<<التالي | الفهرس | السابق>> |
الصفحة 361يردّ عليه جريان هذا التوجيه بالإضافة إلى المبطون أيضاً فلا وجه للفرق بينهما ، والإنصاف انّ المسألة مشكلة جدّاً والاحتياط المذكور في المتن لا يجوز تركه في كلّ منهما . ثمّ إنّ مسلوس الريح إن كان من مصاديق المبطون حقيقة كما لا تبعد دعواه فيجري فيه أحكامه لكونه من أفراده ، وإن لم يكن من مصاديقه فالظاهر جريان أحكامه فيه أيضاً من جهة ما عرفت من عدم كون حكم المبطون من جهة الطهارة والوضوء على خلاف القاعدة ، وإن الروايات الواردة في المبطون مسوقة لبيان حكمه من جهة اُخرى فلا فرق بين المبطون وبينه من هذه الجهة أصلاً . الصفحة 362ويجب التحفّظ بما أمكن على المبطون أيضاً ، كما انّ الأحوط له أيضاً تطهير المخرج إن أمكن من غير حرج1 . 1 ـ امّا المسلوس فيدلّ على وجوب التحفّظ من تعدّي البول عليه ـ مضافاً إلى ما دلّ على اعتبار اشتراط الطهارة من الخبث ـ الروايات المتقدّمة التي عرفت انّها مسوقة لبيان هذه الجهة ومفادها وجوب الاستظهار عليه بأن يضع خريطة أو كيساً فيه قطن ، ولكن يقع الكلام في أنّ الأمر بذلك في الأخبار هل يكون جارياً مجرى العادة فيكفي مطلق الاستظهار ولو بغير الخريطة والكيس كما نسب إلى ظاهر إطلاق الأصحاب ، وعليه فيكفي القيام في ماء كثير وشبهه أو انّه يحتمل أن يكون للكيس ونحوه ممّا يشدّه على الحشفة مدخلية في الحكم لاحتمال إناطة الحكم بصيرورة الحشفة لأجل دخولها في الكيس بمنزلة البواطن وكون ظاهر الكيس بمنزلة ظاهر الجسد في حال الاضطرار كما هو الحال في الجبائر وجهان والظاهر انّ الالتزام بكفاية مطلق الاستظهار مشكل خصوصاً لو كان مثل القيام في ماء كثير . وامّا وجوب التغيير أو التطهير لكلّ صلاة فيدلّ على عدمه ـ مضافاً إلى إطلاق الأخبار ـ موثّقة سماعة المتقدّمة الدالّة على عدم وجوب الإعادة إلاّ من الحدث الذي يتوضّأ منه بالمعنى الذي استفدناه منها ولا ينافيه الأمر بالجمع بين الصلاتين في صحيحة حريز المتقدّمة; لأنّ معناه ليس عدم المعذورية من الخبث في غير صورة الجمع ، بل إنّما هو لبيان عدم البأس في الجمع وللإرشاد إلى ما هو الأصلح بحاله بحيث يدرك فضيلة الفرضين على وجه لا يشقّ عليه الاستظهار ولا تكون مسوقة لبيان اقتضاء الجمع للمعذورية خصوصاً مع التعرّض لحكم صلاة الصبح التي لا تكون فيها جمع أيضاً ، نعم حيث لا تكون الروايات متعرّضة إلاّ لحكم البول الخارج من الحشفة من جهة التعدّي دون حكم نفس الحشفة من جهة تطهيره الصفحة 363فاللاّزم الرجوع في حكمه إلى القاعدة المقتضية للزوم التطهير مع الإمكان من غير حرج ، نعم ربّما يستفاد من الروايات عدم لزوم تطهيره أيضاً ولكنّه محلّ نظر بل منع . وامّا المبطون فوجوب التحفّظ عليه بما أمكن مستفاد من القاعدة بعد عدم دلالة رواياته على حكمه من هذه الجهة إلاّ على تقدير كون المراد من التوضّي المأمور به فيها هو مطلق التطهير الشامل لرفع الخبث أيضاً ، كما انّ تطهير المخرج له مع الإمكان من غير حرج أيضاً مستفاد منها كما في المسلوس على ما عرفت . الصفحة 364مسألة 5 ـ لا يجب على المسلوس والمبطون قضاء ما مضى من الصلوات بعد برئهما ، نعم الظاهر وجوب إعادتها إذا برىء في الوقت واتسع الزمان للصلاة مع الطهارة1 . 