(الصفحة561)
وجوب الإنضاض عليه وعدمه إذا كان بالمال عروض ، ومن حيث وجوب الجباية عليه وعدمه إذا كان به ديون على الناس ، ومن حيث وجوب الردّ إلى المالك وعدمه، وكون الاُجرة عليه أو لا .
فنقول : إمّا أن يكون الفسخ من المالك أو العامل ، وأيضاً إمّا أن يكون قبل الشروع في التجارة أو في مقدّماتها ، أو بعده قبل ظهور الربح ، أو بعده في الأثناء ، أو بعد تمام التجارة بعد إنضاض الجميع أو البعض ، أو قبله ; قبل القسمة أو بعدها(1) ، وبيان أحكامها في طيّ مسائل :
[3436] الاُولى : إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في العمل ولا في مقدّماته فلا إشكال ولا شيء له ولا عليه ، وإن كان بعد تمام العمل والإنضاض فكذلك ، إذ مع حصول الربح يقتسمانه ، ومع عدمه لا شيء للعامل ولا عليه إن حصلت خسارة ، إلاّ أن يشترط المالك كونها بينهما على الأقوى من صحّة هذا الشرط(2) ، أو يشترط(3) العامل على المالك شيئاً إن لم يحصل ربح ، وربما يظهر من إطلاق بعضهم ثبوت اُجرة المثل مع عدم الربح ولا وجه له أصلاً ; لأنّ بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل لشيء سوى الربح على فرض حصوله، كما في الجعالة .
[3437] الثانية : إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل حصول الربح فلا اُجرة له لما مضى من عمله ، واحتمال استحقاقه لقاعدة الاحترام لا وجه له أصلاً ، وإن كان من المالك أو حصل الانفساخ القهري ففيه قولان ; أقواهما العدم أيضاً بعد كونه هو المقدّم على المعاملة الجائزة التي مقتضاها عدم استحقاق شيء إلاّ الربح ، ولاينفعه بعد ذلك كون إقدامه من حيث البناء على الاستمرار .
(1) أي بعد قسمة البعض.
(2) قد مرّ أنّ الأقوى هو البطلان، إلاّ إذا كان مرجع الشرط إلى لزوم التدارك من ماله.
(3) بنحو شرط الفعل.
(الصفحة562)
[3438] الثالثة : لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف جملة من رأس المال في نفقته ، فهل للمالك تضمينه مطلقاً ، أو إذا كان لا لعذر منه ؟ وجهان ، أقواهما العدم(1) ; لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كلّ وقت ، فالمالك هو المقدم على ضرر نفسه .
[3439] الرابعة : لوحصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول الربح وبالمال عروض لايجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك ببيع ونحوه ، وإن احتمل تحقّق الربح بهذا البيع ، بل وإن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل الربح . نعم ، لو كان هناك زبون بان على الشراء بأزيد من قيمته لايبعد جواز إجبار المالك على بيعه منه ; لأنّه في قوّة وجود الربح(2) فعلاً ، ولكنّه مشكل مع ذلك ; لأنّ المناط كون الشيء في حدّ نفسه زائد القيمة والمفروض عدمه ، وهل يجب عليه البيع والإنضاض إذا طلبه المالك أو لا ؟ قولان ، أقواهما(3) عدمه ، ودعوى أنّ مقتضى قوله (عليه السلام) : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» وجوب ردّ المال إلى المالك كما كان ، كما ترى .
[3440] الخامسة : إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح قبل تمام العمل أو بعده وبالمال عروض ، فإن رضيا بالقسمة كذلك فلا إشكال ، وإن طلب
(1) فيه إشكال; لعدم وضوح شمول إطلاق النصّ لهذه الصورة، خصوصاً مع عدم العذر.
(2) مقتضى التعليل حصول الشركة بمقدار حصّته، بناءً على حصولها في موارد ظهور الربح، كما هو المشهور ومختار الماتن (قدس سره)، وعليه فيجوز له بيع ذلك المقدار من دون مراجعة المالك، ولا وجه لجواز إجباره إلاّ أن يقال: إنّ المناط في حصول الشركة غير المناط في جواز الإجبار، وأنّه لابدّ في الأوّل من أن يكون الشيء في حدّ نفسه زائد القيمة، وفي الثاني وجود الراغب الباذل لأزيد منها، وعليه فلا يبقى مجال للإشكال، معلّلاً بعدم وجود المناط كما في المتن.
(3) الأقوائية ممنوعة.
(الصفحة563)
العامل بيعها فالظاهر عدم وجوب إجابته وإن احتمل ربح فيه ، خصوصاً إذا كان هو الفاسخ ، وإن طلبه المالك ففي وجوب إجابته وعدمه وجوه ، ثالثها التفصيل بين صورة كون مقدار رأس المال نقداً فلايجب ، وبين عدمه فيجب ; لأنّ اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان عملاً بقوله (عليه السلام) : «على اليد . . .». والأقوى(1) عدم الوجوب مطلقاً، وإن كان استقرار ملكيّة العامل للربح موقوفاً على الإنضاض ، ولعلّه يحصل الخسارة بالبيع إذ لا منافاة ، فنقول : لايجب عليه الإنضاض بعد الفسخ لعدم الدليل عليه ، لكن لو حصلت الخسارة بعده قبل القسمة بل أو بعدها(2) يجب جبرها بالربح ، حتّى أنّه لو أخذه يستردّ منه .
[3441] السادسة : لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب على العامل أخذها وجبايتها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا ؟ وجهان ، أقواهما(3) العدم ، من غير فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك .
[3442] السابعة : إذا مات المالك أو العامل قام وارثه مقامه فيما مرّ من الأحكام (4).
[3443] الثامنة : لايجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلايجب(5) عليه الإيصال إليه . نعم ، لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك ولو كان بإذنه يمكن دعوى وجوب الردّ إلى بلده ، لكنّه مع ذلك
(1) الأقوائية ممنوعة.
