(الصفحة141) (الصفحة142) (الصفحة143) (الصفحة144) (الصفحة145)
مسألة 1 : عدّة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيّام إذا كانت حائلا ، صغيرة كانت أو كبيرة ، يائسة كانت أو غيرها ، مدخولا بها كانت أم لا ، دائمة كانت أو منقطعة ، من ذوات الأقراء كانت أو لا . وإن كانت حاملا فأبعد الأجلين من وضع الحمل والمدّة المزبورة(1) . 1 ـ الأصل في هذه المسألة قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً}(1) ولا ينافيه قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لاَِزْوَاجِهِم مَتَاعاً إِلَى الحَوْلِ}(2) بناءً على أنّ المراد منها الاعتداد بالسنة; لأنّها حينئذ منسوخة بالاُولى ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين الموارد المذكورة حتى بالنسبة إلى الزوجة غير المدخول بها ، التي لا عدّة لها في الطلاق ، كما أنّه لا فرق بين أن يكون الزوج كبيراً أو صغيراً ، وكذلك (1) سورة البقرة: 2/234 . (2) سورة البقرة: 2 / 240 . (الصفحة146) لا فرق بين أن يكون الزوج حرّاً أو عبداً . نعم ، في رواية عدمها على غير المدخول بها كصورة الطلاق ، وهي : رواية محمد بن عمر السّاباطي قال: سألت الرضا(عليه السلام)عن رجل تزوّج امرأة ، فطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال : لا عدّة عليها . وسألته عن المتوفى عنها زوجها من قبل أن يدخل بها؟ قال : لا عدّة عليها ، وهما سواء(1) . لكن في الجواهر إنّها من الشواذ المطروحة; لمنافاتها إطلاق الكتاب والسنّة(2)وإجماع المسلمين ، مضافاً إلى ظهور الفرق بين عدّة الطلاق وعدّة الوفاة ، التي هي في الحقيقة لإظهار الحزن والتفجع على الزوج والاحترام لفراشه; ولذلك اعتبرت بالأشهر ، وأمر فيها بالحداد ، بخلاف عدّة الطلاق المعتبر فيها الأقراء أوّلا وبالذات(3) . هذا كلّه بالإضافة إلى الحائل . وأمّا الحامل فعدّتها أبعد الأجلين من وضع الحمل والمدّة المزبورة ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى نفي وجدان الخلاف فيه عند أصحابنا الإماميّة(4) ـ وجود روايات كثيرة دالّة عليه ، مثل : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: في الحامل المتوفّى عنها زوجها تنقضي عدّتها آخر الأجلين(5) . والمراد بالأجلين وضع الحمل والمدّة المزبورة . (1) التهذيب: 8 / 144 ح497 ، الاستبصار: 3 / 339 ح1210 ، الوسائل: 22 / 248 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب35 ح4 . (2) الوسائل: 22 / 235 / 239، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب30 . (3) جواهر الكلام: 32 / 274 . (4) مسالك الافهام: 9 / 274 ، جواهر الكلام: 32 / 275 . (5) الكافي: 6/114 ح2، التهذيب: 8/150 ح519، الوسائل: 22 / 239 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 ح1. (الصفحة147) وموثّقة سماعة قال : قال: المتوفّى عنها زوجها الحامل ، أجلها آخر الأجلين إن كانت حبلى ، فتمّت لها أربعة أشهر وعشر ولم تضع ، فإنّ عدّتها إلى أن تضع ، وإن كانت تضع حملها قبل أن يتمّ لها أربعة أشهر وعشر ، تعتدّ بعدما تضع تمام أربعة أشهر وعشر ، وذلك أبعد الأجلين(1) . ورواية محمد بن قيس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين(عليه السلام) في امرأة توفّي زوجها وهي حبلى ، فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر وعشر فتزوّجت ، فقضى أن يخلّي عنها ثم لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين ، فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها