(الصفحة561)
القربة، كما في صلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء، حيث إنّ الحاجة ونزول المطر داعيان إلى الصلاة مع القربة ، ويمكن أن يقال : إنّما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة ، ودعوى أنّ الأمر الإجاري ليس عبادياً بل هو توصّلي، مدفوعة بأنّه تابع للعمل المستأجر عليه ، فهو مشترك بين التوصّلية والتعبّدية .
[1815] مسألة 3 : يجب على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به، خصوصاً مثل الزكاة والخمس والمظالم والكفارات من الواجبات المالية ، ويجب على الوصي إخراجها من أصل التركة في الواجبات المالية، ومنها الحجّ الواجب ولو بنذر ونحوه ، بل وجوب إخراج الصوم والصلاة من الواجبات البدنية أيضاً من الأصل لا يخلو عن قوّة(1); لأنّها دين الله ودين الله أحقّ أن يقضى .
[1816] مسألة 4 : إذا علم أنّ عليه شيئاً من الواجبات المذكورة وجب إخراجها(2) من تركته وإن لم يوص به ، والظاهر أنّ إخباره بكونها عليه يكفي في وجوب الإخراج من التركة .
[1817] مسألة 5 : إذا أوصى بالصلاة أو الصوم ونحوهما ولم يكن له تركة لا يجب على الوصي أو الوارث إخراجه من ماله، ولا المباشرة إلاّ ما فات منه لعذر من الصلاة والصوم، حيث يجب على الولي وإن لم يوص بهما . نعم، الأحوطمباشرة الولد ذكراً كان أو اُنثى مع عدم التركة إذا أوصى بمباشرته لهما، وإن لم يكن ممّا يجب على الولي، أو أوصى إلى غير الولي بشرط أن لا يكون مستلزماً للحرج
(1) بل الظاهر هو الخروج من الثلث .
(2) فيما يجب إخراجه من أصل التركة في صورة الوصيّة .
(3) إذا كان الملاك وجوب الإطاعة كما هو الظاهر، فشمول دليل الوجوب لمثل ذلك غير معلوم.
(الصفحة562)
من جهة كثرته . وأمّا غير الولد ممّن لا يجب عليه إطاعته فلا يجب عليه، كما لا يجب على الولد أيضاً استئجاره إذا لم يتمكّن من المباشرة، أو كان أوصى بالاستئجار عنه لا بمباشرته .
[1818] مسألة 6 : لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب إخراجه(1) من الأصل أيضاً ، وأمّا لو أوصى بما يستحب عليه من باب الاحتياط وجب العمل به، لكن يخرج من الثلث، وكذا لو أوصى بالاستئجار عنه أزيد من عمره، فإنّه يجب العمل به والإخراج من الثلث ; لأنّه يحتمل أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير ، وأمّا لو علم فراغ ذمّته علماً قطعياً فلا يجب وإن أوصى به ، بل جوازه أيضاً محلّ إشكال .
[1819] مسألة 7 : إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حجّ فمات قبل الإتيان به، فإن اشترط المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما بقي عليه، وتشتغل ذمّته بمال الإجارة إن قبضه، فيخرج من تركته ، وإن لم يشترط المباشرة وجب استئجاره من تركته إن كان له تركة ، وإلاّ فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون إذا لم يكن له تركة . نعم، يجوز تفريغ ذمته من باب الزكاة أو نحوها أو تبرّعاً .
[1820] مسألة 8 : إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري ومع ذلك كان عليه فوائت من نفسه، فإن وفت التركة بهما فهو، وإلاّ قدّم الاستئجاري; لأنّه من قبيل دين الناس .
[1821] مسألة 9 : يشترط في الأجير أن يكون عارفاً(2) بأجزاء الصلاة وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل عن اجتهاد أو تقليد صحيح .
(1) فيما كان أصله مخرجاً من الأصل .
(2) بل يشترط أن يكون عمله صحيحاً، ولو من جهة العلم بعدم عروض الخلل في عمله أو الاحتياط .
(الصفحة563)
[1822] مسألة 10 : الأحوط اشتراط عدالة الأجير، وإن كان الأقوى كفاية الاطمئنان بإتيانه على الوجه الصحيح وإن لم يكن عادلاً .
[1823] مسألة 11 : في كفاية استئجار غير البالغ ولو بإذن وليه إشكال، وإن قلنا بكون عباداته شرعية، والعلم بإتيانه على الوجه الصحيح ، وإن كان لا يبعدذلك مع العلم المذكور، وكذا لو تبرّع عنه مع العلم المذكور .
[1824] مسألة 12 : لا يجوز استئجار ذوي الأعذار، خصوصاً من كان صلاته بالايماء أو كان عاجزاً عن القيام، ويأتي بالصلاة جالساً ونحوه، وإن كان ما فات من الميّت أيضاً كان كذلك ، ولو استأجر القادر فصار عاجزاً وجب عليه التأخير إلى زمان رفع العذر ، وإن ضاق الوقت انفسخت الإجارة .
