(الصفحة361)
أو من مال غيره ولو غصباً صحّ وأجزأه. نعم، الأحوط عدم صحّة صلاة الطواف
مع غصبية ثوبه، ولو شراه بالذمّة أو شرى الهدي كذلك، فإن كان بناؤه الأداء من
الغصب ففيه إشكال(1)، وإلاّ فلا إشكال في الصحّة، وفي بطلانه مع غصبية ثوب
الإحرام والسعي إشكال، والأحوط(2) الاجتناب.
مسألة 42 : يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلا يجب على مريض
لايقدر على الركوب، أو كان حرجاً عليه ولو على المحمل والسيّارة والطائرة.
ويشترط أيضاً الاستطاعة الزمانية، فلا يجب لو كان الوقت ضيّقاً لايمكن الوصول
إلى الحج، أو أمكن بمشقّة شديدة. والاستطاعة السربية; بأن لا يكون في الطريق
مانع لايمكن معه الوصول إلى الميقات، أو إلى تمام الأعمال، وإلاّ لم يجب. وكذا لو
كان خائفاً(3) على نفسه، أو بدنه، أو عرضه، أو ماله، وكان الطريق منحصراً فيه،
أو كان جميع الطرق كذلك، ولو كان طريق الأبعد مأموناً يجب الذهاب منه، ولو
كان الجميع مخوفاً لكن يمكنه الوصول إليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لاتعدّ طريقاً
إليه لا يجب على الأقوى.
مسألة 43 : لو استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتدّ به، بحيث
يكون تحمّله حرجاً عليه لم يجب، ولو استلزم ترك واجب أهمّ منه، أو فعل حرام
كذلك يقدّم الأهم، لكن إذا خالف وحجَّ صحّ وأجزأه عن حجّة الإسلام. ولو كان
في الطريق ظالم لا يندفع إلاّ بالمال، فإن كان مانعاً عن العبور، ولم يكن السرب
مخلّى عرفاً ولكن يمكن تخليته بالمال لا يجب، وإن لم يكن كذلك لكن يأخذ من كلّ
(1) كما أنـّه لو كان الثمن المعيّن مغصوباً لا إشكال في البطلان.
(2) يجوز ترك هذا الاحتياط.
(3) في ارتفاع الوجوب بمجرد الخوف إشكال، إلاّ إذا كان حرجيّاً، وبدونه يرتفع في خصوص صورة الخوف على النفس.
(الصفحة362)
عابر شيئاً يجب، إلاّ إذا كان دفعه حرجيّاً.
مسألة 44 : لو اعتقد كونه بالغاً فحجَّ، ثمّ بان خلافه لم يجزئ عن حجّة
الإسلام، وكذا لو اعتقد كونه مستطيعاً مالا فبان الخلاف. ولو اعتقد عدم الضرر
أو الحرج فبان الخلاف، فإن كان الضرر نفسياً(1) أو مالياً بلغ حدّ الحرج، أو كان
الحجّ حرجيّاً، ففي كفايته إشكال، بل عدمها لايخلو من وجه، وأمّا الضرر المالي
غير البالغ حدّ الحرج فغير مانع عن وجوب الحج. نعم، لو تحمّل الضرر والحرج
حتى بلغ الميقات فارتفع الضرر والحرج وصار مستطيعاً فالأقوى كفايته. ولو
اعتقد عدم المزاحم الشرعي الأهمّ فحجَّ فبان الخلاف صحّ. ولو اعتقد كونه غير
بالغ فحج ندباً فبان خلافه، ففيه تفصيل مرّ نظيره. ولو تركه مع بقاء الشرائط إلى
تمام الأعمال استقرّ عليه، ويحتمل اشتراط بقائها إلى زمان إمكان العود إلى محلّه
على إشكال. وإن اعتقد عدم كفاية ماله عن حجّة الإسلام فتركها فبان الخلاف
استقرّ عليه مع وجود سائر الشرائط. وإن اعتقد المانع، من العدوّ أو الحرج، أو
الضرر المستلزم له فترك فبان الخلاف فالظاهر استقراره عليه، سيّما في الحرج. وإن
اعتقد وجود مزاحم شرعيّ أهمّ فترك فبان الخلاف استقرّ عليه.
مسألة 45 : لو ترك الحج مع تحقّق الشرائط متعمّداً استقر عليه مع بقائها إلى
تمام الأعمال. ولو حجّ مع فقد بعضها، فإن كان البلوغ فلا يجزئه إلاّ إذا بلغ قبل أحد
الموقفين، فإنّه مجزئ على الأقوى، وكذا لو حج مع فقد الاستطاعة المالية. وإن حج
مع عدم أمن الطريق، أو عدم صحة البدن و حصول الحرج(2)، فإن صار قبل
(1) إن كان المراد بالضرر النفسي ما يعمّ البدني، فاللازم التقييد بالحرج، وإن كان المراد خصوص تلف النفس، فمع أنّه لا يلائم مع فرض المسألة; لأنّ المفروض فيها أنّه بان الخلاف بعد الحجّ، يكون هذا من قبيل التزاحم الذي حكم فيه بالصحة والإجزاء.
(2) لامجال لتقييد عدم صحّة البدن بحصول الحرج، لأنّها بنفسها معتبرة فيوجوب الحجّ.
(الصفحة363)
الإحرام مستطيعاً، وارتفع العذر صحّ وأجزأ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال
الإحرام إلى تمام الأعمال، فلو كان نفس الحج، ولو ببعض أجزائه حرجيّاً أو
ضرريّاً على النفس(1) فالظاهر عدم الإجزاء.
مسألة 46: لو توقّف تخلية السرب على قتال العدوّ لا يجب ولو مع العلم
بالغلبة، ولو تخلّى لكن يمنعه عدوّ عن الخروج للحج فلا يبعد وجوب قتاله مع العلم
بالسلامة والغلبة، أو الاطمئنان والوثوق بهما. ولا تخلو المسألة عن إشكال.