وإن شاءوا أمسكوها ، فإنْ أمسكوها ردّوا عليه ماله(2) . إلى غير ذلك من الروايات(3) الواردة في هذا المجال . وربما يقال: بأنّ لزوم الاعتداد بأبعد الأجلين هو مقتضى الجمع بين الآيتين(4): الآية الواردة في الأحمال ، والآية الواردة في عدّة الوفاة بعد عدم لزوم الاعتداد مكرّراً ، بل تتداخل العدّتان ، فإنّ امتثالهما حينئذ يحصل بالاعتداد بأبعد الأجلين ، ويرد عليه: أوّلا: أنّ آية الأحمال واردة في المطلّقات ، ولا إطلاق لها يشمل عدّة الوفاة . وثانياً: لا دليل على عدم التداخل حينئذ ، وقد مرّ(5) نظيره سابقاً ، فالعمدة هي الروايات الواردة في المقام ، التي تقدّم بعضها . (1) الكافي: 6/113 ح1، التهذيب: 8/150 ح518، الوسائل: 22 / 240 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 ح2. (2) الكافي: 6 / 114 ح4 ، الوسائل: 22 / 240 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 ح3 . (3) الوسائل: 22 / 239 ـ 241 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 . (4) سورة البقرة: 2 / 234 ، سورة الطلاق: 65 / 4 . (5) في ص129 ـ 131 . (الصفحة148) مسألة 2 : المراد بالأشهر هي الهلالية ، فإن مات عند رؤية الهلال اعتدّت بأربعة أشهر وضمّت إليها من الخامس عشرة أيام ، وإن مات في أثناء الشهر فالأظهر أنّها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط ، وأكملت الأوّل بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس حتى تصير مع التلفيق أربعة أشهر وعشرة أيام(1) . 1 ـ قد عرفت(1) أنّ المراد بالأشهر في عرف الشارع بل في العرف العام هي: الأشهر الهلاليّة . فلو مات عند رؤية الهلال من شهر اعتدّت بأربعة أشهر ، وضمّت إليهامن الخامس عشرة أيام، وتبين كما في الشرائع بغروب الشمس من اليوم العاشر; لأنّه نهاية اليوم(2) . للإجماع(3) على أنّ المراد بالعشر عشر ليال مع عشرة أيام، خلافاًللأوزاعي(4) فأبانهابطلوع فجرالعاشرلتذكيرالعددفي الآية،المقتضي للتأنيث في تمييزه فيكون ليالي . لكن في الجواهر أنّ المحكيّ عن بعض أهل العربيّة أنّ ذلك مع ذكر التمييز ، أمّا مع عدمه كما في الآية فلا يدلّ على ذلك ، ويجوز تناوله للمذكر والمؤنث ، بل قد يقال: كما فيها ، أنّ كونه مؤنثاً لا ينافي إرادة عشر ليال بأيّامها(5) . وإن مات في أثناء الشهر ، فإن كان الباقي أقلّ من عشرة أيّام كما إذا بقي من الشهر ثلاث تحسب أربعاً هلالية أيضاً ، وتكمل باقي العشر من الشهر السادس ، وإن كان الباقي أكثر جاء البحث السابق الذي مقتضاه هنا جعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط ، وإكمال الأوّل بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس (1) في ص143 . (2) شرائع الإسلام: 3 / 38 . (3) مسالك الافهام: 9 / 273 . (4) المغني لابن قدامة: 9 / 107 ، الشرح الكبير: 9 / 90 ، المغني المحتاج: 3 / 395 ، الخلاف: 5 / 67 . (5) جواهر الكلام: 32 / 275 . (الصفحة149) مسألة 3 : لو طلّقها ثم مات قبل انقضاء العدّة ، فإن كان رجعيّاً بطلت عدّة الطلاق ، واعتدّت من حين موته عدّة الوفاة ، إلاّ في المسترابة بالحمل فإنّ فيها محل تأمّل ، فالأحوط لها الاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة ووظيفة المسترابة ، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلا تعتدّ عدّة الوفاة ، وتتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة وظهور التكليف ، ولو مات بعد سبعة أشهر اعتدت بأبعدهما من اتضاح الحال