(الصفحة 151)
مسألة 8 ـ لو قطع لسان طفل قبل بلوغه حدّ النطق فعليه الدية كاملة، ولو بلغ حدّه ولم ينطق فيقطعه لا يثبت إلاّ الثلث، ولو إنكشف الخلاف يؤخذ ما نقص من الجاني1 .
مسألة 9 ـ لو جنى عليه بغير قطع فذهب كلامه ثم عاد فالظاهر إنه تستعاد الدية وأمّا لو قلع سنّه فعادت فلا تستعاد ديتها2 .
1 - أمّا ثبوت الدية الكاملة قبل بلوغه حدّ النطق فلاصالة السلامة وإطلاق ما دل على وجوبها باستئصاله من دون فرق بين الرجل وغيره وإن ورد لفظ الرجل في بعض الأخبار ومن هنا لا خلاف فيه بين المتعرضين لهذا الفرع وإن وقع التقييد من بعضهم بما إذا كان يحرّك لسانه لبكاء أو غيره ولكنه لا حاجة إليه بعد الأصل والاطلاق المزبورين نعم لو بلغ حدّه ولم ينطق فليس فيه إلاّ الثلث للاطمئنان وغلبة الظن بالآفة الملحقة له بالأخرس ولو إنكشف الخلاف يؤخذ ما نقص من الجاني.
2 - لو وقعت الجناية على اللسان من غير طريق قطعه رأساً فذهب كلامه طرّاً واُخذت الدية الكاملة لأجله ثم عاد الكلام كذلك أي طرّاً بأجمعه فقد حكى و عن مبسوط الشيخ «إنه تستعاد الدية من المجنى عليه لأنه لما نطق وتكلم بعد أن لم ينطق علمنا إن كلامه ما كان ذهب إذ لو كان ذهب لما عاد لأن إنقطاعه بالشلل والشلل لا يزول» وأضاف إليه قوله: ولا كذلك إذا نبت لسانه لأنا نعلم إنه هبة مجددة من الله تعالى فلهذا لم يردّ الدية ولكنه قال في محكي خلافه لا تستعاد الدية لأن الأخذ كان بحق والاستعادة تفتقر إلى دليل وقال المحقق في الشرائع وهو أشبه وعن العلامة في
(الصفحة 152)
المختلف إنه قرّبه وفي التحرير إنه إستحسنه وأورد عليه صاحب الجواهر (قدس سره) بأن المنساق من النصوص كون الدية على الذاهب دائماً دون الذاهب مدة كما هو الفرض ودعوى إن العائد هبة جديدة لا شاهد لها خصوصاً بعد حكم أهل الخبرة بعوده أو عدم علمهم بالحال بل لو حكموا بعدم عوده تبيّن الخطاء في حكمهم لا إنه تبين بذلك كونه هبة جديدة انتهى ومن هنا يعلم إن مقتضى القاعدة سقوط الدية في السنّ أيضاً لكنه ثبت هناك إنه لا تستعاد الدية بوجه فلا يقاس المقام بذلك وراجع كتاب القصاص مسألة قلع السن ومنه يظهر إن ما ذكر من إن الاستعادة تفتقر إلى دليل ولا محالة ذلك الدليل مفقود ومردود بأنّ إقتضاء ذهاب الكلام في مدة خاصة دون الدوام لثبوت الدية، يحتاج إلى دليل مفقود لأن المنساق من النصوص كون الدية على الذاهب دائماً فالتحقيق موافق لما في المتن الذي إختاره تبعاً للشيخ في المبسوط كما عرفت.
فـــرع
لو ذهب الكلام بقطع البعض ثم عاد ففي محكي قواعد العلامة قيل يستعاد لأنه لو ذهب لما عاد وقيل لا والأقرب الاستعادة إن علم إن الذهاب أولا ليس بدائم وإلاّ فلا.
ويرد عليه إشتراك المسألتين في المناط والملاك ولا وجه للتفصيل هنا مع الحكم بعدم الاستعادة هناك مطلقاً كما لا يخفى.
(الصفحة 153)
السابع: الأسنان
مسألة 1 ـ في الأسنان الدية كاملة وهي موزعة على ثمان وعشرين سنّاً إثنتا عشرة في مقاديم الفم ثنيتان ورباعيتان ونابان من أعلى ومثلها من أسفل في كل واحدة منها خمسون ديناراً فالجميع ستمائة دينار وست عشرة في مآخر الفم في كل جانب من الجوانب الأربعة أربعة ضواحك وأضراس ثلاثة في كل واحدة منها خمسة وعشرون ديناراً فالجميع أربعمائة دينار ولا يلحظ النواجد في الحساب ولا الأسنان الزائدة1 .
