(الصفحة401)
مسألة 7 : الفسخ بالعيب ليس بطلاق ، سواء وقع من الزوج أو الزوجة ، فليس له أحكامه إلاّ تنصيف المهر في الفسخ بالعنن كما يأتي ، ولا يعتبر فيه
شروطه ، فلا يحسب من الثلاثة المحرّمة المحتاجة إلى المحلّل ، ولا يعتبر فيه عذراً ، كما مرّ(1) .
نعم ، لو علمت بذلك ورضيت بالإقامة معه ثمّ طلبت الخيار بعد ذلك فلا خيار ، كما وقع التصريح به في بعض الروايات المتقدّمة أيضاً; لأنّه بمجرّد الرضا بالإقامة معه وعدم المبادرة العرفيّة إلى الفسخ يسقط الخيار ، فلا يكون خيار بعد ذلك ، كما لايخفى .
وكيف كان فقد ذكر المحقّق في الشرائع : ولو ثبت العنن ثمّ ادّعى الوطء فالقول قوله مع يمينه(2) . والوجه فيه أنّه لا يعلم إلاّ من قبله ، لا يقال : إنّ مقتضى الاستصحاب بقاء العنن فالأصل مع المرأة ، لأنّا نقول : إنّ ثبوت العنن متوقّف على انقضاء الأجل من دون إمكان الوطء وهو لم يثبت ، وإنّما الثابت قبلها مجرّد العجز الذي يمكن معه العنّة وعدمها ، واستصحاب بقاء العجز لا يثبت العنّة بعد عدم حجّية الأصل المثبت .
ويؤيّده رواية أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : إذا تزوّج الرجل المرأة الثيّب التي تزوّجت زوجاً غيره فزعمت أنّه لم يقربها منذ دخل بها فإنّ القول في ذلك قول الرجل ، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها لأنّها المدّعية ، الحديث(3) .
(1) في ص397 .
(2) شرائع الإسلام : 2/321 .
(3) الكافي : 5/411 ح7 ، التهذيب : 7/429 ح 1709 ، الإستبصار : 3/251 ح 899 ، الوسائل : 21/233 ، أبواب العيوب والتدليس ب15 ح1 .
(الصفحة402)
الخلوّ من الحيض والنفاس ولا حضور العدلين1.
مسألة 8 : يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون إذن الحاكم ، وكذا المرأة بعيب الرجل . نعم مع ثبوت العنن يفتقر إلى الحاكم ، لكن من جهة ضرب الأجل حيث إنّه من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها ، فبعدما ضرب الأجل لها كان لها التفرّد بالفسخ عند انقضائه وتعذّر الوطء في المدّة من دون مراجعته2
1 ـ الفسخ بالعيب لا يكون طلاقاً وإن وقع من الزوج بعيب المرأة المشترك أو المختصّ ، ولا يترتّب عليه أحكامه ولا يعتبر فيه شروطه ، فلا يحتاج بعد الثلاثة إلى المحلّل ، ولا يعتبر فيه ما يعتبر في الطلاق من حضور العدلين والخلوّ من الحيض والنفاس .
نعم ، يأتي إن شاء الله تعالى(1) أنّ في الفسخ بالعنن تنصيف المهر ، ولكن هذه لا تدلّ على كونه طلاقاً ، ولذا قال المحقّق في الشرائع تفريعاً على أنّه ليس بطلاق ، فلا يطّرد معه تنصيف المهر(2) . ومعناه عدم ثبوت التنصيف بالإضافة إلى جميع العيوب ، ونفى الخلاف والإشكال في هذه الجهة صاحب الجواهر(قدس سره)(3) ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في بعض المسائل الآتية(4) .
2 ـ يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة ، سواء كان مشتركاً أو مختصّاً بها من دون الرجوع إلى الحاكم فضلاً عن استئذانه لاطلاق الأدلّة ، كما أنّه يجوز للمرأة الفسخ
(1) في ص407 .
(2) شرائع الإسلام : 2/320 .
(3) جواهر الكلام : 30/344 .
(4) في ص 406 .
(الصفحة403)
بعيب الرجل كذلك ، سواء كان مشتركاً أو مختصّاً به لما ذكر من إطلاق الأدلّة . نعم في خصوص العنن يحتاج إلى المرافعة إلى الحاكم ، لا من جهة توقّف صحّة فسخها عليه ، بل من جهة ضرب الأجل الذي لا يكون إلاّ من وظائفه ، فبعدما ضرب الحاكم الأجل لها يجوز لها التفرد ، بالفسخ عند انقضائه وتعذّر الوطء في المدّة من دون مراجعة ، ومن هنا حكى صاحب الجواهر(قدس سره) عن الأصحاب(1) الافتاء بذلك من غير اشكال فيه ولا تردّد .
نعم عن ابن الجنيد : وإذا اُريدت الفرقة لم تكن إلاّ عند من يجوز حكمه من والي المسلمين أو خليفته ، أو بمحضر من المسلمين إن كانا في بلد هدنة ، أو سلطان متغلّب(2) . وكأنّه مذاق العامة كما حكاه في جامع المقاصد(3) عن بعض العامة(4)وابن الجنيد منّا(5) .