(2) إلاّ إذا كانت في القسمة دلالة عرفيّة على الفسخ، فيحصل الاستقرار حينئذ كما عرفت في بعض الحواشي السابقة.
(3) لا قوّة فيه، بل الأحوط لو لم يكن أقوى الوجوب، خصوصاً فيما إذا كان الفسخ من العامل.
(4) إلاّ إذا كانت من الأحكام الثابتة عليه لا له، فإنّه حينئذ لا وجه للثبوت على الوارث.
(5) والأحوط الإيصال خصوصاً لو كان في بلد آخر.
(الصفحة564)
مشكل ، وقوله (عليه السلام) : «على اليد ما أخذت . . .» أيضاً لايدلّ على أزيد من التخلية ، وإذا احتاج الردّ إليه إلى الاُجرة فالاُجرة على المالك ، كما في سائر الأموال . نعم ، لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه يكون حاله حال الغاصب في وجوب الردّ والاُجرة ، وإن كان ذلك منه للجهل بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون إذنه .
[3444] مسألة 47 : قد عرفت أنّ الربح وقاية لرأس المال ; من غير فرق بين أن يكون سابقاً على التلف أو الخسران أو لاحقاً ، فالخسارة السابقة تجبر بالربح اللاحق وبالعكس ، ثمّ لايلزم أن يكون الربح حاصلاً من مجموع رأس المال ، وكذا لايلزم أن تكون الخسارة واردة على المجموع ، فلو اتّجر بجميع رأس المال فخسر ثمّ اتّجر ببعض الباقي فربح يجبر ذلك الخسران بهذا الربح ، وكذا إذا اتّجر بالبعض فخسر ثمّ اتّجر بالبعض الآخر أو بجميع الباقي فربح ، ولايلزم في الربح أو الخسران أن يكون مع بقاء المضاربة حال حصولها ، فالربح مطلقاً جابر للخسارة والتلف مطلقاً مادام لم يتمّ عمل المضاربة . ثمّ إنّه يجوز للمالك أن يستردّ بعض مال المضاربة في الأثناء ، ولكن تبطل بالنسبة إليه ، وتبقى بالنسبة إلى البقيّة وتكون رأس المال .
وحينئذ فإذا فرضنا أنّه أخذ بعد ما حصل الخسران أو التلف بالنسبة إلى رأس المال مقداراً من البقيّة ، ثمّ اتّجر العامل بالبقيّة أو ببعضها فحصل ربح يكون ذلك الربح جابراً(1) للخسران أو التلف السابق بتمامه ، مثلا إذا كان رأس المال مائة فتلف منها عشرة أو خسر عشرة وبقي تسعون ، ثمّ أخذ المالك من التسعين عشرة ، وبقيت ثمانون فرأس المال تسعون، وإذا اتّجر بالثمانين فصار تسعين ، فهذه العشرة
(1) لا مجال للجبر بعد فرض بطلان المضاربة بالنسبة إلى المقدار الذي أخذه المالك، فإنّ مرجعه إلى استقرار الخسران والتلف بالإضافة إلى ذلك المقدار.
(الصفحة565)
الحاصلة ربحاً تجبر تلك العشرة ولايبقى للعامل شيء ، وكذا(1) إذا أخذ المالك بعد ما حصل الربح مقداراً من المال ـ سواء كان بعنوان استرداد بعض رأس المال أو هو مع الربح ، أو من غير قصد إلى أحد الوجهين ـ ثمّ اتّجر العامل بالباقي أو ببعضه فحصل خسران أو تلف يجبر بالربح السابق بتمامه ، حتّى المقدار الشائع منه في الذي أخذه المالك ، ولايختصّ الجبر بما عداه حتّى يكون مقدار حصّة العامل منه باقياً له . مثلا إذا كان رأس المال مائة فربح عشرة ثمّ أخذ المالك عشرة، ثمّ اتّجر العامل بالبقيّة فخسر عشرة أو تلف منه عشرة يجب جبره بالربح السابق حتّى المقدار الشائع منه في العشرة المأخوذة ، فلايبقى للعامل من الربح السابق شيء .
وعلى ما ذكرنا فلا وجه(2) لما ذكره المحقّق وتبعه غيره من أنّ الربح اللاحق لايجبر مقدار الخسران الذي ورد على العشرة المأخوذة ; لبطلان المضاربة بالنسبة إليها ، فمقدار الخسران الشائع فيها لاينجبر بهذا الربح ، فرأس المال الباقي بعد خسران العشرة في المثال المذكور لايكون تسعين ، بل أقلّ منه بمقدار حصّة خسارة العشرة المأخوذة وهو واحد وتسع ، فيكون رأس المال الباقي تسعين إلاّ واحد وتسع ; وهي تسعة وثمانون إلاّ تسع .
وكذا لاوجه لما ذكره بعضهم في الفرض الثاني أنّ مقدار الربح الشائع في العشرة التي أخذها المالك لايجبر الخسران اللاحق ، وأنّ حصّة العامل منه يبقى له ويجب على المالك ردّه إليه ، فاللازم في المثال المفروض عدم بقاء ربح للعامل بعد
(1) مقتضى ما مرّ في الحاشية السابقة عدم جبر الخسران بتمام الربح السابق، بل يكون ما أخذه المالك مشتملاً على نصيبه من الربح، وتستقرّ المضاربة بالإضافة إليه، فللعامل أيضاً حصّته، ويشترك بمقدارها في الباقي، بناءً على القول بصيرورته شريكاً، وهذا لا فرق فيه بين الصور الثلاث أصلاً.
(2) بل لعلّه الأوجه.
(الصفحة566)
حصول الخسران المذكور ، بل قد عرفت سابقاً أنّه لو حصل ربح واقتسماه في الأثناء وأخذ كلّ حصّته منه ثمّ حصل خسران أنّه يستردّ من العامل مقدار ما أخذ ، بل ولو كان الخسران بعد الفسخ قبل القسمة ، بل أو بعدها(1) إذا اقتسما العروض وقلنا بوجوب الإنضاض على العامل وأنّه من تتّمات المضاربة .
