الصفحة 201
العشاء ثمّ ذكر؟ قال : فليتمّ صلاته ثمّ ليقض بعد المغرب قال : قلت له : جعلت فداك قلت : حين نسى الظهر ثمّ ذكر وهو في العصر يجعلها الاُولى ثمّ يستأنف وقلت لهذا يتمّ صلاته بعد المغرب . فقال : ليس هذا مثل هذا إنّ العصر ليس بعدها صلاة والعشاء بعدها صلاة . بناءً على كون المراد من قوله : فليتمّ صلاته في الجواب عن السؤال الثاني هو إتمامها عشاء بإضافة الركعتين الأخيرتين إليهما .
وبعبارة اُخرى إتمامها بالنيّة التي صلّى الركعتين بها وهي نيّة العشاء ، وعليه فيكون مفعول قوله ثمّ ليقض هو المغرب المذكور بعده وكلمة «بعد» مبنية على الضم والمضاف إليه محذوف ، فمعنى الرواية انّه يجب عليه إتمام الصلاة التي شرع فيها بنيّة العشاء عشاء ثمّ قضاء المغرب بعد العشاء ومعنى القضاء هو الإتيان كما يستعمل فيه في الروايات كثيراً لا القضاء المصطلح وإن كان يمكن توجيهه أيضاً كما أفاده سيّدنا العلاّمة الاستاذ (قدس سره) من أنّ التعبير بالقضاء إنّما هو لأنّ المعروف بين المسلمين تباين وقتي المغرب والعشاء وكذا الظهر والعصر لا كما يقول به الإمامية من الاشتراك ولكن هذا التوجيه بعيد ، وكيف كان فمرجع اعتراض السائل ـ حينئذ ـ إلى أنّه ما الفرق بين المسألتين حيث حكم في الاُولى بالعدول وفي الثانية بإتمامها عشاء والإتيان بالمغرب بعدها والمراد من الجواب ثبوت الفرق بينهما وهو انّه لا تجوز الصلاة بعد العصر ، امّا على طريق الكراهة وامّا على نحو الحرمة بخلاف العشاء فيرجع إلى أنّ القضاء بعد العصر إنّما تكون مثل النافلة بعدها في الحرمة أو الكراهة بخلاف القضاء بعد العشاء وإن كان يمكن المناقشة في هذا الفرق بأنّ لازمه عدم احتساب اللاحقة عصراً ولو تذكّر بعد الفراغ لأنّ لازمه وقوع صلاة بعد العصر كما لايخفى .
وبالجملة فالظاهر دلالة الرواية على التفصيل وانّه لا مجال للعدول في صلاة
الصفحة 202
العشاء وتوهّم كون المراد من قوله : فليتمّ صلاته هو إتمامها مغرباً بإضافة ركعة إليهما وبوجوب القضاء هو قضاء العشاء بعد المغرب بحيث كانت كلمة «بعد» مضافة إلى المغرب فلا تكون الرواية منافية لصحيحة زرارة الدالّة على العدول من العشاء إلى المغرب أيضاً مدفوع ـ مضافاً إلى كونه خلاف الظاهر في نفسه ـ بأنّه لا يبقى وجه ـ حينئذ ـ لاعتراض السائل على الإمام (عليه السلام) بأنّه ما الفرق بين المسألتين وتوجيهه بكون الاعتراض إنّما هو من جهة الفرق في التعبير بالاستئناف في الاُولى وبالقضاء في الثانية واضح الفساد فالرواية منافية للرواية المتقدّمة المصرّحة بعدم الفرق .
ولكنّها لا يمكن الاعتماد عليها لعدم توثيق حسن بن زياد الصيقل أوّلاً لا بالتوثيق الخاص ولا بالتوثيق العام كالوقوع في سند مثل كتاب كامل الزيارات وإنّما ورد فيه بعض المدائح غير البالغ حدّ الوثاقة ، وعدم صلاحيتها للمعارضة مع الرواية المتقدّمة ثانياً لموافقتها لفتوى المشهور وهو أوّل المرجحات على ما قرّر في محلّه فلا فرق بين المسألتين في العدول عن اللاحقة إلى السابقة وإتمام ما بيده بنيّة السابقة ثم استئناف اللاّحقة .
ثمّ إنّه ذكر في الوسائل انّ رواية الحسن محمولة على تضييق وقت العشاء دون العصر . والظاهر بُعد هذا الحمل; لأنّه مضافاً إلى كون الحكمين واقعين في مقام الجواب عن سؤاله والسؤال فيهما إنّما هو بنحو واحد وعدم إشعار الثاني بكون المفروض وقت تضيق العشاء يرد عليه انّه على هذا التقدير لا يبقى مجال لاعتراض السائل وعلى تقديره لابدّ وأن يكون النكتة في الفرق هو التضيق وعدمه لا كون صلاة العشاء بعدها صلاة دون العصر كما لا يخفى .
الصورة الثانية : ما إذا تذكّر في الأثناء في الوقت المشترك مع تجاوز محلّ العدول
الصفحة 203
وعدم التمكّن منه كما إذا تذكّر في ركوع الركعة الرابعة من العشاء أو بعده انّه لم يأت بالمغرب ومن الواضح انّه لا مجال فيها للبحث عن العدول بعد عدم إمكانه ولا للبحث عن شمول أخبار العدول وعدمه ، بل البحث إنّما هو في صحّتها بالنيّة التي شرع فيها وبطلانها ، والمحكي عن صاحب الجواهر (قدس سره) في رسالة نجاة العباد وجوب الإتمام عشاء والإتيان بالمغرب بعدها ، وذهب السيّد في العروة إلى البطلان وانّ الاحتياط بالاتمام والإعادة بعد الإتيان بالمغرب ولا مجال لدعوى الشهرة عليه ، بل المسألة مختلف فيها من دون ثبوت شهرة على أحد الطرفين .
