جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، الطلاق والمواريث « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>

تفصيل الشريعة

في

شرح تحرير الوسيلة





الطلاق . . . والمواريث





(الصفحة7)





كتاب



الطلاق





(الصفحة8)






بسمه تعالى

هذا شرح كتاب الطلاق من تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة للإمام الراحل الخميني قدّس سرّه الشريف ، وكان الشروع فيه يوم السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1419 الهجرية القمرية على مهاجرها آلاف الثناء والتحية . ومن الله أستمدّ التوفيق لإتمام هذا الشرح وشرح سائر الكتب التي لم تُشرح ، كما وفّقني لشرح جملة من كتبه وأنا الأقل الفاني محمد الفاضل اللنكراني عفا الله عنه وعن والديه بحقّ أوليائه الطاهرين المعصومين ، سيّما خاتمهم خاتم الأوصياء عليه وعلى آبائه التحية والثناء .


(الصفحة9)




كتاب الطلاق

وله شروط ، وأقسام ، ولواحق ، وأحكام


القول في شروطه



مسألة 1 : يشترط في الزوج المُطلّق البلوغ على الأحوط والعقل ، فلا يصحّ على الأحوط طلاق الصبيّ لا بالمباشرة ولا بالتوكيل ، وإن كان مُميّزاً وله عشر سنين ، ولو طلّق من بلغه فلا يترك الإحتياط ، ولا طلاق المجنون مطبقاً أو إدواراً حال جنونه ، ويلحق به السكران ومن زال عقله (1) .


1 ـ الطلاق لغةً ، قيل : إنّه حَلُّ عقد ، ويطلق على الإرسال والترك ، يقال: ناقة طالق أي مرسلة ترعى حيث تشاء ، وطلّقت القوم إذا تركتهم . وفي الكلام المحكي عن عليّ(عليه السلام) أنّه طلّق الدنيا ثلاث مرّات(1) ، أي تركها من غير رجعة فيها .
وشرعاً إزالة قيد النكاح ، أي النكاح الدائم بصيغة طالق وشبهها; ولذا استفيد من قوله تعالى في المـُحلّل: {فإن طلّقها}(2) أنّه لابدّ أن يكون النكاح فيه دائماً ، ولا

(1) نهج البلاغة: 666 ، حكمة 77 .
(2) سورة البقرة: 2 / 230 .

(الصفحة10)



يكفي النكاح المنقطع فيه; لعدم تحقّق الطلاق إلاّ في الأوّل . والظاهر أنّه لا يكون للطلاق كالنكاح حقيقةً شرعية ، بل لا تكون هذه الاُمور إلاّ اُموراً اعتباريّة ، غاية الأمر اختلاف الشارع والعقلاء في اعتبار بعض الاُمور وجوديّة أو عدميّة فيها .
وكيف كان فالكلام الآن في شروطه ، وهي اُمور :
الأوّل : البلوغ ، أي بلوغ الزوج المُطلق لزوجته ، وإلاّ فإذا صار وكيلا عن الغير في طلاق زوجته فالظاهر أنّه لا مانع منه إذا كان مميّزاً ، خصوصاً بناءً على شرعية عبادات الصّبي ، كما حقّقناه في كتابنا في القواعد الفقهية(1) . وأمّا بالإضافة إلى طلاق زوجته فقد احتاط في المتن بعدم الصحّة من دون فرق بين المباشرة والتوكيل ، وبين ما إذا بلغ عشر سنين أو لم يبلغ ، وحكي عن ابن الجنيد أنّه أطلق صحّة طلاقه مع تميّزه(2) ، وذكر المحقّق في الشرائع : وفيمن بلغ عشراً عاقلا وطلّق للسنّة(3) رواية بالجواز فيها ضعف(4) .
وكيف كان فالرّوايات الواردة في هذا المجال وفيما يرتبط بهذا الشرط ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى: ما تدلّ بإطلاقها على بطلان طلاق الصبي كذلك ، مثل :
رواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : ليس طلاق الصّبي

(1) القواعد الفقهية: 1 / 341 وما بعده .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 361 .
(3) الكافي: 6 / 124 ح5 ، ورواه بسند آخر في التهذيب: 8 / 75 ح254 ، الوسائل: 22 / 77 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب32 ح2 .
(4) شرائع الإسلام: 3 / 12 .

