(الصفحة331)
الْقُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ ، وَلا تُخَيِّبْنِي بَعْدَ الْيَوْمِ ، وَلا تَصْرِفْنِي بِغَيْرِ حاجَتِي .
فَقَدْ لَصِقْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ اِلَيْكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ وَرَجاءَ رَحْمَتِكَ ، فَتَقَبَّلْ مِنِّي وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي وَبِرَافَتِكَ عَلى جِنايَةِ نَفْسِي ، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي ، وَما اَخافُ اَنْ تَظْلِمَنِي وَلكِنْ اَخافُ سُوءَ الْحِسابِ ، فَانْظُرِ الْيَوْمَ تَقَلُّبِي عَلى قَبْرِعَمِّ نَبِيِّكَ عَلَيْهِما السَّلاَمُ ، فَبِهِما فُكَّنِي مِنَ النّارِ ، وَلا تُخَيِّبْ سَعْيِي ، وَلا يَهُونَنَّ عَلَيْكَ ابْتِهالِي ، وَلا تَحْجُبَنَّ عَنْكَ صَوْتِي ، وَلا تَقْلِبْنِي بِغَيْرِ حَوائِجِي .
يا غِياثَ كُلِّ مَكْرُوب وَمَحْزُون ، وَيا مُفَرِّجاً عَنِ الْمَلْهُوفِ الْحَيْرانِ الْغَريقِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَكَةِ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَالِ مُحَمَّد ، وَانْظُرْ اِلَيَّ نَظْرَةً لا اَشْقى بَعْدَها اَبَداً ، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَعَبْرَتِي وَاِنْفِرادِي ، فَقَدْ رَجُوتُ رِضاكَ وَتَحَرَّيْتُ الْخَيْرَ الَّذِي
(الصفحة332)
لا يُعْطيهِ اَحَدٌ سِواكَ ، فَلا تَرُدَّ اَمَلِي ، اَللّهُمَّ اِنْ تُعاقِبْ فَمَوْلىً لَهُ الْقُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ وَجَزائِهِ بِسُوءِ فِعْلِهِ ، فَلا اَخيبَنَّ الْيَوْمَ وَلا تَصْرِفْنِي بِغَيْرِ حاجَتِي ، وَلا تُخَيِّبَنَّ شُخُوصِي وَوِفادَتِي ، فَقَدْ اَنْفَدْتُ نَفَقَتِي وَ اَتْعَبْتُ بَدَنِي وَقَطَعْتُ الْمَفازاتِ وَخَلَّفْتُ الاَْهْلَ وَالْمالَ وَما خَوَّلْتَنِي ، وَاثَرْتُ ما عِنْدَكَ عَلى نَفْسِي ، وَلُذْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالِهِ ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ ، فَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي وَبِرَأْفَتِكَ عَلى ذَنْبِي ، فَقَدْ عَظُمَ جُرْمِي فَاغْفِرْهُ بِرَحْمَتِكَ يا كَريمُ يا كَريمُ .
زيارة قبور شهداء اُحدرضوان الله عليهم
اَلسَّلامُ عَلى رَسُولِ الله ، اَلسَّلامُ عَلى نَبِيِّ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلى مُحمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلى اَهْلِ بَيْتِهِ الطّاهِرينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ اَيُّهَا الشُّهَداءُ الْمُؤْمِنُونَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَهْلَ بَيْتِ الاْيمانِ وَالتَّوْحيدِ ، اَلسَّلامُ
(الصفحة333)
عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ دينِ اللهِ وَاَنْصارَ رَسُولِهِ عَلَيْهِ وَالِهِ السَّلامُ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ ، اَشْهَدُ اَنَّ اللهَ اخْتارَكُمْ لِدينِهِ وَاصْطَفاكُمْ لِرَسُولِهِ ، واَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ جاهَدْتُمْ فِي اللهِ حَقِّ جِهادِهِ وَذَبَبْتُمْ عَنْ دينِ اللهِ وَعَنْ نَبِيِّهِ ، وَجُدْتُمْ بِاَنْفُسِكُمْ دُونَهُ ، وَاَشْهَدُ اَنَّكُمْ قُتِلْتُمْ عَلى مِنْهاجِ رَسُولِ اللهِ ، فَجَزاكُمُ اللهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَعَنِ الاِْسْلامِ وَاَهْلِهِ اَفْضَلَ الْجَزاءِ ، وَعَرَّفْنا وُجُوهَكُمْ فِي مَحَلِّ رِضْوانِهِ وَمَوْضِعِ اِكْرامِهِ مَعَ النَّبيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ وَحُسْنَ اُولئِكَ رَفيقاً .
