جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، الطلاق والمواريث « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة261)

مسألة 2 : لو شبّهها بإحدى المحارم النسبيّة غير الاُمّ كالبنت والاُخت ، فمع ذكر الظّهر بأن يقول مثلا: «أنت عليّ كظهر أختي» يقع الظهار على الأقوى ، وبدونه كما إذا قال: «كاُختي» أو «كرأس اُختي» لم يقع على إشكال(1) .


كبعض المحارم فقد لزمته الكفّارة(1) .
والروايتان وإن كانتا فاقدتين للحجيّة ولا جابر لهما ، إلاّ أنّ كون الأحوط ذلك ممّا لا ينبغي أن ينكر .
نعم ، في خصوص الفرج وما يشابهه ـ مثل ما لو قال: فرجكِ عليّ كفرج أمّي ـ يبعد أن لا يكون ظهاراً ، وإن كان المبدأ غير متحقّق فيه ، إلاّ أنّ التعبير بالصراحة أولى من التعبير الاستعاري الكنائي ، ولا يحتمل في نفسه كفاية الثاني دون الأوّل .
نعم ، في مثل اليد والرجل والبطن والكفّ يمكن الحكم بعدم الاكتفاء ، إلاّ أنّ في مثل الفرج ممّا ينصرف عرفاً إلى العورة في كمال البعد ، وفي هذه الصّورة يكون الاحتياط آكد كما لايخفى .
ولو قال: أنت كأمّي أو أمّي ، قاصداً به ما يلزم قصده في صيغة الظهار من نيّة التحريم دون علوّ المقام والتعظيم وكبر السنّ ونحوها ، فعن الشيخ(2) ومن تبعه(3)وقوع الظهار به خلافاً للأكثر كما في محكيّ المسالك(4) ، والظاهر هو الثاني وإن كان مقتضى الإحتياط الأوّل .

1 ـ قال المحقّق في الشرائع: ولو شبّهها بظهر إحدى المحرّمات نسباً أو رضاعاً

(1) الكافي: 6 / 161 ح36 ، الوسائل: 22 / 316 ، كتاب الظهار ب9 ح1 ، وص310 ب4 ح4 .
(2) المبسوط: 5 / 149 .
(3) المهذب: 2 / 298، مختلف الشيعة: 7 / 412 و401 ـ 402.
(4) مسالك الافهام: 9 / 472 .

(الصفحة262)



كالأمّ والاُخت فيه روايتان(1) أي طائفتان من جنس الرواية :
الطائفة الاُولى: ما تدلّ على الوقوع ، مثل :
صحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن الظهار؟ فقال: هو من كلّ ذي محرم من أمّ أو أخت أو عمّة أو خالة ، ولا يكون الظهار في يمين ، قال : وسألته كيف الظهار؟ فقال : يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع: أنت عليّ حرام مثل ظهر أمّي، وهو يريد بذلك الظهار(2).
وصحيحة جميل بن درّاج قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر عمّته أو خالته ، قال : هو الظهار ، وسألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ قال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلّقها قبل أن يواقعها أعليه كفّارة؟ قال : لا ، سقطت عنه الكفّارة(3) .
ومرسلة يونس المتقدّمة في شرح المسألة الاُولى المشتملة على قوله: «وكذلك إذا هو قال: كبعض المحارم فقد لزمته الكفّارة» .
وصحيحة سيف التمّار قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كظهر أختي أو عمّتي أو خالتي ، قال: فقال : إنّما ذكر الله الاُمّهات ، وإنّ هذا لحرام(4) . والظاهر أنّ المراد أنّ هذا أيضاً من أفراد الظهار لا أنّه حرام آخر .
الطائفة الثانية : ما تدلّ على عدم الوقوع ، مثل :
صحيحة سيف التمّار المتقدّمة ، بناءً على كون معناها أنّ هذا لحرام ولا يكون

(1) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
(2) الكافي: 6 / 153 ح3 ، الوسائل: 22 / 309 ، كتاب الظهار ب4 ح1 وذيله في ص307 ب2 ح2 .
(3) الكافي: 6/155 ح10، التهذيب: 8/9 ح28، الوسائل: 22/310، كتاب الظهار ب4 ح2 وذيله في ص318 ب10 ح4.
(4) الكافي: 6 / 157 ح18 ، الوسائل: 22 / 310 ، كتاب الظهار ب4 ح3 .

