جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الصلاة « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>

الصفحة 221

مسألة 12 ـ يجب على الأحوط لذوي الأعذار تأخير الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها في الوقت إلاّ في التيمّم فإنّه يجوز فيه البدار إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فيه كما مرّ في بابه 1 .

1 ـ امّا في التيمّم فقد تقدّم ورود النصّ فيه وانّه لابدّ من استفادة حكمه منه سواء كان مخالفاً للقاعدة أم لا فراجع .

وامّا في سائر ذوي الأعذار فربّما يقال فيهم بوجوب التأخير والانتظار مع عدم العلم ببقاء العذر إلى آخر الوقت نظراً إلى أنّ العذر المسوغ للصلاة العذرية هو الذي كان مستوعباً لجميع الوقت فإنّ المأمور به أوّلاً هو الطبيعي الواقع فيما بين المبدأ والمنتهى من الوقت الموسع فإذا كان متمكّناً من الإتيان به في أي جزء من أجزاء الوقت فلا يكون معذوراً مشروعاً في حقّه الصلاة العذرية وإلاّ تلزم مشروعيتها في حقّ أكثر المكلّفين لثبوت العذر لهم نوعاً في بعض الوقت فالملاك في المعذورية هي المعذورية في جميع الوقت ، ومع عدم إحراز المكلّف العجز إلى آخر الوقت لا يجوز له الإتيان بالصلاة العذرية في أوّل الوقت أو وسطه لاحتمال ارتفاع العذر قبل انقضاء الوقت ، نعم مع العلم بالبقاء لا مانع من البدار لفرض العلم بمشروعية الصلاة العذرية في حقّه .

هذا ويمكن أن يقال : بأنّه يمكن إحراز بقاء العذر واستمراره إلى آخر الوقت من طريق الاستصحاب لأنّه متيقّن الحدوث ومشكوك البقاء ولا مانع من جريانه في الاُمور المستقبلة إذا ترتّب عليها أثر شرعي فعلي إلاّ أن يخدش في المقام بأنّ موضوعالأثر هو مجموع المتيقّن والمشكوك فجزء الموضوع محرز بالوجدان والآخر بالاستصحاب وهو في مثله لا يخلو عن ثبوت المثبتية فالأحوط التأخير فتدبّر .

الصفحة 222

مسألة 13 ـ الأقوى جواز التطوّع في وقت الفريضة ما لم تتضيّق وكذا لمن عليه قضاء الفريضة 1 .

1 ـ اختلف الأصحاب ـ قديماً وحديثاً ـ في جواز التطوّع في وقت الفريضة فعن الشيخين وكثير من القدماء القول بالمنع وعدم الجواز كما في باب الصوم حيث إنّه لا يجوز الصوم المندوب لمن عليه صوم واجب اداء أو قضاء من غير كلام ، بل عن المحقّق في المعتبر التصريح بعدم الجواز والاسناد إلى علمائنا ولكن ذهب جماعة منهم الشهيدان (قدس سرهما) إلى الجواز ، بل عن الدروس انّه الأشهر ، وعليه فالمسألة مختلف فيها والقائل بكلّ من القولين ممّن يعتنى به كيفاً وكمّاً فاللاّزم ملاحظة الدليل فنقول :

منشأ الخلاف ، اختلاف الأخبار الواردة في الباب وقبل الورود فيها لابدّ من التنبيه على أمر وهو انّ المراد بالتطوّع في محلّ النزاع ليس مطلق النافلة حتّى يشمل النوافل اليومية لقيام الإجماع وتواتر الأخبار على جواز الإتيان بالرواتب في الأوقات المقرّرة لها التي تكون مزاحمة للفريضة فيها نوعاً كالإتيان بنافلة الظهرين إلى الذراع والذراعين على ما مرّ تفصيله فالمراد بالتطوّع هي النافلة المبتدئة أو التي تكون قضاء عن الراتبة كما انّ المراد من الفريضة في محلّ البحث أعمّ من الفريضة الادائية والقضائية ، فالكلام يقع في مقامين :

الأوّل : الفريضة الادائية والأخبار الواردة فيها على طائفتين :

الطائفة الاُولى : ما تدلّ على المنع وهي كثيرة :

منها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قبل الفجر انّهما من صلاة الليل ، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان ، أكنت تطوّع إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة .

الصفحة 223

والمراد بقوله (عليه السلام)  : أتريد أن تقايس . . . يمكن أن يكون تعليم زرارة وافهامه كيفية المناظرة مع علماء العامّة القائلين بأفضلية نافلة الفجر قبل الفريضة والنقض عليهم بالصوم المندوب على ما عرفت ، ويمكن أن يكون المراد بالقياس هو التشبيه والتنظير دون القياس المصطلح المحظور في فقه الإمامية ويؤيّد الاحتمال الثاني الرواية الآتية .

وكيف كان يرد على الاستدلال بالرواية للمنع في المقام بأنّ موردها نافلة الفجر وقد عرفت خروج النوافل اليومية عن محلّ البحث في المقام ، والمنع فيها وإن كان دليلاً على المنع في غيرها بطريق أولى إلاّ انّه لا يمكن الالتزام به في نافلة الفجر لدلالة الروايات المعتبرة المتقدّمة على أنّه يدخل وقتها بطلوع الفجر وانّها عنوان مستقلّ في مقابل صلاة الليل ، غاية الأمر جواز الاحشاء به فيها والإتيان بها عقيبها قبل الفجر وإلاّ فحكمه الأوّلي عدم جواز الإتيان بها قبله ، وعليه فلا يمكن الالتزام بمفاد الرواية من ممنوعية الإتيان بها بعده قبل الفريضة ، ولو حمل المنع فيها على المرجوحية فمضافاً إلى عدم صحّة هذا الحمل أيضاً; لأنّه لا مرجوحية في الإتيان بها بعد الفجر قبل الفريضة لا دلالة لها على المنع في غيرها كما لا يخفى .

