(الصفحة301)
مسألة 7 : إنّما يُشرّع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم ، وأمّا ولد المتمتّع بها فينتفي بنفيه من دون لعان ، وإن لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء . ولو علم أنّه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقرّ بذلك ومع ذلك قد نفاه ، لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كالدائمة(1) .
وجود العلم .
وإن شئت قلت : إنّ المنصرف إليه من اللعان بكيفيته الخاصة صورة عدم العلم بالخلاف ، ولذا علّقت على ما إذا لم يكن للرامين شهداء إلاّ أنفسهم ، بخلاف رمي المحصنات غير الأزواج المُعلّق فيه الحدّ على عدم الإتيان بالبيّنة والشهود الآخر .
وأمّا في الصورة الثانية التي لا يكون هناك علم ولا إقرار ، بل صرف النفي إمّا مجرّداً عن ذكر السبب ، أو مع ذ كره بأن قال : إنّي لم أدخل بأمّه أصلا ، أو أنكر دخولا يمكن تكوّنه منه ، كما إذا ادّعى الدخول ما دون الستّة أشهر ، أو في زمان مضت مدّة أقصى الحمل ، فإنّه وإن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه كما في ولد المنقطعة ، بناء على اشتراط الدوام في الزوجة على ما عرفت(1) ، لكن باللعان ينتفي عنه بشرط أصل ثبوت الدخول والعلم بكذبه فيما إذا قال: إنّي لم أدخل بأمّه أصلا; لما مرّ في شرائط اللعان من أنّه يعتبر أن تكون الزوجة مدخولا بها ، من غير فرق بين صورة الرمي وصورة نفي الولد(2) .
1 ـ قد عرفت أنّ مشروعية اللعان مطلقاً إنّما هو فيما إذا كانت المرأة منكوحة
(1) في ص294 .
(2) في ص295 .
(الصفحة302)
مسألة 8 : لا فرق في مشروعيّة اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا(1) .
بالعقد الدائم(1) ، وتقييده اللعان لنفي الولد ربّما يشعر بالاختصاص مع أنّه لا اختصاص . كما أنّك عرفت(2) خروج المُتمتّع بها عن دائرة اللعان بالروايات الدالّة عليه . والظاهر ثبوت حدّ القذف في الرّمي بالزنا ، والانتفاء بمجرّد النفي من دون لِعان في اللعان لنفي الولد ، وقد مرّ في باب النكاح المنقطع(3) ما يدلّ عليه ، ولو علم أنّه دخل بها أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث يمكن أن يكون الولد منه أو أقرّ بذلك ، ومع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه دعواه ، كالدائمة على التفصيل المتقدّم ، والوجه فيها ما ذكرناه فيها ، كما أنّ الوجه الأصلي أنّ اللِّعان لم يُشرّع لهدم أساس الحياة والروابط الاجتماعية التي يُؤثّر فيها ارتباط الزوجين وتعيّشهما ، بل إنّما شُرّع لموارد خاصّة . ومن الواضح أنّ جملة من الأشخاص إنّما هم بصدد نفي الولد، لما يترتّب على وجوده من الإلزامات والتكاليف، وهم بصدد الفرار منها وعدم تحمّلها ، ففي الصورة المذكورة لا ينتفى بمجرّد النفي ، وهذا الأمر الأخير يكون في المنقطعة التي لايكون أصل تشريعها للولد، بطريق آكد، كما لايخفى.
1 ـ لا فرق في مشروعية اللِّعان لنفي الولد بين كونه حملا لم ينفصل بعد ، أو كونه قد انفصل فعلا ، بل وإن مضى زمان طويل; لأنّ مقتضى إطلاق أدلّة المشروعية كذلك الشمول لجميع الموارد ، ودعوى الإختصاص بصورة الإنفصال لا وجه لها أصلا ، كما لا يخفى .
(1 ، 2) في ص294 ـ 296 .
(3) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: القول في نكاح المنقطع ، مسألة 13 .
(الصفحة303)
مسألة 9 : من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه من زنا; لاحتمال تكوّنه من وطء الشبهة أو غيره ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وإن جاز له ، بل وجب عليه نفيه عن نفسه ، لكن لا يجوز له أن يرميها بالزّنا ، وينسب ولدها بكونه من زنا(1) .
مسألة 10 : لو أقرّ بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك ، سواء كان إقراره صريحاً أو كناية مثل أن يبشّر به ويقال له: «بارك الله لك في مولودك» فيقول : «آمين» أو «إن شاء الله تعالى» بل قيل: إنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع ارتفاع العذر لم يكن له إنكاره بعده ، بل نسب ذلك إلى المشهور ، لكن الأقوى خلافه(2) .
