قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
(الصفحة61)
إمّا أن يكون مختصّاً بمالك رأس المال وهو خلاف عقد المضاربة ، وإمّا أن يكون مشتركاً بينه وبين العامل فهو المطلوب ، ولا يتوقّف على الانضاض; بمعنى جعل الجنس نقداً ، ولا على القسمة التي تتفرّع على الملكيّة لا نقلاً ولا كشفاً كما هو المشهور(1)، بل استظهر في العروة ثبوت الإجماع عليه(2) ، ولدلالة صحيحة محمّد بن قيس قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم ، فقال : يقوّم فإذا زاد درهماً واحداً اُعتق واستسعى في مال الرجل(3) . ولو لم يصر مالكاً لحصّته لم ينعتق أبوه ، وهذه الرواية شاهدة على أنّ الشراء في المضاربة لا يكون لنفسه وإلاّ انعتق بمجرّد الشراء ، فتدبّر جيّداً .
وعن الفخر، عن والده أنّ في هذه المسألة أربعة أقوال ، ولكن لم يذكر القائل، ولعلّه من العامّة :
أحدها : ما ذكرنا .
الثاني : أنّه يملك بالإنضاض; لأنّه قبله ليس موجوداً خارجيّاً ، بل هو مقدّر موهوم .
الثالث : أنّه يملك بالقسمة ; لأنّه لو ملك قبله لاختصّ بربحه ولم يكن وقاية لرأس المال .
الرابع : أنّ القسمة كاشفة عن الملك سابقاً; لأنّها توجب استقراره(4) .
(1) مسالك الأفهام: 4/371 ، رياض المسائل: 9/87 ، جواهر الكلام: 26/373 .
(2) العروة الوثقى: 2/548 مسألة 3423 .
(3) الكافي: 5/241 ح8 ، الفقيه: 3/144 ح633 ، تهذيب الأحكام: 7/190 ح 841 ، وعنها الوسائل: 19/25 ، كتاب المضاربة ب8 ح1 .
(4) إيضاح الفوائد: 2/322 ـ 323 .
(الصفحة62)
قال السيّد في العروة بعد جعل الأقوى ما ذكرنا: ودعوى أنّه ليس بموجود كماترى ، وكون القيمة أمراً وهميّاً ممنوع ، مع أنّا نقول : إنّه يصير شريكاً في العين الموجودة بالنسبة ، ولذا يصحّ له مطالبة القسمة ، مع أنّ المملوك لا يلزم أن يكون موجوداً خارجيّاً ، فإنّ الدّين مملوك ، مع أنّه ليس في الخارج .
ومن الغريب إصرار صاحب الجواهر على الإشكال في ملكيّته ، بدعوى أنّه حقيقة ما زاد على عين الأصل ، وقيمة الشيء أمر وهميّ لا وجود له لا ذمّة ولا خارجاً ، فلا يصدق عليه الربح . نعم ، لا بأس أن يُقال: إنّه بالظهور ملك أن يملك; بمعنى أنّ له الإنضاض فيملك ، وأغرب منه أنّه قال : بل لعلّ الوجه في خبر «عتق الأب» ذلك أيضاً ، بناءً على الاكتفاء بمثل ذلك في العتق المبنيّ على السراية(1).
إذ لا يخفى ما فيه ، مع أنّ لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكاً للمالك حتّى مقدار الربح ، مع أنّه ادّعى الاتّفاق على عدم كون مقدار حصّة العامل من الربح للمالك ، فلاينبغي التأمّل في أنّ الأقوى ما هو المشهور . نعم ، إن حصل خسران أو تلف بعد ظهور الربح خرج عن ملكيّة العامل ، لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيّته من الأوّل ، وعلى ما ذكرنا يترتّب عليه جميع آثار الملكيّة من جواز المطالبة بالقسمة ، وإن كانت موقوفة على رضا المالك ، ومن صحّة تصرّفاته فيه من البيع والصلح ونحوهما ، ومن الإرث ، و تعلّق الخمس والزكاة ، وحصول الاستطاعة للحجّ ، وتعلّق حقّ الغرماء به ، ووجوب صرفه في الدّين مع المطالبة ، إلى غير ذلك(2) ، انتهى .
(1) جواهر الكلام: 26/375 ـ 376 .
(2) العروة الوثقى: 2/549 ـ 550 ذيل مسألة 3423 .
(الصفحة63)
مسألة 28 : لا إشكال في أنّ الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح ما دامت المضاربة باقية; سواء كانت سابقة عليه أو لاحقة ، فملكيّة العامل له بالظهور متزلزلة تزول كلّها أو بعضها بالخسران إلى أن تستقرّ ، والاستقرار يحصل بعد الإنضاض وفسخ المضاربة والقسمة قطعاً ، فلا جبران بعد ذلك . وفي حصوله بدون اجتماع الثلاثة وجوه وأقوال ، أقواها تحقّقه بالفسخ
ولقد أجاد فيما أفاد بل جاء بما فوق المراد ، ونضيف إليه : أنّه لو مات المالك بعد ظهور الربح وقبل الإنضاض أو القسمة ، هل يمكن أن يُقال بأنّه ليس للعامل شيء ويكون تمام المال إرثاً لورثة المالك ، وغير ذلك من التوالي الفاسدة الكثيرة كما لا يخفى ، فلا ينبغي التأمّل في الاستحقاق بالظهور ، وقد انقدح نظير بعض إشكالات صاحب الجواهر (قدس سره) في زماننا هذا من بعض الصائغين، حيث إنّهم شرعوا في التجارة بالذهب والفضّة وكان رأس مالهم حين الشروع عشرة ملايين مثلاً في عين كونه مقداراً معيّناً من الذهب مثلاً ، فلمّا عملوا طول السنة وبلغ موعد الخمس صار قيمة ذهبهم مضاعفاً مثلاً ، حتّى عشرين مليوناً في عين سقوط الكمّية وكسر المقدار من زمان الشروع.
