(الصفحة361)
تَضَرُّعَنا ، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا اَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، يا مَنْ لا يخْفى عَلَيْهِ اِغْماضُ الْجُفُونِ ، وَلا لَحْظُ الْعُيُونِ ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ ، اَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ اَحْصاهُ عِلْمُكَ وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّمواتُ السَّبْعُ وَالاْرَضُونَ وَمَنْ فيهِنَّ ، وَاِنْ مِنْ شَيء اِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْـمَجْدُ وَعُلُوُّ الْجَدِّ ، يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ ، وَالْفَضْلِ وَالاِْنْعامِ ، وَالاَْيادِي الْجِسامِ ، وَاَنْتَ الْجَوادُ الْكَريمُ الرَّؤُفُ الرَّحيمُ .
اَللّهُمَّ اَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ ، وَعافِنِي فِي بَدَنِي وَدينِي ، وَامِنْ خَوْفِي ، وَاَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ ، اَللّهُمَّ لا تَمْكُرْ بِي وَلاتَسْتَدْرِجْنِي وَلا تَخْدَعْنِي ، وَادْرَءْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ .
(الصفحة362)
ثمّ رفع (عليه السلام) رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تفيضان بالدمع كأنّهما مَزادتان:
يا اَسْمَعَ السّامِعينَ ، يا اَبْصَرَ النّاظِرينَ ، وَيا اَسْرَعَ الْحاسِبينَ ، وَيا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَالِ مُحَمَّد السّادَةِ الْمَيامينَ ، وَاَسْأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِيَ الَّتِي اِنْ اَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَاِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما اَعْطَيْتَنِي ، اَسْأَلـُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ ، لا اِلهَ اِلاَّ اَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ الْحَمْدُ وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ يارَبِّ يارَبِّ .
وكان يكرّر قوله: «ياربّ» فشغل مَن حوله عن الدّعاء لأنفسهم ، وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء حتّى غربت الشمس وأفاض الناس معه .
إلى هنا انتهى دعاء الحسين (عليه السلام) يوم عرفة كما أورده
(الصفحة363)
الكفعمي وكذا المجلسي في كتاب زاد المعاد ، إلاّ أنّ السيّد ابن طاووس أضاف بعد «يَارَبِّ يَارَبِّ» هذه الزيادة :
اِلهي اَنـَا الْفَقيرُ في غِنايَ فَكَيْفَ لا اَكُونُ فَقيراً في فَقْرِي ، اِلهِي اَنـَا الْجاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لا اَكُونُ جَهُولا فِي جَهْلِي ، اِلهِي اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقاديرِكَ مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ اِلى عَطاء وَالْيَأْسِ مِنْكَ فِي بَلاء ، اِلهِي مِنِّي ما يَليقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ ، اِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي ، اَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي ، اِلهِي اِنْ ظَهَرَتِ الْـمَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ ، وَاِنْ ظَهَرَتِ الْمَساوِي مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ .
اِلهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِي ، وَكَيْفَ اُضامُ وَاَنْتَ النّاصِرُ لِي ، اَمْ كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ الْحَفِيُّ بِي ، ها
(الصفحة364)
اَنـَا اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِفَقْرِي اِلَيْكَ ، وَكَيْفَ اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِما هُوَ مُحالٌ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ اَشْكُو اِلَيْكَ حالِي وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقالِي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزٌ اِلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ امالِي وَهِيَ قَدْ وَفَدَتْ اِلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ لا تُحِسْنُ اَحْوالِي وَبِكَ قامَتْ ، اِلهِي ما اَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظيمِ جَهْلِي ، وَما اَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبيحِ فِعْلِي ، اِلهِي ما اَقْرَبَكَ مِنِّي وَاَبْعَدَنِي عَنْكَ ، وَما اَرْاَفَكَ بِي فَمَا الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ .
اِلهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الاْثارِ وَتَنَقُّلاتِ الاَْطْوارِ اَنَّ مُرادَكَ مِنِّي اَنْ تَتَعَرَّفَ اِلَيَّ فِي كُلِّ شَيء حَتّى لا اَجْهَلَكَ فِي شَيء ، اِلهِي كُلَّما اَخْرَسَنِي لُؤْمي اَنْطَقَنِي كَرَمُكَ ، وَكُلَّما ايَسَتْنِي اَوْصافِي اَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ ، اِلهِي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِيَ فَكَيْفَ لاتَكُونُ مَسَاوِيهِ مَساوِيَ ، ومَنْ كانتْ حقائِقُهُ دَعَاوِىَ فَكَيْفَ لاتكونُ دَعاوِيهِ دَعاوِيَ ، اِلهِي حُكْمُكَ النّافِذُ وَمَشيئَتُكَ
(الصفحة365)
الْقاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكا لِذِي مَقال مَقالا ، وَلا لِذِي حال حالا ، اِلهِي كَمْ مِنْ طاعَة بَنَيْتُها وَحالَة شَيَّدْتُها ، هَدَمَ اعْتِمادِي عَلَيْها عَدْلُكَ ، بَلْ اَقالَنِي مِنْها فَضْلُكَ .
