واحد ، ومن الواضح أنّ أحد الطرفين لاعتبار الحقّ هو ذو الحقّ ، وطرفه الآخر هو حلّ العقد ، فالإضافة الخاصّة متقوّمة بطرفها وهو الحلّ دون العقد الخارجي الوحداني ، والمقوّم للحلّ المتعلّق به الاعتبار في اُفق الاعتبار هو العقد بوجوده العنواني لا بوجوده العيني ، فبالإضافة إلى اُفق الاعتبار اعتباران متعلّقان بحصّتين من الحلّ المتقوّم كلّ منهما بوجود عنواني من العقد ، ووحدة طبيعيّ الحلّ لا توجب ورود حقّين على واحد شخصيّ ; بداهة أنّ الحلّ القائم بأحدهما غير الحلّ القائم بالآخر ، فمتعلّق سلطان كلّ منهما غير متعلّق سلطان الآخر(1) .
ويرد عليه : أنّ الحلّ الذي هو أحد الطّرفين لاعتبار الحقّ ليس هو طبيعي الحلّ الذي يتقوّم بالعقد بوجوده العنواني ; ضرورة أنّ السّلطنة الثابتة لكلّ منهما إنّما هي على الحلّ المضاف إلى العقد الشخصي الذي وقع في الخارج ، لا حلّ العقد بعنوانه العامّ ; ومن المعلوم أنّ الحلّ المضاف إلى الأمر الوحداني الخارجي لا يكون إلاّ واحداً لا تعدّد فيه أصلا ، فإثبات تغاير متعلّقي السّلطانين بذلك ممّا لا مجال له ، بل الظاهر ما عرفت من عدم قدح الوحدة في تعدّد ذي الحقّ ; لأنّ مرجع حقّ الفسخ إلى القدرة على إبطال العقد وعدمه ، ولا مانع من اتّصاف شخصين أو أزيد بوصف القدرة على ذلك .
كما أنّ الأمر كذلك بالنسبة إلى الأمور التكوينيّة أيضاً ، ألا ترى أنّه يمكن قيام وصف القدرة على هدم الدار مثلا بمثل زيد و عمرو وأكثر منهما ، مع أنّ هدم الدار لا تعدّد فيه أصلا ; ضرورة أنّه لا يعقل الهدم بعد الهدم ، فتدبّر . والحاصل أنّ تعدّد ذي الحقّ لا يستلزم تعدّد الحقّ كما عرفت .
وأمّا ولاية الأب والجدّ على مال الصغير ، فالظاهر أنّ مرجعها إلى جعل حقّ التصرّف لهما بما أنّ كل واحد منهما مدبّر يتصرّف في مال الصّغير عن تدبير ، ولو
(1) الظاهر أنه الشيخ محمد حسين الإصفهاني ، كما في هامش الرسائل للإمام الخميني .
الصفحة 422
سبق أحدهما بالتصرّف لا يبقى موضوع لتدبير الآخر ، كما في الوكلاء المتعددين ، فإنّه مع اتّصاف كلّ منهم بوصف الوكالة وجواز تصرّفه فيما وكّل فيه ، لا يبقى موضوع لوكالة المسبوق بتصرف وكيل آخر أو نفس الموكّل ، كما هو واضح .
ثم إنّه (قدس سره) بعد كلامه المتقدّم بسطرين قال : ودعوى أنّ مقتضى الملكية المستقلّة أن يكون للمالك منع الغير ، وإذا لم يكن له منع الغير فلا يكون مستقلاًّ ، ممنوعة ; فإنّ هذا أيضاً نحو من الملكية المستقلّة ، ونظيره الوجوب الكفائي والتخييري في كونهما نحواً من الوجوب مع كونه جائز الترك(1) .
ويرد عليه : أنّ الملكية المستقلّة على ما عرفت عبارة عمّا كانت مستتبعة للاختصاص الذي هو ضدّ الاشتراك ، ولا يعقل تحقّقها مع عدم جواز منع الغير ، وليس النزاع في إطلاق لفظ الاستقلال حتّى يدّعى جواز إطلاقه على بعض أفراد غير المستقلّ أيضاً ، بل النزاع في حقيقته التي قد عرفت أنّها مساوقة للاختصاص الموجب لجواز منع الغير . والعجب من التنظير بالوجوب الكفائي والتخييري ، فإنّه لا إشكال في أنّهما نحوان من طبيعة الوجوب الصادقة على العيني والكفائي ، وكذا التعييني والتخييري ، ولا يكونان من أفراد العيني والتعييني .
والغرض من التنظير إثبات كون ما إذا لم يكن للمالك منع الغير ، من أفراد الملكية المستقلّة ، لا طبيعة الملكية الصادقة على المستقلّة وغيرها ، ولعمري أنّه اشتباه واضح . وقد انقدح من جميع ما ذكرنا بطلان دعوى جواز اجتماع المالكين المستقلّين على مال واحد .
وبعد ذلك نرجع إلى أصل المقصود ; وهو أنّ استيلاء شخصين أو أزيد على مال واحد ، هل يمكن أن يكون على سبيل الاستقلال أم لا؟ والظاهر هو العدم ; لأنّ حقيقة الاستقلال ترجع إلى عقد إيجابي ; وهو جواز التصرّف فيه ، وعقد سلبيّ ;
(1) ملحقات العروة الوثقى : 589 .
