(الصفحة 122)
المزبور إنما هو في مورد الأعور ولا فرق في الأعورية بين الموارد أصلا.
ثم إن ظاهر المتن إنه لا فرق في ثبوت الثلث بين صورتي الخسف والقلع ولكن المحقق في عبارة الشرائع المتقدمة وكذا جماعة اُخرى إقتصروا على ذكر الخسف وحكى عن سلاّر التعبير بالاذهاب وعن المفيد في المقنعة إنه قال ومن كانت عينه ذاهبة وهي غير قائمة غير مخسوفة فلطمه إنسان فإنخسف بذلك أو كانت مفتوحة فانطبقت أو كان سوادها باقياً فذهب فعليه ربع دية العين الصحيحة لذهابه بجمالها.
أقول قد وقع الخلط أحياناً في إن المراد من الجناية الواقعة على عين الأعور هل هي الجناية على العين الصحيحة من الأعور أو العين العوراء منه ولأجله ربما وقع الاختلاف في بيان الدية كما إنه ربما تستعمل العوراء ويراد بها العين الصحيحة. قال المحقق في محكي نكته: يوشك أن يكون سمّاها ـ يعني العين الصحيحة ـ عوراء لأنه ليس لها اُخت من صنفها وفي الحديث إنّ أبا لهب إعترض على النبي (صلى الله عليه وآله) عند إظهاره الدعوة فقال له أبو طالب ياأعور ما أنت وهذا، قال ابن الاعرابي لم يكن أبولهب أعور ولكن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه واُمه أعور وكان الشيخ إستعمل ذلك إتساعاً وتبعاً للفظ رواية رواها محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال في أنف الرجل الدية تامة وذكر الرجل الدية تامة ولسانه الدية تامة واُذناه الدية تامة والرجلان بتلك المنزلة والعينان كذلك والعين العوراء الدية تامة(1). ولم يرد بالعوراء هنا الفاسدة لأن ديتها
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الأول، ح11.
(الصفحة 123)
مسألة 4 ـ في الأجفان الدية وفي تقدير كل جفن خلاف، فمن قائل في كل واحد ربع الدية ومن قائل في الأعلى ثلثاها وفي الأسفل الثلث ومن قائل في الأعلى ثلث الدية وفي الأسفل النصف وهذا لا يخلو من ترجيح لكن لا يترك الاحتياط بالتصالح1 .
ليست تامة إذ هو يريد بالتامة دية النفس لأنه عدّد ما فيه دية النفس ولم يرد بالدية التامة خمسمائة على ما ظنه بعض المتأخرين ثم لم يذهب أحد إلى إن القائمة ولا المطبوقة فيها خمسمائة بحيث ينزل ذلك على هذا التأويل وأمّا قول الشيخ: إذا كانت خلقة أو ذهبت في آفة، يريد الذاهبة أضمرها ولم يجر لها ذكراً إتساعاً ولدلالة اللفظ عليها انتهى.
وكيف كان فالتحقيق في هذا الباب ما أفاده الماتن (قدس سره) وقد مرّ دليله.
1 - لاخلاف بل الاجماع في إنه في الأجفان الأربعة كلّها الدية الكاملة وقد عرفت حكم الأهداب الأربعة والفرق بينها وبين الأجفان هي إنها منابت الأهداب ويبحث عنها في أحكام الشعر وعن الأجفان في العينين فتدبر وفي تقدير كل جفن خلاف.
فالقول الأول ماحكي عن مبسوط الشيخ وتبعه الفاضل في جملة من كتبه وولده والشهيدان وجمع آخر من إنه في كل واحد ربع الدية ويدل عليه صحيحة هشام التي رواها في التهذيب مضمرةً وفي الفقيه مسندة إلى الصادق (عليه السلام) قال كل ما كان في الانسان منه إثنان ففيهما الدية وفي أحدهما نصف الدية(1) ورواها عبدالله بن سنان
- (1) الفقيه ج4 ص133، روايت 5288.
(الصفحة 124)
عنه أيضاً وقد تقدم نقلها(1). بتقريب كون كل من جفنين بمنزلة واحد فيكونان كالعين وهو كما ترى ولذا حكى عن المسالك هو مجرد عناية وعن كشف اللثام لا دلالة فيه نعم ذكر صاحب الجواهر إنه قد يقال بإمكان إستفادة توزيع الدية ـ أي الدية الكاملة ـ على المتعدد الذي تثبت فيه الدية والفرض الاجماع على ثبوتها للأربع فتتوزع عليها لأن الأصل عدم الزيادة مضافاً إلى دعوى إنسباق التوزيع للتساوي في مثله ولعله لذا قال في المسالك وهو الأظهر بعد أن إعترف بضعف دلالة الخبرين عليه انتهى.
