّ و جلّ في كتابه: «ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام» ؟ قال: يعني اهل مكة ليس عليهم متعة، كل من كان اهله دون ثمانية و اربعين ميلا ذات عرق و عسفان، كما يدور حول مكة، فهو ممّن دخل في هذه الآية، و كل من كان اهله وراء ذلك فعليهم المتعة.(1) و عن القاموس: عسفان كعثمان: موضع على راحلتين من مكّة، و ذات عرق: بالبادية ميقات اهل العراق. و عن التذكرة ذات عرق على مرحلتين من مكّة، و يظهر من تاريخ البلدان لليعقوبي ايضا ذلك، و ان عسفان واقع في طريق مكة الى المدينة في المرحلة الثانية، و ذات عرق واقع في طريق مكة الى العراق كذلك، و ان المرحلة الاولى في الثاني هو بستان ابن عامر، و في الاوّل هو بطن مرّ، الذي قد
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السّادس ح ـ 3.
(الصفحة257)
ذكر في الرواية المتقدمة.
و مع ذلك يكون في الصحيحة تشويش و اضطراب، من جهة احتمال كون قوله (عليه السلام) ذات عرق... مثالا للثمانية و الاربعين من بعض الجوانب، و عليه، فيقع مضافا اليه لكلمة «دون» المضافة الى الثمانية و الاربعين. فتدل على اعتبار كون الحدّ دون الامرين، و يحتمل ان يكون مرتبطا بنفس هذه الكلمة، و يكون مثالا لدون الثمانية و الاربعين و الوجه في التمثيل بهما، مع سعة دائرة الكلمة، كونهما واقعين في اخر الحد، و كذا في الرواية تشويش من جهة قوله (عليه السلام): كما يدور حول مكة، لعدم وضوح ارتباطه بما قبله، كما لا يخفى.
ثم انه اورد في الوسائل رواية بعنوان انّها رواية اخرى لزرارة، و تبعه في ذلك الكتب الفقهية، و هي ما رواه الشيخ باسناده عن علي بن السندي عن حمّاد عن حريز عن زرارة، عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: «ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام» قال: ذلك اهل مكة، ليس لهم متعة، و لا عليهم عمرة، قال: قلت: فما حدّ ذلك؟ قال: ثمانية و اربعين ميلا من جميع نواحي مكّة، دون عسفان و دون ذات عرق. (1)
و قبل البحث في سنده و دلالته، نقول: انه لا ينبغي الاشكال في عدم كونهارواية اخرى غير روايته الاولى، لان مرجع المغايرة الى سؤال زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) شيئا واحدا مرّتين، و هو لا يناسب مقام زرارة، خصوصا بعد كون البناءعلى ضبط السؤال و الجواب و كتابة الرّوايات، حفظا لكلماتهم ـ عليهم السّلام ـ للاخلاف الاتية و الازمنة المستقبلة، للاجتهاد و الاستنباط، فانه حينئذ لا يبقى وجه لتعدد السّؤال. و يؤيد وحدة الروايتين كون الراوي عن زرارة في كليهما هو
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السّادس ح ـ 7.
(الصفحة258)
حريز، و عن حريز هو حمّاد، فيدل ذلك على ان تعدد النقل انما نشأ من قبل حمّاد، و هذا لا يوجب التعدّد بوجه، و كم لذلك نظير في كتاب الوسائل.
و امّا سنده فقد نوقش فيه، تارة: من جهة عدم توثيق معتبر لعليّ بن السندي، لانه ذكر الكشي. ان نصر بن الصباح قد وثّقه، مع انه بنفسه لم يوثق و لم يتعرض له غيره، لا النجاشي و لا الشيخ في فهرسته و رجاله، و لا في المشيخة.
و اخرى: من جهة جهالة طريق الشيخ الى علي بن السندي، فانه و ان روى عنه كثيرا في التهذيب، لكنه مع ذلك لم يتعرض لذكر الوسائط، مع كون البناء على التعرض له في اخر الكتاب. و عليه، فطريق الشيخ اليه مجهول.
هذا، و لكن جماعة من المحققين من الرجاليين، كالوحيد البهبهاني و الاردبيلي صاحب جامع الرّواة قد وثقوه بدعوى اتحاده مع علي بن اسماعيل الميثمي الثقة، و ان السندي لقب اسماعيل، و قد صرح بالاتحاد سيّدنا العلامة الاستاذالبروجردي في كتابه: «ترتيب اسانيد الكافي» المطبوع اخيرا، و هذه الدعوي و ان كان قد نوقش فيها، الاّ انه يؤيّدها عدم التعرض لعنوان الرجل بهذا النحو في الكتب المذكورة، فانه كيف يمكن ان يصير مغفولا عنه، خصوصا بعد كثرة رواياته، و حذف الوسائط بينه و بين الشيخ، المستلزم للتعرض له في المشيخة؟ ! و لكن الامر عندنا سهل، ـ لما عرفت ـ من: عدم كونها رواية اخرى لزرارة، و اتحادها مع الاولى، و ان كان بينهما اختلاف يسير من جهة اشتمال الاولى على اضافة كلمة «دون» الى الثمانية و الاربعين دون الثانية، و ان كان يجري فيهااحتمال السقط، خصوصا مع ذكر الثمانين بنحو المضاف اليه، لانه كان اللازم ـ مع عدم السقط ـ ذكره بصورة الرّفع.