[1825] مسألة 13 : لو تبرّع العاجز عن القيام مثلاً عن الميّت ففي سقوطه عنه إشكال .
[1826] مسألة 14 : لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بأحكامه على وفق تقليده أو اجتهاده ، ولا يجب عليه إعادة الصلاة .
[1827] مسألة 15 : يجب على الأجير أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليف الميّت اجتهاداً أو تقليداً ، ولا يكفي(2) الإتيان بها على مقتضى تكليف نفسه ، فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثاً، أو جلسة الاستراحة اجتهاداً أو تقليداً، وكان في مذهب الأجيرعدم وجوبها يجب عليه الإتيان بها ، وأمّا لو انعكس فالأحوط الإتيان بها أيضاً; لعدم الصحّة عند الأجير على فرض الترك ،
(1) فيه تأمّل.
(2) الظاهر هي الكفاية إلاّ مع شرط الزائد في عقد الإجارة .
(الصفحة564)
ويحتمل الصحّة(1) إذا رضي المستأجر بتركها ، ولا ينافي ذلك البطلان في مذهب الأجير إذا كانت المسألة اجتهادية ظنّية; لعدم العلم بالبطلان، فيمكن قصد القربة الاحتمالية . نعم، لو علم علماً وجدانياً بالبطلان لم يكف; لعدم إمكان قصد القربة حينئذ ، ومع ذلك لا يترك الاحتياط .
[1828] مسألة 16 : يجوز استئجار كلّ من الرجل والمرأة للآخر، وفي الجهر والإخفات يراعى حال المباشر ، فالرجل يجهر في الجهرية وإن كان نائباً عن المرأة ، والمرأة مخيّرة وإن كانت نائبة عن الرجل .
[1829] مسألة 17 : يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بالصلاة الاستئجارية جماعة، إماماً كان الأجير أو مأموماً ، لكن يشكل الاقتداء بمن يصلّي الاستئجاري إلاّ إذا علم اشتغال ذمة من ينوب عنه بتلك الصلاة، وذلك لغلبة كون الصلوات الاستئجارية احتياطية .
[1830] مسألة 18 : يجب على القاضي عن الميّت أيضاً مراعاة الترتيب في فوائته مع العلم به ، ومع الجهل يجب اشتراط(2) التكرار المحصّل له، خصوصاً إذا عـلم أنّ الميّت كان عالماً بالترتيب .
[1831] مسألة 19 : إذا استؤجر لفوائت الميّت جماعة يجب أن يعيّن الوقت لكلّ منهم ليحصل الترتيب الواجب ، وأن يعيّن لكلّ منهم أن يبدأ في دوره بالصلاة الفلانية مثل الظهر ، وأن يتمّم اليوم والليلة في دوره ، وأنّه إن لم يتمم اليوم والليلة بل مضى وقته وهو في الأثناء أن لا يحسب ما أتى به، وإلاّ لاختلّ الترتيب ، مثلاً إذا صلّى الظهر والعصر فمضى وقته ، أو ترك البقية مع بقاء الوقت ففي اليوم الآخر يبدأ
(1) لا مجال لهذا الاحتمال، بل لو قيّدت الإجارة بالعدم تكون صحّة الإجارة محلّ إشكال.
(2) قد مرّ أنّه لا يجب في صورة الجهل .
(الصفحة565)
بالظهر، ولا يحسب ما أتى به من الصلاتين .
[1832] مسألة 20 : لا تفرغ ذمّة الميّت بمجرد الاستئجار، بل يتوقّف على الإتيان بالعمل صحيحاً، فلو علم عدم إتيان الأجير، أو أنّه أتى به باطلاً وجب الاستئجار ثانياً، ويقبل قول الأجير بالإتيان به صحيحاً ، بل الظاهر جواز الاكتفاء ما لم يعلم عدمه، حملاً لفعله على الصحّة إذا انقضى وقته(1) ، وأمّا إذا مات قبل انقضاء المدّة فيشكل الحال ، والأحوط تجديد استئجار مقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل .
[1833] مسألة 21 : لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل إلاّ مع إذن المستأجر، أو كون الإجارة واقعة على تحصيل العمل أعم من المباشرة والتسبيب ، وحينئذ فلا يجوز أن يستأجر بأقلّ من الأُجرة المجعولة له إلاّ أن يكون آتياً ببعض العمل ولو قليلاً .
[1834] مسألة 22 : إذا تبرّع متبرّع عن الميّت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة الميّت انفسخت الإجارة، فيرجع المؤجر(2) بالاُجرة أو ببقيّتها إن أتى ببعض العمل . نعم، لو تبرّع متبرّع عن الأجير ملك الأُجرة(3) .