(الصفحة263)



ظهاراً ، لكنّك عرفت أنّ الظاهر غيره ، فلا محيص عن الفتوى على طبق تلك الروايات التي أكثرها صحيحة ، مضافاً إلى ما في الشرائع بعد العبارة المذكورة : أشهرهما الوقوع(1) كما قوّاه الماتن(قدس سره) .
يبقى الكلام في أمرين :
أحدهما : هل الحكم منحصر بالمحارم النسبيّة كما يظهر من المتن ، أو أنّه يشمل المحارم الرضاعية أيضاً؟ قيل بالشمول لقوله (صلى الله عليه وآله): «يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب»(2) ولعموم قوله(عليه السلام): في صحيحة زرارة المتقدّمة: «هو من كلّ ذي محرم» وقيل بالعدم; نظراً إلى أنّ المتبادر من عنوان المحرم عامّاً أو خاصّاً كالاُمّ والاُخت والبنت هي النسبيّة منها ، والتنزيل المزبور في دليل الرضاع إنّما هو في التحريم خاصّة ، لا ما يشمل انعقاد صيغة الظهار ، والمحكيّ عن المسالك في ردّ الأمر الأخير أنّ «من» في دليل التنزيل إمّا تعليليّة مثلها في قوله تعالى : {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}(3) أو بمعنى الباء كقوله تعالى : {يَنْظُرُونَ مِن طَرْف خَفِىٍّ}(4) . والتقدير يحرم لأجل الرضاع أو بسببه ما يحرم لأجل النسب أو بسببه . وكلاهما مفيد للمطلوب; لأنّ التحريم في الظهار بسبب النسب ثابت في الجملة إجماعاً(5) فيثبت بسبب الرضاع كذلك(6) .


(1) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
(2) الوسائل: 20 / 371 ـ 373 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالرضاع ب1 .
(3) سورة نوح: 71 / 25 .
(4) سورة الشورى: 42 / 45 .
(5) الخلاف: 4 / 525 ، المبسوط: 5 / 145 ، نهاية المرام: 2 / 150 .
(6) مسالك الافهام: 9 / 466 ـ 467 .

(الصفحة264)

مسألة 3 : الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل ، فلو قالت المرأة: أنت عليّ كظهر أبي أو أخي لم يؤثّر شيئاً(1) .


وأنت خبير بأنّ ما أفاده أجنبي عن انعقاد صيغة الظهار به ، فالأقوى عدم الوقوع كما ربّما يظهر من المتن على ماعرفت .
ثانيهما : أنّه في المحارم النسبية غير الاُمّ قد عرفت الانعقاد بالتشبيه بالظهر ، وأمّا التشبيه بغيره بأن قال : كأختي أو كرأس أختي ، فقد استشكل فيه في المتن ، لكنّه ذكر المحقق في الشرائع : أنّه لو شبّهها بغير أمّه بما عدا لفظة الظهر لم يقع قطعاً(1) ، وهو إن كان إجماعيّاً كما ربّما يدلّ عليه التعبير بقوله قطعاً ، وإلاّ فللمناقشة فيه مجال ، خصوصاً مع ملاحظة مرسلة يونس المتقدّمة الظاهرة في أنّه لا فرق بين الاُمّ وبين غيرها من جهة التشبيه بالظهر أو بغيره ، خصوصاً بعد كون الظهار معنى متّحداً ، فإنّه إن كان المأخوذ فيه عنوان الظهر فاللاّزم عدم الفرق بين الاُمّ وغيرها ، وإن لم يكن منحصراً بهذا العنوان فاللاّزم أيضاً كذلك ، والتفصيل غير صحيح ، ولكن حيث إنّ الظهار على خلاف القاعدة والأصل ، فاللاّزم الإقتصار على المورد المتيقّن وهو اختصاص غير الاُمّ بالظهر ، فتدبّر جيّداً ، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط .

1 ـ والدليل على عدم التأثير ما عرفت(2) من أنّ الظهار كان طلاقاً في الجاهلية موجباً للحرمة الأبدية ، والإسلام قد غيّر بعض خصوصياته مثل العود إلى الزوجيّة بعد الكفّارة ، مضافاً إلى أنّ ظاهر الآية(3) الاختصاص بالاُمّهات ، إلاّ أنّ

(1) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
(2) في ص257 .
(3) سورة المجادلة: 58 / 2 .

(الصفحة265)

مسألة 4 : يشترط في الظّهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق ، وفي المظاهر البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يقع من الصّبي ولا المجنون ولا المكره ولا الساهي والهازل والسّكران ، ولا مع الغضب سواء كان سالباً للقصد أم لا على الأقوى ، وفي المظاهرة خلوّها عن الحيض والنفاس ، وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق ، وفي اشتراط كونها مدخولا بها قولان ، أصحّهما ذلك(1) .