(الصفحة11)



بشيء(1) .
ورواية السكوني ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : كلّ طلاق جائز إلاّ طلاق المعتوه ، أو الصبي ، أو مبرسم ، أو مجنون ، أو مكره(2) .
ورواية أبي بصير، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: لا يجوز طلاق الصبي ولا السكران(3).
ورواية الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليٍّ(عليهم السلام) قال : لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم(4) .
ولعلّه يستفاد من هذه الطائفة بطلان طلاق الصبي ، ولو كان وكيلا عن الغير في طلاق زوجته ، فتدبّر .
الطائفة الثانية: ما تدلّ على صحّة طلاق الصبي إذا كان مميّزاً ، مثل :
مضمرة سماعة قال : سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته؟ فقال : إذا طلّق للسنّة ووضع الصدقة في موضعها وحقّها فلا بأس ، وهو جائز(5) .
ورواية ابن بكير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يجوز طلاق الغلام ووصيته وصدقته إن لم يحتلم(6) . قال صاحب الوسائل بعد نقل الرواية عن الكليني : وفي نسخة يجوز ، وكذا في رواية الشيخ .
الطائفة الثالثة: ما تدل على صحّة طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين ، مثل :


(1) الكافي: 6 / 124 ح2 ، الوسائل: 22 / 77 ، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح1 .
(2) الكافي: 6 / 126 ح6 ، الوسائل: 22 / 77 ، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح3 .
(3) الكافي: 6 / 124 ح3 ، الوسائل: 22 / 78 ، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح4 .
(4) قرب الإسناد: 104 ح352 ، الوسائل: 22 / 79 ، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح8 .
(5) الكافي: 6 / 124 ح1 ، الوسائل: 22 / 79 ، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح7 .
(6) الكافي: 6 / 124 ح4 ، التهذيب: 8 / 76 ح257 ، الاستبصار: 3 / 303 ح1075 ، الوسائل: 22 / 78 ، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح5 .

(الصفحة12)



مرسلة ابن أبي عمير ـ التي قال صاحب الجواهر : إنّها بحكم الصحيح عند الأصحاب(1) ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين(2)وحكي عن الشيخين(3) وجماعة من القدماء(4) العمل بذلك ، إلاّ أنّ المشهور بين المتأخّرين بل لعلّ عليه عامّتهم(5) اعتبار البلوغ الشرعي ، ولكن قد عرفت في كلام المحقّق أنّه فيها ضعف ، والظاهر أنّ مراده هو الضعف بالإرسال .
والتحقيق أن يقال : إنّه إن قلنا: بأنّ الصبي مسلوب العبارة ما دام لم يبلغ ، فطلاقه وغيره من عقوده وإيقاعاته يكون باطلا ، ولازمه حينئذ عدم صحّة التوكيل من الغير في طلاق زوجته ، ولعلّه لا يجتمع ذلك مع شرعية عباداته التي اخترناه وحقّقناه وإن لم نقل بذلك; نظراً إلى عدم دلالة مثل حديث «رفع القلم عن الصبي»(6) على ذلك .
فالظاهر بمقتضى الجمع بين الروايات بعد وجود الضعف في الطائفة الثالثة هو حمل الطائفة الاُولى المطلقة على الطائفة الثانية ، والالتزام بما حكي عن ابن الجنيد

(1) جواهر الكلام: 32 / 4 .
(2) الكافي: 6 / 124 ح5، ورواه بسند آخر في التهذيب: 8 / 75 ح254، الوسائل: 22 / 77، أبواب مقدمات الطلاق ب32 ح2.
(3) لم نجده في باب الطلاق من المقنعة . نعم ، حكم في باب الوصيّة (667) بصحّة وصيّة الصبيّ إذا بلغ عشر سنين ، وربما استظهر منه صحّة سائر تصرّفاته ، النهاية: 518 .
(4) المهذب: 2 / 288 ، الوسيلة: 323 .
(5) راجع رياض المسائل: 7 / 283 ، مسالك الافهام: 9 / 10 ـ 11 ، قواعد الاحكام: 2 / 60 ، إيضاح الفوائد: 3 / 291 ، التنقيح الرائع: 3 / 391 ـ 392 ، المقتصر : 269 .
(6) الخصال: 93 ح40 وص175 ح233 ، الوسائل: 1 / 45 ، أبواب مقدمات العبادات ب4 ح11 ، سنن البيهقي: 6 / 84 و 206 .