اِلهي اِنَّكَ تَعْلَمُ اَ نُّي وَاِنْ لَمْ تَدُمِ الطّاعَةُ مِنِّي فِعْلا جَزْماً ، فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً ، اِلهِي كَيفَ اَعْزِمُ وَاَنْتَ الْقاهِرُ ، وَكَيْفَ لا اَعْزِمُ وَاَنْتَ الاْمِرُ ، اِلهِي تَرَدُّدِي فِي الاْثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ ، فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنِي اِلَيْكَ ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَلَيْكَ ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ اِلَيْكَ ، عَمِيَتْ عَينٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً ، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً .
اِلهي اَمـَرْتَ بِالرُّجُوعِ اِلَى الاْثارِ فَارْجِعْنِي اِلَيْكَ
(الصفحة366)
بِكِسْوَةِ الاَْنْوارِ وَهِدايَةِ الاِْسْتِبْصارِ حَتّى اَرْجِعَ اِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْها ، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ اِلَيْها ، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاِْعْتِمادِ عَلَيْها ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ ، اِلهِي هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَهذا حالِي لا يَخْفى عَلَيْكَ ، مِنْكَ اَطْلُبُ الْوُصُولَ اِلَيْكَ ، وَبِكَ اَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ فَاهْدِنِي بِنُورِكَ اِلَيْكَ ، وَاَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، اِلهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ ، وَ صُنِّي بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ ، اِلهِي حَقِّقْنِي بِحَقائِقِ اَهْلِ الْقُرْبِ ، وَاسْلُكْ بِي مَسْلَكَ اَهْلِ الْجَذْبِ ، اِلهِي اَغْنِنِي بِتَدْبيرِكَ لِي عَنْ تَدْبيرِي وَبِاخْتِيارِكَ عَنِ اخْتِيارِي ، وَاَوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرارِي .
اِلهِي اَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي ، وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي ، بِكَ اَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي ، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِي ، وَاِيّاكَ اَسْئَلُ فَلا تُخَيِّبْنِي ، وَفِي فَضْلِكَ اَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي ، وَبِجَنابِكَ اَنْتَسِبُ
(الصفحة367)
فَلا تُبْعِدْنِي ، وَبِبابِكَ اَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي ، اِلهِي تَقَدَّسَ رِضاكَ اَنْ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ ، فَكَيْفَ تَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي ، اِلهِي اَنْتَ الْغَنِيُّ بِذاتِكَ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي ، اِلهِي اِنَّ الْقَضاءَ وَالْقَدَرَ يُمَنِّينِي ، وَاِنَّ الْهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ اَسَرَنِي ، فَكُنْ اَنْتَ النَّصيرَ لِي حَتّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي ، وَاَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتّى اَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبِي .
اَنْتَ الَّذِي اَشْرَقْتَ الاَْنْوارَ فِي قُلُوبِ اَوْلِيائِكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ ، وَاَنْتَ الَّذِي اَزَلْتَ الاَْغْيارَ عَنْ قُلُوبِ اَحِبّائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجَئُوا اِلى غَيْرِكَ ، اَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ اَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ ، وَاَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَمَاالَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلا ، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلا ، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَاَنْتَ ما قَطَعْتَ الاْحْسانَ ،
(الصفحة368)
وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَاَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِْمْتِنانِ ، يا مَنْ اَذاقَ اَحِبّاءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ ، وَيامَنْ اَلْبَسَ أَوْليآءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ ، اَنْتَ الذّاكِرُ قَبْلَ الذّاكِرينَ ، وَاَنْتَ الْبادِئُ بِالاِْحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ ، وَاَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبينَ ، وَاَنْتَ الْوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ .
اِلهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتّى اَصِلَ اِلَيْكَ ، وَاجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتّى اُقْبِلَ عَلَيْكَ ، اِلهِي اِنَّ رَجائِي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ ، كَما اَنَّ خَوْفِي لا يُزايِلُنِي وَاِنْ اَطَعْتُكَ ، فَقَدْ دَفَعَتْنِي الْعَوالِمُ اِلَيْكَ ، وَقَدْ اَوْقَعَنِي عِلْمي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ ، اِلهِي كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ اَمَلِي ، اَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي ، اِلهِي كَيْفَ اَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَةِ اَرْكَزْتَنِي ، اَمْ كَيْفَ لا اَسْتَعِزُّ وَاِلَيْكَ نَسَبْتَنِي ، اِلهِي كَيْفَ لا اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذِي فِي الْفُقَراءِ اَقَمْتَنِي ، اَمْ كَيْفَ اَفْتَقِرُ
(الصفحة369)
وَاَنْتَ الّذِي بِجُودِكَ اَغْنَيْتَنِي ، وَاَنْتَ الَّذِي لا اِلهَ غَيْرُكَ ، تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيء فَما جَهِلَكَ شَيءٌ ، وَاَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ اِلَيَّ فِي كُلِّ شَيء فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً في كُلِّ شَيء ، وَأَنْتَ الظاهِرُ لِكُلِّ شَيء .
يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذاتِهِ ، مَحَقْتَ الاْثارَ بِالاْثارِ وَمَحَوْتَ الاَْغْيارِ بِمُحيطاتِ اَفْلاكِ الاَْنْوارِ ، يا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصارُ ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ ]مِنَ[الاِْسْتِوآءِ ، كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظّاهِرُ ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ وَحْدَهُ .