التعميم لغيرها من المحارم لا يوجب إلحاق الزوج بالزوجة ، بعد أنّه لا مجال للطلاق بالإضافة إلى الزوج من ناحية الزوجة ، فالأقوى ما في المتن .

1 ـ يشترط في الظهار وفي المظاهِر والمظاهرة ما يشترط في الطلاق والمطلّق والمطلّقة من اعتبار حضور عدلين يسمعان إنشاء المنشئ ، واعتبار البلوغ والعقل والاختيار والقصد في المظاهر ، واعتبار الخلوّ عن الحيض والنفاس وكونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق ، والاختلاف إنّما هو في أمرين :
أحدهما : ظاهر المتن بطلان الظهار مع الغضب مطلقاً ، ولو لم يكن سالباً للقصد; ولعلّه لإطلاق رواية حمران ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار ولا في غضب(1) .
وصحيحة ابن أبي نصر ، عن الرّضا(عليه السلام) قال : الظهار لا يقع على الغضب(2) .
وثانيهما : اشتراط كونها مدخولا بها ، فإنّ فيه قولين ، قال المحقّق في الشرائع :

(1) التهذيب: 8 / 10 ح33 ، الاستبصار: 3 / 258 ح923 ، الوسائل: 22 / 315 ، كتاب الظهار ب7 ح2 .
(2) الكافي: 6 / 158 ح25 ، الوسائل: 22 / 315 ، كتاب الظهار ب7 ح1 .

(الصفحة266)

مسألة 5 : الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية ، بل يقع على المتمتّع بها(1) .


وفي اشتراط الدخول تردّد ، والمرويّ اشتراطه(1) . والمراد بالرواية صحيحة ابن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام) قال: في المرأة التي لم يدخل بها زوجها ، قال : لا يقع عليها إيلاء ولا ظهار(2) .
وصحيحة الفضيل بن يسار ، عن الصادق(عليه السلام): في رجل مملك ظاهر من امرأته ، فقال : لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها(3) .
وهذه الروايات تصلح لتخصيص عموم الآية الشامل لغير المدخول بها أيضاً ، وإن ذهب المفيد(4) والمرتضى(5) وسلاّر(6) وابن إدريس(7) وابن زهرة(8) إلى القول بعدم الاشتراط ، نظراً إلى العموم المذكور .

1 ـ في وقوع الظهار على المتمتّع بها خلاف ، الأشهر بل المشهور(9) الوقوع ، كما اختاره المحقّق في الشرائع(10) وتبعه الماتن(قدس سره) ، والمحكي عن الحلّي(11) وظاهر

(1) شرائع الإسلام: 3 / 64 .
(2) التهذيب: 8 / 21 ح65 ، الوسائل: 22 / 316 ، كتاب الظهار ب8 ح2 .
(3) الكافي: 6 / 158 ح21 ، الوسائل: 22 / 316 ، كتاب الظهار ب8 ح1 .
(4) المقنعة: 524 .
(5) لم نجده فيما عندنا من كتبه ، نعم نسبه إليه ابن إدريس في السرائر : 2 / 710 .
(6) المراسم: 162 .
(7) السرائر: 2 / 710 .
(8) الغنية: 367 .
(9) مسالك الافهام: 9/495، الحدائق الناضرة: 25/665، رياض المسالك: 7/449 ، جواهر الكلام: 33 / 124 .
(10) شرائع الإسلام: 3 / 64 .
(11) السرائر: 2 / 709 .

(الصفحة267)

مسألة 6 : الظهار على قسمين مشروط ومطلق ، فالأوّل ما علّق على شيء دون الثاني ، ويجوز التعليق على الوطء بأن يقول: «أنت عليّ كظهر أمّي إن واقعتك»(1) .


الإسكافي(1) والصدوق(2) العدم ، ودليل الوقوع الإطلاق في قوله تعالى : { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم}(3) ولا يعارض الأصل الإطلاق الذي هو دليل لفظي ، كما أنّه لا يعارضه ما ذكر من انتفاء لازم الظهار الذي هو الإلزام بأحد الأمرين: الفئة أو الطلاق المعلوم امتناعه فيها ، وقياس هبة المدّة بالطلاق غير صحيح ، مضافاً إلى أنّ أجل المتمتع بها قد يكون قليلا لا يحتمل الأمر بالصبر إلى المدّة . وأجاب عنه صاحب الجواهر بمنع كون ذلك لازم أصل الظهار ، وإنّما هو حكم ما تعلّق منه بالزوجة التي يمكن ذلك في حقّها(4) .
نعم ، هنا مرسلة إبن فضال ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يكون الظهار إلاّ على مثل موضع الطلاق(5) . وفيها ضعف السند بالإرسال مع عدم الجابر ، وضعف الدلالة; لأنّه يحتمل قويّاً أن يكون المراد المماثلة من جهة الشرائط من الخلوّ عن الحيض ونحوه ، كما لا يخفى .

