جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، الطلاق والمواريث « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة41)





القول في الصيغة


مسألة 1 : لا يقع الطلاق إلاّ بصيغة خاصّة ، وهي قوله: «أنتِ طالق» أو فلانة أو هذه أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة ، فلا يقع بمثل «أنت مطلّقة» أو «طلّقت فلانة» ، بل ولا «أنت الطالق» فضلا عن الكناية كـ «أنت خلية» أو «بريّة» أو «حبلك على غاربك» أو «الحقي بأهلك» ونحو ذلك ، فلا يقع بها وإن نواه حتى قوله: «اعتدّي» المنويّ به الطلاق على الأقوى(1) .


1 ـ قال المحقّق في الشرائع : والأصل أنّ النكاح عصمة مستفادة من الشرع ، لا يقبل التقايل ، فيقف رفعها على موضع الإذن . فالصيغة المتلقّاة لإزالة قيد النكاح : «أنت طالق» ، أو هذه ، أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة(1) . والمستفاد منه اعتبار العربية أوّلا والصيغة الخاصّة ثانياً ، ويدلّ عليه مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، أنّه سأل أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل قال لامرأته : أنت عليّ حرام ، أو بائنة ، أو بتّة ، أو بريّة ، أو خليّة ؟ قال : هذا كلّه ليس بشيء ، إنّما

(1) شرائع الإسلام: 3 / 17 .

(الصفحة42)



الطلاق أن يقول لها في قبل العدّة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق ، أو اعتدِّي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين(1) .
قال في الوسائل : ورواه أحمد بن محمد بن أبي نصر في كتاب «الجامع» عن محمد ابن سماعة ، عن محمد بن مسلم ، على ما نقله العلاّمة في «المختلف» وترك قوله: «أو اعتدّي»(2) .
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن رجل قال لامرأته : أنت منّي خليّة ، أو بريّة ، أو بتّة ، أو بائن ، أو حرام ؟ قال : ليس بشيء(3) .
وفي رواية ابن سماعة قال : ليس الطلاق إلاّ كما روى بكير بن أعين ، أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع : أنت طالق ، ويشهد شاهدين عدلين ، وكلّ ما سوى ذلك ملغى(4) .
وفي رواية عبدالله بن سنان، التي رواها ابن سماعة أيضاً ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: يرسل إليها فيقول الرسول: إعتدّي فإنّ فلاناً قد فارقك . قال ابن سماعة : وإنّما معنى قول الرسول:اعتدّي فإنّ فلاناًقدفارقك يعني الطلاق، أنّه لاتكون فرقة إلاّ بطلاق(5).
وممّا ذكرنا يظهر أنّ الألفاظ الكنائية كما أنّها لا تكفي في صيغة الطلاق ، كذلك

(1) الكافي: 6 / 69 ح1 ، التهذيب: 8 / 36 ح108 ، الاستبصار: 3 / 277 ح983 ، الوسائل: 22 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح3 .
(2) مختلف الشيعة : 7 / 344 ـ 345 .
(3) الفقيه: 3 / 356 ح1702 ، التهذيب: 8 / 40 ح122 ، الوسائل: 22 / 37 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب15 ح1 .
(4) الكافي: 6 / 70 ح4 ، التهذيب: 8 / 37 ح110 ، الاستبصار: 3 / 278 ح985 ، الوسائل: 22 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح1 .
(5) الكافي: 6 / 70 ح4 ، الوسائل: 21 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح2 .


(الصفحة43)

مسألة 2 : يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة ، فلو قال: «زوجتاي طالقان» أو «زوجاتي طوالق» صحّ طلاق الجميع(1) .


الألفاظ الصريحة غير الصيغة المخصوصة التي يكون الركن فيها الإتيان بـ «طالق» بنحو التنكير مع اسم الفاعل ، فلا يقع حتى بمثل أنت مطلقة أو طلقت فلانة ، وإن كان يكفي مثل الأخير في باب البيع . وقد حكي عن الشيخ في المبسوط أنّه قوّى وقوع الطلاق بقوله : أنت مطلّقة إذا نوى الطلاق(1) .
وأمّا قوله: «إعتدِّي» مع إرادة الطلاق ، فقد عرفت عدم ثبوته في صحيحة محمد بن مسلم أوّلا ، وعدم إرادة وقوع الطلاق به ثانياً ، وإنّما هو قول الرسول بعد تحقّق المفارقة بصيغة الطلاق ، فالأقوى ما عليه المتن .
وممّا ذكرنا يظهر عدم وقوع الطلاق بمثل نعم في جواب السؤال عن أنّه هل طلّقت امرأتك، كما صرّح به الشيخ(2) وإن توهّمت دلالة بعض الأخبار عليه ، وهي:
رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي(عليهم السلام) في الرجل يقال له: أطلّقت امرأتك؟ فيقول : نعم ، قال : قال: قد طلّقها حينئذ(3) .
فإنّه من الواضح أنّ السؤال إنّما هو عن إيقاع الطلاق قبلا ، والجواب ناظر إليه لا إلى وقوع الطلاق بلفظ نعم ، فلا دلالة للرواية على خلاف ما تقدّم . بل خلاصة مفادها نفوذ إقرار الزوج بالطلاق ولو كان بلفظ نعم .