الصفحة 423
وهو جواز منع الغير عنه ، فاجتماع استيلائين مستقلّين بعد مساوقة الاستقلال للاختصاص الموجب لجواز منع الغير ممّا لا يمكن ، كما يظهر ذلك بالتدبّر في نظائره . ألا ترى أنّ استقلال الملِك بالنسبة إلى مملكته ، والحاكم بالإضافة إلى بلده ، لا يتحقّق مع تصرّف الغير فيهما أيضاً ، فاتّصاف كلّ من اليدين بوصف الاستقلال ممّا لا وجه له أصلا .
ويبقى الكلام بعد ذلك في أنّ استيلاء شخصين أو أزيد على مال واحد هل يكون استيلاءً على المجموع ـ غاية الأمر كونه غير مستقلّ ـ أو استيلاء مستقلاًّ بالإضافة إلى النصف المشاع مثلا ، أو غير مستقلّ بالإضافة إليه؟ وقبل الخوض في ذلك ينبغي التكلّم في الكسر المشاع وإمكان الإشاعة وبيان حقيقتها ، فنقول :
أوّلا : أنّ الجهل بحقيقة الإشاعة على تقديره لا يمنع من الالتزام بوجودها بعد شيوعها بين العقلاء ; ضرورة أنّ المالكية بالاشتراك المعتبرة بين العقلاء فوق حدّ الإحصاء ، وبهذا يجاب عمّـا يقال ـ كما عن بعض الأعاظم من المعاصرين ـ : من ابتناء الإشاعة على القول ببطلان الجزء الذي لا يتجزّأ ; نظراً إلى أنّه لو انتهت التجزئة إلى حدّ غير قابل لها ، لا يبقى للإشاعة فيه ـ بعد عدم قبوله للتجزئة ـ مجال . وأمّا لو قيل بأنّ كلّ جزء متصوّر فهو قابل للتجزئة ، فلا مانع من الإشاعة حينئذ(1) .
والجواب : من الواضح أنّه لا تكون الإشاعة مبتنية على تلك المسألة العقلية التي هي مورد للخلاف بين الفلاسفة والمتكلّمين ; ضرورة أنّ المتكلّم القائل بعدم بطلان الجزء غير القابل للتجزّئ لا يأبى من الاشتراك في الملك ونحوه بداهة ، فالظاهر أنّه لا إشكال في شيوع الإشاعة بين جميع العقلاء ، والجهل بحقيقتها ـ على
(1) منية الطالب في شرح المكاسب : 2 / 378 ـ 381 .
الصفحة 424
تقديره ـ لا يمنع عن التصديق بوجودها بعد تداولها بلا ريب ولا إنكار ، مضافاً إلى عدم كونها مجهولة ; لأنّ الظاهر أنّ الإشاعة أمر اعتباري عقلائي تتّصف بها العين الخارجيّة في الخارج وإن كان وعاء الاعتبار الذهن .
توضيح ذلك : أنّ الكسر المشاع لا يعقل أن يكون أمراً عينيّاً خارجيّاً ; ضرورة أنّ الموجود في العين يستحيل أن يكون مبهماً لا معيّناً ; لأنّ الوجود مساوق للتعيّـن الّذي هو نقيض الإبهام ، وتردّد الشبح الجائي من البعيد بين زيد وعمرو مثلا لا يستلزم الإبهام فيه ; لأنّه معيّن بحسب الواقع ، غاية الأمر هو مجهول لنا ، فالواقع المعيّن مردّد عندنا بين كونه زيداً أو عمراً ، لا أنّه مردّد واقعاً بينهما كما هو واضح ، فالكسر المشاع الذي هو أمر غير معيّن لا يعقل أن يكون أمراً خارجيّاً ، كما أنّه يستحيل أن يكون منتزعاً منه ; لأنّ المعيّن الذي لا تشوبه شائبة الإبهام لا يعقل أن يكون منشأً لانتزاع اللاّ معيّن الخالي من جميع شؤون التعيّـن .
فلابدّ من أن يقال : إنّ الكسر المشاع هو أمر اعتباري يعتبره العقلاء في وعاء الاعتبار الذي هو الذّهن وإن كان ظرف الاتّصاف به هو الخارج ، فالموجود الخارجي متّصف في الخارج بأنّه له نصفان مثلا وإن كان ظرف هذا الاعتبار هو الذهن ، ولا غرو في أن يكون العروض في الذهن وظرف الاتّصاف هو الخارج .
وهذا نظير ما قاله الحكماء : من أنّ اتّصاف الماهيّة بالإمكان في الخارج وإن كان العروض في الذهن ، وإلاّ يلزم التسلسل ونحوه ، بل جميع الاُمور الاعتبارية العقلائيّة التي لها مساس بالخارج كذلك ; ضرورة أنّ الشيء يتّصف في الخارج بوصف المملوكيّة ، والإنسان يتّصف في الخارج بوصف المالكيّة ، مع أنّ المالكية والمملوكية أمران اعتباريان لا يكون لهما ما بحذاء في الخارج ، كما أنّ المرأة متّصفة في الخارج بوصف الزوجيّة، وكذا الزوج ، مع عدم ثبوت شيء زائد على ذاتهما في الخارج ، كما هو ظاهر .