ومنها : ما رواه الشهيد (قدس سره) في الذكرى في المسألة الثانية من الفصل الرابع من المواقيت عن زرارة مع توصيفها بالصحّة قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام)  : أصلّي نافلة وعليَّ فريضة أو في وقت فريضة؟ قال : لا انّه لا تصلّى النافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك أن تتطوّع حتّى تقضيه؟ قال : قلت : لا ، قال : فكذلك الصلاة قال : فقايسني وما كان يقايسني ز ورواه الشهيد الثاني في الروض والظاهر انّه أخذه من الشهيد الأوّل وإن كان ظاهر الحدائق انّ المتأخّرين إنّما أخذوه من الشهيد الثاني وهو أوّل من نقل هذه الرواية ولكن الأمر ليس

الصفحة 224

كذلك .

وأورد على سندها بأنّه لم يصل إلينا طريقها فهي في حكم المرسلة وإن وصفها هو (قدس سره) بالصحّة لكنّه يمكن أن تكون صحيحة بحسب اجتهاده ونظره بحيث لو وصل إلينا لناقشنا في الصحّة .

ولكن الظاهر اندفاع الإيراد بأنّ توصيف مثل الشهيد الرواية بالصحّة يكفي في اعتبارها مع عدم العلم بالخلاف وعدم الاطّلاع على المعارض وإن لم يكن شخص الراوي مبيّناً لعدم الفرق بينه وبين العلم بالشخص وثبوت التوثيق وعدم العلم بالخلاف وإمكان المناقشة على تقدير العلم بالشخص لا يقدح في الاعتبار لإمكان وجود المعارض وعدم الوصول إليه في تلك الصورة أيضاً . وبالجملة لا يرى فرق بين الصورتين فالرواية معتبرة .

ويمكن أن يقال : بأنّه لا دليل على أنّ الشهيد الثاني قد أخذ الرواية من الشهيد الأوّل ، بل الظاهر عدم الأخذ لأنّ توصيفه أيضاً بالصحّة ظاهر في كون السند صحيحاً عنده وإلاّ كان اللاّزم نسبة الصحّة إلى الشهيد الأوّل وحكايتها عنه كما لا يخفى ، وعليه فالسد محكوم بالصحّة من ناحيتين مستقلّتين وهذا يزيد في اعتبار الرواية هذا من جهة السند .

وامّا من جهة الدلالة فالظاهر تماميتها باعتبار كون السؤال عن مطلق صلاة النافلة من دون ظهور في خصوص الرواتب والترديد في السؤال يمكن أن يكون مستنداً إلى من روى عن زرارة وكان السؤال واحداً منهما ويمكن أن يكون من السائل ، وعليه فالمراد بقوله : على فريضة هي الفريضة القضائية وبقوله : في وقت الفريضة هي الفريضة الادائية وعلى كلا التقديرين تتمّ دلالتها على المطلوب كما هو ظاهر .

الصفحة 225

ومنها : ما رواه الشهيد في الذكرى بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتّى يبدأ بالمكتوبة . . .

وتظهر المناقشة في سند الرواية والجواب عنها ممّا ذكرنا في الرواية السابقة .

ومنها : رواية زياد أبي عتاب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : إذا حضرت المكتوبة فابدأ بها فلا تضرّك أن تترك ما قبلها من النافلة .

والراوي مردّد بين أن يكون زياد أبا عتاب وأن يكون زياد بن أبي عتاب وأن يكون زياد بن أبي غياث وعلى الأوّلين لم يوثق في كلماتهم وعلى الأخير قد وثّقه النجاشي ومنشأ الترديد انّ المذكور في الاستبصار ـ على ما حكى ـ هو الأخير وفي التهذيب أيضاً كذلك إلاّ انّه كتب فوقه زياد بن أبي عتاب نقلاً عن بعض النسخ وفي غيرهما أحد الأوّلين ولكن الظاهر هو الأخير بلحاظ الاستبصار والتهذيب مع عدم التعرّض لهما في الكتب الرجالية ومع كون الراوي عنه هو ثابت بن شريح الذي ذكر في شأنه انّه يروي عن زياد بن أبي غياث فالرواية من جهة السند معتبرة .

وامّا من جهة الدلالة فربّما يقال بدلالتها على المنع من جهة ظهور الأمر بالبدئة بالفريضة إذا حضرت في وجوبها وعدم جواز الإتيان بالنافلة في ذلك الوقت .

ولكن الظاهر ورود هذا الأمر في مقام توهّم الحظر والشاهد عليه ذيل الرواية الواقع تفريعاً على الصدور فإنّ مفاده يرجع إلى أنّ ترك النافلة والاشتغال بالفريضة غير مضرّ فهو يدلّ على أنّ السائل إنّما كان يتوهّم لزوم البدئة بالنافلة قبل الفريضة وعدم جواز الاشتغال بالثانية قبل الاُولى ولعلّ منشأ التوهّم تقيّد المسلمين عملاً بالإتيان بالنافلة قبل الفريضة واستمرار فعلهم على ذلك ، وعليه فالأمر بالبدئة بالفريضة إنّما يكون ناظراً إلى رفع هذا التوهّم ومرجعه إلى جوازها

الصفحة 226

وعدم كون ترك النافلة قبل الفريضة بمضرّ مع أنّ تقييد النافلة بكونها قبل الفريضة ظاهر في النافلة الموقتة وهي النوافل الرواتب التي يكون وقتها قبل الفريضة ومحلّ البحث كما عرفت هي النوافل المبتدئة ومثلها من قضاء تلك النوافل فالرواية لا دلالة لها على المنع في المقام بوجه .

