(الصفحة261) (الصفحة262) (الصفحة263) (الصفحة264) القول في العهد لا ينعقد العهد بمجرّد النيّة ، بل يحتاج إلى الصيغة على الأقوى ، وصورتها : «عاهدت الله» أو «عليَّ عهد الله» ويقع مطلقاً ومعلّقاً على شرط كالنذر ، والظاهر أنّه يعتبر في المعلّق عليه ـ إن كان مشروطاً ـ ما اعتبر فيه في النذر المشروط ، وأمّا ما عاهد عليه فهو بالنسبة إليه كاليمين يعتبر فيه أن لا يكون مرجوحاً ديناً أو دنياً ، ولا يعتبر فيه الرجحان فضلاً عن كونه طاعة ، فلو عاهد على فعل مباح لزم ، ولو عاهد على فعل كان تركه أرجح ، أو على ترك أمر كان فعله أولى ـ ولو من جهة الدُّنيا ـ لم ينعقد ، ولو لم يكن كذلك حين العهد ثمّ طرأ عليه ذلك انحلّ1 . 1 ـ يدلّ على وجوب الوفاء بالعهد ـ مضافاً إلى ظهور التسالم عليه ، وإلى ما عن بعض التفاسير من تفسير آية : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}(1) بعامّة العهود الشاملة لمعاهدة الله(2) ، وإلى إطلاق الآيات التي وقع فيها الأمر بالوفاء (1) سورة المائدة : 5 /1 . (2) تفسير القمّي : 1 / 160 ، تفسير العياشي : 1 / 289 ح5 ، جامع البيان : 6 / 31ـ 32 ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد : 2 / 147 ـ 148 ، مجمع البيان : 3 / 250 ، كنز الدقائق : 3 / 4 . (الصفحة265) بالعهد(1) ، معلّلاً في بعضها بأنّ العهد كان مسؤولاً(2) ـ الروايات الكثيرة الدالّة على وجوب الكفّارة بمخالفة العهد(3) الظاهرة في وجوب الوفاء بالعهد كالنذر واليمين . وكيف كان ، فالظاهر عدم انعقاد العهد بمجرّد النيّة التي هي أمر نفساني ، بل يحتاج إلى الصيغة ; لكونه من الاُمور الإنشائية كالنذر واليمين ، وكما أنّ النذر قد يكون مطلقاً وقد يكون معلّقاً على شرط ، كذلك العهد على قسمين : المطلق والمعلّق ، غاية الأمر أنّه يعتبر في المعلّق عليه ما اعتبر فيه في النذر المشروط; من أنّه قد يكون من فعل الشخص ، وقد يكون من فعل غيره ، وقد يكون من فعل الله تعالى . وأمّا ما عاهد عليه فالعهد بالإضافة إليه إنّما يكون مثل اليمين; في أنّه يعتبر فيه أن لا يكون مرجوحاً ديناً أو دنياً . نعم ، لا يعتبر فيه الرجحان فضلاً عن كونه طاعة ، فلو عاهد على فعل مباح لزم بشرط أن لا يكون تركه أرجح ، كما أنّه لو عاهد على ترك مباح لزم إذا لم يكن فعله أرجح ولو من جهة الدُّنيا . وبالجملة : لا دليل على اعتبار الرجحان الشرعي فيما عاهد عليه ، بل اللازم عدم المرجوحيّة فيه فعلاً أو تركاً ولو من جهة الدُّنيا ; لأنّه لا مجال لوجوب الوفاء بالعهد الذي كان تركه أرجح ، ولو لم يكن كذلك حين العهد ثمّ طرأ عليه المرجوحيّة ينحلّ العهد ولا يبقى بحاله كما عرفت فيما تقدّم . (1) سورة البقرة : 2 / 40 ، سورة الأنعام : 6 / 152، سورة النحل : 16 / 91 . (2) سورة الإسراء : 17 / 34 . (3) تهذيب الأحكام : 309 ح1148 وص315 ح1170 ، الاستبصار : 4 / 54 ح187 وص55 ح189 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 173 ح454 ، وعنها الوسائل : 22 / 395 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ب24 ح1 و2 ، وج23/326ـ 327 ، كتاب النذر والعهد ب25 ح1 ، 2 و 4 ، وفي البحار : 104 / 244 ح161 . (الصفحة266) مسألة : مخالفة العهد بعد انعقاده توجب الكفّارة ، والأظهر أنّ كفّارتها كفّارة من أفطر يوماً من شهر رمضان1 . 