(الصفحة501)
من نوع العمل المستأجر عليه; كأن تكون الإجارة واقعة على منفعة الخيّاطي
فآجر(1) نفسه للغير للكتابة، أو عمل الكتابة بعنوان الجعالة، فإنّه ليس للمستأجر
إجازة ذلك; لأنّ المفروض أنّه مالك لمنفعة الخيّاطي، فليس له إجازة العقد الواقع
على الكتابة، فيكون مخيّراً بين الأمرين; من الفسخ واسترجاع الاُجرة المسمّـاة،
والإبقاء ومطالبة عوض الفائت.
وإن كانت على الوجه الثالث فكالثاني، إلاّ أنّه لا فرق فيه في عدم صحّة
الإجازة بين ما إذا كانت الإجارة أو الجعالة واقعة على نوع العمل المستأجر عليه
أو على غيره، إذ ليست منفعة الخياطة مثلا مملوكة للمستأجر حتّى يمكنه إجازة
العقد الواقع عليها، بل يملك(2) عمل الخياطة في ذمّة المؤجر.
(1) يمكن أن يقال ببطلان الإجارة في هذه الصورة; لعدم كون الأجير مالكاً لمنفعة الكتابي بعد تمليك منفعة الخياطي للمستأجر، وبعد ثبوت التضادّ بينهما كما هو المفروض; لأنّ تضاد المنافع وعدم تعانقها في الوجود وإن لم يكن منافياً لملكيّتها بأجمعها إلاّ أنّ سبق تمليك إحداها للغير ينافي اعتبار بقاء الملكية بالإضافة إلى الاُخرى، وعليه فكيف يتحقّق التمليك. نعم، هنا رواية واحدة معتبرة تدلّ على صحّة المعاملة الثانية إذا كانت مع إذن المستأجر أو إجازته.
(2) ولكنّه على نحو تكون الخياطة للآخر مضادّة للعمل المستأجر عليه كما هو المفروض، وعليه فيجري فيه الاحتمال الذي ذكرناه في الحاشية السابقة، وأمّا على مبنى الماتن من عدم كون التضادّ مانعاً عن الملكية والتمليك فالفرق بين الصورتين واضح، والإيراد عليه باقتضاء هذا الفرق أنّه لو آجر نفسه للخياطة مثلاً للغير في الذمّة في الصورتين الأوّلتين لما كان تصحيحها بإجازة المستأجر ممكناً; لعدم كونه مالكاً لما في ذمّته واضح الدفع، فإنّه بعد كون جميع المنافع أو خصوص منفعة الخياطي في زمان معيّن ملكاً للمستأجر لا مجال لاعتبار الملكية بالإضافة إلى الذمّة في ذلك المقدار من الزمان، فكيف يصحّ أن يؤجر نفسه من المستأجر الثاني حتّى يحتاج إلى الإجازة، وهذا بخلاف ما لو كانت الإجارة بنحو الفرض الثالث.
(الصفحة502)
وإن كانت على الوجه الرابع ـ وهوكون اعتبار المباشرة أو المدّة المعيّنة على
وجه الشرطيّة لا القيديّة ـ ففيه وجهان; يمكن أن يقال بصحّة العمل(1) للغير
بعنوان الإجارة أو الجعالة من غير حاجة إلى الإجازة، وإن لم يكن جائزاً من حيث
كونه مخالفة للشرط الواجب العمل، غاية ما يكون أنّ للمستأجر خيار تخلّف
الشرط، ويمكن أن يقال بالحاجة إلى الإجازة; لأنّ الإجارة أو الجعالة منافية لحقّ
الشرط، فتكون باطلة بدون الإجازة.
[3322] مسألة 5 : إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة ولو مع تعيين
المدّة، أو من غير تعيين المدّة ولو مع اعتبار المباشرة جاز عمله للغير، ولو على
وجه الإجارة قبل الإتيان بالمستأجر عليه; لعدم منافاته له من حيث إمكان
تحصيله، لا بالمباشرة أو بعد العمل للغير; لأنّ المفروض عدم تعيين المباشرة أو
عدم تعيين المدّة. ودعوى أنّ إطلاق العقد من حيث الزمان يقتضي وجوب
التعجيل ممنوعة(2)، مع أنّ لنا أن نفرض الكلام فيما لو كانت قرينة على عدم إرادة
التعجيل.
[3323] مسألة 6 : لو استأجر دابّة لحمل متاع معيّن شخصي أو كلّي على وجه
التقييد، فحملها غير ذلك المتاع، أو استعملها في الركوب لزمه الاُجرة المسمّـاة
واُجرة المثل(3) لحمل المتاع الآخر أو للركوب، وكذا لو استأجر عبداً للخياطة
(1) وهذا هو الأظهر.
(2) لكنّه تقدّم منه أنّ الإطلاق يقتضي التعجيل العرفيّ، وذكرنا هناك أنّه لا يجتمع هذا مع الحكم بلزوم تعيين المدّة، كما صرّح به الماتن(قدس سره).
(3) هذا ما تقتضيه القاعدة، ومقتضى صحيحة أبي ولاّد عن أبي عبدالله(عليه السلام) ـ المعروفة ـ لزوم اُجرة المثل فقط، وموردها بقرينة التعارف ما لو كانت اُجرة المثل أكثر من الاُجرة المسمّاة، فلا دلالة لها على لزوم اُجرة المثل مطلقاً.
(الصفحة503)
فاستعمله في الكتابة، بل وكذا لو استأجر حرّاً لعمل معيّن في زمان معيّن وحمله
على غير ذلك العمل مع تعمّده وغفلة ذلك الحرّ واعتقاده أنّه العمل المستأجر عليه،
ودعوى أنّ ليس للدابّة في زمان واحد منفعتان متضادّتان، وكذا ليس للعبد في
زمان واحد إلاّ إحدى المنفعتين من الكتابة أو الخياطة، فكيف يستحقّ اُجرتين؟!
مدفوعة بأنّ المستأجر بتفويته على نفسه واستعماله في غير ما يستحقّ كأنّه(1)
حصل له منفعة اُخرى.