وقد استدلّ القائل بالصحّة بأنّ حديث لا تعاد لا يختصّ جريانه بما بعد العمل ، بل يجري فيما إذا كان التذكّر في أثناء العمل كما إذا تذكّر في الأثناء انّه لم يكن متستّراً في الركعة الاُولى أو لم يقرأ فاتحة الكتاب فيها فإنّ مقتضى حديث لا تعاد الصحّة في الفرضين .
ولا ينافيه التعبير بالإعادة لعدم اختصاصه بما إذا فرغ من العمل ، بل كثيراً ما يستعمل في لسان العرف والاخبار في اثناء العمل أيضاً ، وعليه فلا يكون الحديث قاصراً عن شمول المقام والحكم بصحّة ما وقع بعنوان العشاء وإن كان فاقداً للترتيب المعتبر في صحّتها كما لا يخفى .
ويرد عليه انّ الحديث وإن كان شموله بالإضافة إلى الأثناء ممّا لا ينبغي المناقشة فيه لما ذكر إلاّ انّ دائرة شموله لا تتجاوز عن العمل المتقدّم والماضي الذي كان فاقداً لبعض ما اعتبر فيه نسياناً ولا دلالة للحديث على تصحيح العمل المتأخّر مع فقدانه لما اعتبر فيه وعدم ثبوت مانع من السهو والنسيان فإذا التفت في أثناء الصلاة إلى عدم اشتمالها من حين الشروع على ستر العورة ، فالحديث لا يقتضي إلاّ تصحيح الأجزاء المأتي بها الفاقدة للشرط مع الغفلة وعدم الالتفات ولا يوجب
الصفحة 204
سلب شرطية الستر بالإضافة إلى الأجزاء اللاّحقة وإن لم يكن غير قادر على تحصيله في الأثناء بوجه . وفي المقام مقتضى شمول الحديث صحّة الاجزاء السابقة وإن كانت فاقدة للترتيب ولا دلالة له على نفي اعتباره بالإضافة إلى الاجزاء اللاّحقة مع زوال السهو وارتفاع النسيان فاللاّزم مراعاة للشرط الإتيان بالمغرب ثمّ استئناف العشاء .
اللهمّ إلاّ أن يقال بأنّ الترتيب لا يكون كسائر الشرائط معتبراً في كلّ جزء من أجزاء الصلاة ، بل الترتيب إنّما يعتبر في المجموع من حيث المجموع من الصلاة اللاّحقة فإذا اقتضى الحديث رفع الشرطية والحكم بصحّة الأجزاء السابقة بعنوان العشاء فلا يبقى مجال لبطلانها بل يتمّها كذلك .
ولكن الظاهر عدم صحّة هذا القول ، بل الترتيب إنّما هو كسائر الشرائط معتبر في كلّ جزء من أجزاء الصلاة اللاّحقة ويؤيّده ، بل يدلّ عليه أخبار العدول الدالّة على العدول مع التمكّن منه وعدم تجاوزه فإنّ مقتضاها اعتبار الترتيب في كلّ جزء مستقلاًّ وإلاّ لم يكن وجه للعدول بعد سقوط شرطية الترتيب بالغفلة وعدم الالتفات كما هو المفروض .
فالإنصاف انّ مقتضى القواعد الحكم بالبطلان وإن كان الاحتياط بالإتمام ثمّ الإتيان بها بعد المغرب ممّا لا ينبغي تركه . ويؤيّد البطلان ما يمكن أن يقال من أنّ الأدلّة الدالّة على شرطية الترتيب مطلقة والقدر المتيقّن من التقييد الذي يدلّ عليه حديث لا تعاد إنّما هو فيما إذا تذكّر بعد الفراغ ، وامّا لو علم في الأثناء فلم يعلم من الحديث تقييدها به أيضاً فاللاّزم الرجوع إليها فتدبّر .
الصورة الثالثة : ما إذا تذكّر في الأثناء في الوقت المختصّ بالسابقة كما إذا شرع في العصر في الآن الأوّل بعد الزوال والتفت بعدما صلّى ركعتين منها انّه لم يصلِّ الظهر
الصفحة 205
بعد فبناء على انتفاء الوقت المختصّ وثبوت الاشتراك في جميع الوقت من أوّله إلى آخره كما يقول به الصدوقان ومن تبعهما فلا إشكال في أنّ حكمه حكم ما إذا تذكّر في الأثناء في الوقت المشترك من العدول إلى السابقة ، وامّا بناء على المشهور من اختصاص أوّل الوقت بالسابقة وكون نسبته إلى اللاّحقة كنسبة ما قبل الزوال ـ مثلاًـ إلى الظهر فقد وقع الإشكال في جواز العدول في هذه الصورة ومنشأه عدم دلالة أخبار العدول عليه فيها وتقريب عدم الدلالة أحد اُمور :
الأوّل : انّ مورد أكثر أخبار العدول هو الوقت المشترك لورودها في رجل أمَّ قوماً في العصر فذكر وهو يصلّي بهم انّه لم يكن صلّى الاُولى أو في رجل دخل مع قوم ولم يكن صلّى هو الظهر والقوم يصلّون العصر يصلّي معهم أو في رجل نسى صلاة حتّى دخل وقت صلاة اُخرى ، نعم ظاهر صحيحة زرارة ورواية حسن بن زياد الصيقل المتقدّمتين الإطلاق ولكنّه حيث يكون الفرض من الفروض النادرة خصوصاً مع كون المعروف بين المسلمين في وقت صلاة العصر هو الإتيان بها في أواسط الوقت يكون التمسّك بالإطلاق في غاية الضعف .
