(الصفحة501)
مسألة 6 : الأولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين ، بأن يكون حَكم من أهله وحَكم من أهلها ، فإن لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما أهلا لهذا الأمر تعيّن من غيرهم ، ولا يُعتبر أن يكون من جانب كلّ منهما حَكم واحد ، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعيّن1.
مسألة 7 : ينبغي للحكمين إخلاص النيّة وقصد الإصلاح ، فمن حسنت نيّته فيما تحرّاه أصلح الله مسعاه ، كما يرشد إلى ذلك قوله جلّ شأنه في هذا المقام : { إِن يُرِيدا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} 2
المواقعة ، كما وقع التصريح به في روايه سماعة المتقدّمة(1) .
1 ـ قد وقع البحث عن هذه الجهة في الأمر من الأمور المتقدّمة ، لكنّ الّذي ينبغي التعرّض له هنا عدم لزوم أن يكون المبعوث شخصين ، بل لو اقتضت المصلحة بَعث أزيد من واحد تعيّن; لأنّ الظّاهر أنّ الآية(2) على ما هو المتفاهم عند العرف إنّما يكون في مقام تحديد الأقلّ ، وأنّه يعتبر أن لا يكون أقلّ من إثنين; لأنّ في الواحد توهّم الحماية من جانب واحد . نعم لو لم يقدر الحاكم على بعث إثنين صالحين لهذه الجهة فهل يكفي الواحد أم لا؟ فيه إشكال .
2 ـ وقد ذكر في الجواهر أنّ قوله تعالى : {إِن يُرِيدا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا}(3)يقتضي بمفهوم الشرط أنّ عدم التوفيق بين الزوجين يدلّ على فساد قصد الحكمين ،
(1) في ص494 .
(2 ، 3) سورة النساء : 4/35 .
(الصفحة502)
وأنّهما لم يجتمعا على قصد الإصلاح ، بل في نيّة أحدهما أو هما فساد ، فلذلك لم يبلغا المراد(1) . والأمر سهل بعد وضوحه كما لا يخفى .
(1) جواهر الكلام : 31/217 .
(الصفحة503)
فصل في أحكام الأولاد والولادة
مسألة 1 : إنّما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط : الدخول مع الإنزال أو الإنزال في الفرج وحواليه ، أو دخول منيّه فيه بأيّ نحو كان ، وفي الدخول بلا إنزال إشكال ، ومضيّ ستة أشهر أو أكثر من حين الوطء إلى زمن الولادة ، وأن لا تتجاوز عن أقصى مدّة الحمل ، وفي كونه تسعة أشهر إشكال ، بل الأرجح بالنظر أن يكون الأقصى سنة ، فلو لم يدخل بها أصلا ولم ينزل في فرجها أو حواليه بحيث يحتمل الجذب ولم يدخل المنيّ فيه بنحو من الأنحاء لم يلحق به قطعاً ، بل يجب نفيه عنه ، وكذا لو دخل بها وأنزل وجاءت بولد حيّ كامل لأقلّ من ستّة أشهرمن حين الدخول ونحوه، أو جاءت بهوقد مضى من حينوطئه ونحوه أزيد من أقصى الحمل ، كما إذا اعتزلها أو غاب عنها أزيد منه وولدت بعده1.
1 ـ الكلام في هذه المسألة يقع في شروط لحوق ما ولدته المرأة بزوجها ، فنقول : هي أمور :
الأول : الإنزال ، سواء كان مع الدخول أو بدونه ، وسواء كان في الفرج أو في
(الصفحة504)
حواليه ، مع احتمال الجذب أو دخل منيّه فيه بأيّ نحو كان ، كالآلات الحديثة المعدّة لإدخال منيّ الزوج في رحم الزوجة وحصول الولادة من هذا الطريق كثيراً ، كما هو المعمول في هذه الأزمنة في غير واحد من الموارد على ما وقع نقله متواتراً .
نعم ، فيما إذا تحقّق الدخول ولم يتحقّق الإنزال في الفرج وحواليه قطعاً ، إمّا بأن لم يتحقّق الإنزال أصلا أو تحقّق ولم يتحقّق في الفرج وحواليه قطعاً ، ففي المتن أنّه في اللّحوق إشكال ، وقد صرّح فى كشف اللثام بعد قول المصنّف : بأنّ الشرط الأوّل من الشروط الثلاثة الدخول ، بأنّه أنزل أو لا; لإطلاق الفتاوى(1) . لكن في محكي الروضة : والمراد بالوطء على ما يظهر من إطلاقهم ، وصرّح به المصنّف في القواعد(2) غيبوبة الحشفة قبلا أو دبراً وإن لم ينزل ، ولا يخلو ذلك من إشكال إن لم يكن مجمعاً عليه ، للقطع بإنتفاء التولّد عادة في كثير من موارده ، ولم نقف على شيء ينافي ما نقلناه يعتمد عليه(3) . وقد تبعه في الرياض(4) .