1 ـ لعدم الفرق بين الطلاق وبين غيره من الايقاعات والعقود ، فكما أنّه يجوز في

(1) المبسوط: 5 / 25 .
(2) المبسوط: 5 / 52 ، النهاية: 511 .
(3) التهذيب: 8 / 38 ح111 ، الوسائل: 22 / 42 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح6 .

(الصفحة44)

مسألة 3: لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللغات مع القدرة، ومع العجز يصح ، وكذا لا يقع بالإشارة ولا بالكتابة مع القدرة على النطق ، ومع العجز يصحّ إيقاعه بهما ، والأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة(1) .


البيع بيع شيئين بصيغة واحدة ، ويكفي في العتق عتق عبدين أو أزيد ، كذلك يجوز في الطلاق طلاق زوجتين أو أزيد بصيغة واحدة ، ولم يدلّ دليل على خلاف القاعدة من هذه الجهة .

1 ـ حيث إنّك قد عرفت أنّه يعتبر في الطلاق العربية وصيغة خاصّة ، وأنّه لا يجوز بغيرها حتى مثل قوله : أنت مطلّقة ، فلازم ذلك أنّه لا يجوز بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللغات مع القدرة على تلك الصيغة ، كما أنّه لا يقع بالإشارة ولا بالكتابة مع القدرة عليه . نعم يجوز في كلتا الصورتين مع العجز ، وفي دوران الأمر بين الكتابة والإشارة يكون مقتضى الاحتياط الوجوبي تقديم الكتابة; لأنّها أشدّ دلالة من الإشارة وأبعد من حيث احتمال الخلاف منها ، كما لا يخفى .
وقال ابنا حمزة(1) والبرّاج(2) تبعاً للشيخ في النهاية(3): يقع بالكتابة إذا كان غائباً عن الزوجة لصحيحة أبي حمزة الثمالي ، قال :
سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل قال لرجل: اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، أو اكتب إلى عبدي بعتقه ، يكون ذلك طلاقاً أو عتقاً؟ قال : لا يكون طلاقاً ولا عتقاً

(1) الوسيلة: 323 .
(2) المهذّب: 2 / 277 .
(3) النهاية: 511 .

(الصفحة45)

مسألة 4 : يجوز للزوج أن يوكّل غيره في طلاق زوجته بالمباشرة أو بتوكيل غيره ، سواء كان الزوج حاضراً أو غائباً ، بل وكذا له أن يوكّل زوجته فيه بنفسها أو بالتوكيل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بعدم توكيلها(1) .

مسألة 5 : يجوز أن يوكّلها على أنّه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلا ، أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر مثلا طلّقت نفسها ، لكن بشرط أن يكون


حتى ينطق به لسانه أو يخطّه بيده ، وهو يريد الطلاق أو العتق ، ويكون ذلك منه بالأهلّة والشهود ، ويكون غائباً عن أهله(1) .
وذكر صاحب الجواهر في وجه قصوره عمّا تقدّم أموراً ، منها: الموافقة للعامّة ، ومنها: الشذوذ حتى من القائل به; لعدم اعتبار الكتابة بيده(2) ، وأولى منهما عدم صحّة الطلاق بما هو أقوى من الكتابة ، كقوله: أنت مطلّقة أو أنت طالق ، أو غيرهما من الألفاظ على ما تقدّم ، فلا يجوز الاكتفاء بها مع القدرة ، فلاحظ وتأمّل .

1 ـ يجوز التوكيل في الطلاق كما في سائر العقود والايقاعات بأن يوقعه الوكيل بالمباشرة أو بتوكيل غيره ، سواء كان الزوج حاضراً أو غائباً ، ويجوز أن يكون الوكيل هي الزوجة فيطلّقها بنفسها أو بالتوكيل ، لكن ذكر في المتن: لا ينبغي ترك الاحتياط بعدم توكيلها ، والسرّ فيه أنّه يلزم أن يكون المطلّق والطالق واحداً ، وهو وإن كان صحيحاً بلحاظ تعدّد الإعتبار ، إلاّ أنّ كون الإحتياط الاستحبابي في الخلاف ممّا لا يكاد ينكر .


(1) الكافي: 6 / 64 ح1 ، الوسائل: 22 / 37 ، أبواب مقدمات الطلاق ب14 ح3 .
(2) جواهر الكلام: 32 / 63 .

(الصفحة46)

الشرط قيداً للموكّل فيه لا تعليقاً في الوكالة(1) .