الصفحة 425
ثمّ إنّ بعض المحقّقين أفاد في بيان حقيقة الكسر المشاع في رسالته في قاعدة اليد ما لفظه : لا ريب في أنّ الكسر المشاع يقابل الكلّـي في المعيّن ، وأمّا إرجاعه إليه فإنّما هو من باب الإلجاء وعدم الوقوف على حقيقته ، بل الكسر المشاع جزئيّ ، ولأجله ربما يشكل بأنّ الجزئية والشيوع والسريان لا يجتمعان ، وقد غفل عن أنّ الموجود الخارجي على قسمين : موجود بوجود ما بحذائه ، وموجود بوجود منشأ انتزاعه ، فما له مطابق بالذات وموجود بالفعل نفس منشأ الانتزاع . وأمّا الأمر الانتزاعي فموجود بالعرض والقوّة بنحو وجود المقبول بوجود القابل .
وعليه : فمفهوم النصف مثلا ربما يكون موجوداً بوجود ما بحذائه ; وهو نصف المعيّن في العين ، وربما يكون عنواناً لموجود بالقوّة لتساوي نسبته إلى جميع الأنصاف المتصوّرة في العين باختلاف كيفية التنصيف والتقسيم ، فهذا الموجود بالقوّة المتساوي النسبة جزئي بجزئية منشأ انتزاعه ، وله شيوع وسريان باعتبار قبوله لكلّ تعيّـن من التعيّنات الخارجيّة المفروضة ، ولأجله تكون القسمة معيّنة للاّمتعيّن من دون لزوم معاوضة ومبادلة بين أجزاء العين .
وعليه : فالمملوك لكلّ واحد من الشريكين أوّلا وبالذات هو النصف المشاع ، وليس لكلّ عين إلاّ نصفان على الإشاعة ، والعين الخارجية مورد لمملوكين بالذات ، فتكون مملوكة بالعرض ، على عكس من يملك عيناً واحدة بالذات ; فإنّه يملك كسور المشاعة بالعرض .
وممّا ذكرنا تعرف أنّ المملوك بالذات لكلّ من الشريكين ملك استقلاليّ اختصاصي ، فلذا لا يتوقّف التصرّف في نصفه المشاع على إذن من شريكه ، وما هو مورد للنصفين المشاعين ـ وهي العين ـ هي المنسوبة إليها الاشتراك وعدم الاستقلالية ، وليست في الحقيقة مملوكة بالذات لأحد ، بل من حيث المورديّة للنصفين منها ينسب إليها الملكية بالعرض ، فلم يلزم قيام فردين من الملكية
الصفحة 426
الحقيقية الذاتيّة بعين واحدة ، فتدبّر ; فإنّه حقيق به(1) .
وأورد عليه سيّدنا الأعظم الخميني ـ مدّ ظلّه العالي ـ بوجوه من الإيرادات :
منها : أنّ المراد من قوله : «إنّ مفهوم النصف مثلا ربما يكون موجوداً بوجود ما بحذائه ; وهو نصف المعيّن في العين» إن كان هو تحقّق ذلك المفهوم ووجوده بوجود ما بحذائه قبل لحوق التقسيم الحقيقي أو الوهمي الاعتباري للعين الخارجية ، بحيث يكون الموجود في الخارج واجداً للنصفين حقيقة وفعلا ، ولو لم تلحقه كثرة بعد ، فيرد عليه :
أنّ لازمه وجود الاُمور غير المتناهية فعلا في شيء محصور بين حاصرين ; ضرورة أنّ الكسور غير متناهية ، وكما أنّ النصف موجود يكون نصف النصف أيضاً موجوداً ، وهكذا إلى ما لا نهاية له ; لبطلان الجزء غير القابل للتجزئة ، فالأمر المتناهي الذي هو العين الخارجية المحصورة بين الحاصرين يكون حينئذ واجداً حقيقة للاُمور غير المتناهية الموجودة بالوجود الحقيقي الذي له بحذاء في الخارج ، ومن المعلوم استحالة ذلك ، فلابدّ من أن يكون المراد من ذلك القول هو كون مفهوم النصف موجوداً بوجود ما بحذائه بعد عروض التقسيم للعين الخارجية حقيقة ، كما إذا انكسر الحجر الواحد وصار نصفين ، أو وهماً كما إذا قسمّ اعتباراً من دون أن يقع فيه تغيير .
وحينئذ يرد على ذلك أيضاً ـ مضافاً إلى أنّه بعد لحوق التقسيم خصوصاً في التقسيم الحقيقي لا يبقى مجال ومحلّ لعنوان النصف ـ أنّ النصف الموجود في الخارج كما يكون منطبقاً عليه عنوان النصف إذا لوحظ بالإضافة إلى المركّب منه ومن النصف الآخر ، كذلك ينطبق عليه عنوان الثلث أيضاً إذا لوحظ بالإضافة إلى المركّب منه ومن الأمرين الآخرين ; فإنّ حبّة من الحنطة مثلا إذا لوحظت
(1) قاعدة اليد للمحقّق الإصفهاني ، المطبوع في آخر نهاية الدراية: 3 / 335 ، مكتبة المصطفوي .