اَشْهَدُ اَنَّكُمْ حِزْبُ اللهِ ، وَاَنَّ مَنْ حارَبَكُمْ فَقَدْ حارَبَ اللهَ ، وَاَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبينَ الْفائِزينَ الَّذِينَ هُمْ اَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَعَلى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ اَجْمَعينَ ، اَتَيْتُكُمْ يا اَهْلَ التَّوحيدِ زائِراً ، وَبِحَقِّكُمْ عارِفاً ، وَبِزِيارَتِكُمْ اِلَى اللهِ مُتَقَرِّباً ،
(الصفحة334)
وَبِما سَبَقَ مِنْ شَريفِ الاَْعْمالِ وَ مَرْضِيِّ الاَْفْعالِ عالِماً ، فَعَلَيْكُمْ سَلامُ اللهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكاتُهُ وَعَلى مَنْ قَتَلَكُمْ لَعْنَةُ اللهِ وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ ، اَللّهُمَّ انْفَعْنِي بِزِيارَتِهِمْ وَثَبِّتْنِي عَلى قَصْدِهِمْ وَتَوَفَّنِي عَلى ما تَوَفَّيْتَهُمْ عَلَيْهِ وَاجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فِي مُسْتَقَرِّ دارِ رَحْمَتِكَ ، اَشْهَدُ اَنَّكُمْ لَنا فَرَطٌ وَنَحْنُ بِكُمْ لا حِقونَ .
(الصفحة335)
بقيّة الأماكن المقدّسة في المدينة المنوّرة
وهي كثيرة ، ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعضها :
مسجد قبا : كان هذا المسجد في السابق يبعد عن المدينة المنوّرة مسافة عدّة كيلومترات ، ولكن في الوقت الحاضر وبسبب اتّساع المدينة فقد أصبح جزءاً من المدينة المنوّرة ، ويقع في شارع قبا .
وقد أُسّس هذا المسجد من أوّل يوم على التقوى وفيه نزلت الآية الكريمة {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}(1) وهو مسجد في غاية القدسيّة ، وقد روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله : «إنّ ثواب
1 ـ سورة التوبة 9: 108 .
(الصفحة336)
الصلاة فيه يعادل ثواب العمرة» فيجدر بزوّار المدينة المنوّرة أن يصلّوا في هذا المسجد ما استطاعوا .
مسجد الفتح : في الشمال الغربي للمدينة جبل يسمّى بجبل سلع ، وعلى هذا الجبل يقع مسجد يسمّى مسجد الفتح ، ويسمّى أيضاً مسجد الأحزاب .
وقد قتل عمرو بن عبدودّ على يد أمير المؤمنين (عليه السلام) في غزوة الأحزاب ، وحظى المسلمون بالفتح والنصر .
وقد روى جابر أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا في هذا المسجد بهذا الدعاء واستجاب الله دعاءه ، ولذا يستحبّ بعد الصلاة في هذا المسجد أن يقول : يا صَريخَ الْمَكْرُوبينَ ، وَيا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ ، وَيا مُغيثَ الْمَهْمُومينَ ، اكْشِفْ عَنِّي ضُرِّي وَهَمِّي وَكَرْبِي وَغَمِّي كَما كَشَفْتَ عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَالِهِ هَمَّهُ وَكَفَيْتَهُ هَوْلَ عَدُوِّهِ ، وَاكْفِني ما اَهَمَّنِي مِنْ اَمْرِ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
(الصفحة337)
وهناك ثلاث مساجد اُخرى تقع إلى جهة الجنوب إلى الأسفل قليلا من مسجد الفتح ، وهي :
1ـ مسجد الإمام علي (عليه السلام) .
2ـ مسجد السيّدة فاطمة (عليها السلام) .
3ـ مسجد سلمان (رضي الله عنه) .
و يستحبّ صلاة ركعتين في كلّ واحد من هذه المساجد الثلاثة :
مسجد الفضيخ : ويقع شرق مسجد قبا .
مسجد المباهلة : ويقع شمال البقيع يسمّى أيضاً بمسجد الإجابة .
مسجد أبي ذرّ : ويقع في شارع أبي ذر .