[3324] مسألة 7 : لو آجر نفسه للخياطة مثلا في زمان معيّن، فاشتغل بالكتابة
للمستأجر مع علمه بأنّه غير العمل المستأجر عليه لم يستحقّ شيئاً(2); أمّا الاُجرة
المسمّـاة فلتفويتها على نفسه بترك الخياطة، وأمّا اُجرة المثل للكتابة مثلا فلعدم
كونها مستأجراً عليها، فيكون كالمتبرّع بها، بل يمكن أن يقال بعدم استحقاقه لها،
ولو كان مشتبهاً غير متعمّد، خصوصاً مع جهل المستأجر بالحال.
[3325] مسألة 8 : لو آجر دابّته لحمل متاع زيد من مكان إلى آخر فاشتبه
وحمّلها متاع عمرو لم يستحقّ الاُجرة على زيد(3) ولا على عمرو.
[3326] مسألة 9 : لو آجر دابّته من زيد مثلا، فشردت قبل التسليم إليه
أو بعدهفي أثناء المدّة بطلت الإجارة(4)، وكذا لو آجر عبده فأبق. ولو
غصبهما غاصب، فإن كان قبل التسليم فكذلك، وإن كان بعده يرجع المستأجر
(1) بل حقيقة له منفعة اُخرى، ولا مانع من ملكية المنفعتين المتضادّتين، كما رتّب عليها الأثر في المسألة الرابعة.
(2) مع فسخ المستأجر، وأمّا مع عدمه فعلى الأجير عوض الخياطة وله الاُجرة المسمّاة.
(3) أي مع الفسخ كما مرّ.
(4) مطلقاً في الصورة الاُولى، وبالإضافة إلى خصوص المدّة الباقية في الصورة الثانية، وللمستأجر في هذه الصورة الفسخ بالنسبة إلى المدّة الماضية.
(الصفحة504)
على الغاصب بعوض المقدار الفائت من المنفعة، ويحتمل(1) التخيير بين
الرجوع على الغاصب وبين الفسخ في الصورة الاُولى; وهو ما إذا كان الغصب قبل
التسليم.
[3327] مسألة 10 : إذا آجر سفينته لحمل الخلّ مثلا من بلد إلى بلد فحملها
المستأجر خمراً لم يستحقّ المؤجر إلاّ الاُجرة المسمّـاة، ولايستحقّ(2) اُجرة المثل
لحمل الخمر; لأنّ أخذ الاُجرة عليه حرام، فليست هذه المسألة مثل مسألة إجارة
العبد للخياطة فاستعمله المستأجر في الكتابة. لايقال: فعلى هذا إذا غصب السفينة
وحملها خمراً كان اللازم عدم استحقاق المالك اُجرة المثل; لأنّ اُجرة حمل الخمر
حرام، لأنّا نقول: إنّما يستحقّ المالك اُجرة المثل للمنافع المحلّلة الفائتة في هذه المدّة،
وفي المسألة المفروضة لم يفوّت على المؤجر منفعة; لأنّه أعطاه الاُجرة المسمّـاة
لحمل الخلّ بالفرض.
[3328] مسألة 11 : لو استأجر دابّة معيّنة من زيد للركوب إلى مكان فاشتبه
وركب دابّة اُخرى له لزمه الاُجرة المسمّـاة للاُولى واُجرة المثل للثانية، كما إذا
اشتبه فركب دابّة عمرو، فإنّه يلزمه اُجرة المثل لدابّة عمرو والمسمّـاة لدابّة زيد;
حيث فوّت منفعتها على نفسه.
[3329] مسألة 12 : لو آجر نفسه لصوم يوم معيّن عن زيد مثلا ثمّ آجر نفسه
لصوم ذلك اليوم عن عمرو لم تصحّ الإجارة الثانية، ولو فسخ الاُولى بخيار أو إقالة
(1) هذا الاحتمال هو المتعيّن، وقد تقدّم منه الفتوى بذلك.
(2) بل لا يبعد القول بأنّه يستحقّ اُجرة المثل للمنفعة المحلّلة الفائتة في هذه المدّة مضافة إلى الاُجرة المسمّاة; لعدم وضوح الفرق من جهة استحقاق اُجرتين بين هذه المسألة ومسألة إجارة العبد للخياطة إذا استعمله المستأجر في الكتابة.
(الصفحة505)
قبل ذلك اليوم لم ينفع في صحّتها، بل ولو أجازها ثانياً(1)، بل لابدّ له من تجديد
العقد; لأنّ الإجازة كاشفة، ولايمكن الكشف هنا لوجود المانع حين الإجارة،
فيكون نظير من باع شيئاً ثمّ ملك، بل أشكل.
فصل
[في مسائل متفرّقة]
لايجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بما يحصل منها من الحنطة أو
الشعير، لا لما قيل من عدم كون مال الإجارة موجوداً حينئذ لا في الخارج ولا في
الذمّةـ ومن هنا يظهر عدم جواز إجارتها بما يحصل منها ولو من غير الحنطة
والشعير، بل عدم جوازها بما يحصل من أرض اُخرى أيضاً; لمنع ذلك، فإنّهما في
نظر العرف واعتبارهم بمنزلة الموجود كنفس(2) المنفعة، وهذا المقدار كاف في
الصحّة، نظير بيع الثمار سنتين أو مع ضمّ الضميمة، فإنّها لاتجعل غير الموجود
موجوداً، مع أنّ البيع وقع على المجموعـ بل للأخبار الخاصّة(3). وأمّا إذا آجرها
بالحنطة أو الشعير في الذمّة لكن بشرط الأداء منها ففي جوازه إشكال، والأحوط
العدم لما يظهر(4) من بعض الأخبار، وإن كان يمكن حمله على الصورة الاُولى. ولو
(1) لا تبعد الصحّة مع الإجازة ثانياً.
(2) الظاهر وضوح الفرق، فإنّ المنفعة حيث تكون من شؤون العين موجودة بوجودها ومملوكة بتبعها، بخلاف المقام الذي ليس له حظّ من الوجود أصلاً.
