قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
(الصفحة121)
يرض القاتل بالدية أو كان فقيراً يؤخّر القصاص إلى وقت الأداء والميسرة 1.
مسألة 2 ـ يقتصّ للرجل من المرأة في الأطراف ، وكذا يقتصّ للمرأة من الرجل فيها من غير ردّ ، وتتساوى ديتهما في الأطراف ما لم يبلغ جراحة المرأة ثلث دية الحر فإذا بلغته ترجع إلى النصف من الرجل فيهما ، فحينئذ لا يقتصّ من الرجل لها إلاّ مع ردّ التفاوت2.
1 ـ وعن القواعد : الأقرب أنّ له (أي للوليّ الممتنع أو الفقير) المطالبة بدية الحرّة ، [وإن لم يرض القاتل] ، إذ لا سبيل إلى طلّ الدّم(1) .
وأورد عليه في الجواهر بأنّ الأصل فيها القود ، والدّية إنّما تثبت صلحاً موقوفاً على التراضي ، فمع عدم رضا القاتل تقف مطالبته بالقصاص على بذل الولي الزائد ، وامتناعه عن ذلك لا يوجب الدية ، بل وكذا فقره ، بل أقصاه التأخير إلى وقت الميسرة ، وليس مثل ذلك طلاًّ ، كما هو واضح(2) .
2 ـ لا خلاف ولا إشكال في أنّه يقتصّ للرّجل من المرأة في الأطراف ، كما يقتصّ له منها في النفس ، من دون رجوع من الرجل إلى زائد عن الجرح ، كما أنّه يقتصّ للمرأة من الرجل في الأطراف من غير ردّ التفاوت فيما إذا كانت ديتهما متساوية فيها ، وهو ما لم يبلغ جراحة المرأة ثلث دية الحرّ ، كما في قطع إصبع واحدة أو إصبعين أو ثلاث أصابع منها ، فإنّه يتحقّق القصاص حينئذ من غير ردّ شيء ، وهذا بخلاف ما إذا قطع أربع أصابع مثلاً منها ، فإنّه لا يقتصّ لها منه إلاّ بعد ردّ
(1) قواعد الأحكام: 2 / 284 .
(2) جواهر الكلام: 42 / 82 .
(الصفحة122)
التفاوت ، لرجوع الدية إلى النصف بعد البلوغ إلى الثلث .
ويدلّ عليه روايات صحيحة مستفيضة:
منها: صحيحة أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما تقول في رجل قطع إصبعاً من أصابع المرأة ، كم فيها؟ قال: عشرة من الإبل ، قلت: قطع اثنتين؟ قال: عشرون ، قلت: قطع ثلاثاً؟ قال: ثلاثون ، قلت: قطع أربعاً؟ قال: عشرون . قلت: سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعاً فيكون عليه عشرون؟! إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممَّن قاله ونقول : الذي جاء به شيطان! فقال: مهلاً يا أبان هذا حكم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، إنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست محق الدين(1) . رواها المشايخ الثلاثة .
وبالجملة: لا إشكال في أصل الحكم ، إنّما الإشكال في أنّ الرجوع إلى النصف هل يكون مترتّباً على عنوان البلوغ إلى الثلث من غير اعتبار التعدّي والتجاوز عنه ، أو يكون مترتّباً على عنوان التجاوز ، بحيث لا يكفي مجرّد البلوغ من دون تحقّق التجاوز ؟ والشهرة على الأوّل(2) ، ونسب خلافها إلى الشيخ (قدس سره) في النهاية ، حيث قال: «وتتساوى جراحهما ما لم تتجاوز ثلث الدية ، فإذا بلغ ثلث الدية نقصت المرأة ويزيد الرجل»(3) . وأنت خبير بأنّ الذيل يمنع عن ظهور ما قبله في اعتبار التجاوز في مقابل البلوغ ، ولعلّه لذا احتمل في الجواهر أن يكون التعبير بالمجاوزة فيها إنّما وقع مسامحة ، أو نظراً إلى كون البلوغ إلى الثلث من دون زيادة
(1) وسائل الشيعة: 19 / 268 ، أبواب ديات الأعضاء ب 44 ح1 .
(2) رياض المسائل: 10 / 258 .
(3) النهاية: 773 ، وكذا خالف ابن إدريس في السرائر: 3 / 403 ، والعلاّمة في ارشاد الأذهان: 2 /206 .
(الصفحة123)
ولا نقيصة من الأفراد النادرة غاية الندرة(1) .
وكيف كان فيدلّ على أنّ المناط هو البلوغ ـ مضافاً إلى صحيحة أبان المذكورة ـ صحيحة جميل بن دراج قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص؟ قال: نعم في الجراحات حتى يبلغ الثلث سواء ، فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة(2) .
والجواب قرينة على أنّ محطّ النظر في السؤال إنّما هو في قصاص الطرف دون النفس ، كما أنّه شاهد أيضاً على أنّ المراد من القصاص المذكور فيه هو القصاص من غير ردّ ، وإلاّ ففي أصل القصاص لا فرق بين صورتي البلوغ وعدمه ، كما لايخفى .
ورواية أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الجراحات؟ فقال: جراحة المرأة مثل جراحة الرجل حتّى تبلغ ثلث الدية ، فإذا بلغت ثلث الدّية سواء أضعفت جراحة الرجل ضعفين على جراحة المرأة ، وسنّ الرجل وسنّ المرأة سواء(3) .