وعدّة الوفاة ، ولو كانت المرأة حاملا اعتدت بأبعد الأجلين منها ومن وضع الحمل كغير المطلّقة . وإن كان بائناً اقتصرت على إتمام عدّة الطلاق ولا عدّة لها بسبب الوفاة(1) . حتّى تصير مع التّلفيق أربعة أشهر وعشرة أيام . هذا ، وربما يمكن أن يتوهم هنا أنّ ذكر العشر قرينة على أنّ الشهر قد حسب ثلاثين ، بخلاف ما مرّ من الشهور في عدّة الطلاق ، فإنّ خلوّه عن مثل العشر قرينة على إرادة عرف الشرع من الشهر الهلالي ، ولكن قرينية ذكر العشر على ذلك ممنوعة ، بل العرف المذكور بحاله ، فلا اختلاف بين المقامين من هذه الجهة ، فكما أنّ المراد بالشهر هناك الهلالي ، وفي صورة الانكسار يتوقف التلفيق على ما ذكر ، كذلك المراد بالشهر هنا أيضاً ذلك ، والتلفيق متحقّق بما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً . 1 ـ لو طلّقها ثمّ مات قبل انقضاء العدّة ، فتارةً يكون الطلاق رجعياً ، واُخرى يكون بائناً ، فهنا مقامان : المقام الأوّل : فيما إذا كان الطلاق رجعيّاً ، فقد لا تكون المرأة حاملا ولا مسترابة بالحمل، بل هي حائل غيرمسترابة، وقدتكون حاملا،وقد تكون مسترابة. أمّا الصورة الاُولى: فالظاهر بطلان عدّة الطلاق ، ولزوم الاعتداد من حين (الصفحة150) الموت عدّة الوفاة ، ويدل عليه الروايات الكثيرة ، مثل : رواية هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): في رجل كانت تحته امرأة فطلّقها ، ثم مات قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : تعتدّ أبعد الأجلين عدّة المتوفى عنها زوجها(1) . ومرسلة جميل بن درّاج ، عن أحدهما(عليهما السلام): في رجل طلّق امرأته طلاقاً يملك فيه الرجعة ثم مات عنها ، قال: تعتدّ بأبعد الأجلين أربعة أشهر وعشراً(2) . ورواية محمد بن قيس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سمعته يقول : أيّما امرأة طلّقت ، ثم توفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدّتها ولم تحرم عليه فانّها ترثه ، ثم تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها ، وإن توفّيت وهي في عدّتها ولم تحرم عليه فإنّه يرثها(3) . ورواية سماعة قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ، ثم إنّه مات قبل أن تنقضي عدّتها؟ قال : تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها ولها الميراث(4) . ورواية محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً على طهر ، ثمّ توفّي عنها وهي في عدّتها؟ قال : ترثه ، ثم تعتدّ عدّة المتوفى عنها زوجها ، وإن ماتت قبل انقضاء العدّة منه ورثها وورثته(5) . إلى غير ذلك من الروايات الواردة ، مضافاً إلى أنّ المعتدّة الرجعية بحكم (1) الكافي: 6 / 121 ح5 ، التهذيب: 8 / 149 ح516 ، الاستبصار: 3 / 343 ح1224 ، الوسائل: 22 / 249 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح1 . (2) الكافي: 6 / 120 ح1 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح5 . (3) الكافي: 6 / 121 ح6 ، التهذيب: 8 / 149 ح517 ، الاستبصار: 3 / 343 ح1225 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح3 . (4) الفقيه: 3 / 353 ح1691 ، الوسائل: 22 / 251 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح9 . (5) التهذيب: 8 / 81 ح195 ، الوسائل: 26 / 224 ، أبواب ميراث الأزواج ب13 ح5 . (الصفحة151) الزوجة ، فتشملها الآية(1) الواردة في عدّة الوفاة ، وكذا آية الإرث(2) وغيرها . أمّا الصورة الثانية : وهي ما لو كانت المعتدّة الرجعية حاملا ، فإنّ عدّتها هي العدّة في الحامل المتوفّى عنها زوجها غير المطلّقة من أبعد الأجلين ومن المدّة المزبورة; لاقتضاء كونها زوجة ذلك ، وقد تقدّم(3) البحث في عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها في غير صورة الطلاق . أمّا الصورة الثالثة : وهي ما لو كانت المعتدّة الرجعية مسترابة بالحمل ، ففي الجواهر: أنّ في الاجتزاء فيها بعدّة الوفاة أي الأربعة أشهر وعشراً ، أو مع المدّة التي يظهر فيها عدم الحمل ، أو وجوب إكمال العدّة المطلّقة بثلاثة أشهر بعد التسعة أو السنة ، أو وجوب أربعة أشهر وعشراً بعدها أوجهاً: أقواها الأوّل; لاندراجها في عنوان الزوجة ، فتشملها الأدلّة العامة الواردة في المتوفّى عنها زوجها ، وبطلان حكم الطلاق بالنسبة إلى ذلك ، قال: ولا ينافيه وصفها بأبعد الأجلين المنزل على الغالب ، فلا يعارض إطلاق غيره من النصوص المتروك فيه الوصف المزبور ، فيكتفي بها حينئذ ما لم يظهر الحمل لأصل العدم ، وإلاّ اعتدت بأبعد الأجلين من وضعه ، ومن الأربعة أشهر وعشر كالحامل غير المطلّقة(4) . وقد احتاط وجوباً بالاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة . ووظيفة المسترابة ، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلا تعتدّ عدّة الوفاة ، وتتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة وظهور التكليف ، ولو مات بعد سبعة أشهر اعتدّت (1) سورة البقرة: 2 / 234 . (2) سورة النساء: 4 / 7 ، 11 ، 12 . (3) في ص146 ـ 147 . (4) جواهر الكلام: 32 / 261 . (الصفحة152) بأبعدهما من اتضاح الحال وعدّة الوفاة . واللاّزم ملاحظة الخبرين الواردين في المسترابة فنقول : أحدهما : خبر عمّار السّاباطي قال : سئل أبو عبدالله(عليه السلام): عن الرجل عنده امرأة شابة ، وهي تحيض في كلّ شهرين ، أو ثلاثة أشهر حيضةً واحدةً ، كيف يطلّقها زوجها؟ فقال : أمر هذه شديد ، هذه تطلّق طلاق السنّة تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود ، ثم تترك حتى تحيض ثلاث حيض ، متى حاضتها فقد انقضت عدّتها ، قلت له : فإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟ فقال : يتربّص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ، ثمّ قد انقضت عدّتها ، قلت : فإن ماتت أو مات زوجها؟ قال : أيّهما مات ورث صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهراً(1) . ثانيهما : خبر سورة بن كليب قال : سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنّة ، وهي ممّن تحيض ، فمضى ثلاثة أشهر فلم تحض إلاّ حيضة واحدة ، ثم ارتفعت حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر اُخرى ، ولم تدر ما رفع حيضتها ، فقال : إن كانت شابة مستقيمة الطمث ، فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلاّ حيضة ، ثمّ ارتفع طمثها ، فلا تدري ما رفعها ، فإنّها تتربّص تسعة أشهر من يوم طلّقها ، ثم تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر ، ثم تتزوّج إن شاءت(2) . وذكر صاحب الجواهر: أنّ الأوّل معرض عنه ، وهما غير شاملين للفرض (1) التهذيب: 8 / 119 ح410 ، الاستبصار: 3 / 322 ح1148 ، الوسائل: 22 / 199 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح1 . (2) التهذيب: 8 / 119 ح411 ، الاستبصار: 3 / 322 ح1149 ، الوسائل: 22 / 199 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح2 . (الصفحة153) مسألة 4: يجب على المرأة في وفاة زوجها الحدادمادامت في العدّة ، والمراد به:ترك الزّينة