1 ـ امّا عدم وجوب قضاء ما مضى من الصلوات بعد البرء فلظهور أدلّة حكمهما في الأجزاء والصحّة وقصور أدلّة القضاء عن الدلالة على الوجوب في هذه الصورة . وامّا وجوب الإعادة إذا برئ في الوقت واتّسع الزمان للصلاة مع الطهارة فلعدم دلالة دليل الاجزاء على الاكتفاء بها في هذه الصورة من دون فرق بين ما إذا كان الدليل هي القاعدة أو النصوص الواردة لعدم دلالة شيء منهما على الاكتفاء بما مضى من صلاته مع القدرة على الإتيان بها مع الطهارة في الوقت كما لا يخفى . الصفحة 365فصل في غايات الوضوءغايات الوضوء ما كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله من جهة كونه شرطاً لصحّته كالصلاة ، أو شرطاً لجوازه وعدم حرمته كمسّ كتابة القرآن أو شرطاً لكماله كقراءته ، أو لرفع كراهته كالأكل حال الجنابة فإنّه مكروه وترتفع كراهته بالوضوء . امّا الأوّل فهو شرط للصلاة فريضة كانت أو نافلة ، اداء كانت أو قضاء ، عن النفس أو عن الغير ، ولأجزائها المنسية ، ولسجدتي السهو على الأحوط وإن كان الأقوى عدم الاشتراط ، وكذا شرط للطواف الذي جزء للحج أو العمرة الواجبين ، والأحوط اشتراطه في المندوبين أيضاً . وامّا الثاني فهو شرط لجواز مسّ كتابة القرآن فيحرم مسّها على المحدث ، ولا فرق بين آياتها وكلماتها ، بل والحروف والمدّ والتشديد واعاريبها ، ويلحق بها أسماء الله وصفاته الخاصّة ، وفي إلحاق أسماء الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) والملائكة تأمّل وإشكال ، والأحوط التجنّب خصوصاً في الأوليين1 . 1 ـ غايات الوضوء عبارة عمّا كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله وهل يلزم أن يكون للوضوء غاية أم يمكن أن يكون بلا غاية بأن يكون الوضوء في نفسه مستحبّاً شرعيّاً؟ وجهان بل قولان وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى وفيما يكون له غاية يكون ارتباطها بالوضوء مختلفاً فتارة يكون الوضوء شرطاً لصحّتها واُخرى شرطاً لرفع المنع عنها وثالثة لكمالها ورابعة لرفع الكراهة عنها . امّا القسم الأوّل فمنه الصلاة بلا خلاف ولا إشكال سواء كانت فريضة أو نافلة ، الصفحة 366ادائية كانت أو قضائية ، للنفس كانت أو عن الغير لقوله تعالى : (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ . . .) فإنّ مفاده اشتراط الصلاة بالوضوء من دون فرق بين ما إذا كان المراد هو القيام من النوم أو مطلق القيام وإرادة الاشتغال بالصلاة ، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين الأقسام المذكورة للصلاة أصلاً . وهنا روايات كثيرة دالّة على ذلك ـ مضافاً إلى وضوحه عند المتشرّعة ـ كصحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : لا صلاة إلاّ بطهور . وصحيحته الاُخرى قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الفرض في الصلاة فقال : الوقت والطهور والقبلة والتوجّه والركوع والسجود والدعاء الحديث . ومرسلة الصدوق المعتبرة قال : قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم . ومرسلته الاُخرى كذلك قال : قال الصادق(عليه السلام) : الصلاة ثلاث أثلاث : ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود . وغير ذلك من النصوص الظاهرة في الاشتراط