1 ـ البحث في كفّارة مخالفة العهد إنّما هو كالبحث في كفّارة مخالفة النذر ، وستأتي كلتاهما في كتاب الكفّارات إن شاء الله تعالى ، هذا تمام الكلام في كتب الأيمان والنذور والعهود . (الصفحة267) (الصفحة268) (الصفحة269) القول في أقسامها وهي على أربعة أقسام : مرتّبة ، ومخيّرة ، وما اجتمع فيه الأمران ، وكفّارة الجمع . أمّا المرتّبة; فهي ثلاث : كفّارة الظهار ، وكفّارة قتل الخطأ ، يجب فيهما العتق ، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين ، فإن عجز فإطعام ستّين مسكيناً ، وكفّارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وهي إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام ، والأحوط كونها متتابعات . وأمّا المخيّرة; فهي كفّارة من أفطر في شهر رمضان بأحد الأسباب الموجبة لها ، وكفّارة حنث النذر ، وكفّارة حنث العهد ، وكفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب ; وهي العتق ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، مخيّراً بينها على الأظهر . وما اجتمع فيه الأمران : كفّارة حنث اليمين ، وكفّارة نتف المرأة شعرها وخدش وجهها في المصاب ، وشقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته ، فيجب في جميع ذلك عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم مخيّراً … (الصفحة270) بينها ، فإن عجز عن الجميع فصيام ثلاثة أيّام . وأمّا كفّارة الجمع; فهي كفّارة قتل المؤمن عمداً وظلماً ، وكفّارة الإفطار في شهر رمضان بالمحرّم على الأحوط ; وهي عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين وإطعام ستّين مسكيناً1 . 1 ـ الكفّارات على أربعة أقسام : القسم الأوّل : الكفّارة المرتّبة ; وهي ثابتة في ثلاث موارد : أحدها : الظهار ، فقد وردت فيها الآية والروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال ، أمّا الآية فقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً}(1) . ومن الروايات صحيحة أبي ولاّد الحنّاط ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث الظهار قال : وندم الرجل على ما قال لامرأته ، وكره الله ذلك للمؤمنين بعد ، فأنزل الله عزّوجلّ : {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}يعني ما قال الرجل الأوّل لامرأته : أنت عليَّ كظهر اُمّي ، قال : فمن قالها بعدما عفا الله وغفر للرجل الأوّل فإنّ عليه {تَحْرِيرُ رَقَبَة مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} يعني مجامعتها {ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} فجعل الله (1) سورة المجادلة : 58 / 3 ـ 4 . (الصفحة271) عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا(1) . ثانيها : قتل الخطأ ; وهي الكفّارة المذكورة المرتّبة ، من دون فرق بين صورة أخذ الدية وعدمه ، وكذا من دون فرق بين ما كان المقتول حرّاً أو عبداً ، وقد وردت فيه طائفة من الروايات ، مثل : صحيحة عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : كفّارة الدم إذا قتل الرجل مؤمناً متعمّداً ـ إلى أن قال : ـ وإذا قتل خطأً أدّى ديته إلى أوليائه ، ثمّ أعتق رقبة ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستّين مسكيناً مدّاً مدّاً ، وكذلك إذا وهبت له دية المقتول ، فالكفّارة عليه فيما بينه وبين ربّه لازمة(2) . ثالثها : من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وكفّارته إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام ، ويدلّ عليه صحيحة بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : إن كان أتى أهله قبل زوال الشمس فلاشيء عليه إلاّ يوماً مكان يوم ، وإن كان أتى أهله بعد زوال الشمس فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين ، فإن لم يقدر عليه صام يوماً مكان يوم، وصام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع(3) . القسم الثاني : الكفّارة المخيّرة بين العتق ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام (1) الكافي : 6 / 152 ح1 ، وعنه الوسائل : 22 / 359 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب1 ح1 . (2) تهذيب الأحكام : 8 / 322 ح1196 ، وعنه الوسائل : 22 / 374 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب10 ح1 . (3) الكافي : 4 / 122 ح5 ، الفقيه : 2 / 96 ح430 ، المقنع : 200 ـ 201 ، تهذيب الأحكام : 4/278 ح844 ، الاستبصار : 2 / 120 ح391 ، وعنها الوسائل : 10 / 347 ، كتاب الصوم أبواب أحكام شهر رمضان ب29 ح1 ، وفي البحار : 96 / 333 ح6 عن الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام) : 213 . (الصفحة272) ستّين مسكيناً ; وهي ثابتة في موارد آتية : الأوّل : كفّارة من أفطر في شهر رمضان بأحد الأسباب الموجبة للكفّارة ، والبحث في هذا المجال موكول إلى كتاب الصوم . الثاني : كفّارة حنث النذر ، فقد ورد في رواية عبد الملك بن عمرو ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عمّن جعل لله عليه أن لا يركب محرّماً سمّـاه فركبه ؟ قال : لاأعلمه إلاّقال:فليعتق رقبة، أوليصم شهرين متتابعين، أوليطعم ستّين مسكيناً(1). ووردت في هذا المورد روايات اُخرى دالّة على غير ذلك ، لكن المشهور ما ذكرنا(2) . الثالث : كفّارة حنث العهد ، وقد وردت فيها رواية عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : سألته عن رجل عاهد الله في غير معصية ، ما عليه إن لم يفِ بعهده؟ قال : يعتق رقبة ، أو يتصدّق بصدقة ، أو يصوم شهرين متتابعين(3) . والمراد بالتصدّق كما في رواية أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السلام) هو إطعام ستّين مسكيناً ، قال : من جعل عليه عهد الله وميثاقه في أمر لله طاعة فحنث فعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً(4) . الرابع : كفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب ، والعمدة في المسألة رواية خالد بن (1) تهذيب الأحكام : 8/314 ح1165 ، الاستبصار : 4 / 54 ح188 ، وعنهما الوسائل : 22 / 394 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب23 ح7 . (2) رياض المسائل : 11 / 235 ، جواهر الكلام : 33 / 174 . (3) تهذيب الأحكام : 8/309 ح1148 ، الاستبصار : 4 / 55 ح189 ، وعنهما الوسائل : 22 / 395 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب24 ح1 . (4) تهذيب الأحكام : 8/315 ح1170 ، الاستبصار : 4 / 54 ح187 ، وعنهما الوسائل : 22 / 395 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب24 ح2 . (الصفحة273) سدير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل شقّ ثوبه على أبيه ، أو على اُمّه ، أو على أخيه ، أو على قريب له ، فقال : لا بأس بشقّ الجيوب ، قد شقّ موسى بن عمران على أخيه هارون ، ولا يشقّ الوالد على ولده ، ولا زوج على امرأته ، وتشقّ المرأة على زوجها ، وإذا شقّ زوج على امرأته ، أو والد على