1 ـ من الواضح أنّ انتفاء الولد عن الزوج بسبب اللعان في مورده الذي عرفت لا يلازم تكوّنه من زنا; لاحتمال تكوّنه من وطء الشبهة ، أو جذب الرحم المني في مثل الحمام مع عدم الالتفات إليه ونظائر ذلك ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وإن جاز شرعاً بل وجب عليه نفيه عن نفسه; لما مرّ في بعض المسائل السابقة ، لكن لا يجوز له أن يرمي الزوجة بالزنا وولدها بكونه من زنا; لكون الإنتفاء عنه لازماً أعمّ كما مرّ .
2 ـ لا يسمع إنكاره للولد بعد إقراره به; لعدم سماع الانكار بعد الإقرار مطلقاً من دون فرق بين أن يكون إقراره صريحاً أو كناية ، كالمثال المذكور في المتن ، بل المنسوب إلى المشهور(1) أنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع
(1) مسالك الافهام: 10 / 193 جواهر الكلام: 34 / 17 .
(الصفحة304)
مسألة 11 : لا يقع اللّعان إلاّ عند الحاكم الشرعي ، والأحوط أن لا يقع حتى عند المنصوب من قبله لذلك .
وصورته أن يبدأ الرجل ويقول بعدما قذفها أو نفى ولدها : «أشهد بالله إنّي لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها» يقول ذلك أربع مرّات ، ثم يقول مرّةً واحدةً : «لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين» ثم تقول المرأة بعد ذلك (1) أربع مرّات :
«أشهدُ بالله إنّه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد» ثم تقول مرّة واحدة : «أنّ غضبَ الله عليّ إن كان من الصادقين»(2) .
عدم العذر لم يكن له إنكاره بعده ، لكن في المتن الأقوى خلافه ، ولعلّ الوجه أنّ مجرّد حضور الزوج وقت الولادة وعدم إنكار الولد وان لم يكن هناك عذر ، لا يوجب أن يكون ذلك بمنزلة إقراره حتى لا يسمع إنكاره بعد الإقرار ولو كان إقراره كنائياً; لأنّ الكناية عبارة عن ذكر اللاّزم وإرادة الملزوم مع ظهور الكلام في ذلك عرفاً ، مثل; زيد كثير الرّماد ، أو مهزول الفصيل ، أو أشباه ذلك ، والمقام لا يكون من هذا القبيل ; لأنّ المفروض عدم وجود كلام له دلالة على ذلك بالصراحة أو بالكناية ، ومجرّد الحضور الخارجي لا يلازم الإقرار وإن لم يكن هناك عذر شرعي أو عرفي في النفي كما لا يخفى .
1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لأمرين :
أحدهما : أنّه لا يقع اللعان إلاّ عند شخص الحاكم الشرعي ، واحتاط بعدم
(1) إذا كان نفي الولد مجرّداً عن قذف المرأة يشكل الاحتياج إلى لعان المرأة ، بل مشروعيّة ذلك في غاية الإشكال ، وذلك لأنّ تأثير لعانها في نفي الولد كان من مصاديق تأثير دليل الثبوت في الحكم بنقيضيها ، فإنّ المرأة تلاعن الزوج في أنّه كاذب في نفي الولد ، فكيف يؤثّر في صدقه والحكم بنفيه وهذا إشكال فنيّ لم أر إلى الآن من أجابني بجواب يصحّ السكوت عليه ولي إشكال آخر ليس هذا موضع طرحه . «كريمي القمّي»
(الصفحة305)
مسألة 12 : يجب أن تكون الشهادة واللعن على الوجه المذكور فلو قال أو قالت : أحلف أو أقسم أو شهدت أو أنا شاهد أو أبدلا لفظ الجلالة بغيره ،
الوقوع حتى عند المنصوب من قبله لذلك ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه شهادة أو يمين لا يسجّل بهما إلاّ الحاكم ـ ظاهر جملة من الروايات الدالّة على أنّ الإمام هو المتصدّي لذلك ، مثل :
صحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الملاعن والملاعنة ، كيف يصنعان؟ قال : يجلس الإمام مستدبر القبلة . . الحديث(1) .
وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، أنّه سأل أبا الحسن الرضا(عليه السلام)فقال له : أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال : يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ، الحديث(2) . وغيرهما من الروايات(3) الدالة عليه ، وذكر الإمام وإن كان يحتمل أن يكون لأجل أنّه الحاكم الشرعي بالأصالة فلا يتعيّن شخصه لذلك ، بل يكفي المنصوب من قبله ، إلاّ أنّه يحتمل التعيّن والتشخّص; لأجل اشتمال اللعان على الشهادات واللعن والغضب ، فالاحتياط يقتضي ما أفاده في المتن .