[1835] مسألة 23 : إذا تبيّن بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير أُجرة المثل بعمله ، وكذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين .
[1836] مسألة 24 : إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم
(1) إذا علم بأصل الإتيان بالعمل وشكّ في صحّته فهو محكوم بها ولو قبل الانقضاء، وإذا شك في أصل الإتيان فلا مجال للاكتفاء ولو بعد الانقضاء .
(2) أي المستأجر .
(3) مع عدم اشتراط المباشرة .
(الصفحة566)
معيّن إلى الغروب، فأخّر حتّى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصلّ صلاة عصر ذلك اليوم، ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه أو الصلاة الاستئجارية إشكال(1); من أهمّية صلاة الوقت، ومن كون صلاة الغير من قبيل حقّ الناس المقدّم على حقّ الله .
[1837] مسألة 25 : إذا انقضى الوقت المضروب للصلاة الاستئجارية ولم يأت بها، أو بقي منها بقية لا يجوز له أن يأتي بها بعد الوقت إلاّ بإذن جديد من المستأجر .
[1838] مسألة 26 : يجب تعيين الميّت المنوب عنه، ويكفي الإجمالي ، فلا يجب ذكر اسمه عند العمل، بل يكفي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك .
[1839] مسألة 27 : إذا لم يعيّن كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات يجب الإتيان على الوجه المتعارف .
[1840] مسألة 28 : إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت عليه أو بعض الواجبات ممّا عدا الأركان فالظاهر نقصان الأُجرة بالنسبة، إلاّ إذا كان المقصود تفريغ الذمة على الوجه الصحيح .
[1841] مسألة 29 : لو آجر نفسه لصلاة شهر مثلاً فشك في أنّ المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر، ولم يمكن الاستعلام من المؤجر أيضاً، فالظاهر وجوب الاحتياط بالجمع، وكذا لو آجر نفسه لصلاة وشك أنّها الصبح أو الظهر مثلاً وجب الإتيان بهما .
[1842] مسألة 30 : إذا علم أنّه كان على الميّت فوائت ولم يعلم أنّه أتى بها قبل موته أو لا ، فالأحوط الاستئجار عنه .
(1) والظاهر لزوم تقديم صلاة الوقت .
(الصفحة567)
فصل
في قضاء الوليّ [عن الميّت]
الصوم لمرض تمكّن من قضائه وأهمل ، بل وكذا لو فاته(5) من غير المرض من سفر ونحوه وإن لم يتمكّن من قضائه ، والمراد به الولد الأكبر ، فلا يجب على البنت وإن لم يكن هناك ولد ذكر، ولا على غير الأكبر من الذكور، ولا على غير الولد من الأب والأخ والعم والخال ونحوهم من الأقارب ، وإن كان الأحوط مع فقد الولد الأكبر قضاء المذكورين على ترتيب الطبقات ، وأحوط منه قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور، ثمّ الإناث في كلّ طبقة حتّى الزوجين والمعتق وضامن الجريرة .
[1843] مسألة 1 : إنّما يجب على الولي قضاء ما فات عن الأبوين(6) من صلاة نفسهما ، فلا يجب عليه ما وجب عليهما بالاستئجار، أو على الأب من صلاة أبويه
(1) فيه إشكال . نعم، هو أحوط .
(2) المرض والسفر لا يكونان عذرين للترك في باب الصلاة، والحيض لا يجب فيه القضاء .
(3) الظاهر أنّ المراد به هو عدم الإتيان بالقضاء لا عدم التمكّن منه، فإنّ المعتبر في وجوب القضاء عنه هو تمكّنه من القضاء لا عدمه.
(4) لا يترك .
(5) على الأحوط في السفر، والاختصاص بصورة التمكّن في غيره كما في المرض .
(6) قد مرّ أنّ الحكم في الاُمّ إنّما هو بنحو الاحتياط .
(الصفحة568)
من جهة كونه وليّاً .
[1844] مسألة 2 : لا يجب على ولد الولد القضاء عن الميّت إذا كان هو الأكبر حال الموت ، وإن كان أحوط خصوصاً(1) إذا لم يكن للميت ولد .
[1845] مسألة 3 : إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب(2) على غيره من إخوته الأكبر فالأكبر .
[1846] مسألة 4 : لا يعتبر في الولي أن يكون بالغاً عاقلاً عند الموت فيجب على الطفل إذا بلغ، وعلى المجنون إذا عقل ، وإذا مات غير البالغ قبل البلوغ أو المجنون قبل الإفاقة لا يجب على الأكبر بعدهما .
[1847] مسألة 5 : إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسن والآخر بالبلوغ فالولي هو الأوّل .
[1848] مسألة 6 : لا يعتبر في الولي كونه وارثاً، فيجب على الممنوع من الإرث بالقتل أو الرق أو الكفر .