(3) الظاهر عدم نهوض الأخبار لإثبات المنع، للضعف فيها سنداً أو دلالة، بل الوجه في المنع ما ذكرنا.
(4) بل لعدم الفرق بين هذه الصورة والصورة الاُولى; من جهة التعليل الذي ذكرنا فيها إلاّ من بعض الوجوه غير الفارقة.
(الصفحة506)
آجرها بالحنطة أو الشعير من غير اشتراط كونهما منها فالأقوى جوازه. نعم،
لايبعد كراهته. وأمّا إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب فلا إشكال فيه(1)،
خصوصاً إذا كان في الذمّة مع اشتراط كونه منها أو لا.
[3330] مسألة 1 : لا بأس بإجارة حصّة من أرض معيّنة مشاعة، كما لا بأس
بإجارة حصّة منها على وجه الكلّي في المعيّن مع مشاهدتها على وجه يرتفع به
الغرر، وأمّا إجارتها على وجه الكلّي في الذمّة فمحلّ إشكال، بل قد يقال بعدم
جوازها لعدم ارتفاع الغرر بالوصف، ولذا لايصحّ السلم فيها، وفيه: أنّه يمكن
وصفها على وجه يرتفع، فلا مانع منها إذا كان كذلك.
[3331] مسألة 2 : يجوز استئجار الأرض لتعمل مسجداً لأنّه منفعة محلّلة، وهل
يثبت لها آثار المسجد من حرمة التلويث ودخول الجنب والحائض ونحو ذلك؟
قولان، أقواهما العدم. نعم، إذا كان قصده عنوان المسجديّة لا مجرّد الصلاة فيه
وكانت المدّة طويلة ـ كمائة سنة أو أزيد ـ لايبعد ذلك; لصدق(2) المسجد عليه
حينئذ.
[3332] مسألة 3 : يجوز استئجار الدراهم والدنانير للزينة أو لحفظ الاعتبار أو
غير ذلك من الفوائد التي لا تنافي بقاء العين.
[3333] مسألة 4 : يجوز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال ونحوه، كربط الدابّة به
أو نشر الثياب عليه.
[3334] مسألة 5 : يجوز استئجار البستان لفائدة التنزّه; لأنّه منفعة
(1) قد ظهر ممّا ذكرنا أنّه لا فرق بينهما وبينه، فالحكم فيهما واحد.
(2) طول المدّة لا دخل له في صدق الاسم، بل الترديد إنّما هو من ناحية احتمال اعتبار الدوام، فعلى تقدير الاعتبار لا يبقى مجال لصحّة الإجارة المذكورة، وعلى تقدير العدم لا وجه للتقييد بطول المدّة.
(الصفحة507)
محلّلةعقلائيّة.
[3335] مسألة 6 : يجوز الاستئجار لحيازة المباحات كالاحتطاب والاحتشاش
والاستقاء، فلو استأجر من يحمل الماء له من الشطّ مثلا ملك ذلك الماء بمجرّد
حيازة(1) السقّاء، فلو أتلفه متلف قبل الإيصال إلى المستأجر ضمن قيمته له، وكذا
في حيازة الحطب والحشيش. نعم، لو قصد المؤجر كون المحوز لنفسه فيحتمل
القول(2) بكونه له، ويكون ضامناً للمستأجر عوض ما فوّته عليه من المنفعة،
خصوصاً إذا كان المؤجر آجر نفسه على وجه يكون تمام منافعه في اليوم الفلاني
للمستأجر، أو يكون منفعته من حيث الحيازة له، وذلك لاعتبار النيّة في التملّك
بالحيازة، والمفروض أنّه لم يقصد كونه للمستأجر بل قصد نفسه، ويحتمل القول
بكونه للمستأجر; لأنّ المفروض أنّ منفعته من طرف الحيازة له، فيكون نيّة كونه
لنفسه لغواً، والمسألة مبنيّة(3) على أنّ الحيازة من الأسباب القهريّة لتملّك الحائز
ولو قصد الغير، ولازمه عدم صحّة الاستئجار لها، أو يعتبر فيها نيّة التملك ودائرة
مدارها، ولازمه صحّة الإجارة وكون المحوز لنفسه إذا قصد نفسه وإن كان أجيراً
للغير.
وأيضاً لازمه عدم حصول الملكّية له إذا قصد كونه للغير من دون أن يكون
أجيراً له أو وكيلاً عنه، وبقاؤه على الإباحة إلاّ إذا قصد بعد ذلك كونه له، بناءً على
(1) أي للمستأجر.
(2) وهذا هو الأظهر.
(3) بل مبنيّة على ما أفاده بعض الأكابر من المحشّين، حيث قال: بل مبنيّة على أنّ الحيازة فعل مباشري أو أعمّ منه ومن التسبيبي، وعلى الثاني كما هو الأقوى هل التسبيب يحصل بمجرّد كون المنفعة الخاصّة للمستأجر، أو لابدّ فيه من عمل المؤجر للمستأجر وفاءً لإجارته؟ والثاني هو الأقوى، انتهى. وما قوّاه في الفرضين هو الأقوى عندي أيضاً.
(الصفحة508)
عدم جريان التبرّع في حيازة المباحات والسبق إلى المشتركات، وإن كان لايبعد
جريانه، أو أنّها من الأسباب القهريّة لمن له تلك المنفعة، فإن لم يكن أجيراً يكون
له وإن قصد الغير فضولاً، فيملك بمجرّد قصد الحيازة، وإن كان أجيراً للغير يكون
لذلك الغير قهراً، وإن قصد نفسه أو قصد غير ذلك الغير، والظاهر عدم كونها من
الأسباب القهريّة مطلقاً، فالوجه الأوّل غير صحيح، ويبقى الإشكال في ترجيح
أحد الأخيرين ولابدّ من التأمّل.