فبالنتيجة صارت القيمة أكثر والمقدار والكمّية أقلّ ، فزعموا التخلّص بذلك عن مثل الخمس ; نظراً إلى عدم زيادة الكمّية وعدم بقاء المقدار الذي شرعوا في التجارة بذلك المقدار ، غافلاً عن صدق الاغتنام العقلائي والربح العرفي الموجب لثبوت الخمس لارتفاع القيمة السوقية العقلائية ، وعدم تبديلهم عين الأموال المتعلِّقة بهم بدون القيمة المرتفعة ، فتدبّر حتّى لا يختلط عليك الأمر ، فإنّه لو لم ينضّ العامل في المقام ولم يطالب القسمة وقد ربح ربحاً كثيراً ، هل يمكن الالتزام بعدم استحقاقه من الربح شيئاً; لتوقّفه على الإنضاض أو القسمة؟ وهذا واضح جدّاً.
(الصفحة64)
مع القسمة وإن لم يحصل الانضاض ، بل لا يبعد تحقّقه بالفسخ والإنضاض وإن لم يحصل القسمة ، بل تحقّقه بالفسخ فقط ، أو بتمام أمدها لو كان لها أمد ، لا يخلو من وجه1.
1 ـ الربح وقاية لرأس المال ، فلا تتحقّق ملكيّته بمجرّد الظهور بنحو الملكيّة المستقرّة ، بل ملكيّة العامل له بالظهور متزلزلة وتزول كلّها أو بعضها بالخسران الذي يمكن أن يتحقّق إلى أن تستقرّ ، ولكنّه وقع الخلاف في أنّه بماذا يتحقّق الاستقرار بعد وضوح تحقّقه عند اجتماع الاُمور الثلاثة; أي الإنضاض ، وفسخ المضاربة ، وتحقّق القسمة ، فإنّه عند اجتماع هذه الاُمور الثلاثة لا مجال لتوهّم الجبران بوجه ، وأمّا مع عدم الاجتماع ففيه وجوه بل أقوال .
قال السيّد في العروة : ولا يكفي في الاستقرار قسمة الربح فقط مع عدم الفسخ ، ولا قسمة الكلّ كذلك ، ولا بالفسخ مع عدم القسمة ، فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان كما سبق ، فيكون الربح مشتركاً والتلف والخسران عليهما ويتمّ رأس المال بالربح . نعم ، لو حصل الفسخ ولم يحصل الإنضاض ولو بالنسبة إلى البعض وحصلت القسمة ، فهل تستقرّ الملكيّة أم لا؟ إن قلنا بوجوب الإنضاض على العامل فالظاهر عدم الاستقرار ، وإن قلنا بعدم وجوبه ففيه وجهان ، أقواهما الاستقرار .
والحاصل : أنّ اللازم أوّلاً دفع مقدار رأس المال للمالك، ثمّ يقسّم ما زاد عنه بينهما على حسب حصّتهما ، فكلّ خسارة وتلف قبل تمام المضاربة يجبر بالربح ، وتماميّتها بما ذكرنا من الفسخ والقسمة(1) ، انتهى .
(1) العروة الوثقى: 2/550 مسألة 35 .
(الصفحة65)
مسألة 29 : كما يجبر الخسران في التجارة بالربح كذلك يجبر به التلف; سواء كان بعد الدوران في التجارة أو قبله أو قبل الشروع فيها ، وسواء تلف بعضه أو كلّه، فلو اشترى في الذمّة بألف وكان رأس المال ألفاً فتلف، فباع المبيع بألفين فأدّى الألف بقي الألف الآخر جبراً لرأس المال . نعم ، لو تلف الكلّ قبل الشروع في التجارة بطلت المضاربة إلاّ مع التلف بالضمان مع إمكان الوصول1.
وقد علّقنا في حاشية العروة على مطالب من هذه المسألة ، فعلّقنا على قوله : «ولا قسمة الكلّ» إلاّ إذا كانت فيها دلالة عرفية على الفسخ ، فإنّها حينئذ فسخ فعليّ ، وعلى قوله : «ولا بالفسخ» الظاهر حصول الاستقرار بالفسخ فقط كما هو مقتضى القواعد ، وعلى قوله : «إن قلنا بوجوب الإنضاض» وجوب الإنضاض على تقديره لا ينافي الاستقرار ، وعلى قوله : «وتماميّتها بما ذكرنا» بل كما عرفت بالفسخ أو القسمة إذا كانت فيها دلالة عرفية على الفسخ(1) .