[1849] مسألة 7 : إذا كان الأكبر خنثى مشكلاً فالولي غيره(3) من الذكور وإن كان أصغر ، ولو انحصر في الخنثى لم يجب عليه .
[1850] مسألة 8 : لو اشتبه الأكبر بين الإثنين أو الأزيد لم يجب على واحد منهم ، وإن كان الأحوط التوزيع أو القرعة .
[1851] مسألة 9 : لو تساوى الولدان في السن قسّط القضاء عليهما ، ويكلّف بالكسر ـ أي ما لا يكون قابلاً للقسمة والتقسيط، كصلاة واحدة وصوم يوم واحد ـ كلّ منهما على الكفاية ، فلهما أن يوقعاه دفعة واحدة، ويحكم بصحّة كلّ
(1) لا يترك في هذه الصورة .
(2) إلاّ إذا كان موت الأكبر قبل مضيّ زمان يتمكّن فيه من القضاء.
(3) محلّ إشكال .
(الصفحة569)
منهما على الكفاية ، فلهما أن يوقعاه دفعة واحدة، ويحكم بصحّة كلّ منهما وإن كان متّحداً في ذمة الميّت ، ولو كان صوماً من قضاء شهر رمضان لا يجوز لهما(1) الإفطار بعد الزوال، والأحوط الكفارة على كلّ منهما(2) مع الإفطار بعده، بناءً على وجوبها في القضاء عن الغير أيضاً، كما في قضاء نفسه .
[1852] مسألة 10 : إذا أوصى الميّت بالاستئجار عنه سقط عن الولي بشرط الإتيان من الأجير صحيحاً .
[1853] مسألة 11 : يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميّت .
[1854] مسألة 12 : إذا تبرّع بالقضاء عن الميّت متبرع سقط عن الولي .
[1855] مسألة 13 : يجب على الولي مراعاة الترتيب في قضاء الصلاة ، وإن جهله وجب عليه(3) الاحتياط بالتكرار .
[1856] مسألة 14 : المناط في الجهر والإخفات على حال الولي المباشر لا الميّت ، فيجهر في الجهرية وإن كان القضاء عن الأُمّ .
[1857] مسألة 15 : في أحكام الشك والسهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهاداً أو تقليداً لا تكليف الميّت ، بخلاف أجزاء الصلاة وشرائطها فإنّه يراعي تكليف الميّت(4) ، وكذا في أصل وجوب القضاء، فلو كان مقتضى تقليد الميّت أو اجتهاده وجوب القضاء عليه يجب على الولي الإتيان به، وإن كان مقتضى مذهبه عدم الوجوب ، وإن كان مقتضى مذهب الميّت عدم الوجوب لا يجب عليه، وإن
(1) عدم الجواز مع العلم بعدم إفطار الآخر محلّ تأمّل وإشكال.
(2) في صورة تقارن الإفطارين، ومع التعاقب تجب على المتأخّر . نعم، وجوبها على المتقدّم إنّما هو بنحو الاحتياط .
(3) في صورة العلم بعلم الميّت، وأمّا مع العلم بجهله أو الشك فيه فلا يجب الترتيب، فلا يجب التكرار .
(4) بل تكليف نفسه، وكذا في أصل وجوب القضاء .
(الصفحة570)
كان واجباً بمقتضى مذهبه ، إلاّ إذا علم علماً وجدانياً قطعياً ببطلان مذهب الميّت، فيراعي حينئذ تكليف نفسه .
[1858] مسألة 16 : إذا علم الولي أنّ على الميّت فوائت، ولكن لا يدري أنّها فاتت لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر لا يجب(1) عليه القضاء ، وكذا إذا شك في أصل الفوت وعدمه .
[1859] مسألة 17 : المدار في الأكبرية على التولّد لا على انعقاد النطفة ، فلو كان أحد الولدين أسبق انعقاداً والآخر أسبق تولّداً فالولي هو الثاني ، ففي التوأمين الأكبر أوّلهما تولّداً .
[1860] مسألة 18: الظاهرعدم اختصاص مايجب على الولي بالفوائت اليومية، فلو وجب عليه صلاة بالنذر الموقّت وفاتت منه لعذر وجب على الولي قضاؤها .
[1861] مسألة 19 : الظاهر أنّه يكفي في الوجوب على الولي إخبار الميّت بأنّ عليه قضاء ما فات لعذر .
[1862] مسألة 20 : إذا مات في أثناء الوقت بعد مضيّ مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلّي وجب على الولي قضاؤها .
[1863] مسألة 21 : لو لم يكن وليّ أو كان ومات قبل أن يقضي عن الميّت وجب الاستئجار(2) من تركته ، وكذا لو تبيّن بطلان ما أتى به .
[1864] مسألة 22 : لا يمنع من الوجوب على الولي اشتغال ذمّته بفوائت نفسه، ويتخيّر في تقديم أيّهما شاء .