ومنها : رواية نجية بالنون والجيم والياء مشدّدة أو بدونه أو بخية بالباء والخاء أو بحية بالباء والخاء أو نجبة بالنون والجيم والباء قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : تدركني الصلاة ويدخل وقتها فأبدأ بالنافلة؟ قال : فقال أبو جعفر (عليه السلام)  : لا ولكن ابدأ بالمكتوبة واقض النافلة .

ولكن التعبير بقضاء النافلة ظاهر في النافلة المشروعة الموقتة والكلام كما عرفت إنّما هو في غيرها ولابدّ من حمل الرواية على ما إذا انقضى الوقت المعيّن للنافلة الذي يجوز أن تكون فيه مزاحمة للفريضة كالذراع والذراعين في نافلتي الظهرين على ما تقدّم وسيأتي الكلام أيضاً في المراد من وقت الفريضة المذكور في مثل الرواية ، وكيف كان فهي لا ترتبط بالمقام أصلاً .

ومنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) انّه سأل رجل صلّى بغير طهور أو نسى صلوات لم يصلّها أو نام عنها قال : يقضيها إذا ذكرها في أيّ ساعة ذكرها من ليل أو نهار قال : فإذا دخل وقت الصلاة ولم يتمّ ما قد فاته فليقض ما لم يتخوّف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحقّ بوقتها فليصلّها فإذا قضاها فليصلِّ ما فاته ممّا قد مضى ولا يتطوّع بركعة حتّى يقضي الفريضة كلّها .

والمراد من قوله (عليه السلام)  : يقضيها إذا ذكرها . . . . يحتمل أن يكون وجوب القضاء بنحو الفورية مع التذكّر كما يقول به القائل بالمضايقة ويحتمل أن يكون صحّة القضاء وعدم محدوديته بوقت خاص وانّه يجوز الإتيان به في أيّة ساعة من

الصفحة 227

ساعات الليل والنهار وعليه فلا دلالة له على لزوم الفورية والمضايقة ولكن الظاهر هو الاحتمال الأوّل ، وعليه يتفرّع قوله : فإذا دخل ومراده انّه مع دخول وقت الصلاة الادائية وعدم إتمام ما قد فاته من الصلوات يجب عليه الاستمرار على الإتيان بالقضاء ما لم يتخوّف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت فإنّها أحقّ بوقتها والظاهر انّ المراد من الوقت الذي يتخوّف ذهابه هو وقت الفضيلة لا الاجزاء لظهور قوله : فإذا قضاها فليصلّ . . . وفي وقوع الصلوات الفائتة البعدية في وقت أجزاء الحاضرة وإلاّ لم يكن لذكر هذه الجملة فائدة إلاّ التأكيد وهو خلاف الظاهر فتدبّر .

وامّا قوله (عليه السلام)  : ولا يتطوّع بركعة . . . فيحتمل فيه أمران :

أحدهما : أن لا يكون مفاده حكماً جديداً مستقلاًّ في الصلوات الفائتة بل متفرّعاً على المضايقة في القضاء ومرجعه إلى انّه حيث كان القضاء مبنياً على الفورية والمضايقة فاللاّزم أن لا يشتغل بغيرها حتى النافلة ولو بركعة إذ ليس حالها حال الفريضة الحاضرة في تقدّمها على الفائتة مع تخوّف ذهاب وقتها ، بل يكون الأمر بالعكس لعدم محذور في تفويت النافلة ولو من دون مزاحم فضلاً عمّا إذا كان لها مزاحم أقوى وهو القضاء الواجب المبني على المضايقة .

ثانيهما : أن يكون مفاده حكماً جديداً مستقلاًّ في باب القضاء وانّه كما يكون محكوماً بوجوب الفورية والمضايقة كذلك يترتّب عليه النهي عن التطوّع ولو بركعة ما دام لم يتحقّق الفراغ عنها ولم يقض الفريضة كلّها ومرجعه إلى أنّ النافلة لأجل كونها كذلك لا تصلح لأن تزاحم القضاء الواجب ولو مع قطع النظر عن لزوم الفورية فيه كما هو الشأن في الحكمين المستقلّين في مورد واحد ، ومن المعلوم انّ صلاحية الرواية للاستدلال بها في المقام إنّما هي على تقدير كون المراد من

الصفحة 228

الجملة الأخيرة هو الاحتمال الثاني ضرورة انّه على تقدير كون المراد منها هو الاحتمال الأوّل لا ترتبط بمسألة التطوّع في وقت الفريضة لأنّ محلّ النزاع فيها ما إذا لم يكن هناك تضيق أصلاً .