1 ـ كما يجبر الخسران في التجارة بالربح ويقع بينهما الكسر والانكسار ، كذلك يجبر به التلف وإن لم يكن ضامناً له لكونه أميناً ، من دون فرق بين أن يكون بعد الدوران في التجارة أو قبله أو قبل الشروع في أصل التجارة ، وسواء تلف بعضه أو كلّه ، فلو اشترى في الذمّة بألف وكان رأس المال ألفاً فتلف فباع المبيع بألفين فأدّى الألف بقي الألف الآخر جبراً لرأس المال ، خصوصاً بعد ملاحظة ما ذكرنا من أنّ مقتضى الرواية الصحيحة المتقدِّمة الواردة في اشتراء الأب جهلاً وقوع الشراء في المورد المفروض للمالك دون العامل ، وعليه: فوجه الجبران واضح: عدم ضمان العامل للألف التالف الذي هو رأس المال ، وكون الربح جابراً للخسارة والتلف ،
(1) الحواشي على العروة الوثقى: 234 .
(الصفحة66)
ووقوع الكسر والانكسار كما هو المناط في الموارد الاُخر ، مثل الخمس والزكاة .
نعم ، وقع في المتن استثناء صورة واحدة; وهي تلف الكلّ قبل الشروع في التجارة ، فإنّه يوجب بطلان المضاربة لعدم الموضوع ، والمفروض عدم كونه ضامناً إلاّ مع التلف بالضمان مع إمكان الوصول ، كما إذا باع الجميع نسيئة ولا يطمئنّ بعدم وصول الثمن أصلاً ، كما لايخفى .
ثمّ إنّه حكي عن الشهيد عدم جبران الخسارة اللاحقة بالربح السابق، وأنّ مقدار الربح من المقسوم تستقرّ ملكيّته(1) . وقال السيّد في العروة : وأمّا التلف فإمّا أن يكون بعد الدوران في التجارة ، أو بعد الشروع فيها ، أو قبله ، ثمّ إمّا أن يكون التالف البعض أو الكلّ ، وأيضاً إمّا أن يكون بآفة من الله سماويّة أو أرضيّة ، أو بإتلاف المالك أو العامل أو الأجنبي على وجه الضمان ، فإن كان بعد الدوران في التجارة فالظاهر جبره بالربح ولو كان لاحقاً مطلقاً; سواء كان التالف البعض أو الكلّ ، كان التلف بآفة أو بإتلاف ضامن من العامل أو الأجنبي .
ودعوى أنّ مع الضامن كأنّه لم يتلف; لأنّه في ذمّة الضامن كما ترى . نعم ، لو أخذ العوض يكون من جملة المال ، بل الأقوى ذلك إذا كان بعد الشروع في التجارة وإن كان التالف الكلّ ، كما إذا اشترى في الذمّة وتلف المال قبل دفعه إلى البائع فأدّاه المالك ، أو باع العامل المبيع وربح فأدّى ، كما أنّ الأقوى في تلف البعض الجبر وإن كان قبل الشروع أيضاً; كما إذا سرق في أثناء السفر قبل أن يشرع في التجارة ، أو في البلد أيضاً قبل أن يسافر . وأمّا تلف الكلّ قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنّه موجب لانفساخ العقد; إذ لا يبقى معه مال التجارة حتّى يجبر أو لا يجبر . نعم ، إذا
(1) حكى عنه في المسالك: 4/392 .
(الصفحة67)
مسألة 30 : لو حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة ، فإن كان قبل الشروع في العمل ومقدّماته فلا إشكال ، ولا شيء للعامل ولا عليه . وكذا إن كان بعد تمام العمل والإنضاض; إذ مع حصول الربح يقتسمانه ، ومع عدمه يأخذ المالك رأس ماله ، ولا شيء للعامل ولا عليه . وإن كان في الأثناء بعد التشاغل بالعمل ، فإن كان قبل حصول الربح ليس للعامل شيء ، ولا اُجرة له لما مضى من عمله; سواء كان الفسخ منه أو من المالك ، أو حصل الانفساخ قهراً ، كما أنّه ليس عليه شيء حتّى فيما إذا حصل الفسخ منه في السفر المأذون فيه من المالك ، فلا يضمن ما صرفه في نفقته من رأس المال ، ولو كان في المال عروض لا يجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك ، كما أنّه ليس للمالك إلزامه بالبيع والإنضاض .
وإن كان بعد حصول الربح ، فإن كان بعد الإنضاض فقد تمّ العمل ، فيقتسمان ويأخذ كلّ منهما حقّه ، وإن كان قبل الإنضاض فعلى ما مرّ; من تملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره شارك المالك في العين ، فإن رضيا بالقسمة على هذا الحال ، أو انتظرا إلى أن تُباع العروض ويحصل الإنضاض كان لهما ولا إشكال ، وإن طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته ، وكذا إن طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته ، وإن قلنا بعدم استقرار مكيّته للربح إلاّ بعد الإنضاض . غاية الأمر حينئذ لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح ، لكن قد مرّ المناط في استقرار ملك العامل1.
أتلفه أجنبيّ وأدّى عوضه تكون المضاربة باقية ، وكذا إذا أتلفه العامل(1) ، انتهى .
1 ـ إذا حصل فسخ المضاربة من المالك أو العامل لأجل كونها من العقود
(1) العروة الوثقى: 2/553 مسألة 3427 .
(الصفحة68)
الجائزة كما عرفت ، أو حصل انفساخها قهراً بتلف رأس المال كلاًّ مثلاً أو بموت أحد المتعاقدين ، ففي المسألة صور تالية :
الاُولى : أن يكون ذلك قبل الشروع في العمل ومقدّماته ، ولا ينبغي الإشكال في هذه الصورة في أنّه لا شيء للعامل ولا عليه بوجه ، ووجهه واضح .
