الصفحة 141
القول فيما يكره للصائم ارتكابه
مسألة 1 : يكره للصائم اُمور :
منها : مباشرة النساء تقبيلاً ولمساً وملاعبة ، وللشابّ الشّبق ومن تتحرّك شهوته أشدّ . هذا إذا لم يقصد الإنزال بذلك ولم يكن من عادته ، وإلاّ حرم في الصوم المعيّن . بل الأولى ترك ذلك حتّى لمن لم تتحرّك شهوته عادةً مع احتمال التحرّك بذلك .
ومنها : الاكتحال إذا كان بالذرّ أو كان فيه مسك أو يصل منه إلى الحلق ، أو يخاف وصوله ، أو يجد طعمه فيه لما فيه من الصبر ونحوه .
ومنها : إخراج الدم المُضعِف بحجامة أو غيرها ، بل كلّ ما يورث ذلك أو يصير سبباً لهيجان المرّة ، من غير فرق بين شهر رمضان وغيره وإن اشتدّ فيه ، بل يحرم ذلك فيه ـ بل في مطلق الصوم المعيّن ـ إذا علم حصول الغَشَيان المبطل ولم تكن ضرورة تدعو إليه .
ومنها : دخول الحمّام إذا خشي منه الضعف .
ومنها : السّعوط ، وخصوصاً مع العلم بوصوله إلى الدماغ أو الجوف ، بل
يفسد الصوم مع التعدّي إلى الحلق .
الصفحة 142
ومنها : شمّ الرياحين ، خصوصاً النرجس ، والمراد بها كلّ نبت طيّب الريح . نعم ، لا بأس بالطيب ; فإنّه تُحفة الصائم ، لكنّ الأولى ترك المِسك منه ، بل يكره التطيّب به للصائم . كما أنّ الأولى ترك شمّ الرائحة الغليظة حتّى تصل إلى الحَلق 1 .
مسألة 2 : لا بأس باستنقاع الرجل في الماء ، ويُكره للامرأة . كما أنّه يُكره لهما بلّ الثوب ووضعه على الجسد . ولا بأس بمضغ الطعام للصبيّ ، ولا زقّ الطائر ، ولا ذوق المرق ، ولا غيرها ممّا لا يتعدّى إلى الحَلق ، أو تعدّى من غير قصد ، أو مع القصد ولكن عن نسيان; ولا فرق بين أن يكون أصل الوضع في الفم لغرض صحيح أو لا . نعم ، يكره الذوق للشيء . ولا بأس بالسواك باليابس ، 1ـ قد ذكر في هذه المسألة جملة من الاُمور التي يكره للصائم ارتكابها ، وقد اُورد في الوسائل الروايات المرتبطة بها في أبواب متفرّقة ، والظاهر أ نّ التعرّض الدقيق لمفادها قليل الجدوى ، خصوصاً لو قلنا بدلالة أخبار من بلغ(1) على عدم اعتبار الوثاقة في باب المكروهات أيضاً، سيّما مع تعميم عنوان البلوغ للفتوى والقول بعدم اختصاصها بالروايات ، والتحقيق في محلّه من علم الاُصول ، وخصوصاً مع أنّه لم يبق من العمر ظاهراً إلاّ القليل، والأمراض المتنوّعةكثيرة لا محيص عنها ، فصرف الوقت فيما هو أهم من المطالب أولى ، ومع أنّ الحكم بالحرمة في بعض الفروض يستفاد وجهه ممّا تقدّم ، والإعادة لا تزيد فيالفائدة ، فتدبّر .
(1) وسائل الشيعة 1 : 80 ، كتاب الطهارة ، أبواب مقدّمة العبادات ب 18 ، بحار الأنوار 2 : 256 ب 30 .
الصفحة 143
بل هو مستحبّ . نعم ، لا يبعد الكراهة بالرطب . كما أنّه يكره نزع الضّرس ، بل مطلق ما فيه إدماء 1 .
1ـ هذه المسألة أيضاً كالسابقة في التعرّض لجملة من المكروهات ، ولا حاجة إلى التعرّض للأدلّة الدالّة عليها أيضاً ، والمهمّ بيان أمرين :
أحدهما : مضغ الطعام للصبي ، وزقّ الطائر ، وذوق المرق وشبهها ممّا لا يتعدّى إلى الحلق ، أو مع التعدّي من غير قصد ، أو مع القصد ولكن عن نسيان ، من دون فرق بين أن يكون أصل الوضع في الفم لغرض صحيح ، وبين غيره كالأمثلة المذكورة ، والسرّ عدم تحقّق الأكل ولا الشرب المفطرين ; لما عرفت من اختصاص المفطريّة بصورة العمد والتوجّه .
ثانيهما : أ نّ السواك إن كان باليابس فلا بأس به ، بل هو مستحب كما في غير الصيام ; لإطلاق دليل استحباب السواك ، وإن كان بالرطب فقد نفى في المتن البعد عن الكراهة ، ولعلّ الوجه فيه امتزاج رطوبته مع ماء الفم وتعدّي المجموع إلى الحلق عادة ، ومنه يظهر عدم الجواز في صورة العلم به ، كما أ نّ الظاهر الجواز من دون كراهة مع العلم بالعدم ، كما لا يخفى .