وكيف كان فالدّليل على اللحوق في صورة الدخول مع القطع بعدم الإنزال في الفرج وحواليه وعدم سبق المني بلا شعور به أمور :
1 ـ الإجماع(5) ولعلّه لذا حكي الإطلاق عن الأصحاب ، والظاهر أنّه لا أصالة
(1) كشف اللثام : 7/532 ـ 533 .
(2) القواعد والفوائد : 1/177 و386 .
(3) الروضة البهية : 5/432 .
(4) رياض المسائل : 7/209 .
(5) نهاية المرام : 2/432 .
(الصفحة505)
للإجماع على تقدير تحقّقه ، وقد حكي عن السرائر(1) والتحرير(2) عدم العبرة بالوطء دبراً ، واستوجهه من المتأخّرين جماعة(3) .
2 ـ رواية أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قال : يوم آتي فلانة أطلب ولدها فهي حرّة بعد أن يأتيها ، أله أن يأتيها ولا ينزل فيها؟ فقال : إذا أتاها فقد طلب ولدها(4) . فإنّ مقتضى إطلاق الجواب ـ خصوصاً مع كونه جواباً عن سؤال الإتيان وعدم الإنزال أي قطعاً ـ أنّ مجرّد الإتيان يكفي في طلب الولد ولو كان خالياً عن الإنزال ، إلاّ أنّ عدم التقييد بعدم الإنزال في الجواب ـ خصوصاً مع كونه محطّ السؤال ، ضرورة أنّه مع ثبوت الإنزال لم يكن وجه للسؤال ـ ربّما يوجب ضعف ظهور الرواية ، إلاّ أن يُقال : إنّ هذا هو الوجه في إطلاق الجواب .
وبالجملة : فالرواية مع الغضّ عن سندها لا ظهور لها معتدّاً به في أنّ مجرّد الدخول يكفي في اللّحوق .
3 ـ ما ذكره في الجواهر من أنّه يمكن التولّد من الرجل بالدخول وإن لم ينزل ، ولعلّه لتحرّك نطفة المرأة واكتسابها العلوق من نطفة الرجل في محلّها(5) . والظاهر أنّه مخالف لقوله تعالى : {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُطْفَة أَمْشَاج}(6) الظاهر في تركيب
(1) السرائر : 2/658 .
(2) تحرير الأحكام : 2/45 .
(3) كالشهيد الثاني في مسالك الأفهام : 7/377 ، والطباطبائي في رياض المسائل : 7/209 ، والبحراني في الحدائق الناضرة : 25/3 ـ 4 .
(4) التهذيب : 7/418 ح1674 ، الوسائل : 20/190 ، أبواب مقدّمات النكاح ب103 ح1 .
(5) جواهر الكلام : 31/223 .
(6) سورة الإنسان : 76/2 .
(الصفحة506)
النطفتين ، ويؤيّده علم اليوم .
4 ـ قوله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش(1) بناءً على أنّ المراد به الافتراش فعلا لا ما يقوله العامّة(2) من الافتراش شرعاً ، بمعنى أنّه يحلّ له وطئها ، فلو ولدت وإن لم يفترشها فعلا أُلحِق به الولد . ويرد عليه أنّ الفراش الفعلي ملازم للإنزال أو لاحتمال سبق الماء .
5 ـ إيماء بعض الروايات إليه ، مثل :
رواية أبي البختري المرويّة في قرب الإسناد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) قال : جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد فقال (صلى الله عليه وآله) : إنّ الوكاء قد ينفلت ، فألحَق به الولد(3) .
ورواية أبي طاهر البلالي ، المرويّة في كتاب كمال الدّين للصدوق(قدس سره) قال : كتب جعفر بن حمدان فخرجت إليه هذه المسائل : استحللت بجارية وشرطت عليها أن لا أطلب ولدها ولم ألزمها منزلي ، فلمّـا أتى لذلك مدّة قالت لي : قد حبلت . . . وقد أتت بولد ذكر فلم أنكره ـ إلى أن قال : ـ فخرج جوابها ـ يعني من صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف : ـ وأمّا الرجل الذي استحلّ بالجارية وشرط عليها أن لا يطلب ولدها فسبحان من لا شريك له في قدرته ، شرطه على الجارية شرط على الله عزّوجلّ ، هذا ما لايؤمن أن يكون ، وحيث عرض له في هذا الشكّ وليس يعرف الوقت الذي أتاها فليس ذلك بموجب للبراءة من ولده(4) .
(1) الوسائل : 21/173 ـ 175 ، أبواب نكاح العبيد ب58 .
(2) المغني لابن قدامة : 9/13 ، المجموع : 19/77 ، العزيز شرح الوجيز : 9/406 .
(3) قرب الإسناد : 140 ح 500 ، الوسائل : 21/378 ، أبواب أحكام الأولاد ب15 ح1 .
(4) كمال الدين : 500 ح25 ، الوسائل : 21/385 ، أبواب أحكام الأولاد ب19 ح1 .
(الصفحة507)
وقد انقدح لك أنّه لا دليل يعتمد عليه على اللحوق بمجرّد الدخول مع القطع بعدم الإنزال في الفرج وحواليه ، وعدم دخول منيّ الرجل في فرج المرأة بوجه ، فالإشكال كما في المتن في محلّه لو لم نقل بعدم اللّحوق في هذه الصورة .