[3445] مسألة 48 : إذا كانت المضاربة فاسدة فإمّا أن يكون مع جهلهما بالفساد ، أو مع علمهما ، أو علم أحدهما دون الآخر ، فعلى التقادير الربح بتمامه للمالك ; لإذنه في التجارات ، وإن كانت مضاربته باطلة . نعم ، لو كان الإذن مقيّداً بالمضاربة توقّف ذلك على إجازته وإلاّ فالمعاملات الواقعة باطلة، وعلى عدم التقيّد أو الإجازة يستحقّ العامل مع جهلهما لاُجرة عمله ، وهل يضمن عوض ما أنفقه في السفر على نفسه لتبيّن عدم استحقاقه النفقة، أو لا لأنّ المالك سلّطه على الإنفاق مجّاناً ؟ وجهان، أقواهما(2) الأوّل، ولايضمن التلف والنقص.وكذا الحال إذا كان المالك عالماً دون العامل ، فإنّه يستحقّ الاُجرة ولايضمن التلف والنقص ، وإن كانا عالمين أو كان العامل عالماً دون المالك فلا اُجرة له ; لإقدامه على العمل(3) مع علمه بعدم صحّة المعاملة ، وربما يحتمل في صورة علمهما أنّه يستحقّ حصّته من الربح من باب الجعالة .
وفيه : أنّ المفروض عدم قصدها ، كما أنّه ربما يحتمل استحقاقه اُجرة المثل إذا
(1) قد مرّ الكلام فيه.
(2) بل لا يخلو الثاني عن قوّة.
(3) التعليل لا يقتضي إلاّ عدم استحقاق الحصّة المجعولة، ولا دلالة فيه على عدم استحقاق الاُجرة مطلقاً، ولا منافاة بينه وبين العلم بالفساد. نعم، في صورة عدم حصول الربح، أو كون حصّته منه أقلّ من الاُجرة لا تبعد دعوى عدم الاستحقاق مطلقاً، أو بالإضافة إلى خصوص الزيادة.
(الصفحة567)
اعتقد أنّه يستحقّها مع الفساد ، وله وجه وإن كان الأقوى خلافه . هذا كلّه إذا حصل ربح ولو قليلاً ، وأمّا مع عدم حصوله فاستحقاق العامل الاُجرة ولو مع الجهل مشكل ; لإقدامه على عدم العوض لعمله مع عدم حصول الربح. وعلى هذا ففي صورة حصوله أيضاً يستحقّ أقلّ الأمرين من مقدار الربح واُجرة المثل ، لكن الأقوى خلافه ; لأنّ(1) رضاه بذلك كان مقيّداً بالمضاربة ، ومراعاة الاحتياط في هذا وبعض الصور المتقدّمة أولى .
[3446] مسألة 49 : إذا ادّعى على أحد أنّه أعطاه كذا مقداراً مضاربة وأنكر ولم يكن للمدّعي بيّنة فالقول قول المنكر مع اليمين .
[3447] مسألة 50 : إذا تنازع المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل قدّم قول العامل بيمينه مع عدم البيّنة ، من غير فرق بين كون المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل ; لأصالة عدم إعطائه أزيد ممّا يقوله ، وأصالة براءة ذمّته إذا كان تالفاً بالأزيد . هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح ; كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أنّ الذي بيده هو مال المضاربة ، إذ حينئذ النزاع في قلّة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود ، إذ على تقدير قلّة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر ، فيكون نصيب العامل أزيد ، وعلى تقدير كثرته بالعكس ، ومقتضى الأصل (2) كون
(1) أي فيما إذا كان بنحو التقيّد.
(2) لا مجال لهذا الأصل بناءً على ما قوّاه في مسألة 44 المتقدّمة من انتقال الربح إلى العامل مستقلاًّ وعدم تلقّيه ذلك من المالك، وأمّا بناءً على ما اختاره المشهور من تلقّي المضارب الملك من المالك وكونه الواسطة في ذلك، فمقتضى الأصل وإن كان ذلك، إلاّ أنّه لابدّ من ملاحظة أنّ يد العامل هل سقطت عن الحجّية رأساً باعتبار اعترافه بكون بعض ما بيده للمالك، أو أنّ سقوطها عنها إنّما هو بالإضافة إلى خصوص المقدار الذي اعترف به، فعلى الأوّل يقدّم قول المالك بيمينه في خصوص الصورة المفروضة، التي يرجع النزاع فيها إلى النزاع في ثبوت الزيادة وعدمها، وعلى الثاني لا محيص عن تقديم قول العامل كذلك كما في نظائره.
(الصفحة568)
جميع هذا المال للمالك إلاّ بمقدار ما أقرّ به للعامل . وعلى هذا أيضاً لا فرق بين كون المال باقياً أو تالفاً بضمان العامل ، إذ بعد الحكم بكونه للمالك إلاّ كذا مقدار منه، فإذا تلف مع ضمانه لابدّ أن يغرم المقدار الذي للمالك .
[3448] مسألة51 : لو ادّعى المالك على العامل أنّه خان أو فرّط في الحفظ فتلف ، أو شرط عليه أن لايشتري الجنس الفلاني ، أولايبيع من زيد أو نحو ذلك ، فالقول قول العامل في عدم الخيانة والتفريط ، وعدم شرط المالك عليه الشرط الكذائي ، والمفروض أنّ مع عدم الشرط يكون مختاراً في الشراء وفي البيع من أيّ شخص أراد . نعم ، لو فعل العامل ما لايجوز له إلاّ بإذن من المالك ـ كما لو سافر أو باع بالنسيئة وادّعى الإذن من المالك ـ فالقول قول المالك في عدم الإذن . والحاصل أنّ العامل لو ادّعى الإذن فيما لايجوز إلاّ بالإذن قدّم فيه قول المالك المنكر ، ولو ادّعى المالك المنع فيما يجوز إلاّ مع المنع قدّم قول العامل المنكر له .