وأمّا ما ظاهره التعليق على التجاوز فهي موثقة ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قطع إصبع امرأة؟ قال: تقطع إصبعه حتّى إلى ثلث المرأة ، فإذا جاز الثلث أُضعف الرجل(4) .
وصحيحة الحلبي قال: سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن جراحات الرجال والنساء في
(1) جواهر الكلام : 42 / 88 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 122 ، أبواب قصاص الطرف ب 1 ح3 .
(3) وسائل الشيعة: 19 / 122 ، أبواب قصاص الطرف ب 1 ح2 .
(4) وسائل الشيعة: 19 / 123 ، أبواب قصاص الطرف ب 1 ح4 .
(الصفحة124)
الدياتوالقصاص سواء؟ فقال:الرجال والنساءفي القصاص، السنّ بالسِّن، والشّجة بالشَّجة والإصبع بالإصبع سواء حتّى تبلغ الجراحات ثلث الدية ، فإذا جازت الثلث صيرت دية الرجال في الجراحات ثلثي الدّية ، ودية النساء ثلث الدية(1) .
وفي محكيّ كشف اللِّثام بعد الحكم بأنّ أخبار الأوّل أكثر وأصحّ ، قال: ولكن ربما يمكن فهم التجاوز من نحو قوله (عليه السلام) : «فإذا بلغت الثلث سواء ارتفع الرجل» فإنّ مثل هذه العبارة ليست بعزيزة في إرادة المجاوزة ، ولعلّه للإشارة إليه وقع ما سمعته من عبارة النهاية(2) .
ويؤيّده الجمع بين التعبيرين في روايتي التجاوز المتقدّمتين .
وذكر صاحب الجواهر ـ بعد الإيراد عليه بمنع تعارف التعبير عن المجاوزة بالبلوغ ـ : إنّ الترجيح مع نصوص الأوّل ، لأنّ النصوص المعارضة غير واضحة الدلالة إلاّ من حيث مفهوم اشتراط الجواز في الذيل ، وهو معارض بمفهوم الغاية في الصدر ، والجمع بينهما كما يمكن بصرف مفهوم الغاية إلى الشرط كذا يمكن بالعكس ، فلا يمكن الاستدلال بها(3) .
ويؤيّده أنّه على هذا التقدير تصلح نصوص الأوّل للترجيح وبيان الجمع ورفع الإجمال ، كما لايخفى .
ويرد عليه أنّ مقتضى التحقيق كما قرّرنا في الأصول عدم ثبوت المفهوم بوجه لشيء من القضايا ، فلا مجال لدعوى التعارض بين المفهومين .
والظاهر أنّه لا تعارض بين الطائفتين من الروايات في المقام ، وذلك إنّما هو
(1) وسائل الشيعة: 19 / 123 ، أبواب قصاص الطرف ب 1 ح6 .
(2) كشف اللثام: 2 / 446 .
(3) جواهر الكلام : 42 / 87 ـ 88 .
(الصفحة125)
للتعبير بالبلوغ والإنتهاء في الطائفة الثانية أيضاً ، غاية الأمر تفريع عنوان التجاوز عليه بكلمة الفاء التفريعية ، ولا مانع من الالتزام بأنّه إنّما هو تفريع على بعض مصاديق الضابطة المذكورة قبله التي علّق فيها الحكم على البلوغ ، ولا دليل على كون التفريع إنّما هو تفريعاً على كلّ الضابطة الشاملة لجميع المصاديق ، وهذا النحو من التعبير شائع متعارف ، وله مصاديق كثيرة في الكتاب والسنّة ، وهذا بخلاف التفريع في الطائفة الأولى ، فإنّه إنّما يكون تفريعاً على مجموع الضابطة ، وإلاّ فلا مجال للجمع بين التعبيرين في كلام واحد أصلاً .
ثمّ إنّه لو فرض التعارض وعدم إمكان الجمع بوجه يكون الترجيح مع الأولى أيضاً ، لموافقتها للشهرة المحقّقة(1) ، بل قد عرفت(2) أنّ كلام الشيخ في النهاية أيضاً لايكون صريحاً في الخلاف ، فلا محيص عمّا هو المشهور كما في المتن .
ثم إنّ الظاهر أنّ الرجوع إلى النصف مع بلوغ الثلث إنّما هو فيما إذا كان قطع أربع أصابع المرأة بضربة واحدة بحيث كان في البين جناية واحدة ، وأمّا لو كان بضربات متعدّدة موجبة لتعدّد الجناية بحيث كان لكلّ جناية قصاص مستقلاًّ ، كما إذا قطع إصبعين منها مرّة وإصبعين اُخريين بعد شهر مثلاً ، فلا إشكال في جواز قطع الأربع بعنوان القصاص من غير ردّ شيء ، لتساويها مع الرجل في كلتا الجنايتين ، ولا مجال لسقوط حكم الاُولى بلحوق الثانية ، ولا يشمله الروايات الدالّة على الرجوع إلى النصف مع بلوغ الثلث ، وقد مرّ ما هو المناط في وحدة الجناية وتعدّدها في بعض المسائل المتقدّمة(3) .
(1 ، 2) تقدّم في ص122 .
(3) تقدّم في ص91 ـ 92 .