ولده فكفّارته حنث يمين ، ولا صلاة لهما حتّى يكفّرا ، أو يتوبا من ذلك ، فإذا خدشت المرأة وجهها ، أو جزّت شعرها ، أو نتفته ، ففي جزّ الشعر عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، وفي الخدش إذا دميت ، وفي النتف كفّارة حنث يمين ، ولا شيء في اللطم على الخدود سوى الاستغفار والتوبة ، ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميّات على الحسين بن علي (عليهما السلام) ، وعلى مثله تلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب(1) . القسم الثالث : ما اجتمع فيه الأمران ; وهي أيضاً ثابتة في موارد : الأوّل : كفّارة حنث اليمين ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى الآية الشريفة(2) التي هي الأصل في ذلك ـ روايات متعدّدة : منها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في كفّارة اليمين ، يطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ من حنطة ، أو مدّ من دقيق وحفنة ، أو كسوتهم لكلّ إنسان ثوبان، أو عتق رقبة ، وهو في ذلك بالخيار أيّ ذلك (الثلاثة خ ل) شاء صنع ، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث فالصيام عليه ثلاثة أيّام(3) . وبهذا المضمون روايات كثيرة. (1) تهذيب الأحكام : 8/325 ح1207 ، وعنه الوسائل : 22 / 402 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب31 ح1 . (2) سورة المائدة : 5 / 89 . (3) الكافي : 7 / 451 ح1 ، تهذيب الأحكام : 8/295 ح1091 ، الاستبصار : 4 / 51 ح174 ، وعنها الوسائل : 22 / 375 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب12 ح1 . (الصفحة274) الثاني : كفّارة نتف المرأة شعرها في المصاب ، أو خدش وجهها فيه ، ويدلّ عليه خبر خالد بن سدير المتقدّم المنجبر ضعفه بفتوى جماعة من الفقهاء(1) ، بل المشهور(2) على طبقها ، وقد تقرّر في محلّه أنّ الشهرة الفتوائية جابرة للضعف ، كما أنّها قادحة في الاعتبار في صورة المخالفة . الثالث : شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته ، ويدلّ عليه الخبر المتقدّم الدالّ على النهي عن شقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته ، وعلى أنّ كفّارته كفّارة حنث اليمين . نعم ، له الدلالة على جواز لطم الخدود وشقّ الجيوب كما فعلت ذلك الفاطميّات بالإضافة إلى سيّد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام) . القسم الرابع : كفّارة الجمع ; وهي أيضاً ثابتة في موردين : الأوّل : كفّارة قتل المؤمن عمداً ظلماً ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى الآية(3) التي هي الأصل في ذلك ـ روايات : منها : رواية عبدالله بن سنان وابن بكير جميعاً ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سُئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمِّداً ـ إلى أن قال : ـ فقال : إن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبه ، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية ، وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم ستّين مسكيناً توبةً إلى الله عزّوجلّ(4) . ولابدّ من حمل الرواية على صورة كون القاتل راضياً بالدية مكان (1) المهذّب لابن البرّاج : 2 / 424 ، الوسيلة : 353 ، إصباح الشيعة : 487 ، السرائر : 3/ 78 ، شرائع الإسلام : 3 / 68 ، الجامع للشرائع : 418 . (2) رياض المسائل : 11 / 244 ـ 246 ، جواهر