[3336] مسألة 7 : يجوز استئجار المرأة للإرضاع بل للرضاع; بمعنى الانتفاع
بلبنها، وإن لم يكن منها فعل مدّة معيّنة، ولابدّ من مشاهدة الصبي الذي استؤجرت
لإرضاعه لاختلاف الصبيان، ويكفي وصفه على وجه يرتفع الغرر، وكذا لابدّ من
تعيين المرضعة شخصاً أو وصفاً على وجه يرتفع الغرر. نعم، لو استؤجرت
علىوجه يستحقّ منافعها أجمع ـ التي منها الرضاعـ لايعتبر حينئذ مشاهدة الصبي
أو وصفه، وإن اختلفتالأغراض بالنسبة إلى مكان الإرضاع ـ لاختلافه من
حيث السهولة والصعوبة والوثاقة وعدمها ـ لابدّ من تعيينه أيضاً.
[3337] مسألة 8 : إذا كانت المرأة المستأجرة مزوّجة لايعتبر في صحّة
استئجارها إذنه ما لم يناف ذلك لحقّ استمتاعه; لأنّ اللبن ليس له، فيجوز لها
الإرضاع من غير رضاه، ولذا يجوز لها أخذ الأُجرة من الزوج على إرضاعها
لولده، سواء كان منها أو من غيرها. نعم، لو نافى(1) ذلك حقّه لم يجز إلاّ بإذنه، ولو
(1) المنافاة لا يترتّب عليها بطلان الاستئجار بعد كون اللبن والإرضاع مملوكين للزوجة، بل غاية الأمر بعد فرض الصحّة وقوع التنافي في الخارج في مقام إعمال الحقّين، والحكم فيه تقديم حقّ الزوج كما هو المنسوب إليهم، أو إجراء حكم التزاحم كما اختاره بعض المحقّقين، أو الرجوع إلى قاعدة العدل والإنصاف كما هو غير بعيد. ومنه ظهر أنّه لا وجه للانفساخ في الفرض الآتي الذي يقع الاستئجار في حال غيبة الزوج.
(الصفحة509)
كان غائباً فآجرت نفسها للإرضاع فحضر في أثناء المدّة وكان على وجه ينافي حقّه
انفسخت الإجارة بالنسبة إلى بقيّة المدّة.
[3338] مسألة 9 : لو كانت الامرأة خليّة فآجرت نفسها للإرضاع أو غيره من
الأعمال، ثمّ تزوّجت قدّم(1) حقّ المستأجر على حقّ الزوج في صورة المعارضة،
حتّىأنّه إذا كان وطؤه لها مضرّاً بالولد منع منه.
[3339] مسألة10 : يجوز للمولى إجبار أمته على الإرضاع إجارة أو تبرّعاً، قنّة
كانت أو مدبّرة أو اُمّ ولد، وأمّا المكاتبة المطلقة فلايجوز له إجبارها، بل وكذا
المشروطة كما لايجوز في المبعّضة، ولافرق بين كونها ذات ولد يحتاج إلى اللبن أو لا;
لإمكان إرضاعه من لبن غيرها.
[3340] مسألة 11 : لا فرق في المرتضع بين أن يكون معيّناً أو كلّيّاً، ولا في
المستأجرة بين تعيين مباشرتها للإرضاع أو جعله في ذمّتها، فلو مات الصبي في
صورة التعيين أو الامرأة في صورة تعيين المباشرة انفسخت الإجارة، بخلاف ما لو
كان الولد كلّيّاً أو جعل في ذمّتها، فإنّه لا تبطل بموته أو موتها إلاّ مع تعذّر الغير من
صبيّ أو مرضعة.
[3341] مسألة 12 : يجوز استئجار الشاة للبنها والأشجار للانتفاع بأثمارها،
والآبار للاستقاء ونحو ذلك، ولايضرّ كون الانتفاع فيها بإتلاف الأعيان; لأنّ
المناط في المنفعة هو العرف، وعندهم يعدّ اللبن منفعة للشاة(2)، والثمر منفعة للشجر
(1) بناءً على تقديم حقّ الزوج في المسألة السابقة، وأمّا بناءً على كون المقام من باب تزاحم الحقّين أو على كونه من موارد قاعدة العدل والإنصاف فاللازم الرجوع إليهما.
(2) فلا مانع من حصول الملكية بالإضافة إلى اللبن ونحوه، فكما أنّ استئجار الدار يؤثّر في حصول ملكية السكنى بناءً على المشهور، فكذلك استئجار الشاة يورث ملكية نفس اللبن، ولا مانع منه أصلاً.
(الصفحة510)
وهكذا، ولذا قلنا بصحّة استئجار المرأة للرضاع وإن لم يكن منها فعل; بأن انتفع
بلبنها في حال نومها أو بوضع الولد في حجرها وجعل ثديها في فم الولد من دون
مباشرتها لذلك، فمـا عن بعض العلماء(1) من إشكال الإجارة في المذكورات لأنّ
الانتفاع فيها بإتلاف الأعيان وهو خلاف وضع الإجارة لا وجه له.
[3342] مسألة 13 : لايجوز(2) الإجارة لإتيان الواجبات العينيّة كالصلوات
الخمس، والكفائيّة كتغسيل الأموات وتكفينهم والصلاة عليهم، وكتعليم القدر
الواجب من اُصول الدين وفروعه، والقدر الواجب من تعليم القرآن كالحمد
وسورة منه، وكالقضاء والفتوى ونحو ذلك، ولايجوز(3) الإجارة على الأذان. نعم،
لا بأس بارتزاق القاضي والمفتي والمؤذّن من بيت المال، ويجوز الإجارة لتعليم الفقه
والحديث والعلوم الأدبيّة وتعليم القرآن ما عدا المقدار الواجب ونحوذلك.
[3343] مسألة 14 : يجوز الإجارة لكنس المسجد والمشهد وفرشها وإشعال
السراج ونحو ذلك.
[3344] مسألة 15 : يجوز الإجارة لحفظ المتاع أو الدار أو البستان مدّة معيّنة عن
السرقة والإتلاف، واشتراط الضمان(4) لو حصلت السرقة أو الإتلاف ولو من غير
تقصير، فلابأس بما هو المتداول من اشتراط الضمان على الناطور إذا ضاع مال،
(1) كما أنّ ما عن بعض آخر من الحكم بالصحّة وتأثير الإجارة في جواز الانتفاع فقط من دون استلزام لتملّك اللبن ونحوه لا وجه له أيضاً.