هذا والظاهر هو الاحتمال الثاني لأنّ لازم الاحتمال الأوّل أن لا يكون الموضوع المنهي عنه هو خصوص التطوّع والتنفّل ، بل كلّ ما يوجب الإخلال بالإتيان بالفوائت ، بل الموضوع بناء عليه ترك الاشتغال بها مع أنّ الظاهر مدخلية عنوان التطوّع والتنفّل في تعلّق النهي كما لا يخفى ، كما انّ الظاهر كون النهي نهياً ذاتياً يترتّب عليه أحكامه وآثاره ولازم الاحتمال الأوّل كونه نهياً عرضياً لا يترتّب عليه أثر ضرورة انّ التنفّل بناء عليه لا يكون مخالفة للزوم الفورية والنهي عنه معاً بحيث يكون هناك مخالفة تكليفين ، بل لا يكون إلاّ مخالفة تكليف واحد وهو وجوب الفورية مع أنّ ظاهر النهي هو الذاتي الاستقلالي لا العرضي ، وعليه فيتمّ الاستدلال بها للمقام ، نعم ربّما يقال : بأنّ مورده الصلاة الفائتة فكيف يمكن الاستدلال بها للفريضة الادائية ودعوى شمولها لها تحتاج إلى القطع بالملازمة بين الاداء والقضاء ولكنّه مدفوع بأنّه لا خفاء في جواز إلغاء الخصوصية من الفريضة الفائتة; لأنّ المستفاد من هذه الجملة كما عرفت انّ عدم جواز مزاحمة النافلة للفائتة إنّما هو لأنّه لا محذور في تفويتها دونها ومن المعلوم ثبوت هذا الملاك في الادائية لو لم يكن بطريق أولى كما لا يخفى .

ومنها : ما رواه محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب حريز بن عبدالله عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لا تصلّ من النافلة شيئاً في وقت الفريضة فإنّه لا تقضى نافلة في وقت فريضة فإذا دخل وقت فريضة فابدأ بالفريضة .

وأورد على سندها بأنّ الحلّي (قدس سره) لم يروها عن كتاب حريز من دون واسطة

الصفحة 229

للفصل الكثير بين العصرين فكيف يمكن له النقل عنه أو عن كتابه من دون واسطة وحيث إنّها غير معلومة فالرواية ساقطة عن الاعتبار .

واُجيب عن الايراد بأنّه حيث إنّ الحلّي ممّن لا يعتمد على الخبر الواحد وإنّما يعمل بالمتواترات أو ما قامت القرينة القطعية على صحّته فنقله عن كتاب حريز دليل على وصوله إليه بطريق قطعي قابل للاعتماد عليه .

وبعبارة اُخرى يدّعى الحلّي القطع بكون الرواية موجودة في كتاب حريز وبهذا تكون الرواية قريبة من الحس فتشملها الأدلّة القائمة على حجّية الخبر الواحد .

وفي هذا الجواب نظر; لأنّ عدم اعتماده على الخبر الواحد لا يكون دليلاً على وصول كتاب حريز إليه بطريق قطعي كيف ونفس الكتاب إنّما يكون الناقل بالإضافة اخلى الروايات المنقولة فيه هو حريز ولا يكون إلاّ واحداً خصوصاً في مثل هذه الرواية حيث ينقلها عن الإمام مع الواسطة كزرارة مع أنّ قطعه لا يكون حجّة بالإضافة إلينا لاحتمال الخطأ والاشتباه في مستند القطع مع أنّ نقل الخبر الواحد لا يكون فيه أي محذور ممّن لا يعتمد عليه كيف ونقل أخبار الضعاف كثير مع عدم اعتماد النقال عليها ، وبالجملة فالرواية من حيث السند مخدوشة .

وامّا من حيث الدلالة فمقتضى إطلاق النافلة فيها الشامل للنوافل المبتدئة وما يشابهها وظهور كون الوقت هو وقت الاجزاء لا الفضيلة ثبوت النهي عن التطوّع فيما هو محلّ البحث في المقام .

ومنها : رواية أبي بكر عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال : إذا دخل وقت صلاة فريضة فلا تطوّع . والراوي ممّن ورد فيه التوثيق العام لوقوعه في أسانيد كتاب كامل الزيارات ودلالتها كالرواية السابقة .

ومنها : رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال لي رجل من أهل

الصفحة 230

المدينة : يا أبا جعفر ما لي لا أراك تتطوّع بين الأذان والإقامة كما يصنع الناس؟ فقلت : إنّا إذا أردنا أن نتطوّع كان تطوّعنا في غير وقت فريضة فإذا دخلت الفريضة فلا تطوّع .

وأورد عليها بأنّها بالدلالة على الجواز أولى من الدلالة على المنع; لأنّ مفادها انّه (عليه السلام) إنّما كان لا يتطوّع بين الأذان والإقامة ، وامّا قبلهما فلا . وبعبارة اُخرى ان ما لم يكن يأت به الإمام (عليه السلام) إنّما هو خصوص التطوّع بينهما لا مطلقاً ولو بعد دخول الوقت وقبلهما .

ويدفعه وضوح انّ الجواب لا يكون مفاده مجرّد عدم التطوّع بين الأذان والإقامة ، بل بيان قاعدة كلّية وهو كون تطوّعهم (عليهم السلام) في غير وقت فريضة ، نعم يمكن المناقشة في كون المراد من الوقت هو وقت الاجزاء ولكن الايراد لا يكون مبنيّاً على هذه المناقشة .

نعم ذكر سيّدنا العلاّمة الاستاذ (قدس سره) انّ الاستدلال بهذه الرواية مشكل لأنّها تتضمّن قضية في واقعة شخصية ولا يعلم المراد من الصلاة التي كان بناء الناس على الإتيان بها بين الأذان والإقامة و ـ حينئذ ـ فمن المحتمل أن يكون اعتقادهم على استحباب ركعتين مخصوصتين بين الأذان والإقامة في قبال سائر النوافل غير مشروعتين عندنا وحيث لم يكن للإمام ردّ السائل لكون ذلك المعنى أمراً مركوزاً عند الناس فأجاب بما يوافق مذهبهم تورية; لأنّهم رووا عن أبي هريرة إنّه إذا دخل الوقت فلا صلاة إلاّ المكتوبة ، مضافاً إلى أنّه لو سلم كون الركعتين من النوافل اليومية فيمكن أن يقال بعدم دلالة الرواية على المنع; لأنّ غاية مدلولها انّ بنائهم (عليهم السلام) على الإتيان بالنافلة قبلاً فلا يستفاد منها المنع ولكن ظاهر الذيل ينافي ذلك .