و من جهة التصريح في الثانية، باضافة تلك الكلمة الى عسفان و ذات عرق، الظاهرة في خروجهما عن الحدّ، و لزوم التمتع عليهما بخلاف الاولى، التي عرفت
(الصفحة259)
جريان الاحتمالين فيها.
هذ، او امّا قوله (عليه السلام): من جميع نواحي مكة. و مثله في الرواية الاولى، فلا ينبغي الارتياب في عدم كون المراد منه هو التوزيع على النواحي الاربعة، بحيث كان كل ناحية اثنا عشر ميلا، لانه مضافا الى كونه خلاف ظاهر العبارة، لا وجه للتعبير بالمجموع، مع بداهة كون المبتلى به لكل مكلف، سواء كان داخلا في الحدّ او خارجا، عنه، هي ناحية واحدة فقط، فضم النواحي الاخر لا يترتب عليه فائدة اصلا.
و كيف كان، لا ينبغي الاشكال، في: ان رواية زرارة ظاهرة في التحديدبالثمانية و الاربعين، في مقابل القول الاخر، و امّا الاختلاف في عسفان و ذات عرق على احد الاحتمالين، فهو امر اخر لا ارتباط له باصل البحث.
و من هذه الطائفة: صحيحة الفضلاء، و رواية سعيد الاعرج، المتقدمتان في المقام الثاني، الدالتان على انه ليس لاهل مرّ و لا لاهل سرف متعة، بناء على كون مرّ واقعة في المرحلة الاولى المطابقة لاربع و عشرين ميلا، كما ذكره القاموسو اليعقوبي في تاريخه، و يؤيده ما في محكي المعتبر، من: انه معلوم كون هذه المواضع اكثر من اثني عشر ميلا، لكن عن الواقدي: بين مكة و مرّ خمسة اميال، و قد عرفت عن النهاية: انّ سرف بكسر الراء: موضع من مكة على عشرة اميال، و قيل: اقل او اكثر. و على هذين القولين لا دلالة للروايتين على نفي اثني عشر ميلا، اصلا.
و يؤيد هذه الطائفة رواية ابي بصير، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: لاهل مكة متعة؟ قال: لا، و لا لاهل بستان و لا لاهل ذات عرق و لا لاهل عسفان و نحوها.(1) و دلالتها على نفي ذلك القول واضحة لمعلومية كون الفصل
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السّادس ح ـ 12.
(الصفحة260)
بين الاخيرين زائدا على المقدار المذكور و قريبا الى الثمانية و الاربعين، لو لم يكن بالغا اليها، لكن المناقشة في السند من جهة كون الرّاوي عن ابي بصير هو علي بن ابي حمزة.
الطائفة الثانية: ما يدلّ على التحديد بما دون المواقيت: مثل صحيحة حمّاد بن عثمان عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حاضري المسجد الحرام، قال: ما دون الاوقات الى مكة.(1) و رواية الحلبي، عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: في حاضري المسجد الحرام، قال: ما دون المواقيت الى مكة، فهو حاضري المسجد الحرام، و ليس لهم متعة.(2) و ظاهر هذه الطائفة: و ان كان التحديد بما دون كل ميقات. و عليه، فيختلف الحدّ بالاضافة الى المواقيت، لكن لا يبعد، خصوصا بلحاظ التعبير بالجمع، نظرا الى انه لو كان المراد ما ذكر: لكان الانسب التعبير بما دون الميقات. ان يكون المراد هو مادون المواقيت كلها، فانّها على هذا الحدّ ظاهرا، فان اقرب المواقيت الى مكّة هو يلملم، ميقات اهل اليمن ـ و هو جبل على مرحلتين من مكة ـ و المرحلة الاولى، كما في تاريخ اليعقوبي هو الملكان. و عليه، فلا تعارض الطائفة الاولى بوجه.
الطائفة الثالثة: ما يدل على التحديد بثمانية عشر ميلا: و هي صحيحة حريز، عن ابي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزّ و جلّ: «ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام» قال: من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها،
1 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السادس ح ـ 5.
2 ـ وسائل ابواب اقسام الحج الباب السادس ح ـ 4.
|