الأمر الثاني : مضيّ ستة أشهر من حين الوطء أو أزيد لا أقل ، قال في الجواهر : لأنّها ـ يعني ستة أشهر ـ أقلّ الحمل كتاباً(1) وسُنّة مستفيضة أو متواترة(2) وإجماعاً محكيّاً كذلك ، بل في المسالك نسبة ذلك إلى علماء الإسلام(3) . بل ومحصّلا ، فلا يلحق به إن وضعته حيّاً كاملا لأقلّ من ذلك . وما عن المفيد(4) بل والطوسي(5)أيضاً من التخيير بين النفي والإقرار به محجوج بما عرفت(6) .
وقد ورد في هذا المجال رواية أبان بن تغلب ، عن الصادق (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة فلم تلبث بعدما أُهديت إليه إلاّ أربعة أشهر حتى ولدت جارية ، فأنكر ولدها ، وزعمت هي أنّها حبلت منه؟ فقال : لا يُقبل ذلك منها ، وإن ترافعا إلى السلطان تلاعَنا وفُرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً(7) .
ولكنّ الرواية ضعيفة من حيث السند ، والحمل على عدم حياة الولد وتحقّق السقط وكون محطّ نظر السائل مؤونة التجهيز والتكفين خلاف ظاهر الرواية جدّاً;
(1) سورة الأحقاف : 46/15 ، سورة لقمان : 31/14 .
(2) الوسائل: 21/380 ـ 384، أبواب أحكام الأولاد ب17، و ج 22/223 ـ 225، أبواب العدد ب25.
(3) مسالك الأفهام : 8/373 .
(4) المُقنعة : 538 .
(5) الوسيلة : 317 .
(6) جواهر الكلام : 31/224 .
(7) التهذيب : 8/167 ح580 ، الفقيه : 3/301 ح 1444 ، الوسائل : 21/382 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح10.
(الصفحة508)
لأنّ ظاهرها عدم قبول ذلك منها مع أنّه لا وجه له في هذه الصّورة ، مع أنّ جريان الملاعنة في السقط محلّ كلام وإشكال ، فتدبّر جيّداً ، ومع الغضّ عن الجميع فالأخبار الدّالة على أنّ أقلّ الحمل ستة أشهر موافقة للشهرة المحقّقه وظاهر الكتاب(1) كما لا يخفى ، فلا ينبغي الارتياب في هذه الجهة .
الأمر الثالث : عدم التجاوز عن أقصى مدّة الحمل ، والأشهر بل المشهور(2) . بل عن المحكيّ عن ظاهر الاسكافي(3) والمبسوط(4) والخلاف(5) إجماعنا عليه أنّه تسعة أشهر ، ويدلّ عليه روايات كثيرة ، مثل :
مرسلة عبدالرحمن بن سيّابة ، عمّن حدّثه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن أمّه كم هو؟ فإنّ الناس يقولون : ربّما بقي في بطنها سنتين (سنين خ ل) فقال : كذبوا أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر ، ولا يزيد لحظة ، ولو زاد ساعة (لحظة خ ل) لقَتلَ أمّه قبل أن يخرج(6) .
ورواية وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : يعيش الولد لستّة أشهر ، ولسبعة أشهر ، ولتسعة أشهر ، ولا يعيش لثمانية أشهر(7) .
(1) سورة لقمان : 31/14 ، سورة الأحقاف : 46/15 .
(2) المُقنعة : 539 ، النهاية : 505 ، المهذّب : 2/341 ، المراسم : 156 ، السرائر : 2/657 .
(3) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/315 .
(4) المبسوط : 5/290 .
(5) الخلاف : 5/88 .
(6) الكافي : 6/52 ح3 ، التهذيب : 8/115 ح 396 و ص 166 ح 578 ، الوسائل : 21/380 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح3 .
(7) الكافي : 6/52 ح2 ، التهذيب : 8/115 ح398 وص 166 ح577 ، الوسائل : 21/380 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح2 .
(الصفحة509)
ورواية أبان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إنّ مريم حملت بعيسى تسع ساعات ، كلّ ساعة شهراً(1) .
وصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج قال : سمعت أبا إبراهيم (عليه السلام) يقول : إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر ، فإن ولدت ، وإلاّ اعتدّت بثلاثة أشهر ثمّ قد بانت منه(2) . ولم يذكر في الرواية مبدأ تسعة أشهر ، ولابدّ من الحمل على الوطء الأخير ، كما أنّه لابدّ من الحمل على كون الطلاق في غير طهر المواقعة; لبطلان الطلاق فيه ، وعلى أيّ حال فظهور الرواية في أنّ أقصى الحمل تسعة أشهر غير قابل للإنكار كما لا يخفى ، وسيأتي بعض الكلام في مفاد الرواية إن شاء الله تعالى .