(الصفحة126)
وها هنا فروع:
الأوّل: لو اختارت المرأة فيما إذا قطع الرجل أربع أصابعها القصاص في إصبعين من الرجل من دون ردّ شيء هل يجوز لها ذلك أم لا؟
ربّما يقال : بالجواز نظراً إلى تحقّق العمل بمقتضى التفاوت بينهما ، وهو الرجوع إلى النصف بعد بلوغ الثلث ، وبعبارة أخرى مجموع أصابع المرأة الأربعة يساوي عشرين من الإبل بمقتضى النصّ والفتوى ، وإصبعان من الرجل يساوي هذا المقدار ، فلا مانع من قصاصهما في مقابل الأربعة . وإن شئت قلت: إنّه كان يجوز لها قطع إصبعين منه مع قطعه خصوص الإصبعين منها ، فمع قطع الأربع يجوز لها ذلك أيضاً ، لأنّ شدّة الجناية وكثرتها لا يكون مانعة بوجه .
ولكنّ الظاهر خلاف ذلك ، لأنّ مقتضى ما ذكر من لزوم ردّ عشرين من الإبل فيما إذا اختارت القصاص في الأربع منه أنّه يجوز لها في كلّ إصبع القصاص بشرط أداء خمسة من الإبل ، بمعنى ثبوت حقّ القصاص لها في النصف المشاع من كلّ إصبع ، ولزوم ردّ قيمة النصف الآخر . وعليه فتبديل حقّ القصاص في الإصبعين الآخرتين بالإصبعين الأوّلتين بحيث لم يجب عليها ردّ شيء يحتاج إلى دليل يدلّ على ذلك ، ولا يستفاد من النصوص المتقدّمة مشروعيّته .
وبالجملة: فغاية ما يستفاد من النصّ مشروعية قصاص الجميع مع ردّ خمسة من الإبل في مقابل النّصف المشاع من كل إصبع ، وأمّا مشروعية قصاص البعض مكان الردّ فلم يدلّ عليها النصّ بوجه .
الثاني: لو اختارت القصاص في ثلاث والعفو عن الرابعة فهل يجوز لها ذلك أم لا؟ الظاهر العدم ، لأنّ وقوع الثلاث في مقابل الثلاث إنّما هو فيما إذا لم تتجاوز الجناية عن الثلاث ، وأمّا مع التجاوز المقتضي للرجوع إلى النصف فلا مجال لهذه
(الصفحة127)
الثاني : التساوي في الدين ، فلا يقتل مسلم بكافر مع عدم اعتياده قتل الكفّار1.
مسألة 1 ـ لا فرق بين أصناف الكفّار من الذمّي والحربي والمستأمن وغيره ، ولو كان الكافر محرَّم القتل كالذمّي والمعاهد يعزَّر لقتله ويغرم المسلم دية الذمّي لهم2.
مسألة 2 ـ لو اعتاد المسلم قتل أهل الذمة جاز الاقتصاص منه بعد ردّ فاضل ديته .وقيل إنّ ذلك حدّ لا قصاص ، وهو ضعيف3.
المقابلة ، بل مقتضى ما ذكرنا أنّ لها حقّ القصاص في النصف المشاع من كلّ إصبع ، ويلزم عليها ردّ دية النصف الآخر ، وعليه فليس لها القصاص في الثلاث فضلاً عن الأربع الذي هو مقتضى العفو .
الثالث: في الفرض المزبور لو ردّت الدية بدلاً عن العفو المذكور فالظّاهر الجواز ، لأنّه إذا كان لها حقّ القصاص في الأربع مع ردّ التفاوت فلها هذا الحقّ مع ردّ التفاوت هنا أيضاً لعدم الفرق ، لو لم نقل بأولوية المقام ، غاية الأمر أنّ مقتضى ما ذكرنا من لزوم ردّ خمسة من الإبل في مقابل كلّ إصبع لزوم ردّ خمسة عشر من الإبل في هذا الفرض ، لاختيار القصاص في ثلاث فيقع في مقابلها هذا المقدار ، والإصبع الباقية وإن كانت تساوي عشرة من الإبل إلاّ أنّ عدم استفادة حقّ القصاص منها لا يوجب الانتقال إلى العشرة مع كون المقطوع قصاصاً ثلاثاً ، فالظاهر أنّ الردّ الواجب عليها في هذا الفرض هو ردّ خمسة عشر من الإبل ، فتدبّر .
1 و 2 و 3 ـ يقع الكلام في أصل هذا الشرط وفي المسألتين في مقامات:
(الصفحة128)
المقام الأوّل: في أصل اعتبار التساوي في الدين ، بمعنى عدم قتل المسلم بالكافر لا بنحو الإطلاق ، كما أنّه سيأتي جواز قتل اليهودي بالنصراني وبالعكس ، ونفى وجدان خلاف معتدّ به بين الإمامية فيه في الجواهر بل الإجماع بقسميه عليه(1) ، والمحكيّ عن مقنع الصدوق أنّه سوّى بين المسلم والذمّي في أنّ الوليّ إن شاء اقتصّ من قاتله المسلم بعد ردّ فاضل الدية ، وإن شاء أخذ الدية(2) ، كما أنّ المحكيّ عن أبي يوسف من العامة الحكم بجواز قتل المسلم بالكافر(3). وقد قال فيه الشاعر مثل قوله:
جار على الدين أبو يوسف |
بقتله المسلم بالكافر(4) |
وربّما يستدلّ لذلك بقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ للكافِرِينَ عَلى الْمُؤْمِنينَ سَبِيلاً}(5) نظراً إلى دلالته على نفي السبيل لوليّ الكافر المقتول إن كان مثله كافراً ، والقصاص سبيل بل أيّ سبيل ، ويتمّ بالنسبة إلى الوليّ المسلم بعدم القول بالفصل .