[1865] مسألة 23 : لا يجب عليه الفور في القضاء عن الميّت، وإن كان
(1) قد مرّ أنّ مقتضى الاحتياط عدم الفرق .
(2) قد مرّ أنّ الأقوى هو الخروج من الثلث في خصوص صورة الوصيّة .
(الصفحة571)
أولى وأحوط .
[1866] مسألة 24 : إذا مات الوليّ بعد الميّت قبل أن يتمكّن من القضاء ففي الانتقال إلى الأكبر بعده إشكال(1) .
[1867] مسألة 25 : إذا استأجر الولي غيره لما عليه من صلاة الميّت فالظاهر أنّ الأجير يقصد النيابة عن الميّت لا عنه .
فصل
في الجماعة
وهي من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض، خصوصاً اليومية منها وخصوصاً في الأدائية، ولاسيّما في الصبح والعشاءين ، وخصوصاً لجيران المسجد أو من يسمع النداء ، وقد ورد في فضلها وذم تاركها من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات ، ففي الصحيح : «الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذّ ـ أي الفرد ـ بأربع وعشرين درجة» .
وفي رواية زرارة : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما يروي الناس أنّ الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين صلاة؟ فقال : «صدقوا» ، فقلت : الرجلان يكونان جماعة ؟ قال (عليه السلام) : «نعم، ويقوم الرجل عن يمين الإمام» .
وفي رواية محمّد بن عمارة، قال : أرسلت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله عن الرجل يصلّي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته في جماعة ؟ فقال (عليه السلام) : «الصلاة في جماعة أفضل» . مع أنّه ورد: أنّ الصلاة في مسجد
(1) قد مرّ استثناء هذه الصورة من عدم الوجوب .
(الصفحة572)
الكوفة تعدل ألف صلاة. وفي بعض الأخبار ألفين . بل في خبر : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر، فقال : يا محمّد إنّ ربك يقرؤك السلام وأهدى إليك هديّتين لم يهدهما إلى نبيّ قبلك ، قلت : ما تلك الهديّتان ؟ قال : الوتر ثلاث ركعات، والصلاة الخمس في جماعة .
قلت : يا جبرئيل ما لأُمّتي في الجماعة ؟ قال : يا محمّد إذا كانا اثنين كتب الله لكلّ واحد بكلّ ركعة مائة وخمسين صلاة ، وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكلّ واحد بكلّ ركعة ستّمائة صلاة ، وإذا كانوا أربعة كتب الله لكلّ واحد بكلّ ركعة ألفاً ومائتي صلاة، وإذا كانوا خمسة كتب الله لكلّ واحد بكلّ ركعة ألفين وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا ستة كتب الله لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة ، وإذا كانوا سبعة كتب الله لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة تسعة آلاف وستمائة صلاة، وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة تسعة عشر ألفاً ومائتي صلاة ، وإذا كانوا تسعة كتب الله لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة ستّة وثلاثين ألفاً وأربعمائة صلاة ، وإذا كانوا عشرة كتب الله لكلّ واحد منهم بكلّ ركعة سبعين ألفاً وألفين وثمانمائة صلاة ، فإن زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلّها قرطاساً والبحار مداداً والأشجار أقلاماً، والثقلان مع الملائكة كتّاباً لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة .
يا محمّد تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجّة وعمرة، وخير من الدنيا وما فيها بسبعين ألف مرّة ، وركعة يصلّيها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدّق بها على المساكين ، وسجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة» .
وعن الصادق(عليه السلام) : «الصلاة خلف العالم بألف ركعة، وخلف القرشي بمائة» .
ولا يخفى أنّه إذا تعدّد جهات الفضل تضاعف الأجر ، فإذا كانت في مسجد
(الصفحة573)
السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره ، وإذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة وعشرين فكذلك ، وإذا كانت في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره ، وكذا إذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف، أو كانت عند علي(عليه السلام) الذي فيه بمائتي ألف ، وإذا كانت خلف العالم أو السيّد فأفضل ، وإن كانت خلف العالم السيّد فأفضل، وكلّما كان الإمام أوثق وأورع وأفضل فأفضل، وإذا كان المأمومون ذوي فضل فتكون أفضل ، وكلّما كان المأمومون أكثر كان الأجر أزيد ، ولا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافا بها .
ففي الخبر : «لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد مع المسلمين إلاّ من علّة ، ولا غيبة إلاّ لمن صلّى في بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته، وسقطت بينهم عدالته، ووجب هجرانه ، وإذا رفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذّره، فإن حضر جماعة المسلمين، وإلاّ أُحرق عليه بيته» .