مسألة 47 : لو انحصر الطريق في البحر أو الجوّ وجب الذهاب إلاّ مع خوف
الغرق أو السقوط أو المرض خوفاً عقلائياً، أو استلزم الإخلال بأصل صلاته لا
بتبديل بعض حالاتها. وأمّا لو استلزم أكل النجس وشربه فلا يبعد وجوبه مع
الاحتراز عن النجس حتى الإمكان، والاقتصار على مقدار الضرورة. ولو لم
يحترز كذلك صحّ حجّه وإن أثم، كما لو ركب المغصوب إلى الميقات، بل إلى مكّة
ومنى وعرفات، فإنّه آثم وصحّ حجّه. وكذا لو استقرّ عليه الحج وكان عليه خمس
أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة، فإنّه يجب أداؤها. فلو مشى إلى الحج مع
ذلك أثم وصحّ حجّه. نعم، لو كانت الحقوق في عين ماله فحكمه حكم الغصب وقد
مرّ.
مسألة 48 : يجب على المستطيع الحج مباشرة، فلا يكفيه حجّ غيره عنه تبرّعاً
أو بالإجارة. نعم، لو استقرّ عليه ولم يتمكّن منها لمرض لم يرج زواله، أو حصر
كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه وجبت الاستنابة عليه. ولو لم
يستقرّ عليه لكن لا يمكنه المباشرة لشيء من المذكورات، ففي وجوبها وعدمه
قولان، لا يخلو الثاني من قوّة، والأحوط فوريّة وجوبها. ويجزئه حجّ النائب مع
(1) إن كان المراد بالضرر بالنفس ما لا يكون حرجيّاً ولايبلغ حدّ التلف ـ كما هو المفروض في العبارة ـ فعدم الإجزاء فيه محلّ إشكال، بل منع.
(الصفحة364)
بقاء العذر إلى أن مات، بل مع ارتفاعه بعد العمل بخلاف أثنائه، فضلاً عن قبله،
والظاهر بطلان الإجارة، ولو لم يتمكّن من الاستنابة سقط الوجوب وقضي عنه.
ولو استناب مع رجاء الزوال لم يجزئ(1) عنه، فيجب بعد زواله، ولو حصل اليأس
بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية، والظاهر عدم كفاية حج المتبرّع عنه في صورة
وجوب الإستنابة، وفي كفاية الاستنابة من الميقات إشكال، وإن كان الأقرب
الكفاية.
مسألة 49 : لومات من استقر عليه الحج في الطريق، فإن مات بعد الإحرام و
دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه،
وإن كان موته بعد الإحرام على الأقوى، كما لا يكفي الدخول في الحرم قبل
الإحرام، كما إذا نسيه ودخل الحرم فمات، ولا فرق في الإجزاء بين كون الموت حال
الإحرام، أو بعد الحلّ، كما إذا مات بين الإحرامين. ولو مات في الحل بعد دخول
الحرم محرماً ففي الإجزاء إشكال، والظاهر أنـّه لو مات في أثناء عمرة التمتّع أجزأه
عن حجّه، والظاهر عدم جريان الحكم في حج النذر والعمرة المفردة لومات في
الأثناء، وفي الإفسادي تفصيل. ولا يجري فيمن لم يستقرّ عليه الحجّ، فلا يجب
ولايستحب عنه القضاء لو مات قبلهما.
مسألة 50 : يجب الحج على الكافر ولا يصحّ منه، ولو أسلم وقد زالت
استطاعته قبله لم يجب عليه، ولو مات حال كفره لايقضى عنه، ولو أحرم ثمّ أسلم
لم يكفه، ووجب عليه الإعادة من الميقات إن أمكن، وإلاّ فمن موضعه. نعم، لو كان
داخلا في الحرم فأسلم، فالأحوط مع الإمكان أن يخرج خارج الحرم ويُحرم.
والمرتدّ يجب عليه الحجّ، سواء كانت استطاعته حال إسلامه أو بعد ارتداده،
(1) محل إشكال، بل لايخلو الإجزاء عن قوّة.
(الصفحة365)
ولايصحّ منه، فإن مات قبل أن يتوب يعاقب عليه، ولا يقضى عنه على الأقوى،
وإن تاب وجب عليه وصحّ منه على الأقوى، سواء بقيت استطاعته أو زالت قبل
توبته.
ولو أحرم حال ارتداده فكالكافر الأصلي. ولو حجّ في حال إسلامه ثمّ ارتدّ لم
يجب عليه الإعادة على الأقوى. ولو أحرم مسلماً ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم يبطل إحرامه
على الأصح.
مسألة 51 : لو حجّ المخالف ثمّ استبصر لا تجب عليه الإعادة، بشرط أن
يكون صحيحاً في مذهبه وإن لم يكن صحيحاً في مذهبنا، من غير فرق بين
الفِرَق.
مسألة 52 : لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إن كانت مستطيعة، ولا
يجوز له منعها منه، وكذا في الحج النذري ونحوه إذا كان مضيّقاً، وفي المندوب
يشترط إذنه. وكذا الموسّع قبل تضييقه على الأقوى، بل في حجّة الإسلام له
منعها(1) من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود اُخرى قبل تضييق الوقت. والمطلّقة
الرجعية كالزوجة مادامت في العدّة، بخلاف البائنة والمعتدّة للوفاة، فيجوز لهما في
المندوب أيضاً. والمنقطعة كالدائمة على الظاهر، ولا فرق في اشتراطالإذن بين أن
يكون ممنوعاً من الاستمتاع لمرض و نحوه أو لا.