الصفحة 427
بالإضافة إلى حبّتين تكون نصفاً منهما ، واذا قيست بالنسبة إلى ثلاث حبّات تكون ثلثاً منها ، وهكذا ، ويلزم حينئذ أن تكون الاُمور غير المتناهية التي هي عبارة عن الكسور غير المتناهية ـ على ما عرفت من بطلان الجزء الذي لا يتجزّأ ـ موجودة حقيقة بوجود حبّة من حنطة ، وهو محال على ما تقدّم .
فالتحقيق : أنّ الشيء الموجود في العين قبل لحوق التقسيم الحقيقي بالنسبة إليها لا يكون إلاّ واحداً ، كما هو المحقّق في محلّه ، من أنّ الوجود والتشخّص مساوق للوحدة ، وأنّ الكثرة بما هي كثرة تستحيل أن تتحقّق في الخارج ، فثبوت النصفين لها لا يكون إلاّ بحسب الاعتبار والوهم ، كما أنّ الشيء بعد عروض الانقسام عليه لا تكون أجزاؤه إلاّ بحيث يكون كلّ واحد منها وجوداً مستقلاًّ ، واتصافه بالجزئية للمجموع وكونه نصفاً مثلا منه لا يكون إلاّ بحسب الاعتبار ; ضرورة أنّ المجموع لا يبقى له وجود مستقلّ بعد الانقسام إلاّ اعتباراً ، فأجزاؤه بما أنّـها أجزاؤه أيضاً كذلك ; لتضايف الوصفين كما هو غير خفيّ .
ومنها : أنّ ما أفاده في الكسر المشاع ـ من أنّه عبارة عن موجود بالقوّة تتساوى نسبته إلى جميع الأنصاف مثلا المتصوّرة في العين ، وهو جزئيّ بجزئية منشأ انتزاعه ، وله شيوع وسريان باعتبار قبوله لكلّ تعيّن ـ محلّ نظر بل منع ; لأنّ المراد بالموجود بالقوّة إن كان هو الهيولى القابل للتصوّر بصور مختلفة والتشكّل بأشكال متعدّدة ، فيرد عليه : أنّ لازم ذلك أن يصير الموجود بالقوّة فعليّاً بعد عروض الانقسام له بوجه ، مع أنّا نرى بقاء الإشاعة في بعض الموارد ، كما إذا وقع الانقسام بغير رضا الشريكين ; فإنّه حينئذ لا يكون الهيولى قابلا للتصوّر بغير تلك الصّورة ; لتبدّل القوّة إلى الفعليّة ، مع وضوح بقاء الاشتراك في المجموع المقتضي للإشاعة .
هذا ، مضافاً إلى أنّه ربما يكون الاشتراك والإشاعة بالنسبة إلى الأشياء المنفصلة بالحقيقة ، كما إذا كان قفيز من برّ مشتركاً بين شريكين ; فإنّ كلّ واحد من
الصفحة 428
حبّات الحنطة وجود واحد مستقلّ منفصل عن الحبّة الاُخرى حقيقة ، فأين الهيولى القابل للتصوّر بصور مختلفة .
وإن كان المراد بالموجود هو الأمر المبهم القابل للانطباق على كل نصف يتصوّر في العين باعتبار اختلاف كيفية التنصيف والتقسيم ، فيرد عليه : أنّ انتزاع ما حقيقته الإبهام عن الموجود في العين الذي هو معيّن محض ، غير معقول على ما عرفت سابقاً ; لأنّ المعيّن الخالي من شوائب الإبهام كيف يمكن أن يصير منشأً لانتزاع ما لم تشمّ منه رائحة التعيّن؟ كما هو واضح .
ومنها : أنّ ما أفاده في ذيل كلامه ـ من أنّ المملوك لكلّ واحد من الشريكين أوّلا وبالذات هو النصف المشاع ، والعين الخارجية مورد لمملوكين بالذّات ، فهي مملوكة بالعرض على عكس من يملك عيناً واحدة ـ ممنوع أيضاً ; فإنّه لا فرق في نظر العرف والعقلاء من حيث اتّصاف العين بالمملوكية بين ما كان المالك لها واحداً أو متعدّداً ، وكما أنّها في الصورة الاُولى تكون مملوكة بالذات ، كذلك في الصورة الثانية .
وكيف يمكن دعوى عدم كون العين في الصورة الثانية مملوكة فيما لو كان مالكها واحداً ، ثمّ نقل نصفها المشاع إلى غيره ، فإنّه يسأل حينئذ عن السبب الذي صار موجباً لخروج العين عن الملكية رأساً كما هو المفروض ، مع أنّ الناقل لم ينقل إلاّ نصفها ، ثمّ عن السبب الموجب لانتقال النصف المشاع إلى الناقل للنصف مع أنّه لم يكن مالكاً له ولم يتحقّق السبب النّاقل ، كما هو ظاهر .