وفي آخر : أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) بلغه أنّ قوماً لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال : «إنّ قوماً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا، فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا، ولا يأخذوا من فيئنا شيئاً، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإنّي لأوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فاُحرقها عليهم أو ينتهون» قال : فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتّى حضروا لجماعة مع المسلمين . إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، فمقتضى الإيمان عدم الترك من غير عذر لا سيما مع الاستمرار عليه، فإنّه كما ورد لا يمنع الشيطان من شيء من العبادات منعها ، ويعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة ونحوها حيث لا يمكنهم إنكارها; لأنّ فضلها من ضروريات الدين .
[1868] مسألة 1 : تجب الجماعة في الجمعة وتشترط في صحّتها ، وكذا
(الصفحة574)
العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب ، وكذا إذا ضاق(1) الوقت عن تعلّم القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته على التعلّم ، وأمّا إذا كان عاجزاً عنه أصلاً فلا يجب عليه حضور الجماعة وإن كان أحوط ، وقد تجب(2) بالنذر والعهد واليمين، ولكن لو خالف صحّت الصلاة وإن كان متعمّداً ، ووجبت حينئذ عليه الكفارة ، والظاهر وجوبها(3) أيضاً إذا كان ترك الوسواس موقوفاً عليها ، وكذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة; بأن كان هناك إمام في حال الركوع ، بل وكذا إذا كان بطيئاً في القراءة في ضيق الوقت ، بل لا يبعد وجوبها(4) بأمر أحد الوالدين .
[1869] مسألة 2 : لا تشرع الجماعة في شيء من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض بنذر أو نحوه حتّى صلاة الغدير على الأقوى، إلاّ في صلاة الاستسقاء . نعم، لا بأس بها فيما صار نفلاً بالعارض كصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب ، والصلاة المعادة جماعة ، والفريضة المتبرّع بها عن الغير ، والمأتيّ(5) بها من جهة الاحتياط الاستحبابي .
[1870] مسألة 3 : يجوز الاقتداء في كلّ من الصلوات اليومية بمن يصلّي الاُخرى أيّاً منها كانت، وإن اختلفا في الجهر والإخفات ، والأداء، والقضاء والقصر والتمام، بل والوجوب والندب ، فيجوز اقتداء مصلّي الصبح أو المغرب أو العشاء
(1) على الأحوط .
(2) قد عرفت مراراً أنّ الواجب بالنذر وأخويه إنّما هو عنوان الوفاء بأحدها، ولا يسري منه إلى مثل الجماعة .
(3) لكن لا بالوجوب الشرعي، بل بالوجوب العقلي المقدّمي، وكذا في ضيق الوقت .
(4) بنحو ما مرّ في النذر وأخويه على تقدير الوجوب .
(5) فيجوز الاقتداء فيها بمثلها وبالفريضة، ولكن لا يجوز الاقتداء في الفريضة بها، كما سيأتي .
(الصفحة575)
بمصلّي الظهر أو العصر ، وكذا العكس ، ويجوز اقتداء المؤدّي بالقاضي والعكس ، والمسافر بالحاضر والعكس ، والمعيد صلاته بمن لم يصلّ والعكس ، والذي يعيد صلاته احتياطاً استحبابياً أو وجوبياً بمن يصلّي وجوباً . نعم، يشكل اقتداء من يصلّي وجوباً بمن يعيد احتياطاً ولو كان وجوبياً ، بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلاّ إذا كان احتياطهما من جهة واحدة .
[1871] مسألة 4 : يجوز الاقتداء(1) في اليومية أيّاً منها كانت أداءً أو قضاءً بصلاة الطواف، كما يجوز العكس .
[1872] مسألة 5 : لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك ، والأحوط ترك العكس أيضاً، وإن كان لا يبعد الجواز ، بل الأحوط(2) ترك الاقتداء فيها ولو بمثلها من صلاة الاحتياط، حتّى إذا كان جهة الاحتياط متّحدة، وإن كان لا يبعد الجواز في خصوص صورة الاتّحاد، كما إذا كان الشك الموجب للاحتياط مشتركاً بين الإمام والمأموم .
[1873] مسألة 6 : لا يجوز اقتداء مصلّي اليومية أو الطواف بمصلّي الآيات أو العيدين أو صلاة الأموات ، وكذا لا يجوز العكس ، كما أنّه لا يجوز اقتداء كلّ من الثلاثة بالآخر .
[1874] مسألة 7 : الأحوط عدم اقتداء مصلّي العيدين بمصلّي الاستسقاء ، وكذا العكس وإن اتّفقا في النظم .
[1875] مسألة 8 : أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين إثنان أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلاً أو امرأة، بل وصبياً مميّزاً على الأقوى ،
(1) كلاهما محلّ إشكال، والأحوط الترك .
(2) لا يترك حتّى فيما إذا كانت جهة الاحتياط واحدة.
(الصفحة576)
وأمّا في الجمعة والعيدين فلا تنعقد إلاّ بخمسة أحدهم الإمام .