هذا ، كما أنّه في صورة الاختلاف وتحقّق الخصومة في ثبوت العيب وعدمه لابدّ من المراجعة إلى الحاكم من دون فرق بين العنن وغيره; لأنّ فصل الخصومة إنّما هو مع الحاكم ، ولذا علّل الشيخ في موضع من المبسوط عدم الجواز ـ أي الفسخ بغير حاكم ـ بأنّه فسخ مختلف فيه(6) ، اللهمّ إلاّ أن يكون المراد تحقّق الاختلاف في هذا الفسخ نوعاً ، وإن لم يكن في بعض الموارد اختلاف .
(1) جامع المقاصد : 13/250 ، مسالك الأفهام : 8/127 ، الحدائق الناضرة : 24/373 ـ 374 .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/216 مسألة 145 .
(3) جامع المقاصد : 13/250 .
(4) المغني لابن قدامة : 7/585 ، المجموع : 17/436 .
(5) جواهر الكلام : 30/345 .
(6) المبسوط : 4/253 .
(الصفحة404)
مسألة 9 : لو فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها ، وإن كان بعده استقرّ عليه المهر المسمّى . وكذا الحال فيما إذا فسخت المرأة بعيب الرجل ، فتستحقّ تمام المهر إن كان بعده ، وإن كان قبله لم تستحق شيئاً إلاّ في العنن ، فانّها تستحقّ عليه نصف المهر المسمّى 1.
وكيف كان فمقتضى إطلاق الأدلّة ما ذكرنا من عدم توقّف صحّة الفسخ واقعاً على إذن الحاكم لعدم الدليل ، كما لايخفى .
1 ـ قال في الجواهر : إذا فسخ الزوج أو الزوجة بأحد العيوب السابقة فلا يخلو إمّا أن يكون قبل الدخول أو بعده ، حيث يجوز للجهل بالحال ، وعلى التقديرين إمّا أن يكون العيب متقدّماً على العقد أو متأخّراً عنه ، قبل الدخول أو بعده بناء على تحقّق الخيار بذلك ، والفاسخ إمّا الزوج أو الزوجة ، وعلى كلّ تقدير إمّا أن يكون هناك مدلّس أم لا ، فالصور أربعة وعشرون صورة(1) .
أقول : المهمّ فعلاً بلحاظ عدم البحث بالاضافة إلى التدليس البحث في مقامين :
المقام الأوّل : فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة ، وفيه صورتان :
الصورة الاُولى : ما إذا كان قبل الدخول ، ولا إشكال ولا خلاف في عدم ثبوت مهر لها حينئذ ، لا مهر المسمّى ولا مهر المثل ، لا كلاًّ ولا بعضاً ، ويدلّ عليه مثل :
صحيحة أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعدما دخل بها ، قال : فقال : إذا دلّست العفلاء ، والبرصاء ، والمجنونة ، والمفضاة ، ومن كان بها زمانة ظاهرة فانّها تردّ على أهلها من غير طلاق ، ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها ، فإن لم يكن وليّها علم بشيء
(1) جواهر الكلام : 30/346 .
(الصفحة405)
من ذلك فلا شيء عليه وتردّ على أهلها ، قال : وإن أصاب الزوج شيئاً ممّا أخذت منه فهو له ، وإن لم يصب شيئاً فلا شيء له ، قال : وتعتدّ منه عدّة المطلّقة إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فلا عدّة عليها ولا مهر لها(1) .
ورواية أبي الصباح قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة فوجد بها قرناً؟ قال : فقال : هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها تردّ على أهلها صاغرة ولا مهر له ، الحديث(2) .
ورواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) في رجل تزوّج امرأة فوجدها برصاء أو جذماء ، قال : إن كان لم يدخل بها ولم يتبيّن له فإن شاء طلّق ، وإن شاء أمسك ولا صداق لها ، وإذا دخل بها فهي امرأته(3) .
وقد عرفت(4) أنّ المراد بالطلاق فيها هو المعنى اللغوي الذي هو عبارة عن الفراق ، ضرورة عدم اشتراط الطلاق الشرعي بالخصوصيات المزبورة .
إلى غير ذلك من الروايات(5) الدالّة عليه ، التي يساعدها الاعتبار; لأن الفسخ وإن كان منه إلاّ أنّ سببه كان فيها ، كما لايخفى .
الصورة الثانية : ما إذا فسخ بعد الدخول ، ولابدّ من فرضه فيما إذا كان الدخول
(1) الكافي : 5/408 ح14 ، التهذيب : 7/425 ح1699 ، الإستبصار : 3/247 ح885 ، الوسائل : 21/211 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح1 .
(2) الكافي : 5/409 ح18 ، التهذيب : 7/427 ح1704 ، الإستبصار : 3/249 ح890 ، الوسائل : 21/208 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح4 .
(3) التهذيب : 7/426 ح1700 ، الإستبصار : 3/247 ح887 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 65 ، الوسائل : 21/210 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح14 .
(4) في ص397 .
(5) الوسائل : 21/21/211 ـ 214 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 .