1 ـ يمكن أن يكون الظهار مطلقاً غير مشروط ، كما أنّه يمكن أن يكون مشروطاً; لتحقّق عنوان الظهار في كلتا الصورتين ، غاية الأمر أنّه لابدّ وأن لا يكون الشرط

(1) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 408 .
(2) الهداية: 274 .
(3) سورة المجادلة: 58 / 2 .
(4) جواهر الكلام: 33 / 125 .
(5) الكافي: 6 / 154 ح5 ، الوسائل: 22 / 307 ، كتاب الظهار 2 ح3 .

(الصفحة268)

مسألة 7 : إن تحقّق الظهار بشرائطه ، فإن كان مطلقاً حرم على المظاهر وطء المظاهرة ، ولا يحلّ له حتى يكفّر ، فإذا كفّر حلّ له وطؤها ولا يلزم كفّارة أخرى بعد وطأها ولو وطئها قبل أن يكفّر فعليه كفّارتان ، والأشبه عدم حرمة سائر الاستمتاعات قبل التكفير ، وإن كان مشروطاً حرم عليه الوطء بعد حصول شرطه ، فلو علّقه على الوطء لم يحرم عليه الوطء المعلّق عليه ، ولا تتعلّق به الكفّارة(1) .


ممتنعاً عقلا كاجتماع النقيضين ، أو عادة كالطيران إلى الهواء ، ولا محالة تكون آثار الظهار مترتّبة على صورة تحقّق الشرط .
نعم ، لو كان الشرط مشيئة الله تعالى فالأمر يشكل من جهة أنّ الظهار أمر محرّم ، وبتعبير الآية(1) يكون منكراً من القول وزوراً ، ومن الواضح امتناع تعلّق مشيئة الله بالأمر المنكر ، إلاّ على قول الجبريّين ، وأمّا على القول بالاختيار فيستحيل ما ذكر ، وكونه تعالى عفوّاً غفوراً كما في الآية إمّا باعتبار جنس المعاصي أو أوّل من ظاهر باعتبار جهله بعد .

1 ـ والأصل في هذا المجال قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(2) والمستفاد من الآية أنّ التلفّظ بصيغة الظهار ولو مع إرادته واجتماع جميع شرائطه ، وإن كان محرّماً ومنكراً من القول وزوراً ، كما في الآية السابقة على هذه الآية ، إلاّ أنّه لا يوجب الكفّارة ، فإنّ الحرمة التكليفية أعمّ من ثبوت الكفّارة ،

(1) سورة المجادلة: 58 / 2 .
(2) سورة المجادلة: 58 / 3 .

(الصفحة269)



بل ثبوتها معلّق على العود لا اللفظي بل العود العملي المتحقق بالوطء ، وعليه فيجب في الوطء التكفير أوّلا بمعنى الوجوب الشرعي الشرطي ، وإذا لم يرد الوطء رأساً ، فلا تجب عليه كفّارة ، فهي أي الكفّارة شرط لزوال الحرمة عن الوطء ، وليست كشرطية الوضوء للصلاة ، بل كشرطية الاستطاعة لوجوب الحج غير المتحقق بدونها ولو بذلا .
ويمكن أن يقال : إنّ المستفاد من الآية الشريفة أنّ الظهار سبب للكفّارة بشرط العود بالمعنى المزبور قبلها ، وتحرير الرقبة أو أحد الأمرين الآخرين قبل التماسّ والوطء ، والأمر سهل كما لايخفى .
وعن العلاّمة في التحرير القول بالاستقرار بإرادة الوطء التي هي العود المعلّق عليه وجوب الكفّارة وإن رجع عنها(1) . ومن الواضح خلافه ، فإنّ قوله تعالى : {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ظاهر في أنّ الكفّارة مقدّمة لحلّية الوطء .
مضافاً إلى ظهور الروايات في مثل ذلك .
ففي رواية الحلبي قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل يظاهر من امرأته ، ثمّ يريد أن يتمّ على طلاقها ، قال : ليس عليه كفّارة ، قلت : إن أراد أن يمسّها؟ قال : لا يمسّها حتى يكفّر ، الحديث(2) .
وصحيحة جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث قال : سألناه عن الظهار متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ قال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلّقها قبل أن يواقعها أعليه كفّارة؟ قال : لا ، سقطت عنه الكفارة(3) . وغير ذلك من

(1) تحرير الاحكام: 2 / 62 .
(2) التهذيب: 8 / 18 ح56 ، الاستبصار: 3 / 265 ح949 ، الوسائل: 22 / 320 ، كتاب الظهار ب10 ح8 .
(3) الكافي: 6 / 155 ح10 ، الوسائل: 22 / 318 ، كتاب الظهار ب10 ح4 .