مسجد الغمامة : ويقع غرب المسجد النبوي ، ويُقال: إنّه أوّل مسجداُقيمت فيه صلاة العيد; وذلك في السنة الثانية للهجرة، وفي شمال هذاالمسجد يوجد مسجدان آخران، هما:
1ـ مسجد الإمام علي (عليه السلام) .
(الصفحة338)
2ـ مسجد السيّدة فاطمة (عليها السلام) .
مسجد القبلتين : ويقع في شمال غرب المدينة; وهو من أشهر مساجد المدينة ، وقد حدث في هذا المسجد تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المعظّمة .
مسجد الراية : ويقع في بداية طريق الدخول إلى المدينة من جهة الشام وعلى جبل «ذباب» ويسمّى أيضاً بمسجد الذباب .
ملاحظة : تستحبّ صلاة ركعتين تحيّةً في كلّ مسجد من المساجد المذكورة .
مشربة اُمّ إبراهيم : وهي حجرة اُمّ إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان بيتها و مصلاّها في هذا المكان; ويقع هذا المحلّ في طريق مسجد قبا .
بدر : وهي قرية تقع بين مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة ، وفيها دفن أربعة عشر شهيداً من شهداء غزوة بدر، ويجدر كثيراً بالزوّارالكرام أن يتشرّفوابزيارة تلك القبور المقدّسة.
(الصفحة339)
دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) بعرفة
روى بشر وبشير الأسديّان أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) خرج عشيّة عرفة يومئذ من فسطاطه متذلّلا متخشّعاً، فجعل (عليه السلام) هوناً هوناً حتّى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل مستقبل البيت ، ثمّ رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ، قال:
اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ وَاَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ ، جازي كُلِّ صانِع وَرائِشُ كُلِّ قانِع ، وَ راحِمُ كُلِّ ضارِع ، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ بِالنُّورِ السّاطِعِ ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ ، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ وَلا شَيءَ يَعْدِلُهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ .
(الصفحة340)
اَللّهُمَّ اِنِّي اَرْغَبُ اِلَيْكَ وَاَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ ، مُقِرّاً بِاَنَّكَ رَبِّي ، وَاِلَيْكَ مَرَدِّي ، اِبْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ اَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً ، وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُّرابِ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الاَْصلابَ ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ وَاختِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنينَ ، فَلَمْ اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب اِلى رَحِم فِي تَقادُم مِنَ الاَْيّامِ الْماضِيَةِ وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَاْفَتِكَ بِي وَلُطْفِكَ لِي (بِي خ ل) وَاِحْسانِكَ اِلَيَّ فِي دَوْلَةِ اَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنِي (رَأْفَةً مِنْكَ وَتَحَنُّنـاً عَلَيَّ نسخة) لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي ، وَفيهِ اَنْشَأْتَنِي ، وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَميلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ، وَاَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمات ثَلاث بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد ، لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي (تُشَهِّرنِي بِخَلْقِي خ ل) وَلَمْ تَجْعَلْ اِلَيَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرِي .
(الصفحة341)
ثُمَّ اَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تامّاً سَوِيّاً ، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلا صَبِيّاً ، ورَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً ، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ ، وَكَفَّلْتَنِي الاُْمُّهاتِ الرَّواحِمَ (الْرَّحائِمَ خ ل) ، وَكَلاَْتَنِي مِنْ طَوارِقِ الْجانِّ ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ ، حَتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ اَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الاِْنْعامِ ، وَرَبَّيْتَنِي زائِداً فِي كُلِّ عام ، حَتّى اِذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِاَنْ اَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ (فِطْرَتِكَ خل) وَاَيْقَظْتَنِي لِما ذَرَاْتَ فِي سَمائِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ ، وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ ، وَاَوْجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ ، وَفَهَّمْتَنِي ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَميعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ .
(الصفحة342)
ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ (حُرِّ خ ل) الثَّرى ، وَلَمْ تَرْضَ لِي يا اِلهِي نِعْمَةً (بِنِعْمَة خ ل) دُونَ اُخْرى ، وَرَزَقْتَنِي مِنْ اَنْواعِ الْمَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظيمِ الاَْعْظَمِ عَلَيَّ ، وَاِحْسانِكَ الْقَديمِ اِلَيَّ ، حَتّى اِذا اَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ اَنْ دَلَلْتَنِي اِلى (عَلى خ ل) ما يُقَرِّبُنِي اِلَيْكَ ، وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ ، فَاِنْ دَعَوْتُكَ اَجَبْتَنِي وَاِنْ سَئَلْتُكَ اَعْطَيْتَنِي ، وَاِنْ اَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي ، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي ، كُلُّ ذلِكَ اِكْمالٌ (إكْمالاً خ ل) لاَِنْعُمِكَ عَلَيَّ وَاِحْسانِكَ اِلَيَّ ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِئ مُعيد حَميد مَجيد ، وَتَقَدَّسَتْ اَسْماؤُكَ وَعَظُمَتْ الاؤُكَ ، فَاَيُّ نِعَمِكَ يا اِلهي اُحْصِي عَدَداً وَذِكْراً ، اَمْ اَيُّ عَطاياكَ اَقُومُ بِها شُكْراً وَهِيَ يا رَبِّ اَكْثَرُ مِنْ اَنْ يُحْصِيَها الْعادُّونَ ، اَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأتَ عَنِّي اَللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ
(الصفحة343)
وَالضَّرّاءِ اَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرّاءِ .
وَاَنـَا اَشْهَدُ (اُشْهِدُكَ خ ل) يا اِلهِي بِحَقيقَةِ إيمانِي ، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقينِي ، وَخالِصِ صَريحِ تَوْحيدِي ، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميرِي ، وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ بَصَرِي ، وَاَساريرِ صَفْحَةِ جَبينِي ، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسِي (نَفَسِي خ ل) ، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنينِي ، وَمَسارِبِ سِماخِ (صِماخِ خ ل) سَمْعِي ، وَما ضُمَّتْ وَاَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِي ، وَمَغْرَزِحَنَكِ فَمِي وَفَكِّي ، وَمَنابِتِ اَضْراسِي ، وَمَساغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي ، وَحِمالَةِ اُمِّ رَأسِي ، وَبَلُوعِ فارِغِ حَبائِلِ عُنُقِي ، وَما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي ، وَحَمائِلِ (جُمَلِ نسخة) حَبْلِ وَتِينِي ، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبِي ، وَاَفْلاذِ حَواشِي كَبِدِي ، وَما حَوَتْهُ شَراسِيفُ اَضْلاعِي ، وَحِقاقُ مَفاصِلِي ، وَقَبْضُ عَوامِلِي ، وَاَطْرافُ اَنامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي
(الصفحة344)
وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي وَجَميعُ جَوارِحِي ، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ اَيّامَ رِضاعِي ، وَما اَقَلَّتِ الاَْرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي ، وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي ، اَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الاَْعْصارِ وَالاَْحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها اَنْ اُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَة مِنْ اَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ اِلاّ بِمَنِّكَ ، الْمُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ اَبَداً جَديداً وَثَناءً طارِفاً عَتيداً .
اَجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ اَنـَا وَالْعادُّونَ مِنْ اَنامِكَ اَنْ نُحْصِيَ مَدى اِنْعامِكَ سالِفِهِ وَانِفِهِ (سانِفَةً وَانِفَةً خ ل) ما حَصَرْناهُ عَدَداً وَ لا اَحْصَيْناهُ اَمَداً ، هَيْهاتَ اَنّى ذلِكَ وَاَنْتَ الُْمخْبِرُ فِي كِتابِكَ النّاطِقِ وَالنَّبَاَ الصّادِقِ: { وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها} صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ وَاِنْباؤُكَ ، وَبَلَّغَتْ اَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ما اَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ ، غَيْرَ اَنـِّي
(الصفحة345)
يا اِلهِي اَشْهَدُ بِجَهْدِي وَجِدِّيوَمَبْلَغِ طاعَتِيوَوُسْعِي ، وَاَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً:
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونُ مَوْرُوثاً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضادُّهُ فيمَا ابْتَدَعَ ، وَ لا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدُهُ فيما صَنَعَ ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كانَ فيهِما الِهَةٌ اِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا ، سُبْحانَ اللهِ الْواحِدِ الاَْحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ ، اَلْحَمْدُ لِلّهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ وَاَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ وَالِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ الُْمخْلَصينَ وَسَلَّمَ .
ثم اندفع (عليه السلام) في المسألة واجتهد في الدُّعاء وقال وعيناه تنهمر بالدموع :
اَللّهُمَّ اجْعَلْنِي اَخْشاكَ كَاَنـِّي اَراكَ ، وَاَسْعِدْنِي
(الصفحة346)
بِتَقْواكَ وَلا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ ، وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتّى لا اُحِبَّ تَعْجيلَ ما اَخَّرْتَ وَلا تَأْخيرَ ما عَجَّلْتَ .
اَللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي ، وَالْيَقينَ فِي قَلْبِي ، وَالاِْخْلاصَ فِي عَمَلِي ، وَالنُّورَ فِي بَصَرِي ، وَالْبَصيرَةَ فِي دينِي ، وَمَتِّعْنِي بِجَوارِحِي ، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوارِثَيْنِ مِنِّي ، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي ، وَاَرِنِي فيهِ ثارِي وَمَآرِبِي وَاَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي ، اَللّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي ، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي ، وَاغْفِرْ لِي خَطيئَتِي ، وَاخْسَأ شَيْطانِي ، وَفُكَّ رِهانِي ، وَاجْعَلْ لِي يا اِلهِي الدَّرَجَةَ الْعُلِيا فِي الاْخِرَةِ وَالاُْوْلى .
اَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَميعاً بَصيراً وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقاً (حَيَّاً خ ل) سَوِيّاً رَحْمَةً بي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً ، رَبِّ بِما بَرَأتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي ، رَبِّ بِما اَنْشَأتَنِي فَاَحْسَنْتَ
(الصفحة347)
صُورَتِي ، رَبِّ بِما اَحْسَنْتَ اِلَيَّ (بِي خ ل) وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي ، رَبِّ بِما كَلاَْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي ، رَبِّ بِما اَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي ، رَبِّ بِما اَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْر اَعْطَيْتَنِي ، رَبِّ بِما اَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي ، رَبِّ بِما اَغْنَيْتَنِي وَاَقْنَيْتَنِي ، رَبِّ بِما اَعَنْتَنِي وَاَعْزَزْتَنِي ، رَبِّ بِما اَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصّافِي ، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكافِي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَالِ مُحَمَّد ، وَأَعِنِّي عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيالِيوَالاَْيّامِ ، وَنَجِّنِي مِنْ اَهْوالِ الدُّنْيا وَ كُرُباتِ الاْخِرَةِ ، وَاكْفِنِي شَرَّ ما يَعْمَلُ الظّالِمُونَ فِى الاَْرْضِ .
اَللّهُمَّ ما اَخافُ فَاكْفِنِي ، وَما اَحْذَرُ فَقِنِي ، وَفِي نَفْسِي وَدينِي فَاحْرُسْنِي ، وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي ، وَفِي اَهْلِي وَمالِي فَاخْلُفْنِي ، وَفيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي ، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي ، وَفِي اَعْيُنِ النّاسِ فَعَظِّمْنِي ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ فَسَلِّمْنِي ، وَبِذُنُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي ،
(الصفحة348)
وَبِسَريرَتِي فَلاتُخْزِنِي ، وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلِنِي ، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِي ، وَاِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي .
اِلهِي اِلى مَنْ تَكِلُنِي ، اِلى قَريب فَيَقْطَعُنِي ، اَمْ اِلى بَعيد فَيَتَجَهَّمُنِي ، اَمْ اِلَى الْمُسْتَضْعِفينَ لِي وَاَنْتَ رَبِّي وَمَليكُ اَمْرِي ، اَشْكُو اِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دارِي وَهَوانِي عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْرِي .
اِلهِي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا اُبالِي سِوَاكَ ، سُبْحانَكَ غَيْرَ اَنَّ عافِيَتَكَ اَوْسَعُ لِي ، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُوِرِ وَجْهِكَ الَّذِي اَشْرَقَتْ لَهُ الاَْرْضُ وَالسَّمواتُ ، وَكُشِفَتْ (وَانْكَشَفَتْ خ ل) بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلَُحَ بِهِ اَمْرُ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرينَ ، اَنْ لا تُميتَنِي عَلى غَضَبِكَ وَلا تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ ، لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ الَّذِي اَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلنّاسِ اَمْناً ، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ
(الصفحة349)
الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ ، يا مَنْ اَسْبَغَ النَّعْماءَ بِفَضْلِهِ ، يا مَنْ اَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ ، يا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي ، يا صاحِبِي فِي وَحْدَتِي ، يا غِياثِي فِي كُرْبَتِي ، يا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي .
يا اِلهِي وَ اِلهَ ابائِي اِبْراهيمَ وَاِسْمعيلَ وَاِسْحقَ وَيَعْقُوبَ ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَاِسْرافيلَ ، وَرَبَّ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ وَ الِهِ الْمُنْتَجَبينَ ، وَمُنْزِلَ التَّوْريةِ وَالاِْنْجيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ ، وَمُنْزِّلَ كهيعص وَطه وَيس وَالْقُرْانِ الْحَكيمِ ، اَنْتَ كَهْفِي حينَ تُعْيينِي الْمَذاهِبُ فِي سَعَتِها ، وَتَضيقُ بِيَ الاَْرْضُ بِرُحْبِها (بِما رَحُبَتْ خ ل) ، وَلَوْ لا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهَالِكينَ ، وَاَنْتَ مُقيلُ عَثْرَتِي ، وَلَوْلا سَتْرُكَ اِيّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحينَ ، وَاَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى اَعْدائِي ، وَلَوْلا نَصْرُكَ اِيّايَ (لي خ ل) لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ .
يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمـُوِّ وَالرِّفْعَةِ ، فَاَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ
(الصفحة350)
يَعْتَزُّونَ ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى اَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الاَْعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَغَيْبَ ما تَاْتِي بِهِ الاَْزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ اِلاّ هُوَ ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ اِلاّ هُوَ ، يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ اِلاّ هُوَ ، يا مَنْ كَبَسَ الاَْرْضَ عَلَى الْمآءِ وَسَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ ، يا مَنْ لَهُ اَكْرَمُ الاَْسْمآءِ ، يا ذَالْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ اَبَداً ، يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً ، يا رآدَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ اَنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ .
يا كاشِفَ الضُّرِّ والْبَلْوى عَنْ اَيُّوبَ ، وَيا مُمْسِكَ يَدَيْ اِبْراهيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمْرِهِ ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحيداً ، يا مَنْ اَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ ، يا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي اِسْرائيلَ فَاَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ
(الصفحة351)
وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقينَ ، يا مَنْ اَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّرات بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ ، يا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ ، وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ .
يا اَللهُ يا اَللهُ يا بَدِيُ ، يا بَديعاً لا نِدَّ (بَدْءَ خ ل) لَكَ ، يا دائِماً لا نَفادَ لَكَ ، يا حَيّاً حينَ لا حَيَّ ، يا مُحْيِيَ الْمَوْتى ، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْس بِما كَسَبَتْ ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي ، وَعَظُمَتْ خَطيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي ، وَرَانِي عَلَى الْمَعاصِي فَلَمْ يَشْهَرْنِي (يَخْذُلْنِي خ ل) ، يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي ، يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي ، يا مَنْ اَياديهِ عِنْدِي لا تُحْصى ، وَنِعَمُهُ لاتُجازَى ، يا مَنْ عارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَالاِْحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالاِْسائَةِ وَالْعِصْيانِ ، يا مَنْ هَدانِي لِلاْيمانِ (بِالإيمانِ خ ل) مِنْ قَبْلِ اَنْ اَعْرِفَ شُكْرَ الاِْمْتِنانِ ، يا
(الصفحة352)
مَنْ دَعَوْتُهُ مَريضاً فَشَفانِي ، وَعُرْياناً فَكَسانِي ، وَ جائِعاً فَاَشْبَعَنِي ، وَعَطْشانَاً فَاَرْوانِي ، وَذَليلا فَاَعَزَّنِي ، وَجاهِلا فَعَرَّفَنِي ، وَوَحيداً فَكثَّرَنِي ، وَغائِباً فَرَدَّنِي ، وَمُقِلاًّ فَاَغْنانِي ، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي ، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي ، وَاَمْسَكْتُ عَنْ جَميعِ ذلِكَ فَابْتَدَاَنِي ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ ، يا مَنْ اَقالَ عَثْرَتِي ، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي ، وَاَجابَ دَعْوَتِي ، وَسَتَرَ عَوْرَتِي ، وَغَفَرَ ذُنُوبِي ، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي ، وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي ، وَاِنْ اَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحِكَ لا اُحْصيها .
يا مَوْلايَ اَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَنْعَمْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَحْسَنْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَجْمَلْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَفْضَلْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَكْمَلْتَ ، اَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ ، اَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَعْطَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَغْنَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَقْنَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اوَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ ، اَنْتَ الَّذِي
(الصفحة353)
سَتَرْتَ ، اَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَقَلْتَ ، اَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَعْزَزْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَعَنْتَ ، اَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَيَّدْتَ ، اَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ ، اَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ ، اَنْتَ الَّذِي اَكْرَمْتَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً اَبَداً .