(الصفحة406)
جائزاً شرعاً ، كما إذا كان مع الجهل بالحال ، وإلاّ فمع فرض العلم لابدّ من المبادرة العرفية إلى الفسخ إذا أراده ، كما مرّ(1) . ويدلّ عليه جملة من النصوص المتقدّمة وغيرها(2) . مضافاً إلى استقرار المهر بمجرّد الوطء ولو مرّة ، كما يدلّ عليه النصّ(3)والفتوى(4) . والكلام فعلاً في غير صورة التدليس الذي يأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى .
ودعوى أنّ مرجع الفسخ إلى إزالة قيد النكاح من الأصل وجعله كأن لم يكن ، فليس عليه إلاّ الغرامة مدفوعة ، بأنّ مقتضى النص الخلاف وثبوت المهر المسمّى عليه في هذه الصورة ، ولا محيص عن الأخذ به ، فتدبّر جيّداً .
المقام الثاني : فسخ المرأة بأحد عيوب الرجل ، وفيه صورتان أيضاً :
الصورة الاُولى : العيوب غير العنن ، فانّها لا تستحقّ من المهر شيئاً إذا كان ذلك قبل الدخول ، وأمّا إذا كان بعده فتستحقّ المهر كاملاً لاستقراره بالدخول وبما استحل من فرجها ، وقد نفى وجدان خلاف معتدّ به في الجواهر بل الإجماع عليه(5) ، ويدلّ عليه مثل :
رواية محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة حرّة تزوّجت مملوكاً على أنّه حرّ فعلمت بعد أنّه مملوك؟ فقال : هي أملك بنفسها إن شاءت
(1) في ص397 .
(2) الوسائل : 21/207 ـ 215 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ـ 3 .
(3) الوسائل: 21 / 319 ـ 320، أبواب المهور ب54 .
(4) الخلاف : 4/348 ، الروضة البهية : 5/395 ، مسالك الأفهام : 8/129 .
(5) جواهر الكلام : 30/349 .
(الصفحة407)
قرّت معه ، وإن شاءت فلا ، فإن كان دخل بها فلها الصداق ، وإن لم يكن دخل بها فليس لها شيء ، فإن هو دخل بها بعدما علمت أنّه مملوك وأقرّت بذلك فهو أملك بها(1) .
وموردها وإن كان غير العيوب المذكورة إلاّ أنّ الظاهر عدم الفرق من هذه الجهة المرتبطة بالمقام .
الصورة الثانية : فيما إذا فسخت بعيب العنن ، وفي هذه الصورة يثبت لها نصف المهر المسمّى ، خلافاً لأبي علي(2) فالجميع إذا خلا بها وإن لم يدخل ; لصحيحة أبي حمزة الثمالي المتقدّم صدرها ، وذيلها عبارة عن قوله : قال : فإن تزوّجت وهي بكر فزعمت أنّه لم يصل إليها ، فانّ مثل هذا تعرف النساء ، فلينظر إليها من يوثق به منهنّ ، فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الامام أن يؤجّله سنة ، فإن وصل إليها وإلاّ فرّق بينهما ، واُعطيت نصف الصداق ولا عدّة عليها(3) .
وتعتضد الرواية بعمل الأصحاب(4) وبالاعتبار نوعاً ، فانّ في مثل العنن لا يثبت كذلك إلاّ بحصول مرتبة من الدخول وتحقّق مقدّماته فيتحقّق تنصيف المهر ، والعمدة النصّ كما عرفت .
ولا تعارضه رواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : سألته عن عنّين دلّس نفسه لامرأة ما حاله؟ قال : عليه المهر ويفرّق بينهما إذا علم أنّه
(1) الكافي : 5/410 ح2 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 76 ح166 ، التهذيب : 7/428 ح 1707 الوسائل : 21/224 ، أبواب العيوب والتدليس ب11 ح1 .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/207 مسألة 133 .
(3) تقدّمت في ص401 .
(4) جامع المقاصد : 13/260 ، الروضة البهية : 5/394 ، مسالك الأفهام : 8/139 ، الحدائق الناضرة : 24/380 .
(الصفحة408)
مسألة 10 : لو دلّست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار وتبيّن له بعد الدخول ، فان اختار البقاء فعليه تمام المهر ، وإن اختار الفسخ لم تستحقّ المهر ، وإن دفعه إليها استعاده ، وإن كان المدلّس غير الزوجة فالمهر المسمّى ، وإن استقرّ على الزوج بالدخول واستحقت عليه الزوجة إلاّ أنّه بعدما دفعه إليها يرجع به إلى المدلّس ويأخذ منه1.
لا يأتي النساء(1) بعد عدم صحّة الرواية في نفسها وفي مقام المعاوضة .