ثانيهما : صورة اللعان وبيان كيفيّته ، وهو المأخوذ ممّا نطق به الكتاب العزيز(4)والنصّ(5) والفتوى ، والظاهر أنّه لا فرق في كيفيته بين سببي اللعان من القذف
(1) الكافي: 6 / 165 ح10 ، الوسائل: 22 / 409 ، كتاب اللعان ب1 ح4 .
(2) الفقيه: 3 / 346 ح1664 ، الوسائل: 22 / 408 ، كتاب اللعان ب1 ح2 .
(3) الوسائل: 22 / 408 ـ 409 ، كتاب اللعان ب1 ح3 و 5 ، مستدرك الوسائل: 15 / 435 ، أبواب اللعان ب4 ح3 و ص431 ب1 ح1 وب12 ح1 .
(4) سورة النور: 24 / 6 ـ 9.
(5) الوسائل: 22 / 407 ـ 411 ، كتاب اللعان ب1 .
(الصفحة306)
كالرحمان وخالق البشر ونحوهما ، أو قال الرجل: إنّي صادق أو لصادق أو من الصادقين بغير ذكر اللاّم ، أو قالت المرأة: إنّه لكاذب أو كاذب أو من الكاذبين لم يقع ، وكذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب ، والمرأة بالعكس(1) .
والنّفي، لكن ذكر غير واحد(1) : أنّه إذا أراد نفي الولد قال: إنّ هذا الولد من زنا وليس منّي . لكنّك عرفت أنّ نفي الولد أعم من ثبوت الزنا; لإمكان وطء الشبهة وغيره .
نعم ، ظاهر الآية في مورد القذف ، لكن السنّة مطلقة كما لايخفى .
1 ـ قد نفي وجدان الخلاف في الجواهر(2) بيننا في اعتبار الكيفية المخصوصة ، وأنّه مع التغيير والتبديل لا يجزي وإن كان المعنى واحداً ، ولعلّ الوجه فيه أنّ اللّعان على خلاف القاعدة ، ولابدّ فيه من الاقتصار على موضع النص والإجماع ، وإن ذكر في محكي كشف اللثام: لعلّ تخصيص الألفاظ المعهودة على النهج المذكور للتغليظ والتأكيد ، فإنّ الشهادة تتضمّن مع القَسَم الإخبار عن الشهود والحضور ، والتعبير بالمضارع يقربه إلى الإنشاء; لدلالته على زمان الحال ، ولفظ اسم الذات المخصوص بها فلاشائبة اشتراك بوجه، و«من الصادقين» بمعنى أنّه من المعروفين بالصدق، وهو أبلغ من نحو صادق ، وكذا «من الكاذبين» ، ولكن اختيار هذا التركيب في الخامسة لعلّه للمشاكلة; لأنّ المناسب للتأكيد خلافه ، وتخصيص اللّعنة به والغضب بها; لأنّ جريمة الزنا أعظم من جريمة القذف(3) . وإن أورد عليه في الجواهر(4) بما روي في
(1) المبسوط: 5 / 199 ، تحرير الاحكام: 2 / 67 ، ونسبه إلى غير واحد في جواهر الكلام: 34/55 .
(2) جواهر الكلام: 34 / 56 .
(3) كشف اللثام: 2 / 176 .
(4) جواهر الكلام: 34 / 57 .
(الصفحة307)
مسألة 13 : يجب أن يكون إتيان كلّ منهما باللِّعان بعد إلقاء الحاكم إيّاه عليه ، فلو بادر به قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع(1) .
مسألة 14 : يجب أن تكون الصيغة بالعربية الصحيحة مع القدرة عليها ، وإلاّ أتى بالميسور منها ، ومع التعذّر أتى بغيرها(2) .
مسألة 15 : يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة ، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفّظ كلّ منهما ، أو يكفي قيام كلّ عند تلفّظه بما
سنن البيهقي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في مُلاعنة هلال بن أميّة من أنّه قال له: أحْلِف بِالله الّذي لا إله إلاّ هو إنّك لصادق(1) .
1 ـ وذلك لما عرفت من أنّ اللعان شهادة أو يمين ، وكلاهما لابدّ وأن يقعا عند الحاكم وبأمر منه ، وقد عرفت في بعض المسائل السابقة دلالة الروايات على أنّ الإمام يتصدّى ذلك ، غاية الأمر أنّه احتمل أن يكون المراد الحاكم الشرعي أو المنصوب من قِبَله لذلك ، واحتيط بالأوّل .