الكلام : 33 / 183 ـ 184 . (3) سورة النساء : 4 / 92 . (4) الكافي : 7 / 276 ح2 ، وعنه الوسائل : 22 / 398 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ب28 ح1 . (الصفحة275) مسألة : لا فرق في جزّ المرأة شعرها بين جزّ تمام شعر رأسها ، أو جزّ بعضه بما يصدق عرفاً أنّها جزّت شعرها ، كما لا فرق بين كونه في مصاب زوجها ومصاب غيره ، وبين القريب والبعيد ، والأقوى عدم إلحاق الحلق والإحراق به وإن كان أحوط ، سيّما في الأوّل1 . المسألة : لا يعتبر في خدش الوجه خدش تمامه ، بل يكفي مسمّاه . نعم ، الظاهر أنّه يعتبر فيه الإدماء ، ولا عبرة بخدش غير الوجه ولو مع الإدماء ، ولا بشقّ ثوبها وإن كان على ولدها أو زوجها ، كما لا عبرة بخدش الرجل وجهه ، ولا بجزّ شعره ، ولا بشقّ ثوبه على غير ولده وزوجته . نعم ، لا فرق في الولد بين الذكر والاُنثى ، وفي شموله لولد الولد تأمّل ، والأحوط ذلك في ولد الابن ، القصاص ، وإلاّ فقد ذكرنا في كتاب القصاص أنّ له الامتناع عن إعطاء الدية وتسليم النفس للقصاص(1) ، لكنّه على خلاف ما هو الغالب ، كما لايخفى . الثاني : الإفطار بالمحرّم في شهر رمضان ، كما إذا زنا فيه ، أو شرب المسكر ، أو تعمّد الكذب على الله،وقداحتاط فيه بثبوت كفّارة الجمع، والتفصيل في كتاب الصوم. 1 ـ الملاك في جزّ المرأة شعرها هو الصدق العرفي ، وعليه فلا فرق في ذلك بين جزّ تمام شعر الرأس وبعضه مع الصدق العرفي ، كما أنّ إطلاق «المصاب» لا فرق فيه بين أن يكون مصاب زوجها أو غيره ، قريباً كان كالأب والاُمّ ، أم بعيداً ، وكذلك المناط عنوان الجزّ ، ولذا لا يلحق به الحلق والإحراق وإن احتاط استحباباً فيهما ، خصوصاً بالإضافة إلى الحلق الذي هو أقرب إلى الجزّ . (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القصاص : 288 . (الصفحة276) والظاهر عدم الشمول لولد البنت وإن كان أحوط ، ولا يبعد شمول الزوجة لغير الدائمة ، سيّما إذا كانت مدّتها طويلة1 . 1 ـ لا يعتبر في خدش الوجه خدش تمامه ، بل يكفي مسمّـاه . نعم ، الظاهر أنّه يعتبر فيه الإدماء ، كما وقع التقييد بها في رواية خالد بن سدير المتقدّمة ، ولا عبرة بخدش غير الوجه مطلقاً ، مع الإدماء وعدمها ، ولا بشقّ المرأة ثوبها وإن كان على ولدها أو زوجها ، كما عرفت في الفاطميّات اللواتي شققن الجيوب ، كما أنّه لا عبرة بخدش الرجل وجهه ، ولا بجزّ شعره ، ولا بشقّ ثوبه على غير ولده وزوجته ، كما مرّ في الرواية أنّه قد شقّ موسى بن عمران الجيب على أخيه هارون ، فالمنع منحصر بشقّ الوالد ثوبه على ولده ، والزوج على زوجته . نعم ، لا شبهة في أنّ إطلاق الولد يشمل الذكر والاُنثى ، لكن تأمّل في المتن في شموله لولد الولد ، لا لأنّه ليس بولد ، بل هو ولد ، كما نرى التصريح بأنّ الأئمّة (عليهم السلام)أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بل لانصراف الولد المذكور في الرواية عن ولد الولد وإن احتاط وجوباً بالإضافة إلى ولد الابن ، واستحباباً بالنسبة إلى ولد البنت ، وقد مرّ منّا في كتاب الخمس أنّ ولد البنت أيضاً ولد حقيقة(1) ، ولكن المعتبر في تحقّق عنوان السيادة لا البنوّة الانتساب بالأب ، كما أنّا ذكرنا فيه(2) أنّ سيادة السادة العلويّين إنّما هي بالانتساب بالأب إلى سيّد الموحِّدين أمير المؤمنين (عليه السلام) ، لا بالاُمّ إلى الرسول ولو كانت هي الزهراء المرضيّة سلام الله عليها . ثمّ إنّه نفى البُعد