مسألة 6 : يشترط في صيغة الطلاق التنجيز ، فلو علّقه على شرط بطل ، سواء كان ممّا يحتمل وقوعه كما إذا قال: «أنت طالق إن جاء زيد» أو ممّا يتيقّن حصوله ، كما إذا قال: «إن طلعت الشمس» . نعم لا يبعد جواز تعليقه على ما يكون معلّقاً عليه في الواقع ، كقوله: «إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق» سواء


1 ـ يجوز للزوج توكيل الزوجة في طلاق نفسها لو طال سفره أزيد من ثلاثة أشهر مثلا ، أو تسامح في الإنفاق عليها أزيد من شهر واحد مثلا ، كما هو المتداول اليوم في القبالات الرسمية المشتملة على وكالة الزوجة لطلاق نفسها عند عروض بعض الحالات للزوج ، كما إذا حبس أزيد من سنة واحدة مثلا بعلّة ارتكاب بعض ما هو ممنوع قانوناً أو شرعاً ، لكن بشرط أن يكون الشرط قيداً للموكّل فيه لا تعليقاً في الوكالة ، فإنّه موجب لبطلانها; لاعتبار التنجيز فيها كغيرها من العقود .
وأمّا إن كان قيداً للموكّل فيه بأن كان الموكّل فيه هو الطلاق المقيّد بطول سفره أو تسامحه في الإنفاق زماناً معيّناً فلا مانع منه ، والفرق أنّ الوكالة في الصورة الأولى معلّقة على طول السفر وحصول المسامحة في الإنفاق ، فلا وكالة بالفعل للشك في تحقّق المعلّق عليه ، ومع العلم أيضاً لا يكون بالفعل وكالة; لعدم تحقق المعلّق عليه ، بخلاف الصورة الثانية ، فإنّ الوكالة بالفعل حاصلة وإن كان قيد الموكّل فيه لم يتحقّق بعد ، نظير الواجب المعلّق ، حيث يكون الوجوب فعليّاً وإن كان الواجب إستقباليّاً ، كالحجّ بالإضافة إلى الإستطاعة الموجبة له ، وإن كان ظرفه الموسم في شهر ذي الحجّة ، كما تقرّر في محلّه .


(الصفحة47)

كان عالماً بأنّها زوجته أم لا(1) .

مسألة 7 : لو كرّر صيغة الطلاق ثلاثاً فقال : «هي طالق هي طالق هي طالق» من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّده تقع واحدة وَلَغت الاُخريان ، ولو


1 ـ يشترط في صيغة الطلاق كسائر صيغ الايقاعات بل العقود التنجيز ، وقد استدلّ له مفصّلا في مثل كتاب المتاجر للشيخ الأعظم الأنصاري(قدس سره)(1) ، سواء كان المعلّق عليه محتمل الحصول ، كما إذا قال: أنت طالق إن جاء زيد ، مع كون مجيء زيد مشكوكاً مردّداً بين الوجود والعدم ، وفي هذه الصورة التي هي القدر المتيقّن يكون السرّ في بطلان التعليق الإنجرار إلى التنازع والتخاصم غالباً; لأجل الإختلاف في حصول المعلّق عليه وعدمه ، خصوصاً في باب الطلاق الذي عرفت في عبارة المحقّق المتقدّمة(2) أنّ النكاح عصمة يقف رفعها على إذن الشارع أي الاذن المتيقّن ، ولا يسلم صحّة الطلاق بدون التنجيز ، أو كان متيقّن الحصول ، كما إذا قال: إن طلعت الشمس فأنت طالق .
واستثني من التعليق صورة واحدة ونفي البعد عن الجواز فيه ، وهو التعليق على ما يكون معلّقاً عليه في الواقع وإن لم يكن هناك تعليق ، كما إذا قال: إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق ، أو قال في الإعتاق: إن كان زيد عبدي فهو معتق . والسرّ فيه تحقّق التعليق في الواقع وإن لم يعلّق عليه ، وهذا من دون فرق بين العلم بحصول المعلّق عليه وعدم العلم بحصوله ; لعدم تحقّق التعليق من ناحيته أصلا ، فلا يكون مفاد الصيغة مع التعليق إلاّ كمفادها بدونه ، فتدبّر جيّداً .


(1) المكاسب: 3 / 162 ـ 174 (تراث الشيخ الأعظم) ج16 .
(2) في ص41 .

(الصفحة48)

قال: «هي طالق ثلاثاً» لم يقع الثلاث قطعاً ، والأقوى وقوع واحدة كالصورة السابقة(1) .


1 ـ في هذه المسألة فرضان :
الفرض الأوّل: ما لو كرّر صيغة الطلاق ثلاثاً من دون تخلّل رجعة في البين ، ومن دون أن يكون التكرار لأجل التأكيد بل قصده التعدّد ، فلا إشكال في وقوع الواحدة وهي الصيغة الأولى المفروض كونها واجدة لجميع الشرائط; لعدم المانع عن صحّتها وتأثيرها ، وتلغى الاُخريان عند الإمامية ، بل كأنّه من ضروريات مذهب الشيعة في مقابل العامّة القائلين بوقوعها ثلاثاً(1) .
الفرض الثاني: ما لو قال : هي طالق ثلاثاً ، ولا إشكال بمقتضى ما عرفت في عدم وقوع الثلاث قطعاً ، وقد وردت فيه روايات(2) كثيرة لعلّه يجيء بعضها ، إنّما الإشكال في وقوع واحدة كالصورة السابقة ، ففي المتن تبعاً للمشهور أنّ الأقوى وقوع واحدة ، وحكي عن جماعة من القدماء(3) بطلان الطلاق من أصله وعدم وقوع واحدة أيضاً ، وإنّما وصف القول الأوّل المحقّق في الشرائع بأنّه أشهر الروايتين(4) . وكيف كان فالروايات الدالّة عليه كثيرة :
منها : صحيحة زرارة ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً

(1) الاُمّ: 5 / 280 ، المجموع: 18 / 249 ، مغني المحتاج: 3 / 311 ، المغني لابن قدامه: 8 / 240 ، الشرح الكبير: 8 / 257 ، المبسوط: 6 / 57 .
(2) الوسائل: 22 / 61 ـ 75 ، أبواب مقدمات الطلاق ب29 ـ 30 .
(3) الوسيلة: 322 ، الانتصار: 308 . رسائل الشريف المرتضى: 1 / 240 مسألة 53 ، ونسبه إلى ابن أبي عقيل في المختلف: 7 / 350 .
(4) شرائع الإسلام: 3 / 18 .