أو في لزوم الإعادة بدون الوضوء المساوق مع الاشتراط . وامّا اعتباره للاجزاء المنسيّة المقضية بعد الصلاة كالسجدة الواحدة والتشهّد ـ بناءً على وجوب قضائه ـ فالدليل عليه هو الدليل على اعتباره في أصل الصلاة لأنّ الأجزاء المنسيّة هي الأجزاء المعتبرة في الصلاة ، غاية الأمر انّه تغيّر مكانه لأجل النسيان وكما يعتبر الوضوء في قضاء الصلاة الفائتة لأجل النسيان أو غيره كذلك يعتبر في قضاء الأجزاء المنسية التي تبدّل مكانها من دون فرق أصلاً . وامّا سجدتا السهو فقد احتاط فيهما استحباباً في المتن برعاية الوضوء فيهما لكون الأظهر عدم الاعتبار لعدم كونهما من أجزاء الصلاة ولا تكونان كصلاة الاحتياط التي هي مكمّلة للصلاة على تقدير النقص وصلاة مستقلّة على التقدير الصفحة 367الآخر ، بل هما خارجتان عن الصلاة أوجبهما الشارع عقوبة للنسيان الموجب للإخلال بشيء ممّا اعتبر فيها ولذا لا يكون الإخلال بهما ـ ولو عمداً ـ موجباً للبطلان ، نعم الاحتياط الاستحبابي لا ينبغي تركه . وامّا الطواف فإن كان جزء للحج أو العمرة الواجبين فلا إشكال في اعتبار الوضوء فيه للأخبار الكثيرة الواردة فيه التي منها صحيحة محمد بن مسلم قال : سُألت أحدهما(عليهما السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور قال : يتوضّأ ويعيد طوافه وإن كان تطوّعاً توضّأ وصلّى ركعتين . ومنها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه(عليه السلام) سألته عن رجل طاف ثمّ ذكر انّه على غير وضوء قال : يقطع طوافه ولا يعتدّ به . ومنها غير ذلك من الروايات الدالّة عليه . وإن لم يكن جزء للحجّ أو العمرة الواجبين فتارة يكون جزء للمندوبين منهما ، واُخرى لا يكون جزء من أحدهما ، بل يكون عملاً مستقلاًّ يؤتى به استحباباً وقد احتاط في المتن بالاعتبار في الأوّل أيضاً ومنشأه ادّعاء الإجماع على أنّ الحج والعمرة يجب إتمامهما بالشروع فيهما مضافاً إلى دلالة قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِِ)(1) على وجوب الإتمام ولكنّه يمكن المناقشة في الإجماع المنقول بعدم الحجّية وفي دلالة الآية بعدم كونها مسوقة لبيان وجوب الإتمام مطلقاً ومن الممكن أن يكون المراد وجوب الإتمام في الحجّ والعمرة الواجبين المعهودين ، كما انّه يمكن أن يكون المراد إيجاب الإتمام لله لا لغرض آخر ، والتحقيق في باب الحجّ مع انّه على تقدير وجوب الأمرين بمجرّد الشروع أيضاً يمكن أن يقال : إنّ المراد من قوله : طاف طواف الفريضة هو الطواف الذي كان العمل الذي هو جزء له فريضة لا (1) سورة البقرة : 196 .الصفحة 368الطواف الواجب ولو كان وجوبه لأجل الشروع في العمل الواجب لعدم كون الفريضة وصفاً للطواف ، بل وصف لما اُضيف إليه . نعم يبعّد ذلك قوله (عليه السلام) : وإن كان تطوّعاً ، الظاهر في رجوع الضمير إلى نفس الطواف لا العمل الذي هو جزء له ، وعليه فقرينة المقابلة تقتضي كون المراد بطواف الفريضة هو الطواف الذي كان فريضة ، وكيف كان فالاحتياط في هذا القسم لا يجوز تركه . وامّا الثاني فمقتضى الروايات الكثيرة عدم اعتبار الوضوء فيه مثل رواية محمد بن مسلم المتقدّمة المشتملة على قوله(عليه السلام) : وإن كان تطوّعاً توضّأ وصلّى ركعتين ، وإن كان يمكن المناقشة في دلالتها بأنّه يحتمل أن يكون مورد السؤال خصوص صورة النسيان ، وعليه فالحكم بالصحّة فيها لا يلازم عدم الاعتبار مع التوجّه والالتفات أيضاً . ورواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : قلت له : إنّي أطوف طواف النافلة وأنا على غير وضوء؟ قال : توضّأ وصل وإن كنت متعمّداً ، وبمثلها يجاب عن المناقشة يجاب عن المناقشة المذكورة ويعلم انّ المراد من مورد السؤال أعمّ من صورة النسيان ويشمل صورة التعمّد أيضاً ، كما انّه بسبب هذه الروايات تقيد المطلقات الواردة الدالّة على أنّ الطواف يعتبر فيه الوضوء كرواية زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يطوف على غير وضوء أيعتدّ بذلك الطواف؟ قال : لا . كما انّه بها يفسّر ما ورد من انّ الطواف بالبيت صلاة لو كان المراد التنزيل في جميع الجهات لا التشبيه في خصوص ما يترتّب عليه من الأجر والثواب كما لا تبعد دعواه . ثمّ إنّه لا خفاء في اعتبار الوضوء في صلاة الطواف وإن كان تطوّعاً ويدلّ عليه الصفحة 369ـ مضافاً إلى ما عرفت من اعتبار الوضوء في الصلاة مطلقاً ـ الروايات الدالّة على اعتباره فيها كبعض الروايات المتقدّمة ، بل بعضها يدلّ على إعادة الصلاة مع نسيان الوضوء دون الطواف كرواية حريز عن أبي عبدالله(عليه السلام) في رجل طاف تطوّعاً وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء ، فقال : يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف . فإنّ موردها امّا خصوص صورة النسيان أو الأعمّ منه ومن المتعمّد . ثمّ الظاهر انّ الطواف الواجب بالنذر بحكم الطواف المستحبّ في عدم اعتبار الوضوء فيه وذلك لأنّ الوجوب الذي يتحقّق بسبب النذر إنّما يكون متعلّقه الوفاء بالنذر ولا يتعدّى عنه إلى ما به يتحقّق الوفاء ولا يصير الطواف واجباً وإلاّ يلزم اجتماع الحكمين في الطواف فهو قبل تعلّق النذر به وبعده على حكمه الاستحبابي ، غاية الأمر موافقة الحكم الوجوبي المتعلّق بالوفاء لا تحصل إلاّ مع الإتيان بهذا العمل المستحبّ فإذا فرضنا انّ الطواف المستحبّ لا يكون مشروطاً بالوضوء فكيف يتغيّر الحكم بعد تعلّق النذر ويصير الطواف مشروطاً به ، ودعوى انّ ما ذكر يجري في الطواف الذي هو جزء للحجّ المستحبّ أو العمرة كذلك وإن قلنا بالوجوب بمجرّد الشروع لأنّ متعلّق الوجوب بمقتضى الآية هو عنوان الإتمام وهو لا يوجب صيرورة الطواف واجباً لعدم تعدّي الحكم عن متعلّقه إلى غيره مدفوعة بأنّ عنوان الإتمام ليس عنواناً مغائراً لبقيّة الأعمال بل هو عنوان انتزاعي لها جيء بها كناية عنها وهذا بخلاف عنوان الوفاء بالنذر الذي هو عنوان مستقلّ لا يرتبط بالعنوان الذي صار متعلّقاً للنذر فتدبّر جيّداً . هذا تمام الكلام في القسم الأوّل . وامّا القسم الثاني وهو ما يكون الوضوء شرطاً لجوازه ورفع المنع عنه فمصداقه الظاهر مسّ كتابة القرآن ، والكلام في هذه المسألة يقع من جهات : الجهة الاُولى : في انّه هل يحرم مسّ كتابة القرآن من غير وضوء أم لا؟ المشهور الصفحة 370بين المتقدّمين والمتأخّرين الأوّل ، بل عن المختلف وظاهر البيان والتبيان الإجماع عليه ، وخالفهم في ذلك الشيخ وابن البراج وابن إدريس والأردبيلي ـ والتزموا ـ على ما حكى عنهم ـ بالكراهة . وقد استدلّ على مذهب المشهور بقوله تعالى : (لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ)(1) . وأورد على الاستدلال به بأنّ معنى الآية المباركة انّ الكتاب لعظمة معاني آياته ودقّة مطالبه لا ينال فهمها ولا يدركها إلاّ من طهّره الله سبحانه ، وهم الأئمّة(عليهم السلام)لقوله سبحانه : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) . وليست لها دلالة على حصر جواز المسّ للمتطهّر لأنّ المطهّر ـ بالفتح ـ غير المتطهّر وهما من بابين ولم ير إطلاق الأوّل على الثاني في شيء من الكتاب والأخبار ، على أنّ الضمير في يمسّه إنّما يرجع إلى الكتاب المكنون وهو اللوح المحفوظ ـ الذي يكون القرآن فيه ـ ومعناه انّ الكتاب المكنون لا يصل إلى دركه إلاّ من طهّره الله وهم الأئمّة(عليهم السلام) فالآية أجنبية عن المقام بالكلّية . هذا بالنظر إلى نفس الآية المباركة . وامّا بالنظر إلى ما ورد في تفسيرها ففي رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن(عليه السلام) قال : المصحف لا تمسّه على غير طهر ولا جنباً ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه انّ الله تعالى يقول : لا يمسّه إلاّ المطهرون . ومقتضى الرواية انّ الضمير في «يمسّه» راجع إلى الكتاب الموجود بين المسلمين وانّ المراد بالمسّ هو المسّ الظاهري إلاّ غير قابلة للاستدلال بها لضعف سندها من وجوه منها انّ الشيخ رواها باسناده عن علي بن حسن بن فضّال وطريق الشيخ إليه ضعيف ، بل ودلالتها أيضاً قابلة (1) سورة الواقعة : 79 .الصفحة 371للمناقشة لاشتمالها على المنع من تعليق الكتاب وحيث لا قائل بحرمة التعليق من غير وضوء فلا مانع من أن يجعل ذلك قرينة على إرادة الكراهة من النهي ولو بأن يقال إنّ الكتاب لمكان عظمته وشموخ مقاصده ومداليله لا يدركه غير المعصومين(عليهم السلام) ولذا يكره مسّه وتعليقه من غير طهر فالرواية لا تدلّ على حرمة المسّ وإرجاع الضمير إلى الكتاب الموجود بين المسلمين . هذا ما أفاده بعض الأعلام ـ على ما في تقريراته في شرح العروة ـ . والجواب عنه انّ رجوع الضمير إلى الكتاب الموجود بين المسلمين ممّا لا مجال لإنكاره فإنّ الآيات الواقعة بعد قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) إنّما يكون في وصف القرآن وقد وصفه تعالى بأنّه في كتاب مكنون وانّه لا يمسّه إلاّ المطهرون وانّه تنزيل من ربّ العالمين ، فهل يرجع الضمير في «لا يمسّه» إلى الكتاب المكنون مع انّ التنزيل الواقع بعده صفة للقرآن لا للكتاب المكنون ، فالضمير يرجع إلى القرآن بلا إشكال . وامّا عنوان المطهّر ـ بالفتح ـ فقد قال الله تعالى في ذيل آية الوضوء : (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)(1) ، وقال تعالى في موضع آخر : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ)(2) ومقتضى الآيتين صيرورة المتوضّي والمغتسل مطهّرين ـ بالفتح ـ بالتطهير الذي أراده الله ، نعم الفرق بين التطهير الذي يدلّ عليه آية التطهير المعروفة وبين التطهير الذي هو مفاد آية الوضوء وشبهها هو انّ التطهير في آية التطهير متعلّقة للإرادة التكوينية ومتعلّقة بالنفوس والقلوب (1) سورة المائدة : 6 .
|
<<التالي | الفهرس | السابق>> |