(الصفحة270)



الروايات الدالة عليه .
ثمّ إنّه لو كفّر قبل الوطء فلا يجب عليه إلاّ كفّارة واحدة ، ولو وطئ قبل الكفّارة فعليه كفّارتان ، وعن جملة من الكتب الفقهيّة القديمة ادّعاء الإجماع عليه(1) . ويدلّ عليه صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، أنّه قال : إذا واقع المرّة الثانية قبل أن يكفّر فعليه كفّارة اُخرى ، ليس في هذا اختلاف(2) .
ورواية الحسن الصيقل ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قلت له: رجل ظاهر من امرأته فلم يفِ (فلم يكفّر ظ) قال : عليه الكفارة من قبل أن يتماسّا ، قلت : فإنّه أتاها قبل أن يكفّر ، قال : بئس ما صنع ، قلت : عليه شيء؟ قال : أساء وظلم ، قلت : فيلزمه شيء؟ قال : رقبة أيضاً(3) .
ورواية الحلبي قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام): عن الرجل يظاهر من امرأته ، ثم يريد أن يتمّ على طلاقها؟ قال : ليس عليه كفّارة ، قلت : إن أراد أن يمسّها؟ قال : لا يمسّها حتى يكفّر ، قلت : فإن فعل فعليه شيء؟ قال : إي والله إنّه لآثم ظالم ، قلت : عليه كفّارة غير الاُولى؟ قال : نعم يعتق أيضاً رقبة(4) .
وغير ذلك من الروايات(5) الدالّة عليه .
ثم إنّ الكفارة الثانية هل تجب بمجرّد الوطء الأوّل بدون كفّارة ، أو تجب عند

(1) الخلاف: 4 / 535 ـ 538 ، المبسوط: 5 / 154 ، الانتصار: 323 ـ 324 ، السرائر: 2 / 712 .
(2) الكافي: 6 / 157 ح17 ، التهذيب: 8 / 18 ح58 ، الاستبصار: 3 / 265 ح951 ، الوسائل: 22 / 328 ، كتاب الظهار ب15 ح1 .
(3) التهذيب: 8 / 18 ح57 و14 ح46 ، الاستبصار: 3 / 262 ح937 و265 ح950 ، الوسائل: 22 / 329 ، كتاب الظهار ب15 ح5 .
(4) التهذيب: 8 / 18 ح56 ، الاستبصار: 3 / 265 ح949 ، الوسائل: 22 / 329 ، كتاب الظهار ب15 ح4 .
(5) الوسائل: 22 / 228 ـ 331، كتاب الظهار ب15.

(الصفحة271)



إرادة الوطء الثاني ، فإذا لم يرد الوطء بعد المرّة الاُولى فلا يجب عليه إلاّ كفّارة واحدة؟ ظاهر المتن وبعض الروايات المتقدمة هو الأول ، ولكن ظاهر بعضها بل أكثرها هو الأخير ، وهو المناسب للآية الشريفة(1) . ويدلّ عليه بعض الروايات الاُخر ، مثل:
صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام): عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرّات؟ قال : يكفّر ثلاث مرّات ، قال : فإن واقع ـ يعني: المظاهر ـ قبل أن يكفّر ؟ قال : يستغفر الله ، ويمسك حتى يكفّر(2) .
ورواية سلمة بن صخر ، المروية في سنن البيهقي(3) الدالّة على أنّه أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله)بكفّارة واحدة مع أنّه واقع بعد الظهار قبل التكفير . والمرسلة المروية في ذلك الكتاب عن النبي (صلى الله عليه وآله) في المظاهر يواقع قبل أن يكفّر قال : كفّارة واحدة(4) .
ومن هنا قال في محكيّ المسالك : ويمكن حمل الأخبار الواردة بتعدّد الكفارة على الاستحباب جمعاً بين الأخبار ، ومع أنّ في تينك الروايتين ـ أي رواية الصيقل والحلبي ـ رائحة الاستحباب; لأنّه لم يصرّح بأنّ عليه كفّارة أخرى إلاّ بعد مراجعات وعدول عن الجواب . . . الخ(5) . ولكن جعله في الجواهر قولا شاذّاً يمكن القطع بفساده ، ولو بملاحظة استقرار الكلمة على خلافه في الأعصار المتقدّمة(6) .