الصفحة 231

هذه هي الروايات الدالّة على المنع وقد أفاد الاستاذ (قدس سره) : «انّ المراد بوقت الفريضة يحتمل أن يكون جميع الوقت الوسيع من أوّله إلى آخره ويحتمل أن يكون المراد به الوقت الذي لا تكون النافلة فيه مزاحمة للفريضة كالذراع والذراعين في الظهرين وسقوط الشفق في العشاء ويحتمل أن يكون المراد به الوقت الذي تنعقد فيه الجماعة لأجل المكتوبة كما انّ هنا احتمالاً رابعاً وهو أن يكون المراد به الوقت الذي يتعيّن فيه الإتيان بالفريضة لصيرورتها قضاء لو أخّرت عنه ، ولا إشكال في عدم كون المراد به هو الاحتمال الأخير لكون الروايات آبية عن الحمل عليه ، بل صريحة في خلافه ، كما انّ الظاهر بطلان الاحتمال الأوّل أيضاً; لأنّ أكثر روايات المنع قد وردت في خصوص الرواتب اليومية أو الأعمّ منها ولا يمكن حملها على خصوص النافلة المبتدئة و ـ حينئذ ـ بعدما استقرّ عمل النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) وكذا الصحابة بل أكثر الناس على الإتيان بالرواتب قبل الفريضة في نافلة الظهرين وقبل سقوط الشفق في نافلة المغرب وقبل طلوع الحمرة المشرقية في نافلة الصبح لا يبقى شكّ وارتياب في استحباب الإتيان بالنافلة الراتبة في أوّل الزوال ـ مثلاً ـ وكون جواز ذلك بل أفضليته من الاُمور المرتكزة عند الناس و ـ حينئذ ـ إذا ألقى إليهم هذه العبارات الدالّة على عدم جواز الإتيان بالنافلة في وقت الفريضة لا يفهمون منه عدم الجواز في وقت يصحّ فيه الإتيان بالفريضة ، بل لا يتبادر إلى أذهانهم إلاّ أوّل أوقات الفضيلة للفريضة التي تكون خاتمة الأوقات المضروبة للنوافل التي تزاحم فيها مع الفريضة و ـ حينئذ ـ يكون مدلول الروايات أخصّ من مدعى المانعين; لأنّ مدعاهم المنع في جميع الوقت الوسيع الذي يصحّ فيه الإتيان بالفريضة فلابدّ من التزامهم بالتخصيص فيها لخروج الرواتب عن هذا الحكم قطعاً ، وامّا بناء على ما ذكرنا يكون خروج

الصفحة 232

الرواتب بنحو التخصّص إذ لا تعرض في الروايات لما قبل الذراع والذراعين ـ مثلاً ـ فلا دليل على المنع في غير الرواتب أيضاً .

وبالجملة استقرار عمل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومن بعده قرينة متصلة على أنّ المراد بوقت الفريضة ليس مجموع الوقت الوسيع من أوّله إلى آخره ، نعم يستفاد من روايات المنع ، منع الإتيان بالرواتب بعد دخول وقت الفضيلة للفريضة فيكون غيرها أولى بعدم الجواز» .

وذكر أيضاً في تأييد الاحتمال الثالث وهو أن يكون المراد بالوقت هو وقت انعقاد الجماعة للفريضة ما حاصله : «انّ التتبّع في الأخبار يعطي انّ المراد بالوقت في لسان الأخبار ليس خصوص ما هو المتبادر منه عند أذهاننا ويؤيّد ذلك مارواه العامّة عن أبي هريرة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) انّه قال : إذا دخل الوقت فلا صلاة إلاّ المكتوبة ، والظاهر انّه ليس لهم في المسألة إلاّ هذه الرواية ولعلّها هي التي أشار إليها عمر بن يزيد فيما رواه الصدوق باسناده انّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرواية التي يروون انّه لا يتطوّع في وقت فريضة ما حدّ هذا الوقت؟ قال : إذا أخذ المقيم في الإقامة فقال له : إنّ الناس يختلفون في الإقامة فقال : المقيم الذي يصلّي معه» .

أقول : ويؤيّد ما أفاده في ترجيح الاحتمال الثاني وهو كون المراد وقت الفضيلة التعليل الوارد في بعض روايات نافلتي الظهرين الدالّة على بقاء مزاحمتهما إلى الذراع والذراعين وهو قوله (عليه السلام)  : وإنّما جعل الذراع والذراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة . مع أنّ من المعلوم دخول وقت الاجزاء بالزوال ووقوع النافلة في أوّل هذا الوقت فالمراد هو وقت الفضيلة الذي لا تكون النافلة فيه مزاحمة للفريضة .

ولكن يبعده خلوّ بعض الروايات الناهية عن كلمة «الوقت» حتى تقبل الحمل

الصفحة 233

على وقت الفضيلة كصحيحة زرارة المتقدّمة الواردة في بيان وجوب القضاء المشتملة على قوله (عليه السلام)  : ولا يتطوّع بركعة حتّى يقضي الفريضة كلّها ، بناء على ما رجّحناه من كونه حكماً مستقلاًّ غير متفرّع على المضايقة وجارياً في الفريضة الادائية بالأولوية أو بإلغاء الخصوصية فإنّها ظاهرة في النهي عن التطوّع ما دام كون الذمّة مشغولة بفريضة .