في البدن بمثل التكحيل والتطيبوالخضابوتحميرالوجه والخطاط ونحوها ، وفي اللباس بلبس الأحمر والأصفر والحلّي ونحوها . وبالجملة ترك كلّ ما يعدّ زينةً تتزيّن به للزوج ، وفي الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد والأعراس ونحوهما ، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد ، فيلاحظ في كلّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه للتزيين . نعم ، لا بأس بتنظيف البدن واللباس ، وتسريح الشعر ، وتقليم الأظفار ، ودخول الحمّام ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة ، وتزيين أولادها وخدمها(1) . قطعاً(1) ، هذا ومقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن ممّا تقدّم . المقام الثاني : فيما إذا كان الطلاق بائناً ، وقد نفى وجدان الخلاف فيه(2) في لزوم الاقتصار على إتمام عدّة الطلاق ، وذلك لأنّها أجنبية ولابد من انقضاء العدّة ، ثمّ يكون الزوج خاطباً من الخطّاب بدون المحلّل أو معه كما لا يخفى . لكن في مرسلة علي بن إبراهيم المضمرة بل عن غير الإمام(عليه السلام) في المطلّقة البائنة إذا توفّي عنها زوجها وهي في عدّتها قال : تعتدّ بأبعد الأجلين(3) . وذكر صاحب الوسائل عقيب نقل الرواية: هذا يحتمل الحمل على الاستحباب ، ويحتمل أن تكون البائنة مستعملة بالمعنى اللغوي ، ويكون مخصوصاً بالرجعي . 1 ـ امّا أصل وجوب الحداد ولزومه على المرأة في عدّة وفاة زوجها ما دامت في العدّة ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه ـ روايات متعدّدة واردة في بيان (1 و 2) جواهر الكلام: 32 / 262 . (3) الكافي: 6 / 120 ح2 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح6 . (الصفحة154) وجوبه أو كيفيته ، مثل : رواية زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيّب ولا تزيّن حتى تنقضي عدّتها أربعة أشهر وعشرة أيام(1) . ورواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن المتوفّى عنها زوجها؟ قال : لا تكتحل للزينة ، ولا تطيب ، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ، ولا تبيت عن بيتها ، وتقضي الحقوق ، وتمتشط بغسلة ، وتحجّ ، وإن كان في عدّتها(2) . ومرسلة أبي يحيى الواسطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : يحدّ الحميم على حميمه ثلاثاً ، والمرأة على زوجها أربعة أشهر وعشراً(3) . وقيام الدليل على عدم ثبوت الوجوب في الأول لا يستلزم عدم الوجوب في الثاني كما لا يخفى . إلى غير ذلك من الروايات(4) . والحداد من الحدّ بمعنى المنع من حدّت المرأة تحدّ حدّاً أي منعت نفسها من التزيين فهي حادّة ، وقد وقع التعبير بهذا العنوان في بعض الروايات المتقدّمة كمرسلة الواسطي وجملة من الروايات الاُخر ، والمراد منه ترك كلّ ما يعدّ زينة واُريد به التزيّن للزوج ، سواء كان مرتبطاً بالبدن كالاكتحال لا للمداواة ، بل للتزيين والتطيّب والخضاب وتحمير الوجه ، أو التصرّف في شعر الرأس بإيجاد لون خاص فيه لما ذكر أو إيجاد شكل خاص فيه كذلك ، أو مرتبطاً باللباس كالألبسة الخاصة المعدّة للتزيين ، أو اللبس في أوقات مخصوصة مناسبة له كالأعياد (1) الكافي: 6 / 117 ح12 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح4 . (2) الكافي: 6/116 ح4، التهذيب: 8/159 ح551، الوسائل: 22 / 233 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح2. (3) التهذيب: 8 / 161 ح559 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح6 . (4) الوسائل: 22 / 223 ـ 