مسألة 53: لايشترط وجود الـمَحْرم في حجّ المرأة إن كانت مأمونة على
نفسها وبضعها، كانت ذات بعل أو لا، ومع عدم الأمن يجب عليها استصحاب
مَحْرم أو من تثق به ولو بالاُجرة، ومع العدم لاتكون مستطيعة، ولو وجد ولم
تتمكّن من اُجرته لم تكن مستطيعة. ولو كان لها زوج وادّعى كونها في معرض
(1) ولكن لايكون حجّها باطلا على تقدير المخالفة.
(الصفحة366)
الخطر، وادّعت هي الأمن، فالظاهر(1) هو التداعي، وللمسألة صور، وللزوج في
الصورة المذكورة منعها، بل يجب عليه ذلك، ولو انفصلت المخاصمة بحلفها، أو
أقامت البينة وحكم لها القاضي فالظاهر سقوط حقّه. وإن حجّت بلا مَحْرم مع عدم
الأمن صحّ حجّها، سيّما مع حصول الأمن قبل الشروع في الإحرام.
مسألة 54 : لو استقرّ عليه الحجّ; بأن استكملت الشرائط وأهمل حتى زالت أو
زال بعضها وجب الإتيان به بأيّ وجه(2) تمكّن، وإن مات يجب أن يقضى عنه إن
كانت له تركة، ويصحّ التبرّع عنه، ويتحقّق الاستقرار على الأقوى(3) ببقائها إلى
زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة المالية والبدنية والسربية،
وأمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال. ولو استقرّ عليه العمرة
فقط، أو الحج فقط ـ كما فيمن وظيفته حج الإفراد أو القران ـ ثمّ زالت استطاعته
فكما مرّ، يجب عليه بأيّ وجه تمكّن. وإن مات يقضى عنه.
مسألة 55 : تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إن لم يوص بها، سواء كانت
(1) لا وجه للتداعي، لأنّه إن كان المراد ادّعاء الزوج كونها في معرض الخطر بحسب اعتقاد الزوج فهو، مع أنـّه خارج عن مسألة التنازع; لإمكان الجمع بين الدعويين، لايترتّب عليه أثر; لأنّه مترتّب في النصوص والفتاوى على مأمونية الزوجة وعدمها، وإن كان المراد إدّعاء الزوج كونها في معرض الخطر بحسب اعتقاد الزوجة فهو من باب المدّعي والمنكر لا التداعي; لأنّ الزوج يدّعي كونها خائفة وهي تنكره، فلابدّ من ترتيب أحكامهما لا أحكامه، ومن جملة الأحكام الإحلاف للمنكر. نعم، يمكن فرض التداعي فيما إذا كان مدّعى الزوج ثبوت حقّ الاستمتاع له عليها، ومدّعى الزوجة ثبوت حقّ النفقة لها عليه.
(2) إلاّ مع الحرج، وفيه يكون الوجوب مقتضى الاحتياط.
(3) بل الأقوى ما هو المشهور من أنـّه يتحقّق بالتمكّن من الإتيان بالأعمال مستجمعاً للشرائط، من دون فرق بين العقل والحياة وغيرهما من الشرائط.
(الصفحة367)
حجّ التمتّع أو القران أو الإفراد أو عمرتهما. وإن أوصى بها من غير تعيين كونها من
الأصل أو الثلث فكذلكأيضاً. ولو أوصى بإخراجها منالثلث وجبإخراجها منه،
وتقدّمت على الوصايا المستحبة، وإن كانت متأخّرة عنها في الذكر، وإن لم يف
الثلث بها اُخذت البقية منالأصل، والحج النذري كذلك يخرج منالأصل. ولو كان
عليه دين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو
الزكاةموجوداً قدّما، فلايجوز صرفه فيغيرهما، وإن كانا فيالذمّة فالأقوى توزيعه
على الجميع بالنسبة، فإن(1) وفت حصة الحج به فهو، وإلاّ فالظاهر سقوطه وإن
وفتببعض أفعاله كالطواف فقط مثلاً، وصرف حصّته فيغيره، ومع وجود الجميع
توزّع عليها، وإن وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط، ففي مثل حجّ القران والإفراد لا
يبعد وجوب تقديم الحج، وفي حجّ التمتّع فالأقوى السقوط وصرفها في الدين.
مسألة 56: لايجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استئجار الحج، أو تأدية
مقدار المصرف إلى وليّ أمر الميّت لو كان مصرفه مستغرقاً لها، بل مطلقاً على
الأحوط(2). وإن كانت واسعة جدّاً وكان بناء الورثة على الأداء من غير مورد
التصرّف، وإن لا يخلو الجواز من قرب، لكن لايترك الاحتياط.
مسألة 57: لو أقرّ بعض الورثة بوجوب الحج على الميّت وأنكره الآخرون
لايجب عليه إلاّ دفع ما يخصّه من التركة بعد التوزيع لو أمكن(3) الحج بها ولو
ميقاتاً، وإلاّ لا يجب(4) دفعها، والأحوط(5) حفظ مقدار حصته رجاءاً لإقرار سائر
(1) الجمع بين التوزيع بالنسبة، وبين وفاء حصّة الحج به لايكاد يتحقّق أصلاً.
(2) الأولى.
(3) لايجتمع إمكان الحجّ بها ولو ميقاتاً مع توزيع مصرف الحج على السهام، كما مرّ.
(4) أي للحج، وإن كان اللازم صرفه في وجوه البرّ عنه.
(5) الأولى.
(الصفحة368)
الورثة أو وجدان متبرّع للتتمة، بل مع كون ذلك مرجوّ الوجود يجب حفظه على
الأقوى، والأحوط ردّه إلى وليّ الميّت، ولو كان عليه حجّ فقط ولم يكف تركته به
فالظاهر أنـّها للورثة. نعم، لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك، أو وجود متبرّع
يدفع التتمة وجب(1) إبقاؤها. ولو تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت اُجرة
الاستئجار إلى الورثة، سواء عيّنها الميّت أم لا، والأحوط(2) صرف الكبار
حصتهم في وجوه البرّ.