وأمّا الروايات ، فالتتبع فيها يقضي بأنّها على طوائف ثلاث:
الأولى: ما تدلّ على أنّه لا يقاد مسلم بذمّي مطلقاً ، من دون تفصيل بين صورة الاعتياد وعدمه .
مثل : صحيحة محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا يقاد مسلم بذمّي في القتل ولا في الجراحات ، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمّي على قدر دية
(1) جواهر الكلام: 42 / 150 .
(2) المقنع: 534 .
(3) ذهب أبو حنيفة وأصحابه منهم : أبو يوسف إلى أنّ المسلم يقتل بالذمّي ، وزاد أبو يوسف أنّه يقتل بالمستأمن أيضاً . الخلاف: 5 / 146 مسألة 2 ، المبسوط للسرخسي: 26 / 131 ، المغني لابن قدامة: 9/341 ـ 342 .
(4) راجع جواهر الكلام: 42 / 150 .
(5) النساء 4: 141 .
(الصفحة129)
الذمّي ثمانمائة درهم(1) .
الثانية: ما تدلّ بظاهرها على ثبوت القود مطلقاً .
مثل : رواية ابن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا قتل المسلم يهوديّاً أو نصرانياً أو مجوسياً فأرادوا أن يقيدوا ، ردّوا فضل دية المسلم وأقادوه(2) .
وموثقة سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل قتل رجلاً من أهل الذمّة ، فقال: هذا حديث شديد لايحتمله الناس، ولكن يعطي الذمّي دية المسلم ، ثم يقتل به المسلم(3).
ورواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا قتل المسلم النصراني فأراد أهل النصراني أن يقتلوه قتلوه ، وأدّوا فضل ما بين الديتين(4) .
وروايته الأخرى قال: سألته عن ذمّي قطع يد مسلم قال: تقطع يده إن شاء أولياؤه ويأخذون فضل ما بين الديتين ، وإن قطع المسلم يد المعاهد خيّر أولياء المعاهد ، فإن شاؤوا أخذوا دية يده ، وإن شاؤوا قطعوا يد المسلم وأدّوا إليه فضل ما بين الديتين ، وإذا قتله المسلم صنع كذلك(5) .
الثالثة: ما تدلّ على التفصيل في القصاص بين صورة الاعتياد وعدمه .
مثل ما رواه جعفر بن بشير ، عن إسماعيل بن الفضل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت له: رجل قتل رجلاً من أهل الذمّة ، قال: لا يقتل به إلاّ أن يكون متعوِّداً للقتل.
(1) وسائل الشيعة: 19 / 80 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح5 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 79 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح2 .
(3) وسائل الشيعة: 19 / 79 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح3 .
(4) وسائل الشيعة: 19 / 80 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح4 .
(5) وسائل الشيعة: 19 / 138 ، أبواب قصاص الطرف ب 22 ح1 .
(الصفحة130)
وروى مثله محمّد بن الفضل (الفضيل ـ ظ) ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (1) . وعليه فيتحقّق التعدّد في الرواية لاختلاف الراوي والمرويّ عنه فيهما .
وما رواه أحمد بن الحسن ، عن أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المسلم هل يقتل بأهل الذمّة؟ قال: لا إلاّ أن يكون معوّداً لقتلهم ، فيقتل وهو صاغر(2) . والظاهر اتحادها مع الرواية الأولى وعدم كونها رواية أُخرى غيرها ، لاتّحاد الرّاوي والمرويّ عنه فيهما .
وما رواه علي بن الحكم وغيره ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شيء إذا غشّوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم؟ قال: لا إلاّ أن يكون متعوّداً لقتلهم . قال: وسألته عن المسلم هل يقتل بأهل الذمّة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال: لا إلاّ أن يكون معتاداً لذلك ، لا يدع قتلهم ، فيقتل وهو صاغر(3) . والظاهر اتّحادها مع الأوليين وعدم كونها ثلاث روايات كما في الوسائل والجواهر .
ثمَّ الظاهر وجود الاضطراب في متن هذه الرواية ; لأنّه مضافاً إلى ظهوره في كون السؤالين متصلين ، ووقوع الثاني عقيب الجواب عن السؤال الأوّل بلا فصل ،مع أنّه ليس أمراً مغايراً للأوّل خصوصاً مع اتّحاد الجواب في كليهما ، لظهور الأوّل أيضاً في ثبوت القتل في صورة الاعتياد .
ودعوى كون محطّ السؤال في الأوّل هو أهل الذمّة مع إخلالهم بشرائط الذمّة كما هو مفاد قوله: «إذا غشّوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم» ، وفي الثاني هم مع
(1) وسائل الشيعة: 19 / 80 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح7 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 80 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح6 .
(3) وسائل الشيعة: 19 / 79 ، أبواب القصاص في النفس ب 47 ح1 .