235 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 . (الصفحة155) والأعراس ونحوهما ، ومن المعلوم اختلاف ذلك بحسب الأشخاص من جهة السنّ ، ومن جهة الغنى والفقر ، ومن جهة الشرف وغيره ، وبحسب الأزمان والأمكنة ، ولعلّ الاكتحال كان من ذلك في الأزمنة السالفة دون مثل زماننا . هذا ، وأمّا مثل تنظيف البدن ولو بالدلك ، وكذا تنظيف اللباس وتسريح الشعر ، ودخول الحمّام ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة ، وتزيين الأولاد والاخدام فلا مانع منه; لعدم كون الغرض من ذلك التزيين ، فإنّ من دخل الحمام لتنظيف البدن وكذا من غسل ثوبه الوسخ ، لا يكون عمله مصداقاً للتزيين ، وعلى ما ذكرنا فالعناوين المذكورة في جملة من الروايات لا خصوصية فيها ، بل المناط مجرد التزيين بها وصدقه عادة المختلف بحسب ما ذكر . نعم في جواز المبيت في غير بيتها كلام يأتي . نعم في موثقة عمّار الساباطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها ، هل يحلّ لها أن تخرج من منزلها في عدّتها؟ قال : نعم وتختضب وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبغ ، وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج(1) . وفي الجواهر «لغير ريبة من زوج» . . . بل في الوافي قد مضى حديث آخر(2) بهذا الإسناد فيما تفعل المطلّقة في عدّتها ، وكان مضمونه قريباً من مضمون هذا الحديث إلاّ ما تضمن صدره ، ويشبه أن يكون الحديثان واحداً ، وإنّما ورد في المتوفّى عنها زوجها والمطلّقة جميعاً وقد سقط منه شيء(3) ، ويمكن حملها على إرادة جواز فعل ذلك للضرورة ، بل ربّما كان في قوله(عليه السلام): «لغير ريبة من زوج» إشعار بذلك على أنّ (1) الفقيه: 3 / 328 ح1591 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح7 . (2) أي في الوافي : 23 / 1206 ح13 . (3) الوافي : 23 / 1220 ح18 وذيله . (الصفحة156) مسألة 5 : الأقوى أنّ الحداد ليس شرطاً في صحّة العدّة ، بل هو تكليف مستقل في زمانها ، فلو تركته عصياناً أو جهلا أو نسياناً في تمام المدّة أو بعضها ، لم يجب عليها استئنافها وتدارك مقدار ما اعتدّت بدونه(1) . التدهن والامتشاط ليس مطلقهما من الزينة (1) . أقول : إنّ عنوان الزوج بهذه الصورة المذكورة لا ينطبق على المعتدّة بعد فرض كونها في العدّة ، ويحرم النكاح فيها قطعاً ، فاللاّزم أن يكون المراد هو الزوج التقديري ، وعليه فالراجح في النظر أن يكون الصادر ما في الجواهر لا ما في الوسائل . فتدبّر والأمر سهل . 1 ـ المشهور(2) على ما حكاه غير واحد أنّ الحداد واجب تعبّدي ، وتكليف مستقلّ لا شرطي لتحقّق الاعتداد ، فلو أخلّت به عالمةً عامدةً وعصياناً لم يبطل الاعتداد ، ولا منافاة بين المعصية وانقضاء العدّة ، بل لو فرض النكاح في العدّة لا يوجب عدم الانقضاء ، فيجوز التزويج بالثالث بعده ، وحكي عن أبي الصلاح وبعض آخر(3) إبطال العدّة بالإخلال به مطلقاً أو حال العمد خاصة على اختلاف النقلين; لعدم حصول الامتثال فيجب الاستئناف . وردّ بأنّه لا دليل على شرطيته بل ظاهر الأدلّة خلافه . وفي الجواهر: ولكن الانصاف عدم خلوّه عن الوجه ، خصوصاً مع ملاحظة (1) جواهر الكلام: 32 / 278 . (2) مسالك الافهام: 9 / 279 ، نهاية المرام: 2 / 101 ، الحدائق الناضرة: 25 / 478 ، رياض المسائل: 7 / 379 ـ 380 ، جواهر الكلام: 32 / 283 . (3) نقل ذلك عن أبي الصلاح والسيد الفاخر شارح الرسالة في مسالك الافهام: 9 / 279 ونهاية المرام: 2 / 102 ، ولكن لم نعثر عليهما . (الصفحة157) مسألة 