ورواية محمّد بن حكيم ، عن العبد الصّالح (عليه السلام) قال : قلت له : المرأة الشابّة الّتي تحيض مثلها يطلّقها زوجها ، فيرتفع طمثها ما عدّتها؟ قال : ثلاثة أشهر ، قلت : فإنّها تزوّجت بعد ثلاثة أشهر ، فتبيّن بها بعد ما دخلت على زوجها أنّها حامل ، قال : هيهات من ذلك يابن حكيم! رفع الطمث ضربان : إمّا فساد من حيضة ، فقد حلّ لها الأزواج وليس بحامل ، وإمّا حامل فهو يستبين في ثلاثة أشهر; لأنّ الله ـ عزّ وجل ـ قد جعله وقتاً يستبين فيه الحمل . قال : قلت : فإنّها ارتابت ، قال : عدّتها تسعة أشهر ، قال : قلت : فإنّها ارتابت بعد تسعة أشهر ، قال : إنّما الحمل تسعة أشهر ، قلت : فتزوّج؟ قال : تحتاط بثلاثة أشهر ، قلت : فإنّها ارتابت بعد
(1) الكافي : 8/332 ح516 ، الوسائل : 21/382 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح7 .
(2) الكافي : 6/101 ح1 ، التهذيب : 8/129 ح444 ، الفقيه : 3/330 ح 1599 ، الوسائل : 22/223 ، أبواب العدد ب25 ح1 .
(الصفحة510)
ثلاثة أشهر ، قال : ليس عليها ريبة تزوّج(1) .
ويظهر من الوسائل والجواهر(2) أنّ لمحمّد بن حكيم خبراً آخر(3) والظاهر إتّحاده مع هذه الرواية كما نبّهنا عليه مراراً .
وبعض الروايات الأُخر(4) الدّالة على ذلك ، ولكن ذكر المحقّق في الشرائع : وقيل : عشرة أشهر ، وهو حسن يعضده الوجدان(5) . والقائل بهذا القول الشيخ في المحكي عن مبسوطه(6) . وقد ذكر صاحب الجواهر : إنّا لم نقف على ما يدلّ عليه بالخصوص فيما وصل إلينا من النصوص ، وإن حكي عن جماعة أنّ به رواية(7) ،(8) . وقد أورد على الوجدان المذكور في عبارة المحقّق بما في المسالك(9) ونهاية المرام(10)بوجدان الوضع إلى سنة ، فقصره عليه حينئذ دونه ليس في محلّه .
وهنا قول ثالث منسوب إلى المرتضى في الانتصار(11) وابن سعيد(12) وأبي
(1) الكافي : 6/102 ح4 ، التهذيب : 8/129 ح 447 ، الوسائل : 22/224 ، أبواب العدد ب25 ح4 .
(2) جواهر الكلام : 31/225 .
(3) الكافي : 6/102 ح5 ، الوسائل : 22/224 ، أبواب العدد ب25 ح5 .
(4) الوسائل : 22/223 ـ 225 ، أبواب العدد ب25 ، والوسائل : 21/380 ـ 384 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 .
(5) شرائع الإسلام : 2/340 .
(6) حكى عنه في مسالك الأفهام : 8/377 ، والتنقيح الرائع : 3/263 ، ولم نعثر عليه في المبسوط .
(7) الوسيلة : 318 ، إيضاح الفوائد : 3/259 .
(8) جواهر الكلام : 31/226 .
(9) مسالك الأفهام : 8/376.
(10) نهاية المرام: 1/433 ـ 434 .
(11) الإنتصار : 154 .
(12) الجامع للشرائع : 461 .
(الصفحة511)
الصّلاح(1) وهو أنّ أقصاه سنة ، ومالَ إليه العلاّمة في المختلف(2) . وفي محكي المسالك أنّه أقرب إلى الصواب(3) . ولكن قال في الشرائع : إنّه متروك(4) . ويدلّ عليه رواية غياث ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السلام) قال : أدنى ما تحمل المرأة لستّة أشهر ، وأكثر ما تحمل لسنتين(5) .
هذا على نقل الوسائل ، ولذا قال : هذا محمول على التقيّة ، لكن نقل في محكي الوافي بدل سنتين سنة(6) .
وفي مرسل حُريز ، عمّن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عزّ وجل : {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ}(7) قال : الغيض : كلّ حمل دون تسعة أشهر ، وما تزداد : كلّ شيء يزداد على تسعة أشهر ، فلمّا رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد بعد الأيّام الّتي رأت في حملها من الدّم(8) .
وفي المرفوعة المرويّة عن نوادر المعجزات للرّاوندي ، عن سيّدة النساء فاطمة (عليها السلام) أنّها ولدت الحسين (عليه السلام) عند تمام ستّة من حملها به(9) .
(1) الكافي في الفقه : 314 .
(2) مختلف الشيعة : 7/315 ـ 316 .
(3) مسالك الأفهام : 8/376 .
(4) شرائع الإسلام : 2/340 .
(5) الفقيه : 3/330 ح1600 ، الوسائل : 21/384 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح15 .
(6) الوافي 23/1425 ح23567 ، وكذا في المصدر .
(7) سورة الرعد : 13/8 .