(الصفحة131)
العمل بشرائطها مدفوعة بأنّ عطف أهل الكتاب على أهل الذمّة في الثاني ينافي ذلك ، كما أنّه عليه كان اللاّزم التصريح بالعمل بشرائط الذمّة ، كما أنّه وقع في الأوّل التصريح بخلافه إنّ احتمال وجود شيء وثبوته على المقتولين من المجوس واليهود والنصارى ممّا لا مجال له ، واحتمال ثبوته عليهم بلحاظ الإخلال بشرائط الذمّة لا يرتبط بثبوته عليهم بلحاظ كونهم مقتولين ، كما يدلّ عليه قوله: «عن دماء المجوس» ، وكما يدلّ عليه قوله: «وعلى من قتلهم شيء» ، فالظاهر حينئذ وجود الإضطراب في الرواية .
ثمّ إنّ مقتضى الجمع بين الطوائف الثلاث جعل الطائفة الثالثة شاهدة للجمع بين الأوّلتين ، والحكم بثبوت التفصيل بين صورة الاعتياد وعدمه ، ومع وجود الجمع الدلالي بهذه الكيفية لا يبقى مجال لمثل الحمل على التقية .
المقام الثاني: في أنّ القتل في صورة الاعتياد هل يكون بعنوان القصاص؟ كما هو المحكيّ عن المرتضى(1) والشيخين(2) وابني حمزة(3) وسعيد(4) وسلار(5) والشهيدين(6) ، أو بعنوان الحدّ ، بمعنى ثبوت التعزير قبل الاعتياد ، والحدّ بعده ، كما عن أبي علي(7) والتقي(8) ، بل عن
(1) الإنتصار: 542 مسألة 302 .
(2) المقنعة: 739 ، النهاية: 749 .
(3) الوسيلة: 433 .
(4) الجامع للشرائع: 572 .
(5) المراسم العلوية: 238 .
(6) اللمعة الدمشقية: 176 ، الروضة البهية: 10 / 57 ـ 58 .
(7) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9 / 335 مسألة 32 .
(8) الكافي في الفقه: 384 .
(الصفحة132)
المختلف(1) وظاهر الغنية(2) ، أو بعنوان عقوبة المخالفة مع الإمام كما عن الفقيه(3) .
وتظهر الثمرة بين الأولين في الخصوصيات الموجودة في القصاص من السقوط بالعوف ، وعدم الاستيفاء إلاّ بعد مطالبة الوليّ ، ولزوم ردّ الفضل بين الديتين . فعلى الأوّل تثبت هذه الخصوصيات دون الثاني . نعم حكي عن المحقّق الثاني في الحاشية(4) والروضة(5) احتمال لزوم ردّ الفضل مع كون القتل حدّاً ، ولكنّه غير ظاهر الوجه .
والظاهر إنّ جميع الروايات المتقدّمة ما عدا رواية سماعة ـ التي سيأتي البحث فيها ـ ظاهرة في القصاص باعتبار التعبير بمثل قوله: «المسلم هل يقتل بأهل الذمّة» الظاهر في كون قتله بإزاء المقتول وبعوضه ، وواقعاً في مقابله ، وبعبارة أُخرى ظاهر الباء كونها بمعنى المقابلة لا السببيّة ، والمقابلة متحقّقة في القصاص فقط ، أو باعتبار التعبير بالقود الذي هو بمعنى القصاص ، أو باعتبار الحكم بلزوم ردّ فضل دية المسلم ، أو باعتبار تعليق جواز القتل على إرادة أولياء المقتول وأهله ، الذي قد عرفت أنّه من خصوصيات القصاص .
وبالجملة: لا مجال للترديد في أنّ ظاهر الروايات هو ما عليه المشهور .
وأمّا رواية سماعة ، فظاهرها هو كون القتل بعنوان الحدّ ، للحكم فيها بلزوم الإعطاء إلى الذمّي ـ أي وليّه ـ دية المسلم التي هي دية كاملة . وفي الحقيقة يكون
(1) مختلف الشيعة: 9 / 335 .
(2) غنية النزوع: 407 .
(3) الفقيه: 4 / 102 .
(4) حكى عنه في جواهر الكلام: 42 / 155 .
(5) الروضة البهية: 10 / 57 .
(الصفحة133)
الواقع في مقابل المقتول هي دية المسلم ، وعليه فيكون القتل بعده ظاهراً في كونه بعنوان الحدّ الذي يكون مرتبطاً بالحاكم ، ولعلّ ثبوت الدية الكاملة والقتل معاً هو المراد من الحديث الشديد الذي لا يحتمله النّاس .
وهنا رواية أُخرى لسماعة استدلّ بها صاحب الجواهر(1) على هذا القول ، لا بمعنى تعيّن القتل ، بل بمعنى إيكال أمر ذلك إلى الإمام (عليه السلام) . حيث قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن مسلم قتل ذمّياً ؟ فقال: هذا شيء شديد لا يحتمله الناس ، فليعط أهله دية المسلم حتّى ينكل عن قتل أهل السّواد وعن قتل الذمّي . ثم قال: لو أنّ مسلماً غضب على ذمّي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدّي إلى أهله ثمانمائة درهم إذن يكثر القتل في الذمّيين ، ومن قتل ذمّياً ظلماً فإنّه ليحرم على المسلم أن يقتل ذمّياً حراماً ما آمن بالجزية وأدّاها ولم يجحدها(2) .