1 ـ هذه المسألة شروع في بيان أحكام التدليس الذي يأتي بيان موضوعه في المسألة الآتية ، ومحصّل حكمه أنّه لو تحقّق فامّا أن يتحقّق من الزوجة ، وإمّا أن يتحقق من غيرها ، والكلام فعلاً في التدليس بأحد عيوب المرأة الموجبة للخيار ، ولو لم يكن تدليس ، فاعلم أنّه إن كانت المدلّسة هي الزوجة نفسها ولم يتبيّن العيب للزوج إلاّ بعد الدخول ، فان اختار البقاء على الزوجية مع وجود العيب المزبور فعلى الزوج تمام المهر المسمّى بلا إشكال ، وإن اختار الفسخ لا تستحقّ من المهر شيئاً وان تحقّق الدخول ، ويدلّ عليه جملة من الروايات ، مثل :
صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل ولّته امرأة أمرها ، أو ذات قرابة ، أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها ، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها ، قال : يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شيء(2) .
ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه (عليه السلام) قال : سألته عن امرأة دلّست نفسها لرجل
(1) قرب الإسناد : 249 ح 983 ، الوسائل : 21/232 ، أبواب العيوب والتدليس ب14 ح13 .
(2) الكافي : 5/407 ح10 ، الوسائل : 21/212 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح4 .
(الصفحة409)
وهي رتقاء؟ قال : يفرّق بينهما ولا مهر لها(1) .
وغير ذلك من الروايات الدالّة على هذا الحكم ، ومنه يظهر جواز الاستعادة إذا دفعه إلى المرأة المدلّسة .
وإن كان المدلّس غيرها فالمهر المسمّى ، وإن استقرّ على الزوج بالدخول واستحقت عليه الزوجة ، إلاّ أنّه بعدما دفعه إليها يرجع به على المدلّس ويأخذه منه ، ويدلّ عليه مثل :
صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة المشتملة على قوله (عليه السلام) : ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها ، فإن لم يكن وليّها علم بشيء من ذلك فلا شيء عليه وتردّ على أهلها ـ إلى أن قال : ـ وإن لم يكن دخل بها فلا عدّة عليها ولا مهر لها .
ورواية رفاعة بن موسى قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) ـ إلى أن قال : ـ وسألته عن البرصاء؟ فقال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة زوّجها وليّها وهي برصاء أنّ لها المهر بما استحلّ من فرجها ، وأنّ المهر على الذي زوّجها ، وإنّما صار عليه المهر لأنّه دلّسها(2) .
ومرسلة ابن بكير ، عن بعض أصحابه قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يتزوّج المرأة بها الجنون ، والبرص وشبه ذا؟ فقال : هو ضامن للمهر(3) .
ومقتضى الجمع بين المطلق والمقيّد الحمل على صورة الدخول وعدم وجود الوليّ أو عدم علمه ، وغير ذلك من الروايات الواردة .
(1) قرب الإسناد : 249 ح 984 ، الوسائل : 21/214 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح8 .
(2) الكافي : 5/407 ح9 ، التهذيب : 7/424 ح 1697 ، الإستبصار : 3/245 ح 878 ، الوسائل : 21/212 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح2 .
(3) الكافي : 5/406 ح7 ، الوسائل : 21/212 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 ح3 .
(الصفحة410)
مسألة 11 : يتحقّق التدليس بتوصيف المرأة بالصحّة عند الزوج للتزويج بحيث صار ذلك سبباً لغروره وانخداعه ، فلا يتحقّق بالإخبار لا للتزويج أو لغير الزوج ، والظاهر تحقّقه أيضاً بالسكوت عن العيب مع العلم به وخفائه عن الزوج واعتقاده بالعدم1.
1 ـ هذا شروع في بيان موضوع التدليس ، وذكر في المتن أنّه يتحقّق بتوصيف المرأة بالصحة أي خلوّها عن العيب مطلقاً ، لكن بشرط أن يكون ذلك عند الزوج ، وكان الإخبار بذلك له لأجل التزويج ، فإذا كان الاخبار بذلك لغير الزوج أو له لا للتزويج فالظاهر عدم التحقّق بذلك . نعم لا فرق بين أن يكون التوصيف بها للزوج بلا واسطة أو معها .
هذا بالإضافة إلى التزويج ، وقد ذكروا هذا العنوان في كتاب البيع وأثبتوا به الخيار إن فعل ما يظهر به ضدّ الواقع ، كتحمير وجه الجارية ، ووصل الشعر ، والتصرية للشاة ونحو ذلك .
ويظهر من روايات المقام تحقّقه أيضاً بالسكوت عن العيب مع العلم به ، وخفائه عن الزوج واعتقاده بالعدم ، سواء كان هو وليّ الزوجة أو نفسها .
ففي صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في الرجل يتزوّج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبيّنوا له ، قال : لا تردّ ، وقال : إنّما يردّ النكاح من البرص ، والجذام ، والجنون ، والعفل ، الحديث(1) . فإن الذيل قرينة على أنّ الوجه في عدم الردّ في الصورة الاُولى ليس هو عدم البيان ، بل هو عدم كون العور من الاُمور
(1) الفقيه : 3/273 ح1299 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 78 ح171 ، الكافي : 5/406 ح 6 ، التهذيب : 7/426 ح 1701 ، الإستبصار : 3/247 ح 886 ، الوسائل : 21/209 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح6 .