في ذيل المسألة عن شمول الزوجة للمنقطعة ; لأنّها زوجة حقيقة يترتّب عليها أحكامها إلاّ ما قد خرج ، كالتوارث احتمالاً . (1، 2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الخمس : 255 . (الصفحة277) القول في أحكام الكفّارات مسألة : لا يجزئ عتق الكافر في الكفّارة مطلقاً ، فيشترط فيه الإسلام . ويستوي في الإجزاء الذكر والاُنثى ، والكبير والصغير الذي هو بحكم المسلم; بأن كان أحد أبويه مسلماً ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في كفّارة القتل بعتق البالغ . ويشترط أيضاً أن يكون سالماً من العيوب التي توجب الانعتاق قهراً ، كالعمى والجذام والإقعاد والتنكيل ، ولا بأس بسائر العيوب ، فيجزئ عتق الأصمّ والأخرس وغيرهما ، ويجزئ عتق الآبق وإن لم يعلم مكانه ما لم يعلم موته1 . 1 ـ وليعلم قبل الورود في المسألة أنّه حيث لا يكون العتق المأمور به في الكفّارة مقدوراً سيّما في هذه الأزمنة ، وقد مرّ في بعض المباحث المتقدّمة أنّه يمكن الاستنباط من الموارد المختلفة أنّ نظر الشارع إلى قطع اُصول العبوديّة وإعدام موضوع الرقّية ، وعليه فمع عدم الإمكان لأجل هذه الجهة لابدّ أن يقال بسقوط التكليف به ; سواء كان بنحو الترتيب ، أو التخيير ، أو كفّارة الجمع ، كما عرفت مواردها . ويمكن أن يقال : بأنّه مع عدم إمكان العتق في مورد لزومه تصل النوبة إلى (الصفحة278) الاستغفار ، كما يستفاد من بعض الروايات الواردة في هذا المجال(1) . وكيف كان ، فالمذكور في الآية الشريفة في كفّارة قتل الخطأ قوله تعالى : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة}(2) وقد اتّفقوا على أنّ المراد بالإيمان هنا هو الإسلام ، لا الإيمان(3) الذي هو أخصّ منه ، غاية الأمر الإشكال في أنّ هذا القيد قد ذكر في قتل الخطأ ، وقد ذكر في الجواهر إرادة ذلك فيه من حيث كونه كفّارة قتل ، لا من حيث كونه خطأ ، قال : ومن هنا لم يفرّق أحد بينه، وبين العمد الذي هو أولى باعتبار ذلك منه(4) . ويستوي في الإجزاء الذكر والاُنثى ، والكبير والصغير الذي يكون بحكم المسلم; بأن كان أحد أبويه مسلماً ، لكن في المتن : لا ينبغي ترك الاحتياط في كفّارة القتل بعتق البالغ ، ومنشؤه رواية عبّر عنها في الشرائع بالحسنة(5) ، وهي رواية معمر بن يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يظاهر من امرأته يجوز عتق المولود في الكفّارة؟ فقال : كلّ العتق يجوز فيه المولود إلاّ في كفّارة القتل ، فإنّ الله ـ عزّوجلّ ـ يقول : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مُؤْمِنَة} يعني بذلك مقرّة قد بلغت الحنث(6) . (1) وسائل الشيعة : 10/ 48 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب8 ح9 ، وج22 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب6 . (2) سورة النساء : 4 / 92 . (3) شرائع الإسلام : 3 / 70 ، مسالك الأفهام : 10 / 38 ، جواهر الكلام : 33 / 197ـ 198 . (4) جواهر الكلام : 33 / 195 . (5) شرائع الإسلام : 3 / 70 . (6) الكافي : 7 / 462 ح15 ، تفسير العيّاشي : 1 / 263 ح219 ، وعنهما الوسائل : 22 / 370 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ب7 ذ ح6 . (الصفحة279) مسألة : يعتبر في الخصال الثلاث ـ أي العتق والصيام والإطعام ـ النيّة المشتملة على قصد العمل ، وقصد القربة ، وقصد كونه عن الكفّارة ، وتعيين نوعها لو كانت عليه أنواع متعدّدة ، فلو كانت