(الصفحة370)
(الصفحة371)
دعاء الموقف لعليّ بن الحسين (عليهما السلام)
اَللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَ أَنْتَ اللّهُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَ أَنْتَ اللّهُ الدّائِبُ فِي غَيْرِ وَصَب وَلا نَصَب ، وَلا تَشْغَلُكَ رَحْمَتُكَ عَنْ عَذابِكَ ، وَلا عَذابُكَ عَنْ رَحْمَتِكَ .
خَفَيْتَ مِنْ غَيْرِ مَوْت ، وَ ظَهَرْتَ فَلا شَيءَ فَوْقَكَ ، وَتَقَدَّسْتَ فِي عُلُوِّكَ ، وَتَرَدَّيْتَ بِالْكِبْرِياءِ فِي الاَْرْضِ وَفِي السَّماءِ ، وَقَويتَ فِي سُلْطانِكَ ، وَدَنَوْتَ مِنْ كُلِّ شَيء فِي ارْتِفاعِكَ ، وَخَلَقْتَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِكَ ، وَقَدَّرْتَ الاُمُورَ بِعِلْمِكَ ، وَقَسَمْتَ الاَْرْزاقَ بِعَدْلِكَ .
وَنَفَذَ فِي كُلِّ شَيء عِلْمُكَ ، وَحارَتِ الاَْبْصارُ
(الصفحة372)
دُونَكَ ، وَقَصُرَ دُونَكَ طَرْفُ كُلِّ طارِف ، وَكَلَّتِ الاَْلْسُنُ عَنْ صِفاتِكَ ، وَغَشِيَ بَصَرَ كُلِّ ناظِر نُورُكَ ، وَمَلاَْتَ بِعَظَمَتِكَ أَرْكانَ عَرْشِكَ .
وَابْتَدَأْتَ الْخَلْقَ عَلى غَيْرِ مِثال نَظَرْتَ إِلَيْهِ مِنْ أَحَد سَبَقَكَ إِلى صَنْعَةِ شَيء مِنْهُ ، وَلَمْ تُشارَكْ فِي خَلْقِكَ ، وَلَمْ تَسْتَعِنْ بِأَحَد فِي شَيء مِنْ أَمْرِكَ ، وَلَطُفْتَ فِي عَظَمَتِكَ ، وَانْقادَ لِعَظَمَتِكَ كُلُّ شَيء ، وَذَلَّ لِعِزِّكَ كُلُّ شَيء .
اُثْنِي عَلَيْكَ يا سَيِّدِي وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ فِي مِدْحَتِكَ ثَنائِي مَعَ قِلَّةِ عَمَلِي وَقِصَرِ رَأْيِي ، وَأَنْتَ يا رَبِّ الْخالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ ، وَأَنْتَ الْمالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُوكُ ، وَأَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السَّائِلُ ، وَأَنْتَ الْغَفُورُ وَأَنَا الْخاطِئُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَأَنَا خَلْقٌ أَمُوتُ .
(الصفحة373)
يا مَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ وَدَبَّرَ الاُمُورَ ، فَلَمْ يُقايِسْ شَيْئاً بِشَيء مِنْ خَلْقِهِ ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلى خَلْقِهِ بِغَيْرِهِ .
ثُمَّ أَمْضَى الاُمُورَ عَلى قَضآئِهِ وَأَجَّلَها إِلى أَجَل قَضَى فِيها بِعَدْلِهِ ، وَعَدَلَ فِيها بِفَصْلِهِ ، وَفَصَلَ (بِفَضْلِهِ ، وَفَضَلَ خ ل) فِيها بِحُكْمِهِ ، وَحَكَمَ فِيها بِعَدْلِهِ ، وَعَلِمَها بِحِفْظِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ مُنْتَهاها إِلى مَشِيئَتِهِ ، وَمُسْتَقَرَّها إِلى مَحَبَّتِهِ ، وَمَواقِيتَها إِلى قَضائِهِ .
لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلا رادَّ لِقَضائِهِ (لِفَضْلِهِ خ ل) ، وَلا مُسْتَراحَ (مُسْتَزاحَ خ ل) عَنْ أَمْرِهِ ، وَلا مَحِيصَ لِقَدَْرِهِ ، وَلا خُلْفَ لِوَعْدِهِ ، وَلا مُتَخَلِّفَ عَنْ دَعْوَتِهِ ، وَلا يُعْجِزُهُ شَيءٌ طَلَبَهُ ، وَلايَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ أَرادَهُ ، وَلا يَعْظُمُ عَلَيْهِ شَيءٌ فَعَلَهُ ، وَلا يَكْبُرُ عَلَيْهِ شَيءٌ صَنَعَهُ ، وَلا يَزِيدُ فِي سُلْطانِهِ طاعَةُ مُطِيع ، وَلا يَنْقُصُهُ مَعْصِيَةُ عاص ، وَلا يَتَبَدَّلُ الْقُوْلُ لَدَيْهِ ، وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً .
(الصفحة374)
الَّذِي مَلَكَ الْمُلُوكُ بِقُدْرَتِهِ ، وَاسْتَعْبَدَ الاَْرْبابَ بِعِزِّهِ (بِعِزَّتِهِ خ ل) ، وَسادَ الْعُظَمآءَ بِجُودِهِ ، وَعَلاَ السَّـادَةَ بِمَجْدِهِ ، وَانْهَدَّتِ الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِهِ ، وَعَلا أَهْلَ السُّلْطانِ بِسُلْطانِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ ، وَأَبادَ الْجَبابِرَةَ بِقَهْرِهِ ، وَأَذَلَّ الْعُظَماءَ بِعِزِّهِ ، وَأَسَّسَ الاُمُورَ بِقُدْرَتِهِ ، وَبَنَى الْمَعالِيَ بِسُؤْدَدِهِ ، وَتَمَجَّدَ بِفَخْرِهِ ، وَفَخَرَ بِعِزِّهِ ، وَعَزَّ بِجَبَرُوتِهِ ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيء بِرَحْمَتِهِ .