الصفحة 144
الصفحة 145
القول فيما يترتّب على الإفطار
مسألة 1 : الإتيان بالمفطرات المذكورة ـ كما أنّه موجب للقضاء ـ موجب للكفّارة أيضاً إذاكان مع العمد والاختيار ـ من غير كُره ـ على الأحوط في الكذب على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) ، وفي الارتماس والحُقنة ، وعلى الأقوى في البقيّة ، بل في الكذب عليهم (عليهم السلام) أيضاً لا يخلو من قوّة . نعم ، القيء لا يوجبها على الأقوى . ولا فرق بين العالم والجاهل المقصّر على الأحوط. وأمّا القاصر غير الملتفت إلى السؤال ، فالظاهر عدم وجوبها عليه وإن كان أحوط 1 .
1ـ قد علّق الحكم بوجوب الكفّارة في الروايات المتعدّدة على الإفطار متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر ، مثل :
صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل أفطر من شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذر ، قال : يعتق نسمة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستّين مسكيناً ، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق(1) .
(1) الكافي 4 : 101 ح 1 ، الفقيه 2 : 72 ح 308 ، تهذيب الأحكام 4 : 321 ح 984 ، وعنها وسائل الشيعة 10: 45 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 1 .
الصفحة 146
وغير ذلك من الروايات(1) .
والظاهر أنّ هذا العنوان يتحقّق بارتكاب أيّ مفطر ، خصوصاً إذا وقع في كلام الإمام (عليه السلام) ، أو في كلام السائل مع ترك الاستفصال في الجواب ، وربما يحكى عن الجواهر(2) دعوى انصراف عنوان الإفطار إلى خصوص الأكل والشرب المفطرين ، ولكنّها غير مقبولة; لما عرفت من اعتبار الإمساك عن عدّة اُمور كثيرة في نظر الشارع ، والاكتفاء في بعض الأخبار على مجرّد القضاء من دون التعرّض للكفّارة لا يدلّ على عدم ثبوتها في مورده .
نعم ، لا ننكر اختلاف المفطرات من هذه الجهة بعد اشتراكها في ثبوت القضاء مع الإفطار متعمّداً . نعم ، يشترط في ثبوتها عدم الإكراه ; لأنّه وإن كان لا يرفع وجوب القضاء ; لأنّ تحقّق الفعل المكره عليه من المكره (بالفتح) إنّما يكون باختياره وإرادته ، إلاّ أنّ تقييد الإفطار الموجب للكفّارة في الرواية المتقدّمة بعدم العذر شاهد على عدم ثبوت الكفّارة مع العذر ، والإكراه عذر لا محالة ، مضافاً إلى دلالة حديث الرفع (3)، فتدبّر .
وقد فصّل في المتن بين الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئـمّة (عليهم السلام) والارتماس والحقنة ، فحكم بثبوت الكفّارة فيها على الأحوط ، وبين البقيّة ، فقوّى فيها الثبوت ، بل نفى الخلوّ عن القوّة في الثبوت في الكذب عليهم (عليهم السلام) ، واستدرك القيء وأ نّه لا يوجبها ، وقد حكم السيّد في العروة(4) بثبوت الكفّارة في الجميع حتّى
(1) وسائل الشيعة 10 : 44 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 .
(2) جواهر الكلام 16 : 218 ـ 219 .
(3) تقدّم في ص 37 .
(4) العروة الوثقى 2 : 34 ، فصل فيما يوجب الكفّارة .
الصفحة 147
الارتماس والحقنة والكذب إلاّ في بعض النومات بعد العلم بالجنابة ، وقد تقدّم تفصيل الكلام بالإضافة إلى المورد الذي استثناه ، ولا نعيد .
وأمّا مستند الحكم بثبوت الكفّارة في الجميع ، فالظاهر أ نّه ليس إلاّ الصحيحة المتقدّمة ومثلها ممّا حكم فيه بثبوت الكفّارة على من أفطر متعمّداً من غير عذر ، بضميمة ما عرفت من الأدلّة الواردة في عدّ اُمور من المفطرات .
وأمّا التفصيل الذي أفاده في المتن ، ففي مورد إثبات الكفّارة يكون الحكم هو مقتضى إطلاق مثل الصحيحة بالتقريب المذكور ، وفي مورد نفي الكفّارة كالقيء فالظاهر عدم دلالة شيء من أدلّة مفطريّته على لزوم القضاء ، بل في بعضها رتّب وجوب القضاء على تحقّق الإفطار ، وهذا لا ينافي ما ذكرنا من أنّ الأدلّة الدالّة على وجوب القضاء لا تنفي وجوب الكفّارة ; وذلك أ نّ هذا الكلام فيما إذا لم يكن لتلك الأدلّة ظهور في عدم وجوب الكفّارة ، وهنا يكون كذلك ، فتأمّل جيّداً .