الثاني : انّ مقتضى الأخبار انّ العدول إلى اللاّحقة إنّما يصحّح خصوصية الترتيب المعتبر في صحّة الصلاة اللاّحقة ومدلولها انّه مع التذكّر في الأثناء يمكن مراعاة هذا الشرط بجعلها الصلاة السابقة ثمّ الإتيان باللاّحقة فالعدول إنّما يؤثّر في تحقّق هذا القيد فقط ، وامّا لو فرض كون الصلاة اللاّحقة فاقدة لبعض الشرائط الاُخر أيضاً فلا يؤثّر العدول أصلاً وذلك كما إذا كانت فاقدة للطهارة أو للقبلة أو لغيرهما من الشرائط والمفروض في المقام وقوع اللاّحقة في غير وقتها أيضاً فهي ناقصة من جهتين الترتيب والوقت وأدلّة العدول لا تصلح لتصحيح الجهة الثانية; لأنّ مفادها تصحيح الجهة الاُولى فقط .
الصفحة 206
الثالث : انّ ظاهر أدلّة العدول انّه لولا التذكّر في الأثناء المجوّز للعدول لوقعت المعدول عنها صحيحة وذلك يقتضي كونها واجدة للشرائط المعتبرة فيها مطلقاً أي في حالتي الذكر والنسيان معاً والوقت من جملتها وإن شئت قلت : إنّ الأدلّة متضمّنة لجواز العدول من العصر إلى الظهر ـ مثلاً ـ فاللاّزم أن تكون الصلاة صلاة العصر حتّى يجوز العدول عنها إلى الظهر ، ومن المعلوم انّ مجرّد نيّة العصر لا تؤثّر ما لم تكن واجدة لسائر الشرائط التي من جملتها الوقت إلاّ بناء على قول الأعمى كما لايخفى .
هذا ولكنّه اختار سيّدنا العلاّمة الاستاذ (قدس سره) جواز العدول في هذه الصورة أيضاً نظراً إلى أنّ الصلاة المعدول عنها قد تكون فاقدة لما يعتبر في طبيعة الصلاة وجميع أنواعها بحيث لو كانت فاقدة له لا تتحقّق الطبيعة أصلاً وذلك كالطهارة والقبلة والركوع والسجود وقد تكون فاقدة لما يعتبر في خصوص هذا النوع من طبيعة الصلاة كوقوعها في غير وقتها .
وفي الأوّل لا إشكال في عدم جواز العدول وبطلان المعدول عنها ، وفي الثاني الذي هو مورد النزاع يكون الظاهر الصحّة وجواز العدول فإنّ الوقوع في غير وقتها يؤثّر في البطلان لو لم يعدل عنها إلى الظهر ، وامّا مع العدول الذي مرجعها إلى صيرورة الصلاة من أوّلها إلى آخرها الصلاة الاُولى فلا وجه للبطلان .
ومرجع كلامه (قدس سره) إلى أنّ النقيصة المتحقّقة في المعدول عنها إن كانت قابلة للرفع بسبب العدول فالعدول يؤثّر في ارتفاعها من دون فرق بين أن تكون هي الترتيب أو الوقت وإن لم تكن قابلة للرفع بسبب العدول فلا معنى للعدول كما في الطهارة والقبلة وأشباههما ولا وجه لدعوى الاختصاص بخصوص الترتيب أصلاً .
ويمكن الإيراد عليه بأنّ ما أفاده وإن كان تامّاً في نفسه إلاّ انّه لا يجدي في إثبات
الصفحة 207
جواز العدول في الصورة المفروضة بعد كون العدول مفتقراً إلى قيام الدليل على جوازه لكونه على خلاف القاعدة بحيث لو لم يكن اخبار العدول لما قلنا بجوازه أصلاً والوجه في ذلك انّ مقتضى العدول صيرورة المعدول عنها من أوّلها إلى آخرها هي المعدول إليها وكيف ينقلب الشيء عمّا وقع عليه وكيف تصير الأجزاء الواقعة بعنوان صلاة العصر ـ مثلاً ـ أجزاء لصلاة الظهر ، وعليه فالحكم المخالف للقاعدة يحتاج إلى دليل قوي وقد عرفت انّ أكثر روايات الباب لا تشمل المقام وليس الإطلاق في الروايتين بحيث يمكن إثبات هذا الحكم المخالف للقاعدة بسببه فالإنصاف انّ الحكم بالبطلان في هذه الصورة أقرب والاحتياط بالعدول والاتمام ثمّ استئناف السابقة والإتيان باللاّحقة بعدها لا ينبغي أن يترك .
الصفحة 208
مسألة 9 ـ إن بقى للحاضر مقدار خمس ركعات إلى الغروب وللمسافر ثلاث قدم الظهر وإن وقع بعض العصر في خارج الوقت ، وإن بقى للحاضر أربع ركعات أو أقلّ وللمسافر ركعتان أو أقلّ صلّى العصر . وإن بقى للحاضر إلى نصف الليل خمس ركعات أو أكثر وللمسافر أربع ركعات أو أكثر قدم المغرب ، وإن بقى للحاضر والمسافر إليه أقلّ ممّا ذكر قدم العشاء ويجب المبادرة إلى إتيان المغرب بعده إن بقى مقدار ركعة أو أزيد ، والظاهر كونه أداء وإن كان الأحوط عدم نيّة الاداء والقضاء 1 .