مسألة 58: الأقوى وجوب الاستئجار عن الميّت من أقرب المواقيت إلى مكّة
إن أمكن، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب، والأحوط الاستئجار من البلد مع سعة
المال، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب، لكن لايحسب الزائد على اُجرة الميقاتية على
صغار الورثة. ولو أوصى بالبلدي يجب، ويحسب الزائد على اُجرة الميقاتية من
الثلث(3). ولو أوصى ولم يعيّن شيئاً كفت(4) الميقاتية، إلاّ إذا كان هناك انصراف إلى
البلدية، أو قامت قرينة على إرادتها، فحينئذ تكون الزيادة على الميقاتية من
الثلث(5)، ولو زاد على الميقاتية ونقص عن البلدية يستأجر من الأقرب إلى بلده
فالأقرب على الأحوط(6). ولو لم يمكن الاستئجار إلاّ من البلد وجب، وجميع
مصرفه من الأصل.
مسألة 59 : لو أوصى بالبلدية، أو قلنا بوجوبها مطلقاً، فخولف واستوجر من
(1) الأحوط الأولى الإبقاء، كما مرّ.
(2) الأولى.
(3) بل من أصل التركة.
(4) بل يجب من البلد، والأقرب إليه فالأقرب.
(5) بل من الأصل كما تقدّم.
(6) بل على الأقوى.
(الصفحة369)
الميقات وأتى به، أو تبرّع عنه متبرّع منه برأت ذمّته وسقط الوجوب من البلد.
وكذا لو لم يسع المال إلاّ من الميقات، ولو عيّن الاستئجار من محلّ غير بلده تعيّن،
والزيادة على الميقاتية من الثلث. ولو استأجر الوصي أو الوارث من البلد مع عدم
الإيصاء(1) بتخيّل عدم كفاية الميقاتية، ضمن مازاد على الميقاتية للورثة أو
لبقيّتهم.
مسألة 60 : لو لم تف التركة بالاستئجار من الميقات إلاّ الاضطراري منه،
كمكّة أو أدنى الحِلّ وجب(2). ولو دار الأمر بينه وبين الاستئجار من البلد قدّم
الثاني ويخرج من أصل التركة، ولو لم يمكن إلاّ من البلد وجب. وإن كان عليه دين
أو خمس أو زكاة يوزّع بالنسبة لو لم يكف التركة.
مسألة 61 : يجب الاستئجار عن الميّت في سنة الفوت ولايجوز التأخير عنها،
خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير. ولو لم يمكن إلاّ من البلد وجب وخرج من
الأصل، وإن أمكن من الميقات في السنين الأُخر. وكذا لو أمكن من الميقات بأزيد
من الاُجرة المتعارفة في سنة الفوت وجب ولا يؤخّر، ولو أهمل الوصي أو الوارث
فتلفت التركة ضمن، ولو لم يكن للميّت تركة لم يجب على الورثة حجّه، وإن
استحب(3) على وليّه.
مسألة 62 : لو اختلف تقليد الميّت ومن(4) كان العمل وظيفته في اعتبار البلدي
والميقاتي، فالمدار تقليد الثاني، ومع التعدّد والاختلاف يرجع إلى الحاكم. وكذا لو
اختلفا في أصل وجوب الحج وعدمه، فالمدار هو الثاني، ومع التعدّد والاختلاف
(1) ولو بنحو الإطلاق.
(2) محل إشكال.
(3) في الاستحباب إشكال إلاّ من جهة الإحسان، كما في المتبرّع.
(4) أي سواء كان وارثاً أم وصيّاً.
(الصفحة370)
فالمرجع هو الحاكم. وكذا(1) لو لم يعلم فتوى مجتهده، أو لم يعلم مجتهده، أو لم يكن
مقلِّداً، أو لم يعلم أنـّه كان مقلّداً أم لا، أو كان مجتهداً واختلف رأيه مع متصدّي
العمل، أو لم يعلم رأيه.
مسألة 63 : لو علم استطاعته مالاً، ولم يعلم تحقّق سائر الشرائط، ولم يكن
أصل محرز لها لايجب القضاء عنه. ولو علم استقراره عليه وشك في إتيانه يجب
القضاء عنه. وكذا لو علم بإتيانه فاسداً. ولو شك في فساده يحمل على الصحّة.
مسألة 64 : يجب استئجار من كان أقلّ أُجرةً مع إحراز صحّة عمله وعدم
رضا الورثة، أو وجود قاصر فيهم. نعم، لايبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص
عنه، وإن كان أحوط.
مسألة 65 : من استقرّ عليه الحج وتمكّن من أدائه ليس له أن يحج عن غيره
تبرّعاً أو بالإجارة، وكذا ليس أن يتطوّع به، فلو خالف ففي صحته إشكال، بل لا
يبعد(2) البطلان، من غير فرق بين علمه بوجوبه عليه وعدمه، ولو لم يتمكّن منه
صحّ عن الغير، ولو آجر نفسه مع تمكّن حج نفسه بطلت(3) الإجارة، وإن كان
جاهلاً بوجوبه عليه.
القول في الحج بالنذر والعهد واليمين
مسألة 1 : يشترط في انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا تنعقد
من الصبي وإن بلغ عشراً، وإن صحّت العبادات منه، ولا من المجنون والغافل
(1) أي يكون المدار على تقليد متصدّي العمل.
(2) والظاهر الصحّة.
(3) الظاهر هي الصحّة أيضاً.
(الصفحة371)
والساهي والسكران والمُكْرَه، والأقوى صحّتها من الكافر المقرّ بالله تعالى، بل
وممّن يحتمل وجوده تعالى ويقصد القربة(1) رجاءً فيما يعتبر قصدها.