كما أنّ ما أفاده من أنّ القسمة مرجعها إلى تعيين اللاّ معين ، من دون لزوم مبادلة ومعاوضة بين أجزاء العين لا يستقيم ; ضرورة أنّ مرجع الإشاعة إلى الاشتراك في كلّ جزء متصوّر ، فالتقسيم لا محالة يساوق التبادل بين الأجزاء ولا
الصفحة 429
يعقل بدونه(1) .
وقد بان من جميع ذلك أنّه لا محيص في تفسير الإشاعة وبيان حقيقتها عمّا ذكرنا من أنّها أمر اعتباريّ عقلائي ليس له ما بحذاء في الخارج ، كما أنّه لا ينتزع منه ، بل الاتّصاف به إنّما هو في الخارج على حذو سائر الاُمور الاعتبارية العقلائية ، كالملكية والزوجية ونحوهما ، فالعين الخارجية متّصفة في الخارج بأنّ لها نصفين قابلين لتعلّق الملكية بهما ، غاية الأمر أنّ وعاء الاعتبار إنّما هو الذهن ، ومع قطع النظر عن اعتبار المعتبرين لا واقعية للكسر المشاع أصلا ، بل لا يكون الموجود في الخارج إلاّ أمراً وحدانيّاً شخصيّاً لا تكثّر فيه بوجه من الوجوه .
والفرق بين الإشاعة وبين الكلّي في المعيّن هو أنّ الكلّي في المعيّن أمر كلّي كسائر الاُمور الكلّية والطبائع المتكثّرة ، غاية الأمر أنّ دائرة صدقه صارت بسبب التقييد مضيّقة ; فإنّ تقييد طبيعة الحنطة مثلا بالحنطة من هذه الصبرة الموجودة في الخارج ليس إلاّ كتقييدها بكونها جيّدة مثلا ، فكما أنّ مثل التقييد الثاني لا يُخرج الطبيعة المقيّدة عن كونها كلّية ، غاية الأمر قلّة أفرادها بالإضافة إلى الطبيعة المطلقة كذلك ـ مثل التقييد الأوّل ـ لا يُخرج الطبيعة المقيّدة عن كونها كلّية ، فتقييد العالم الذي يجب إكرامه بكونه من أهل البلد الفلاني ، كتقييده بكونه عادلا ، بلا فرق بينهما أصلا .
وأمّا الكسر المشاع ; فهو أمر جزئي ملحوظ بالنسبة إلى العين الخارجية ، غاية الأمر أنّه أمر اعتباري لا يكون له ما بحذاء في الخارج ولا منشأ للانتزاع ; لأنّ حقيقته الإبهام ، والتعيّن ينافيه ، فلا يعقل إتّحادهما ولا كون المعيّن منشأ لانتزاعه ، فافهم واغتنم .
(1) الرسائل في الاُصول : 1 / 275 ـ 277 .
الصفحة 430
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى أصل المقصود ونقول ـ بعد الفراغ عن استحالة اجتماع استيلائين مستقلّين على عين واحدة ، كاستحالة اجتماع ملكيتين مستقلّتين عليها ـ : إنّه يحتمل تصوّراً أن يكون مرجع استيلاء أزيد من واحد على عين واحدة إلى ثبوت استيلائين مثلا على المجموع ، غاية الأمر كونهما ناقصين ، وأن يكون مرجعه إلى ثبوت استيلائين تامّين بالنسبة إلى النصف المشاع ، وأن يكون مرجعه إلى ثبوت استيلائين ناقصين بالنسبة إلى النصف المشاع أيضاً ، وعلى التقدير الأوّل يحتمل أن يكون الاستيلاء الناقص بالنسبة إلى المجموع كاشفاً عن الملكيّة الناقصة بالإضافة إليه ، ويحتمل أن يكون أمارة على الملكيّة التامّة على النصف المشاع .
والظاهر من الاحتمالات الثلاثة هو الاحتمال الأوسط ، على ما هو المعتبر عند العقلاء الذين هم المرجع في مثل الباب كما عرفت(1) ; إذ لا معنى لثبوت الاستيلاء على المجموع وإن كان ناقصاً بعد أن لم يكن المجموع ملكاً للمستولي ; لأنّ مرجعه إلى الاستيلاء على مال الغير ، وما هو مستولى عليه له .
ثمّ على فرض صحّة هذا الاحتمال ، إن قلنا بكون الاستيلاء الناقص يكشف عن الملكية الناقصة بالنسبة إلى المجموع ، فهو لا معنى له ; لعدم معقوليّة اجتماع ملكين على المجموع ولو كانا ناقصين ، وإن قلنا بكونه كاشفاً عن الملكيّة بالنسبة إلى الكسر المشاع ، يلزم عدم تطابق الكاشف والمكشوف بوجه ، وهو باطل ; لأنّ الاستيلاء على المجموع كيف يمكن أن يكشف عن ملكيّة النصف المشاع ، فهذا الاحتمال ساقط رأساً .