(2) لم يقم دليل على عدم الجواز من القواعد والإجماع. نعم، قد اُستفيد من دليل بعض الواجبات العينية والكفائية لزوم الإتيان بها مجّاناً، كالأمثلة المذكورة في العبارة، فعدم الجواز فيها لهذه الجهة لا لعنوان الإجارة لإتيان الواجب، وهو(قدس سره) يصرّح بعد ذلك في المسائل الختامية بجواز أخذ الاُجرة على الطبابة مطلقاً.
(3) فيه إشكال.
(4) على النحو المتقدّم في اشتراطه في العين المستأجرة.
(الصفحة511)
لكن لابدّ من تعيين العمل والمدّة والاُجرة على شرائط الإجارة.
[3345] مسألة 16 : لايجوز استئجار اثنين للصلاة عن ميّت واحد في وقت
واحد; لمنافاته للترتيب(1) المعتبر في القضاء بخلاف الصوم، فإنّه لايعتبر فيه
الترتيب. وكذا لايجوز استئجار شخص واحد لنيابة الحجّ الواجب عن اثنين،
ويجوز ذلك في الحجّ المندوب، وكذا في الزيارات، كما يجوز النيابة عن المتعدّد تبرّعاً
في الحجّ(2) والزيارات، ويجوز الإتيان بها لابعنوان النيابة بل بقصد إهداء الثواب
لواحد أو متعدّد.
[3346] مسألة 17 : لايجوز الإجارة للنيابة عن الحيّ في الصلاة ولو في الصلوات
المستحبّة. نعم، يجوز ذلك في الزيارات والحجّ المندوب، وإتيان صلاة الزيارة ليس
بعنوانالنيابة بل منباب سببيّةالزيارة لاستحبابالصلاة بعدهاركعتين، ويحتمل(3)
جواز قصد النيابة فيها لأنّها تابعة للزيارة، والأحوط إتيانها بقصد ما في الواقع.
[3347] مسألة 18 : إذا عمل للغير لا بأمره ولا إذنه لايستحقّ عليه العوض، وإن
كان بتخيّل أنّه مأجور عليه فبان خلافه.
[3348] مسألة 19 : إذا أمر بإتيان عمل فعمل المأمور ذلك، فإن كان بقصد
التبرّع لايستحقّ عليه اُجرة، وإن كان من قصد الآمر إعطاء الاُجرة(4)، وإن قصد
الاُجرة وكان ذلك العمل ممّاله اُجرة استحقّ، وإنكان منقصد الآمرإتيانه تبرّعاً(5)،
(1) بناءً على لزومه، وقد مرّ ما هو الأقوى.
(2) أي المندوب، وكذا في الزيارة.
(3) ولعلّه الأقرب.
(4) وكان العمل ممّا له اُجرة.
(5) إلاّ أن يكون هناك قرينة على قصد التبرّع من المأمور، أو على قصد الآمر التبرّع، فإنّه لا يستحقّ الاُجرة في شيء من الصورتين.
(الصفحة512)
سواء كان العامل ممّن شأنه أخذ الاُجرة ومعدّاً نفسه لذلك أو لا، بل
وكذلك إن لم يقصد التبرّع ولا أخذ الاُجرة، فإنّ عمل المسلم محترم، ولو تنازعا
بعد ذلك في أنّه قصد التبرّع أو لا قدّم قول العامل; لأصالة عدم قصد التبرّع بعد
كون عمل المسلم محترماً، بل اقتضاء احترام عمل المسلم ذلك، وإن أغمضنا(1) عن
جريان أصالة عدم التبرّع. ولا فرق في ذلك بين أن يكون العامل ممّن شأنه وشغله
أخذ الاُجرة وغيره، إلاّ أن يكون هناك انصراف أو قرينة على كونه بقصد التبرّع
أو على اشتراطه.
[3349] مسألة 20 : كلّ ما يمكن الانتفاع به منفعة محلّلة مقصودة للعقلاء مع بقاء
عينه يجوز إجارته، وكذا كلّ عمل محلّل مقصود للعقلاء ـ عدا ما استثني ـ يجوز
الإجارة عليه، ولو كان تعلّق القصد والغرض به نادراً لكن في صورة تحقّق ذلك
النادر، بل الأمر في باب المعاوضات الواقعة على الأعيان أيضاً كذلك، فمثل حبّة
الحنطة لايجوز بيعها، لكن إذا حصل مورد يكون متعلّقاً لغرض العقلاء ويبذلون
المال في قبالها يجوز بيعها.
[3350] مسألة 21 : في الاستئجار للحجّ المستحبّي أو الزيارة لايشترط أن يكون
الإتيان بها بقصد النيابة، بل يجوز أن يستأجره لإتيانها بقصد إهداء الثواب إلى
المستأجر أو إلى ميّته، ويجوز أن يكون لا بعنوان النيابة ولا إهداء الثواب، بل
يكون المقصود إيجادها في الخارج من حيث إنّها من الأعمال الراجحة(2)، فيأتي بها
(1) بعد الإغماض لا مجال للتمسّك بالعموم مع فرض كون الشبهة مصداقية، بل المرجع هي أصالة البراءة عن الاشتغال بالاُجرة.
(2) وإن لم يكن له غرض عقلائي آخر سوى نفس تحقّق هذا العمل الراجح من حيث كونه كذلك، المتوقّف على بذل الاُجرة كما هو المفروض.
(الصفحة513)
لنفسه أو لمن يريد نيابة أو إهداء.
[3351] مسألة 22 : في كون ما يتوقّف عليه استيفاء المنفعة كالمداد للكتابة
والإبرة والخيط للخياطة مثلا على المؤجر أو المستأجر قولان، والأقوىوجوب
التعيين إلاّ إذا كان هناك عادة ينصرف إليها الإطلاق، وإن كان القول بكونه مع
عدم التعيين وعدم العادة على المستأجر لايخلو عن وجه أيضاً; لأنّ اللازم على
المؤجر ليس إلاّ العمل.