مسألة 2 : يعتبر في انعقاد يمين الزوجة والولد إذن الزوج والوالد، ولاتكفي(2)
الإجازة بعده، ولايبعد عدم الفرق بين فعل واجب أو ترك حرام وغيرهما، لكن لا
ينبغي ترك الاحتياط فيهما، بل لايترك، ويعتبر(3) إذن الزوج في انعقاد نذر
الزوجة. وأمّا نذر الولد فالظاهر عدم اعتبار إذن والده فيه، كما أنّ انعقاد العهد
لايتوقف على إذن أحد على الأقوى، والأقوى شمول الزوجة للمنقطعة، وعدم
شمول الولد لولد الولد، ولا فرق في الولد بين الذكر والأُنثى، ولا تلحق الاُمّ بالأب،
ولا الكافر بالمسلم.
مسألة 3 : لو نذر الحج من مكان معيّن فحجّ من غيره لم تبرأ ذمّته، ولو عيّنه
في سنة فحجّ فيها من غير ما عيّنه وجبت عليه الكفّارة. ولو نذر أن يحجّ حجّة
الإسلام من بلد كذا فحج من غيره صحّ ووجبت الكفّارة. ولو نذر أن يحجّ في سنة
معيّنة لم يجز التأخير، فلو أخّر مع التمكّن عصى وعليه القضاء والكفّارة. ولو لم
يقيّده بزمان جاز التأخير إلى ظنّ(4) الفوت. ولو مات بعد تمكّنه يقضى عنه من
أصل التركة على الأقوى. ولو نذر ولم يتمكّن من أدائه حتى مات لم يجب القضاء
عنه. ولو نذر معلّقاً على أمر ولم يتحقّق المعلّق عليه حتى مات لم يجب القضاء عنه.
(1) الظاهر ارتباطه بخصوص من يحتمل، ومعنى قصد القربة رجاءً أنـّه حيث يعتبر في صيغة النذر اشتمالها على الالتزام لله تعالى، والمفروض أنـّه شاكّ في وجوده، ففي الحقيقة يرجع نذره إلى أنـّه لو كان الله موجوداً فله عليّ كذا، وليس المراد من قصد القربة رجاءً ما يكون جارياً في سائر العبادات، كمن يغتسل للجنابة باحتمالها رجاءً.
(2) محل إشكال.
(3) على الأحوط، سيّما في نذر المال.
(4) بمعنى الاطمئنان، لا مطلق الظن.
(الصفحة372)
نعم، لو نذر الإحجاج معلّقاً على شرط فمات قبل حصوله، وحصل بعد موته مع
تمكّنه قبله، فالظاهر وجوب القضاء عنه. كما أنـّه لو نذر إحجاج شخص في سنة
معيّنة فخالف مع تمكّنه وجب عليه القضاء والكفّارة، وإن مات قبل إتيانهما
يقضيان من أصل التركة. وكذا لو نذر إحجاجه مطلقاً، أو معلّقاً على شرط وقد
حصل و تمكّن(1) منه وترك حتى مات.
مسألة 4 : لو نذر المستطيع أن يحجّ حجّة الإسلام انعقد ويكفيه إتيانها، ولو
تركها حتى مات وجب القضاء عنه والكفّارة من تركته. ولو نذرها غير المستطيع
انعقد ويجب عليه تحصيل الاستطاعة، إلاّ أن يكون نذره الحج بعد الاستطاعة.
مسألة 5 : لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية، بل يجب مع القدرة
العقلية، إلاّ إذا كان حرجيّاً أو موجباً لضرر نفسي، أو عرضي، أو مالي إذا لزم منه
الحرج.
مسألة 6: لو نذر حجّاً غير حجّة الإسلام في عامها وهو مستطيع انعقد،
لكن تقدّم حجّة الإسلام، ولو زالت الاستطاعة يجب عليه الحج النذري، ولو
تركهما لايبعد وجوب الكفّارة. ولو نذر حجاً في حال عدمها ثمّ استطاع يقدّم حجّة
الإسلام، ولو كان نذره مضيّقاً، وكذا لو نذر إتيانه فوراً ففوراً تقدّم حجّة الإسلام
ويأتي به في العام القابل. ولو نذر حجّاً من غير تقييد وكان مستطيعاً، أو حصل
الاستطاعة بعده ولم يكن انصراف، فالأقرب كفاية حج واحد عنهما مع قصدهما،
لكن مع ذلك لايترك الاحتياط(2) في صورة عدم قصد التعميم لحجّة الإسلام،
بإتيان كلّ واحد مستقلاًّ مقدّماً لحجة الإسلام.
(1) ومع عدم التمكّن في جميع فروض نذر الإحجاج لايجب القضاء عليه، ولا عنه، كما في نذر الحج بنفسه.
(2) لا بأس بتركه مطلقاً.
(الصفحة373)
مسألة 7 : يجوز الإتيان بالحج المندوب قبل الحج النذري الموسّع، ولو
خالف في المضيّق وأتى بالمستحب صحّ وعليه الكفّارة.
مسألة 8 : لو علم أنّ على الميّت حجّاً ولم يعلم أنـّه حجّة الإسلام أو حج
النذر وجب قضاؤه عنه، من غير تعيين ولا كفّارة عليه. ولو تردّد ما عليه بين ما
بالنذر أو الحلف مع الكفّارة وجبت الكفّارة أيضاً، ويكفي الاقتصار على إطعام
عشرة مساكين، والأحوط(1) الستين.