وأمّا الاحتمال الثالث ، فيبعّده أنّه بعد كون كلّ منهما مالكاً للنصف المشاع ، يكون كلّ واحد مستقلاًّ في التصرّف في ملكه ; ضرورة أنّه يجوز لكلّ من
(1) في ص 419 و 424 .
الصفحة 431
الشريكين نقل حصّته إلى الغير بالبيع أو الهبة أو غيرهما ، ولو لم يطّلع الآخر ، بل لم يجز على تقدير اطّلاعه ، غاية الأمر ثبوت حقّ الشفعة للآخر في بعض الموارد ، وهذا معنى تمامية الاستيلاء وعدم نقصه .
نعم ، لا يجوز لكلّ منهما ـ مع قطع النظر عن رضا الآخر ـ التصرّف في العين بالتصرّفات العينيّة الخارجية ، ولكن ذلك ليس لأجل نقص في الاستيلاء أو قصور في الملكية ، بل لأجل استلزام التصرّف فيه التصرّف في مال الغير ، وهو حرام بدون إذنه ، كما ربما يمكن تصويره في المالين المفروضين اللذين كان أحدهما ملكاً لزيد والآخر لعمرو ، وكان التصرّف الخارجي في أحدهما مستلزماً للتصرف في الاخر ، كمصراعي باب غير مفتوح ; فإنّه لا إشكال في استقلال استيلاء كلّ منهما بالنسبة إلى ماله ، بحيث يجوز له النقل والانتقال ولو مع عدم رضا الآخر ، مع أنّ التصرّف الخارجي في أحدهما يستلزم التصرّف في مال الغير ، فإنّ حرمة التصرّف حينئذ ليس لأجل نقص أو قصور ، بل لمجرّد الاستلزام المزبور .
فانقدح من ذلك أنّه لا محيص عن الاحتمال الأوسط ، وهو استقلال كل واحد من الاستيلائين بالنسبة إلى النصف المشاع ، وكون كلّ منهما كاشفاً عن الملكية بالإضافة إليه ، فاشتراك اثنين في الاستيلاء على العين كاشف عن ملكية كلّ واحد منهما لواحد من النصفين ، ولازمها الاشتراك والإشاعة . وعليه : فلو ادّعى كلّ منهما ملكية التمام تكون دعواه بالإضافة إلى النصف مقبولة فيما إذا لم تكن هناك بيّنة ، ويترتّب على ذلك فروع كثيرة في باب القضاء .
بقي الكلام في قاعدة اليد في مباحث : مثل جواز الشهادة والحلف مستنِداً إلى اليد الظاهرة في الملكية ، وكذا حجّية قول ذي اليد بالنسبة إلى الطهارة والنجاسة ، وكذا حلّية اللحم المأخوذ منه إذا كان مسلماً ، ولكنّها لا ترتبط بما هو محطّ البحث في القاعدة ; وهي الأمارية والكاشفية عن الملكيّة ، فاللازم إرجاع البحث في تلك
الصفحة 432
المباحث إلى محالّها من كتاب الشهادات ، وكتاب الطهارة وغيرهما فراجع .
هذا تمام الكلام في قاعدة أماريّة اليد .
11 محرّم الحرام 1409 هـ
الصفحة 435
قاعدة القرعة
وهي أيضاً من القواعد الفقهية المشهورة التي تترتّب عليها ثمرات كثيرة ، وقد وقع الإشكال والخلاف في سعة دائرتها وضيقها ، ومنشؤه الإشكال فيما يستفاد من الأدلّة الواردة فيها ، وتحقيق البحث في هذه القاعدة يستدعي التكلّم في مقامات :
المقام الأوّل : في مدركها ومستندها ، وهو اُمور :
الأوّل : الكتاب ، فقد ورد فيه حكاية المساهمة في موردين :
أحدهما : ما ورد في قصّة النبيّ يونس من قوله تعالى : {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}(1) . وقد ورد في الأخبار الاحتجاج على شرعية القرعة بهذه الآية(2) ، والمراد بالمساهمة المقارعة ، وبكونه من المدحضين صيرورته معلوماً بالقرعة
(1) سورة الصافّات 37 : 141 .
(2) وسائل الشيعة : 27 / 261 ـ 262 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 13 و 17 ، ومستدرك الوسائل : 17 / 373 ـ 375 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 21618 و 21620 .
الصفحة 436
ممتازاً عن غيره ، وأصل الدحض : الزلق ، والإدحاض : الإزالة والإبطال ، وأصل المعنى كما عن المجمع : صار من المقروعين المغلوبين المقهورين(1) ، وكيفيّة الواقعة على ما في الخبر أنّه لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله تعالى به ، فركب السّفينة فوقفت ، فقالوا : هاهنا عبد آبق فاقترعوا له ، فخرجت القرعة على يونس ، فقال : أنا الآبق ورمى بنفسه في الماء ، فالتقمه الحوت(2) .