والقول الثاني ما حكي عن خلاف الشيخ والمحكي عن السرائر من إنه في الأعلى ثلثا الدية وفي الأسفل الثلث من دية العين ولا يوجد لهذا القول دليل بل ولا مفت غيره ممن تقدمه بل هو قد خالف نفسه في المبسوط على ما عرفت بل في الخلاف أيضاً كما ستعرف والقول الثالث ما حكى من موضع آخر من خلاف الشيخ من إنه في الأعلى ثلث الدية وفي الأسفل النصف من الدية وقد إختاره جماعة كثيرة ولذا قال المحقق في الشرائع بعد نقله وينتقص على هذا التقدير سدس الدية والقول بهذا كثير بل في محكي كشف اللثام هو المشهور بل عن الغنية الاجماع عليه وإستدل عليه في الجواهر بما في كتاب ظريف بن ناصح عن الصادق (عليه السلام) المشهور في الديات عن إفتاء أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي رواه المحمدون الثلاثة بطرق عديدة(2) المنجبر مع ذلك في المقام بما عرفت قال وإن اُصيب شفر العين الأعلى فشَتَرَ فديته ثلث دية العين
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الأول، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثاني، ح3 و 4 و 5.
(الصفحة 125)
مائة دينار وستة وستون ديناراً وثلثا دينار وإن اُصيب شفر العين الأسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون ديناراً فما اُصيب منه فعلى حساب ذلك هذا ولم يرجح المحقق في المسألة شيئاً بل إقتصر على نقل الأقوال الثلاثة وأورد عليه أي على القول الأخير في الجواهر إنه مخالف لما سمعته من الاجماع ونفي الخلاف على وجوب تمام الدية للأربع ثم قال اللهم إلاّ أن يقال بما عن المهذب البارع إن هذا النقص إنما هو على تقدير كون الجناية من إثنين لا من واحد بعد دفع إرش الجناية الاُولى وإلاّ وجب دية كاملة إجماعاً. بل في الروضة هذا هو الظاهر من الرواية لكن فتوى الأصحاب مطلقة.
ثم إن الماتن (قدس سره) بعد أن ذكر إن الأخير لا يخلو من ترجيح قال لكن لا يترك الاحتياط بالتصالح والوجه في عدم خلوه من الترجيح وجود الدليل عليه أوّلا وكونه موافقاً لفتوى المشهور التي هي أولى المرجحات في باب الأخبار المتعارضة على ما أشرنا إليه ثانياً ولكن مع ذلك لا يجوز ترك الاحتياط بالتصالح خصوصاً بعد كون أساس القول بالأقوال الثلاثة هو الشيخ تارة في المبسوط واُخرى في موضع من الخلاف وثالثة في موضع آخر من كتاب الخلاف وهو يكشف عن عدم وضوح المسألة عنده فلا يترك الاحتياط بالتصالح كما في المتن.
(الصفحة 126)
الثالث: الأنف
مسألة 1 ـ في الأنف إذا قطع من أصله الدية كاملة وكذا في مارنه ـ وهو ما لان منه ونزل عن قصبته ـ ولو قطع المارن وبعض القصبة دفعة فالدية كاملة، ولو قطع المارن ثم بعض القصبة فالدية كاملة في المارن والارش في القصبة ولو قطع المارن ثم قطع جميع القصبة ففي المارن الدية فهل للقصبة الدية أو الارش فيه تأمل ولو قطع بعض المارن فبحساب المارن1 .
1 - أمّا ثبوت الدية الكاملة فيما إذا قطع الأنف من أصله وكذا في مارنه وهو ما لان منه فقد ذهب إليه جمع كثير من الفقهاء لأنه مما في الانسان منه واحد وفيه الدية نصّاً وفتوىً كما عرفت ولروايات كثيرة:
منها صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الأنف إذا استؤصل جدعه الدية وفي العين إذا فقئت نصف الدية وفي الاذن إذا قطعت نصف الدية وفي اليد نصف الدية وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة الدية(1). ولعله لأجله ذكر المحقق في الشرائع وفيه الدية كاملة إذا إستؤصل.
ومنها صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) المشتملة على قوله (عليه السلام): وفي الأنف إذا قطع المارن الدية(2).
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الأول، ح5.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الأول، ح4.