(الصفحة411)
مسألة 12 : من يكون تدليسه موجباً للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند إليه التزويج : من وليّها الشرعي ، أو العرفي ، كأبيها وجدّها واُمّها وأخيها الكبير وعمّها وخالها ممّن لا تصدر إلاّ عن رأيهم ويتصدّون تزويجها ويرجع إليهم فيه في العرف والعادة ، ومثلهم على الظاهر بعض الأجانب ممّن له شدّة علاقة وارتباط بها بحيث لا تصدر إلاّ عن رأيه ، ويكون هو المرجع في اُمورها المهمّة ويركن إليه فيما يتعلّق بها ، بل لا يبعد أن يلحق بمن ذكر من يراود عند الطرفين ويعالج في إيجاد وسائل الائتلاف في البين1.
الموجبة للفسخ .
وفي رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) في رجل تزوّج امرأة فوجدها برصاء ، أو جذماء ، قال : إن كان لم يدخل بها ولم يتبيّن له فإن شاء طلّق ، وإن شاء أمسك ولا صداق لها ، وإذا دخل بها فهي امرأته(1) نظراً إلى أنّ قوله : فوجدها برصاء ، أو جذماء يشمل فرض السكوت أيضاً ، وغير ذلك من الروايات(2) التي يظهر منها تحقّق عنوان التدليس مع السكوت أيضاً .
1 ـ الذي يظهر من روايات(3) المقام أنّ الذي يرجع عليه بالمهر هو الأعم من المتولّي الشرعي لأمر المرأة ، بل يعمّ التولّي العرفي الذي يسند إليه التزويج إذا كان عالماً بعيبها عارفاً بعدم صحّتها ، وإن لم يكن وليّاً شرعيّاً كالاُمّ والاخ الكبير والعمّ
(1) التهذيب : 7/426 ح1700 ، الإستبصار : 3/247 ح887 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 65 ، الوسائل : 21/210 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح14 .
(2) الوسائل : 21/211 ـ 214 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 .
(3) الوسائل : 21/211 ـ 214 ، أبواب العيوب والتدليس ب2 .
(الصفحة412)
مسألة 13 : كما يتحقّق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون ، والعمى وغيرهما كذلك يتحقق في مطلق النقص كالعور ونحوه باخفائه ، وكذا في صفات الكمال كالشرف والحسب والنسب والجمال والبكارة وغيرها بتوصيفها بها مع فقدانها ، ولا أثر للأوّل أي التدليس في العيوب الموجبة للخيار إلاّ رجوع الزوج على المدلّس بالمهر كما مرّ ، وأمّا الخيار فانّما هو بسبب نفس وجود العيب ، وأمّا الثاني وهو التدليس في سائر أنواع النقص وفي صفة الكمال فهو موجب للخيار إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال مذكورين في العقد بنحو الاشتراط ، ويلحق به توصيفها به في العقد وإن لم يكن بعبارة
والخال وغيرهم ممّن لا تصدر إلاّ عن رأيهم ، ويتصدّون تزويجها ويرجع إليهم في هذا الأمر في العرف والعادة ، والظاهر عدم الفرق بين كونه قريباً أو من الأجانب; لأنّ المفروض عدم الاختصاص بالمتولّي الشرعي والوليّ كذلك .
والظاهر عدم الشمول بالإضافة إلى الوكيل في مجرّد العقد وإجراء الصيغة; لعدم اسناد التزويج وتحقّق الائتلاف بين الطرفين إليه ، وإن كان هو المجري للصيغة ولا يتحقّق النكاح بدونها ، كما أنّ الظاهر اللحوق بالولي من يراود عند الطرفين ، ويعالج في إيجاد وسائل الائتلاف بينهما لاسناد التزويج إليه أيضاً ، وعليه فلا يبعد أن يقال بتعدّد المدلّس في بعض المقامات ، فالرجوع إلى كلّ واحد لا يكون بتمام المهر بل بنسبة الأشخاص ، فإذا كان هناك أب ومراود يجوز له الرجوع إلى كلّ منهما بنصف المهر إذا كان كلاهما مدلّسين ، كما لايخفى .
ثمّ إنّ الظاهر اختصاص الغرامة بالولي وإن كان قد شاركته الامرأة بعد اعلام الزوج ، إلاّ أنّه حيث تكون المرأة مدخولاً بها لا محالة ـ كما هو المفروض ـ فلا تكون ضامنة بل لا تعقل الغرامة حينئذ ، فتدبّر جيّداً .
(الصفحة413)
الاشتراط ، كما إذا قال : زوّجتك هذه الباكرة أو غير الثيبة ، بل الظاهر أنّه إذا وصفها بصفة الكمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثمّ أوقعه مبنيّاً على ما ذكر كان بمنزلة الاشتراط ، فيوجب الخيار ، وإذا تبيّن ذلك بعد العقد والدخول واختار الفسخ ودفع المهر رجع به على المدلّس1.
1 ـ يفترق التدليس عن العيوب الموجبة للخيار بعد اشتراكهما في السببية للخيار وجواز الفسخ بأمور :
أحدها : اختصاص العيوب بما تقدّم من العيوب المشتركة أو المختصة(1) وجريان التدليس في مطلق النقص كالعور ونحوه ، وكذا في صفات الكمال كالشرف والحسب والنسب ، والجمال ، والبكارة وغيرها .