مسألة 9 : لو نذر المشي في الحج انعقد حتى في مورد أفضلية الركوب. ولو
نذر الحج راكباً انعقد(2) ووجب، حتى لو نذر في مورد يكون المشي أفضل، وكذا لو
نذر المشي في بعض الطريق، وكذا لو نذر الحج حافياً. ويشترط في انعقاده تمكّن
الناذر وعدم تضرّره(3) بهما، وعدم كونهما حرجيين، فلا ينعقد مع أحدها لو كان في
الابتداء، ويسقط الوجوب لو عرض في الأثناء. و مبدأ المشي أو الحفاء تابع
للتعيين(4) ولو انصرافاً، ومنتهاه رمي الجمار مع عدم التعيين.
مسألة 10 : لا يجوز لمن نذره ماشياً أو المشي في حجّه أن يركب البحر ونحوه،
ولو اضطرّ إليه لمانع في سائر الطرق سقط، ولو كان كذلك من الأوّل لم ينعقد، ولو
كان في طريقه نهر أو شط لا يمكن العبور إلاّ بالمركب يجب أن يقوم فيه على
الأقوى.
(1) لا يترك.
(2) وأمّا لو نذر الركوب في الحج فلا ينعقد إلاّ في مورد رجحان الركوب، كما أنّ انعقاد نذر المشي حافياً في الحج محلّ إشكال; لوجود رواية صحيحة على خلافه، بخلاف نذر الحج حافياً.
(3) لا يقدح التضرّر في انعقاد النذر.
(4) ومع عدم التعيين ولو كذلك يكون المبدأُ أيّ مكان يريد منه السفر إلى الحج.
(الصفحة374)
مسألة 11 : لو نذر الحج ماشياً فلا يكفي عنه الحج راكباً، فمع كونه موسّعاً
يأتي به، ومع كونه مضيّقاً يجب الكفّارة لو خالف دون القضاء(1). ولو نذر المشي في
حجّ معيّن وأتى به راكباً صحّ(2) وعليه الكفّارة دون القضاء، ولو ركب بعضاً دون
بعض فبحكم ركوب الكلّ.
مسألة 12 : لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره يجب عليه الحج راكباً مطلقاً،
سواء كان مقيّداً بسنة أم لا مع اليأس عن التمكّن بعدها أم لا. نعم، لايترك
الاحتياط(3) بالإعادة في صورة الاطلاق، مع عدم اليأس من المكنة وكون العجز
قبل الشروع في الذهاب إذا حصلت المكنة بعد ذلك، والأحوط المشي بالمقدار
الميسور، بل لا يخلو من قوّة، وهل الموانع الأُخر; كالمرض، أو خوفه، أو عدوّ، أو
نحو ذلك بحكم العجز أو لا؟ وجهان، ولا يبعد التفصيل بين المرض ونحو العدوّ،
باختيار الأوّل في الأوّل والثاني في الثاني.
القول في النيابة
وهي تصحّ عن الميّت مطلقاً، وعن الحيّ في المندوب وبعض صور الواجب.
مسألة 1 : يشترط في النائب اُمور:
الأوّل: البلوغ على الأحوط، من غير فرق بين الإجاري والتبرّعي بإذن
الوليّ أو لا، وفي صحّتها في المندوب تأمّل.
(1) الظاهر لزوم القضاء أيضاً.
(2) كما أنـّه يصحّ في الأوّلين أيضاً.
(3) أي فيما إذا حجّ راكباً، وإلاّ فالظاهر جواز التأخير لا لزوم الإعادة.
(الصفحة375)
الثاني: العقل، فلا تصحّ من المجنون ولو أدوارياً في دور جنونه. ولا بأس(1)
بنيابة السفيه.
الثالث: الإيمان.
الرابع: الوثوق بإتيانه(2)، وأمّا بعد إحراز ذلك فلا يعتبر الوثوق بإتيانه
صحيحاً، فلو علم بإتيانه وشك في أنـّه يأتي به صحيحاً صحّت الاستنابة ولو قبل
العمل على الظاهر، والأحوط اعتبار الوثوق بالصحة في هذه الصورة.
الخامس: معرفته بأفعال الحج وأحكامه، ولو بإرشاد معلّم حال كلّ عمل.
السادس(3): عدم اشتغال ذمّته بحج واجب عليه في ذلك العام، كما مرّ.
السابع: أن لا يكون معذوراً في ترك بعض الأعمال، والاكتفاء بتبرّعه
أيضاًمشكل.
مسألة 2 : يشترط في المنوبعنه الإسلام(4)، فلا يصحّ من الكافر. نعم، لو
فرض انتفاعه به بنحو إهداء الثواب فلا يبعد جواز الاستئجار لذلك، ولو مات
مستطيعاً لايجب على وارثه المسلم الاستئجار عنه. ويشترط كونه ميتاً، أو حياً
عاجزاً في الحج الواجب، ولا يشترط(5) فيه البلوغ والعقل، فلو استقر على المجنون
حال إفاقته ثمّ مات مجنوناً يجب الاستئجار عنه، ولا المماثلة بين النائب و المنوب
عنه في الذكورة والأُنوثة. وتصحّ استنابة الصرورة رجلا كان أو امرأةً، عن رجل
أو امرأة.
(1) لكن لا تصح استنابته.
(2) هذا الشرط إنّما يعتبر في الاستنابة لا في أصل النيابة.
(3) قد مرّ أنـّه لا يعتبر ذلك، لا في النيابة ولا في الاستنابة.
(4) بل الإيمان، كما في النائب.
(5) محلّ تأمل.
(الصفحة376)
مسألة 3 : يشترط في صحّة حج النيابي قصد النيابة وتعيين المنوب عنه في
النية ولو إجمالا لا ذكر اسمه، وإن كان مستحباً في جميع المواطنوالمواقف، وتصحّ
النيابة بالجعالة، كما تصحّ بالإجارة والتبرّع.
مسألة 4 : لا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلاّ بإتيان النائب صحيحاً. نعم، لو مات
النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ عنه، وإلاّ فلا، وإن مات بعد الإحرام، وفي
إجراء الحكم في الحج التبرعي إشكال، بل في غير حجّة الإسلام لا يخلو من
إشكال.