[3352] مسألة 23 : يجوز الجمع بين الإجارة والبيع مثلا بعقد واحد، كأن
يقول: بعتك داري وآجرتك حماري بكذا، وحينئذ يوزّع العوض عليهما
بالنسبة ويلحق كلاّ منهما حكمه. فلو قال: آجرتك هذه الدار وبعتك هذا
الدينار بعشرة دنانير فلابدّ من قبض العوضين بالنسبة إلى البيع في المجلس،
وإذا كان(1) في مقابل الدينار بعد ملاحظة النسبة أزيد من دينار أو أقلّ منه بطل
بالنسبة إليه للزوم الربا. ولو قال: آجرتك هذه الدار وصالحتك هذا الدينار
بعشرة دنانير مثلا، فإن قلنا(2) بجريان حكم الصرف من وجوب القبض في
المجلس وحكم الربا في الصلح فالحال كالبيع، وإلاّ فيصحّ بالنسبة إلى
المصالحةأيضاً.
[3353] مسألة 24 : يجوز استئجار من يقوم بكلّ ما يأمره من حوائجه، فيكون
له جميع منافعه، والأقوى أنّ نفقته على نفسه لا على المستأجر، إلاّ مع الشرط أو
الانصراف منجهةالعادة،وعلىالأوّللابدّمنتعيينهاكمّاًوكيفاًإلاّأنيكون متعارفاً،
وعلى الثاني على ما هو المعتاد المتعارف، ولو أنفق من نفسه أو أنفقه متبرّع يستحقّ
(1) تصوّر ذلك في المثال المفروض مشكل إلاّ في بعض الموارد.
(2) والظاهر هو الفرق بين الصرف والربا، وجريان الثاني في الصلح دون الأوّل.
(الصفحة514)
مطالبة عوضها(1) على الأوّل، بل وكذا على الثاني; لأنّ الانصراف بمنزلة الشرط.
[3354] مسألة 25 : يجوز أن يستعمل الأجير مع عدم تعيين الاُجرة وعدم إجراء
صيغة الإجارة، فيرجع إلى اُجرة المثل، لكنّه مكروه، ولايكون حينئذ من
الإجارة المعاطاتيّة كما قد يتخيّل; لأنّه يعتبر في المعاملة المعاطاتيّة اشتمالها علىجميع
شرائط تلك المعاملة عدا الصيغة، والمفروض عدم تعيين الاُجرة في المقام، بل عدم
قصد(2) الإنشاء منهما ولا فعل من المستأجر، بل يكون من باب العمل بالضمان،
نظير الإباحة بالضمان كما إذا أذن في أكل طعامه بضمان العوض، ونظير التمليك
بالضمان كما في القرض على الأقوى من عدم كونه معاوضة، فهذه الاُمور عناوين
مستقلّة غير المعاوضة، والدليل عليها السيرة بل الأخبار أيضاً، وأمّا الكراهة
فللأخبار أيضاً.
[3355] مسألة 26 : لو استأجر أرضاً مدّة معيّنة فغرس فيها أو زرع ما لايدرك
في تلك المدّة فبعد انقضائها للمالك أن يأمره بقلعها، بل وكذا لواستأجر لخصوص
الغرس(3) أو لخصوص الزرع، وليس له الإبقاء ولو مع الاُجرة ولا مطالبة الأرش
مع القلع; لأنّ التقصير من قبله. نعم، لو استأجرها مدّة يبلغ الزرع فاتّفق التأخير
لتغيّر الهواء أو غيره أمكن أن يقال بوجوب الصبر(4) على المالك مع الاُجرة; للزوم
الضرر إلاّ أن يكون موجباً لتضرّر المالك.
(1) الظاهر عدم الاستحقاق; لأنّ تخلّف الشرط لا يوجبه، خصوصاً إذا كان المشروط عبارة عن نفس الفعل كالإنفاق في المقام، فانّه ليس له عوض حينئذ.
(2) لا يخلو عن النظر.
(3) صحّة الاستئجار في هذه الصورة محلّ تأمّل لو كانت المدّة غير صالحة للغرس والزرع مطلقاً، لا لخصوص المغروس والمزروع.
(4) الظاهر عدم الوجوب.
(الصفحة515)
فصل
في التنازع
[3356] مسألة 1 : إذا تنازعا في أصل الإجارة قدّم(1) قول منكرها مع اليمين، فإن
كان هو المالك استحقّ اُجرة المثل دون ما يقوله المدّعي، ولو زاد عنها لم يستحقّ(2)
تلكالزيادةوإنوجبعلىالمدّعيالمتصرّفإيصالها إليه. وإنكانالمنكرهو المتصرّف
فكذلك لم يستحقّ المالك إلاّ اُجرة المثل، ولكن لو زادت عمّا يدّعيه من المسمّى لم
يستحقّ الزيادة(3); لاعترافه بعدم استحقاقها، ويجب على المتصرّف إيصالها إليه،
هذا إذا كان النزاع بعد استيفاء المنفعة، وإن كان قبله رجع كلّ مال إلى صاحبه.
[3357] مسألة 2 : لو اتّفقا على أنّه أذن للمتصرّف في استيفاء المنفعة، ولكن
المالك يدّعي أنّه على وجه الإجارة بكذا أو الإذن بالضمان، والمتصرّف يدّعي أنّه
علىوجه العارية، ففي تقديم أيّهما وجهان بل قولان; من أصالة البراءة بعد فرض
كون التصرّف جائزاً، ومن أصالة احترام مال المسلم الذي لايحلّ إلاّ بالإباحة
والأصل عدمها، فتثبت(4) اُجرة المثل بعد التحالف، ولايبعد ترجيح الثاني، وجواز
التصرّف أعمّ من الإباحة.
(1) إذا كان مصبّ الدعوى والإنكار مجرّد عنوان الإجارة، وأمّا إذا كان الإنكار مقروناً ببعض الدعاوي، كالغصب ونحوه فتقديم قول المنكر حينئذ محلّ إشكال.