(8) الكافي : 6/12 ح2 ، الوسائل : 21/381 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح6 .
(9) الخرائج والجرائح : 2/841 ـ 845 باب نوادر المعجزات ح60 .
(الصفحة512)
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ الأرجح في النظر هو كون الأقصى تسعة أشهر; لدلالة بعض الروايات الصحيحة عليه ، وموافقته للشهرة المحقّقة الّتي هي أوّل المرجّحات في الخبرين المتعارضين على ما ذكرنا في محلّه . نعم يبقى الإشكال في أُمور :
الأوّل : مخالفته للوجدان كما أشار إليه المحقّق في عبارته المتقدّمة ، ويدفعه أنّ التسعة تلاحظ من حين انعقاد النطفة الّتي هي مبدأ نشؤ آدمي ، ولو كان هناك وطء واحد فرضاً ، إلاّ أنّه لابدّ من ملاحظة حال الانعقاد وموارد الوجدان على فرض تحقّقها لا يعلم فيها المبدأ أصلا ، مع أنّه من الممكن أن يكون هناك وطء من غير الزوج ولو بشبهة محلّلة ، ويُؤيّد هذا الوجه تردّد النساء في المبدأ نوعاً وعدم العلم به كذلك .
الثاني : دلالة الرواية الصحيحة المتقدّمة(1) على الاعتداد بعد التسعة بثلاثة أشهر ، مع أنّه لا مجال لهذا الاعتداد بعد مضيّ أقصى الحمل ، ويظهر من بعض الأخبار(2) أنّ هذا الاعتداد إنّما يكون على سبيل الاحتياط المأمور به ، حيث قال : فيه بعد قوله : إنّما الحمل تسعة أشهر ، والسؤال عن أنّها تزوّج «تحتاط بثلاثة أشهر» وفي نقل آخر(3) لهذه الرواية قال الإمام (عليه السلام) : إنّما يرتفع الطمث من ضربين : إمّا حمل بيّن ، وإمّا فساد في الطمث ، ولكنّها تحتاط بثلاثة أشهر بعد .
والمستفاد من المجموع أنّ هذا الاحتياط اللاّزم إنّما هو بملاحظة أنّ رفع الطمث
(1) في ص506 ـ 507 .
(2) الكافي : 6/101 ح2 ، التهذيب : 8/129 ح445 ، الوسائل : 22/223 ، أبواب العدد ب25 ح2 .
(3) الكافي : 6/102 ح5 ، الوسائل : 22/224 ، أبواب العدد ب25 ح5 .
(الصفحة513)
لعلّه لا يكون لأجل الحمل ، بل لأجل فساد في الطمث ، والاحتياط إنّما هو بملاحظته .
الثالث : إنّه لا مجال مع دلالة الرواية الصحيحة(1) على أنّ أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر للتمسّك بذيل الاستصحاب; لأنّه لا تصل النوبة إلى الأصل مع وجود الأمارة المعتبرة ، مع أنّ الاستناد إلى الاستصحاب في جواز نفي النسبة فيما دون في غاية الإشكال .
وينبغي في الختام التنبيه على أمر ، وهو أنّ الأمور الثلاثة المذكورة معتبرة في لحوق الولد الكامل الحيّ ، وأمّا في السقط فلا يُعتبر في لحوقه بلوغ أقلّ الحمل ولا عدم التجاوز عن أقصاه . نعم لا شكّ في اعتبار الإنزال بالنحو المذكور ، ويترتّب على اللّحوق وعدمه إرث الديّة وعدمها فيما لو أسقطه مسقط ، وقد ذكر مراتب الديّة في كتاب الديّات(2) .
والظّاهر أنّه لا دليل على اللّحوق إلاّ مثل قوله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش بالمعنى المتقدّم(3) . غاية الأمر عدم اعتبار الشرطين الأخيرين فيه لفرض كونه سقطاً ، ويمكن الفرق بين عدم البلوغ أقلّ الحمل وبين التجاوز عن أقصاه بكونه سقطاً في الأوّل وميّتاً في الثاني ، والثاني يصدق عليه الولد وإن كان غير حيّ بخلاف الأوّل ، وفي بعض الروايات المتقدّمة إشارة إليه ، اللّهم إلاّ أن يُقال : إنّ اللّحوق في الولد الحيّ الكامل لابدّ و أن يكون مستنداً إلى مثل ذلك القول ، وإلاّ فوجود الشرائط المتقدّمة لا يترتّب عليه إلاّ إمكان اللحوق لا اللحوق الفعلي; لإمكان الاستناد إلى
(1) الكافي : 6/101 ح1 ، التهذيب : 8/129 ح444 ، الوسائل : 22/223 ، أبواب العدد ب25 ح1 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الديّات : 273 وما بعدها .
(3) في ص506 .