إِيَّاكَ أَدْعُو ، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ ، وَمِنْكَ أَطْلُبُ ، وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ .
يا غايَةَ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، يا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ ، وَمُعْتَمَدَ الْمُضْطَهِدِينَ ، وَمُنْجِيَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمُثِيبَ الصَّابِرِينَ ، وَعِصْمَةَ الصَّالِحِينَ ، وَحِرْزَ الْعارِفِينَ ، وَأَمانَ الْخائِفِينَ ، وَظَهْرَ اللاَّجِينَ ، وَجارَ الْمُسْتَجِيرِينَ ، وَطالِبَ (طَلَبَ خ ل) الْغادِرِينَ ، وَمُدْرِكَ الْهارِبِينَ ، وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَخَيْرَ النَّاصِرِينَ ، وَخَيْرَ الْفاصِلِينَ ،
(الصفحة375)
وَخَيْرَ الْغافِرِينَ ، وَأَحْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَأَسْرَعَ الْحاسِبِينَ .
لا يُمْتَنَعُ مِنْ بَطْشِهِ (شيءٌ نسخة) ، وَلا يُنْتَصَرُ مِنْ عُقُوبَتِهِ (مَنْ عاقَبَهُ خ ل) ، وَلا يُحْتالُ لِكَيْدِهِ ، وَلا يُدْرَكُ عِلْمُهُ ، وَلا يُدْرَأُ مُلْكُهُ ، وَلا يُقْهَرُ عِزُّهُ ، وَلا يُذَلُّ اسْتِكْبارُهُ ، وَلا يُبْلَغُ جَبَرُوتُهُ ، وَلا تَصْغُرُ عَظَمَتُهُ ، وَلا يَضْمَحِلُّ فَخْرُهُ ، وَلا يَتَضَعْضَعُ رُكْنُهُ ، وَلا تُرامُ قُوَّتُهُ ، الْمُحْصِي لِبَرِيَّتِهِ ، الْحافِظُ أَعْمالَ خَلْقِهِ .
لا ضِدَّ لَهُ وَلا نِدَّ لَهُ ، وَلا وَلَدَ لَهُ وَلا صاحِبَةَ لَهُ ، وَلا سَمِيَّ لَهُ ، وَلا قَرِيبَ لَهُ ، وَلا كُفْوَ لَهُ ، وَلا شَبِيهَ لَهُ ، وَلا نَظِيرَ لَهُ ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمـاتِهِ ، وَلا يُبْلَغُ مَبْلَغُهُ ، وَلا يَقْدِرُ شَيءٌ قُدْرَتَهُ ، وَلا يُدْرِكُ شَيءٌ أَثَرَهُ ، وَلا يَنْزِلُ شَيءٌ مَنْزِلَتَهُ ، وَلا يُدْرَكُ شَيءٌ أَحْرَزَهُ ، وَلا يَحُولُ دُونَهُ شَيءٌ .
بَنَى السَّماواتِ فَأَتْقَنَهُنَّ وَما فِيهِنَّ بِعَظَمَتِهِ ، وَدَبَّرَ أَمْرَهُ فِيهِنَّ بِحِكْمَتِهِ ، وَكانَ (فَكانَ خ ل) كَما هُوَ أَهْلُهُ لا
(الصفحة376)
بِأَوَّلِيَّة قَبْلَهُ وَلاَ بِآخِريَّة بَعْدَهُ ، وَكانَ كَما يَنْبَغِي لَهُ ، يَرى وَلا يُرى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الاَْعْلى ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلانِيَةَ ، وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ خافِيَةٌ ، وَلَيْسَ لِنَقِمَتِهِ واقِيَةٌ ، يَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى ، وَلا تُحَصِّنُ مِنْهُ الْقُصُورُ ، وَلا تُجِنُّ مِنْهُ السُّتُورُ ، وَلا تَكِنُّ مِنْهُ الْخُدُورُ ، وَلا تُوارِي مِنْهُ الْبُحُورُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَدِيرٌ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيء عَلِيمٌ .
يَعْلَمُ هَماهِمَ الاَْنْفُسِ وَمـا تُخْفِي الصُّدُورُ ، وَوَساوِسَها وَنِيَّاتِ الْقُلُوبِ ، وَنُطْقَ الاَْلْسُنِ وَرَجْعَ الشِّفاهِ ، وَبَطْشَ الاَْيْدِي ، وَنَقْلَ الاَْقْدامِ ، وَخائِنَةَ الاَْعْيُنِ ، وَالسِّرَّ وَأَخْفى ، وَالنَّجْوى وَما تَحْتَ الثَّرى ، وَلا يَشْغَلُهُ شَيءٌ عَنْ شَيء ، وَلا يُفَرِّطُ فِي شَيء ، وَلا يَنْسى شَيْئاً لِشَيء .