(الصفحة13)



من صحّة طلاق الصبي مع التمييز(1) . ومن الممكن أن يكون قوله: «حتى يحتلم» في رواية الحسين بن علوان المتقدّمة ، يراد به حتى يحصل له العقل والتمييز ، ولذا جمع المحقّق في كلامه المتقدّم بين البلوغ عشراً والعقل ، وإلاّ فليس في الروايات الواردة رواية جامعة بين الوصفين .
ولعلّه لما ذكرنا احتاط الماتن(قدس سره) في اعتبار البلوغ ، وفي أنّه لو طلّق من بلغه فلا يترك الاحتياط ، هذا بالإضافة إلى البلوغ .
وأمّا اعتبار العقل فنفى وجدان الخلاف فيه بيننا(2) صاحب الجواهر ، بل ثبوت الإجماع بقسميه عليه(3) . ويدلّ عليه مضافاً إلى عدم القصد الذي يتوقّف عليه الحكم روايات متعددة ، مثل :
رواية السكوني المتقدّمة والروايات المتكثّرة الواردة في أنـّه «لا طلاق للسكران»(4) بناءً على اشتراك العلّة فيه مع المجنون ; لعدم الفرق بينهما من هذه الجهة الراجعة إلى زوال القصد وزوال العقل ولو موقّتاً .
وفي رواية أبي خالد القمّاط قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : رجل يعرف رأيه مرّة وينكره اُخرى ، يجوز طلاق وليّه عليه؟ قال : ما له هو لا يطلّق؟ قلت : لا يعرف حدّ الطلاق ، ولا يؤمن عليه إن طلّق اليوم أن يقول غداً : لم اُطلّق ، قال : ما أراه إلاّ بمنزلة الإمام يعني الوليّ(5) .


(1) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 361 .
(2) مختلف الشيعة: 7 / 362 ، مسالك الافهام: 9 / 15 ، رياض المسائل: 7 / 287 ، نهاية المرام: 2 / 10 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 8 .
(4) الوسائل: 22 / 85 ، أبواب مقدمات الطلاق ب36 .
(5) الكافي: 2 / 125 ح2 ، الوسائل: 22 / 81 ، أبواب مقدمات الطلاق ب34 ح1 .

(الصفحة14)

مسألة 2 : لا يصحّ طلاق وليّ الصبي عنه كأبيه وجدّه فضلا عن الوصي والحاكم . نعم لو بلغ فاسد العقل أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ طلّق عليه وليّه مع مراعاة الغبطة والصلاح ، فإن لم يكن له أب وجدّ فالأمر إلى الحاكم ، وإن كان أحدهما معه فالأحوط أن يكون الطلاق منه مع الحاكم ، وإن كان الأقوى نفوذ طلاقه بلا ضمّ الحاكم إليه(1) .


ثم إنّه ذكر في الوسائل لأبي خالد القمّاط ثلاث روايات في أبواب مختلفة ، والظاهر اتّحادها وعدم تعدّدها ، بمعنى سؤال أبي خالد عنه ثلاث مرّات ، نعم تكون إحداها فاقدة للسؤال ، وهو قول أبي عبدالله(عليه السلام) في طلاق المعتوه : يطلّق عنه وليّه ، فإنّي أراه بمنزلة الإمام عليه(1) . والمستفاد منهما أنّه لا يُطلّق زوجته بنفسه بل يُطلّق عنه الولي الذي هو بمنزلة الإمام عليه ، ولكن مع ذلك يكون الترك مقتضى الإحتياط .

1 ـ أمّا عدم صحّة الطلاق عن الصّبي بالولاية الشرعية عليه ، كالولاية الثابتة للأب والجدّ فضلا عن الوصي والحاكم ، ولو كان فيه غبطة وصلاح ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى نفي وجدان الخلاف فيه منّا بل ثبوت الإجماع(2) بقسميه عليه ـ النبوي الذي وصفه صاحب الجواهر بالمقبولة(3) : «الطلاق بيد من أخذ بالساق»(4)الدالّ بمقتضى الحصر على اختصاص الطلاق بمالك البضع ، ولم تثبت الولاية في

(1) الكافي : 6 / 126 ح7 ، الوسائل: 22 / 84 ، أبواب مقدمات الطلاق ب35 ح3 .
(2) السرائر: 2/673، الخلاف: 4/442 ، رياض المسائل: 7 / 285 ، نهاية المرام: 2 / 8 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 5 .
(4) سنن ابن ماجه: 1 / 672 ح2081 ، سنن البيهقي: 7 / 360 ، عوالي اللآلي: 1 / 234 .