(الصفحة49)



في مجلس واحد وهي طاهر؟ قال : هي واحدة(1) . وروى صاحب الوسائل لزرارة في باب واحد في هذا المجال روايتين أو روايات ثلاث . ومن الواضح وحدتها كما مرّ مراراً .
ومنها : خبر محمد بن علي الحلبي وعمر بن حنظلة جميعاً ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : الطلاق ثلاثاً في غير عدّة ، إن كانت على طهر فواحدة ، وإن لم تكن على طهر فليس بشيء(2) .
ومنها : رواية عمرو بن البراء قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّ أصحابنا يقولون: إنّ الرجل إذا طلّق امرأته مرّة أو مائة مرّة فإنّما هي واحدة ، وقد كان يبلغنا عنك وعن آبائك أنّهم كانوا يقولون: إذا طلّق مرّة أو مائة مرّة فإنّما هي واحدة ، فقال : هو كما بلغكم(3) .
والظاهر أنّ المراد بالطلاق مرّة هو الطلاق أزيد من واحدة ، كما أنّ الظاهر أنّ المراد تقييد الصيغة بذلك لا إيقاعها كذلك ، فلا يتوهّم دلالة الرواية على حكم الفرض الأوّل ، فتدبّر .
ومنها : رواية بكير بن أعين ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إن طلّقها للعدّة أكثر من واحدة ، فليس الفضل على الواحدة بطلاق(4) .


(1) الكافي: 6 / 70 ح1 ، الوسائل: 22 / 61 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29 ح2 .
(2) الكافي: 6 / 71 ح3 ، التهذيب: 8 / 52 ح169 ، الاستبصار: 3 / 285 ح1008 ، الوسائل: 22 / 61 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29 ح1 .
(3) الكافي: 6 / 71 ح4 ، الوسائل: 22 / 63 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29 ح7 .
(4) التهذيب: 8 / 53 ح172 ، الاستبصار: 3 / 286 ح1011 ، الوسائل: 22 / 65 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29  ح12 .

(الصفحة50)



ومنها : رواية أبي محمد الوابشي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في رجل ولّى [أمر](1)امرأته رجلا ، وأمره أن يطلّقها على السنّة ، فطلّقها ثلاثاً في مقعد واحد ، قال : يردّ إلى السنّة ، فإذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء ، فقد بانت بواحدة(2) .
ومنها : رواية محمد بن سعيد (سعد السندي خ ل) الأموي قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن رجل طلّق ثلاثاً في مقعد واحد ، قال : فقال : أما أنا فأراه قد لزمه ، وأمّا أبي فكان يرى ذلك واحدة(3) .
وحيث إنّه لا يمكن اختلاف رأيه مع رأي أبيه في ذلك والمفروض موت الأب ، فلا يجري فيه احتمال التقية ، فاللازم حمل رأيه عليها كما لا يخفى ، ويحتمل الحمل على الجمع بينها وبين الواقع بإرادة إلزامه به إذا كان مخالفاً وإرادة الواحدة لو وقع من غيره .
ومنها : رواية إسماعيل بن عبد الخالق قال : سمعت أبا الحسن(عليه السلام) وهو يقول : طلّق عبدالله بن عمر امرأته ثلاثاً ، فجعلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) واحدة ، فردّها إلى الكتاب (كتاب الله خ ل) والسنّة(4) .
وأمّا الروايات الدالّة على القول غير المشهور فهي أيضاً كثيرة ، مثل :
رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من طلّق ثلاثاً في مجلس فليس

(1) من التهذيب والإستبصار .
(2) التهذيب: 8 / 53 ح173 ، الاستبصار: 3 / 286 ح1012 ، الوسائل: 22 / 65 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29  ح13 .
(3) التهذيب: 8 / 53 ح174 ، الاستبصار: 3 / 286 ح1013 ، الوسائل: 22 / 65 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29  ح14 .
(4) التهذيب: 8 / 55 ح180 ، الاستبصار: 3 / 288 ح1019 ، الوسائل: 22 / 67 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29  ح18 .