(1) سورة المجادلة: 58 / 3 .
(2) الكافي: 6 / 156 ح14 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 65 ح134 ، الوسائل: 22 / 324 ، كتاب الظهار ب13 ح2 وص328 ب15 ح2 .
(3) سنن البيهقي: 7 / 390 ، سنن ابن ماجة: 1 / 665 ح2062 .
(4) سنن البيهقي: 7 / 387 ، سنن ابن ماجة: 1 / 666 ح2064 .
(5) مسالك الافهام: 9 / 505 ـ 506 .
(6) جواهر الكلام: 33 / 136 .

(الصفحة272)



بقي في المسألة أمران :
أحدهما : أنّه هل يحرم على المظاهر ما دون الوطء؟ كالقبلة والملامسة وسائر الاستمتاعات قبل أن يكفّر ، فالمحكيّ عن الشيخ(1) وجماعة(2) على ما قيل نعم; لأنّه مماسّة لغة ، والأصل عدم النقل والاشتراك ، ولأنّه مقتضى تشبيهها بالاُمّ التي يحرم فيها غير الوطء من الاستمتاع بها ، ولكن قال المحقّق في الشرائع: فيه إشكال ينشأ من اختلاف التفسير(3) أي المماسّة في الآية(4) الشريفة ، مع أنّه لا شبهة في عدم شمول المماسّة ولو بحسب اللغة لمثل النظر; لخلوّه عن المماسّة ، والظاهر أنّ المراد منها في الآية الشريفة هو الجماع والمواقعة ، ولم يقع في شيء من روايات الباب حرمة غيره . والتشبيه بالاُمّ لا دلالة فيه على حرمة غير الوطء ، فمقتضى الأصل عدم الحرمة خصوصاً مثل النظر .
ثانيهما : أنّه إن كان الظهار مطلقاً تتحقّق حرمة الوطء بمجرّده ، وإن كان مشروطاً فالحرمة معلّقة على ذلك الشرط وتحقّقه ، ولو فرض أنّ المعلّق عليه كان هو الوطء لا يحرم عليه هذا الوطء; لعدم تحقّق الظهار قبله ، فلا يترتّب عليه الكفّارة، بل هي تترتّب على الظهار بعد حصول شرطه ، فقبله لا ظهار ، وبه يتحقّق التحريم الموجب للكفّارة ، وهذا واضح ، لكن عن الصدوق(5) والشيخ(6) تجب

(1) المبسوط: 5 / 154 ـ 155 ، الخلاف: 4 / 539 مسألة 22 .
(2) إصباح الشيعة: 458 ، إيضاح الفوائد: 3 / 415 .
(3) شرائع الإسلام: 3 / 66 .
(4) سورة المجادلة: 58 / 3 .
(5) المقنع: 352 ، الهداية: 273 .
(6) النهاية: 525 ، المبسوط: 5 / 154 ، الخلاف: 4 / 535 مسألة 20 .

(الصفحة273)

مسألة 8 : إذا طلّقها رجعيّاً ثم راجعها لم يحلّ له وطؤها حتى يكفّر بخلاف ما إذا تزوّجها بعد انقضاء عدّتها أو كان بائناً ، ولو تزوّجها في العدّة يسقط حكم الظهار(1) .

مسألة 9 : كفّارة الظهار أحد أمور ثلاثة مرتّبة: عتق رقبة ، فإن عجز عنه فصيام شهرين متتابعين ، وإن عجز عنه فإطعام ستّين مسكيناً(2) .


بنفس الوطء نظراً إلى أنّ ابتداءه وإن كان جائزاً لكن الاستمرار وطء ثان ، ولكن قال المحقّق في الشرائع: وهو بعيد(1) . لأنّ الوطء أمر واحد عرفاً ، ولا يكون استمراره غير العادي وطأً ثانياً عرفاً ، والإطلاق محمول على العرف كما لايخفى .

1 ـ إذا طلّق المظاهرة بالطلاق الرجعي ثمّ راجعها ، لا يكون هذا الرجوع زوجيّة جديدة ، بل إدامة للزوجية السابقة ، فلا يحلّ له وطؤها بعد الرجوع حتى يكفّر للظهار الواقع قبل الطلاق ، حتى لو كان الرجوع بنفس الوطء على ما تقدّم في كتاب الطلاق من تحقّق الرجوع بالوطء(2) ، فإنّ المطلّقة الرجعية زوجة والمظاهرة لا يحلّ وطؤها بدون الكفّارة ، وهذا بخلاف ما إذا كان الطلاق بائناً ، وتزوّجها في العدّة أو بعد العدّة ، أو كان الطلاق رجعيّاً وتزوّجها بعد انقضاء العدّة ، فإنّ التزويج الجديد موجب لسقوط حكم الظهار; لأنّه أمر جديد ، ومتعلّقه لا يكون زوجة قبله ، ففرق بين صورتي المسألة كما قرّره الماتن قدّس سرّه الشريف ، فتدبّر جيّداً .