[1876] مسألة 9 : لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين (1) نيّة الإمام الجماعة والإمامة ، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحقّقت الجماعة، سواء كان الإمام ملتفتاً لاقتداء الغير به أم لا . نعم، حصول الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة . وأمّا المأموم فلابدّ له من نية الائتمام ، فلو لم ينوه لم تتحقّق الجماعة في حقّه، وإن تابعه في الأقوال والأفعال ، وحينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحّت صلاته وإلّا فلا . وكذا يجب وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء باثنين ولو كانا متقارنين في الأقوال والأفعال لم تصح جماعة، وتصحّ فرادى(2) إن أتى بما يجب على المنفرد ولم يقصد التشريع(3) ، ويجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنية أو الخارجية، فيكفي التعيين الإجمالي، كنية الاقتداء بهذا الحاضر، أو بمن يجهر في صلاته مثلاً من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك ، ولو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة، وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ .
[1877] مسألة 10 : لا يجوز الاقتداء بالمأموم ، فيشترط أن لا يكون إمامه مأموماً لغيره .
[1878] مسألة 11 : لو شك في أنّه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم وأتمّ
(1) بل فيهما أيضاً، فإنّ الجماعة تتحقّق بنيّة الائتمام من المأموم ولا تحصل بنيّة الإمام. نعم، الفرق بين الجمعة والعيدين وبين غيرهما أنّه يعتبر فيهما علم الإمام بصيرورة صلاته جماعة بالائتمام به مع نيّة، ولا يعتبر ذلك في غيرهما.
(2) صحّتها فرادى في مثل هذا الفرض الذي نوى الائتمام ولم يتحقّق لفقد شرط من شروطه محلّ إشكال .
(3) قصد التشريع لا يقدح في صحّة العمل .
(الصفحة577)
منفرداً، وإن علم أنّه قام بنية الدخول في الجماعة . نعم، لو ظهرعليه أحوال الائتمام كالإنصات(1) ونحوه فالأقوى عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة ، وإن كان الأحوط الإتمام منفرداً ، وأمّا إذا كان ناوياً للجماعة ورأى نفسه مقتدياً وشك في أنّه من أوّل الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل .
[1879] مسألة 12 : إذا نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد فبان أنّه عمرو، فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته وصلاته أيضاً إذا ترك القراءة، أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد ، وإلّا صحّت (2) على الأقوى ، وإن التفت في الأثناء ولم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتمّ منفرداً ، وإن كان عمرو أيضاً عادلاً ففي المسألة صورتان : إحداهما: أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيّل أنّ الحاضر هو زيد، وفي هذه الصورة تبطل جماعته(3) وصلاته أيضاً إن خالفت صلاة المنفرد ، الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر، ولكن تخيّل أنّه زيد فبان أنّه عمرو، وفي هذه الصورة الأقوى صحّة جماعته وصلاته ، فالمناط ما قصده لا ما تخيّله من باب الاشتباه في التطبيق .
[1880] مسألة 13 : إذا صلّى اثنان وبعد الفراغ علم أنّ نية كلّ منهما الإمامة للآخر صحّت صلاتهما ، أمّا لو علم أنّ نية كلّ منهما الائتمام بالآخر استأنف كلّ منهما الصلاة إذا كانت مخالفة(4) لصلاة المنفرد ، ولو شكّا فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحّة إذا كان الشك بعد الفراغ، أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك .
(1) أي بعنوان المأمومية، وكذا الاشتغال بشيء ممّا هو وظيفة المأموم .
(2) مرّ أنّها محلّ إشكال، وكذا فيما بعده .
(3) الحكم بالصحّة في هذه الصورة أيضاً غير بعيد.
(4) بل مطلقاً على الأحوط .
(الصفحة578)
[1881] مسألة 14 : الأقوى والأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختياراً، وإن كان الآخر أفضل وأرجح . نعم، لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته ـ من موت أو جنون أو إغماء، أو صدور حدث، بل ولو لتذكّر حدث سابق ـ جاز للمأمومين تقديم إمام آخر(1) وإتمام الصلاة معه ، بل الأقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختاراً، كما لو صار فرضه الجلوس ، حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به، لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد .
[1882] مسألة 15 : لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء .
[1883] مسألة 16 : يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختياراً في جميع أحوال الصلاة على الأقوى، وإن كان ذلك من نيته في أوّل الصلاة ، لكن الأحوط عدم العدول إلاّ لضرورة ولو دنيوية، خصوصاً في الصورة الثانية .
[1884] مسألة 17 : إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة ، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها، وإن كان الأحوط(2) استئنافها ، خصوصاً إذا كان في الأثناء .
[1885] مسألة 18 : إذا أدرك الإمام راكعاً يجوز له الائتمام والركوع معه ثمّ العدول إلى الانفراد اختياراً ، وإن كان الأحوط ترك العدول حينئذ، خصوصاً إذا كان ذلك من نيته أوّلاً .