ثُمَّ اَنـَا يا اِلهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي ، اَنـَا الَّذِي اَسَأتُ ، اَنـَا الَّذِي اَخْطَاْتُ ، اَنـَا الَّذِي هَمَمْتُ ، اَنـَا الَّذِي جَهِلْتُ ، اَنـَا الَّذِي غَفَلْتُ، اَنـَا الَّذِي سَهَوْتُ ، اَنـَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ ، اَنـَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ ، اَنـَا الَّذِي وَعَدْتُ ، وَاَنـَا الَّذِي اَخْلَفْتُ ، اَنـَا الَّذِي نَكَثْتُ ، اَنـَا الَّذِي اَقْرَرْتُ، اَنـَا الَّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي وَاَبُوءُ بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لِي ، يا مَنْ لا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهَوَ الْغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ ، وَالْمُوفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاًمِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِوَرَحْمَتِهِ،فَلَكَ الْحَمْدُاِلهي وَسَيِّدِي .
(الصفحة354)
اِلهِي اَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ ، فَاَصْبَحْتُ لا ذا بَراءَة لِي فَاَعْتَذِرُ ، وَلا ذا قُوَّة فَاَنْتَصِرُ ، فَبِأَيِّ شَيء اَسْتَقْبِلُكَ (اَسْتَقيلُكَ خ ل) يا مَوْلايَ ، اَبَسْمِعِي اَمْ بِبَصَرِي اَمْ بِلِسانِي اَمْ بِيَدِي اَمْ بِرِجْلِي ، اَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ ، فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبيلُ عَلَيَّ ، يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الاْباءِ وَالاُْمَّهاتِ اَنْ يَزْجُرُونِي ، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالاِْخْوانِ اَنْ يُعَيِّرُونِي ، وَمِنَ السَّلاطينَ اَنْ يُعاقِبُونِي ، وَلَوِاطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَااطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي اِذاً ما اَنْظُرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي ، فَها اَنـَا ذا يا اِلهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدِي خاضِعٌ ذَليلٌ حَصيرٌ حَقيرٌ لا ذُو بَراءَة فَاَعْتَذِرُ ، وَلا ذُو قُوَّة فَاَنْتَصِرُ ، وَلا ذُو حُجَّة فَاَجْتَجُّ بِها ، وَلا قائِلٌ لَمْ اَجْتَرِحْ وَلَمْ اَعْمَلْ سُوءاً ، وَما عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُنِي ، كَيْفَ واَنـّى ذلِكَ وَجَوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلَتْ
(الصفحة355)
(عَمِلْتُ خ ل) ، وَعَلِمْتُ يَقيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أنَّكَ سائِلي مِنْ عَظائِمِ الاُْمُورِ ، وَاَنَّكَ الْحَكَمُ (الحَكيمُ خ ل) الْعَدْلُ الَّذِي لا تَجُورُ ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي ، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي ، فَاِنْ تُعَذِّبْنِي يا اِلهِي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ ، وَاِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ .
لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخائِفينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الرّاجينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الرّاغِبينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ السّائِلينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ
(الصفحة356)
سُبْحانَكَ اِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرينَ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ سُبْحانَكَ رَبِّي وَرَبُّ ابائِيَ الاَْوَّلينَ .
اَللّهُمَّ هذا ثَنائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً ، وَاِخْلاصِي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً ، وَاِقْرارِي بِالائِكَ مُعَدِّداً وَاِنْ كُنْتُ مُقِرّاً اَنـِّي لَمْ اُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها اِلى حادِث ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي (تَتَغَمَّدُني خ ل) بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَني مِنْ اَوَّلِ الْعُمْرِ مِنَ الإِغْناءِ مِنَ (بَعْدَ خ ل) الْفَقْرِ ، وَكَشْفِ الضُّرِّ ، وَتَسْبيبِ الْيُسْرِ ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ ، وَتَفْريجِ الْكَرْبِ ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ مِنَ الاْوَّلينَ وَالاْخِرينَ ما قَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَريم عَظيم رَحيم ، لا تُحْصى الاؤُكَ وَلا يُبْلَغُ ثَناؤُكَ وَلاتُكافى نَعْماؤُكَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَ الِ مُحَمَّد وَ اَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ ، وَاَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ ، سُبْحانَكَ لا اِلهَ
(الصفحة357)
اِلاَّ اَنْتَ .