1 ـ حيث إنّ عمدة الدليل في هذه المسألة هي قاعدة «من أدرك» فينبغي أوّلاً التعرّض لها سنداً ودلالةً فنقول :
هذه القاعدة ـ على ما أفاده سيّدنا الاستاذ (قدس سره) ـ ممّا اتفقت عليه العامّة والخاصّة ولم يظهر منهم مخالف إلاّ نادراً ورواها أصحاب الصحاح في جوامعهم فروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر .
وروى أبو داود في سننه عن ابن طاووس عن ابن عبّاس عن أبي هريرة مثله .
وروى أيضاً ابن ماجة القزويني عن عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله)مثله .
وروى أيضاً أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) انّه قال : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة .
وهذه الروايات كما ترى ليس فيها رواية عامّة شاملة للصلوات الخمس عدى الرواية الأخيرة المحتملة ـ بعد عدم كون المراد ظاهرها الذي يقتضي جواز
الصفحة 209
الاقتصار من الصلاة على ركعة واحدة فقط كما لايخفى ـ لأن يكون المراد صلاة الجماعة لأنّه بعد لزوم الالتزام بالحذف يحتمل أن يكون المحذوف هو الوقت المضاف إلى الصلاة ويحتمل أن يكون هي صفة الجماعة الموصوفة بها الصلاة ولا دليل على ترجيح الاحتمال الأوّل ، نعم في إلغاء الخصوصية عن العصر والغداة كلام يأتي .
وامّا ما ورد من طرق الإمامية فمنها رواية أصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام)قال : من أدرك م نالغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامّة .
ومنها : موثقة عمّار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : فإن صلّى ركعة من الغداة ثمّ طلعت الشمس فليتمّ الصلاة وقد جازت صلاته ، وإن طلعت الشمس قبل أن يصلّي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلّي حتّى تطلع الشمس ويذهب شعاعها .
ومنها : مرسلة الشهيد في محكي الذكرى قال : وعنه (صلى الله عليه وآله) : من أدرك ركعة من العصر قبل أن يغرب الشمس فقد أدرك الشمس .
ومنها : مرسلته الاُخرى قال : روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) انّه قال : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة . ويجري في هذه المرسلة المناقشة المتقدّمة في رواية أبي هريرة العامّة المتقدّمة .
ومنها : مرسلة المحقّق في محكي المعتبر وهو قوله (عليه السلام) : من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت .
واشتهار هذه الأخبار وثبوتها بين الأصحاب يغني عن البحث في سندها والخدشة فيه بالإرسال أو الضعف أو غيرهما فلا مجال للإشكال في القاعدة من حيث السند أصلاً .
وامّا بالنظر إلى الدلالة فالكلام يقع من جهات :
الصفحة 210
الاُولى : في أنّه هل تكون القاعدة ناظرة إلى توسعة الوقت ولازمها كون الصلاة الواقعة ركعة منها في الوقت ادائية بتمامها كما هو المشهور ظاهراً أو انّها لا تكون ناظرة إلى هذه الحيثية وهي كونها اداءاً ، بل غاية مفادها صحّة الصلاة المفروضة وعدم وجوب إعادتها كما ربّما يقال ، وعلى التقدير الثاني هل تكون الصلاة المفروضة قضاء بأجمعها كما حكي عن السيّد المرتضى (قدس سره) أو ملفقة من الادائية والقضائية كما ربّما يحتمل؟
والظاهر هو الاحتمال الأوّل الموافق للمشهور; لأنّ ظاهر مرسلة المعتبر انّ من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك ما يترقّبه من الوقت ، ومن الواضح انّ ما يترقبّب منه هو وقوع صلاة متّصفة بكونها اداءاً فظاهرها توسعة الوقت ومرجعها إلى الحكومة على أدلّة الوقت الظاهرة في عدم الاتصاف بعنوان الاداء إذا لم يبق منه بمقدار الصلاة ولا تنافي المرسلة ، موثقة عمّار المتقدّمة لأنّ غاية ما يمكن أن يقال فيها باعتبار وقوع قوله (عليه السلام) : فليتمّ صلاته ، في الفقرة الاُولى في مقابل قوله (عليه السلام) : فليقطع صلاته في الفقرة الثانية ، فلا دلالة له إلاّ على وجوب الإتمام من دون تعرّض لكونها اداءاً ولا كونها قضاء ، ومن المعلوم انّ عدم التعرّض لا ينافي المرسلة الظاهرة في كونها اداءاً مع ـ انّ قوله (عليه السلام) فليتمّ أيضاً ظاهر في الادائية لظهوره في الإتمام بالنحو الذي شرع في الصلاة بذلك النحو ، كما انّ المراد من قوله (عليه السلام) : وجازت صلاته هي جوازها كجواز الصلاة التي وقعت بتمامها في الوقت .
وعليه فلا مجال لدعوى كونها قضاء بأجمعها نظراً إلى أنّ الركعة الواقعة في الوقت أيضاً قضائية لأنّ ذلك الوقت كان وقتاً للركعة الأخيرة من الصلاة لا الركعة الاُولى منها فهي أيضاً واقعة في غير وقتها . وكذا لا وجه لدعوى التلفيق بعد ظهور القاعدة في التوسعة وإنّ إدراك الركعة بمنزلة إدراك جميع الوقت كما ذكرنا .