[1886] مسألة 19 : إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام وأتمّ صلاته فنوى الاقتداء به في صلاة اُخرى قبل أن يركع الإمام في تلك الركعة، أو حال كونه في الركوع من تلك الركعة جاز، ولكنّه خلاف الاحتياط .
(1) والأحوط أن يكون من أنفسهم .
(2) لا يترك الاحتياط في الأثناء، وكذا بعد القراءة إذا كان الاقتداء في تلك الحال، بأن كانت نيّة الانفراد بعد نية الاقتداء بلا فصل .
(الصفحة579)
[1887] مسألة 20 : لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الائتمام . نعم، لو تردّد في الانفراد وعدمه ثمّ عزم على عدم الانفراد صح ، بل لا يبعد جواز العود إذا كان بعد نية الانفراد بلا فصل ، وإن كان الأحوط(1) عدم العود مطلقاً .
[1888] مسألة 21 : لو شك في أنّه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه .
[1889] مسألة 22 : لا يعتبر في صحّة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة، بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة ، فلو كان قصد الإمام من الجماعة الجاه أو مطلب آخر دنيوي، ولكن كان قاصداً للقربة في أصل الصلاة صحّ(2) ، وكذا إذا قصد المأموم من الجماعة سهولة الأمر عليه، أو الفرار من الوسوسة أو الشك، أو من تعب تعلّم القراءة أو نحو ذلك من الأغراض الدنيوية صحّت صلاته مع كونه قاصداً للقربة فيها . نعم، لا يترتب ثواب الجماعة إلاّ بقصد القربة فيها .
[1890] مسألة 23 : إذا نوى الاقتداء بمن يصلّي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهواً أو جهلاً، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلاً، فإن تذكّر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد(3) وصحّت ، وكذا تصح إذا تذكّر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد ، وإلاّ بطلت .
[1891] مسألة 24 : إذا لم يدرك الإمام إلاّ في الركوع أو أدركه في أوّل الركعة أو في أثنائها ، أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه وتحسب له ركعة ، وهو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة على الأقوى،
(1) لا يترك فيما إذا كان بعد نية الانفراد .
(2) الظاهر أنّ مراده من الصحّة هي الصحّة بعنوان الجماعة، مع أنّه محلّ إشكال، وكذا في المأموم، فلو أخلّ بما هو وظيفة المنفرد مع عدم قصد القربة في الجماعة يشكل أصل الصحّة .
(3) الظاهر أنّ الصحّة لا تتوقّف على نيّة العدول .
(الصفحة580)
بشرط أن يصل إلى حدّ الركوع قبل رفع الإمام رأسه، وإن كان بعد فراغه من الذكر على الأقوى ، فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه ، بل وكذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع الإمام في رفع الرأس، وإن لم يخرج بعد عن حدّه على الأحوط .
وبالجملة: إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقّف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه ، وأمّا في الركعات الاُخر فلا يضر(1) عدم إدراك الركوع مع الإمام، بأن ركع بعد رفع رأسه، بل بعد دخوله في السجود أيضاً . هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام ، وأمّا إذا دخل فيها من أوّل الركعة أو أثنائها واتفق أنّه تأخّر عن الإمام في الركوع فالظاهر صحّة صلاته وجماعته، فما هو المشهور من أنّه لابدّ من إدراك ركوع الإمام في الركعة الأُولى للمأموم في ابتداء الجماعة وإلاّ لم تحسب له ركعة مختصّ بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة، لا فيما إذا دخل فيها من أوّل الركعة أو أثنائها، وإن صرّح بعضهم بالتعميم ، ولكن الأحوط الإتمام حينئذ والإعادة .
[1892] مسألة 25 : لو ركع بتخيّل إدراك الإمام راكعاً ولم يدرك بطلت صلاته ، بل و كذا لو شك في إدراكه وعدمه ، والأحوط في صورة(2) الشك الإتمام والإعادة، أو العدول إلى النافلة والإتمام ثمّ اللحوق في الركعة الاُخرى .
[1893] مسألة 26: الأحوط عدم الدخول إلاّ مع الاطمئنان بإدراك ركوع الإمام، وإن كان الأقوى جوازه مع الاحتمال ، وحينئذ فإن أدرك صحّت
(1) إذا أدرك بعض الركعة قبل الركوع، وأمّا إذا لم يدرك الركوع ولا شيئاً من القيام ـ كما إذا منعه الزحام ونحوه بعد سجود الركعة السابقة عن إدراك شيء من القيام والركوع في الركعة اللاّحقة، فلم يدرك الإمام إلاّ بعد رفع الرأس من الركوع ـ ففيه إشكال .
(2) بل في الصورتين، والإتمام إنّما هو مع عدم الاعتداد بذلك الركوع .
|