ثانيها : إنّ جريان الخيار في العيوب الموجبة له لا يحتاج إلى اشتراط عدمها أو ما يلحق به ممّا يأتي ، بل هي موجبة له مع جهل الآخر به ، وهذا بخلاف التدليس بالإضافة إلى غير تلك العيوب ، فانّه يحتاج إلى الاشتراط وما يلحق به ، كما يأتي إن شاءالله تعالى .
ثالثها : إنّ رجوع الزوج الجاهل إلى المهر بعد الدخول ودفعه إلى الزوجة إنّما يكون مع التدليس لا في غيره ، وإن كان الخيار موجوداً بسبب العيب وقد دخل بها ودفع المهر إليها ، فالثمرة في التدليس في العيوب الموجبة للخيار لا تكون إلاّ في رجوع الزوج على المدلّس ، كما مرّ .
ثمّ إنّه في صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في الرجل يتزوّج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبيّنوا له ، قال : لا تردّ ، وقال : إنّما يردّ النكاح من البرص ،
(1) في ص371 ـ 393 .
(الصفحة414)
والجذام ، والجنون ، والعفل ، الحديث(1) .
وهذه الرواية قابلة للملاحظة من جهتين : من جهة حصر ردّ النكاح في الأربعة ، مع أنّ العيوب أزيد والخيار في التدليس أيضاً موجود ، ومن جهة أنّ عدم بيان النقص والسكوت عنه ليس موجباً لردّ النكاح بوجه .
ويمكن الجواب عن الجهة الاُولى : بأنّ الحصر إضافي مع أنّه في نقل الكليني لا يكون مشتملاً على لفظ «إنّما» . وعن الجهة الثانية : بأنّ المراد عدم كون العور من العيوب الموجبة للفسخ بنفسها ولو لم يكن هناك تدليس ، فلا ينافي ثبوت الخيار من أجله لعلّة التدليس كما لايخفى ، مع أنّ التدليس الموجب للخيار إنّما هو بالإضافة إلى العيوب المجوّزة ، كما يأتي إن شاء الله تعالى .
ثمّ إنك عرفت أنّ ثبوت الخيار في التدليس في غير العيوب المخصوصة إنّما هو فيما إذا كان فقد العيب أو وجود صفة الكمال مذكوراً بنحو الاشتراط في متن العقد ، ويلحق به ما إذا كان بنحو التوصيف وإن لم يكن مذكوراً بنحو الاشتراط ، كما إذا قال : زوّجتك هذه الباكرة أو غير الثيّبة ، بل إذا لم يكن مذكوراً بنحو التوصيف أيضاً ، بل مذكوراً في الخطبة والمقاولة ووقع العقد مبنيّاً عليه; لصدق عنوان التدليس في جميع الصور ، بل قد عرفت في المسألة السابقة تحقّقه بالسكوت مع علم الوليّ أو المراود بذلك وإخفاؤه عن الزوج .
ومنه يظهر عدم تلائم ما أفاده هناك من تحقّق التدليس بالسكوت كذلك ، مع ما أفاده هنا من اعتبار الاشتراط ، أو التوصيف ، أو وقوع العقد مبنيّاً عليه كما لايخفى ،
(1) الفقيه : 3/273 ح1299 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 780 ح171 ، الكافي : 5/406 ح 6 ، التهذيب : 7/426 ح 1701 ، الإستبصار : 3/247 ح 786 ، الوسائل : 21/209 ، أبواب العيوب والتدليس ب1 ح6 .
(الصفحة415)
مسألة 14 : ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليّها عن النقص مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه في غير العيوب الموجبة للخيار ، وأولى بذلك سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها1.
مسألة 15 : لو تزوّج امرأة على أنّها بكر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة فوجدها ثيّباً لم يكن له الفسخ ، إلاّ إذا ثبت بالإقرار أو البيّنة سبق ذلك على العقد ، فكان له الفسخ . نعم لو تزوّجها باعتقاد البكارة ولم يكن اشتراط ولا
إلاّ أن يقال باختلاف الموردين ، فانّ ما هناك إنّما هو بالإضافة إلى التدليس في العيوب الموجبة للخيار ، وأمّا ما هنا فانّما هو بالإضافة إلى التدليس في غير تلك العيوب من وجود نقص غيرها ، أو فقدان صفة كمال ، كما سيصرّح به في المسألة التالية فانتظر .
1 ـ قد مرّ أنّ السكوت الموجب للخيار من جهة الفسخ إنّما هو السكوت بالإضافة إلى العيوب الموجبة للخيار ، وأمّا بالنسبة إلى سائر النقائص غيرها أو فقد صفة الكمال فلا يكون السكوت بالإضافة إليهما تدليساً موجباً للخيار ، وإن كان الزوج معتقداً بعدم الأوّل ووجود الثاني; لعدم الدليل على اقتضائه جواز الفسخ ، وقد عرفت التصريح في رواية الحلبي بعدم الردّ في العور مع عدم التبيّن للزوج ، مع انّ العور ليس من العيوب المخفيّة ، بل الظاهرة التي يعلمها الأقارب نوعاً وشخص الزوجة خصوصاً ، فإذا اعتقد الزوج أنّ الزوجة تعلم الخياطة كاملاً وسكتت نفسها أو وليّها عن فقدانها لهذه الصفة الكمالية لا يكون ذلك تدليساً موجباً للخيار ، بخلاف ما إذا اعتقد أنّها عاقلة مثلاً ، فثبت كونها مجنونة .