أَسْأَلُكَ يا مَنْ عَظُمَ صَفْحُهُ ، وَحَسُنَ صُنْعُهُ ، وَكَرُمَ عَفْوُهُ ، وَكَثُرَتْ نِعَمُهُ ، وَلا يُحْصى إِحْسانُهُ وَجَمِيلُ
(الصفحة377)
بَلائِهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَنْ تَقْضِيَ حَوآئِجِي الَّتِي أَفْضَيْتُ بِها إِلَيْكَ ، وَقُمْتُ بِهـا بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَأَنْزَلْتُها بِكَ ، وَشَكَوْتُها إِلَيْكَ ، مَعَ ما كانَ مِنْ تَفْرِيطِي فِيما أَمَرْتَنِي بِهِ ، وَتَقْصِيرِي فِيما نَهَيْتَنِي عَنْهُ .
يا نُورِي فِي كُلِّ ظُلْمَة ، وَيا اُنْسِي فِي كُلِّ وَحْشَة ، وَيا ثِقَتِي فِي كُلِّ شَدِيدَة (شِدَّة خ ل) ، وَيا رَجائِي فِي كُلِّ كُرْبَة ، وَيا وَلِيِّي فِي كُلِّ نِعْمَة ، وَيا دَلِيلِي فِي الظَلاَمِ ، أَنْتَ دَلِيلِي إِذَا انْقَطَعَتْ دِلالَةُ الاَْدِلاَّءِ ، فَاِنَّ دِلالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ ، لا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ وَلا يَذِلُّ مَنْ والَيْتَ .
أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأَسْبَغْتَ ، وَرَزَقْتَنِي فَوَفَّرْتَ ، وَوَعَدْتَنِي فَأَحْسَنْتَ ، وَأَعْطَيْتَنِي فَأَجْزَلْتَ ، بِلاَ اسْتِحْقاق لِذلِكَ بِعَمَل مِنِّي ، وَلكِنِ ابْتِداءً مِنْكَ بِكَرَمِكَ وَجُودِكَ ، فَأَنْفَقْتُ نِعْمَتَكَ فِي مَعاصِيكَ ، وَتَقَوَّيْتُ بِرِزْقِكَ عَلى سَخَطِكَ ، وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي فِيما لا تُحِبُّ ،
(الصفحة378)
فَلَمْ تَمْنَعْكَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ ، وَرُكُوبِي ما نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَدُخُولِي فِيما حَرَّمْتَ عَلَيَّ أَنْ عُدْتَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي عَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ أَنْ عُدْتُ فِي مَعاصِيكَ .
فَأَنْتَ الْعائِدُ بِالْفَضْلِ ، وَأَنَا الْعائِدُ فِي الْمَعاصِي ، وَأَنْتَ يا سَيِّدِي خَيْرُ الْمَوالِي لِعَبِيدِهِ وَأَنَا شَرُّ الْعَبِيدِ ، أَدْعُوكَ فَتُجِيبُنِي ، وَأَسْأَلُكَ فَتُعْطِيِنِي ، وَأَسْكُتُ عَنْكَ فَتَبْتَدِئُنِي ، وَأَسْتَزِيدُكَ فَتَزِيدُنِي .
فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنَا لَكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ . أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ أُسِيءُ وَتَغْفِرُ لِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْبَلآءِ وَتُعافِينِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْهَلَكَةِ وَتُنْجِينِي ، وَلَمْ أَزَلْ أَضِيعُ (أُضَيِّعُ خ ل) فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ فِي تَقَلُّبِي فَتَحْفَظُنِي ، فَرَفَعْتَ خَسِيسَتِي ، وَأَقَلْتَ عَثْرَتِي ، وَسَتَرْتَ عَوْرَتِي ، وَلَمْ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي ، وَلَمْ تُنَكِّسْ بِرَأْسِي عِنْدَ إِخْوانِي ، بَلْ سَتَرْتَ عَلَيَّ الْقَبائِحَ
(الصفحة379)
الْعِظامَ وَالْفَضائِحَ الْكِبارَ ، وَأَظْهَرْتَ حَسَناتِيَ الْقَلِيلَةَ الصِّغارَ مَنّاً مِنْكَ وَتَفَضُّلاً وَإِحْساناً وَإنْعاماً وَاصْطِناعاً .
ثُمَّ أَمَرْتَنِي فَلَمْ أَئْتَمِرْ ، وَزَجَرْتَنِي فَلَمْ أَنَزَجِرْ ، وَلَمْ أَشْكُرْ نِعْمَتَكَ ، وَلَمْ أَقْبَلْ نَصِيحَتَكَ ، وَلَمْ اُؤَدِّ حَقَّكَ ، وَلَمْ أَتْرُكْ مَعاصِيكَ ، بَلْ عَصَيْتُكَ بِعَيْنِي وَلَوْ شِئْتَ أَعْمَيْتَنِي ، فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِسَمْعِي وَلَوْ شِئْتَ أَصْمَمْتَنِي ، فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِيَدِي وَلَوْ شِئْتَ لَكَنَعْتَنِي ، فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِرِجْلِي وَلَوْ شِئْتَ جَذَمْتَنِي (لَجَذَمْتَنِي خل) فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِفَرْجِي وَلَوْ شِئْتَ عَقَمْتَنِي ، فَلَمْ تَفْعَلْ ذلِكَ بِي ، وَعَصَيْتُكَ بِجَمِيعِ جَوارِحِي وَلَمْ يَكُ هذا جَزاؤُكَ مِنِّي ، فَعَفْوَكَ عَفْوَكَ .