عليه كفّارة ظهار ويمين وإفطار وقد ذكر في الجواهر روايات اُخرى بهذا المضمون ، وقال بعدها : إنّها في الحقيقة مهجورة لا تصلح مقيّدة لإطلاق ما دلّ على التبعية المزبورة(1) ، وعلى أيّ فالاحتياط كما في المتن . ويعتبر في المعتق أن يكون سالماً من العيوب التي توجب الانعتاق قهراً ، كالموارد المذكورة في المتن . نعم ، لا يعتبر أن يكون سالماً من غيرها من العيوب; كالأصمّ والأخرس ، والروايات الدالّة على هذا التفصيل كثيرة . منها : رواية أبي البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : لا يجوز في العتاق الأعمى والمقعد ، ويجوز الأشلّ والأعرج(2) . ومنها : غير ذلك من الروايات ، ويؤيّده الاعتبار أيضاً ، فإنّ من كان فيه عيب يوجب الانعتاق قهراً ، فإن بلغ إلى مرحلة الانعتاق فلا معنى لعتقه ; لأنّه تحصيل الحاصل وإن لم يبلغ إلى تلك المرحلة ، فحيث إنّك عرفت أنّ غرض الشارع قطع اُصول الرقيّة والعبوديّة ، فاللازم إعتاق ما كان سالماً عن هذا العيب ليتحقّق فردان من الحرّ ، كما لا يخفى . ثمّ إنّ الإباق لا يكون مانعاً عن جواز العتق ، بل يجوز عتق العبد الآبق ; لعدم المانع عن عتقه ـ وإن كان مجهول المكان ـ بشرط عدم العلم بموته . (1) جواهر الكلام : 33 / 199 ـ 200 . (2) الكافي : 6 / 196 ح11 ، قرب الإسناد : 158 ح579 ، الفقيه : 3 / 85 ح311 ، المقنع : 473 ـ 474 ، تهذيب الأحكام : 8 / 230 ح832 ، وعنها الوسائل : 22 / 397 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب27 ح1 وج23 / 45 ـ 46 ، كتاب العتق ب23 ح4 و5 ، وفي البحار : 104 / 196 ح6 عن قرب الإسناد . (الصفحة280) فأعتق عبداً ونوى التكفير لم يجزئ عن واحد منها . وفي المتعدّد من نوع واحد يكفي قصد النوع ، ولا يحتاج إلى تعيين آخر ، فلو أفطر أيّاماً من شهر رمضان من سنة أو سنين ، فأعتق عبداً لكفّارة الإفطار كفى وإن لم يعيّن اليوم الذي أفطر فيه ، وكذلك بالنسبة إلى الصيام والإطعام . ولو كان عليه كفّارة ولا يدري نوعها مع علمه باشتراكها في الخصال مثلاً كفى الإتيان بإحداها ناوياً عمّا في ذمّته ، بل لو علم أنّ عليه إعتاق عبد مثلاً ولا يدري أنّه منذور ، أو عن كفّارة كفى إعتاق عبد بقصد ما في ذمّته1 . 1 ـ يعتبر في الخصال الثلاث المعروفة ـ أعني العتق والصيام والإطعام ـ النيّة الجامعة لأربعة أشياء : قصد أصل الفعل وإرادته ، وقصد القربة المعتبر في العبادات ، وقصد كونه عن الكفّارة ، وقصد تعيين نوعها لو كانت عليه أنواع متعدّدة ، وفرّع على الأخير أنّه لو كانت عليه كفّارة ظهار ، ويمين ، وإفطار يوم من شهر رمضان ، فأعتق عبداً بنيّة الكفّارة من دون تعيين النوع لم يجزئ عن واحد منها ; لعدم التعيّن إلاّ بقصد التعيين ، كإتيان أربع ركعات مثلاً من دون قصد الظهريّة والعصريّة . نعم ، لو كان النوع واحداً والأفراد متعدّدة ، كما إذا أفطر في شهر رمضان متعدّداً ولو كان في سنتين أو أزيد ، فإذا أعتق عبداً لكفّارة الإفطار يكفي ولو لم يعيّن اليوم الذي أفطر فيه ، فضلاً عمّا إذا لم يكن معلوماً عنده ، وهكذا الحال بالنسبة إلى الصيام والإطعام ، فإنّه لابدّ من التعيين فيهما . ولو كان عليه كفّارة ولا يدري نوعها مع العلم بالاشتراك في الخصال كفى الإتيان بإحداها ناوياً عمّا في ذمّته ، كما إذا علم بأنّ عليه قضاء صلاة رباعيّة ، ولكن لم يعلم أنّها ظهر أو عصر أو عشاء ، فإنّه يجوز الاكتفاء بصلاة واحدة بنيّة ما في |