ودعوى أنّه لا دلالة للآية على المشروعية ; فإنّ غاية مفادها الحكاية ، وهي أعمّ من المشروعية ، مدفوعة ـ مضافاً إلى ما عرفت من أنّه ورد في الأخبار الاحتجاج على شرعية القرعة بهذه الآية ـ بأنّه لا مجال للمناقشة في دلالة الآية على قبول يونس للمقارعة لو لم نقل بأنّ ظاهرها تصدّي نفسه لها ، و هذا القبول إن كان منشؤه كونه أمراً تعبّدياً جاء به يونس ، فمقتضى الاستصحاب عند الشكّ في البقاء بقاؤه في هذه الشريعة ; لما تقرّر في محلّه من جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة(3) وإن كان منشؤه كونه أمراً عقلائيّاً كما هو الظاهر ، وقد أمضاه النبيّ يونس ، فاللازم ثبوته في هذه الشريعة لهذه الجهة ، كما لا يخفى .
ثانيهما : ما ورد في قصّة التخاصم في تكفّل مريم واقتراعهم لذلك من قوله تعالى : {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}(4) وكيفيّة الواقعة أنّ زكريّا (عليه السلام) قال لهم : أنا أحقّ بمريم ; أي من جهة التكفّل ; لأنّ عندي خالتها ، قالوا : لا حتى نقرع عليها ، فانطلقوا إلى نهر الاُردن ، فألقوا فيه أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي ، على أنّ من ارتفع قلمه فوق الماء فهو أحقّ بها(5) . وقيل : إنّ أقلامهم
(1) مجمع البحرين : 1 / 579 .
(2) أنوار التنزيل : 2 / 300 ، وعنه تفسير كنز الدقائق : 8 / 512 ـ 513 .
(3) سيرى كامل در اصول فقه : 15 / 107 ـ 132 .
(4) سورة آل عمران 3 : 44 .
(5) مجمع البيان : 1 / 282 ـ 283 ، وعنه بحار الأنوار : 14 / 196 .
الصفحة 437
كانت من الحديد ، فألقوا أقلامهم ثلاث مرّات ، وفي كلّ مرّة يرتفع قلم زكريّا وترسب أقلامهم ، والمناقشة في دلالة الآية على المشروعية مدفوعة بما عرفت في الآية الاُولى .
الثاني : الروايات ، وهي على ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى : ما يستفاد منها العموم في جميع الموارد ، مثل :
ما رواه الشيخ عن محمّد بن حكيم قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن شيء ، فقال لي : كلّ مجهول ففيه القرعة ، قلت له : إنّ القرعة تخطئ وتصيب ، قال : كلّ ما حكم الله به فليس بمخطىء . ورواه الصدوق بطريقين صحيحين(1) عنه(2) ، ويظهر من الشيخ في كتاب النهاية الاعتماد على هذه الرّواية ، بل وصدور مضمونها عن غير أبي الحسن (عليه السلام) أيضاً (3)، وكذا يظهر منه الاعتماد عليها في كتاب الخلاف(4) ، وكذا من الحلّي في السّرائر(5) ، والشهيد في القواعد(6) مع اختلاف في التعبير .
مضافاً إلى أنّ الظاهر أنّ محمّد بن حكيم هو الخثعمي الذي لا تبعد دعوى وثاقته ; لكونه صاحب الأصل ، ولكثرة نقل المشايخ بل أصحاب الإجماع عنه ، ولو كان في الرواية ضعف فهو منجبر بعمل الأصحاب واعتمادهم عليها ، وليس في طرقنا مايستفاد منه العموم غير هذه الرواية ، لكن سيأتي التحقيق في مفادها ، فانتظر .
(1) مشيخة الفقيه : 884 .
(2) تهذيب الأحكام : 6 / 240 ح 593 ، الفقيه : 3 / 52 ح 174 ، وعنهما وسائل الشيعة : 27 / 259 كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 11 .
(3) النهاية : 346 .
(4) الخلاف : 6 / 338 مسألة 10 .
(5) السرائر : 2 / 172 ـ 173 .
(6) القواعد والفوائد : 2 / 183 .
الصفحة 438
وكالرّوايتين العامّيتين : القرعة لكلّ أمر مشكل ، والقرعة لكلّ أمر مشتبه ، وعن الحلّي دعوى الإجماع على أنّ كلّ مشكل فيه القرعة(1) ، ونقل عنه أيضاً أنّه قال في باب سماع البيّنات : وكلّ أمر مشكل مجهول يشتبه الحكم فيه ، فينبغي أن تستعمل فيه القرعة ; لما روي عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) وتواترت به الآثار وأجمعت عليه الشيعة الإماميّة(2) .
وما رواه في المستدرك عن دعائم الإسلام ، عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد الله (عليهم السلام) : أنّهم أوجبوا الحكم بالقرعة فيما اُشكل(3) .
قال أبو عبد الله (عليه السلام) : وأيّ حكم في الملتبس أثبت من القرعة؟ أليس هو التفويض إلى الله جلّ ذكره؟ ثمّ ذكر قصّة يونس ومريم وعبد المطلّب(4) .
وما رواه فيه أيضاً عن الشيخ المفيد (قدس سره) في الاختصاص ، عن أحمدبن محمدبن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي ، عن النضربن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عبد الرحيم قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول :
إنّ عليّاً (عليه السلام) كان إذا ورد عليه أمر لم يجىء فيه كتاب ولم تجر به سنّة رجم فيه ـ يعني ساهم ـ فأصاب ، ثمّ قال : يا عبد الرّحيم وتلك من المعضلات(5) .