(الصفحة514)
مسألة 2 : إذا تحقّقت الشروط المتقدّمة لحق الولد به ، ولا يجوز له نفيه وإن وطأها واطئ فجوراً فضلا عمّا لو اتّهمها به ، ولا ينتفى عنه لو نفاه إن كان العقد دائماً إلاّ باللّعان ، بخلاف ما إذا كان العقد منقطعاً وجاءت بولد أمكن إلحاقه به ، فإنّه وإن لم يجز له نفيه لكن لو نفاه ينتفى منه ظاهراً من غير لعان ، لكن عليه اليمين مع دعواها أو دعوى الولد النسب1.
وطء غير الزوج شبهة أو زناً ، فالدّليل على اللحوق في الموردين واحد ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لا ينبغي الإشكال في أنّ من آثار لحوق الولد بالزوج مع تحقّق الشرائط المتقدّمة عدم جواز نفيه ، ولزوم الالتزام بالولديّة من دون فرق بين أن يطأها واطىء آخر فجوراً فضلا عمّا لو اتّهمها به; لِما عرفت من قوله (صلى الله عليه وآله) : الولد للفراش وللعاهر الحجر(1) وكذا من دون فرق بين صورة المشابهة له في الخَلق والخُلق وبين صورة عدمها .
نعم ، قد ورد في مرسلة ابن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله إنّي خرجت وامرأتي حائض ، فرجعت وهي حبلى ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من تتّهم؟ قال : أتّهم رجلين فجاء بهما ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن يك ابن هذا فسيخرج قططاً كذا وكذا ، فخرج كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فجعل معقلته على قوم أُمّه ، وميراثه لهم ، ولو أنّ إنساناً قال له : يابن الزانية لجلد الحد(2) .
(1) الوسائل : 21/173 ـ 157 ، أبواب نكاح العبيد ب58 .
(2) الكافي : 5/490 ح1 ، التهذيب : 8/182 ح 636 ، الوسائل : 21/497 ، أبواب أحكام الأولاد ب100 ح2 .
(الصفحة515)
مسألة 3 : لا يجوز نفي الولد لأجل العزل ، فلو نفاه لم ينتف إلاّ باللّعان1.
مسألة 4 : الموطوءة بشبهة كما إذا وطىء أجنبيّة بظنّ أنّها زوجته يلحق ولدها بالواطىء بشرط أن تكون ولادته لستّة أشهر من حين الوطء أو أكثر ، وأن لا يتجاوز عن أقصى الحمل ، وبشرط أن لا تكون تحت زوج مع إمكان التولّد منه بشروطه2
ولكن الرواية مرسلة لا اعتبار بها ، نعم بين النكاحين الدائم والمنقطع فرق ، كما يأتي في كتاب اللّعان ، الذي له عبارة خاصّة وأحكام مخصوصة ، وهو أنّه بعد اشتراكهما في عدم جواز النفي إذا كانت شروط اللحوق المذكورة في المسألة السّابقة موجودة ـ لعدم جواز النفي في النكاح المنقطع أيضاً ـ يفترقان في أنّه في ولد الدائمة لا ينتفى الولد إلاّ باللّعان ، وأمّا في ولد المنقطعة إذا نفاه ينتفى عنه بحسب الظّاهر ، من دون افتقار إلى اللّعان ، لكن لو كان في مقابل الزوج دعوى الزوجة أو دعوى الولد النسب يجب عليه اليمين; لإثبات دعواه في مقابل دعواهما بعد عدم إمكان إقامتهما البيّنة كما لا يخفى ، وسيأتي مزيد التحقيق في ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى .
1 ـ قد عرفت(1) أنّه لا إشكال في اللّحوق بمجرّد الدخول بلا إنزال قطعاً ، بل عدم اللحوق ظاهراً ، والمفروض في هذه المسألة صورة العزل مع عدم العلم بعدم الإنزال ولو بدون الاختيار ، وفي هذه الصورة مع وجود شروط اللحوق يلحق به الولد ، فلا يجوز النفي ولا ينتفى إلاّ باللّعان; لِما عرفت من دليله كما لا يخفى .
2 ـ الموطوءة بشبهة إذا لم تكن تحت زوج يمكن لحوق الولد به ، يلحق ولدها
(1) في ص 503 ـ 504 .
(الصفحة516)
مسألة 5 : لو اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد وعدمه فادّعته المرأة ليلحق الولد به وأنكره ، أو اختلفا في ولادته فنفاها الزوج وادّعى أنّها أتت به من خارج فالقول قوله بيمينه ، ولو اتّفقا في الدخول والولادة واختلفا في المدّة فادّعى ولادتها لدون ستّة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل وادّعت
بالواطىء مع وجود الشرطين الآخرين ، وهما كون الولادة لستة أشهر أو أكثر من حين تحقّق الوطء بالشبهة ، وعدم التجاوز عن أقصى الحمل .
نعم ، بملاحظة ما ذكرنا لابدّ من عدم العلم بعدم الإنزال ، وأمّا إذا كانت تحت زوج يمكن لحوق الولد به ، فإن لم يمكن اللّحوق إلاّ بالزوج فمن الواضح لحوقه به فقط بلا إشكال ، وأمّا إذا أمكن اللحوق بكليهما : الزوج والواطىء بشبهة فالمُستفاد من المتن لحوقه بالزوج ، ولكن في الجواهر أنّه يُقرع بينهما ، ويلحق بمن تقع عليه القرعة; لأنّها حينئذ فراش لهما(1) .