(2) ولا يتوجّه عليه اليمين حينئذ أيضاً.
(3) ولا يتوجّه على المتصرّف اليمين أيضاً كما مرّ.
(4) إذا لم تكن زائدة عمّا يدّعيه المالك، وفي هذه الصورة يمكن أن يقال بعدم الافتقار إلى التحالف، بل يكفي حلف المالك لكونه منكراً والطرف مدّعياً.
(الصفحة516)
[3358] مسألة 3 : إذا تنازعا في قدر المستأجر عليه قدّم قول مدّعي الأقّل.
[3359] مسألة 4 : إذا تنازعا في ردّ العين المستأجرة قدّم قول المالك.
[3360] مسألة 5 : إذا ادّعى الصائغ أو الملاّح أو المكاري تلف المتاع من غير تعدّ
ولا تفريط، وأنكر المالك التلف، أو ادّعى التفريط أو التعدّي قدّم قولهم مع اليمين
على الأقوى(1).
[3361] مسألة 6 : يكره تضمين الأجير في مورد ضمانه; من قيام البيّنة على
إتلافه، أو تفريطه في الحفظ أو تعدّيه، أو نكوله عن اليمين أو نحو ذلك.
[3362] مسألة 7 : إذا تنازعا في مقدار الاُجرة قدّم قول المستأجر.
[3363] مسألة 8 : إذا تنازعا في أنّه آجره بغلاً أو حماراً، أو آجره هذا الحمار مثلا
أو ذاك فالمرجع التحالف، وكذا(2) لو اختلفا في الاُجرة أنّها عشرة دراهم أو دينار.
[3364] مسألة 9 : إذا اختلفا في أنّه شرط أحدهما على الآخر شرطاً أو لا فالقول
قول منكره.
[3365] مسألة 10 : إذا اختلفا في المدّة أنّها شهر أو شهران مثلا فالقول قول
منكرالأزيد.
[3366] مسألة 11 : إذا اختلفا في الصحّة والفساد قدّم قول من يدّعي الصحّة.
[3367] مسألة 12 : إذا حمل المؤجر متاعه إلى بلد فقال المستأجر:
استأجرتك على أن تحمله إلى البلد الفلاني غير ذلك البلد، وتنازعا قدّم(3) قول
(1) والأحوط التصالح.
(2) مع عدم الاختلاف في المالية، وإلاّ فلا يبعد تقديم قول المستأجر; لرجوع الاختلاف حينئذ عرفاً إلى الاختلاف في القلّة والكثرة.
(3) الظاهر هو التحالف، وعليه فكما لا يستحقّ المؤجر اُجرة حمله، فكذلك لا يستحقّ المستأجر الحمل إلى البلد الذي يدّعيه.
(الصفحة517)
المستأجر، فلايستحقّ المؤجر اُجرة حمله، وإن طلب منه الردّ إلى المكان الأوّل
وجب عليه، وليس له ردّه إليه إذا لم يرض، ويضمن له إن تلف أو عاب; لعدم كونه
أميناً حينئذ في ظاهر الشرع.
[3368] مسألة 13 : إذا خاط ثوبه قباءً وادّعى المستأجر أنّه أمره بأن يخيطه
قميصاً، فالأقوى تقديم قول المستأجر; لأصالة عدم الإذن في خياطته قباءً،
وعلىهذا فيضمن له عوض النقص الحاصل من ذلك، ولايجوز له نقضه إذا كان
الخيط للمستأجر، وإن كان له كان له ويضمن النقص الحاصل من ذلك، ولايجب
عليه قبول عوضه لو طلبه المستأجر، كما ليس عليه قبول عوض الثوب لو طلبه
المؤجر. هذا، ولو تنازعا في هذه المسألة والمسألة المتقدّمة قبل الحمل وقبل
الخياطة فالمرجع التحالف(1).
[3369] مسألة 14 : كلّ من يقدّم قوله في الموارد المذكورة عليه اليمين للآخر.
خاتمة
فيها مسائل
[3370] الاُولى : خراج الأرض المستأجرة في الأراضي الخراجيّة على
مالكها، ولو شرط كونه على المستأجر صحّ على الأقوى، ولايضرّ(2) كونه
(1) قد مرّ أنّ الحكم في المسألة السابقة هو التحالف بعد الحمل أيضاً، وأمّا هذه المسألة ففيها الفرق بين الصورتين إذا كان النزاع قبل الخياطة في خصوصية الاستئجار، وأمّا إذا لم يكن هناك إجارة واستئجار بل كان النزاع فيما أمره المستأجر فالدعوى من الطرفين غير مسموعة، وإن كان هذا الفرض خارجاً عمّا هو ظاهر العبارة.
(2) فيه تأمّل، بل الظاهر عدم الفرق بينه وبين سائر الشرائط، ودعوى الإطلاق ممنوعة.
(الصفحة518)
مجهولاً من حيث القلّة والكثرة; لاغتفار مثل هذه الجهالة عرفاً ولإطلاق بعض
الأخبار.
[3371] الثانية : لا بأس بأخذ الاُجرة على قراءة تعزية سيّد الشهداء وسائر
الائمّة ـصلوات الله عليهم ـ ولكن لو أخذها على مقدّماتها من المشي إلى المكان
الذي يقرأ فيه كان أولى.
[3372] الثالثة : يجوز استئجار الصبي المميّز من وليّه الإجباري أو
غيرهـكالحاكم الشرعي ـ لقراءة القرآن والتعزية والزيارات، بل الظاهر جوازه(1)
لنيابة الصلاة عن الأموات بناء على الأقوى من شرعيّة عباداته.
[3373] الرابعة : إذا بقي في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدّة اُصول
الزرع فنبتت، فإن لم يعرض المستأجر عنها كانت له(2)، وإن أعرض عنها وقصد
صاحب الأرض تملّكها كانت له، ولو بادر آخر إلى تملّكها ملك، وإن لم يجز له
الدخول في الأرض إلاّ بإذن مالكها.