2 ـ اعتبار العربية غير الملحونة مع القدرة عليها ممّا لا شك فيه; لأنّه الثابت لا في المقام فقط ، بل في جميع الموارد التي يعتبر فيها العربية . نعم يجوز بغيرها مع التعذّر كلاًّ وبالميسور مع التعذّر بعضاً ، وينبغي أن يفهمه معنى الصيغة إن لم يكن يعرف معناها; ليعلم بماذا يشهد وبأنّه يلعن أو يجعل غضب الله عليها وإن كان كلاهما معلّقاً ، فتدبّر .
(1) سنن البيهقي: 7 / 395 .
(الصفحة308)
يخصّه؟ أحوطهما الأول ، بل لا يخلو عن قوّة(1) .
مسألة 16 : إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتّب عليه أحكام أربعة :
الأوّل : انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما .
الثاني : الحرمة الأبدية ، فلا تحلّ له أبداً ولو بعقد جديد . وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللِّعان سواء كان للقذف أو لنفي الولد .
الثالث : سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه ، وسقوط حدّ الزنا عن الزوجة بلعانها ، فلو قذفها ثم لاعَنَ ونكلت هي عن اللِّعان تخلّص الرجل عن حدّ القذف ، وتحدّ المرأة حدّ الزانية; لأنّ لعانه بمنزلة البيّنة في إثبات الزنا .
الرابع : إنتفاء الولد عن الرّجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه بمعنى أنّه لو نفاه وادّعت كونه له فتلاعنا ، لم يكن توارث بين الرجل والمرأة ، وكذا بين الولد وكلّ من انتسب إليه بالاُبوّة كالجدّ والجدّة والأخ والاُخت للأب وكذا الأعمام والعمّات بخلاف الأمّ ومن انتسب إليه بها ، حتى إنّ الإخوة للأب والاُمّ بحكم
1 ـ إطلاق الكتاب(1) وإن كان يقتضي عدم اعتبار القيام ، إلاّ أنّ صحيحة علي ابن جعفر ، عن أخيه أبي الحسن(عليه السلام) ـ تدلّ على اعتباره ـ قال: سألته عن الملاعنة ، قائماً يلاعن أم قاعداً؟ قال : الملاعنة وما أشبهها من قيام(2) .
والجواب يعمّ الطرفين ، وإن كان في السؤال إشعار بخصوص الزوج ، وهذه الرواية قرينة على أنّ المراد بالسنّة في المرسلة عن الصادق(عليه السلام) أنّه قال : السنّة أن
(1) سورة النور: 24 / 6 ـ 9 .
(2) الكافي: 6 / 165 ح12 ، الوسائل: 22 / 409 ، كتاب اللعان ب1 ح6 .
(الصفحة309)
الأخوة للاُمّ(1) .
يجلس الإمام للمتلاعنين ويقيمهما بين يديه كلّ واحد منهما مستقبل القبلة(1) . هو الوجوب أو الأعم من الاستحباب ، ويؤيّده صحيحة محمد بن مسلم المتقدّمة(2)الواردة في اعتبار الإمام ، ومقتضى الاحتياط قيامهما عند اللعانين .
1 ـ إذا وقع اللِّعان الجامع للشرائط يترتّب عليه أحكام أربعة، غاية الأمر اشتراك اللعانين في اثنين منها ، واختصاص الثالث بأحدهما ، والرابع بأحدهما الآخر . أمّا الاثنان اللّذان يشترك فيهما اللعانان ـ أي اللعان للقذف واللِعان لنفي الولد ـ فهما الانفساخ والحُرمة الأبدية ، فلا خلاف ولا إشكال فيهما عندنا نصّاً(3) وفتوى . ففي صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج المتقدّمة في أوّل كتاب اللِعان، الواردة في شأن نزول آيات اللعان قال: ففرّق بينهما، وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبداً بعدما تلاعنتما .
وأمّا الحكم المختص باللعان لنفي حدّ القذف فمورده اللعان لنفيه كما هو مورد الآيات . وفي الحقيقة تكون مشروعية اللعان إنّما هي لأجل ذلك ، فبالرمي يثبت الحدّ، وباللعان يسقط عن الرجل ، ويثبت على المرأة حدّ الزنا وبلعانها يسقط عنها، كما يدلّ عليه قوله تعالى : {وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ} الآية(4) ، كما أنّ الحكم المختصّ باللعان لنفي الولد هو انتفاء الولد عنه ، فلا يرث الولد عنه، وكذا الملاعن عن الولد، وكذا كلّ من ينتسب إليه بسبب الأب كالجدّ والجدّةوالأخوالاُخت للأب .