نعم ، الأحوط في الموارد الثلاثة المذكورة في المتن ثبوت الكفّارة ، بل قد عرفت
أ نّه نفى في المتن البعد في وجوب الكفّارة في الكذب عليهم (عليهم السلام) ; أي على الله ـ عزّوجلّ ـ أو الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئـمّة (عليهم السلام) ، ويؤيّده بل يدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه محرّم في نفسه ولو في غير الصائم ، ولذا يحتمل فيه جريان حكم لزوم الجمع في الكفّارات بلحاظ كونه إفطاراً بالمحرّم ، وسيجيء عن قريب ـ إطلاق مثل صحيحة عبدالله بن سنان المتقدّمة عليه ; لأنّه من الاُمور المفطرة كما عرفت .
ثمّ إنّ الفرق بين الجاهل المقصّر ، وبين الجاهل القاصر غير الملتفت إلى السؤال بالاحتياط بثبوت الكفّارة في الأوّل ، واستظهار عدم الوجوب في الثاني وإن كان مقتضى الاحتياط الاستحبابي ذلك ; فلأنّ الروايتين المتقدّمتين تدلاّن على أنّه إذا ارتكب المرء أمراً بجهالة فلا شيء عليه ، وظاهره نفي وجوب الكفّارة أيضاً مضافاً
الصفحة 148
مسألة 2 : كفّارة إفطار شهر رمضان اُمور ثلاثة : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستّين مسكيناً مخيّراًبينها; وإن كان الأحوط الترتيب مع الإمكان . والأحوط الجمع بين الخصال إذا أفطر بشيء محرّم ، كأكل المغصوب ، وشرب الخمر ، والجِماع المحرّم ونحو ذلك 1 .
إلى القضاء . نعم ، ربّما يقال بالشمول للجاهل المقصّر أيضاً ; نظراً إلى أ نّه وإن كان مستحقّاً للعقوبة ومعاقباً لتقصيره ، إلاّ أنّه حين الارتكاب لا يرى إلاّ أنّه حلال .
نعم ، ذكر السيّد في العروة(1) قيد غير الملتفت في الجاهل المقصّر وجعل الملتفت إليه هو الإفطار ، فيساوق الغافل . وأمّا ما في المتن من تقييد القاصر بغير الملتفت إلى السؤال فلا يرى له وجه أصلاً بعد ثبوت الجهل عن قصور .
1ـ يقع الكلام في المسألة في مقامات :
الأوّل : كفّارة الإفطار في شهر رمضان اُمور ثلاثة : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستّين مسكيناً ، وهذا غير القضاء الواجب بالبطلان ، وهي الخصال الثلاث المعروفة ، وقد دلّت عليها جملة من الروايات .
منها : صحيحة عبدالله بن سنان المتقدّمة وغيرها .
الثاني : في ثبوت التخيير بينها في غير صورة الإفطار بشيء محرّمكما هو المشهور (2) ، أو لزوم رعاية الترتيب ـ كما قد نسب إلى المرتضى(3)
(1) العروة الوثقى 2 : 34 ، فصل فيما يوجب الكفّارة .
(2) رياض المسائل 5 : 347 ، جواهر الكلام 16 : 267 ، مستمسك العروة 8 : 342 ، المستند في شرح العروة 21 : 310 .
(3) حكى عنه في جواهر الكلام 16 : 268 قائلاً: والمرتضى في أحد قوليه ، ولكن لم نعثر عليه في كتبه التي لدينا عاجلاً غير ما في كتابه رسائل الشريف المرتضى 3 : 55 .
الصفحة 149
والعماني(1) ـ بين الخصال بلزوم تقديم الاُولى وهو عتق الرقبة ، ومع عدم التمكّن صيام شهرين متتابعين ، ومع عدم التمكّن إطعام ستّين مسكيناً ، قولان ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار الواردة في هذا المجال ; فإنّها كما قيل على طوائف أربع :
الاُولى : ما يدلّ على التخيير ، كالصحيحة المتقدّمة ، وموثّقة سماعة قال : سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمّداً؟ قال : عليه عتق رقبة ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، أو صوم شهرين متتابعين ، وقضاء ذلك اليوم ، ومن أين له مثل ذلك(2). وإيراد الإطعام وذكره قبل الصيام يوجب قوّة الظهور في التخيير ، ومن الواضح أ نّه لا خصوصيّة للإفطار بالجماع من هذه الجهة ، فتدلّ على ثبوت الحكم في كلّ مايوجب القضاء والكفّارة ، كما لا يخفى .
الثانية : ما اقتصر فيها على الإطعام ، مثل :
موثّقة اُخرى لسماعة قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل؟ قال : عليه إطعام ستّين مسكيناً ، مدّ لكلّ مسكين(3) .