2 ـ الأصل في ذلك قوله تعالى بعد الآية المتقدّمة ، الدالّة على لزوم تحرير رقبة:

(1) شرائع الإسلام: 3 / 65 .
(2) في ص210 ـ 211 .

(الصفحة274)

مسألة 10 : لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض ، وإن لم تصبر

{مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا . . . فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(1) .
ويدلّ عليه أيضاً بعض الروايات ، مثل:
موثّقة أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سمعته يقول : جاء رجلٌ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يارسول الله ظاهرت من امرأتي ، قال : إذهب فاعتق رقبة ، قال : ليس عندي ، قال : إذهب فَصُمْ شهرين متتابعين ، قال : لا أقوى ، قال : إذهب فاطعم ستّين مسكيناً ، الحديث(2) .
ومرسلة محمد بن مسلم ، عن أحدهما(عليهما السلام): في رجل صام شهراً من كفّارة الظهار ، ثمّ وجد نسمة ، قال: يعتقها ، ولا يعتدّ بالصوم(3) .
وغير ذلك من الروايات(4) الواردة في بعض فروع المسألة ، الدالّة على مفروغية أصلها ، لكن في بعض الروايات(5) العطف بـ «أو» الظاهر في التخيير ، ومن الواضح أنّه لا يعارض صراحة الآية المباركة ، فلابدّ من الحمل على إرادة بيان أصل الكفارة ودائرتها مع قطع النظر عن الترتيب والتخيير ، مضافاً إلى عدم كونه معمولا به أصلا ، كما لا يخفى .


(1) سورة المجادلة: 58 / 3 و 4 .
(2) الكافي: 6 / 155 ح9 ، الوسائل: 22 / 362 ، كتاب الإيلاء والكفارات ، أبواب الكفارات ب2 ح1 .
(3) التهذيب: 8 / 17 ح54 ، الاستبصار: 3 / 268 ح958 ، الوسائل: 22 / 366 ، كتاب الإيلاء والكفارات ، أبواب الكفارات ب5 ح2 .
(4) الوسائل: 22 / 303 ـ 306 ، كتاب الظهار ب1 .
(5) الوسائل: 22 ، كتاب الظهار ب14 ح2 وب18 ح1 وب1 ح3 و4 و6 .

(الصفحة275)

رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها ، فإن اختار أحدهما وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، فإن انقضت المدّة ولم يختر أحدهما حبسه وضيّق عليه في المأكل والمشرب حتى يختار أحدهما ، ولا يجبره على أحدهما ولا يطلّق عنه(1) .


1 ـ لو صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض ، كما أنّ الظاهر أنّه لو وطأها من دون كفّارة لا يجوز لها رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي; لأنّ حرمة الوطء إنّما تكون بالإضافة إلى الزوج دون الزوجة المظاهرة ، فهو كالصائم يحرم عليه الجماع ، وربما لا يكون حراماً عليها; لعدم كونها صائمة ، إلاّ على فرض صدق الإعانة على الإثم من ذلك الباب ، لا من باب حرمة الوطء بعنوانه .
وكيف كان ، فإن لم تصبر على ترك الوطء ، ورفعت أمرها إلى الحاكم فهو يحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها ، فإن اختار أحدهما ، وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة إلى آخر ما ذكر في المتن ، وظاهرهم الاتفاق على ذلك .
نعم ، ورد في هذا المجال موثّقة أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام): عن رجل ظاهر من امرأته ، قال : إن أتاها فعليه عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، وإلاّ ترك ثلاثة أشهر فإن فاء ، وإلاّ أوقف حتى يسأل: لك حاجة في امرأتك أو تطلقها؟ فإن فاء فليس عليه شيء ، وهي امرأته ، وإن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها(1) .
وقال في محكي المسالك بعد نقل الرواية : «وفي طريق الرواية ضعف ، وفي الحكم

(1) التهذيب: 8/6 ح11 و24 ح80، الاستبصار: 3 / 255 ح914 ، الوسائل: 22 / 337 ، كتاب الظهار ب18 ح1 .