(1) دعائم الإسلام: 2 / 281 ح1060 ، مستدرك الوسائل: 15/431 أبواب اللعان ب1 ح1 .
(2) في ص305 .
(3) الوسائل: 22 / 408 ـ 411 ، كتاب اللعان ب1 .
(4) سورة النور: 24 / 8 .
(الصفحة310)
مسألة 17 : لو كذّب نفسه بعدما لاعَنَ لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له ، فيرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرّب به ولا يرث الولد أقارب أبيه بإقراره(1) .
وفي رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في المرأة يُلاعنها زوجها ويفرّق بينهما إلى من ينسب ولدها؟ قال : إلى أمّه(1) .
وفي رواية زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام): أنّ ميراث ولد الملاعنة لأمّه ، فإن كانت أمّه ليست بحيّة فلأقرب الناس من أمّه لأخواله(2) .
1 ـ يدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى سماع الإقرار بعد الإنكار بخلاف العكس ـ بعض الروايات ، مثل الخبر المتقدّم في أول كتاب اللعان الدالّ على أنّه إن ادّعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده ، ولم ترجع إليه امرأته ، فإن مات الأب ورثه الابن وإن مات الابن لم يرثه الأب ويكون ميراثه لأمّه(3) ، ومن هنا يظهر الفرق بين ولد الملاعنة وبين ولد الزنا ، كما لا يخفى .
وقد وقع الفراغ من هذا الكتاب في الليلة الخامسة عشرة من شهر صفر الخير من شهور سنة 1420 القمرية ، وأنا الأقل الفاني محمد الفاضل اللنكراني عفا الله عنه وعن والديه ، بحقّ النبي وآله الأئمّة المعصومين عليهم صلوات الله أجمعين . والحمد لله أوّلا وآخراً وظاهراً وباطناً ، والحمدلله ربّ العالمين .
(1) التهذيب: 8 / 191 ح666 ، الوسائل: 22 / 434 ، كتاب اللعان ب14 ح2 .
(2) التهذيب: 8 / 190 ح663 ، الوسائل: 22 / 434 ، كتاب اللعان ب14 ح1 .
(3) في ص291 .
(الصفحة311)
كتاب
المواريث
(الصفحة312)
بسمه تعالى
هذا شرح كتاب المواريث من تحرير الوسيلة للإمام الراحل الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ وأنا الأقلّ الفاني محمد الفاضل اللنكراني ، عفا الله تعالى عنه وعن والديه . وكان الشروع فيه يوم الاثنين الخامس عشر من شهر صفر الخير من شهور سنة 1420 القمرية . ومن الله أستمدّ التوفيق لإتمامه وإتمام بقيّة الكتاب ممّا لم يشرح بحقّ أوليائه الطاهرين من النبيّ والأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين .
(الصفحة313)
كتاب المواريث
وفيه مقدّمات ومقصدان ولواحق
أمّا المقدّمات فاُمور :
الأوّل في موجبات الإرث
وهي نسب وسبب; فالأوّل ثلاثة مراتب :
الاُولى : الأبوان والأولاد وإن نزلوا .
والثانية : الأجداد والجدّات وإن علوا ، والإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا .
الثالثة : الأعمام والعمّات والأخوال والخالات وإن علوا وأولادهم وإن نزلوا بشرط الصدق عرفاً .
والثاني قسمان :
الزوجية ، والولاء وهو ثلاث مراتب: ولاء العتق ، ثمّ ولاء ضمان الجريرة ، ثمّ ولاء الإمامة(1).
1 ـ وقد عنون الكتاب في الشرائع بالفرائض(1) ، والفرق بينها وبين المواريث أنّ
(1) شرائع الإسلام : 4 / 7 .
(الصفحة314)
الاُولى أخصّ من الثانية; لأنّ الفرائض جمع فريضة من الفرض ، بمعنى التقدير لا الإيجاب والإلزام ولا غيره ، وعليه فالمراد هي السّهام المقدّرة في الكتاب ، والمواريث أعمّ منها ، والتعبير بالفرائض إمّا لأنّها الأصل; لأنّه لا ينتقل إلى غير ذي الفرض مع وجوده ، وإمّا للنصّ ، ففي محكيّ سنن البيهقي قال النبيُّ (صلى الله عليه وآله) : «تعلّموا الفرائض وعلّموها الناس»(1) . والدليل على ثبوت الإرث : الكتاب(2) والسنّة المتواترة(3) ، بل عليه إجماع المسلمين ، بل الضرورة من الدين لا من الفقه فقط ، وعليه فلا يبعد الحكم بكفر من أنكر الإرث في الإسلام مطلقاً .