والظاهر أنّ هذه الطائفة ساقطة عن الاعتبار ; للإعراض عنها على كلا القولين : التخيير ، والترتيب .
الثالثة : ما ظاهره وجوب العتق تعييناً ، مثل :
رواية المشرقي ـ الذي هو هشام بن إبراهيم ، أو هاشم بن إبراهيم العبّاسي ،
(1) حكى عنه في مختلف الشيعة 3 : 305 مسألة 54 .
(2) نوادر أحمد بن محمدبن عيسى : 68 ح 140 ، تهذيب الأحكام 4 : 208 ح 604 ، الاستبصار 2 : 97 ح 315، وعنها وسائل الشيعة 10: 49، كتاب الصوم، أبواب مايمسك عنه الصائم ب 8 ح13 وص54 ب10 ح2.
(3) تهذيب الأحكام 4 : 320 ح 980 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 68 ح 141 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 49 ، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 12 .
الصفحة 150
وعلى أيّ فهو غير موثّق ـ عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أيّاماً متعمّداً ما عليه من الكفّارة ؟ فكتب : من أفطر يوماً من شهر رمضان متعمّداً فعليه عتق رقبة مؤمنة ، ويصوم يوماً بدل يوم(1). وهذه الطائفة أيضاً كالسابقة معرض عنها على كلا القولين ، ويبعد خصوص هذه الطائفة أ نّ بقاء الأحكام إلى يوم القيامة في جميع الأمكنة والأزمنة ، مع اهتمام الشارع على عدم بقاء الرقّ والرقّية ، وعدم وجود العبد في أكثر الأمكنة ، مع كثرة الإفطار الموجب للكفّارة، لا يلائم مع هذه الطائفة .
الرابعة : ما تدلّ بالصراحة على الترتيب ، وهي روايتان :
إحداهما : صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : سألته عن رجل نكح امرأته وهو صائم في رمضان ما عليه؟ قال : عليه القضاء وعتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستّين مسكيناً ، فإن لم يجد فليستغفر الله(2) .
ثانيتهما : رواية عبد المؤمن بن الهيثم (القاسم خل) الأنصاري ; عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّ رجلاً أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : هلكت وأهلكت ! فقال : وما أهلكك؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم . فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله) : أعتق رقبة . قال : لا أجد . قال : فصم شهرين متتابعين . قال : لا أُطيق ، قال : تصدّق على ستّين مسكيناً . قال : لا أجد . فاُتي النبي (صلى الله عليه وآله) بعذق في مكتل فيه خمسة عشر صاعاً من
(1) تهذيب الأحكام 4 : 207 ح 600 ، الاستبصار 2 : 96 ح 311 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 49 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 11 .
(2) مسائل علي بن جعفر : 116 ح 47 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 48 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 9 .
الصفحة 151
تمر ، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله) : خذ هذا وتصدّق بها . فقال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما بين لابيتها(1) أهل بيت أحوج إليه منّا ، فقال : خذه وكله أنت وأهلك ; فإنّه كفّارة لك(2) .
وهذه الرواية ضعيفة ، كما أ نّك عرفت سقوط الطائفتين المتوسطتين عن الاعتبار لأجل الإعراض ، فتبقى الصحيحة الأخيرة الصريحة في الترتيب في مقابل الطائفة الاُولى ، فلو قلنا بوجود التعارض وعدم إمكان الجمع المقبول عند العقلاء الموجب للخروج عن عنوان المتعارضين ، فاللازم الأخذ بالطائفة الاُولى ; لموافقتها لفتوى المشهور التي هي أوّل المرجّحات على ما ذكرناه مراراً .
وأمّا ما اُفيد(3) من دلالة تلك الطائفة على التخيير بالظهور الوضعي ، ودلالة الصحيحة الأخيرة على التعيين بالظهور الإطلاقي ، وهو لا يقاوم الظهور الوضعي كما قرّر في الاُصول ، فهو لا يوجب الخروج عن عنوان المتعارضين ، وهو الملاك كما قرّر فيه ، فتدبّر .
المقام الثالث : فيما جعله مقتضى الاحتياط الوجوبي من لزوم الجمع بين الخصال إن كان الإفطار على محرّم ، كالأمثلة المذكورة في المتن ، وقد أفتى به السيّد (قدس سره) في العروة (4) ، وعن المحقّق في المعتبر(5) أ نّه لم يجد عاملاً بكفّارة الجمع ، وكيف كان ،
(1) يعني المدينة المنوّرة، ولابتاها: حرّتان عظيمتان يكتنفانها (مجمع البحرين 3: 1654ـ 1655، لوب).
(2) الفقيه 2 : 72 ح 309 ، معاني الأخبار : 336 ح 1 ، المقنع : 193 ، وعنها وسائل الشيعة 10 : 46 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 8 ح 5 .
(3) المستند في شرح العروة 21 : 313 .
(4) العروة الوثقى 2 : 35 مسألة 2470 .
(5) المعتبر 2 : 668 .