[3449] مسألة 52 : لو ادّعى العامل التلف وأنكر المالك قدّم قول العامل ; لأنّه أمين ، سواء كان بأمر ظاهر أو خفيّ ، وكذا لو ادّعى الخسارة أو ادّعى عدم الربح، أو ادّعى عدم حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه مأذوناً في البيع بالدين ، ولافرق في سماع قوله بين أن يكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده . نعم ، لو ادّعى بعد الفسخ التلف بعده ففي سماع قوله لبقاء حكم أمانته ، وعدمه لخروجه بعده عن كونه أميناً وجهان(1) ، ولو أقرّ بحصول الربح ثمّ بعد ذلك ادّعى التلف أو الخسارة وقال : إنّي اشتبهت في حصوله ، لم يسمع منه ; لأنّه رجوع عن إقراره
(1) ولا يخلو الأوّل عن قوّة إلاّ إذا كان مقصّراً من ناحية الردّ إلى المالك.
(الصفحة569)
الأوّل، ولكن لو قال : ربحت ثمّ تلف أو ثمّ حصلت الخسارة قبل منه .
[3450] مسألة 53 : إذا اختلفا في مقدار حصّة العامل وأنّه نصف الربح مثلا أو ثلثه قدّم قول المالك .
[3451] مسألة 54 : إذا ادّعى المالك أنّي ضاربتك على كذا مقدار وأعطيتك ، فأنكر أصل المضاربة أو أنكر تسليم المال إليه، فأقام المالك بيّنة على ذلك فادّعى العامل تلفه لم يسمع منه(1) واُخذ بإقراره المستفاد من إنكاره الأصل . نعم ، لو أجاب المالك بأنّي لست مشغول الذمّة لك بشيء ، ثمّ بعد الإثبات ادّعى التلف قبل منه ; لعدم المنافاة بين الإنكار من الأوّل وبين دعوى التلف .
[3452] مسألة 55 : إذا اختلفا في صحّة المضاربة الواقعة بينهما وبطلانها قدّم قول مدّعي الصحّة .
[3453] مسألة 56 : إذا ادّعى أحدهما الفسخ في الأثناء وأنكر الآخر قدّم قول المنكر ، وكلّ من يقدّم قوله في المسائل المذكورة لابدّ له من اليمين .
[3454] مسألة 57 : إذا ادّعى العامل الردّ وأنكره المالك قدّم قول المالك .
[3455] مسألة 58 : لو ادّعى العامل في جنس اشتراه أنّه اشتراه لنفسه ، وادّعى المالك أنّه اشتراه للمضاربة قدّم قول العامل وكذا لو ادّعى أنّه اشتراه للمضاربة وادّعى المالك أنّه اشتراه لنفسه ; لأنّه أعرف بنيّته ، ولأنّه أمين فيقبل قوله ، والظاهر أنّ الأمر كذلك(2) لو علم أنّه أدّى الثمن من مال المضاربة ; بأن ادّعى أنّه اشتراه في الذمّة لنفسه ، ثمّ أدّى الثمن من مال المضاربة، ولو كان عاصياً في ذلك .
(1) أي سماعاً باليمين فتقبل بيّنته على التلف من غير تعدّ وتفريط، أو مطلقاً فلا تكون البيّنة أيضاً مقبولة; لأنّه بإنكاره مكذّب لها، وحينئذ ففي تضمينه أو حبسه حتّى يتبيّن الحال وجهان، ولا تبعد دعوى ظهور العبارة في الاحتمال الأوّل.
(2) فيه إشكال.
(الصفحة570)
[3456] مسألة 59 : لو ادّعى المالك أنّه أعطاه المال مضاربة ، وادّعى القابض أنّه أعطاه قرضاً يتحالفان(1) ، فإن حلفا أو نكلا للقابض أكثر الأمرين من اُجرة المثل(2) والحصّة من الربح، إلاّ إذا كانت الاُجرة زائدة عن تمام الربح فليس له أخذها ; لاعترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح .
[3457] مسألة 60 : إذا حصل تلف أو خسران فادّعى المالك أنّه أقرضه ، وادّعى العامل أنّه ضاربه قدّم(3) قول المالك مع اليمين .
[3458] مسألة 61 : لو ادّعى المالك الإبضاع والعامل المضاربة يتحالفان(4) ، ومع الحلف أو النكول منهما يستحقّ العامل أقلّ الأمرين من الاُجرة والحصّة من الربح ، ولو لم يحصل ربح فادّعى المالك المضاربة لدفع الاُجرة ، وادّعى العامل الإبضاع
(1) مع عدم حصول الربح، ومعه فكذلك أيضاً إن كان الملاك في التحالف محطّ الدعوى ومصبّ النزاع. وإن كان المناط هو الغرض والغاية فالظاهر أنّ القول قول المالك; لاتّفاقهما على ثبوت حصّة من الربح للقابض واختلافهما إنّما هو في الزائد، فالمالك ينكره والقابض يدّعيه.
(2) لا وجه لثبوت اُجرة المثل في مثل المقام الذي يعترف كلّ منهما بعدم استحقاقها، بل بعد التحالف أو النكول لابدّ من تقسيم المقدار الزائد على حصّة العامل بينهما، أو الرجوع إلى القرعة.
(3) إن كان المناط هو محطّ الدعوى فالحكم هو التحالف. وإن كان هو الغرض فالظاهر تقديم قول العامل في نفي الاقتراض; لأنّ دعواه القراض غير ملزمة، فلا يتوجّه عليه إلاّ اليمين على نفي ما ادّعاه المالك، ويمكن تقديم قول المالك على هذا الفرض، نظراً إلى ما أفاده بعض المحقّقين في الحاشية، من كون أصالة الضمان في الأموال التالفة عند غير مالكها الثابتة بالنصّ والإجماع موافقة للمالك، فيصير منكراً عليه اليمين.
(4) فيما إذا ادّعى المالك الإبضاع بلا اُجرة، أو باُجرة أقلّ من الحصّة التي يدّعيها المالك، أو مباينة لها، أو كان الملاك في التحالف محطّ الدعوى، وإلاّ فالظاهر عدم توجّه الحلف إليهما، بل يحكم للعامل بالحصّة فقط.