ثمّ إنّ الظاهر انّه لا مغايرة بين الاحتمالين  : الثاني والثالث; لأنّ وقت الفضيلة كان هو وقت انعقاد الجماعة وقد مرّت جملة من الروايات الدالّة على أنّ جدار مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قامة وإذا مضى منه ذراع صلّى الظهر وإذا مضى منه ذراعان صلّى العصر ومرّ أيضاً انّ الذراع والذراعين هما منتهى وقت يزاحم فيه النافلة الفريضة ، وعليه فيمكن أن يكون تفسير الوقت بذلك أي بوقت انعقاد الجماعة كما في رواية عمر بن يزيد المتقدّمة لأجل كونه هو وقت الفضيلة فلا معارضة بينها وبين الروايات الناظرة إلى هذا الوقت .

نعم يظهر من موثقة إسحاق بن عمّار انّ انعقاد الجماعة ولو في وقت الفضيلة له مدخلية في ترك التطوّع وانّه ما لم تنعقد في ذلك الوقت بالنافلة حيث قال : قلت : اُصلّي في وقت فريضة نا فلة؟ قال : نعم في أوّل الوقت إذا كنت مع إمام نقتدي به فإذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة . فإنّ ظاهرها انّه مع انتظار الجماعة في وقت الفضيلة لا مانع من التطوّع بخلاف المنفرد الذي لا يكون منتظراً لها فإنّه يبدأ بالمكتوبة بمجرّد دخول وقت الفضيلة ، وعليه فالنهي عن التطوّع إنّما هو لرعاية وقت الفضيلة بالإضافة إلى المنفرد أو هو مع الجماعة بالإضافة إلى من يكون منتظراً للجماعة .

ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا انّ النهي عن التطوّع في وقت فضيلة الفريضة إنّما هو

الصفحة 234

للإرشاد إلى أنّ الأفضل ـ حينئذ ـ البدئة بالمكتوبة بمعنى انّه حيث كانت ذمّة المكلّف مشغولة بما هو أهمّ وأكمل فالأحرى تقديم الأهمّ وعدم تأخيره فالنهي إنّما هو لمراعاة فضل المبادرة إلى الفريضة .

وامّا احتمال أن يكون النهي فيها للتحريم بسبب انطباق عنوان محرم على النافلة في ذلك الوقت مطلقاً راتبة كانت أو غيرها أو أن يكون النهي فيها للإرشاد إلى فساد النافلة في ذلك الوقت أو يكون النهي نهياً تنزيهياً بسبب انطباق عنوان ذي حزازة ومنقصة على النافلة فيه أو يكون للإرشاد إلى أقلّية الثواب وانّ النافلة المأتي بها في ذلك الوقت تكون أقلّ ثواباً بالنسبة إلى ما أتى بها في غير هذا الوقت فكلّها مخالف للظاهر ولفهم العرف ، بل الظاهر انّه للإرشاد إلى درك فضيلة الوقت أو هي مع الجماعة كما عرفت .

وقد تحصل من جميع ما ذكرنا انّ الروايات الدالّة على المنع أكثرها بل كلّها إلاّ القليل واردة في النافلة الراتبة التي يراد إتيانها في وقت الفضيلة وإنّ النهي فيها إنّما هو للإرشاد من دون أن يكون هنا تحريم تكليفي أو وضعي أو كراهة وحزازة فلا دلالة لشيء منها على النهي فيما هو محلّ الكلام وهي النافلة المبتدئة أو مثلها في مطلق وقت الأجزاء قبل الإتيان بالفريضة ، نعم بقى مثل صحيحة زرارة المتقدّمة الظاهرة في النهي عن التطوّع ولو بركعة حتّى يقضي الفريضة كلّها هذا تمام الكلام في الطائفة الدالّة على المنع .

الطائفة الثانية : الروايات الدالّة على الجواز وقد مرّت جملة منها في ضمن البحث في الطائفة الاُولى كرواية إسحاق بن عمّار ورواية عمر بن يزيد المتقدّمتين .

وعمدة هذه الطائفة موثقة سماعة قال : سألته (سألت أبا عبدالله (عليه السلام)) عن الرجل يأتي المسجد وقد صلّى أهله أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوّع؟ فقال : إن كان في وقت

الصفحة 235

حسن فلا بأس بالتطوّع قبل الفريضة ، وإن كان خاف الفوت من أجل ما مضى من الوقت فليبدأ بالفريضة وهو حقّ الله ثمّ ليتطوّع ما شاء إلاّ أن يخاف (الأمر) موسع أن يصلّي الإنسان في أوّل دخول وقت الفريضة النوافل إلاّ أن يخاف فوت الفريضة ، الفضل إذا صلّى الإنسان وحده أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أوّل الوقت للفريضة وليس بمحظور عليه أن يصلّي النوافل من أوّل الوقت إلى قريب من آخر الوقت . وهذه الرواية صريحة في جواز التطوّع ، ما دام لم يتضيّق وقت الفريضة واحتمال أن يكون المراد من النوافل هي الرواتب سخيف جدّاً لوضوح حالها عند كلّ أحد لأنّه يعرف كلّ عامّي إنّه يستحبّ الإتيان بها قبل الفريضة إلى أوقات معيّنة كما عرفت .