1 - لا إشكال بل ولا خلاف في ثبوت الدية الكاملة بالاضافة إلى جميع الأسنان التي هي ثمان وعشرون سنّاً كما إنه لا إشكال في توزيع الدية على المقدار المذكور لكن في كيفية التوزيع إشكال فالمشهور مطابق لما أفاده في المتن من إختلاف الأسنان الواقعة في مقاديم الفم مع الأسنان الواقعة في المآخر وهنا روايات تدل على التقسيم بالسوية.
منها صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال الأسنان كلها سواء في كل سن خمسمائة درهم(1).
ومنها ما
في
كتاب ظريف
بن
ناصح عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال وجعل الأسنان سواء(2).
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن والثلاثون، ح3.
- (2) مستدرك الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن، ح1.
(الصفحة 154)
ومنها ما رواه العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) من إنه كتب لعمرو بن حزم وفي السن خمس من الابل(1).
ولكن في مقابلها رواية الحكم بن عتيبة التي عمل بها المشهور به وبه ينجبر ضعفها قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أصلحك الله إن بعض الناس في فيه إثنان وثلاثون سنّاً وبعضهم له ثمانية وعشرون سنّاً فعلى كم تقسّم دية الأسنان. فقال: الخلقة إنما هي ثمانية وعشرون سنّاً إثنا عشر في مقاديم الفم وستة عشر في مواخيره فعلى هذا قسّمت دية الأسنان، فدية كل سنّ في المقاديم إذا كسرت حتى يذهب خمسمائة درهم فديتها كلها ستة آلاف درهم، وفى كل سنّ من المواخير إذا كسرت حتى تذهب، فان ديتها مائتان وخمسون درهماً وهي ستة عشر سنّا فديتها كلها أربعة آلاف درهم فجميع دية المقاديم والمواخير من الأسنان عشرة آلاف درهم، وإنما وضعت الدية على هذا فما زاد على ثمانية وعشرين سنّا فلا دية له وما نقص فلا دية له هكذا وجدناه في كتاب علي (عليه السلام)(2). وهنا رواية رواها الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قضى في الأسنان التي تقسم عليها الدية إنها ثمانية وعشرون سنّاً ستة عشر في مواخير الفم وإثنى عشر في مقاديمه فدية كل سنّ من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون ديناراً يكون ذلك ستمائة دينار ودية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون ديناراً فيكون ذلك
- (1) نيل الأوطار للشوكاني ج7 ص213.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن والثلاثون، ح2.
(الصفحة 155)
مسألة 2 ـ لو نقصت الأسنان عن ثمان وعشرين نقص من الدية بإزائه كان النقص خلقة أو عارضاً1 .
أربعمائة دينار فذلك ألف دينار فما نقص فلا دية له وما زاد فلا دية له(1). والظاهر إنها لا تكون رواية اُخرى بل هي متحدة مع الرواية الاُولى كما لا يخفى ولا إشكال في رجحان هذه الرواية بسبب الشهرة مع إن الروايات الدالة على التساوي يزيد على الدية الكاملة ويمكن الحمل على التقية لاتفاق العامة، كما قيل تبعاً للرواية العامية المتقدمة. على إن في كل سنّ خمساً من الابل من غير فرق بين المقاديم والمآخير وإن كان الموجود في كتاب ظريف والأسنان كلها سواء وكان قبل ذلك يقضي في الثنية خمسون ديناراً وفي الرباعية أربعون ديناراً وفي الناب ثلاثون ديناراً وفي الضرس خمسة وعشرون ديناراً الحديث(2) لكنها مضافاً إلى معارضتها مع الرواية المتقدمة تكون مرجوحة بالاضافة إليها لما عرفت وإن حكى عن وافي الفيض إنه قال: إن المستفاد منه ـ أي من النص ـ إن التسوية هي الصواب وإن التفاوت محمول على التقية. لكنه كما ترى لا ينطبق على الاُصول كما لا يخفى.
1 - قد وقع التصريح في رواية الحكم بن عتيبة وكذا في رواية اُخرى التي قد عرفت إنهما متحدتان بأن الملاك في الحساب هو ثمانية وعشرون وإن ما زاد لا دية له وإن ما نقص لا دية له فاعلم إن المراد من عدم ثبوت الدية على الناقص إن مجموع الناقص بما هو لا دية له بحيث كانت الدية موزعة على الناقص وإلاّ تقع
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن والثلاثون، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن، ح1.