الصفحة 211
الثانية : انّه قد يقال : بأنّ دليل القاعدة وهي موثقة عمّار تدلّ على صحّة صلاة خصوص من انكشف له في الأثناء أو بعدها وقوع ركعة منها في الوقت بأن شرع فيها غافلاً أو معتقداً لإدراك الجميع ولا تدلّ على جواز الدخول في الصلاة مع العلم بعدم إدراكه إلاّ ركعة منها كما فيما إذا نسى الإتيان بها ثمّ تذكّر وقد بقى من الوقت مقدار ركعة فإنّه لا دلالة لها على جواز الدخول فيها في هذه الصورة فضلاً عمّا لو تعمّد الترك وأراد الإتيان بها في ذلك الوقت الذي لا يسع إلاّ للركعة فقط .
ويرد عليه مضافاً إلى عدم اختصاص الدليل بالموثقة فإنّ قوله (عليه السلام) : من أدرك من الغداة . . . في رواية أصبغ وكذا قوله (عليه السلام) : من أدرك ركعة من الوقت . . . في مرسلة المعتبر عام شامل لصورة النسيان ، بل صورة العمد أيضاً فإنّه يصدق على المتعمّد للترك إذا أراد الإتيان بالصلاة في ذلك الوقت انّه لا يدرك من الوقت إلاّ ركعة واحدة كما هو ظاهر ـ انّ دلالة الموثقة على اختصاص الصحّة بخصوص الصورة المذكورة ممنوعة فإنّ التأمّل يقضي ـ خصوصاً بقرينة الفقرة اللاّحقة ـ انّ وجوب الإتمام وجواز الصلاة إنّما يكون الملاك فيه إدراك الركعة ووقوعها في الوقت الأصلي لا كون الشروع مع الغفلة أو الاعتقاد فإنّه لا مدخلية فيه لا بنحو الاستقلال ولا بطريق الجزئية ويؤيّد ما ذكرنا فهم الأصحاب ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ فإنّ ظاهرهم الإطلاق والشمول حتّى للعامد .
الثالثة : يمكن أن يقال بأنّ مورد الروايات هي صلاة الغداة والعصر كما في روايات الفريقين ومرسلة المعتبر وإن كان عامّة شاملة لجميع الصلوات ولكنّها لم تثبت ويحتمل قويّاً أن تكون مأخوذة من الروايات ، غاية الأمر إلغاء الخصوصية عن موردها وهو إنّما يجوز فيما إذا علم عدم مدخلية الخصوصية في الحكم المذكور في القضية ولم يعلم ذلك في المقام .
الصفحة 212
ويرد عليه ـ مضافاً إلى ضعف احتمال كون المرسلة مأخوذة من الروايات فإنّ ظاهر الاسناد إلى قول الإمام (عليه السلام) كونه مقولاً له لا انّه مأخوذ منه وقد مرّ جبران نقصها بالفتوى ، بل التسلّم بينهم ـ انّ إلغاء الخصوصية عن غيرها من الروايات ممّا يساعده العرف الذي هو المتبع في فهم مفاد الألفاظ ومدلولها فالحكم عام لجميع الصلوات ويؤيّده إطلاق الفتاوى وعدم اختصاصها بالصلاتين .
الرابعة : الظاهر انّ المراد بالركعة في القاعدة ليس هي الركعة بمعناها اللغوي الذي يرجع إلى ركوع واحد بحيث كان إدراك ركوع واحد كافياً في إدراك الوقت بأجمعه ، بل المراد بها هي الركعة المصطلحة التي يتوقّف تحقّقها على الإتيان بالسجدتين ، بل بالذكر في السجدة الثانية أيضاً; لأنّها هي المنساقة من هذه اللفظة في باب الصلاة المشتملة على ركعتين أو أزيد فالمراد هو إدراك هذه الركعة .
الخامسة : الظاهر أيضاً انّ المراد بإدراك الركعة هو إدراك الركعة مع شرائطها مخفّفة لا إدراكها بالكيفية المتعارفة المشتملة على رعاية المستحبّات كلاًّ أو بعضاً في الصلاة وفي مقدّماتها كالوضوء ونحوه فإذا كانت الركعة المتعارفة مع تحصيل الطهارة كذلك تقع في خمس دقائق ولكنّه يقدر على إيجادها في ثلاث دقائق مع حذف المستحبّات والتعجيل في الإتيان بالخصوصية فالملاك هي الأخيرة لصدق إدراك الركعة بذلك كما هو ظاهر .
السادسة : انّ الموضوع للقاعدة هل هو المدرك للركعة الاختيارية بحسب حاله مع قطع النظر عن ضيق الوقت أو هو أعمّ منه وممّن أدرك الركعة بملاحظة الاضطرار الناشئ عن ضيق الوقت فإذا كانت وظيفته الصلاة مع الطهارة المائية ولكنّه إذا أراد تحصيلها لا يقدر على الإتيان بالركعة في الوقت ولكنّه إذا تيمّم مكان الوضوء أو الغسل يدرك ركعة من الوقت ، فعلى الأوّل لا تشمله القاعدة; لأنّ
الصفحة 213
الموضوع هو المدرك للركعة الاختيارية مع قطع النظر عن ضيق الوقت وعلى الثاني تشمله; لأنّه يصدق عليه إدراك الركعة ولو بملاحظة الاضطرار الناشئ عن ضيق الوقت والتيمّم بدل الوضوء أو الغسل فيه وجهان .