6 : لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة والذمّية ، كما لا فرق على الظاهر بين الدائمة والمنقطعة ، نعم لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كيوم أو يومين ، وهل يجب على الصغيرة والمجنونة أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب بمعنى وجوبه على وليّهما ، فيجنبهما عن التزيين ما دامتا في العدّة ، وفيه تأمّل وإن كان أحوط(1) . الاحتياط وقاعدة وجوب الشيء في الشيء والنصوص(1) المتكثرة التي ستسمع جملة منها في تعليل وجوب الاعتداد عليها عند بلوغ الخبر ، بخلاف المطلّقة بوجوب الحداد عليها أي في عدّتها بخلافها ، بل قال أبو جعفر(عليه السلام) في خبر زرارة منها: إن مات عنها ـ يعني: وهو غائب ـ فقامت البيّنة على موته ، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً; لأنّ عليها أن تحدّ عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً ، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ(2) . لا أقل من الشك في انقضاء العدّة بدونه ، فتأمّل جيّداً(3) . وأنت خبير بعدم دلالة شيء ممّا ذكر على الوجوب الشرطي ، بل مقتضى القاعدة مع عدم الدليل عليه عدم الإشتراط; لأنّه أمر ثالث يحتاج إليه . 1 ـ لافرق في وجوب الحداد بين الزوجة المسلمة والكافرة الذمّية ، وقد صرّح بذلك غيرواحد(4)، والدليل عليه إطلاق الأدلّة، كما أنّه لافرق بين الدائمة والمنقطعة. (1) الوسائل: 22 / 228 ـ 232 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب28 . (2) الكافي: 6 / 112 ح6 ، التهذيب: 8 / 163 ح566 ، الاستبصار: 3 / 354 ح1269 ، الوسائل: 22 / 233 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح1 . (3) جواهر الكلام: 32 / 283 . (4) شرائع الإسلام: 3 / 38 ، مسالك الافهام: 9 / 278 ، رياض المسائل: 7 / 379 ، جواهر الكلام: 32/ 381 . (الصفحة158) نعم ، نفى في المتن البعد عن عدم وجوب الحداد على من قصرت تمتعها كيوم أو يومين ، ولعلّ السرّ فيه أنّ الحداد قد روعي فيه احترام الزوج وشأنه ، فكما أنّها تتربّص أربعة أشهر وعشراً ، ولا يجوز لها الإقدام على التزويج حفظاً لمقام الزوج ، كذلك تحدّ الزوجة لذلك ، وتمنع نفسها عمّا به تتحقّق الزينة ، وإن شئت قلت : إنّ المنقطعة وإن كانت زوجة شرعاً ، ويجب عليها الاعتداد ولو كانت مدّة التمتّع بها قليلة ، إلاّ أنّه لا يبعد أن يقال بانصراف أدلّة الحداد عنها; لأنّه بملاحظة ما ذكرنا ينحصر بما إذا كانت الزوجة مع الزوج كثيراً ، فتراعى في العدّة احترامه ، وأمّا مع عدم الكون معه إلاّ قصيراً ، لا يبقى مجال للزوم الرعاية المذكورة . وهل يجب الحداد على الزوجة الصغيرة أو المجنونة أيضاً أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب ، وقد صرّح بذلك المحقّق في الشرائع(1) . وعن ابن إدريس(2) والعلاّمة في المختلف(3) التردّد في ذلك ، بل في محكيّ كشف اللثام(4) هو ـ أي: عدم الوجوب ـ هو الأقوى وفاقاً للجامع(5) . وجه التردد إطلاق الأدلّة من ناحية ، وعدم توجّه التكليف إلى الصغيرة والمجنونة من ناحية اُخرى ، وتكليف الولي غير معلوم ، ولا إشارة في الأدلّة إليه ، ولا مفهوم من أمرها بالحداد ، ولكن ذكر في الجواهر قد يقال: لا يخفى على من رزقه الله فهم اللّسان مساواة الأمر بالحداد للأمر بالاعتداد ، (1) شرائع الإسلام: 3 / 38 . (2) السرائر: 2 / 739 . (3) مختلف الشيعة: 7 / 477 . (4) كشف اللثام: 2 / 139 . (5) الجامع للشرائع: 472 . (الصفحة159) مسألة 7 : يجوز