فالمورد من موارد أدلّة القرعة; لأنّها لكلّ أمر مشكل أو مشتبه ، كما أنّ الدّليل على اللحوق بالزوج هو أنّ المستفاد من قوله (صلى الله عليه وآله) في الرواية المتقدّمة : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» عدم الاختصاص بما إذا كان هناك عاهر وواطىء فجوراً ، بل المستفاد منه اللحوق بالزوج ولو كان هناك واطىء بالشبهة ، والظاهر هي القرعة بعد كون الواطىء بالشبهة له فراش ، وبعد عدم كونه في رديف العاهر الّذي له حجر; لعدم تحقّق الواطىء منه فجوراً ، فالحقّ يقتضي ما ذهب إليه في الجواهر حتّى لم يحتمل الخلاف ، بل صرّح بأنّه لا فرق ـ أي في لزوم الرجوع إلى القرعة ـ بين وقوع الوطئين في طهر وعدمه مع إمكان الإلحاق بهما ، كما لا يخفى .
(1) جواهر الكلام : 31/233 .
(الصفحة517)
خلافه فالقول قولها بيمينها ، ويلحق الولد به ولا ينتفى عنه إلاّ باللّعان1.
1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لصور الاختلاف بين الزوجين :
منها : اختلافهما في أصل الدخول الموجب للإلحاق وعدمه ، فادّعته المرأة وأنكره الآخر لئلاّ تكون شروط الإلحاق الّتي أوّلها الإنزال بأجمعها موجودة ، فالظّاهر أنّ القول قول الزوج بيمينه; لأنّ المرأة مدّعية يكون قولها مخالفاً للأصل الذي يقتضي عدم تحقّقه ، ومع عدم ثبوت البيّنة لها قاعدة تصل النوبة إلى يمين المنكر ، ولأنّ الدخول من فعله فيُقبل قوله فيه .
ومنها : اختلافهما في ولادته ، بمعنى أنّه يدّعي الزوج أنّ الولد الذي ولدته أتت به من خارج ، والزوجة تدّعي أنّها ولدته منه وأنّه ولده ، ففي المتن : إنّ القول قوله بيمينه ، والدّليل عليه مضافاً إلى أنّ قولها مخالف للأصل أيضاً ، أنّه يمكن لها إقامة البيّنة على أنّها ولدته ، فمع عدم إقامة المدّعي البيّنة تصل النوبة إلى يمين المنكر ، كما هو المقرّر في كتاب القضاء(1) .
ومنها : اتّفاقهما في الدخول والولادة واختلافهما في المدّة الموجبة للإلحاق ، فادّعى الزوج ولادتها لدون ستّة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل ، وادّعت الزوجة خلافه وأنّها ولدت في المدّة المعتبرة ستّة أشهر أو أزيد ، أقصى الحمل أو أقلّ ، وفي المتن في هذه الصورة يكون القول قولها بيمينه ، فيلحق الولد به ولا ينتفى إلاّ باللعان ، وفي محكي اللمعة(2) حلفت ، وعلّله في محكي الروضة بقوله : تغليباً للفراش ، ولأصالة عدم زيادة المدّة في الثاني . لكن قال : أمّا الأوّل فالأصل معه
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 141 ـ 143 .
(2) اللمعة الدمشقيّة : 119 .
(الصفحة518)
فيحتمل قبول قوله فيه عملا بالأصل ، ولأنّ مآله إلى النزاع في الدخول ، فإنّه إذا قال : لم تنقض ستّة أشهر من حين الوطء فمعناه أنّه لم يطء منذ ستة أشهر ، وإنّما وقع الوطء فيما دونها ، وربّما فسّر بعضهم النزاع في المدّة بالمعنى الثاني خاصّة ليوافق الأصل ، وليس ببعيد أن تحقّق في ذلك خلاف إلاّ أنّ كلام الأصحاب مطلق(1) .
وذكر صاحب الجواهر(قدس سره) في تحقيق الحال ما ملخّصه : إنّ قاعدة الفراش حجّة شرعيّة ، ـ كقاعدة اليد ـ فالموافق لمقتضاها منكر ، فلو فرض كون النزاع بينهما على وجه إبراز التداعي فالقول قول مدّعي الإلحاق بيمينه . نعم لو لم يقتصر في الدعوى ، بل أسنده إلى سبب خاصّ يكون لحوق الولد به تبعاً ، كما لو ادّعت المرأة الدخول بها بحيث يلحق به الولد نحو ما لو أسند المسلم ما في يده إلى سبب خاصّ يقتضي بطلان دعوى المدّعي ، كما لو قال : اشتريته منك .