(الصفحة416)
توصيف وإخبار وبناء على ثبوتها فبان خلافها ليس له الفسخ وإن ثبت زوالها قبل العقد1.
مسألة 16 : لو فسخ في الفرض المتقدّم حيث كان له الفسخ ، فإن كان قبل الدخول فلا مهر ، وإن كان بعده استقرّ المهر ورجع به على المدلّس ، وإن كانت هي المدلّس لم تستحقّ شيئاً ، وإن لم يكن تدليس استقرّ عليه المهر ولا رجوع له على أحد ، وإذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ كما في صورة اعتقاد البكارة من دون اشتراط وتوصيف وبناء كان له أن ينقص من مهرها شيئاً ، وهو نسبة التفاوت بين مهر مثلها بكراً وثيّباً ، فإذا كان المهر المسمّى مائة وكان مهر مثلها بكراً ثمانين وثيّباً ستّين ينقص من المائة ربعها ، والأحوط في صورة العلم بتجدّد زوالها أو احتماله التصالح وإن كان التنقيص بما ذكر لا يخلو من وجه2
1 ـ قد عرفت أنّ التدليس الموجب للخيار في غير العيوب المجوِّزة إنّما هو فيما إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال مرتبطاً بالعقد بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من الاشتراط ، أو التوصيف ، أو بناء العقد عليه ، فاعلم إنّ البكارة وإن كانت صفة كماليّة ويكون التدليس فيها بأحد الوجوه الثلاثة موجباً للخيار ، إلاّ انّه فيما إذا ثبت سبق الزوال على العقد فانّه يجوز له حينئذ الفسخ ، وأمّا إذا لم يثبت ذلك واحتمل تأخّر الزوال عن العقد فلا موجب للفسخ لأصالة تأخّر الحادث ، كما أنّه إذا تزوّجها باعتقاد البكارة حال العقد ولكنّه لم يكن أحد الوجوه الثلاثة في البين ، فلا موجب للفسخ وإن ثبت الزوال قبل العقد ، كما هو واضح .
2 ـ لو فسخ فيما لو تزوّج امرأة على أنّها بكر بالاشتراط أو التوصيف أو البناء ، فإن كان الفسخ قبل الدخول فلا مهر ، وإن كان بعده استقرّ المهر ، وبعد الدفع إلى
(الصفحة417)
الزوجة يرجع به على المدلّس . نعم لو كانت هي المدلّسة فلا تستحقّ شيئاً من المهر ، ولو لم يكن هناك تدليس لا من الزوجة ولا من غيرها يستقرّ عليه المهر بالدخول ، ولا رجوع به على أحد .
وأمّا إذا لم يفسخ واختار البقاء أو لم يكن له الفسخ ، كما في صورة اعتقاد البكارة وعدم شيء من الاُمور الثلاثة ، ففي المتن أنّ له أن ينقص بنسبة التفاوت بين مهر مثلها بكراً وثيّباً ، ففي المثال المذكور في المتن ينقص الربع .
ويدلّ على الانتقاص صحيحة محمد بن جزك قال : كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام)أسأله عن رجل تزوّج جارية بكراً فوجدها ثيّباً هل يجب لها الصداق وافياً أم ينتقص؟ قال : ينتقص(1) بناءً على كون المتفاهم العرفي هو الانتقاص بالنسبة ، لكنّ القدر المتيقّن منها صورة العلم بزوالها قبل العقد ، وأمّا صورة العلم بتجدّد زوالها أو احتماله فالأحوط التصالح .
لكن في أصل المسألة أقوال مختلفة أُخرى :
أحدها : قول الحلبي(2) وابن البرّاج(3) فلم ينقصا منه شيئاً أصلاً .
ثانيها : ما في محكيّ النهاية(4) أنّ مقدار النقصان شيء لإطلاق لفظ النقصان في الصحيحة المزبورة .
(1) الكافي : 5/413 ح2 ، التهذيب : 7/363 ح 1472 و ص 428 ح 1706 ، الوسائل : 21/223 ، أبواب العيوب والتدليس ب10 ح2 .
(2) الكافي في الفقه : 296 .
(3) قد يلوح من قوله في المهذّب ج 2/213 : «جاز أن ينقص من مهرها شيئاً وليس بواجب» كما في جامع المقاصد : 13/303 .
(4) النهاية : 486 .
(الصفحة418)
ثالثها: ماعن قطب الدين الراوندي من أنّه ينقص السدس; لأنّه المرادمن «الشيء» في الوصايا(1) . قال المحقّق في الشرائع بعد نقل هذا القول : وهو غلط(2) . وعلّله في الجواهر بخلوّ الخبر عن لفظ «الشيء» ، ولو سلّم فالحمل على الوصيّت ممنوع(3) .