(الصفحة571)
استحقّ العامل بعد التحالف(1) اُجرة المثل لعمله .
[3459] مسألة 62 : إذا علم مقدار رأس المال ومقدار حصّة العامل، واختلفا في مقدار الربح الحاصل فالقول قول العامل ، كما أنّهما لو اختلفا في حصوله وعدمه كان القول قوله. ولو علم مقدار المال الموجود فعلاً بيد العامل واختلفا في مقدار نصيب العامل منه ، فإن كان من جهة الاختلاف في الحصّة أنّها نصف أوثلث فالقول قول المالك قطعاً ، وإن كان من جهة الاختلاف في مقدار رأس المال فالقول قوله(2)أيضاً ; لأنّ المفروض أنّ تمام هذا الموجود من مال المضاربة أصلاً وربحاً ، ومقتضى الأصل كونه بتمامه للمالك إلاّ ما علم جعله للعامل ، وأصالة عدم دفع أزيد من مقدار كذا إلى العامل لاتثبت كون البقيّة ربحاً ، مع أنّها معارضة بأصالة عدم حصول الربح أزيد من مقدار كذا ، فيبقى كون الربح تابعاً للأصل إلاّ ما خرج .
مسائل [متفرّقة]
[3460] الاُولى : إذا كان عنده مال المضاربة فمات ، فإن علم بعينه فلا إشكال ، وإلاّ فإن علم بوجوده في التركة الموجودة من غير تعيين فكذلك، ويكون المالك شريكاً (3) مع الورثة بالنسبة ، ويقدّم على الغرماء إن كان الميّت مديوناً ; لوجود عين ماله في التركة ، وإن علم بعدم وجوده في تركته ولا في يده ولم يعلم أنّه تلف
(1) أي بناءً على ثبوت التحالف هنا، نظراً إلى كون المناط هو المحطّ، وأمّا مع ملاحظة الغرض فالظاهر لزوم حلف المالك لنفي ما يدّعيه العامل من استحقاق اُجرة المثل.
(2) قد مرّ التفصيل فيه.
(3) مع وجود شرط الشركة، وهو ما إذا لم يكن تميّز لدى العرف واقعاً كامتزاج المايعين، وإلاّ فالحكم الرجوع إلى الصلح أو القرعة.
(الصفحة572)
بتفريط أو بغيره أو ردّه على المالك ، فالظاهر عدم ضمانه وكون جميع تركته للورثة ، وإن كان لايخلو عن إشكال بمقتضى بعض الوجوه الآتية . وأمّا إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت ولم يعلم أنّه موجود في تركته الموجودة أو لا ; بأن كان مدفوناً في مكان غير معلوم ، أو عند شخص آخر أمانة أو نحو ذلك ، أو علم بعدم وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده، بحيث لوكان حيّاً أمكنه الإيصال إلى المالك ، أو شكّ في بقائه في يده وعدمه أيضاً ، ففي ضمانه في هذه الصور الثلاث وعدمه خلاف وإشكال على اختلاف مراتبه ، وكلمات العلماء في المقام وأمثاله كالرهن والوديعة ونحوهما مختلفة ، والأقوى الضمان (1) في الصورتين الاُوليين ; لعموم قوله (عليه السلام) : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» حيث إنّ الأظهر شموله للأمانات أيضاً .
ودعوى خروجها لأنّ المفروض عدم الضمان فيها ، مدفوعة بأنّ غاية ما يكون خروج بعض الصور منها ، كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادّعى تلفها كذلك إذا حلف ، وأمّا صورة التفريط والإتلاف ودعوى الردّ في غير الوديعة ودعوى التلف والنكول عن الحلف فهي باقية تحت العموم . ودعوى أنّ الضمان في صورة التفريط والتعدّي من جهة الخروج عن كونها أمانة، أو من جهة الدليل الخارجي كما ترى لا داعي إليها ، ويمكن أن يتمسّك(2) بعموم ما دلّ على وجوب ردّ الأمانة ، بدعوى أنّ الردّ أعمّ من ردّ العين وردّ البدل ، واختصاصه بالأوّل ممنوع ، ألا ترى أنّه يفهم من قوله (عليه السلام) : «المغصوب مردود» وجوب عوضه عند تلفه . هذا، مضافاً إلى خبر
(1) بل الأقوى عدمه فيهما; لأنّ التمسّك بالعموم المذكور من مصاديق التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية وهو غير جائز، كما أنّ دعوى أنّ العلم الإجمالي بكون بعض ما كان في يده إلى موته مال الغير أسقط اعتبارها في جميع أطرافه بالنسبة إلى القدر المعلوم، يدفعها عدم تأثير العلم الإجمالي في المقام، كما لا يخفى.
(2) يرد عليه ما يرد على التمسّك بالعموم المتقدّم.
(الصفحة573)
السكوني(1)، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السلام) أنّه كان يقول : «من يموت وعنده مال مضاربة قال : إن سمّـاه بعينه قبل موته فقال : هذا لفلان فهو له ، وإن مات ولم يذكر فهو اُسوة الغُرماء» .