(الصفحة51)



بشيء ، من خالف كتاب الله عزّوجلّ ردّ إلى كتاب الله عزّوجلّ . وذكر طلاق إبن عمر(1) . وحكى صاحب الوسائل عن الشيخ(قدس سره) أنّه حملها على أنّه ليس بشيء في وقوع الثلاث بل تقع واحدة .
ومكاتبة عبدالله بن محمد إلى أبي الحسن(عليه السلام): روى أصحابنا ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)في الرجل يطلّق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة على طهر بغير جماع بشاهدين: أنّه يلزمه تطليقة واحدة ، فوقّع بخطّه: أخطأ على أبي عبدالله(عليه السلام) إنّه لا يلزم الطلاق ، ويردُّ إلى الكتاب والسّنة إن شاء الله(2) .
ورواية هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : قلت : إنّي ابتليت فطلّقت أهلي ثلاثاً في دفعة ، فسألت أصحابنا فقالوا : ليس بشيء ، وإنّ المرأة قالت : لا أرضى حتى تسأل أبا عبدالله(عليه السلام) ، فقال : ارجع إلى أهلك فليس عليك شيء(3) .
ورواية عمر بن حنظلة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً في مجلس واحد ، فانّهنّ ذوات أزواج(4) .
ورواية عبدالله بن طاووس قال: قلت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام): إنّ لي ابن أخ زوّجته ابنتي وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق ، فقال : إن كان من إخوانك فلا شيء عليه ، وإن كان من هؤلاء فأبنها منه ، فإنّه عنى الفراق . قال : قلت : أليس قد روي

(1) التهذيب: 8 / 54 ح177 ، الاستبصار: 3 / 287 ح1016 ، الوسائل: 22 / 63 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29 ح8 .
(2) التهذيب: 8 / 56 ح182 ، الاستبصار: 3 / 289 ح1021 ، الوسائل: 22 / 67 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29 ح19 .
(3) الخرائج والجرائح: 2 / 642 ح 49 ، الوسائل: 22 / 71 ، أبواب مقدمات الطلاق ب29 ح29 .
(4) التهذيب: 8 / 56 ح183 ، الاستبصار: 3 / 289 ح1022 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 107 ح261 ، الوسائل: 22 / 68 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب29 ح20 .

(الصفحة52)

مسألة 8 : لو كان الزوج من العامّة ممّن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكرّرة وأوقعه بأحد النحوين ألزم عليه ، سواء كانت المرأة شيعيّة أو مخالفة ، ونرتّب نحن عليها آثار المطلقة ثلاثاً ، فلو رجع إليها نحكم ببطلانه إلاّ إذا كانت الرجعة في مورد صحيحة عندهم ، فنتزوّج بها في غير ذلك بعد انقضاء عدّتها ، وكذلك الزوجة إذا كانت شيعيّة جاز لها التزويج بالغير ، ولا فرق في ذلك بين الطلاق ثلاثاً وغيره ممّا هو صحيح عندهم فاسد عندنا ، كالطلاق المعلّق والحلف


عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: إيّاكم والمطلّقات ثلاثاً في مجلس ، فإنّهنّ ذوات الأزواج، فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء، إنّه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم(1). ومكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام) مع بعض أصحابنا ، فأتاني الجواب بخطّه: فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك وزوجها ـ إلى أن قال : ـ ومن حنثه بطلاقها غير مرّة ، فانظر فإن كان ممّن يتولاّنا ويقول بقولنا فلا طلاق عليه ; لأنّه لم يأت أمراً جهله ، وإن كان ممّن لا يتولاّنا ولا يقول بقولنا فاختلعها منه ، فإنّه إنّما نوى الفراق بعينه(2) .
ومنها غير ذلك من الروايات الدالّة عليه ، وأنت خبير بأنّه بعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الطائفتين ولا أقلّ بين جُلّهما لولا كلّهما لابدّ من الرجوع إلى الشهرة ، التي أوّل المرجّحات على ما استفدناه من مقبولة عمر بن حنظلة ، والشهرة مع ما في المتن فالترجيح معه .


(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1 / 310 ح74 ، معاني الأخبار: 263 ، الوسائل: 22 / 75 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب30 ح11 .
(2) التهذيب: 8 / 57 ح186 ، الاستبصار: 3 / 291 ح1027 ، الوسائل: 22 / 72 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب30  ح1 .

(الصفحة53)

به وفي طهر المواقعة والحيض وبغير شاهدين ، فنحكم بصحّته إذا وقع من المخالف القائل بالصحة ، وهذا الحكم جار في غير الطلاق أيضاً ، فنأخذ بالعول والتعصيب منهم الميراث مثلا مع بطلانهما عندنا ، والتفصيل لا يسع هذا المختصر(1) .


1 ـ الأصل في هذه المسألة قاعدة الإلزام ، التي هي من القواعد المشهورة بل المجمع عليها ، والمراد بها إلزام المخالفين بما يعتقدونه ويدينون به ممّا يكون مخالفاً لمذهب أهل البيت(عليهم السلام)  ، وتدلّ عليها الروايات(1) الكثيرة الواردة في الموارد المختلفة ، وقد تكلّمنا فيها مفصّلا في كتابنا القواعد الفقهيّة(2) ، المشتمل على عشرين قاعدة فقهية ، وفي بعض الروايات المتقدّمة إشارة إليها ، ولا تختصّ بباب الطلاق في فروع مختلفة ، وعمدتها الطلاق ثلاثاً الذي هو العمدة في البحث ، والطلاق بغير شاهدين عادلين .
ولولا هذه القاعدة لوقعت الشيعة في مشكلة عظيمة من جهة عدم اعتبار شهادة عدلين في صحّة الطلاق عندهم ، ومن جهة الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد ، وفيما إذا كانت المرأة المطلّقة شيعية يتحقّق إشكال أعظم ، وكذا في موارد اُخر مثل العول والتعصيب في كتاب الإرث ، فشرّعت هذه القاعدة تسهيلا للإماميّة الإثنى عشرية من هذه الجهة ، وتخليصاً لهم من المضيقة الكبيرة ، والمشكلات المتعدّدة الحاصلة من اختلاف آراء فقهائنا مع آراء فقهائهم في الموارد المختلفة ، والتفصيل لا يسع هذا الكتاب ، ومن أراد فليرجع إلى ذلك الكتاب .