والظاهر هو الوجه الأوّل وذلك لأنّ الموضوع للقاعدة هو المدرك للركعة ، ومن الواضح انّ المراد من الركعة المدركة هي الركعة المشروعة الصحيحة الجامعة للأجزاء والشرائط عدى الوقت الذي بلحاظه وضعت القاعدة فلابدّ من أن تكون المشروعية محرزة مع قطع النظر عن القاعدة ولا مجال لاثبات المشروعية بنفس القاعدة لاستلزامه الدور ، ومن المعلوم انّه لا دليل على مشروعية الركعة مع التيمّم في الصورة المفروضة وأدلّة ضيق الوقت الدالّة على كونه من مسوّغات التيمّم موردها ما إذا كان الانتقال إلى البدل يوجب وقوع جميع الصلاة في الوقت ولذا فيما إذا دار الأمر بين الإتيان بجميع ركعات الصلاة مع التيمّم والإتيان ببعضها مع الوضوء لا محيص عن الأوّل لدلالة تلك الأدلّة على صحّتها ومشروعيتها ولا دليل على مشروعية الثاني في هذه الصورة فلابدّ في جريان القاعدة من إحراز المشروعية مع قطع النظر عنها كما لا يخفى .
فظهر ممّا ذكرنا انّه لا يجري القاعدة في الصورة المفروضة وانّ الحكم فيها قضاء الصلاة خارج الوقت .
السابعة : إذا بقى إلى الغروب مقدار خمس ركعات للحاضر أو ثلاث ركعات للمسافر فقد نفى الإشكال عن انّه يجب عليه الإتيان بالصلاتين نظراً إلى جريان القاعدة بالإضافة إلى كلتيهما فشمولها للظهر باعتبار إدراك ركعة من وقتها يقتضي صحّتها ووقوعها بأجمعها اداءاً وكذا شمولها للعصر بهذا الاعتبار لأنّ المفروض وقوع ركعة منها في وقتها يقتضي صحّتها أيضاً ووقوعها في الوقت جميعاً فهو قادر
الصفحة 214
على الإتيان بهما في وقتهما الذي ثبتت توسعته بالقاعدة مع رعاية الترتيب المعتبر بينهما .
وكذلك إذا بقى إلى انتصاف الليل مقدار خمس ركعات للحاضر أو أربع ركعات للمسافر فإنّه يجب عليه أيضاً الجمع بين الصلاتين والإتيان بهما معاً بلا إشكال ولا خلاف بين الأصحاب كما ادّعاه الشيخ (قدس سره) في كتابه في الصلاة الاستشكال في المسألة ويمكن تقرير الإشكال بوجوه ثلاثة :
الأوّل : أن يقال : إنّ معنى اختصاص الوقت بالعصر ـ مثلاً ـ هو عدم صحّة وقوع شريكتها فيه أصلاً لا اداءً ولا قضاءاً ، لا كلاًّ ولا بعضاً و ـ حينئذ ـ فلا مجال للإتيان بصلاة الظهر إلاّ إذا بقى إلى الغروب مقدار ثمان ركعات وحيث إنّ مفروض المسألة تقع ثلاث ركعات من الظهر في الوقت المختص بالعصر فلا تصحّ .
والجواب : انّه لم يرد في آية ولا رواية لفظ الاختصاص حتّى نتمسّك بإطلاقه ويكون مقتضاه ـ حينئذ ـ عدم صحّة الشريكة مطلقاً لا اداءً ولا قضاءً ، لا كلاًّ ولا بعضاً غاية ما تدلّ عليه رواية ابن فرقد المتقدّمة انّ مقدار أربع ركعات من أوّل الزوال مختصّ بالظهر وتكون نسبته إلى العصر كنسبة قبل الزوال إلى الظهر وهكذا يكون مقدار أربع ركعات من آخر الوقت مختصّاً بالعصر ونسبته إلى الظهر كنسبة ما بعد الغروب إلى العصر ولا دلالة فيها على عدم صحّة وقوع الشريكة فيه ولو بعضاً .
الثاني : انّ مفاد قاعدة من أدرك ليس توسعة الوقت بحيث كان تأخير الصلاة عمداً إلى أن يبقى من الوقت مقدار ركعة جائزاً لوضوح عدم جواز التأخير عمداً ووقوعه عصياناً ، بل مفادها ليس إلاّ مجرّد التنزيل الحكمي من جهة الادائية وثبوت وجوب التعجيل بحاله و ـ حينئذ ـ فإطلاق من أدرك بالنسبة إلى الظهر
الصفحة 215
يعارض دليل وجوب التعجيل الثابت بالنسبة إلى العصر فإن إدراكك الظهر بأجمعها يوجب وقوع ثلاث ركعات من العصر خارج الوقت و ـ حينئذ ـ يقع التزاحم بينهما ولا مرجح للأوّل على الثاني أصلاً .
والجواب : انّ الظاهر انّ قاعدة من أدرك تكون حاكمة على الأدلّة الأوّلية الواردة في الأوقات الظاهرة في توقّف تحقّق عنوان الاداء واتصاف الصلاة به على وقوع جميع أجزائها في الوقت المقرّر لها ومفادها انّ تحقّق هذا الاتّصاف لا يتوقّف على ما ذكر ، بل يصدق بوقوع ركعة منها في ذلك الوقت المقرّر له ; لأنّ الوقت بالإضافة إلى مدرك الركعة يكون متّسعاً فإذا قيل بشمول القاعدة للعامد كما هو المفروض يكون مقتضاها توسعة الوقت حقيقة في حقّه أيضاً ، وعليه فلا موجب للزوم التعجيل عليه وعدم جواز التأخير لصيرورة المسألة ـ حينئذ ـ نظير ما إذا كان مدركاً لثمان ركعات من الوقت الأصلي مع قطع النظر عن القاعدة .
مع أنّه لو أغمض النظر عن ذلك ووصلت النوبة إلى وقوع المزاحمة وملاحظة المرجح نقول : إنّ دليل شرطية الترتيب في صلاة العصر ولزوم رعايته فيها مع الإمكان يكون مرجحاً للقاعدة وموجباً لتعيّن الإتيان بالظهر قبل العصر وفي الحقيقة الأمر دائر بين رعاية دليل وجوب التعجيل بالإضافة إلى العصر وبين الأخذ بالقاعدة ورعاية دليل الشرطية ، ومن الواضح انّ الترجيح مع الثاني كما لايخفى .