وامّا ما ذكره صاحب الحدائق في تفسير الرواية من أنّ الأمر موسّع أن يصلّي الإنسان في أوّل دخول وقت الفريضة أي أوّل دخول وقت الاجزاء كالزوال في الظهرين بناء على أنّ وقت فضيلتهما بعد الذراع أو الذراعين ونحوهما إلاّ أن يخاف فوت الفريضة فيترك النافلة ولكن الفضل إذا صلّى الإنسان وحده أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أوّل الوقت للفريضة وليس بمحظور عليه أن يصلّي النوافل من أوّل الوقت إلى آخر الوقت أي الوقت الذي يدخل بعده وقت الفضيلة للفريضة . فمخالف لظاهر الرواية بل صريحها فإنّ حمل قوله : آخر الوقت على آخر الوقت الذي يدخل بعده وقت الفضيلة ممّا لا وجه له أصلاً .

والجمع بين الروايات الدالّة على الجواز ومثل صحيحة زرارة المتقدّمة الدالّة على المنع هو الحمل على الكراهة لو لم نقل بعدم ثبوت كراهة أيضاً ، بل النهي إنّما هو للإرشاد إلى الأخذ بما هو أولى بالمراعاة من النافلة وهي الفريضة وانّه ينبغي لمن تكون ذمّته مشغولة أن يسعى أوّلاً في حصول الفراغ لها ثمّ الإتيان بالنافلة

الصفحة 236

فتدبّر .

المقام الثاني : في التطوّع لمن عليه قضاء الفريضة وقد نسب إلى الأكثر الجواز وإن ذكر صاحب الحدائق أن المعروف هو المنع هو المنع ، وكيف كان فقد ذهب جماعة إلى المنع كالعلاّمة وجمع من المتأخّرين واختاره صاحب الحدائق وعلى تقدير القول بالجواز في المقام المتقدّم يكون الجواز هنا بطريق أولى ، نعم يمكن التفكيك بين المقامين بالقول بالجواز هنا وبعدمه في المقام المتقدّم ، وعليه فلا تبقى لنا حاجة إلى البحث في هذا المقام ولكنّه لا بأس بالإشارة إلى بعض ما استدلّ به للمنع من الوجوه والجواب عنه فنقول :

منها : قوله (عليه السلام)  : لا صلاة لمن عليه صلاة فإنّ ظاهره نفي صحّة الصلاة ممّن تكون ذمّته مشغولة بصلاة فالنافلة لمن عليه قضاء غير مشروعة وحمله على نفي الكمال خلاف الظاهر لا يصار إليه إلاّ مع قيام دليل كما في قوله (عليه السلام)  : لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد .

ومنها : الروايات الدالّة على ترتّب الحاضرة على الفائتة وإن فراغ الذمّة عن القضاء معتبر في صحّة الادائية إلاّ مع ضيق وقتها بدعوى انّ الفائتة إذا كانت متقدّمة على الحاضرة لكانت نوافل الحاضرة أيضاً مترتّبة على الفائتة بطريق أولى لأنّها من توابع الفريضة وأولى من النوافل الراتبة غيرها من النوافل المبتدئة لكونها أهمّ منها فإذا كانت الفائتة متقدّمة عليها فغيرها أولى بذلك .

وجوابه واضح; لأنّ ترتّب الحاضرة على الفائتة لا يكون مستلزماً لترتّب النافلة عليها وعدم جواز تقديمها بوجه لكون النافلة صلاة مستقلّة تدور مدار دليلها ولذا نرى عدم اعتبار بعض شرائط الفريضة فيها كالاستقبال والطمأنينة ونحوهما ولم يعلم انّ الوجه في ترتّب الحاضرة على الفائتة هو ثبوت التزاحم

الصفحة 237

وأهمّية الثاني; لأنّ الترتّب بمجرّده لا يلازم ذلك فانّ العصر مترتّبة على الظهر وليس مرجعها إلى ذلك أصلاً .

ومنها : انّ القضاء واجب مضيق فلابدّ من الإتيان به فوراً ففوراً والتنفل يستلزم التأخير وهو غير جائز .

والجواب : انّ مورد البحث في مسألة التطوّع في وقت الفريضة هو وقوع التطوّع بما هو تطوّع في مقابل الفريضة بما هي كذلك ، وامّا إذا اقترنت الفريضة بخصوصية اُخرى موجبة لصرف الوقت في الإتيان بها كما إذا صارت مضيقة أو كانت من الأوّل كذلك فهو خارج عن محلّ البحث لأنّ عدم جواز التطوّع ـ حينئذ ـ ليس لأجل كونه تطوّعاً ، بل لأجل استلزامه الإخلال بالوقت المضيّق ولذا يكون غير النافلة أيضاً على هذا الحكم فهذا الدليل خارج عن محلّ الكلام .

ومنها : صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل ينام عن الغداة حتّى تبزغ الشمس أيصلّي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس؟ فقال : يصلّي حين يستيقظ ، قلت : يوتر أو يصلّي الركعتين؟ قال : بل يبدأ بالفريضة .

والجواب : انّها معارضة في نفس موردها بموثقة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس فقال : يصلّي ركعتين ثمّ يصلّي الغداة . وحمل الموثقة على صورة انتظار الجماعة أعني من يريد أن يصلّي بقوم وينتظر اجتماعهم وحمل الصحيحة على من يصلّي بالانفراد كما عن الشيخ (قدس سره) فهو ممّا لا شاهد له أصلاً ، كما انّ احتمال كون الصحيحة مقيّدة لإطلاق الموثقة نظراً إلى أنّ مورد السؤال فيها هو النوم عن الغداة حتى طلعت الشمس وهو أعمّ من الانبساط ، وعليه فالحكم قبل أن تنبسط الشمس هو الابتداء بالفريضة وبعد

الصفحة 238

الانبساط الابتداء بالنافلة ويؤيّده كراهة النافلة المبتدئة بعد الطلوع وقبل الانبساط مطلقاً مدفوع بأنّ ظاهر الصحيحة انّ لزوم البدئة بالفريضة إنّما هو لأجل كونها فريضة لا لتحقّق الانبساط وعليه فالموثقة دليل على العدم فيتحقّق بينهما التعارض كما هو ظاهر .