(1) الوسائل: 22 / 72 ـ 75 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب30 ، الوسائل: 26 / 184 ـ 186 ، أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب4 .
(2) القواعد الفقهية: 1 / 167 ـ 198 .

(الصفحة54)

مسألة 9 : يشترط في صحّة الطلاق زائداً على ما مرّ الإشهاد بمعنى إيقاعه بحضور شاهدين عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء سواء ، قال لهما: إشهدا أم لا ، ويعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء ، فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثم كرّر اللفظ وسمع الآخر بانفراده لم يقع . نعم ، لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما لا في تحمل الشهادة ولا في أدائها ، ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهنّ لا منفردات ولا منضمّات بالرجال(1) .


1 ـ الأصل في اعتبار هذا الشرط قوله تعالى في سورة الطلاق : {فَإِِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْل مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلّهِ}(1) .
والروايات الواردة في هذا المجال كثيرة ، مثل :
رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث قال : جاء رجل إلى علي(عليه السلام)فقال : يا أمير المؤمنين إنّي طلّقت امرأتي ، قال(عليه السلام) : ألك بيّنة؟ قال : لا ، قال: اُعزب(2) .
والحكم بلزوم الإعزاب بمجرّد عدم البيّنة من دون افتقار إلى يمين الآخر لو كان منكراً ـ مع أنّه يجب اليمين على من ادّعي عليه ـ دليل على أنّ صحّة الطلاق مشروطة بها ، مع أنّه لا إشعار في الرواية بوجود التنازع والتخاصم ، بل الحكم المذكور متوقّف على عدم ثبوت البيّنة مطلقاً ، سواء كان المنكر موجوداً أم لا ، وهو لا يناسب مع غير ما ذكرنا .


(1) سورة الطلاق: 65 / 2 .
(2) الكافي: 6 / 58 ح7 ، التهذيب: 8 / 47 ح146 ، الوسائل: 22 / 25 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح1 .

(الصفحة55)



وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمر بن يحيى ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام) في حديث أنّهما قالا: وإن طلّقها في استقبال عدّتها طاهراً من غير جماع ، ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إيّاها بطلاق(1) .
ورواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من طلّق بغير شهود فليس بشيء(2) .
ورواية اليسع ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث قال : لا طلاق على سنّة وعلى طهر من غير جماع إلاّ ببيّنة ، ولو أنّ رجلا طلّق على سنّة وعلى طهر من غير جماع ولم يشهد لم يكن طلاقه طلاقاً(3) .
وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته بعدما غشيها بشهادة عدلين ، قال : ليس هذا طلاقاً ، قلت : فكيف طلاق السنّة؟ فقال : يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين ، كما قال الله عزّوجلّ في كتابه(4) ، فإن خالف ذلك ردّ إلى كتاب الله ، الحديث(5) .
ورواية محمد بن مسلم الأخرى قال : قدم رجل إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)بالكوفة فقال : إنّي طلّقت امرأتي بعدما طهرت من محيضها قبل أن اُجامعها ، فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمرك الله؟ قال : لا ، فقال : اِذهب فإنّ

(1) الكافي: 6 / 60 ح11 ، التهذيب: 8 / 47 ح147 ، الوسائل: 22 / 26 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح3 .
(2) الكافي: 6 / 60 ح13 ، التهذيب: 8 / 48 ح150 ، الوسائل: 22 / 27 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح6 .
(3) الكافي: 6 / 62 ح3 ، الوسائل: 22 / 28 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح8 .
(4) سورة الطلاق: 65 / 2 .
(5) الكافي: 6 / 67 ح6 ، التهذيب: 8 / 49 ح152 ، الوسائل: 22 / 26 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح4 .

(الصفحة56)