(الصفحة15)



مثله أصلا ، مضافاً إلى استصحاب بقاء علقة النكاح في صورة الشكّ في صحة طلاق الولي ، وإلى أنّه لم تثبت الملازمة بين صحّة النكاح وصحّة الطلاق ، فإذا جاز لوليّ الصغير تزويجه فلا يلازم جواز صحّة الطلاق عنه ، كما لا يخفى .
وأمّا صحّة طلاق الأب والجدّ عن الزوج فيما إذا بلغ فاسد العقل ، بحيث كان جنونه متّصلا بصغره أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ ، ففي المتن طلّق عليه وليّه مع مراعاة الغبطة والصلاح ، ومع عدم الأب والجدّ يكون الأمر إلى الحاكم ، وعن خلاف الشيخ(1) وابن إدريس(2) المنع من ذلك ، وفي الشرائع: وهو بعيد(3) ، والدليل عليه خبر أبي خالد القمّاط المتقدّم الذي جعله في الوسائل على ما مرّ ثلاث روايات ، ورواية شهاب بن عبد ربّه قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : المعتوه الذي لا يُحسن أن يُطلِّق يُطلِّق عنه وليّه على السنّة ، قلت : فطلّقها ثلاثاً في مقعد ، قال : تردّ إلى السنّة ، فإذا مضت ثلاثة أشهر ، أو ثلاثة قروء ، فقد بانت منه بواحدة(4) .
وفي محكي المسالك المناقشة في رواية القمّاط بعدم وضوح دلالتها ، فإنّ السائل وصف الزوج ـ يعني في إحدى رواياته ـ بكونه ذاهب العقل ، ثم يقول له الإمام : ما له لا يُطلّق ؟ مع الإجماع(5) على أنّ المجنون ليس له مباشرة الطلاق ولا أهلية التصرف ، ثم يُعلّل السائل عدم طلاقه بكونه ينكر الطلاق أو لا يعرف حدوده ، ثم

(1) الخلاف: 4 / 442 .
(2) السرائر: 2 / 673 .
(3) شرائع الإسلام: 3 / 9 .
(4) الكافي: 6 / 125 ح5 ، الوسائل: 22 / 84 ، أبواب مقدمات الطلاق ب35 ح2 .
(5) مختلف الشيعة: 7 / 362 ، نهاية المرام: 2 / 10 ، رياض المسائل: 7 / 287 .

(الصفحة16)



يجيبه بكون الوليّ بمنزلة السلطان(1) .
وأورد عليه في الجواهر بأنّه قد يقال : إنّ المراد بالمعتوه ناقص العقل ، ثم حكى عن بعض أعلام اللغويين أنّ المراد بالمعتوه من نقص عقله من دون جنون(2) ، ثم قال : وحينئذ لا يبعد أن يكون المراد به من لا عقل له كامل ، ومثله تصح مباشرته للطلاق ، لكن بإذن الوليّ; لأنّه من السفيه فيه كالسّفيه في المال(3) .
أقول : ويؤيّده التعبير عن الرجل المذكور بالأحمق في إحدى رواياته ، وهو غير المجنون عرفاً وعند العقلاء ، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ التعبير بالمعتوه إنّما وقع في الرواية الخالية عن السؤال ، ويحتمل أن تكون مغايرة للروايتين الاُخريين .
نعم ، في رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سئل عن المعتوه أيجوز طلاقه؟ فقال : ما هو؟ قال: فقلت : الأحمق الذاهب العقل ، فقال : نعم(4) .
هذا ، وقد ورد في روايات متكثرّة ما ظاهره بطلان طلاق المعتوه ، مثل :
رواية الحلبي قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن طلاق السكران وعتقه؟ فقال : لا يجوز . قال : وسألته عن طلاق المعتوه ، قال : وما هو؟ قال : قلت : الأحمق الذاهب العقل ، قال : لا يجوز ، قلت : فالمرأة كذلك ، يجوز بيعها وشراؤها؟ قال :  لا(5) .
وكيف كان فإن كان خلاف الشيخ وابن إدريس في جواز الطلاق عن

(1) مسالك الافهام: 9 / 13 .
(2) مصباح المنير: 392 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 7 .
(4) التهذيب: 8/75 ح252، الاستبصار: 3/302 ح1070، الوسائل: 22/83، أبواب مقدمات الطلاق ب34 ح8.
(5) التهذيب: 8 / 73 ح245 ، الوسائل: 22 / 82 ، أبواب مقدمات الطلاق ب34 ح5 .