وأمّا الصورة الثالثة فالضمان(2) فيها أيضاً لايخلو عن قوّة ; لأنّ الأصل بقاء يده عليه إلى ما بعد الموت واشتغال ذمّته بالردّ عند المطالبة ، وإذا لم يمكنه ذلك لموته يؤخذ من تركته بقيمته . ودعوى أنّ الأصل المذكور معارض بأصالة براءة ذمّته من العوض، والمرجع بعد التعارض قاعدة اليد المقتضية لملكيّته ، مدفوعة بأنّ الأصل الأوّل حاكم على الثاني . هذا، مع أنّه يمكن الخدشة في قاعدة اليد بأنّها مقتضية للملكيّة إذا كانت مختصّة ، وفي المقام كانت مشتركة(3) والأصل بقاؤها على الاشتراك ، بل في بعض الصور يمكن أن يقال : إنّ يده يد المالك من حيث كونه عاملاً له ، كما إذا لم يكن له شيء أصلاً فأخذ رأس المال وسافر للتجارة ولم يكن في يده سوى مال المضاربة ، فإذا مات يكون ما في يده بمنزلة ما في يد المالك ، وإن احتمل أن يكون قد تلف جميع ما عنده من ذلك المال وأنّه استفاد لنفسه ما هو الموجود في يده . وفي بعض الصور يده مشتركة بينه وبين المالك ، كما إذا سافر وعنده من مال المضاربة مقدار ومن ماله أيضاً مقدار . نعم، في بعض الصور لايعدّ يده مشتركة أيضاً ، فالتمسّك باليد بقول مطلق مشكل . ثمّ إنّ جميع ما ذكر إنّما هو إذا
(1) يرد عليه ـ مضافاً إلى عدم تمامية السند ـ أنّ مورده ما إذا علم بوجود المال في التركة ولم يعلم عينه، فلا ارتباط له بالمقام.
(2) بل الأقوى فيها أيضاً عدم الضمان; لأنّه إذا كانت اليد المتيقّنة غير مؤثّرة في الضمان، كما في الصورتين الأوّلتين، فاليد المستصحبة لا تؤثّر قطعاً.
(3) دعوى الاشتراك في هذه الصورة، وكذا دعوى الاختصاص بالمالك في الصورة الآتية ممنوعتان.
(الصفحة574)
لم يكن بترك التعيين عند ظهور أمارات الموت مفرّطاً ، وإلاّ فلا إشكال في ضمانه .
[3461] الثانية : ذكروا من شروط المضاربة التنجيز ، وأنّه لو علّقها على أمر متوقّع بطلت ، وكذا لو علّقها على أمر حاصل إذا لم يعلم بحصوله . نعم ، لو علّق التصرّف على أمر صحّ وإن كان متوقّع الحصول ، ولا دليل لهم على ذلك إلاّ دعوى الإجماع على أنّ أثر العقد لابدّ أن يكون حاصلاً من حين صدوره ، وهو إن صحّ إنّما يتمّ في التعليق على المتوقّع ، حيث إنّ الأثر متأخّر ، وأمّا التعليق على ما هو حاصل فلايستلزم التأخير ، بل في المتوقّع أيضاً إذا اُخذ على نحو الكشف بأن يكون المعلّق عليه وجوده الاستقبالي لايكون الأثر متأخّراً . نعم ، لو قام الإجماع على اعتبار العلم بتحقّق الأثر حين العقد تمّ في صورة الجهل ، لكنّه غير معلوم ، ثمّ على فرض البطلان لا مانع من جواز التصرّف ونفوذه من جهة الإذن ، لكن يستحقّ حينئذ اُجرة المثل لعمله ، إلاّ أن يكون الإذن مقيّداً بالصحّة فلايجوز التصرّف أيضاً .
[3462] الثالثة : قد مرّ اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك ، وأمّا العامل فلايشترط فيه ذلك ; لعدم منافاته لحقّ الغرماء . نعم ، بعد حصول الربح منع من التصرّف(1) إلاّ بالإذن من الغرماء ، بناءً على تعلّق الحجر بالمال الجديد .
[3463] الرابعة : تبطل المضاربة بعروض الموت كما مرّ، أو الجنون أو الإغماء ، كما مرّ في سائر(2) العقود الجائزة ، وظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقاً أو أدواريّاً ، وكذا في الإغماء بين قصر مدّته وطولها ، فإن كان إجماعاً ، وإلاّ فيمكن أن يقال بعدم البطلان في الأدواري والإغماء القصير المدّة ، فغاية الأمر عدم نفوذ التصرّف حال حصولهما ، وأمّا بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد ،
(1) فيه إشكال. نعم، بعد تماميّة العمل وبقاء الربح ينكشف تعلّق حقّ الغرماء به.
(2) أي كما في سائر العقود الجائزة.
(الصفحة575)
سواء كانا في المالك أو العامل ، وكذا تبطل(1) بعروض السفه لأحدهما أوالحجر للفلس في المالك أو العامل أيضاً إذا كان بعد حصول الربح إلاّ مع إجازة الغرماء .
[3464] الخامسة : إذا ضارب المالك في مرض الموت صحّ ، وملك العامل الحصّة وإن كانت أزيد من اُجرة المثل على الأقوى من كون منجّزات المريض من الأصل ، بل وكذلك على القول بأنّها من الثلث ; لأنّه ليس مفوّتاً لشيء على الوارث ; إذ الربح أمر معدوم وليس مالاً موجوداً للمالك، وإنّما حصل بسعي العامل .
[3465] السادسة : إذا تبيّن كون رأس المال لغير المضارب، سواء كان غاصباً أو جاهلاً بكونه ليس له ، فإن تلف في يد العامل أو حصل خسران (2) فلمالكه الرجوع على كلّ منهما ، فإن رجع على المضارب لم يرجع على العامل (3)، وإن رجع على العامل رجع إذا كان جاهلاً على المضارب وإن كان جاهلاً أيضاً ; لأنّه مغرور(4) من قبله . وإن حصل ربح كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة على ماله ، وللعامل اُجرة المثل على المضارب مع جهله ، والظاهر عدم استحقاقه الاُجرة عليه مع عدم حصول الربح ; لأنّه أقدم على عدم شيء له مع عدم حصوله ، كما أنّه لايرجع عليه إذا كان عالماً بأنّه ليس له ; لكونه متبرّعاً بعمله حينئذ .
[3466] السابعة : يجوز اشتراط المضاربة في ضمن عقد لازم ، فيجب على
(1) تقدّم أنّ المعتبر في صحّتها عدم السفه من المالك فقط، وكذا بالإضافة إلى الحجر للفلس، فعروضهما للعامل لا يوجب البطلان. نعم، بعد حصول الربح لا ينفذ تصرّفه فيه من دون إجازة الغرماء.