وأمّا موجبات الإرث فهي أمران : نسب وسبب ، فالاُولى لها ثلاث مراتب ، والثانية لها قسمان بالنحو المذكور في المتن ، والمهم هنا بيان أمرين :
أحدهما : اعتبار بقاء صدق النسب عرفاً وإلاّ لعمّ النسب وبطل الولاء .
ثانيهما : حكي عن المحقّق الطوسي أنّه زاد في الولاء قبل ولاء الإمامة ، ولاء من أسلم على يده كافر ، وولاء مستحقّ الزكاة إذا اشتريت الرقبة منها واُعتقت(4) ، ولكنّه وإن دلّت عليه أخبار(5) لكنّها ضعيفة والقول به شاذّ .
وأمّا الترتيب فتفصيله يأتي إن شاء الله تعالى .
(1) السنن الكبرى للنسائي : 4 / 63 ح5305 و5306 ، تلخيص الجبير : 3 / 179 ح1341 .
(2) سورة النساء : 4 / 7 ـ 11 ، سورة الأنفال : 8 / 75 .
(3) الوسائل: 26 / 115 ـ 116 و 136 ـ 143، أبواب ميراث الأبوين ب9 و 20 وب 2 و ص195ـ 196، أبواب ميراث الأزواج ب1 .
(4) حكى عنه في مفتاح الكرامة : 8 / 9 .
(5) الوسائل: 9/292، أبواب المستحقّين للزكاة ب43 ح2، وج15/42 ـ 43، أبواب جهاد العدو ب10 ح1.
(الصفحة315)
الأمر الثاني في موانع الإرث
وهي كثيرة; منها : ما يمنع عن أصله وهو حجب الحرمان ، ومنها : ما يمنع عن بعضه وهو حجب النقصان .
فما يمنع عن أصله اُمور :
الأوّل : الكفر بأصنافه
أصلياً كان أو عن ارتداد ، فلا يرث الكافر من المسلم وإن كان قريباً ، ويختصّ إرثه بالمسلم وإن كان بعيداً ، فلو كان له ابن كافر لا يرثه ولو لم يكن له قرابة نسباً وسبباً إلاّ الإمام (عليه السلام) ، فيختصّ إرثه به دون ابنه الكافر(1) .
1 ـ الموانع كثيرة حتّى إنّه في محكيّ الدروس أنهاها إلى عشرين(1)، وهي على قسمين:
قسم منها ما يمنع عن أصله رأساً ، وهو حجب الحرمان كالكفر وأشباهه .
(1) الدروس : 2 / 342 ـ 364 .
(الصفحة316)
وقسم منها ما يمنع عن بعضه ، وهو حجب النقصان كقتل الخطأ ، فإنّه يمنع عن إرث القاتل الدية دون الاُمور الاُخر ، كما سيأتي(1) إن شاء الله تعالى .
فما يمنع عن أصله فهو اُمور تالية :
الأوّل : الكفر بجميع أقسامه وتمام أصنافه ، ولا فرق بين ما إذا كان أصليّاً أو عن ارتداد ، فلا يرث الكافر من المسلم ـ وإن كان قريباً كالابن ـ بلا خلاف فيه بين المسلمين ، ويدلّ عليه النصوص(2) التي ادّعي احتمال تواترها(3) مثل :
ما رواه المشايخ الثلاثة عن أبي ولاّد قال : سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول : المسلم يرث امرأته الذمية وهي لا ترثه(4) .
ورواية الحسن بن صالح ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المسلم يحجب الكافر ويرثه ، والكافر لا يحجب المسلم ولا يرثه(5) .
ورواية أبي خديجة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : لا يرث الكافر المسلم ، وللمسلم أن يرث الكافر إلاّ أن يكون المسلم قد أوصى للكافر بشيء(6) . ومن الواضح أنّ الاستثناء منقطع ، فإنّ المستثنى منه الإرث والمستثنى الوصية .
وغير ذلك من الروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال ، ومقتضى إطلاقاتها أنّه لا فرق بين صنوف الكفر وأقسامه ، وعليه فلو كان له ابن كافر لا يرثه ، بل يرثه الإمام لو لم يكن له قرابة نسباً وسبباً إلاّ إيّاه .
(1) في ص330 .
(2) الوسائل : 26 / 11 ـ 18 ، أبواب موانع الإرث ب1 .
(3) رياض المسائل : 9 / 10 ، جواهر الكلام : 39 / 15 .