فَها أَنَا ذا عَبْدُكَ الْمُقِرُّ بِذَنْبِي ، اَلْخَاضِعُ لَكَ بِذُلِّي ، اَلْمُسْتَكِينُ لَكَ بِجُرْمِي ، مُقِرٌّ لَكَ بِجِنايَتِي ، مُتَضَرِّعٌ إِلَيْكَ ، راج لَكَ فِي مَوْقِفِي هذا ، تائِبٌ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِي
(الصفحة380)
وَمِنِ اقْتِرافِي ، وَمُسْتَغْفِرٌ لَكَ مِنْ ظُلْمِي لِنَفْسِي ، راغِبٌ إِلَيْكَ فِي فَكاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، وَمُبْتَهِلٌ إِلَيْكَ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْمَعَاصِي .
طالِبٌ إِلَيْكَ أَنْ تُنْجِحَ لِي حَوَائِجِي ، وَتُعْطِيَنِي فَوْقَ رَغْبَتِي ، وَأَنْ تَسْمَعَ نِدآئِي ، وَتَسْتَجِيبَ دُعـآئِي ، وَتَرْحَمَ تَضَرُّعِي وَشَكْوايَ ، وَكَذلِكَ الْعَبْدُ الْخاطِئُ يَخْضَعُ لِسَيِّدِهِ ، وَيَتَخَشَّعُ لِمَوْلاهُ بِالذُّلِّ .
يا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذُّنُوبِ ، وَأَكْرَمَ مَنْ خُضِعَ لَهُ وَخُشِعَ ، ما أَنْتَ صانِعٌ بِمُقِرّ لَكَ بِذَنْبِهِ ، خاشِع لَكَ بِذُلِّهِ ، فَاِنْ كانَتْ ذُنُوبِي قَدْ حالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ ، وَتَنْشُرَ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ ، وَتُنْزِلَ عَلَيَّ شَيْئاً مِنْ بَرَكاتِكَ ، أو تَرْفَعَ لِي إِلَيْكَ صَوْتاً ، أَوْ تَغْفِرَ لِي ذَنْباً ، أَوْ تَتَجاوَزَ (لِي نسخة) عَنْ خَطِيئَة .
فَها أَنَا ذا عَبْدُكَ مُسْتَجِيرٌ بِكَرَمِ وَجْهِكَ ، وَعِزِّ جَلالِكَ ، مُتَوَجِّهٌ إِلَيْكَ ، وَمُتَوَسِّلٌ إِلَيْكَ ، وَمُتَقَرِّبٌ إِلَيْكَ
(الصفحة381)
بِنَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ; أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَأَكْرَمِهِمْ لَدَيْكَ ، وَأَوْلاهُمْ بِكَ ، وَأَطْوَعِهِمْ لَكَ ، وَأَعْظَمِهِمْ مِنْكَ مَنْزِلَةً ، وَعِنْدَكَ مَكَاناً ، وَبِعِتْرَتِهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمُ الْهُداةِ الْمَهْدِيِّينَ الَّذِينَ افْتَرَضْتَ طاعَتَهُمْ ، وَأَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ وُلاةَ الاَْمْرِ بَعْدَ نَبِيِّكَ .
يا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّار ، وَيا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيل ، قَدْ بَلَغَ مَجْهُودِي ، فَهَبْ لِي نَفْسِي السَّاعَةَ السَّاعَةَ بِرَحْمَتِكَ .
اللَّهُمَّ لا قُوَّةَ لِي عَلى سَخَطِكَ ، وَلا صَبْرَ لِي عَلى عَذابِكَ ، وَلا غِنَى بِي (لِي خ ل) عَنْ رَحْمَتِكَ ، تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُ غَيْرِي ، وَلا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي غَيْرُكَ ، وَلا قُوَّةَ لِي عَلَى الْبَلاءِ ، وَلا طاقَةَ لِي عَلَى الْجُهْدِ .
أَسْأَلُكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّد صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالاَْئِمَّةِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِسِرِّكَ ، وَأَطْلَعْتَهُمْ عَلى خَفِيِّك (خَفِيَّتِكَ خ ل) ، وَاخْتَرْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَطَهَّرْتَهُمْ وَخَلَّصْتَهُمْ ، وَاصْطَفَيْتَهُمْ وَصَفَّيْتَهُمْ ،
(الصفحة382)
وَجَعَلْتَهُمْ هُداةً مَهْدِيِّينَ ، وَائْتَمَنْتَهُمْ عَلى وَحْيِكَ ، وَعَصَمْتَهُمْ عَنْ مَعاصِيكَ ، وَرَضِيْتَهُمْ لِخَلْقِكَ ، وَخَصَصْتَهُمْ بِعِلْمِكَ ، وَاجْتَبَيْتَهُمْ وَحَبَوْتَهُمْ وَجَعَلْتَهُمْ حُجَجاً عَلى خَلْقِكَ ، وَأَمَرْتَ بِطاعَتِهِمْ وَلَمْ تُرَخِّصْ لاَِحَد فِي مَعْصِيَتِهِمْ ، وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ عَلى مَنْ بَرَأْتَ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ فِي مَوْقِفِي الْيَوْمَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ خِيارِ وَفْدِكَ .