الصفحة 152
فقد استظهر بعض الأعلام (قدس سره) أ نّه لا ينبغي التأمّل في أنّ هذا القول حدث بين المتأخّرين عن زمن العلاّمة (قدس سره) ، وتبعه جماعة ممّن تأخّر عنه ، منهم : صاحب الحدائق (قدس سره) (1) . وأمّا القدماء فلم ينسب إليهم ذلك ما عدا الصدوق في الفقيه (2) ، فهو قول على خلاف المشهور (3) . وكيف كان ، فقد استدلّ عليه بعدّة روايات :
منها : موثقة سماعة المتقدّمة في المقام الثاني ، بناءً على اشتمالها على «و»مكان «أو» ، وعلى حمل الشيخ(4) إيّاها على إتيان الأهل على وجه محرّم، كحال الحيض، وبعد الظهار قبل الكفّارة ، واحتمل (قدس سره) أيضاً أن يكون المراد بـ «و» التخيير دون الجمع ، كما احُتمل أيضاً الحمل على الاستحباب ، جمعاً بينها وبين روايات التخيير .
أقول : الرواية قد نقلناها عن الطبع الحديث للوسائل ، وهي لا تشتمل على «و» ، مع أ نّه لا شاهد على الحمل على إتيان الأهل على وجه محرّم ، كما لا يخفى .
ومنها : ما رواه الصدوق بإسناده عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي ، فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ـ يعني عن المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ فيمن أفطر في شهر رمضان متعمّداً بجماع محرّم عليه ، أو بطعام محرّم عليه ، أ نّ عليه ثلاث كفّارات(5) .
(1) الحدائق الناضرة 13 : 222 .
(2) الفقيه 2 : 74 .
(3) المستند في شرح العروة 21 : 314 .
(4) تهذيب الأحكام 4 : 208 ـ 209 ، الاستبصار 2 : 97 .
(5) الـفقيه 2 : 73 ـ 74 ح 317 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 55 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب10 ح 3 .
الصفحة 153
وقد استند إليها الصدوق ـ في المحكي عنه ـ في فتواه السابقة .
والظاهر أنّ قوله : «يعني عن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف» تفسير لصاحب الوسائل ، وإلاّ فليس في كتاب الصدوق هذا التفسير ، كما أنّ رواية الصدوق عن العمري بلحاظ حكايته عن الصاحب عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ ضرورة أنّه ليس بمعصوم ـ يكون قوله حجّة ، والإشكال إنّما هو في الإرسال المتحقّق بين الصدوق ، وبين أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي ، فالرواية حينئذ لا تكون قابلة للاستناد إليها ، وقد عبّر نفسه عنها بالمرسلة .
ومنها : ما رواه الشيخ (قدس سره) بإسناده عن الصدوق ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا (عليه السلام) : ياابن رسول الله قد روي عن آبائك (عليهم السلام) فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفّارات ، وروي عنهم (عليهم السلام) أيضاً كفّارة واحدة ، فبأيّ الحديثين نأخذ؟ قال : بهما جميعاً ، متى جامع الرجل حراماً ، أو أفطر على حرام في شهر رمضان ، فعليه ثلاث كفّارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستّين مسكيناً ، وقضاء ذلك اليوم . وإن كان نكح حلالاً ، أو أفطر على حلال ، فعليه كفّارة واحدة ، وإن كان ناسياً فلا شيء عليه(1) .
والظاهر أنّ الرواية معتبرة قابلة للاستناد على مسلكنا في حجّية الأخبار . نعم ، على مبنى صاحب المدارك من اعتبار كون الراوي في جميع الطبقات عدلاً إماميّاً
(1) تهذيب الأحكام 4 : 209 ح 605 ، الاستبصار 2 : 97 ح 316 ، الفقيه 3 : 238 ح 1128 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1 : 314 ح 88 ، معاني الأخبار : 389 ح 27 ، وعنها وسائل الشيعة 10 : 53 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 10 ح 1 .
الصفحة 154
فهي غير معتبرة ، وربّما يناقش(1) في وثاقة علي بن محمد بن قتيبة ; نظراً إلى أنّ المستند في ذلك كون الرجل من مشايخ الكشّي ، مع أ نّ هذا المقدار لا يكفي في وثاقته بعد ما نرى من توصيف النجاشي للكشّي بأ نّه يروي عن الضعفاء كثيراً(2)وإن كان يعظّمه في نفسه . وعليه : فمجرّد رواية الكشّي عن شخص لا دلالة فيها على الوثاقة .
نعم ، لو كان شيخاً لإجازته فالدلالة غير قابلة للمناقشة ، إلاّ أنّ شيخ الإجازة غير مجرّد الرواية ، خصوصاً مع ما عرفت من النجاشي . هذا بالإضافة إلى علي بن محمد بن قتيبة .