ولكنّ الظاهر اتّحادها مع الرواية الأولى وعدم كونها رواية أُخرى غيرها ، وعليه فيتردّد الأمر بين أن يكون الصادر من الإمام (عليه السلام) هو ما يطابق الأولى أو ما يطابق الثانية ، فلا مجال حينئذ للاتكاء على عنوان «التنكيل» الذي لا يقبل الحمل على غيره من القصاص ونحوه . وهذا بخلاف عنوان القتل المذكور في الأولى ، فإنّه يقبل الحمل على عنوان القصاص بقرينة الروايات المتكثرة المتقدّمة الظاهرة بل الصريحة في القصاص ، وإن لم يكن مجال لهذا الحمل مع قطع النظر عنها .
وأمّا الحكم بلزوم الإعطاء إلى وليّ المقتول دية المسلم فلا ينافي حمل القتل المذكور بعده على القصاص بعد إمكان الحمل على الاستحباب .
(1) جواهر الكلام: 42 / 154 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 163 ، أبواب ديات النفس ب 14 ح1 .
(الصفحة134)
وبالجملة: لا تنهض هذه الرواية في مقابل الرّوايات المتقدّمة بعد إمكان حملها عليها ، وعدم إمكان العكس . نعم يبقى على هذا القول استلزامه للتخصيص في عموم آية نفي السبيل باعتبار ثبوت السبيل لوليّ الكافر إذا كان كافراً في صورة الاعتياد ; لثبوت حقّ القصاص له وهو سبيل على هذا القول ، مع أنّه آب عن التخصيص ، وإن التزم به صاحب الجواهر(1) .
ويمكن الالتزام في هذه الصورة بلزوم أن يكون الاستيفاء من ناحية الحاكم ، وإن كان متوقّفاً على مطالبة الكافر ، وعليه فلا يتحقّق السبيل بوجه .
المقام الثّالث: في اختصاص مورد الحكم بثبوت القصاص في صورة الاعتياد بخصوص أهل الذمّة ، والدليل عليه ظهور الرّوايات المتقدّمة في ذلك باعتبار ذكر أهل الذمّة بالخصوص ، كما في أكثر تلك الروايات ، أو باعتبار الحكم بلزوم ردّ الفضل ، مع أنّه لا دية لغير الذمّي من الكفار بوجه . وعطف «أهل الكتاب» على «أهل الذمة» في ذيل إحدى روايات إسماعيل بن الفضل المتقدّمة لا ينافي ذلك ، بعدما عرفت من اتّحادها وعدم تعدّدها ، وعليه فلم يثبت هذا العطف بوجه ، فالظاهر الاختصاص حينئذ .
والظاهر أيضاً تحقّق الاعتياد بالمرّة الثالثة ; لعدم تحقّقها قبلها عند العرف ، وثبوت العادة في الحيض بالمرّتين لا يلازم الثبوت في مثل المقام . كما أنّ الظاهر أنّ ثبوت القصاص مع تحقّق الاعتياد إنّما هو بالإضافة إلى القتل الموجب لتحقّقه ، فالمطالِب هو وليّ المقتول الثالث فقط . وأمّا الأوّلان فهما وإن كانا دخيلين في تحقّق الاعتياد إلاّ أنّه لا قصاص فيهما ، لعدم ثبوته معهما .
(1) جواهر الكلام: 42 / 154 .
(الصفحة135)
مسألة 3 ـ يقتل الذّمّي بالذّمّي وبالذمّية مع ردّ فاضل الدية ، والذّمية بالذّمية وبالذّمي من غير ردّ الفضل كالمسلمين ، من غير فرق بين وحدة ملّتهما واختلافهما ، فيقتل اليهودي بالنصراني وبالعكس ، والمجوسي بهما وبالعكس1.
1 ـ الحكم في الذمّي والذمّية فيما إذا كان القاتل والمقتول كلاهما ذميّين ما عرفت فيما إذا كانا مسلمين ، فيقتل من غير ردّ مع التساوي في الذكورة والأُنوثة ، ومع ردّ فاضل الدية إذا كان المقتول مؤنَّثاً ، وبدون شيء فيما إذا كان مذكراً .
ولا فرق في ذلك بين وحدة ملّتهما والاختلاف ، لا لعموم {النَّفسَ بِالنَّفسِ}(1) ، لما مرّ من عدم ثبوت الإطلاق ، بل لكون الكفر ملّة واحدة وعدم ثبوت المزيّة فيه ، ولرواية السكوني ، عن الصادق (عليه السلام) إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: يقتصّ اليهودي والنصراني والمجوسي بعضهم من بعض ، ويقتل بعضهم بعضاً إذا قتلوا عمداً(2) . ويستفاد منها صدور هذا القول من علي (عليه السلام) مكرّراً .
وحكي عن أبي حنيفة عدم قتل الذمّي بالمستأمن(3) ، وفساده ظاهر بعد كون المستأمن محرّم القتل . نعم عن كشف اللِّثام أنّه لا يقتل الذمّي ولا المستأمن بالحربي(4) . ولعلّ الوجه عدم كون الحربي محقون الدّم ، وقد مرّ لزوم كون النفس متّّصفة بالاحترام والعصمة حتى يتحقّق موجب القصاص ، ومقتضى ذلك عدم ثبوت القصاص فيما إذا كان القاتل حربيّاً أيضاً ، كما جزم به العلاّمة في محكيّ
(1) المائدة 5 : 45 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 81 ، أبواب القصاص في النفس ب 48 ح1 .