(2) التشريك بين الخسران والتلف في الحكم غير وجيه، فإنّه في صورة الخسران يكون مخيّراً بين ردّ المعاملة التي حصل فيها الخسران، فيرجع بالعين مع بقائها وتمام البدل مع تلفها، وبين إمضائها فلا رجوع له بشيء على أحد.
(3) إذا كان مغروراً من قبله.
(4) تحقّق الغرور مع جهل المضارب محلّ تأمّل وإشكال.
(الصفحة576)
المشروط عليه إيقاع عقدها مع الشارط ، ولكن لكلّ(1) منهما فسخه بعده ، والظاهر أنّه يجوز اشتراط عمل المضاربة على العامل; بأن يشترط عليه أن يتّجر بمقدار كذا من ماله إلى زمان كذا على أن يكون الربح بينهما ; نظير شرط كونه وكيلاً في كذا في عقد لازم ، وحينئذ لايجوز للمشروط عليه فسخها كما في الوكالة .
[3467] الثامنة : يجوز إيقاع المضاربة بعنوان الجعالة ; كأن يقول : إذا اتّجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه ، فيكون جعالة تفيد فائدة المضاربة، ولايلزم أن يكون جامعاً لشروط المضاربة ، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين أو ديناً، أو مجهولاً جهالة لاتوجب الغرر ، وكذا في المضاربة(2) المشروطة في ضمن عقد بنحو شرط النتيجة ، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين .
[3468] التاسعة : يجوز للأب والجدّ الاتّجار بمال المولّى عليه بنحو المضاربة بإيقاع عقدها ، بل مع عدمه أيضاً ; بأن يكون بمجرّد الإذن(3) منهما ، وكذا يجوز لهما المضاربة بماله مع الغير على أن يكون الربح مشتركاً بينه وبين العامل ، وكذا يجوز ذلك للوصيّ في مال الصغير مع ملاحظة الغبطة والمصلحة والأمن من هلاك المال .
[3469] العاشرة : يجوز للأب والجدّ الإيصاء بالمضاربة بمال المولّى عليه بإيقاع الوصيّ عقدها لنفسه أو لغيره مع تعيين الحصّة من الربح أو إيكاله إليه ، وكذا يجوز لهما الإيصاء بالمضاربة في حصّة القصير من تركتهما بأحد الوجهين ، كما أنّه يجوز
(1) إذا كان الغرض متعلّقاً بنفس إيقاع المضاربة كما قد يتّفق، ولكن المقصود للعقلاء نوعاً هو الفرض الثاني، وهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ ترتّب آثار المضاربة عليه واعتبار ما يعتبر فيها فيه ممنوع، كما سيصرّح به في المسألة الآتية.
(2) أي عمل المضاربة لا عنوانها.
(3) في العبارة مسامحة، والظاهر أنّ المراد بالإذن هو القصد، ومرجعه إلى عدم لزوم إيقاع العقد وكفاية النيّة فقط.
(الصفحة577)
ذلك لكلّ منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه ; بأن يتّجر الوصيّ به أو يدفعه إلى غيره مضاربة ويصرف حصّة الميّت في المصارف المعيّنة للثلث ، بل وكذا يجوز الإيصاء(1) منهما بالنسبة إلى حصّة الكبار أيضاً ، ولايضرّ كونه ضرراً عليهم من حيث تعطيل مالهم إلى مدّة ; لأنّه منجبر بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة وإجازتها ، كما أنّ الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ في القصير ، فإنّ له أن يفسخ أو يجيز . وكذا يجوز لهما الإيصاء بالاتّجار بمال القصير على نحو المضاربة ; بأن يكون هو الموصى به لا إيقاع عقد المضاربة ، لكن إلى زمان البلوغ أو أقلّ ، وأمّا إذا جعل المدّة أزيد فيحتاج إلى الإجازة(2) بالنسبة إلى الزائد .
ودعوى عدم صحّة هذا النحو من الإيصاء ; لأنّ الصغير لامال له حينه وإنّما ينتقل إليه بعد الموت، ولا دليل على صحّة الوصيّة العقديّة في غير التمليك ، فلايصحّ أن يكون إيجاب المضاربة على نحو إيجاب التمليك بعد الموت ، مدفوعة بالمنع ، مع أنّه الظاهر من خبر خالد بن بكر الطويل في قضيّة ابن أبي ليلى وموثّق محمّد بن مسلم المذكورين في باب الوصيّة ، وأمّا بالنسبة إلى الكبار من الورثة فلايجوز بهذا النحو ; لوجوب العمل بالوصيّة وهو الاتّجار ، فيكون ضرراً عليهم من حيث تعطيل حقّهم من الإرث وإن كان لهم حصّتهم من الربح ، خصوصاً إذا جعل حصّتهم أقلّ من المتعارف .
[3470] الحادية عشرة : إذا تلف المال في يد العامل بعد موت المالك من غير تقصير ، فالظاهر عدم ضمانه ، وكذا إذا تلف بعد انفساخها بوجه آخر .
[3471] الثانية عشرة : إذا كان رأس المال مشتركاً بين اثنين فضاربا واحداً ، ثمّ فسخ أحد الشريكين هل تبقى بالنسبة إلى حصّة الآخر أو تنفسخ من الأصل ؟
(1) فيه إشكال بل منع، وكذا في الفرض الآتي.
(2) بل في كفاية الإجازة من دون إيقاع عقد المضاربة إشكال.
(الصفحة578)
وجهان أقربهما (1) الانفساخ . نعم ، لو كان مال كلّ منهما متميّزاً وكان العقد واحداً لايبعد بقاء العقد بالنسبة إلى الآخر .
[3472] الثالثة عشرة : إذا أخذ العامل مال المضاربة وترك التجارة به إلى سنة مثلا ، فإن تلف ضمن ، ولايستحقّ المالك عليه غير أصل المال، وإن كان آثماً في تعطيل مال الغير .