وأمّا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ، فالذي أفاده بعض الأعلام (قدس سره) أ نّ الصدوق عمل بروايته ، بل وصفها بالصحّة (3) ، لكن يبعّده استناد الصدوق فيما نحن فيه إلى المرسلة مع كونه راوياً لهذه الرواية عنه ، والدلالة فيها قويّة جدّاً ، فهل لا يكون هذا قرينة على الخلاف ؟ خصوصاً مع أنّ الرجل لم يوثّق أصلاً ، ويحتمل قويّاً أن يكون الجاري عند الصدوق هي أصالة العدالة المعروفة عند القدماء ، فمع ذلك كيف يمكن الاعتماد على الرواية؟ وإن قلنا بأوسع ممّا قاله صاحب المدارك في باب حجّية الأخبار.
وكيف كان ، فهذه الروايات الثلاث المتقدّمة وإن لم يمكن الاستناد إليها لا منفرداً ولا مجتمعاً للفتوى بثبوت كفّارة الجمع في الإفطار بالمحرّم ، إلاّ أ نّه يمكن أن تصير منشأً للاحتياط الوجوبي، كما هو المذكور في المتن .
(1) المستند في شرح العروة 21 : 318 ـ 319 .
(2) رجال النجاشي : 372، الرقم 1018 .
(3) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 : 127 ب 35 ذ ح 2 .
الصفحة 155
مسألة 3 : الأقوى أنّه لا تتكرّر الكفّارة بتكرار الموجب في يوم واحد ـ حتّى الجِماع ـ وإن اختلف جنس الموجب، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط في الجِماع 1 .
ثمّ إنّه على تقدير وجوب كفّارة الجمع في الإفطار بالمحرّم فتوى أو احتياطاً لايختصّ الحكم بالمفطر الذي كان له حالتان : الحلّية والحرمة ، كالأكل والشرب والجماع مثلاً، بل يعمّ المفطر الذي ليس له إلاّ حالة واحدة، كالكذب على الله ـ تعالى ـ والرسول (صلى الله عليه وآله) والأئـمّة (عليهم السلام) ; لأ نّه محرّم صرف ، ولا يكون له حكم آخر.
وعليه : فيشكل الأمر بالإضافة إلى مورد التبليغ في أيّام شهر رمضان كما هو المتداول والمعمول ، سيّما المنبر والتكلّم عليه ; فإنّ اللازم على المتصدّيله الالتفات إلى هذه الجهة ، أو الانتساب إلى قول الآخرين أو كتبهم ، ولا يقتصر على ذكر ما يرتبط بهذه الذوات المقدّسة من دون العلم أو الاطمئنان ، ومن دون الانتساب المذكور ، فالاحتياط الذي لا ينبغي تركه هو ترك ذلك في اليوموالاكتفاء بالليل .
1ـ لا شبهة في تكرّر الكفّارة بتكرّر الموجب في يومين أو أزيد ; سواء اتّحد جنس الموجب كالجماع فيهما ، أو اختلف كالأكل والجماع مثلاً ، إنّما الإشكال في التكرّر بتكرّر الموجب في يوم واحد ، كما إذا جامع مرّتين أو أكل كذلك ، ويظهر من المتن وجوب الفرق بين الجماع وغيره .
فنقول : أمّا غير الجماع ، فالوجه في عدم التكرّر فيه; أ نّه بارتكاب المفطر الأوّل يصير صومه فاسداً وإن كان يجب عليه مجرّد الإمساك في بقيّة اليوم ، فارتكاب المفطر الثاني لايكون إفطاراً في الحقيقة، فلا وجه لإيجابه الكفّارة إذ لم يقم دليل على
الصفحة 156
مسألة 4 : تجب الكفّارة في إفطار صوم شهر رمضان ، وقضائه بعد الزوال ، والنذر المعيّن ، ولا تجب فيما عداها من أقسام الصوم; واجباً كان أو مندوباً ، أفطر قبل الزوال أو بعده . نعم ، ذكر جماعة وجوبها في صوم الاعتكاف إذا وجب ، وهم بين معمِّم لها لجميع المفطرات ، ومخصّص بالجِماع ، ولكنّ الظاهر الاختصاص بالجِماع ، كما أنّ الظاهر أنّها لأجل نفس الاعتكاف لا للصوم ، ولذا لا فرق بين وقوعه في الليل أو النهار . نعم ، لو وقع في نهار شهر رمضان تجب كفّارتان ، كما أنّه لو وقع الإفطار فيه بغير الجِماع تجب كفّارة
ثبوتها في ما يجب فيه الإمساك ولو مع اتّصاف الصوم بالبطلان ، ولا فرق في هذه الجهة بين صورة اختلافه وصورة اتّحاده ، فالوجه فيه واضح .
وأمّا الجماع ، فقد قال في المتن : إنّه لا ينبغي ترك الاحتياط فيه وإن كان السيّد في العروة(1) بعد حكمه بالاحتياط قد قوّى التكرّر ، والوجه فيه: أنّ الموضوع للحكم في جملة كثيرة من الروايات، هو عنوان الجماع الشامل لحالتي التلبّس بالصوم وعدمه مع فرض كونه مكلّفاً بالصوم .