(3) المبسوط للسرخسي: 26 / 134 ، بدائع الصنائع: 6 / 276 .
(4) كشف اللثام: 2 / 454 .
(الصفحة136)
مسألة 4 ـ لو قتل ذمّي مسلماً عمداً دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ، وهم مخيَّرون بين قتله واسترقاقه ، من غير فرق بين كون المال عيناً أو ديناً ، منقولاً أو لا ، ولا بين كونه مساوياً لفاضل دية المسلم أو زائداً عليه ، أو مساوياً للدّية أو زائداً عليها1.
القواعد(1) ، إلاّ أنّه ذكر صاحب الجواهر أنّ الالتزام به مشكل ، لأنّ أهل الذمّة فيما بينهم كالحربيين إذ لا ذمّة لبعضهم على بعض . قال: فالعمدة حينئذ الإجماع إن كان(2) .
1 ـ أصل الحكم في المسألة وهو دفع القاتل الذمّي إلى أولياء المقتول ليقتلوه أو يسترقّوه أو يعفوا عنه ، وكذا دفع أمواله في الجملة إليهم مشهور بين الأصحاب(3)شهرة محقَّقة ، بل عن جمع من الكتب دعوى الإجماع عليه(4) . والعمدة في مستند الحكم صحيحة ضريس الكنّاسي التي رواها المشايخ الثلاثة ، عنه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في نصراني قتل مسلماً ، فلمّا أخذ أسلم ، قال: اقتله به . قيل: وإن لم يسلم؟ قال: يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا عفوا ، وإن شاؤوا استرقّوا . قيل: وإن كان معه عين (مال)؟ قال: دفع إلى أولياء المقتول هو وماله .
قال في الوسائل بعد نقله عن الكليني: ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب ، ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن
(1) قواعد الأحكام: 2 / 290 .
(2) جواهر الكلام: 42 / 156 .
(3) التنقيح الرائع: 4 / 427 ، مسالك الأفهام: 15 / 144 .
(4) الإنتصار: 547 مسألة 307 ، الروضة البهية: 10 / 61 ، وظاهر نكت النهاية: 3/388 .
(الصفحة137)
ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وعن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) (1).
وظاهره ثبوت روايتين ، روى إحداهما الضريس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وقد رواه المشايخ الثلاثة; وروى الأُخرى عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) رواها الشيخ فقط ، ومع ذلك لا اختلاف بينهما من جهة المتن أصلاً . نعم يكون الاختلاف في النسخة في نفس رواية ضريس من جهة ثبوت كلمة «عين» أو كلمة «مال» ، وإلاّ لا يكون بين الروايتين اختلاف بوجه .
وظاهر الجواهر خلاف ذلك ، حيث قال بعد نقل الشهرة والإجماع: وهو الحجّة بعد صحيح ضريس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في نصرانيّ قتل مسلماً يدفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا عفوا ، وإن شاؤوا استرقّوا; وإن كان معه عين مال له دفع إلى أولياء المقتول هو وماله . وفي حسنة عنه (عليه السلام) أيضاً ، وحسن عبدالله ابن سنان ، عن الصادق (عليه السلام) في نصرانيّ قتل مسلماً فلمّا أخذ أسلم ، قال: اقتله به ، قيل: فإن لم يسلم؟ قال: يدفع إلى أولياء المقتول هو وماله(2) .
ولا إشكال في أنّ الملاك هو ما في الوسائل خصوصاً بملاحظة مراعاة الدقّة في المراجعة إلى المصادر والمنابع في الطبعة الحديثة المشتملة على عشرين مجلَّداً ، ولكن لا يقدح ذلك في أصل الحكم .
وأمّا البحث في الخصوصيات فيقع في جهات:
الأُولى: أنّه هل المدفوع إلى أولياء المقتول جميع أموال القاتل عيناً كان أو ديناً ، منقولاً أو غير منقول ، مساوياً لفاضل الدية أو زائداً عليه ، بما يساوي أصل الدية
(1) وسائل الشيعة: 19 / 81 ، أبواب القصاص في النفس ب 49 ح1 .
(2) جواهر الكلام: 42 / 156 ـ 157 .
(الصفحة138)
أو مطلقاً ، ولو كان مساوياً لأضعاف الدية ، كما لعلّه المشهور المصرّح به في التحرير(1) ، وظاهر المحقّق في الشرائع(2) وغيره من الأصحاب(3) ، أو خصوص فضل ما بين دية المسلم والذّمي ، كما عن الصدوق(4) ، أو خصوص دية المسلم أو قيمته إن كان مملوكاً كما عن الحلبيين(5) ، أقوال .
ولابدّ بملاحظة ما ذكرنا من عدم الاختلاف بين الروايتين أن يقال: لو كانت النسخة هي «المال» بدل «العين» لكان مقتضى الإطلاق لزوم دفع جميع الأموال من غير استثناء ، نعم ربّما يناقش من جهة التعبير بالدفع الذي لا يلائم مع المال غير المنقول ، خصوصاً مع التعبير بكلمة «مع» الظاهرة في كونه مستصحباً له ، ولكنّه مندفع بملاحظة العرف ، كما لا يخفى .