(4) الوسائل : 26 / 11 ، أبواب موانع الإرث ، ب1 ح 1 .
(5) الوسائل : 26 / 11 ، أبواب موانع الإرث ب1 ح2 .
(6) الوسائل : 26 / 12 ، أبواب موانع الإرث ب1 ح3 .
(الصفحة317)
مسألة 1 : لو مات الكافر أصليّاً كان أو مرتدّاً عن فطرة أو ملّة وله وارث مسلم وكافر ورثه المسلم كما مرّ ، وإن لم يكن له وارث مسلم بل كان جميع ورّاثه كفّاراً يرثونه على قواعد الإرث إلاّ إذا كان مرتدّاً فطريّاً أو ملّياً فإنّ ميراثه للإمام (عليه السلام)دون ورّاثه الكفّار(1) .
مسألة 2 : لو كان الميّت مسلماً أو مرتدّاً فطرياً أو ملّياً ولم يكن له وارث إلاّ
1 ـ قد ظهر ممّا ذكرنا أنّه لو مات الكافر الأصلي أو المرتدّ مطلقاً ، وكان له وارث مسلم وكافر معاً يرثه المسلم فقط دون الكافر ، وإن كان الورّاث كفّاراً بأجمعهم كالأموات في البلاد الغربية ، فلا يمكن أن يقال : بأنّ الإرث جميعاً للإمام(عليه السلام) ، وإلاّ يلزم أن يكون هو المالك لجميع أموالهم ، مضافاً إلى أنّ مقتضى الدليل عدم إرث الكافر من المسلم ، وكذا عدم إرث الكافر إذا كان في الورّاث مسلم ولو في الطبقة المتأخّرة . أمّا إذا كان الميّت كافراً والورّاث كفّاراً بأجمعهم فلا دليل على عدم إرثهم ، بل يرثون على قواعد الإرث لاشتراكها بين الجميع .
نعم ، فيما إذا كان الميّت مرتدّاً فطرياً أو ملّياً يكون الوارث هو الإمام دون ورثته الكفّار ، وذكر في الشرائع : وفي رواية يرثه الكافر وهي شاذّة(1) ، وهي رواية إبراهيم بن عبد الحميد قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : نصراني أسلم ثمّ رجع إلى النصرانية ثمّ مات ، قال : ميراثه لولده النصارى . ومسلم تنصّر ثمّ مات ، قال : ميراثه لولده المسلمين(2) . ولم يعرف بها قائل صريحاً ، مع أنّ ظاهرها ثبوت الإرث لولده النصارى وإن كان في الورثة مسلم ، وعليه فتكون خلاف الإجماع .
(1) شرائع الإسلام : 4 / 12 .
(2) الوسائل : 26 / 25 ، أبواب موانع الإرث ب6 ح1 .
(الصفحة318)
الزوج والإمام (عليه السلام) كان إرثه للزوج لا الإمام (عليه السلام) ، ولو كان وارثه منحصراً بالزوجة والإمام (عليه السلام) يكون ربع تركته للزوجة والبقية للإمام (عليه السلام)(1) .
1 ـ الغرض من هذه المسألة أنّه لو كان الميّت مسلماً أو مرتدّاً مطلقاً ، وكان الوارث منحصراً بالزوج أو الزوجة ، لا يشترك الإمام مع الزوج ويشترك مع الزوجة بثلاثة أرباع .
ويدلّ على الأوّل ـ مضافاً إلى أنّه المشهور(1) شهرة عظيمة ـ الروايات المتعدّدة ، مثل :
صحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في امرأة توفّيت ولم يعلم لها أحد ولها زوج ، قال : الميراث لزوجها(2) .
وفي رواية أبي بصير قال : قرأ عليَّ أبو عبدالله(عليه السلام)فرائض علي(عليه السلام) فإذا فيها الزوج يحوز المال إذا لم يكن غيره(3) .
وروى هذه الرواية صاحب الوسائل في باب واحد أزيد من ثلاث مرّات مع وضوح الوحدة وعدم التعدّد . وغير ذلك من الروايات(4) الكثيرة الدالّة على الاختصاص .
ويدلّ على الثاني أيضاً روايات متعدّدة ، مثل :
(1) النهاية : 642 ، الإستبصار : 4 / 149 ، السرائر : 3 / 268 ، المهذب : 2 / 141 ، شرائع الإسلام : 4 / 12 ، مختلف الشيعة : 9 / 60 ، الدروس : 2 / 345 ، الروضة البهيّة : 8 / 29 ، المهذب البارع : 4 / 331 ، رياض المسائل : 9/17 ، مفتاح الكرامة : 8 / 30 ، كشف الرموز : 2 / 420 ، جواهر الكلام : 39 / 21 .