وعليه : فتبتني المسألة على أنّ مقتضى الأصل عند اجتماع الأسباب هل هو التداخل أو عدمه ؟ وهذا بخلاف غير الجماع ; فإنّه لا يبتني على ذلك; لبطلان الصوم بالمفطر الأوّل ، ولم يقم دليل على ثبوت الكفّارة ولو بعد البطلان .
ودعوى انصراف الجماع في تلك الروايات إلى خصوص الجماع الأوّل الواقع في حالة الصوم ، والانصراف عن الجماع الثاني الواقع بعد بطلانه ، غير مسموعة وإن كانت ربما يتوهّم في بادىء النظر ، كما لا يخفى .
(1) العروة الوثقى 2 : 35 ـ 36 مسألة 2471 .
الصفحة 157
شهر رمضان فقط 1 .
1ـ قد تعرّض في هذه المسألة لموارد وجوب الكفّارة في الإفطار ، وموارد عدم وجوبها فيه ، والمورد المختلف فيه :
فمن القسم الأوّل : الإفطار في صوم رمضان متعمّداً ، وقد مرّ البحث في هذا القسم في المسألة الاُولى المتقدّمة ، ولا فرق في هذا القسم بين ما قبل الزوال وما بعده بلا إشكال .
ومنه : قضاء صوم شهر رمضان ، وقد فصّل فيه بين ما بعد الزوال ، وبين غيره بالحكم بثبوت الكفّارة في الأوّل دون الثاني ; وذلك لجواز الإفطار في الثاني دون الأوّل ، والظاهر أ نّ مورده صورة عدم تضيّق الوقت بدخول رمضان الآتي ، وإلاّ فهو كالنذر المعيّن ، ويدلّ على الحكم المذكور مضافاً إلى التسالم(1) تقريباً روايات :
منها : موثقة أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الإفطار؟ فقال : لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال(2) .
ومنها: موثقة عمّار الساباطي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها ، متى يريد أن ينوي الصيام ؟ قال : هو بالخيار إلى أن تزول الشمس ، فإذا زالت الشمس ، فإن كان نوى الصوم فليصم ، وإن كان ينوي الإفطار فليفطر . سئل : فإن كان نوى الإفطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما زالت الشمس ؟ قال : لا . سئل : فإن نوى الصوم ثمّ أفطر بعد ما زالت الشمس ؟
(1) رياض المسائل 5: 352 ـ 353، المستند في شرح العروة 21: 320.
(2) الكافي 4 : 122 ح 6 ، الفقيه 2 : 96 ح 432 ، تهذيب الأحكام 4 : 278 ح 842 ، الاستبصار 2 : 120 ح 390 ، وعنها وسائل الشيعة 10 : 16 ، كتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونيّته ب 4 ح 2 .
الصفحة 158
قال : قد أساء وليس عليه شيء إلاّ قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه(1) . وربمايقال بأنّ غاية مفاد الروايتين الدلالة على عدم جواز الإفطار بعد الزوال في قضاء شهر رمضان ، وأمّا الدلالة على ثبوت الكفّارة فلا ، بل ربما يدلّ ذيل الأخيرة على عدم وجوب الكفّارة فيها بلحاظ قوله : «ليس عليه شيء إلاّ قضاء ذلك اليوم» إلخ ، كما ربما ينسب القول به إلى العمّاني (قدس سره) (2) .
وتوهّم أنّ جواز الإفطار وعدمه أمر ، وثبوت الكفّارة والعدم أمر آخر، كما في محرّمات الإحرام ، حيث إنّها تصير جائزة في بعض الحالات ، ومع ذلك تكون الكفّارة ثابتة، كلبس المخيط للرجال في حال الضرورة لمرض ونحوه ; فإنّه جائز ولكنّ الكفّارة غير ساقطة ، فمن الممكن في المقام أيضاً القول بجواز الإفطار مع ثبوت الكفّارة ، مدفوع بأنّ الظاهر أ نّ عدم الملازمة هناك يرتبط بحال المكلّف ، وهنا يكون الجواز مربوطاً بالصوم من حيث قبل الزوال وبعده ، فتدبّر .
ولكن يدلّ على ثبوت الكفّارة فيها بالصراحة بعض الروايات ، مثل :
رواية بريد العجلي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : إن كان أتى أهله قبل زوال الشمس فلا شيء عليه إلاّ يوم مكان يوم . وإن كان أتى أهله بعد زوال الشمس ، فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين ، فإن لم يقدر عليه صام يوماً مكان يوم ، وصام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع(3) . ولكنّها ضعيفة ظاهراً .
(1) تهذيب الأحكام 4 : 280 ح 847 ، الاستبصار 2 : 121 ح 394 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 13 ، كتاب الصوم ، أبواب وجوب الصوم ونيّته ب 2 ح 10، و ص 348 ، أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 4 .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة 3 : 319 مسألة 65 .