(الصفحة17)

مسألة 3 : يشترط في الزوج المطلق القصد والاختيار بمعنى عدم الإكراه والإجبار ، فلا يصحّ طلاق غير القاصد كالنائم والساهي والغالط والهازل الذي لا يريد وقوع الطلاق جدّاً ، بل يتكلّم بلفظه هزلا ، وكذا لا يصحّ طلاق المكره الذي قد ألزم على إيقاعه مع التوعيد والتهديد على تركه(1) .


المجنون الذي ذكرناه في محلّ البحث ومنعه ، فالظاهر أنّ الحقّ معهما; لعدم الدليل على الجواز بعد جريان ما ذكرناه في الصغير هنا أيضاً ، ومجرّد أنّ الصغير ربما يؤول إلى الكبير ، وترتفع الصغارة وتزول بخلاف المجنون لا يصير فارقاً ، وإن كان الخلاف المزبور في المعتوه وهو ناقص العقل ، فالظاهر صحّة الطلاق بإذن الولي ودخالته ; لأنّها مقتضى الجمع بين الروايات المختلفة الواردة فيه ، مضافاً إلى أنّه لم يحتمل أحد فيه أنه مسلوب العبارة ، كما احتمل في الصبي .
نعم ، فيما إذا لم يكن للصغير المذكور أب وجدّ فالمرجع هو الحاكم ، ومع وجود أحدهما والحاكم فقد احتاط في المتن استحباباً أن يكون الطلاق منه مع الحاكم ، وإن قوّى نفوذ طلاقه مستقلاًّ ، وحيث إنّ المسألة مبتنية على الولاية في هذه الصورة ، فالتحقيق فيها في كتاب الحجر إن شاء الله .

1 ـ وقع التعرّض في هذه المسألة لاعتبار أمرين في الزوج المطلِّق : أحدهما: القصد . والآخر: الاختيار ، بمعنى عدم الإكراه والإجبار .
والدليل على اعتبار الأمر الأوّل وضوح كون مطلق العقود والايقاعات متقوّمة بالإرادة والقصد ، وفرّع عليه بطلان طلاق النائم ، والساهي ، والغالط ، والهازل غير المريد ، بل المتكلّم بلفظه هزلا .

(الصفحة18)

مسألة 4 : الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضرّ بحاله عليه ، أو على من يجري مجرى نفسه كأبيه وولده نفساً أو عرضاً أو مالا ، بشرط أن يكون الحامل قادراً على إيقاع ما توعّد به مع العلم أو الظنّ بإيقاعه على تقدير عدم امتثاله ، بل أو الخوف به وإن لم يكن مظنوناً ، ويلحق به موضوعاً أو حكماً ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من عقوبته والإضرار عليه لو خالفه ، وإن لم يقع منه توعيد وتهديد ، ولا يلحق به ما لو أوقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه ، فلو زوّج امرأة ثم رأى أنّه لو بقيت على حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلّقيها كأبيها وأخيها مثلا ، فالتجأ إلى طلاقها فطلّقها يصحّ طلاقها(1) .


والدليل على اعتبار الأمر الثاني ـ مضافاً إلى حديث الرفع(1) النصّ العام ـ روايات خاصّة ، مثل: صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سألته عن طلاق المكره وعتقه ؟ فقال : ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق ، الحديث(2) .
ورواية يحيى بن عبدالله بن الحسن ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سمعته يقول : لا يجوز الطلاق في استكراه ـ إلى أن قال : ـ وإنّما الطلاق ما اُريد به الطلاق من غير استكراه ، الحديث(3) . والروايات الاُخر الواردة في هذا المجال(4) . وسيأتي في المسألة الآتية معنى الإكراه إن شاء الله تعالى .

1 ـ الظاهر أنّ المرجع في فهم المراد من الإكراه هو العرف واللغة ، إذ ليس له

(1) الوسائل: 15 / 369 ، أبواب جهاد النفس ب56 .
(2) الكافي: 6 / 127 ح2 ، الوسائل: 22 / 86 ، أبواب مقدمات الطلاق ب37 ح1 .
(3) الكافي: 6 / 127 ح4 ، الوسائل: 22 / 46 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب18 ح6 .
(4) الوسائل: 22 / 86 و 87 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب37 ح2 و4 .