(2) الوسائل : 26 / 197 ، أبواب ميراث الأزواج ب3 ح1 .
(3) الوسائل : 26 / 197 ، أبواب ميراث الأزواج ب3 ح2 .
(4) الوسائل : 26 / 197 ـ 204 ، أبواب ميراث الأزواج ب3 ـ 4 .
(الصفحة319)
مسألة 3 : لو مات مسلم أو كافر وكان له وارث كافر و وارث مسلم غير الإمام (عليه السلام)وأسلم وارثه الكافر بعد موته ، فإن كان وارثه المسلم واحداً اختصّ بالإرث ولم ينفع لمن أسلم إسلامُه . نعم لو كان الواحد زوجة ينفع إسلام من أسلم قبل قسمة التركة بينها وبين الإمام (عليه السلام) أو نائبه ، ولو كان وارثه المسلم متعدّداً فإن كان إسلام من أسلم بعد قسمة الإرث لم ينفع إسلامه ، وأمّا لو كان قبلها فيشاركهم فيه إن ساواهم في المرتبة ، واختصّ به وحجبهم إن تقدّم عليهم كما إذا كان ابناً للميّت وهم إخوة(1) .
رواية أبي بصير قال : قرأ عليَّ أبو جعفر(عليه السلام) في الفرائض : امرأة توفّيت وتركت زوجها ، قال : المال للزوج . ورجل توفّي وترك امرأته ، قال : للمرأة الربع وما بقي فللإمام(1) .
ورواية محمد بن مروان ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في زوج مات وترك امرأته ، قال : لها الربع ويدفع الباقي إلى الإمام(2) .
وقد روى صاحب الوسائل في هذا الباب أيضاً روايات أبي بصير متعدّدة ، مع وضوح الوحدة فيها كذلك ، وغير ذلك من الروايات(3) الواردة في هذا المجال .
1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين بعد اشتراكهما في إسلام الوارث الكافر بعد الموت وثبوت وارث مسلم له :
المقام الأوّل : فيما إذا كان الوارث المسلم واحداً ، وهو تارةً يكون غير الزوجة
(1) الوسائل : 26 / 202 ، أبواب ميراث الأزواج ب4 ح3 .
(2) الوسائل : 26 / 203 ، أبواب ميراث الأزواج ب4 ح7 .
(3) الوسائل : 26 / 201 ـ 204 ، أبواب ميراث الأزواج ب4 .
(الصفحة320)
واُخرى تكون هي الزوجة .
ففي الصورة الاُولى : يختصّ المسلم بالإرث ولا ينفع لمن أسلم إسلامُه; لأنّ المفروض انتقال جميع المال إليه فرضاً وردّاً أو ردّاً فقط ، ولا دليل على زوال الانتقال بعد إسلام من أسلم ، كمن فرض له ابنان : أحدهما مسلم والآخر كافر حين الموت ثمّ أسلم بعده ، فإنّ المال ينتقل إلى الابن المسلم بأجمعه ، ولا دليل على زوال الانتقال بعد إسلام الآخر .
وفي الصورة الثانية : التي تكون الوارثة الواحدة المسلمة هي الزوجة ، وقد عرفت أنّ المال في هذه الصورة مشترك بينها وبين الإمام ، فإذا أسلم غيرها بعد الموت قبل القسمة ، كما إذا كان له ابن كافر وزوجة مسلمة ، فأسلم الابن قبل أن تقسّم التركة بينها وبين الإمام(عليه السلام) فهو ـ أي إسلام الابن ـ ينفع له ، ويأخذ من الميراث نصيبه ، ويدلّ عليه :
رواية محمّد بن مسلم ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : من أسلم على ميراث من قبل أن يقسّم فهو له ، ومن أسلم بعدما قسّم فلا ميراث له ، الحديث(1) .
والتعبير بالتقسيم دليل على تعدّد الوارث ، وعليه فقوله : «فهو له» لابدّ وأن يحمل على تقدّم الدرجة أو على الاشتراك في الإرث ، كما لايخفى .
وروى في الوسائل هذه الرواية في باب واحد مرّتين ، مع أنّه من الظاهر الوحدة وعدم التعدّد ، وإن كان في النقل الثاني بدل «فهو له» «فله الميراث»(2) .
ورواية البقباق قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): مَن أسلم على ميراث قبل أن يقسّم
(1) الوسائل : 26 / 21 ، أبواب موانع الإرث ب3 ح3 .
(2) الوسائل : 26 / 22 ، أبواب موانع الإرث ب3 ح5 .
|