للمعتدّة بعدّة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدّتها والتردّد في حوائجها خصوصاً إذا كانت ضرورية ، أو كان خروجها لاُمور راجحة كالحج والزيارة وعيادة المرضى وزيارة أرحامها ولا سيّما والديها ، نعم ينبغي بل الأحوط أن لا تبيت إلاّ في بيتها ، الذي كانت تسكنه في حياة زوجها أو تنتقل منه إليه للاعتداد بأن تخرج بعد الزوال وترجع عند العشي ، أو تخرج بعد نصف الليل وترجع صباحاً(1) . الذي لا خلاف فيه بين المسلمين فضلا عن المؤمنين في جريانه على الصغيرة على معنى تكليف الوليّ بالتربّص بها ، فيجري مثله في الحداد ولا حاجة إلى الاشارة في النصوص إلى خصوص ذلك ، ضرورة معلومية توجه التكليف إلى الأولياء في كلّ ما يراد عدم وجوده في الخارج(1) . قلت : الفرق بين الحداد والاعتداد: أنّ الغرض المهم من الاعتداد عدم التزويج بالغير ، خصوصاً فيما لو احتمل اختلاط المياه كما في المجنونة والكبيرة والمدخول بها . وأمّا الحداد فليس إلاّ مجرّد تكليف ، وقد عرفت أنّه تكليف مستقل ، ولا يكون شرطاً في العدّة . ومن المعلوم انتفاء التكليف عن الصبي حتّى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ، وليست المحرّمات التي يجب على الولي منع الصغير والمجنون عنها في رتبة واحدة ، ولو كان الولي واجباً عليه الأمر بالحداد والتجنيب عن التزيين لقد اُشير إليه في تلك الروايات الكثيرة الواردة في الحداد ، ومع ذلك يكون مقتضى الاحتياط الاستحبابي الرعاية . 1 ـ الكلام في هذه المسألة إنّما هو في أمرين : (1) جواهر الكلام: 32 / 381 . (الصفحة160) أحدهما : أنّ المعتدّة بعدّة الوفاة ، هل يجوز لها الخروج من بيتها في زمان عدّتها ، والتردّد في حوائجها أو لا يجوز لها ذلك ؟ فنقول : الظاهر دلالة روايات كثيرة على جواز الخروج من منزلها سيّما في الاُمور الراجحة كالحجّ والزيارة ونحوهما ، مثل : موثقة ابن بكير قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن التي يتوفى عنها زوجها تحجّ؟ قال : نعم ، وتخرج وتنتقل من منزل إلى منزل(1) . ورواية عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في المتوفى عنها زوجها أتحجّ وتشهد الحقوق؟ قال : نعم(2) . ومقتضى إطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب أنّه لا فرق بين الحجّ الواجب وغيره ، كما أنّه لا فرق بين أن تكون الحقوق المشهود بها هي حقوق الله أو حقوق الناس . ومكاتبة الصفّار أنّه كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي(عليهما السلام) في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدّة منه ، وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها وهي تعمل للناس ، هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها في عدّتها؟ قال : فوقّع(عليه السلام): لا بأس بذلك إن شاء الله(3) . وغير ذلك ممّا يدلّ عليه من الروايات(4) ، فلا إشكال في هذا الأمر . ثانيهما : أنّ المعتدة المذكورة هل يجوز لها البيتوتة في غير بيتها ، الذي كانت (1) قرب الاسناد: 168 ح617 ، الوسائل: 22 / 243 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب33 ح3 . (2) الكافي: 6 / 116 ح5 و 7 ، الوسائل: 22 / 244 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب33 ح4 و 5 . (3) الفقيه: 3 / 328 ح1590 ، الوسائل: 22 / 246 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب34 ح1 . (4) الوسائل: 22 / 243 ـ 247 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب33 ـ 34 . |