(الصفحة19)



حقيقة شرعية ولا مثلها ، وقد ذكر المحقّق في الشرائع : ولا يتحقّق الإكراه ما لم تحصل اُمور ثلاثة : كون المكرِه قادراً على فعل ما توعّد به ، وغلبة الظنّ أنّه يفعل ذلك مع امتناع المكرَه ، وأن يكون ما توعّد به مضرّاً بالمكرَه في خاصّة نفسه ، أو من يجري مجرى نفسه كالأب والولد ، سواءً كان ذلك الضرر قتلا أو جرحاً أو شتماً أو ضرباً ، ويختلف بحسب منازل المكرَهين في احتمال الإهانة ، ولا يتحقّق الإكراه مع الضرر اليسير(1) .
أقول : الظاهر أنّ معنى الإكراه بحسب اللغة هو حمل الغير على ما يكرهه ، غاية الأمر أنّ فعل المكروه الصادر عن الغير يكون صادراً عن اختياره في مقابل الإضطرار إليه كحركة المرتعش ، وكما إذا ضرب بيد الغير من غير أن يكون الضرب صادراً عن قصده وإرادته ، ففرق بين الضارب عن إكراه وبين الضارب من دون أن يكون قصده مؤثّراً في ذلك .
وكيف كان ففي عبارة المحقّق المتقدّمة اعتبار حصول اُمور ثلاثة في تحقّق معنى الإكراه :
أحدها : كون المكرِه قادراً على فعل ما توعّد به ، والوجه في اعتبار هذا الأمر أنّه لا يصدق بدونه ، ضرورة أنّه مع عدم القدرة عليه لا يتحقّق أنّ الغير حمله على ذلك .
ثانيها : غلبة الظنّ أنّه يفعل ذلك مع امتناع المكره ، والظاهر عدم اعتبار هذا الأمر ، بل الظاهر الصدق مع الخوف العقلائي كما في المتن ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى عدم الاختصاص عرفاً بصورة العلم أو الظنّ ـ صحيحة عبدالله بن سنان ، عن

(1) شرائع الإسلام: 3 / 13 .

(الصفحة20)



أبي عبدالله(عليه السلام) ، أو مرسلته قال : سمعته يقول : لو أنّ رجلا مسلماً مرّ بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتّى يتخوّف على نفسه أن يعتق أو يُطلّق ففعل ، لم يكن عليه شيء(1) .
ثالثها : أن يكون ما توعّد به مضرّاً بالمكرَه ، ولو كان ضرراً ماليّاً غير يسير ، كما يدلّ عليه ذيل عبارته الشامل لغير الأمثلة المذكورة في الصدر أيضاً ، ضرورة أنّه مع عدم الإضرار بالمكرَه لا يتحقّق الإكراه; لعدم صدق الحمل مع عدم الاضرار ، ومن المعلوم اختلاف الأفراد في هذه الجهة .
وليعلم أنّ الإكراه على المحرّمات وإن كان موجباً لارتفاع الحرمة عنها ، كما يدلّ عليه مثل حديث الرّفع(2) ، إلاّ أنّه لابدّ في هذه الجهة من ملاحظة الحرام ، وأنّه في أيّة مرتبة من حيث نظر الشارع ، ضرورة أنّ المحرّمات مختلفة من حيث المرتبة كما حقّق في محلّه ، ومن ملاحظة الضرر المتوعّد به وإن كان غير يسير ، مثلا إذا اُكره أحد على الزنا بزوجة الغير ، فمن المعلوم أنّه لا يتحقّق الجواز بمجرّد التوعيد على الضرر المالي ، وإن كان غير يسير بل معتدّاً به يقع المُكرَه بالفتح في الضرر ، وإذا اُكره أحد على الشرك بالله تعالى الذي هو أكبر الكبائر ، كما في الرواية الواردة في المعاصي الكبيرة(3) وتعدادها ، قال الله تعالى : {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(4) . وعليه فلا يتحقّق الجواز بمجرّد التوعيد على الضرر ، مثل الضرب والشتم ، بل لعلّ مثل الجرح غير المتعقّب

(1) الكافي: 6 / 126 ح1 ، الوسائل: 22 / 86 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب37 ح2 .
(2) الوسائل: 15 / 369 ، أبواب جهاد النفس ب56 .
(3) الوسائل: 15 / 318 ـ 332 ، أبواب جهاد النفس ب46 .
(4) سورة النساء: 4 / 48 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>