الثالث : انّ مورد الروايات كما عرفت هي صلاة الغداة والعصر والتعدّي عنه يتوقّف على إلغاء الخصوصية وهو إنّما يجوز فيما إذا علم عدم مدخلية الخصوصية في الحكم المذكور في القضية وفي المقام يمكن دعوى ذلك بالنسبة إلى صلاة العشاء ولكن لا يمكن بالإضافة إلى الظهر والمغرب لمزاحمتهما للعصر والعشاء فلا يجوز
الصفحة 216
إلغاء الخصوصية بالنسبة إليهما بعد افتراقهما عن مورد الروايات ومثله ممّا لا يكون فيه مزاحمة أصلاً ، نعم في الظهر والمغرب أيضاً إذا لم يتحقّق فيهما مزاحمة لا مانع من جريان القاعدة بالنسبة إليهما كما فيما إذا صلّى العصر والعشاء قبلاً بتخيّل الإتيان بالفريضة السابقة ثمّ انكشف عدم الإتيان بها وانّه لا يمكن إلاّ وقوع ركعة منها في الوقت فإنّه تجري القاعدة وتقضى بلزوم المبادرة إليها كما سيجيء ، وامّا في المقام فلا مجال لجريانها بعد ثبوت مزاحمتهما للفريضة اللاّحقة وعليه فوجه الإشكال قصور دليل القاعدة عن الشمول لعدم جواز إلغاء الخصوصية كما عرفت .
والجواب ـ مضافاً إلى ما عرفت من إطلاق مرسلة المعتبر وكونها حجّة وإلى أنّ مقتضى فهم العرف وكذا علماء الفريقين انّه لا فرق بين الصلوات أصلاً ـ انّ عدم إحراز إلغاء الخصوصية إنّما هو لما ذكر من مزاحمتهما للعصر والعشاء مع أنّ المزاحمة إنّما تكون على تقدير رجوع مفاد القاعدة إلى التنزيل الحكمي بالنسبة إلى الادائية ، وامّا لو كان مفادها هي توسعة الوقت حقيقة بالإضافة إلى من أدرك ركعة فلا يكون هناك مزاحمة أصلاً فإنّ شمول القاعدة للظهر لا يزاحم العصر بعد وقوع ركعة منها في الوقت الأصلي ودلالة القاعدة على توسعة وقتها فلا مانع من شمولها لها أصلاً .
وقد ظهر ممّا ذكرنا وجوب الإتيان بصلاتي الظهر والعصر في مفروض المسألة مقدّماً للاُولى على الثانية وهكذا فيما إذا بقى إلى انتصاف الليل مقدار خمس ركعات للحاضر وأربع ركعات للمسافر فإنّه يجب الإتيان بالصلاتين مقدّماً للمغرب على العشاء .
وإن بقى في المسألتين أقلّ ممّا ذكر كما إذا بقى إلى الغروب مقدار أربع ركعات ونصف ركعة للحاضر ، فاللاّزم الإتيان بالفريضة اللاّحقة لعدم شمول القاعدة
الصفحة 217
للفريضة السابقة بعد فرض عدم إدراك ركعة منها واختصاص مقدار أربع ركعات بصلاة العصر ، والمفروض انّ الإتيان بصلاة الظهر يوجب عدم وقوع ركعة من العصر في وقتها أيضاً فلا محيص من تقديم العصر بمقتضى اختصاص الوقت وسقوط شرطية الترتيب في الوقت الاختصاصي وهكذا بالنسبة إلى المغرب والعشاء .
ثمّ إنّه بعد الإتيان بالفريضة اللاّحقة لو لم يبق من الوقت مقدار ركعة كما كان اعتقاده كذلك لا يجب عليه الإتيان بالسابقة ، بل اللاّزم الإتيان بها قضاء بعد خروج الوقت ، وامّا لو انكشف بقاء مقدار ركعة على خلاف ما اعتقده حين الشروع في اللاّحقة فاللاّزم المبادرة إلى الإتيان بالسابقة وإن فات الترتيب لأنّك عرفت انّ الترتيب إنّما يكون معتبراً في اللاّحقة والمفروض سقوط اعتباره بسبب اعتقاد عدم بقاء الوقت بحيث يدرك ركعة من السابقة فهي واقعة صحيحة وإن كانت فاقدة للترتيب فلم يبق إلاّ بقاء مقدار ركعة من الوقت موجب لإمكان إدراك الجميع بمقتضى القاعدة واختصاص آخر الوقت بالعصر إنّما يؤثّر في البطلان مع عدم الإتيان بها صحيحة والمفروض كذلك ، واعتقاد عدم بقاء الوقت بمقدار ركعة من السابقة مع كون الواقع كذلك لا يوجب الخلل في صحّة اللاّحقة فهو في هذا الظرف قد أتى بها صحيحة والوقت باق بمقدار ركعة فلابدّ من صرفه في السابقة بمقتضى القاعدة فهو كمن صلّى العصر بتخيّل انّه صلّى الظهر في أواسط الوقت مثلاً ثمّ انكشف له عدم الإتيان بها وقد بقى من الوقت مقدار ركعة فإنّه لا محيص عن المبادرة إلى الإتيان بالظهر والظاهر بمقتضى ما ذكرنا نيّة الاداء لأنّ مفاد القاعدة في موارد جريانها توسعة الوقت وكون الصلاة متّصفة بوصف الاداء حقيقة ، نعم الأحوط عدم نيّة الاداء والقضاء كما في المتن .