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَارْحَمْ صُراخِي وَاعْتِرافِي بِذَنْبِي وَتَضَرُّعِي ، وَارْحَمْ طَرْحِي رَحْلِي بِفِنائِكَ ، وَارْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ ، يا أَكْرَمَ مَنْ سُئِلَ ، يا عَظِيماً يُرْجى لِكُلِّ عَظِيم ، اِغْفِرْ لِي ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ ، فَاِنَّهُ لا يَغْفِرُ (الذَّنْبَ نسخة) الْعَظِيمَ إِلاّ الْعَظِيمُ .
اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ ، يا رَبَّ الْمُؤْمِنِينَ لا تَقْطَعْ رَجائِي ، يا مَنّانُ مُنَّ عَلَيَّ بِالرَّحْمَةِ
(الصفحة383)
يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مَنْ لا يَخِيبُ سائِلَهُ لا تَرُدَّنِي (خَائِباً نسخة) ، يا عَفُوُّ اعْفُ عَنِّي ، يا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ وَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، يا مَوْلايَ حاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ، فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ .
اَللَّهُمَّ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد عَنِّي تَحِيَّةً وَسَلاماً ، وَبِهِمُ الْيَوْمَ فَاسْتَنْقِذْنِي ، يا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ ، يا مَنْ يَجْزِي عَلَى الْعَفْوِ ، يا مَنْ يَعْفُو ، يا مَنْ رَضِيَ الْعَفْوَ ، يا مَنْ يُثِيبُ عَلَى الْعَفْوِ ، الْعَفْوَ الْعَفْوَ ـ يقولها عشرين مرَّة ـ أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ الْعَفْوَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْر أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ .
هذا مَكانُ الْبائِسِ الْفَقِيرِ ، هذا مَكانُ الْمُضْطَرِّ إِلى رَحْمَتِكَ ، هذا مَكانُ الْمُسْتَجِيرِ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، هذا مَكانُ الْعائِذِ بِكَ مِنْكَ ، أَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَمِنْ فُجْأَةِ نِقْمَتِكَ ، يا أَمَلِي يا رَجائِي يا خَيْرَ
(الصفحة384)
مُسْتَغاث ، يا أَجْوَدَ الْمُعْطِينَ ، يا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ .
يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَجائِي وَثِقَتِي وَمُعْتَمَدِي ، وَيا ذُخْرِي وَظَهْرِي وَعُدَّتِي ، وَغايَةَ أَمَلِي وَرَغْبَتِي ، يا غِياثِي يا وارِثِي ، ما أَنْتَ صانِعٌ بِي فِي هذَا الْيَوْمِ الَّذِي (قَدْ نسخة) فَزِعَتْ فِيهِ إِلَيْكَ (وَكَثُرَتْ فِيهِ نسخة) الاَْصْواتُ .
أَسْأَلـُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَنْ تَقْلِبَنِي فِيهِ مُفْلِحاً مُنْجِحاً بِأَفْضَلِ ما انْقَلَبَ بِهِ مَنْ رَضِيتَ عَنْهُ ، وَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ وَقَبِلْتَهُ ، وَأَجْزَلْتَ حَباءَهُ ، وَغَفَرْتَ ذُنُوبَهُ وَأَكْرَمْتَهُ وَلَمْ تَسْتَبْدِلْ بِهِ سِواهُ ، وَشَرَّفْتَ مَقامَهُ ، وَباهَيْتَ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ ، وَقَلَبْتَهُ بِكُلِّ حَوائِجِهِ ، وَأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَماتِ حَياةً طَيِّبَةً ، وَخَتَمْتَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَأَلْحَقْتَهُ بِمَنْ تَوَلاَّهُ .
اَللّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ وافِد جائِزَةً وَلِكُلِّ زائِر كَرامَةً ،
(الصفحة385)
وَلِكُلِّ سائِل لَكَ عَطِيَّةً ، وَلِكُلِّ راج لَكَ ثَواباً ، وَلِكُلِّ مُلْتَمِس ما عِنْدَكَ جَزاءً ، وَلِكُلِّ راغِب إِلَيْكَ هِبَةً ، وَلِكُلِّ مَنْ فَزِعَ إِلَيْكَ رَحْمَةً ، وَلِكُلِّ مَنْ رَغِبَ اِلَيْكَ (فِيكَ خ ل) زُلْفى ، وَلِكُلِّ مُتَضَرِّع إِلَيْكَ إِجابَةً ، وَلِكُلِّ مُسْتَكِين إِلَيْكَ رَأْفَةً ، وَلِكُلِّ نازِل بِكَ حِفْظاً ، وَلِكُلِّ مُتَوَسِّل اِلَيْكَ عَفْواً .
وَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي هذا الْمَوْضِعِ الَّذِي شَرَّفْتَهُ رَجاءً لِما عِنْدَكَ ، فَلا تَجْعَلْنِي الْيَوْمَ أَخْيَبَ وَفْدِكَ ، وَأَكْرِمْنِي بِالْجَنَّةِ ، وَمُنَّ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ ، وَجَمِّلْنِي بِالْعافِيَةِ ، وَأَجِرْنِي مِنَ النَّارِ ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ ، وَادْرَءْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَشَرَّشَياطِينِ الاِنْسِ وَالْجِنِّ.