مسألة 5 : لو مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم يستحق تمام الاُجرة
إن كان أجيراً على تفريغ الذمّة كيف كان، وبالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال إذا
كان أجيراً على نفس الأعمال المخصوصة ولم تكن المقدّمات داخلة في الإجارة، ولم
يستحق شيئاً حينئذ إذا مات قبل الإحرام. وأمّا الإحرام(1)، فمع عدم الاستثناء
داخل في العمل المستأجر عليه، والذهاب إلى مكّة بعد الإحرام وإلى منى وعرفات
غير داخل فيه، ولا يستحق به شيئاً، ولو كان المشي والمقدّمات داخلاً في الإجارة
فيستحق بالنسبة إليه مطلقاً، ولو كان مطلوباً(2) من باب المقدّمة. هذا مع التصريح
بكيفية الإجارة، ومع الإطلاقكذلك أيضاً، كماأنّه معه يستحق تمام الاُجرة لو أتى
(1) الظاهر أنّ مراده(قدس سره) من هذه العبارة فرض موت النائب بعد الإحرام وقبل دخول الحرم، وأنّه يستحقّ من الاُجرة بنسبة الإحرام، وإن لم يتحقّق الإجزاء، مع أنّ وقوع شيء منها في مقابل مجرّد الإحرام محلّ تأمل وإشكال.
(2) أي مطلوباً في الإجارة كذلك، والظاهر عدم ملائمة عنوان المطلوبية من باب المقدمة مع المعاملة والمعاوضة، وأنّ الدخول إذا لم يكن بنحو الجزئية فتارة يكون بنحو الشرطية، واُخرى بنحو القيدية، والحكم فيهما عدم استحقاق شيء من الاُجرة، بخلاف صورة الجزئية.
(الصفحة377)
بالمصداق الصحيح العرفي، ولو كان فيه نقص ممّا لا يضرّ بالإسم. نعم، لو كان
النقص شيئاً يجب قضاؤه فالظاهر أنـّه عليه لا على المستأجر.
مسألة 6 : لو مات قبل الإحرام تنفسخ الإجارة(1) إن كانت للحج في سنة
معيّنة مباشرة أو الأعم، مع عدم إمكان إتيانه في هذه السنة. ولو كانت مطلقة(2) أو
الأعم من المباشرة في هذه السنة، ويمكن الإحجاج فيها يجب الإحجاج من تركته،
وليس هو مستحقاً لشيء على التقديرين لو كانت الإجارة على نفس الأعمال فيما
فعل.
مسألة 7 : يجب في الإجارة تعيين نوع الحج فيما إذا كان(3) التخيير بين
الأنواع; كالمستحبي والمنذور المطلق مثلاً، ولايجوز على الأحوط(4) العدول إلى
غيره وإن كان أفضل، إلاّ إذا أذن المستأجر، ولو كان ما عليه نوع خاصّ لاينفع(5)
الإذن بالعدول، ولو عدل مع الإذن يستحق الاُجرة المسمّـاة في الصورة
الاُولى، واُجرة مثل(6) عمله في الثانية إن كان العدول(7) بأمره، ولو عدل في الصورة
(1) مطلقاً إن كانت على نفس الأعمال، وبالنسبة إليها فقط إن كانت عليها وعلى المقدّمات.
(2) مع اعتبار قيد المباشرة تنفسخ الإجارة بالموت، ولو كانت مطلقة غير مقيّدة بهذه السنة.
(3) في العبارة تشويش; لأنّها توهم اختصاص وجوب تعيين النوع بصورة التخيير، مع أنّ الظاهر العموم.
(4) بل على الأقوى.
(5) أي في براءة ذمّة المستأجر، وأمّا بالإضافة إلى الأجير وما يتعلّق بعقد الإجارة فالإذن ينفع، ومقتضاه جواز العدول واستحقاق الاُجرة المسمّـاة، كما في صورة التخيير.
(6) مرّ استحقاق الاُجرة المسمّـاة.
(7) بعد كون المفروض هو العدول مع الإذن لا يبقى مجال للتكرار، لأنّ الظاهر عدم كون المراد بالأمر أمراً زائداً على الإذن.
(الصفحة378)
الاُولى بدون الرضا صحّ عن المنوب عنه، والأحوط(1) التخلّص بالتصالح في وجه
الإجارة إذا كان التعيين على وجه القيديّة، ولو كان على وجه الشرطية فيستحق،
إلاّ إذا فسخ المستأجر الإجارة فيستحق اُجرة المثل لا المسمّـاة.
مسألة 8: لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق وإن كان في الحجّ البلدي،
لكن لو عيّن لا يجوز العدول عنه إلاّ مع إحراز أنـّه لاغرض له في الخصوصية، وإنّما
ذكرها على المتعارف وهو راض به، فحينئذ لو عدل يستحق تمام الاُجرة. وكذا لو
أسقط حق التعيين(2) بعد العقد، ولو كان الطريق المعيّن معتبراً في الإجارة فعدل
عنه صحّ الحجّ عن المنوب عنه، وبرأت ذمته إذا لم يكن ما عليه مقيّداً بخصوصية
الطريق المعيّن، ولا يستحق الأجير شيئاً لو كان اعتباره على وجه القيدية; بمعنى أنّ
الحج المتقيد بالطريق الخاص كان مورداً للإجارة، ويستحقّ من المسمّى بالنسبة،
ويسقط منه بمقدار المخالفة إذا كان الطريق معتبراً في الإجارة على وجه الجزئية.