الصفحة 218
مسألة 10 ـ يجوز العدول من اللاحقة إلى السابقة بخلاف العكس فلو دخل في الظهر أو المغرب فتبيّن في الأثناء انّه صلاّهما لا يجوز العدول إلى اللاّحقة بخلاف ما إذا دخل في الثانية بتخيّل انّه صلّى الاُولى فتبيّن في الأثناء خلافه فإنّه يعدل إلى الاُولى إذا بقى محلّ العدول كما تقدّم 1 .
1 ـ امّا جواز العدول من اللاّحقة إلى السابقة فقد تقدّم وجهه في المسألة الثامنة مفصّلاً فراجع ، وامّا عدم جواز العدول من السابقة إلى اللاّحقة في المثالين المذكورين في المتنز; فلأنّ العدول إنّما هو على خلاف القاعدة; لأنّ مرجعه إلى جعل الأجزاء المأتي بها بنيّة المعدول عنه أجزاء للمعدول إليه وكيف يمكن أن يؤثّر الشيء الحادث فيما يكون ثابتاً قبل حدوثه فجواز العدول يحتاج إلى تعبّد خاص ولو لم يكن اخبار العدول لما قلنا به في مورد أصلاً ، ومن المعلوم انّ مورد اخبار العدول هو العدول من اللاحقة إلى السابقة ولابدّ في الحكم المخالف للقاعدة من الاقتصار على خصوص مورده الذي هو القدر المتيقّن ولا وجه للتعميم والتسرية إلى غيره كما لايخفى .
الصفحة 219
مسألة 11 ـ لو كان مسافراً وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات فشرع في الظهر ـ مثلاً ـ ثمّ نوى الإقامة في الأثناء بطلت صلاته ولا يجوز له العدول إلى اللاّحقة فيقطعها ويشرع فيها . كما انّه إذا كان في الفرض ناوياً للإقامة فشرع في اللاّحقة ثمّ عدل عن نيّة الإقامة يكون العدول إلى الاُولى مشكلاً 1 .
1 ـ في هذه المسألة فرضان :
الأوّل : ما إذا كان مسافراً وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات في الظهرين فشرع في الصلاة بنيّة الظهر ثمّ نوى الإقامة قبل إتمامها وقد حكم في المتن ببطلان صلاته وعدم جواز العدول إلى اللاّحقة أيضاً .
امّا البطلان فلأنّه مع نيّة الإقامة تكون وظيفته الصلاة إتماماً ومعه يكون الوقت الاختصاصي للعصر هو مقدار أربع ركعات ولا مجال لوقوع الظهر فيه ، وعليه فلا يمكن إتمام ما بيده بعنوان الظهرية لاختصاص هذا الوقت بالعصر وكون الشروع في الظهر قبل نيّة الإقامة لا يوجب اختصاص مقدار ركعتين بالعصر كما في السفر ، بل الوقت الاختصاصي هو مقدار أربع ركعات فصلاة الظهر فيه باطلة .
وامّا عدم جواز العدول إلى اللاّحقة فلما عرفت في المسألة المتقدّمة من أنّ مورد أخبار العدول هو العدول من اللاّحقة إلى السابقة ولا يجوز العكس فاللاّزم قطع هذه الصلاة والشروع في اللاّحقة بمقتضى قاعدة من أدرك المتقدّمة ثمّ قضاء السابقة .
الثاني : ما إذا نوى المسافر الإقامة ثمّ أراد صلاة الظهرين ولم يبق من الوقت إلاّ مقدار أربع ركعات ومن المعلوم انّ وظيفته ـ حينئذ ـ هو الاقتصار على اللاّحقة فشرع فيها وقبل إتمامها عدل عن نيّة الإقامة وحيث إنّ العدول قبل الإتيان بصلاة واحدة تماماً يكون مؤثّراً في ثبوت حكم السفر فالوظيفة بعدها هو القصر ومن
الصفحة 220
المعلوم ـ حينئذ ـ إمكان وقوع كلتا الصلاتين في وقتهما الأصلي; لأنّ المفروض بقاء مقدار أربع ركعات فاللاّزم أن تكون الصلاة الاُولى هي صلاة الظهر مع انّ المفروض هو الشروع فيها بنيّة العصر فهل يجوز العدول من العصر إلى الظهر كما استظهره السيّدان في العروة والوسيلة أم لا؟ الظاهر هو العدم; لأنّ مورد اخبار العدول وإن كان هو العدول من اللاحقة إلى السابقة وفي المقام أيضاً كذلك إلاّ انّه فرق بين ما هنا وبين مورد اخبار العدول فإنّ المفروض هناك انّ الوظيفة الواقعية للمكلّف هو الإتيان بالصلاة السابقة أوّلاً ، غاية الأمر انّه حيث كان اعتقاد المصلّي الإتيان بها يشرع في الصلاة اللاحقة ويتذكّر في أثنائها انّه لم يأت بما هي وظيفته الواقعية فيعدل بالنية عنها إليها ، وامّا في المقام فالمفروض انّ اللاحقة التي شرع فيها أوّلاً هي وظيفته الواقعية لثبوت نيّة الإقامة قبل الشروع فيها وعدم بقاء أزيد من مقدار أربع ركعات من الوقت فاللاّحقة هي الوظيفة وفي مثله لا يعلم دلالة أخبار العدول على جوازه بعدما عرفت من لزوم الاقتصار في الحكم المخالف للقاعدة على القدر المتيقّن من مورد الدليل فالعدول عنها إلى السابقة في غاية الإشكال .
|