اَللّهُمَّ اِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ ، وَتَشْفِي السَّقيمَ ، وَتُغْنِي الْفَقيرَ ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ ، وَتَرْحَمُ الصَّغيرَ ، وَتُعينُ الْكَبيرَ ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ ، وَاَنْتَ الْعَلِيُّ الكَبيرُ ، يامُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الاَْسيرِ ، يارازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ ، ياعِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجيرِ ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَالِ مُحَمَّد ، وَاَعْطِنِي فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ اَفْضَلَ ما اَعْطَيْتَ وَاَنـَلْتَ اَحَداً مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَة تُوليها ، وَالاء تُجَدِّدُها ، وَبَلِيَّة تَصْرِفُها ، وَكُرْبَة تَكْشِفُها ، وَدَعْوَة تَسْمَعُها ، وَحَسَنَة تَتَقَبَّلُها ، وَسَيِّئَة تَتَغَمَّدُها ، اِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشآءَ خَبيرٌ وَعَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ .
اَللّهُمَّ اِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ ، وأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ ، وأَكْرَمُ مَنْ عَفى ، وأَوْسَعُ مَنْ اَعْطى ، وَاَسْمَعُ مَنْ
(الصفحة358)
سُئِلَ ، يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَرَحيمَهُما ، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ ، دَعَوْتُكَ فَاَجْبَتَنِي ، وَسَأَلْتُكَ فَاَعْطَيْتَنِي ، وَرَغِبْتُ اِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي ، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي ، وَفَزِعْتُ اِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي .
اَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلى الِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَكَ وَهَنِّئْنا عَطاءَكَ ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرينَ وَلاِلآئِكَ ذاكِرينَ ، امينَ امينَ رَبَّ الْعالَمينَ .
اَللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ ، يا غايَةَ الطّالِبينَ الرّاغِبينَ ، وَمُنْتَهى اَمَلِ الرّاجينَ ، يا مَنْ اَحاطَ بِكُلِّ شَيء عِلْماً ، وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً ، اَللّهُمَّ اِنّا نَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَها وَ عَظَّمْتَها بِمُحَمَّد نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَأمينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، الْبَشيرِ النَّذيرِ ، السِّراجِ الْمُنيرِ ، الَّذِي
(الصفحة359)
اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالِمينَ .
اَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَالِ مُحَمَّد كَما مُحَمَّدٌ اَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظيمُ ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى الِهِ الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا ، فَاِلَيْكَ عَجَّتِ الاَْصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ ، فَاجْعَلْ لَنا اللّهُمَّ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْر تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ ، وَنُور تَهْدِي بِهِ ، وَرَحْمَة تَنْشُرُها ، وَبَرَكَة تُنْزِلُها ، وَعافِيَة تُجَلِّلُها ، وَرِزْق تَبْسُطُهُ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
اَللّهُمَّ اَقْلِبْنا فِي هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ غانِمينَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومينَ ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطينَ ، وَلا تَرُدَّنا خائِبينَ ، وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ ، يا اَجْوَدَ الاَْجْوَدينَ وَاَكْرَمَ الاَْكْرَمينَ اِلَيْكَ اَقْبَلْنا مُوقِنينَ ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ امّينَ قاصِدينَ ، فَاَعِنّا
(الصفحة360)
عَلى مَناسِكِنا ، وَاَكْمِلْ لَنا حَجَّنا ، وَاعْفُ عَنّا وَعافِنا فَقَدْ مَدَدْنا اِلَيْكَ اَيْدِيَنا ، فَهِيَ بِذِلَّةِ الاِْعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ .
اَللّهُمَّ فَاَعْطِنا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ ، فَلا كافِيَ لَنا سِواكَ وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ ، عَدْلٌ فينا قَضاؤُكَ ، اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ وَاجْعَلْنا مِنْ اَهْلِ الْخَيْرِ ، اَللّهُمَّ اَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الاَْجْرِ وَكَريمَ الذُّخْرِ وَ دَوامَ الْيُسْرِ ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اَجْمَعينَ ، وَلاتُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ، اَللّهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَاَعْطَيْتَهُ ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ ، وَتابَ اِلَيْكَ فَقَبْلِتَهُ ، وَتَنَصَّلَ اِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ ، يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ .
اَللّهُمَّ وَفِّقْنا وَسَدِّدْنا (وَاعصِمْنا خ ل) ، وَاقْبَلْ
|