ومنها : وهو العمدة صحيحة زرارة المتقدّمة الواردة في باب القضاء المشتملة على قوله (عليه السلام)  : ولا يتطوّع بركعة حتى يقضي الفريضة كلّها .

وفيه مضافاً إلى كونها معارضة بما تقدّم في المقام الأوّل من الدليل على الجواز معارضة بما رواه الشهيد في الذكرى بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة (عيينة) وأصحابه فقبلوا ذلك منّي فلمّا كان في القابل لقيت أبا جعفر (عليه السلام) فحدّثني انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عرس ـ نزل للاستراحة ـ في بعض أسفاره وقال من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس فقال : يا بلال : ما أرقدك؟ فقال  : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : قوموا فحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة وقال : يا بلال اذّن فأذّن فصلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلّوا ركعتي الفجر ثمّ قام فصلّى بهم الصبح وقال : من نسى شيئاً من الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإنّ الله عزّوجلّ يقول : }وأقم الصلاة لذكري{ قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقالوا : نقضت حديثك الأوّل فقدمت على أبي جعفر (عليه السلام) فأخبرته بما قال القوم فقال : يا زرارة ألا أخبرتهم انّه قد فات الوقتان جميعاً وانّ ذلك كان قضاء من رسول الله (صلى الله عليه وآله)  . وقد مرّ انّ توصيف الشهيد (قدس سره)الرواية بالصحّة يكفي في الاعتبار والحجّية فلا إشكال في السند ، وامّا من

الصفحة 239

جهة الدلالة فمفادها التفصيل بين الحاضرة والفائتة وانّه لا يجوز التطوّع في وقت الاُولى دون الثانية واحتمال كون الجواز في الثانية إنّما هو لأجل انتظار الجماعة مدفوع بأنّ أمر الجماعة في مورد الرواية كان بيد النبي (صلى الله عليه وآله) ولو لم يكن التقديم جائزاً لقدم الجماعة في الفائتة على التطوّع والتنفّل .

ولكن الذي يوهن الرواية مخالفتها لاُصول المذهب ودلالتها على القدح في مقامه (صلى الله عليه وآله) وعصمته فإنّه كيف يمكن أن يغلبه النوم ويمنعه عن الإتيان بالفريضة الإلهية والتفكيك في مفادها من جهة عدم قبولها في الدلالة على نومه (صلى الله عليه وآله) وقبولها في الدلالة على تقديم النافلة على الفريضة القضائية واضح البطلان لعدم اشتمالها على دلالتين بل لها دلالة واحدة فقط وهي وقوع ذلك العمل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا لم يمكن الالتزام بنومه حتّى يجب عليه القضاء فكيف يمكن الالتزام بتطوّعه قبل الفائتة كما لا يخفى ، وعليه فما يعارض الرواية إنّما هو ما تقدّم في الأمر الأوّل .

وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن سائر ما استدلّ به على المنع في هذا المقام فتدبّر جيّداً .

الصفحة 240

مسألة 14 ـ لو تيقّن بدخول الوقت فصلّى أو عول على أمارة معتبرة كشهادة العدلين فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت  ، وإن وقع بعضها فيه ولو قليلاً منها صحّت 1 .

1 ـ امّا البطلان في الفرض الأوّل وهو وقوع تمام الصلاة قبل الوقت فللإخلال بما هو شرط الصلاة على ما تقتضيه أدلّة شرطية الوقت ولا مجال لتوهّم اقتضاء الأمر القطعي الذي انكشف خلافه للاجزاء لعدم كون المأتي به مأموراً به وعدم كون المأمور به متحقّقاً في الخارج وكذا الأمر الظنّي الذي هو مقتضى اعتبار الامارة وحجّيتها لما قد تحقّق في محلّه من أنّ حجّية الامارات إنّما هي على نحو الطريقية وهي على هذا النحو لا تقتضي الاجزاء بوجه .

هذا مضافاً إلى أنّ مقتضى قاعدة لا تعاد وجوب الإعادة في الفرض لكون الوقت من جملة الاُمور الخمسة المستثناة فيه من عدم الإعادة مع دلالة بعض النصوص على البطلان ووجوب الإعادة :

كصحيحة زرارة قال : قال أبو جعفر (عليه السلام)  : وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة . واشتمال الرواية على أنّ الملاك في الغروب هي غيبوبة القرص مع أنّه كما عرفت هو ذهاب الحمرة المشرقية وتجاوزها عن قمّة الرأس لا يقدح في الاستدلال بذيلها الدالّ على بطلان الصلاة الواقعة بتمامها قبل الوقت; لأنّه حكم مستقلّ لا يكون متفرّعاً على الصدر .

وصحيحة اُخرى لزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل صلّى الغداة بليل غرّه من ذلك القمر ونام حتّى طلعت الشمس فأخبر انّه صلّى بليل قال : يعيد صلاته . فالبطلان في هذا الفرض واضح .

وامّا الصحّة في الفرض الثاني ففيها خلاف فالأشهر بل المشهور كما في الجواهر

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>