مسألة 9 : لو آجر نفسه للحج المباشري عن شخص في سنة معيّنة ثمّ آجر
عن آخر فيها مباشرة بطلت الثانية(3)، ولو لم يشترط فيهما أو في إحداهما المباشرة
صحّتا، وكذا مع توسعتهما أو توسعة إحداهما أو إطلاقهما أو إطلاق إحداهما لو لم
يكن انصراف منهما إلى التعجيل، ولو اقترنت الإجارتان في وقت واحد بطلتا مع
التقييد بزمان واحد ومع قيد المباشرة فيهما.
مسألة 10 : لو آجر نفسه للحج في سنة معيّنة لايجوز له التأخير والتقديم إلاّ
برضا المستأجر، ولو أخّر فلا يبعد تخيّر المستأجر بين الفسخ ومطالبة الاُجرة
المسمّـاة، وبين عدمه ومطالبة اُجرة المثل، من غير فرق بين كون التأخير لعذر أو
(1) والظاهر عدم استحقاقه شيئاً إذا كان على وجه القيدية.
(2) الظاهر أنّ المراد به الحقّ الثابت بسبب الاشتراط.
(3) محل إشكال، إلاّ إذا كان البطلان بمعنى الفضولية.
(الصفحة379)
لا. هذا إذا كان على وجه التقييد، وإن كان على وجه الاشتراط فللمستأجر خيار
الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى الاُجرة المسمّـاة، وإلاّ فعلى الموجر أن يأتي به في سنة
اُخرى، ويستحق الاُجرة المسمّـاة، ولو أتى به مؤخّراً لا يستحقّ الاُجرة على
الأوّل، وإن برأت ذمّة المنوب عنه به، ويستحقّ المسمّـاة على الثاني، إلاّ إذا فسخ
المستأجر فيرجع إلى اُجرة المثل، وإن أطلق وقلنا بوجوب التعجيل لا يبطل مع
الإهمال، وفي ثبوت الخيار للمستأجر وعدمه تفصيل(1).
مسألة 11 : لو صدّ الأجير أو أُحصر كان حكمه كالحاج عن نفسه فيما عليه
من الأعمال، وتنفسخ الإجارة مع كونها مقيّدة بتلك السنة، ويبقى الحج على ذمّته
مع الإطلاق، وللمستأجر خيار التخلّف إذا كان اعتبارها على وجه الاشتراط في
ضمن العقد، ولا يجزئ عن المنوب عنه، ولو كان ذلك بعد الإحرام ودخول الحرم.
ولو ضمن الموجر الحج في المستقبل في صورة التقييد لم تجب إجابته، ويستحقّ
الاُجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال على التفصيل المتقدّم.
مسألة 12 : ثوبا الإحرام وثمن الهدي على الأجير إلاّ مع الشرط، وكذا لو أتى
بموجب كفّارة فهو من ماله.
مسألة 13 : إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل; بمعنى الحلول في مقابل الأجل
لابمعنى الفورية بشرط عدم انصراف إليها، فحينئذ حالها حال البيع، فيجوز
للمستأجر المطالبة وتجب المبادرة معها، كما أنّ إطلاقها يقتضي(2) المباشرة،
(1) يرجع إلى أنّ التعجيل إذا كان بمعنى الفورية فمرجعه إلى ثبوتها على نحو القيدية أو الاشتراط، والتخلّف يوجب الخيار بالنحو المذكور، وإذا كان بمعنى الحلول فلا يترتّب على إهماله إلاّ مجرّد مخالفة حكم تكليفي فقط.
(2) هذا ينافي مع إطلاق ما تقدّم في المسألة التاسعة من أنـّه مع عدم اشتراط المباشرة فيالإجارتين أوفيإحداهما صحّتا، فإنّ مقتضى ما هنا أنّه تبطل الثانية.
(الصفحة380)
فلايجوز للأجير أن يستأجر غيره إلاّ مع الإذن.
مسألة 14 : لو قصرت الاُجرة لا يجب على المستأجر إتمامها، كما أنّها لو زادت
ليس له الاسترداد.
مسألة 15 : يملك الأجير الاُجرة بالعقد، لكن لايجب تسليمها إلاّ بعد العمل لو
لم يشترط التعجيل، ولم تكن قرينة على إرادته من انصراف أو غيره، كشاهد حال
ونحوه، ولا فرق في عدم وجوبه بين أن تكون عيناً أو ديناً، ولو كانت عيناً فنماؤها
للأجير، ولا يجوز للوصيّ والوكيل التسليم قبله إلاّ بإذن من الموصي أو الموكِّل،
ولو فعلا كانا ضامنين على تقدير(1) عدم العمل من الموجر، أو كون عمله باطلاً،
ولايجوز للوكيل اشتراط(2) التعجيل بدون إذن الموكِّل، وللوصي اشتراطه إذا تعذّر
بغير ذلك، ولا ضمان عليه مع التسليم إذا تعذّر، ولو لم يقدر الأجير على العمل كان
للمستأجر خيار الفسخ، ولو بقي على هذا الحال حتى انقضى الوقت فالظاهر
انفساخ العقد، ولو كان المتعارف تسليمها أو تسليم مقدار منها قبل الخروج
يستحقّ الأجير مطالبتها على المتعارف في صورة الإطلاق، ويجوز للوكيل
والوصي دفع ذلك من غير ضمان.
مسألة 16 : لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج(3) تمتّعاًـوكانت
وظيفته العدول إلى الإفراد ـ عمّن عليه حجّ التمتّع، ولو استأجره في سعة الوقت ثمّ
اتفق الضيق فالأقوى وجوب العدول، والأحوط(4) عدم إجزائه عن المنوب عنه.
مسألة 17: يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب مطلقاً والمندوب، بل
(1) بل بمجرّد التسليم، غاية الأمر أنّ وقوع العمل الصحيح من الأجير يرفع الضمان.
(2) أي قبول شرط التعجيل.
(2) أي عن الإتيان به كذلك، لأنّه لا يعقل الاستئجار بعد الشروع.
(4) لا بأس بتركه.
|