رابعها : ما عن المحقّق في النكت من الإحالة على رأي الحاكم ، كما هو الشأن في كلّ ما لا تقدير له شرعاً(4) .
خامسها : ما جعله في الجواهر أولى ، وهو التقدير بالنصف عملاً بالنصوص(5)المعتبرة المستفيضة الواردة في تقديره بالامة بعشر قيمتها ونصف عشر قيمتها ، الظاهرة في كون التفاوت بين البكارة والثيبوبة التي لا فرق فيهما بين الأمة وغيرها بالنصف ، وإن اختلفا في كون ذلك نصف عشر القيمة ونصف المسمّى الذي قد وقع العقد والتراضي عليه(6) .
هذا ، ولكنّ الظاهر من الرواية الصحيحة المذكورة هو القول المشهور من النقصان بالنسبة ، لكن ربما يقال : إنّ مقتضى اطلاقها النقصان المذكور ولو مع العلم بتجدّد زوالها بعد العقد; لترك الاستفصال المؤيّد بكونه كالمبيع قبل القبض في الضمان على البائع ولو مع التلف ، وحيث إنّه يحتمل انصراف الرواية عن الفرض المذكور فالأحوط التصالح ولو في صورة احتمال التجدّد ، كما عرفت .
(1) نقله عن تفسير مشكل النهاية للراوندي في النهاية ونكتها : 2/361 ـ 362 .
(2) شرائع الإسلام: 2 / 322.
(3) جواهر الكلام : 30/378 .
(4) النهاية ونكتها : 2/362 .
(5) الوسائل: 21 / 132 و 185، أبواب نكاح العبيد ب35 ح1 و 2 و ب67 ح1.
(6) جواهر الكلام : 30/378 .
(الصفحة419)
فصل في المهر
ويقال له : الصداق .
مسألة 1 : كلّ ما يملكه المسلم يصحّ جعله مهراً عيناً كان أو ديناً أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان ، ويصحّ جعله من منفعة الحرّ كتعليم صنعة ونحوه من كلّ عمل محلّل ، بل الظاهر صحّة جعله حقّاً ماليّاً قابلاً للنقل والانتقال كحقّ التحجير ونحوه ، ولا يتقدّر بقدر ، بل ما تراضى عليه الزوجان كثيراً كان أو قليلاً ما لم يخرج بسبب القلّة عن المالية . نعم يستحّب في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السنّة ، وهو خمسمائة درهم1.
1 ـ ذكر المهر وإن كان غير معتبر في النكاح الدائم بخلاف النكاح المؤجّل على ما عرفت(1) إلاّ أنّه مع ذكره لابدّ وأن يكون ممّا يملكه المسلم عيناً كان أو ديناً أو منفعة للعين المملوكة من دار ، أو عقار ، أو حيوان ، كما أنّه يصحّ جعله من منفعة الحرّ
(1) في ص 332 .
(الصفحة420)
مسألة 2 : لو جعل المهر ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير صحّ العقد وبطل المهر ، فلم تملك شيئاً بالعقد ، وإنّما تستحقّ مهر المثل بالدخول . نعم فيما
كتعليم صنعة ونحوه من كلّ عمل محلّل ، وقد ورد في بعض الروايات(1) أنّه زوّج النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعض أصحابه بما معه من القران ، بل الظاهر صحّة جعله حقّاً مالياً قابلاً للنقل والانتقال كحق التحجير ونحوه ، فانّ النكاح وإن لم يكن من المعاوضات الحقيقية ، ولذا يجوز خلوّه عن ذكر المهر رأساً ، إلاّ أنّه يكون المهر عوضاً عن البضع لا محالة ، ولابدّ من أن يكون أمراً متموّلاً ، ولا يلزم أن يكون المهر خارجاً عن ملك من يملك البضع ، فيمكن أن يخرج من ملك أب الزوج مثلاً ، مع أنّ الزوج يدخل في ملكه البضع ، وهذا الأمر لا يتصوّر في المعاوضات الحقيقية ، فانّ الثمن يدخل في ملك مالك المثمن وبالعكس ، وحتى في بيع الناصب لنفسه ـ الذي يكون من أقسام الفضولي ، إذا قلنا بصحّته بعد إجازة الملك ـ يدخل الثمن في ملك المالك الحقيقي للمثمن وبالعكس .
ثمّ إنّ المهر لا يتقدّر بقدر بل ما تراضى عليه الزوجان ، ولا يكون محدوداً في جانب القلّة والكثرة بحدّ . نعم لابدّ أن لا يخرج بسبب القلّة عن المالية ، ويستحب في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السنّة ، وهو خمسمائة درهم للروايات(2) الدالة عليه .
(1) الكافي : 5/380 ح5 ، الوسائل : 21/242 ، أبواب المهور ب2 ح1 .
(2) الكافي 5/376 ح1 ، التهذيب : 7/356 ح 1451 و ص 361 ح 1464 و ص 363 ح 1469 ، الإستبصار : 3/224 ح 810 و ص 225 ح 815 ، الوسائل : 21/244 ، أبواب المهور ب 4 ح 2 و ص 261 ب 8 ح 14 و ص 270 ب 13 ح 2 .
|