الثانية : ما إذا كان بعد تمام العمل والإنضاض; بمعنى جعل الجنس نقداً ، فإنّه لا ينبغي الإشكال أيضاً في أنّه مع حصول الربح يقتسمانه ويأخذ المالك رأس ماله ، ولا شيء للعامل بعد حصّته من الربح ولا عليه .
الثالثة : ما إذا كان في الأثناء بعد التشاغل بالعمل وقبل حصول الربح بوجه ، فإنّه ليس للعامل شيء ولا اُجرة له لما مضى من عمله مطلقاً لا من الربح ; لأنّ المفروض عدم حصوله ، ولا من شيء آخر; لكونه خارجاً عن المعاقدة، من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو من المالك ، أو حصل الانفساخ قهراً ، وليس على العامل شيء حتّى فيما إذا حصل الفسخ في السفر المأذون فيه من المالك ، فلا يضمن ما صرفه في نفقة السفر من رأس المال من النفقات التي كان يجوز لها صرفه في السفر على ما عرفت(1).
الرابعة : الصورة المفروضة المتقدِّمة مع ثبوت العروض في المال ، فإنّه لا يجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك ، كما أنّه ليس للمالك إلزامه بالبيع والإنضاض. أمّا عدم جواز التصرّف بدون إذن المالك ، فلأنّ المفروض فسخ المضاربة أو انفساخها ، فيحتاج التصرّف بإذن المالك ، خصوصاً مع دلالة الرواية
(1) في ص 50 ـ 51 .
(الصفحة69)
الصحيحة المتقدِّمة على وقوع الشراء في ذمّة المالك كما تقدّم(1) ، كما أنّه ليس للمالك الإلزام بالبيع والإنضاض ; لأنّه متفرّع على بقاء المضاربة والمفروض ارتفاعها بالفسخ أو الانفساخ .
نعم ، في المسألة قولان آخران ، أحدهما : وجوب الإجابة مطلقاً ، وثانيهما : التفصيل بين كون مقدار رأس المال نقداً فلا يجب ، وبين عدمه فيجب ; لأنّ اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان ، عملاً بقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .»(2) ، ولكن الحقّ ما ذكرناه من أنّه مع انتفاء المضاربة وارتفاعها لا مجال للوجوب عليه ، كما لايخفى ، فيبقى إلزام الحاكم إيّاه بالبيع والإنضاض ورفع رأس المال إلى المالك لو طلب رأس المال .
الخامسة : ما إذا كان بعد حصول الربح والإنضاض ، فعند ذلك قد تمّ العمل فيقتسمان الربح ويأخذ كلّ منهما حصّته .
السادسة : الصورة المفروضة قبل تحقّق الإنضاض ، فعلى ما مرّ من تملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره شارك المالك في العين ، فإن رضيا بالقسمة على هذا الحال أو انتظرا إلى أن تباع العروض ويحصل الإنضاض كان لهما ولا إشكال ، وإن طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته ، وكذا إن طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته ، فاللازم كما قلنا الرجوع إلى الحاكم وإلزامه العامل بالبيع ، ضرورة إمكان البقاء كذلك سنوات عديدة موجبة لتعيّب العروض أو
(1) في ص 61 .
(2) المسند لابن حنبل: 7/248 ح 20107 ، سنن ابن ماجة: 3/147 ح 2400 ، سنن الترمذي: 3/566 ح 1269 ، السنن الكبرى للبيهقي: 8/495 ح 11713 ، عوالي اللئالي: 2/345 ح 10 ، مستدرك الوسائل: 17/88 ، كتاب الغصب ب 1 ح 4. و يراجع القواعد الفقهيّة للمؤلّف دام ظلّه: 1/83 ـ 165 .
(الصفحة70)
مسألة 31 : لو كان في المال ديون على الناس ، فهل يجب على العامل أخذها وجمعها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ الأشبه عدمه ، خصوصاً إذا استند الفسخ إلى غير العامل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ، خصوصاً مع فسخه وطلب المالك منه1.
نقصان القيمة ، كما لايخفى .
هذا ، وأمّا لو لم نقل بتملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره ، بل باستقرار الملكيّة بعد الانضاض . غاية الأمر أنّه حينئذ لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح ، فاللازم الالتزام بعدم الاستقرار في المقام ; لأنّ المفروض ارتفاع المضاربة قبل تحقّق الإنضاض ، وقد مرّ(1) مفصّلاً الملاك في استقرار ملك العامل ، فراجع .
1 ـ المشهور هو الوجوب ، وتبعهم بعض الأعلام (قدس سره)(2); لابتناء عقد المضاربة من الأوّل على تسليم العامل لما أخذه من المالك ، فإنّه أمرٌ مفروغ عنه في عقدها ، ومن هنا فيكون من الشرط في ضمن العقد ، فيجب عليه الوفاء به ، وليس له إرجاع المالك على المدينين .
وبالجملة: فتسليم العامل المال إلى المالك أمرٌ مفروغ عنه في عقد المضاربة ، فيجب عليه الوفاء به وردّ ما أخذه منه ، ومع ثبوت الربح يكون مشتركاً بينهما ، ونزيد عليه أنّه ربما لا يعرف المالك المدينين أو لا يقدر على الأخذ منهم بخلاف العامل ، وفي زماننا هذا يكون الصك الصادر من المديون باسم العامل نوعاً ،
(1) في ص 64 ـ 65 .
(2) المباني في شرح العروة الوثقى ، كتاب المضاربة: 113 .