(3) الكافي 4 : 122 ح 5 ، الفقيه 2 : 96 ح 430 ، المقنع : 200 ، تهذيب الأحكام 4 : 278 ح 844 ، الاستبصار 2 : 120 ح 391 ، وعنها وسائل الشيعة 10 : 347 ، كتاب الصوم ، أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 1.
الصفحة 159
وصحيحة هشام بن سالم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل وقع على أهله وهو يقضي شهر رمضان؟ فقال : إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه ، يصوم يوماً بدل يوم ، وإن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم وأطعم عشرة مساكين ، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيّام كفّارة لذلك(1) . هذا ، مضافاً إلى كون رواية الكفّارة موافقة لفتوى المشهور(2) ، بل المتسالم عليه بينهم تقريباً كما عرفت ، فعلى تقدير عدم إمكان الجمع الدلالي ـ كما هو الظاهر ـ لابدّ من الأخذ بهما ، كما لايخفى .
ومن هذا القسم: صوم النذر المعيّن بالذات أو بالعرض كما في صورة التضيّق ، ولم ينسب الخلاف هنا أيضاً إلاّ إلى ابن أبي عقيل (3) ، ولكن بعدما تكرّر منّا في هذا الشرح أنّ المنذور بما هو له عنوان خاصّ لا يصير واجباً بوجه، بل الواجب هو عنوان الوفاء بالنذر الذي هو أمر توصّلي ، ولكن إذا كان المنذور عبادة فاللازم الإتيان به بعنوان العباديّة ، فإذا نذر صلاة الليل مثلاً لا تصير صلاة الليل واجبة بحيث تبدّل حكمها من الاستحباب إلى الوجوب ، بل هي باقية على استحبابها ، غاية الأمر لزوم الإتيان بها مع قصد القربة ، وهكذا المقام ، فإذا فرض أ نّه نذر صوم يوم معيّن بالذات مثلاً ، فالصوم لا يصير واجباً بالنذر ، بل الواجب هو الوفاء به ، وهو لا يتحقّق إلاّ بالصيام في ذلك اليوم .
وعليه : فالكفّارة هنا لا تكون إلاّ كفّارة حنث النذر لا الإفطار في الصوم المنذور ، ولذا تثبت هذه الكفّارة في سائر موارد مخالفة النذر ، وحيث إنّ البحث هنا
(1) تهذيب الأحكام 4 : 279 ح 845 ، الاستبصار 2 : 120 ح 392 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 347 ، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان ب 29 ح 2 .
(2) المستند في شرح العروة 2: 321.
(3) حكى عنه في مختلف الشيعة 3 : 418 ـ 419 مسألة 134 .
الصفحة 160
في أصل ثبوت الكفّارة وعدمه ، كما في القسمين الأوّلين ، فالتعرّض لمقدارها لايرتبط بالمقام ، بل بكتاب الكفّارات ، ولعلّه لذا ترك الماتن (قدس سره) التعرّض لذكر المقدار هنا ، بخلاف السيّد (قدس سره) في العروة ، حيث إنّه تعرّض لمقدارها أيضاً(1) .
وأمّا القسم الثاني : الذي لا تجب فيه الكفّارة ; سواء كان واجباً كالصوم الواقع كفّارة ، أو ثلاثة وسبعة بدل الهدي ، كما حقّقناه في محلّه ، أم مندوباً كما في الأغلب ، فالدليل على عدم ثبوت الكفّارة فيه ولو مع وجوب الصوم بعنوانه ـ ولازمه عدم جواز الإفطار عن تعمّد واختيار ـ هو عدم الدليل عليها ، مع احتياجه كسائر التكاليف إلى الدليل ، وقد عرفت أنّ مجرّد عدم جواز الإفطار لا يترتّب عليه وجوب الكفّارة .
وأمّا القسم الثالث : الذي كان مورداً للاختلاف فهو صوم الاعتكاف ، والكلام فيه تارة: في الجماع ، واُخرى: في غيره من المفطرات .
أمّا الأوّل: فالظاهر أ نّه لا إشكال ولا خلاف في وجوب الكفّارة في الجماع في صوم الاعتكاف(2) وإن وقع الاختلاف في تعيين المقدار ، وأ نّه هل هو كفّارة شهر رمضان، كما ذهب إليه المشهور (3) ، أو أ نّها كفّارة الظهار، كما عن صاحب المدارك (4)؟ والأخبار مختلفة من هذه الجهة وإن كان بينها اتّفاق في أصل ثبوت الكفّارة ، مثل :
موثقة سماعة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن معتكف واقع أهله؟ فقال
(1) العروة الوثقى 2 : 35 مسألة 2470 .
(2) رياض المسائل 5 : 526 ، مستمسك العروة 8 : 351 ، المستند في شرح العروة 21 : 334 .
(3) الحدائق الناضرة 13: 496، رياض المسائل 5 : 527 ، جواهر الكلام 17 : 210 .
(4) مدارك الأحكام 6 : 244 .
|