[3374] الخامسة : إذا استأجر القصّاب لذبح الحيوان فذبحه على غير الوجه
الشرعي بحيث صار حراماً ضمن قيمته، بل الظاهر ذلك إذا أمره بالذبح تبرّعاً،
وكذا في نظائر المسألة.
[3375] السادسة : إذا آجر نفسه للصلاة عن زيد فاشتبه وأتى بها عن عمرو،
فإن كان من قصده النيابة عمّن وقع العقد عليه وتخيّل أنّه عمرو فالظاهر الصحّة
عن زيد واستحقاقه الاُجرة، وإن كان ناوياً النيابة عن عمرو على وجه التقييد لم
(1) فيه إشكال.
(2) بناءً على كون الاعراض موجباً للخروج عن الملك، وعلى عدم اقتصار صاحب الأرض على قصد التملّك فقط، بل ضمّ إليه الحيازة، وهكذا في الفرض الآتي.
(الصفحة519)
تفرغ ذمّة زيد ولم يستحقّ الاُجرة، وتفرغ ذمّة عمرو إن كانت مشغولة ولايستحقّ
الاُجرة من تركته; لأنّه بمنزلة التبرّع، وكذا الحال في كلّ عمل مفتقر إلى النيّة.
[3376] السابعة : يجوز أن يؤجر داره مثلا إلى سنة باُجرة معيّنة ويوكّل
المستأجر في تجديد الإجارة عند انقضاء المدّة، وله عزله بعد ذلك، وإن جدّد قبل
أنيبلغه خبر العزل لزم عقده، ويجوز أن يشترط في ضمن العقد أن يكون وكيلاً
عنه في التجديد بعد الانقضاء، وفي هذه الصورة ليس له عزله(1).
[3377] الثامنة : لايجوز للمشتري ببيع الخيار بشرط ردّ الثمن للبائع أن يؤجر
المبيع أزيد من مدّة الخيار للبائع، ولا في مدّة الخيار من دون اشتراط الخيار(2) حتّى
إذا فسخ البائع يمكنه أن يفسخ الإجارة، وذلك لأنّ اشتراط الخيار من البائع في قوّة
إبقاء المبيع على حاله حتّى يمكنه الفسخ، فلايجوز تصرّف ينافي ذلك.
[3378] التاسعة : إذا استؤجر لخياطة ثوب معيّن لا بقيد المباشرة فخاطه
شخص آخر تبرّعاً عنه استحقّ الاُجرة المسمّـاة، وإن خاطه تبرّعاً عن المالك لم
يستحقّ المستأجر شيئاً وبطلت الإجارة، وكذا إن لم يقصد التبرّع عن أحدهما،
ولايستحقّ على المالك اُجرة لأنّه لم يكن مأذوناً من قبله، وإن كان قاصداً لها أو
معتقداً أنّ المالك أمره بذلك.
[3379] العاشرة : إذا آجره ليوصل مكتوبه إلى بلد كذا إلى زيد مثلا في مدّة
معيّنة، فحصل مانع في أثناء الطريق أو بعد الوصول إلى البلد، فإن كان المستأجر
عليه الإيصال وكان طيّ الطريق مقدمّة لم يستحقّ شيئاً، وإن كان المستأجر عليه
مجموع السير والإيصال استحقّ بالنسبة، وكذا الحال في كلّ ما هو من هذا القبيل،
(1) بل له العزل إلاّ إذا كان عدمه مشروطاً أيضاً، فإنّه ليس له حينئذ ذلك تكليفاً لا وضعاً.
(2) الظاهر تعلّقه بكلا الفرضين.
(الصفحة520)
فالإجارة مثل الجعالة قد يكون على العمل المركّب من أجزاء، وقد تكون
علىنتيجة ذلك العمل، فمع عدم حصول تمام العمل في الصورة الاُولى يستحقّ
الاُجرة بمقدار ما أتى به، وفي الثانية لايستحقّ شيئاً. ومثل الصورة ما إذا جعلت
الاُجرة في مقابلة مجموع العمل من حيث المجموع، كما إذا استأجره للصلاة أو
الصوم فحصل مانع في الأثناء من إتمامها.
[3380] الحادية عشرة : إذا كان للأجير على العمل خيار الفسخ، فإن فسخ قبل
الشروع فيه فلا إشكال، وإن كان بعده استحقّ اُجرة المثل، وإن كان في أثنائه
استحقّ بمقدار ما أتى به من المسمّى أو المثل على الوجهين(1) المتقدّمين، إلاّ إذا
كان المستأجر عليه المجموع من حيث المجموع فلايستحقّ شيئاً. وإن كان العمل ممّا
يجب إتمامه بعد الشروع فيه ـ كما في الصلاة بناءً على حرمة قطعها، والحجّ بناءً على
وجوب إتمامهـ فهل هو كما إذا فسخ بعد العمل أو لا؟ وجهان، أوجههما(2) الأوّل.
هذا إذا كان الخيار فوريّاً; كما في خيار(3) الغبن إن ظهر كونه مغبوناً في أثناء العمل
وقلنا: إنّ الإتمام مناف للفوريّة، وإلاّ فله أن لايفسخ إلاّ بعد الإتمام. وكذا الحال إذا
كان الخيار للمستأجر، إلاّ أنّه إذا كان المستأجر عليه المجموع من حيث المجموع،
وكان في أثناء العمل يمكن أن يقال(4): إنّ الأجير يستحقّ بمقدار ما عمل من اُجرة
المثل; لاحترام عمل المسلم خصوصاً إذا لم يكن الخيار من باب الشرط.
(1) مرّ أنّ الأقوى هو التفصيل بين ما إذا كان سبب الخيار هو اشتراطه في متن العقد، أو كان سببه قاعدة نفي الضرر أو الأدلّة الخاصّة، ففي الأوّل تابع لكيفيّة الاشتراط، وفي الثاني لاندفاع الضرر، وفي الثالث لظاهر الأدلّة الخاصّة، فراجع.
(2) بل الأوجه الثاني، فيجري فيه التفصيل المتقدّم في الحاشية السابقة.
(3) بناءً على كونه فوريّاً.
(4) على بعد.
|