(الصفحة276)



على إطلاقه إشكال; لشموله ما إذا رافعته عقيب الظهار بغير فصل بحيث لا يفوت الواجب لها من الوطء بعد مضيّ المدة المضروبة ، فإنّ الواجب وطؤها في كلّ أربعة أشهر مرّة ، وغيره من الحقوق لا يفوت بالظهار ـ إلى أن قال: ـ وفي الرواية أمورٌ أُخر منافية للقواعد»(1) .
أقول : الظاهر أنّ الرواية موثّقة وهي حُجّة كما بيّن في محلّه ، وعلى تقدير الضعف فاستناد المشهور إليها جابر له كما قرّر في محلّه أيضاً .
وفي كشف اللثام لعلّ المراد بالفئة الندم والتزام الكفّارة ثمّ الوطء; ليستشكل بأنّها ليس لها المطالبة بالوطء إلاّ في كلّ أربعة أشهر ، وربما رفعت أمرها بعد الظهار بلا فصل(2) .
هذا ، مع أنّ المهم هو الإنظار ثلاثة أشهر من حين المرافعة ، ويدلّ عليه الرواية(3) والحبس والتضيق عليه في المطعم والمشرب ، ومن الواضح أنّه لا طريق لتخلّص المرأة غير هذا الطريق ، خصوصاً مع اشتمال بعض أخبار الإيلاء عليه ، وخصوصاً مع عدم جواز إجبار الحاكم على أحدهما المعيّن ، بل على نحو التخيير كما في المتن .


(1) مسالك الافهام: 9 / 536 ـ 537 .
(2) كشف اللثام: 2 / 164 .
(3) الوسائل: 22 / 353 ـ 355، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب11.

(الصفحة277)



كتاب


الإيـلاء



(الصفحة278)








(الصفحة279)






كتاب الإيلاء

وهو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة المدخول بها أبداً أو مدّة تزيد على أربعة أشهر للإضرار بها ، فلا يتحقّق بغير القيود المذكورة وإن انعقد اليمين مع فقدها ، ويترتّب عليه آثاره إذا اجتمع شروطه(1) .


1 ـ وهو لغةً : الحلف من آلوت أي قصرت ، يقال : آلى يولي إيلاء ، والاسم الأليّة والألوة والجمع الأيا ، مثل: عطيّة وعطايا ، وكذا يقال : أئتلى يأتلي ائتلاءً ، ومنه قوله تعالى : {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ}(1) .
وشرعاً هو المعنى المذكور في المتن ، وقد كان طلاقاً في الجاهلية كالظهار ، فغيّر الشارع حكمه وجعل له أحكاماً ، والأصل فيه قوله تعالى : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُر فَإِن فَاءُو فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(2) .


(1) سورة النور: 24 / 22 .
(2) سورة البقرة: 2 / 226 ـ 227 .

(الصفحة280)

مسألة 1 : لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين إلاّ باسم الله تعالى المختصّ به أو الغالب إطلاقه عليه ، ولا يعتبر فيه العربية ، ولا اللفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع في القبل ، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ له ظهور فيه ، فيكفي قوله: «لا أطأك» أو «لا أجامعك» أو «لا أمسّك» ، بل وقوله: «لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدّة» إذا قصد به ترك الجماع(1) .


وكيف كان ، فإن كان الحلف المزبور مع القيود المذكورة والخصوصيات المزبورة فهو الإيلاء ، الذي يترتّب عليه أحكام خاصة وستجيء إن شاء الله ، وإن لم يكن فينعقد يميناً مع وجود شرطه ، ويترتّب عليه أحكامه لا أحكام الإيلاء . وقد يورد عليه بأنّ انعقاده يميناً يتوقّف على القصد; لأنّه قصد به الإيلاء «فما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع» ولكنّه مدفوع بأنّ الإيلاء نوع من اليمين لا أنّه مغاير له ، والفرق بينهما إنّما هو في الخصوصيات المعتبرة في الإيلاء; وعمدتها إمكان تعلّقه بالمباح الذي يتساوى طرفاه بل المرجوح ، فضلا عن أولويّة المتعلّق دون مطلق اليمين واشتراكهما في أصل الايقاعية وعدم ثبوت العبادية ، مضافاً إلى أنّه قد ذكره غير واحد من الأصحاب(1) بل أرسلوه إرسال المسلّمات ، وأيضاً قد اكتفى الأصحاب فيه بكلّ لسان مع اشتراط العربيّة للقادر في غيره من العقود والإيقاعات ، وهذا أيضاً دليل على أنّ الشارع لم يتصرّف في حقيقة الإيلاء وماهيّته ، بل غيّر بعض أحكامه على ما سيأتي في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى .

1 ـ حيث إنّ الإيلاء قسم من الحلف واليمين فلا ينعقد كمطلقه إلاّ باسم الله تعالى

(1) الروضة البهية: 6 / 147 ، رياض المسائل: 7 / 466 ، جواهر الكلام: 33 / 297 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>