(الصفحة71)
مسألة 32 : لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه حتّى لو أرسل المال إلى بلد آخر غير بلد المالك وكان ذلك بإذنه ، ولو كان بدون إذنه يجب عليه الردّ إليه حتّى أنّه لو احتاج إلى اُجرة كانت عليه1.
مسألة 33 : لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن فلا مجال لرجوع المالك إليه والأخذ منه وإن عرّفه العامل ، كما لايخفى .
1 ـ لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه . نعم ، ذكر السيّد في العروة أنّه لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك ـ ولو كان بإذنه ـ يمكن دعوى وجوب الردّ إلى بلده ، ثمّ قال : ولكنّه مع ذلك مشكل ، وقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .» لا يدلّ على أزيد من التخلية ، وإذا احتاج الردّ إليه إلى الاُجرة فالاُجرة على المالك ، كما في سائر الأموال .
نعم ، لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه يكون حاله حال الغاصب في وجوب الردّ والاُجرة ، وإن كان ذلك للجهل بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون إذنه(1) .
أقول : لعدم الفرق في وجوب الردّ والاُجرة في الفرض المزبور بين صورتي الجهل والعلم ، كما في مورد الغصب ، وقد انقدح ممّا ذكرنا صحّة التفصيل المذكور في المتن ، فتدبّر جيّداً .
(1) العروة الوثقى: 2/563 مسألة 3443 .
(الصفحة72)
إذنه في التجارة متقيّداً بالمضاربة ، وإلاّ تتوقّف على إجازته ، وبعد الإجازة يكون الربح له; سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين ، وللعامل اُجرة مثل عمله لو كان جاهلاً بالفساد; سواء كان المالك عالماً به أو جاهلاً ، بل لو كان عالماً بالفساد فاستحقاقه لاُجرة المثل أيضاً لا يخلو عن وجه; إذا حصل ربح بمقدار كان سهمه على فرض الصحّة مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد .
وأمّا مع عدم الربح أو نقصان سهمه عنها ، فمع علمه بالفساد لا يبعد عدم استحقاقه على الأوّل ، وعدم استحقاق الزيادة عن مقدار سهمه على الثاني ، ومع جهله به فالأحوط التصالح ، بل لا يترك الاحتياط به مطلقاً ، وعلى كلّ حال لا يضمن العامل التلف والنقص الواردين على المال . نعم ، يضمن على الأقوى ما أنفقه في السفر على نفسه وإن كان جاهلاً بالفساد1.
1 ـ لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن إذنه في التجارة متقيّدة بالمضاربة ، وإلاّ تصير معاملات العامل فضوليّة تتوقّف على إجازته ، وبعد الإجازة يكون الربح للمالك; سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين; لعدم مدخلية الجهل في الخروج عن الفضوليّة . وأمّا العامل فإن كان جاهلاً بفساد المضاربة رأساً فله اُجرة مثل عمله ولا نصيب له من الربح; سواء كان المالك عالماً بالفساد أو جاهلاً ، وإن لم يكن جاهلاً بالفساد بل عالماً به ، فقد نفى في المتن الخلوّ عن الوجه في الاستحقاق لاُجرة المثل; إذا حصل ربح بمقدار كان سهمه على فرض الصحّة مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد; لأنّ استحقاق اُجرة المثل متيقّن على كلّ حال ; لأنّ المفروض أنّ سهمه من الربح مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد .
نعم، لو لم يكن هناك ربح أصلاً ، أو كان سهمه ناقصاً عن اُجرة المثل ، ففي صورة علمه بالفساد كما هو المفروض نفى البُعد عن عدم استحقاقه مع عدم حصول ربح
(الصفحة73)
مسألة 34 : لو ضارب بمال الغير من دون وكالة ولا ولاية وقع فضوليّاً ، فإن أجازه المالك وقع له وكان الخسران عليه ، والربح بينه وبين العامل على ما شرطاه . وإن ردّه فإن كان قبل أن يعامل بماله طالبه ويجب على العامل ردّه إليه ، وإن تلف أو تعيّب كان له الرجوع على كلّ من المضارب والعامل ، فإن رجع على الأوّل لم يرجع هو على الثاني ، وإن رجع على الثاني رجع هو على الأوّل . هذا إذا لم يعلم العامل بالحال ، وإلاّ يكون قرار الضمان على من تلف أو تعيّب عنده ، فينعكس الأمر في المفروض . وإن كان بعد أن عومل به كانت المعاملة فضوليّة ، فإن أمضاها وقعت له ، وكان تمام الربح له وتمام الخسران عليه ، وإن ردّها رجع بماله إلى كلّ من شاء من المضارب والعامل كما في صورة
على الأوّل ، وعدم استحقاق الزيادة عن مقدار سهمه على الثاني ، وذلك للإقدام مع انكشاف الحال عنده والعلم بالفساد ، وفي صورة الجهل احتاط وجوباً بالتصالح ; لأنّ المفروض ثبوت الجهل بالفساد مطلقاً من ناحية ، وكون عمله محترماً من ناحية اُخرى ، فالأحوط التصالح ، بل نهى عن ترك الاحتياط بالتصالح مطلقاً ، وعلى كلّ حال لا يضمن العامل التلف والنقص الواردين على المال ; لأنّ كلّ عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده .
نعم ، يضمن ما أنفقه في السفر على نفسه وإن كان جاهلاً بالفساد; لأنّ الجهل لا يؤثّر في الحكم الوضعي بالضمان أوّلاً ، وخروج النفقة في المضاربة الصحيحة إنّما هي كانت مستندة إلى الإذن من المالك على ما هو المتعارف ، والمفروض بطلان المضاربة وإن كان المالك أيضاً جاهلاً بالفساد ، كما لايخفى . وإن شئت قلت : إنّ عدم الضمان في المضاربة الصحيحة ليس لأجل اقتضاء المضاربة ذلك ، بل إنّما هو لأجل الإذن العرفي غير الموجود في المضاربة الفاسدة ، كما هو ظاهر .
(الصفحة74)
التلف ، ويجوز له أن يجيزها على تقدير حصول الربح ، ويردّها على تقدير الخسران; بأن يلاحظ مصلحته ، فإن رآها رابحة أجازها وإلاّ ردّها .
هذا حال المالك مع كلّ من المضارب والعامل . وأمّا معاملة العامل مع المضارب ، فإن لم يعمل عملاً لم يستحقّ شيئاً ، وكذا إذا عمل وكان عالماً بكون المال لغير المضارب . وأمّا لو عمل ولم يعلم بكونه لغيره استحقّ اُجرة مثل عمله ورجع بها على المضارب1.
1 ـ لو ضارب بمال الغير من دون وكالة ولا ولاية ، فهنا عناوين خمسة : المالك ، والمضارب ، والعامل ، وعقد المضاربة ، والمعاملة الواقعة بعده على تقدير الوقوع ، ولذا يترتّب هنا أحكام كثيرة تالية :
الأوّل : أنّ عقد المضاربة وقع فضوليّاً ; لأنّ المفروض عدم إذن المالك ولا الشارع ، ولا ثبوت الوكالة ولا الولاية; لجريان الفضوليّة في جميع العقود إلاّ ما قام فيه الدليل على الخلاف ، كالنكاح ونحوه .
الثاني : أنّ العقد الفضولي يتوقّف على إجازة المالك الحقيقي ، وفي المقام إن أجاز المالك عقد المضاربة الواقع فضولاً وقع له ، وكان الخسران عليه والربح بينه وبين العامل على ما شرطاه ، من دون أن يكون للمضارب شيء ; لأنّ مرجع الإجازة ليس إلاّ إلى وقوع عقد المضاربة للمالك ، والتصرّف في ماله بهذا العنوان وترتّب أحكام المضاربة عليه ، التي منها اشتراك الربح بين المالك والعامل ، كما عرفت .
الثالث : إن ردّ المالك العقد الفضولي المذكور ، فإن كان ذلك قبل تحقّق التجارة والمعاملة من العامل يجوز له مطالبة العامل استرداد ماله ، ويجب عليه ردّه إليه ; لأنّه ماله وقع في يده بغير إذن ولا إجازة وإن كان الغير جاهلاً بذلك . هذا في صورة
(الصفحة75)
بقاء المال وعدم تعيّبه ، وأمّا في صورة التلف أو التعيّب كان له الرجوع على كلّ من المضارب والعامل ، كما في سائر موارد تعاقب الأيادي ، فإن رجع إلى الأوّل ـ أي المضارب ـ لم يرجع هو على الثاني أي العامل ، وإن رجع إلى الثاني يرجع هو على الأوّل .
هذا إذا لم يعلم العامل الحال ، وإلاّ يكون قرار الضمان واستقراره على من تلف أو تعيّب عنده ، فينعكس الأمر في المفروض . وإن كان ردّ المضاربة الفضولية بعد أن عومل بماله من قبل العامل كانت التجارة الواقعة من العامل فضوليّة ; لأنّها تجارة بمال الغير ، فإن أمضاها المالك الأصلي فالمعاملة تقع له ، ويترتّب عليه كون تمام الربح له وتمام الخسران عليه كسائر المعاملات الفضوليّة ، وإن ردّها تجوز له المراجعة إلى كلّ من شاء من المضارب والعامل كما في صورة التلف ، ولا فرق في ذلك بين صورتي العلم والجهل ، ويجوز للمالك مراعاة مصلحته في هذه التجارة ، فإن رآها رابحة أجازها وتمام الربح له ، وإن رآها غير رابحة ردّها .
هذا حال المالك مع كلّ من المضارب والعامل . وأمّا حال العامل مع المضارب ، فإن لم يعمل عملاً بعد أو عمل ولكن كان عالماً بكون المال لغير المضارب ، فلا يستحقّ شيئاً لا من الربح ولا اُجرة المثل ، أمّا الأوّل: فواضح ، وأمّا الثاني: فلعدم الأمر به من المالك ، وصدور الإذن من المضارب غير المالك أو الوكيل عنه أو الولي غير مجد أصلاً . هذا فيما لو لم يعمل عملاً أصلاً ، وأمّا مع تحقّق العمل منه خارجاً فالظاهر استحقاق اُجرة المثل على المضارب في صورة الجهل; لكونه مغروراً من قبله ، والمغرور يرجع إلى الغارّ كما لايخفى .
(الصفحة76)
مسألة 35 : لو أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الاتّجار به وتعطيله عنده بمقدار لم تجرِ العادة عليه ، وعدّ متوانياً متسامحاً ، فإن عطّله كذلك ضمنه لو تلف ، لكن لم يستحقّ المالك غير أصل المال ، وليس له مطالبة الربح الذي كان يحصل على تقدير الاتّجار به1.