طلاقك ليس بشيء(1) .
والظاهر أنّه لا يمكن لمحمد بن مسلم الرواية عن علي(عليه السلام)من دون واسطة ، فلابدّ أن يكون هناك واسطة ، والظاهر أنّها هو الإمام(عليه السلام) .
إلى غير ذلك من الروايات الدالّة عليه ، الظاهرة في أنّ اعتبار هذا الأمر إنّما هو من امتيازات الشيعة والخصوصيات التي يعتقد بها الأئمّة(عليهم السلام) ومتابعوهم ، فلا شبهة في أصل الاعتبار ، وإنّما الكلام في بعض الخصوصيات :
منها : أنّه ذكر سيّد المدارك في محكي شرح النافع : أنّ الظاهر من اشتراط الاشهاد ، أنّه لابدّ من حضور شاهدين يشهدان بالطلاق ، بحيث يتحقّق معه الشهادة بوقوعه ، وإنّما يحصل ذلك مع العلم بالمطلّقة على وجه يشهد العدلان بوقوع طلاقها ، فما اشتهر بين أهل زماننا من الاكتفاء بمجرّد سماع العدلين صيغة الطلاق وإن لم يعلما المطلّق والمطلّقة بوجه بعيد جدّاً ، بل الظاهر أنّه لا أصل له في المذهب ، فإنّ النص والفتوى متضايفان على اعتبار الإشهاد ، ومجرّد سماع صيغة لا يعرف قائلها لا يسمّى إشهاداً قطعاً(2) . ولكنّه استظهر صاحب الجواهر(قدس سره)الإكتفاء بشهادة إنشاء الطلاق من الأصيل أو الوكيل أو الوليّ ، ولا يعتبر العلم بالمطلّق والمطلّقة على وجه يشهد عليهما لو احتيج إليه لإطلاق الأدلّة(3) .
أقول : هذا الذي ذكره صاحب المدارك وإن كان ربما يساعده الاعتبار; نظراً إلى أنّ اعتبار حضور البيّنة مقدّمة ظاهراً لإقامة الشهادة ، سيّما يوم الإختلاف بين الزوجين في تحقّق الطلاق وعدمه ، بحيث يمكن للزوج المدّعي للطلاق الإستناد إلى

(1) الكافي: 6 / 60 ح14 ، التهذيب: 8 / 48 ح151 ، الوسائل: 22 / 27 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح7 .
(2) نهاية المرام: 2 / 37 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 107 .

(الصفحة57)



البيّنة أو للزوجة المدّعية له كذلك ، إلاّ أنّ الذي يبعّده أنّ العلم بالمطلّق والمطلّقة إن كان لازماً بجميع الخصوصيات فمن الواضح عدم اعتباره ، مضافاً إلى أنّ اللازم حينئذ أن لا يكون الشاهدان غير بصيرين ، وإن كان لازماً ببعض الخصوصيات فلم تحدّ تلك الخصوصية ولم تبين ، وفي هذا المجال روايات غير خالية عن الإشعار أو الدلالة ، مثل :
مكاتبة أحمد بن مطهّر قال: كتبت إلى العسكري(عليه السلام): إنّي تزوّجت بأربع نسوة لم أسأل عن أسمائهنّ ثم إنّي أردت طلاق إحداهنّ وتزويج امرأة اُخرى ، فكتب : اُنظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول: إشهدوا أنّ فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثمّ تزوّج الاُخرى إذا انقضت العدّة(1) .
وقد استدلّ بهذه المكاتبة الشيخ في النهاية على اعتبار علم الشهود بالمطلّقة(2) .
وصحيح أبي بصير يعني المرادي قال : سألت أباجعفر(عليه السلام) عن رجل تزوّج أربعة نسوة في عقدة واحدة ، أو قال : في مجلس واحد ومهورهنّ مختلفة ، قال : جائز له ولهنّ ، قلت : أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلّق واحدة من الأربع ، وأشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد وهم لا يعرفون المرأة ، ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة المطلّقة ، ثم مات بعدما دخل بها ، كيف يقسّم ميراثه؟ قال : إن كان له ولد ، فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك ، وإن عرفت التي طلّقت من الأربع بعينها ونسبها فلا شيء لها من الميراث وعليها العدّة ، قال : ويقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثُمن

(1) الكافي: 5 / 563 ح31 ، الوسائل: 20 / 520 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب3 ح3 .
(2) النهاية: 510 .

(الصفحة58)



ما ترك ، وعليهنّ العِدّة ، وإن لم تعرف التي طلّقت من الأربع ، قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهنّ جميعاً ، وعليهنّ جميعاً العدّة(1) .
وصحيحة حمران ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: لا يكون خلع ، ولا تخيير ، ولا مباراة إلاّ على طهر من المرأة من غير جماع ، وشاهدين يعرفان الرجل ويريان المرأة ويحضران التخيير ، وإقرار المرأة أنّها على طهر من غير جماع يوم خيّرها . قال: فقال له محمد بن مسلم: أصلحك الله ما إقرار المرأة هاهنا؟ قال : يشهد الشاهدان عليها بذلك للرجل ، حذار أن تأتي بعد فتدّعي أنّه خيّرها وهي طامث ، فيشهدان عليها بما سمعا منها ، الحديث(2) .
هذا ، وقد أطنب صاحب الحدائق في ردّ صاحب المدارك ، وقال في ذيل كلامه : إنّ ما ذكرناه من الإكتفاء بالمعرفة الإجمالية هو الذي جرى عليه مشايخنا الذين عاصرناهم وحضرنا مجالس طلاقهم ، كما حكاه هو أيضاً عمّا اشتهر في زمانه ، وأمّا ما أفاده فلم أقف له على موافق ، ولا دليل يعتمد عليه ، ولم أقف من أصحابنا على بحث في هذه المسألة سوى ما نقلنا عنه ، وقد عرفت ما فيه(3) . وتبعه على ذلك صاحب الرياض في كلام طويل ، قال في ذيله : وبالجملة الظاهر من الأدلّة كفاية المعرفة بنحو من الاسم أو الإشارة من دون لزوم مبالغة تامّة في المعرفة(4) .
أقول : بعد ملاحظة أنّ الإشهاد مقدّمة للشهادة بعد ذلك ، وأنّه لا يعتبر في

(1) الكافي: 7 / 131 ح1 ، الوسائل: 22 / 51 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب23 ح1 .
(2) التهذيب: 8 / 99 ح334 ، الوسائل: 22 / 291 ، كتاب الخلع والمباراة ب6 ح4 .
(3) الحدائق الناضرة: 25 / 248 ـ 251 .
(4) رياض المسائل: 7 / 316 ـ 318 .