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَلا تَرُدَّنِي خائِباً ، وَسَلِّمْنِي ما بَيْنِي وَبَيْنَ لِقائِكَ حَتّى تُبَلِّغَنِي الدَّرَجَةَ الَّتِي فِيها مُرافَقَةُ أَوْلِيائِكَ ، وَاسْقِنِي مِنْ
(الصفحة386)
حَوْضِهِمْ مَشْرَباً رَوِيّاً لا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً ، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَتِهِمْ ، وَتَوَفَّنِي فِي حِزْبِهِمْ ، وَعَرِّفْنِي وُجُوهَهُمْ فِي رِضْوانِكَ وَالْجَنَّةِ ، فَاِنِّي رَضِيتُ بِهِمْ هُداةً .
يا كافِيَ كُلِّ شَيء ، وَلا يَكْفِي مِنْهُ شَيءٌ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاكْفِنِي شَرَّ ما أَحْذَرُ ، وَشَرَّ ما لا أَحْذَرُ ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى أَحَد سِواكَ ، وَبارِكْ لِي فِيما رَزَقْتَنِي ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي ، وَلا تَكِلْنِي إِلى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ وَلا إِلى رَأْيِي فَيُعْجِزَنِي (فَتُعَجِّزَنِي خ ل) ، وَلا إِلَى الدُّنْيا فَتَلْفِظَنِي ، وَلا إِلى قَرِيب وَلا بَعِيد ، تَفَرَّدْ بِالصُّنْعِ لِي يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ .
اللَّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ انْقَطَعَ الرَّجاءُ إِلاّ مِنْكَ ، فِي هذا الْيَوْمِ تَطَوَّلْ عَلَيَّ فِيهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ .
اَللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الاَْمْكَنَةِ الشَّرِيفَةِ ، وَرَبَّ كُلِّ حَرَم وَمَشْعَر عَظَّمْتَ قَدْرَهُ وَشَرَّفْتَهُ ، وَبِالْبَيْتِ الْحَرامِ ، وَبِالْحِلِّ وَالاِحْرامِ ، وَالرُّكْنِ وَالْمَقامِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد
(الصفحة387)
وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَنْجِحْ لِي كُلَّ حاجَة مِمَّا فِيهِ صَلاحُ دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَاغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَمَنْ وَلَدَنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ، وَاجْزِهِما عَنِّي خَيْرَ الْجَزاءِ ، وَعَرِّفْهُما بِدُعائِي (لَهُما نسخة) ما يُقِرُّ (تَقَرُّ بِهِ خل) أَعْيُنُهُما ، فَاِنَّهُما قَدْ سَبَقانِي إِلى الْغايَةِ ، وَخَلَّفْتَنِي بَعْدَهُما ، فَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي وَفِيهِما وَفِي جَمِيعِ أَسْلافِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هذا الْيَوْمِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَفَرِّجْ عَنْ آلِ مُحَمَّد ، وَاجْعَلْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ، وَانْصُرْهُمْ وَانْتَصِرْ بِهِمْ ، وَأَنْجِزْ لَهُمْ ما وَعَدْتَهُمْ ، وَبَلِّغْنِي فَتْحَ آلِ مُحَمَّد ، وَاكْفِنِي كُلَّ هَوْل دُونَهُ ، ثُمَّ اقْسِمِ اللَّهُمَّ لِي فِيهِمْ نَصِيباً خالِصاً ، يا مُقَدِّرَ الاجالِ ، يا مُقَسِّمَ الاَْرْزاقِ افْسَحْ لِي فِي عُمْرِي ، وَابْسُطْ لِي فِي رِزْقِي .
(الصفحة388)
اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَصْلِحْ لَنا إِمامَنا وَاسْتَصْلِحْهُ ، وَأَصْلِحْ عَلى يَدَيْهِ ، وَآمِنْ خَوْفَهُ وَخَوْفَنا عَلَيْهِ ، وَاجْعَلْهُ اللّهُمَّ الَّذِي تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ .
اَللّهُمَّ امْلاَِ الاَْرْضَ بِهِ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلاَِتْ ظُلْماً وَجَوْراً ، وَامْنُنْ بِهِ عَلى فُقَراءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَرامِلِهِمْ وَمَساكِينِهِمْ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ خِيارِ مَوالِيهِ وَشِيعَتِهِ ، أَشَدَّهُمْ لَهُ حُبّاً وَأَطْوَعَهُمْ لَهُ طَوْعاً ، وَأَنْفَذَهُمْ لاَِمْرِهِ ، وَأَسْرَعَهُمْ إِلى مَرْضاتِهِ ، وَأَقْبَلَهُمْ لِقَوْلِهِ ، وَأَقْوَمَهُمْ بِأَمْرِهِ ، وَارْزُقْنِي الشَّهادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتّى أَلْقاكَ وَأَنْتَ عَنِّي راض .
اَللّهُمَّ إِنِّي خَلَّفْتُ الاَْهْلَ وَالْوَلَدَ وَما خَوَّلْتَنِي ، وَخَرَجْتُ إِلَيْكَ وَاِلى هذا المَوْضِعِ الَّذِي شَرَّفْتَهُ رَجآءَ ما عِنْدَكَ وَرَغْبَةً اِلَيْكَ ، وَوَكَلْتُ ما خَلَّفْتُ إِلَيْكَ فَأَحْسِنْ عَلَيَّ فِيهِمُ الْخَلَفَ ، فَاِنَّكَ وَلِيُّ ذلِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ،
(الصفحة389)
سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الاَْرَضِينَ السَّبْعِ ، وَما فِيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ ، وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .
|