مسألة 36 : لو اشترى نسيئة بإذن المالك كان الدَّين في ذمّة المالك ، فللدائن الرجوع عليه ، وله أن يرجع على العامل خصوصاً مع جهله بالحال ، وإذا رجع عليه رجع هو على المالك ، ولو لم يتبيّن للدائن أنّ الشراء للغير يتعيّن له في الظاهر الرجوع على العامل وإن كان له في الواقع الرجوع على المالك2.
1 ـ يجب على العامل بعد أخذ رأس المال الاتّجار به ، ولا يجوز تعطيله عنده بمقدار لم تجرِ العادة عليه ، وعدَّ متوانياً متسامحاً ، فإن فعل ذلك وعطّله من دون جهة عرفية عقلائية ، وتلف المال يخرج عن عنوان الأمين غير الضامن ; لأنّ التعطيل كذلك مستلزم للتعدّي والتفريط الموجب لضمان الأمين ، كما قرّر في محلّه من القواعد الفقهيّة(1) ، لكن على تقدير الضمان لا يستحقّ المالك غير رأس المال وأصله ; لأنّ المفروض عدم حصول الربح; لعدم الاتّجار به وإن كان مقصّراً في ذلك ، لكن التقصير لا يتعدّى عن تخلّف الحكم الشرعي ، وليس له مطالبة سهمه من الربح الذي كان يحصل على فرض الاتّجار به ، كما لا يخفى .
2 ـ لو اشترى نسيئة بإذن المالك ، فحيث إنّ الشراء للمالك ـ كما يدلّ عليه الصحيحة المتقدِّمة(2) الواردة في اشتراء الأب مع الجهل بالحال ـ يكون الدَّين في
(1) القواعد الفقهيّة للمولّف أدام الله ظلّه: 27 ـ 43 .
(2) في ص61 .
(الصفحة77)
مسألة 37 : لو ضاربه بخمسمائة مثلاً فدفعها إليه وعامل بها ، وفي أثناء التجارة دفع إليه خمسمائة اُخرى للمضاربة ، فالظاهر أنّهما مضاربتان ، فلا تجبر خسارة إحداهما بربح الاُخرى . ولو ضاربه على ألف مثلاً فدفع خمسائة فعامل بها ثمّ دفع إليه خمسمائة اُخرى ، فهي مضاربة واحدة تجبر خسارة كلّ بربح الاُخرى1.
ذمّة المالك ، وللبائع الرجوع عليه وأخذ الدَّين منه ، وله أن يرجع إلى العامل; سواء كان عالماً بالحال أو جاهلاً ، أمّا على التقدير الثاني فواضح ، وأمّا على التقدير الأوّل فلحصول المعاملة والتجارة منه وإن كانت مضاربة .
نعم، في صورة عدم التبيّن للدائن ـ أنّ الشراء للغير ـ يختلف الحكم بحسب الظاهر والباطن ; أمّا بحسب الظاهر فيتعيّن له الرجوع إلى العامل; لأنّه كان هو المشتري ولم يكن الحال متبيّناً عند البائع ، وأمّا بحسب الواقع فيجوز له الرجوع على المالك; لأنّ الدّين في ذمّته حقيقة كما هو المفروض ، فيجوز له الرجوع به عليه ، وتظهر الثمرة فيما لو أنكر البائع وقوع البيع لغير العامل ، وادّعى وقوع البيع لنفسه وثبوت الدَّين في عهدته ، فإنّه يجوز له أخذ الدَّين من المشتري فقط ، كما هو واضح لايخفى .
1 ـ لو ضاربه بخمسمائة مثلاً فدفعها إليه وعامل بها ، وفي أثناء التجارة دفع إليه خمسمائة اُخرى للمضاربة ، فالظاهر تعدّد المضاربة وإن كان المالك واحداً ، كما إذا ضارب شخصاً آخر أيضاً بخمسمائة ، ولا تجبر خسارة إحداهما بربح الاُخرى ، خصوصاً إذا عيّن في كلّ مضاربة تجارة خاصّة ، مع أنّ ما وقع أوّلاً عقد خاصّ ، متعلّق بمال خاصّ ، وما وقع لا يتغيّر عمّا وقع عليه من الخصوصيّات ، والمضاربة وإن كانت من العقود الجائزة إلاّ أنّ معنى الجواز لا يرجع إلى التغيير بالنسبة إلى ما
(الصفحة78)
مسألة 38: لوكان رأس المال مشتركاً بين اثنين فضاربا شخصاً ، ثمّ فسخ أحد الشريكين تنفسخ بالنسبة إلى حصّته، وأمّابالنسبة إلى حصّة الآخر فمحلّ إشكال1.
وقع بوجه ، مثل ما إذا وهب زيداً مثلاً خمسمائة ثمّ بعد ذلك وهبه أيضاً ذلك المقدار ، فإنّ ذلك لا يوجب وحدة الهبة ، ويمكن اختلافهما من جهة اللزوم وعدمه إذا حصل شرائط اللزوم في إحداهما دون الاُخرى .
نعم ، لو ضاربه على ألف مثلاً فدفع إليه نصفه واشتغل العامل بالاتّجار به ، ثمّ في أثناء التجارة دفع نصفه الآخر فالظاهر حينئذ وحدة المضاربة وجبران خسارة كلّ بربح الاُخرى ، كما لايخفى .