(الصفحة59)



الشاهدين البصر ، كما أنّه لا يعتبر في الطلاق حضور المرأة فضلا عن إقرارها بأنّها في طهر من غير جماع ، كما يشهد به صحّة طلاق الغائب عن زوجته ، كما في بعض الروايات المتقدّمة ، الظاهر أنّه لا يعتبر في هذه الشهادة زائداً على ما اعتبر في الشهادة على غير الطلاق ، غاية الأمر وجوب الإشهاد هنا دون غيره .
ومن المعلوم أنّه لا يعتبر في الشهادة على غيره ومعرفة الشاهد وعلمه بجميع خصوصيّات الفاعل ، مثلا لا يعتبر في الشهادة على القتل كون القاتل معروفاً للشاهد بجميع الخصوصيات ، بل بمقدار يكون متميّزاً عن غيره عنده ، كذلك في باب الطلاق وكذلك بالإضافة إلى المرأة ، فتدبّر .
ومنها : لزوم كون الشاهدين ذكرين ، كما يدلّ عليه قوله تعالى : {وأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْل مِنْكُمْ}(1) . وكذلك التعبير بالشاهدين في الروايات(2) الدالّة عليه ، فلا اعتبار بشهادة النساء منفردات ولا منضمّـات .
ومنها : أنّه يعتبر اجتماعهما حين سماع إنشاء صيغة الطلاق ، فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ثمّ كرّر اللفظ وسمع الآخر بانفراده لم يقع .
ومنها : أنّه يعتبر أن يكون الشاهدان عادلين . قال المحقّق في الشرائع : ومن فقهائنا من اقتصر على اعتبار الإسلام فيهما ، والأوّل أظهر(3) .
ويمكن أن يستدلّ للقول بالإقتصار ببعض الروايات ، مثل :
ما في ذيل رواية البزنطي المتقدّمة بعد قول أبي الحسن(عليه السلام) باعتبار شهادة عدلين ، قلت : فإن طلّق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين؟ قال : لا تجوز

(1) سورة الطلاق: 65 / 2 .
(2) الوسائل: 22 / 26 ـ 29 و 51 ـ 52 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ، 22 ، 23 .
(3) شرائع الإسلام: 3 / 21 .

(الصفحة60)



شهادة النساء في الطلاق ، وقد تجوز شهادتهنّ مع غيرهنّ في الدم إذا حضرته ، قلت : فإن أشهد رجلين ناصبيّين على الطلاق أيكون طلاقاً؟ فقال : مَن ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير(1) .
وصحيحة عبدالله بن المغيرة قال : قلت للرضا(عليه السلام): رجل طلّق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيّين ، قال : كلّ من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته(2) .
وقد حملهما صاحب الجواهر(قدس سره) بشهادة العدول عن جواب السؤال على التعبير بما هو جامع بين التقية والحقّ الذي لا زالوا يستعملونه ، حتى قالوا لبعض أصحابهم في بعض نصوص الطلاق ثلاثاً(3) معلّمين لهم: إنّكم لا تحسنون مثل هذا ، فيراد حينئذ بمعرفة الخير فيه والصلاح في نفسه المؤمن العدل الذي قد يقال: إنّه مقتضى الفطرة أيضاً ، لا الناصب الذي هو كافر إجماعاً(4) بل ولا مطلق المخالف(5) .
والحقّ أن يقال : إنّ إعراض المشهور عن الخبرين وإن كانا صحيحين موجب لخروجهما عن الإعتبار والحجّية ، خصوصاً بعد كونهما مخالفين للكتاب الدالّ على اعتبار العدالة في الشاهدين ، وهي غير متحقّقة في غير المؤمن وإن كان مسلماً ، فضلا عن الناصب الذي عرفت أنّه كافر إجماعاً ، فما اختاره بعض المتأخّرين إغتراراً بالخبرين غير تامّ .


(1) الكافي: 6 / 27 ح6 ، التهذيب: 8 / 49 ح152 ، الوسائل: 22 / 26 ، أبواب مقدّمات الطلاق ب10 ح4 .
(2) الفقيه: 3 / 28 ح83 ، الوسائل: 27 / 393 ، كتاب الشهادات ب41 ح5 .
(3) التهذيب: 8/91 ح313 ، الاستبصار: 3 / 290 ح1025 ، الوسائل: 22 / 112 ، أبواب أقسام الطلاق ب3 ح6.
(4) رياض المسائل: 6 / 538 ، الحدائق الناضرة: 24 / 61 وج25 / 255 .
(5) جواهر الكلام: 32 / 110 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>