[3473] الرابعة عشرة : إذا اشترط العامل على المالك عدم كون الربح جابراً للخسران مطلقاً فكلّ ربح حصل يكون بينهما. وإن حصل خسران بعده أو قبله ، أو اشترط أن لايكون الربح اللاحق جابراً للخسران السابق أو بالعكس فالظاهر الصحّة ، وربما يستشكل بأنّه خلاف وضع المضاربة وهو(2) كما ترى .
[3474] الخامسة عشرة : لو خالف العامل المالك فيما عيّنه جهلاً أو نسياناً أو اشتباهاً ، كما لو قال : لا تشتر الجنس الفلاني أو من الشخص الفلاني مثلا ، فاشتراه جهلاً فالشراء فضولي(3) موقوف على إجازة المالك ، وكذا لو عمل بما ينصرف إطلاقه إلى غيره ، فإنّه بمنزلة النهي عنه، ولعلّ منه ما ذكرنا سابقاً من شراء من ينعتق على المالك مع جهله بكونه كذلك ، وكذا الحال إذا كان مخطئاً في طريقة التجارة ; بأن اشترى ما لا مصلحة في شرائه عند أرباب المعاملة في ذلك الوقت، بحيث لوعرض على التجّار حكموا بخطائه .
(1) وجه الأقربية غير واضح.
(2) بل هو في محلّه، بل لا يبعد البطلان فيما هو المفروض من وحدة المضاربة.
(3) والاستشكال في ذلك نظراً إلى إطلاق جملة من النصوص الواردة في بيان حكم مخالفة العامل لما عيّن له، الدالّة على كون الربح بينهما والوضيعة على العامل، وشمولها للمقام وعدم اختصاصها بخصوص المخالفة العمديّة لعلّه في غير محلّه; لعدم ثبوت الإطلاق لها بحيث يشمل ما هنا.
(الصفحة579)
[3475] السادسة عشرة : إذا تعدّد العامل ، كأن ضارب اثنين بمائة مثلا بنصف الربح بينهما متساوياً أو متفاضلاً ، فإمّا أن يميّز حصّة كلّ منهما من رأس المال; كأن يقول : على أن يكون لكلّ منه نصفه ، وإمّا لايميّز ، فعلى الأوّل الظاهر عدم اشتراكهما في الربح والخسران والجبر إلاّ مع الشرط(1) ; لأنّه بمنزلة تعدّد العقد ، وعلى الثاني يشتركان فيها ، وإن اقتسما بينهما فأخذ كلّ منهما مقداراً منه ، إلاّ أن يشترطا عدم الاشتراك فيها ، فلو عمل أحدهما وربح وعمل الآخر ولم يربح أو خسر يشتركان في ذلك الربح ويجبر به خسران الآخر ، بل لو عمل أحدهما وربح ولم يشرع الآخر بعد في العمل فانفسخت المضاربة يكون الآخر شريكاً وإن لم يصدر(2) منه عمل ; لأنّه مقتضى الاشتراك في المعاملة ، ولايعدّ هذا من شركة الأعمال كما قد يقال ، فهو نظير ما إذا آجرا نفسهما لعمل بالشركة ، فهو داخل في عنوان المضاربة لا الشركة ، كما أنّ النظير داخل في عنوان الإجارة .
[3476] السابعة عشرة : إذا أذن المالك للعامل في البيع والشراء نسيئة ، فاشترى نسيئة وباع كذلك ، فهلك المال فالدين في ذمّة المالك ، وللديّان إذا علم بالحال أو تبيّن له بعد ذلك الرجوع على كلّ منهما ، فإن رجع على العامل وأخذ منه رجع هو على المالك . ودعوى أنّه مع العلم من الأوّل ليس له الرجوع على العامل لعلمه بعدم اشتغال ذمّته ، مدفوعة بأنّ مقتضى المعاملة ذلك خصوصاً في المضاربة ، وسيّما إذا علم أنّه عامل يشتري للغير ، ولكن لم يعرف ذلك الغير أنّه من هو ومن أيّ بلد ، ولو لم يتبيّن للديّان أنّ الشراء للغير يتعيّن له الرجوع على العامل في الظاهر ويرجع هو على المالك .
(1) بل ومع الشرط أيضاً، إلاّ أن يرجع إلى شرط الإعطاء أو الجبران، وكذا في الفرض الآتي، فإنّ صحّة الشرط فيه أيضاً محلّ إشكال بل منع.
(2) لعدم مجيء وقته، وإلاّ فمحلّ إشكال.
(الصفحة580)
[3477] الثامنة عشرة : يكره المضاربة مع الذمّي، خصوصاً إذا كان هو العامل ; لقوله (عليه السلام) : «لاينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمّي ولايبضعه بضاعة ولايودعه وديعة ولايصافيه المودّة». وقوله (عليه السلام) : «إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي إلاّ أن تكون تجارة حاضرة لايغيب عنها المسلم». ويمكن أن يستفاد من هذا الخبر كراهة مضاربة من لايؤمن منه في معاملاته من الاحتراز عن الحرام .
[3478] التاسعة عشرة : الظاهر صحّة المضاربة على مائة دينار مثلا كلّياً ، فلايشترط كون مال المضاربة عيناً شخصيّة ، فيجوز إيقاعهما العقد على كلّي ثمّ تعيينه في فرد ، والقول بالمنع لأنّ القدر المتيقّن العين الخارجي من النقدين ضعيف ، وأضعف منه احتمال المنع حتّى في الكلّي في المعيّن ; إذ يكفي في الصحّة العمومات .
[3479] متمّم العشرين : لو ضاربه على ألف مثلا فدفع إليه نصفه فعامل به ثمّ دفع إليه النصف الآخر ، فالظاهر جبران خسارة أحدهما بربح الآخر ; لأنّه مضاربة واحدة . وأمّا لو ضاربه على خمسمائة فدفعها إليه وعامل بها وفي أثناء التجارة زاده ودفع خمسمائة اُخرى ، فالظاهر عدم جبر خسارة إحداهما بربح الاُخرى ; لأنّهما في قوّة مضاربتين . نعم ، بعد المزج والتجارة بالمجموع يكونان واحدة .
|