1 ـ قد عرفت في المسألة السابقة أنّ وحدة المالك لا توجب وحدة المضاربة ولا تدور مدارها ، فاعلم أنّ تعدّد المالك لا يوجب تعدّد المضاربة ، فيمكن أن يكون رأس المال مشتركاً بين اثنين فضاربا شخصاً ، فإنّ المضاربة واحدة وإن كان المالك متعدّداً . نعم ، يقع الكلام حينئذ في أنّه لو فسخ أحد الشريكين باعتبار كونها من العقود الجائزة ، لا إشكال بالنسبة إلى الانفساخ في خصوص حصّته ، وأمّا بالنسبة إلى حصّة الآخر فقد استشكل فيه في المتن ، ووجه الإشكال أنّه لم يعهد انفساخ العقد بالإضافة إلى البعض دون البعض الآخر بالفسخ ، وإن كان تبعّض الصفقة أمراً ممكناً شائعاً ، وتقسيم المال المشترك لابدّ وأن يكون بنظر الشريكين ، ولا يستقلّ شريك واحد ولو مع إضافة وكيله وعامله في ذلك .
وإن شئت قلت : إنّه كان للعامل التصرّف في المال المشترك ، ولعلّه لو لم تكن الشركة لم يكن الآخر راضياً بذلك ، والمفروض وقوع عقد واحد مع خصوصيّات مخصوصة ، ومن أنّه بعد جواز فسخ أحدهما تنفسخ المعاملة بالإضافة إلى حصّته
(الصفحة79)
مسألة 39 : لو تنازع المالك مع العامل في مقدار رأس المال ولم تكن بيّنة قدّم قول العامل; سواء كان المال موجوداً أو تالفاً ومضموناً عليه . هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى مقدار نصيب الناس من الربح ، وإلاّ ففيه تفصيل1.
لا محالة ، ولا فرق بين صور التبعّض كما لايخفى .
1 ـ لو تنازع المالك مع العامل في مقدار رأس المال ولم تكن هناك بيِّنة قدّم قول العامل مع يمينه; لمطابقته لأصالة عدم الزيادة ، من دون فرق بين ما إذا كان المال موجوداً أو تالفاً ومضموناً عليه ; لأنّه على تقدير عدم الضمان لا يترتّب على النزاع فائدة .
هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى مقدار نصيب العامل من الربح ، وإلاّ فالمذكور في العروة أنّه إذا كان كذلك; كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أنّ الذي بيده هو مال المضاربة ، فحينئذ النزاع في قلّة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود ، إذ على تقدير قلّة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر ، فيكون نصيب العامل أزيد ، وعلى تقدير كثرته بالعكس ، ومقتضى الأصل كون جميع هذا المال للمالك إلاّ بمقدار ما أقرّ به للعامل(1) .
ولا يرد عليه أنّ العامل ذو اليد ، حيث إنّ المال بأجمعه في يده بالفعل ، ومقتضى القاعدة كونه بأجمعه له إلاّ المقدار الذي أقرّ به للمالك ، فإنّه إنّما يتمّ فيما إذا لم يكن ذو اليد معترفاً بانتقاله إليه من المالك ، وأمّا معه فلا أثر لليد ، حيث ينقلب المدّعي منكراً والمنكر مدّعياً ، فيلزم بالإثبات ، وإلاّ فالمال للمالك بمقتضى اعترافه ، ولا يستحقّ إلاّ ما يقرّ به المالك . نعم ، للعامل إحلاف المالك في الفرض كما في نظائره .
(1) العروة الوثقى: 2/567 مسألة 3447 .
(الصفحة80)
مسألة 40 : لو ادّعى العامل التلف أو الخسارة ، أو عدم حصول المطالبات مع عدم كون ذلك مضموناً عليه ، وادّعى المالك خلافه ولم تكن بيّنة ، قدّم قول العامل1.
مسألة 41 : لو اختلفا في الربح ولم تكن بيّنة قدّم قول العامل; سواء اختلفا في أصل حصوله أو في مقداره . بل وكذا الحال لو قال العامل: ربحت كذا ، لكن خسرت بعد ذلك بمقداره فذهب الربح2.
مسألة 42 : لو اختلفا في نصيب العامل من الربح; وأنّه النصف مثلاً أو الثلث ولم تكن بيِّنة قدّم قول المالك3.
1 ـ لأنّ مقتضى الأصل العدم في جميع الفروض ، والمفروض عدم ثبوت البيِّنة للمالك ، فالقول قول العامل مع يمينه .
2 ـ لو اختلفا في الربح ولم تكن هناك بيِّنة; سواء كان النزاع في أصل حصول الربح في مقابل عدمه رأساً ، أو كان النزاع في مقداره بعد الاتّفاق على أصل حصوله ولم تكن هناك بيِّنة ، فالقول قول العامل مع يمينه; لموافقته لأصالة العدم ، وهنا صورة ثالثة; وهو النزاع في الخسران بمقدار الربح وعدمه بعد الاتّفاق على أصل حصول الربح ومقداره ، فالعامل يدّعيه والمالك ينفيه ، وفي بادئ النظر وإن كان القول قول منكر الخسران ، إلاّ أنّ ذهاب الربح بمقدار الخسران قول ذي اليد ، وهو مقدّم على قول مَنْ يدّعي المطابقة للأصل ، كما لايخفى .
3 ـ تقديم قول المالك أي مع حلفه إنّما هو لأجل كونه منكراً; لمطابقة قوله مع أصالة عدم الزيادة استصحاباً أو براءةً ، وفي صورة عدم وجود البيِّنة للمدّعي
|
|