هذا بالإضافة إلى المسألة الأولى وأمّا بالإضافة إلى المسألة الثانية وهي الاختلاف في المدّة ، فالظّاهر أنّ مبناها أصالة لحوق الولد بالوطء المحترم حتى يتبيّن فساد ذلك ، وهي قاعدة اُخرى غير قاعدة «الولد للفراش» ولو لكونها أخصّ منها ، وحينئذ فمتى تحقّق الوطء حكم شرعاً بلحوق الولد إلاّ إذا علم العدم بالوضع لأقلّ الحمل أو لأقصاه أو لغير ذلك ، ففي الفرض الّذي قد تحقّق فيه الوطء واختلفا في المدّة تكون المرأة منكرة مطلقاً لموافقة دعواها للأصل المزبور(2) .
أقول : دعوى ثبوت قاعدتين هنا خصوصاً مع عدم ثبوت المستند للقاعدة الثانية في غاية البعد ، سيّما مع كون الشروط الثلاثة للّحوق في عرض واحد ،
(1) الروضة البهيّة : 5/436 ـ 438 .
(2) جواهر الكلام : 31/234 .
(الصفحة519)
مسألة 6 : لو طلّق زوجته المدخول بها فاعتدّت وتزوّجت ثمّ أتت بولد ، فان لم يمكن لحوقه بالثاني وأمكن لحوقه بالأوّل كما إذا ولدته لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ولتمامها من غير تجاوز عن أقصى الحمل من وطء الأوّل فهو للأوّل ، وتبيّن بطلان نكاح الثاني; لتبيّن وقوعه في العدّة وحرمت عليه مؤبّداً لوطئه إيّاها ، وإن انعكس الأمر بأن أمكن لحوقه بالثاني دون الأوّل لحق بالثاني ، بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأوّل ولأقلّ الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني ، وإن لم يمكن لحوقه بأحدهما بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولدون ستة أشهر من وطء الثاني انتفى منهما ، وإن أمكن إلحاقه بهما فهو للثاني1.
واللاّزم بالإضافة إلى كلّ منهما الإحراز ، ولا مجال لاشتراط العلم بالعدم في عدم اللّحوق ، وعليه فما احتمله صاحب الروضة من قبول قوله فيما إذا كان الاختلاف راجعاً إلى ثبوت أقلّ الحمل وعدمه نظراً إلى موافقة قوله للأصل غير بعيد ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو طلّق زوجته المدخول بها فاعتدّت عدّة الطلاق ثمّ تزوّجت ودخل بها الزوج الثاني ثمّ أتت بولد ففيه صور :
الصورة الأولى : ما إذا أمكن لحوقه بالأوّل ولم يمكن لحوقه بالثاني ، كما إذا ولدته لدون ستّة أشهر من وطء الثاني ولتمامها من غير تجاوز عن مدّة أقصى الحمل من وطء الأوّل ، فالولد في هذه الصورة ملحق بالأوّل ، ويكشف ذلك عن بطلان نكاح الثاني; لتبيّن وقوعه في عدّة الأوّل; لأنّ المفروض كونها حاملا من الأوّل حينه ، وحيث إنّ المفروض وقوع الوطء من الثاني في عدّة الأوّل تتحقّق
(الصفحة520)
الحُرمة الأبديّة بالإضافة إلى الثاني ، وإن وقع الدخول جهلا .
الصورة الثانية : ما إذا انعكس الأمر ، بأن أمكن لحوقه بالثّاني ولم يمكن لحوقه بالأوّل ، بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولأقلّ الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني ، فالظّاهر أنّ الولد في هذه الصّورة ملحق بخصوص الثاني ، والنكاح باق بحاله ، والمفروض عدم إمكان اللّحوق بالأوّل .
الصورة الثالثة : ما إذا لم يمكن لحوقه بأحدهما ، كما إذا ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولدون ستّة أشهر من وطء الثاني ، وفي هذه الصورة ينتفى منهما لفرض عدم إمكان اللحوق بواحد منهما .
الصورة الرابعة : ما إذا أمكن لحوقه بكليهما ، كما إذا ولدته لأقلّ من أقصى الحمل من وطء الأوّل ولستّة أشهر أو أزيد من وطء الثاني ، وفي المتن أنّه للثاني كما هو المشهور(1) . ويُستفاد من النصوص :
منها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا كان للرجل منكم الجارية يطؤها فيعتقها فاعتدّت ونكحت ، فإن وضعت لخمسة أشهر فإنّه لمولاها الّذي أعتقها ، وإن وضعت بعدما تزوّجت لستّة أشهر فإنّه لزوجها الأخير(2) .
ومنها : رواية أبي العباس قال : قال : إذا جاءت بولد لستّة أشهر فهو للأخير ، وإن كان لأقلّ من ستّة أشهر فهو للأوّل(3) .
ومنها : مُرسلة جميل بن صالح ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السلام) في المرأة
(1) النهاية : 505 ، شرائع الإسلام : 2/341 ، مسالك الأفهام : 8/382 ، الحدائق الناضرة : 25/17 ، كتاب النكاح (تراث الشيخ الأعظم) : 20/489 .
(2) الكافي : 5/491 ح1 ، التهذيب : 8/168 ح586 ، الوسائل : 21/380 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح1 .
(3) التهذيب : 8/167 ح583 ، الوسائل : 21/383 ، أبواب أحكام الأولاد ب17 ح12 .
|