ولو كانت النسخة هي العين دون المال ، فالتقييد بها حيث كان واقعاً في كلام السائل يكون العدول في الجواب عن التعبير بها بالتعبير بالمال يظهر منه أنّه لا اختصاص للحكم بها أصلاً ، وعلى ما ذكرنا يكون المستفاد من الرواية ما عليه المشهور ، ولا مجال للقولين الآخرين ، كما أنّه لا مجال للاستبعاد بوجه .
الثانية: الظّاهر أنّ قتل الذمّي في الفرض ليس لأجل خروجه عن الذمة بسب ارتكاب قتل المسلم ، لأنّه مضافاً إلى عدم كون قتل المسلم من أسباب الخروج عن
(1) تحرير الأحكام: 2 / 248 .
(2) شرائع الأحكام: 4 / 986 .
(3) كابن حمزة في الوسيلة: 434 ـ 435 ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع: 581 والشهيد الأوّل في اللمعة: 176 .
(4) المقنع: 534 .
(5) الكافي في الفقه: 385 ، غنية النزوع: 406 .
(الصفحة139)
الذمّة لاختلاف الإخلال بشرائط الذمة من هذه الجهة كما قرّر في محلّه ، يكون الدليل عليه أنّه لو كان القتل لأجل ذلك لما كان حينئذ امتياز وخصوصية لورثة المقتول من جهة اختيار العفو أو القتل ، بل كانوا حينئذ كسائر الناس ، ولم يكن لهم العفو أصلاً ، مع أنّ الرواية صريحة في خلافه ، فلا وجه حينئذ لما عن كشف اللّثام(1) وبعض آخر(2) .
الثالثة: الظاهر أيضاً أنّ التخيير بين الأمور الثلاثة المذكورة في الرواية بالإضافة إلى نفس القاتل أمر ، ودفع أمواله إلى أولياء المقتول أمر آخر ، لا ارتباط له بخصوص الاسترقاق من تلك الأمور الثلاثة ، خلافاً لما عن ابن إدريس(3) من أنّه لا يجوز أخذ المال إلاّ مع الاسترقاق ، لأنّ مال المملوك لمولاه ، وفي محكيّ كشف اللِّثام: «ويحتمله الخبر وكلام الأكثر»(4) .
ولكنّ الظاهر ، أنّه مخالف لظاهر الرواية جدّاً ، لأنّه لا إشعار فيها فضلاً عن الدلالة بتوقّف ملك الأموال على الاسترقاق . هذا مضافاً إلى أنّ القاعدة لا تقتضيه أيضاً ، لعدم استلزام الاسترقاق في الموارد الأخر لتملّك أموال المسترَّق ، بل كما قالوا: يبقى ماله فيئاً أو ملكاً للإمام (عليه السلام) ، وكون مال المملوك لمولاه معناه هو المال الحاصل له في حال العبودية والملك ، لا ما يعمّ المال الذي كان له قبل الملك . هذا مضافاً إلى أنّ مرجع ذلك إلى ثبوت المال له في صورة الاسترقاق ، وهو لا ينفي الثبوت مع عدم الاسترقاق ، كما لا يخفى .
(1) كشف اللثام: 2 / 454 .
(2) كأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 385 .
(3) السرائر: 3 / 351 .
(4) كشف اللثام: 2 / 455 .
(الصفحة140)
مسألة 5 ـ أولاد الذّمي القاتل أحرار لا يسترقّ واحد منهم لقتل والدهم ، ولو أسلم الذمّي القاتل قبل استرقاقه لم يكن لأولياء المقتول غير قتله1.
1 ـ في هذه المسألة فرعان:
الأوّل: عدم جواز استرقاق أولاد الذمّي القاتل للمسلم لقتل والدهم ، ومن الظاهر أنّ المراد بهم هو الصغار منهم لا المطلق ، كما في المتن ، والمحكي عن المفيد(1)وسلار(2) وابن حمزة(3) جواز الاسترقاق ، وعن ابن إدريس(4) ومن تأخّر عنه(5)عدم الجواز ، وتردّد فيه المحقّق في الشرائع(6) ، وإن جعل الأشبه البقاء على الحرّية .
وكيف كان ، فربّما يستدلّ على الجواز بتبعية الأولاد الصغار للوالد ـ ومقتضى التبعية جواز استرقاقهم أيضاً ـ بالخروج عن الذّمة بسبب ارتكاب القتل والالتحاق بأهل الحرب ، ومن أحكامهم استرقاق أولادهم الصّغار .
وقد مرّ الجواب عن الأمر الثاني في المسألة الرابعة المتقدّمة ، وأنّ ارتكاب القتل لا يوجب الخروج عن الذمّة والالتحاق بأهل الحرب . وأمّا الأمر الأوّل فيردّه عدم قيام الدّليل على سعة دائرة التبعية وشمولها لمثل المقام ، خصوصاً بعد قوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى}(7) .
وربّما يستدلّ على العدم كما في الجواهر: بخلوّ النصوص عن ذلك ، مع أنّها
(1) المقنعة: 740 .
(2) المراسم العلوية: 238 .
(3) الوسيلة: 435 .
(4) السرائر: 3 / 351 .
(5) كشف الرموز: 2 / 609 ، إرشاد الأذهان: 2 / 204 .
(6) شرائع الإسلام: 4 / 986 .
(7) الأنعام 6 : 164 .
|
|