(1) السرائر : 2 / 170 و ج 3 / 417 .
(2) السرائر : 2 / 173 .
(3) دعائم الإسلام : 2 / 522 ح 1864 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 373 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 21617 .
(4) دعائم الإسلام : 2 / 522 ملحق ح 1864 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 374 ، كتاب القضاء ، أبواب الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 21618 .
(5) الاختصاص : 310 ، وعنه بحار الأنوار : 26 / 32 ح 49 و مستدرك الوسائل : 17 / 378 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 14 ، وفي البحار : 2 / 177 ح 20 عن بصائر الدرجات : 389 ، الجزء الثامن ، الباب السابع ح 4 .
الصفحة 439
الطائفة الثانية : ما يستفاد منه العموم في الجملة ، ككثير من الروايات الواردة في القرعة التي نقل أكثرها في الوسائل في الباب «12» وفي الباب «13» من أبواب كيفيّة الحكم ، وفي المستدرك في الباب «11» من تلك الأبواب ، مثل :
ما ورد في ذيل صحيحة أبي بصير ـ برواية الصّدوق ـ من قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) : ليس من قوم تقارعوا وفوّضوا أمرهم الى الله ـ عزّ وجلّـ إلاّ خرج سهم المحقّ(1) .
وقريب منه ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذيل رواية العبّاس بن هلال(2) .
ومرسلة الصّدوق عن الصادق (عليه السلام) (3) .
ومرسلة فقه الرّضا عنه (عليه السلام) قال : أيّ قضية أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى الله ; لقوله تعالى : {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}(4) . وكذا رواية أحمد البرقي(5) .
الطائفة الثالثة : الروايات الواردة في موارد خاصّة ، وهي كثيرة :
منها : ما إذا تعارضت البيّنتان وكان المرجّح مفقوداً ، ففي صحيحة داود بن سرحان ـ برواية الصدوق ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجلين شهدا على رجل في أمر ،
(1) الفقيه : 3 / 54 ح 183 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 258 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب13 ح 6 .
(2) تهذيب الأحكام : 9 / 363 ح 1298 ، وعنه وسائل الشيعة : 26 / 312 ، كتاب الفرائض والمواريث ، أبواب ميراث الغرقي والمهدم عليهم ب 4 ح 4 .
(3) الفقيه : 3 / 52 ح 175 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 261 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 13 .
(4) الفقه المنسوب للإمام الرضا (عليه السلام) : 262 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 374 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 11 ح 4 .
(5) المحاسن : 2 / 439 ح 2524 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 261 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 17 .
الصفحة 440
وجاء آخران فشهدا على غير الذي شهد عليه الاُوليان ، قال : يقرع بينهم ، فأيّهم قرع فعليه اليمين وهو أولى بالقضاء(1) . وفي صحيحة الحلبي قريب منها ، إلاّ أنّ في آخرها بدل و«هو أولى بالقضاء» : وهو أولى بالحقّ(2) .
وفي صحيحة البصري ـ بروايته أيضاً ـ عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال : كان عليّ (عليه السلام) إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدّتهم سواء وعدالتهم سواء ، أقرع بينهما على أيّـهما تصير اليمين(3) .
ومنها : الإشهاد على الدّابة ، ففي موثّقة سماعة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنّ رجلين اختصما إلى عليّ (عليه السلام) في دابّة ، فزعم كلّ واحد منهما إنّها نتجت على مذوده(4) ، وأقام كلّ واحد منهما بيّنة سواء في العدد ، فأقرع بينهما سهمين(5) .
ومنها : الإشهاد بالإيداع على الظاهر ، ففي رواية زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له : رجل شهد له رجلان بأنّ له عند رجل خمسين درهماً ، وجاء آخران فشهدا بأنّ له عنده مائة درهم ، كلّهم شهدوا في موقف ، قال : اُقرع بينهم ، ثمّ استحلف الذين أصابهم القرع(6) .
(1) الفقيه : 3 / 52 ح 178 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 252 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 12 ملحق ح 6 .
(2) تهذيب الأحكام : 6 / 235 ح 577 ، الاستبصار : 3 / 40 ح 137 ، وعنهما وسائل الشيعة : 27 / 254 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 12 ح 11 .
(3) الفقيه : 3 / 53 ح 181 ، وعنه وسائل الشيعة : 27 / 251 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفيّة الحكم وأحكام الدعوى ب 12 ح 5 .
(4) المذود : معلف الدابّة .
(5) تهذيب الأحكام : 6 / 234 ح 576 ، الاستبصار : 3 / 40 ح 136 ، الفقيه : 3 / 52 ح 177 ، وعنها وسائل الشيعة : 27 / 254 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 12 ح 12 .
(6) الكافي : 7 / 420 ح 1 ، تهذيب الأحكام : 6 / 235 ح 578 ، الاستبصار : 3 / 41 ح138 ، وعنها وسائل الشيعة : 27 / 252 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 12 ح 7 .
|