(الصفحة 156)
مسألة 3 ـ ليس للزائد على ثمان وعشرين دية مقدرّة والظاهر الرجوع إلى الحكومة سواء كانت الزيادة من قبيل النواجد التي هي في رديف الأسنان أو نبت الزائد جنبها داخلا أو خارجاً ولو لم يكن في قلعها نقص أو زاد كمالا فلا شيء وإن كان الفاعل ظالماً آثماً وللحاكم تعزيره1 .
المنافاة بينه وبين التوزيع المذكور في الرواية بالاضافة إلى المقاديم والمأخير فمقتضى ما ذكرنا إنه لو نقصت الأسنان عن ثمان وعشرين أما خلقة أو عارضاً ينقص من الدية بإزائه فإن كان من المقاديم فبازاء كل خمسون ديناراً وإن كان من المآخير ففي مقابل كل خمسة وعشرون ديناراً فتدبر.
1 - قد عرفت المراد من عدم الدية في صورة النقصان فإعلم إن المراد من عدم ثبوت الدية على ما زاد كما هو المذكور في الرواية عدم ثبوت الدية المقدرة الشرعية على ما زاد وعدم مدخليته في توزيع الدية أصلا كما صرح به في المسألة الاُولى وعليه فالظاهر كما في المتن الرجوع إلى الحكومة سواء كانت الزيادة من قبيل النواجد التي هي في رديف الأسنان أو نبت الزائد جنبها داخلا أو خارجاً وقد قواه صاحب الجواهر (قدس سره) بعد أن ذكر إن الأقوال في المسألة التفصيل والثلث مطلقاً والحكومة كذلك أو مع الانفراد وعدم شيء مطلقاً وقال المحقق في الشرائع: وليس للزائد إن قلعت منضمة إلى البواقي دية وفيها ثلث دية الأصلية إن قطعت منفردة وقيل فيها الحكومة والأول أظهر. وفي محكي المسالك إنه أشهر وفي مجمع البرهان إنه المشهور وعن ابن إدريس إن هذا المذهب قوي وبه أخبار كثيرة معتمدة وفي النكت
(الصفحة 157)
في الرد عليه «لاندري قوته من أين عرفها ولا الأخبار التي أشار إليها أين وجدها ولا الكثرة من أين حصّلها ونحن مطالبوه بدعواه.»
أقول روى السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) الأسنان (للانسان خل) احدى وثلاثون ثغرة في كل ثغرة ثلاثة أبعرة وخُمس بعير(1) وفي الوسائل بعد نقله قال حمله الشيخ على التقية لما مرّ وهذه الرواية مضافاً إلى عدم حجيتها في نفسها سيما على مبناه من عدم حجية خبر الواحد ولا أقل الشك فيها وإلى معارضتها لما مرّ من أن الأسنان التي يوزع عليها الدية ثمانية وعشرون لا أزيد ولا أنقص لا تكون الا رواية واحدة لا إخباراً كثيرة معتمدة ومن جميع ما ذكرنا يظهر إن الأظهر هي الحكومة مطلقاً.
ثم إنه لو لم يكن في قلعها نقص أصلا أو كانت زيادة كمال فالظاهر عدم ثبوت شيء على القالع خصوصاً إذا كان بإذنه كما هو الشائع في زماننا هذا بعد المراجعة إلى الدكتور المعالج التي يقال له بالفارسية «دندانپزشك» لأنه لا يكون هناك جناية نعم قد يكون الفاعل غير مأذون بل ظالماً آثماً وفي هذه الصورة ربما يتحقق التعزير بلحاظ كونه عملا غير مشروع ولا يكون من الدية والحكومة أثر أصلا.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن والثلاثون، ح5.
(الصفحة 158)
مسألة 4 ـ لا فرق في الأسنان بين أبيضها وأصفرها وأسودها إذا كان اللون أصلياً لا لعارض وعيب، ولو إسودت بالجناية ولم تسقط فديتها ثلثا ديتها صحيحة على الأقوى، ولو قلع السن السوداء بالجناية أو لعارض فثلث الدية على الأحوط بل لا يخلو من قرب، وفي إنصداع السنّ بلا سقوط الحكومة على الأقوى1 .
1 - قال المحقق في الشرائع وتستوي البيضاء والسوداء خلقة وكذا الصفراء وإن جنى عليها وليس للزائدة إن قلعت منضمة إلى البواقي دية وفيها ثلث دية الأصلية إن قطعت منفردة وقيل فيها الحكومة والأول أظهر إنتهى.
وإستظهر صاحب الجواهر (قدس سره) منها الفرق بين السوداء والصفراء من جهة إن الصفراء لا فرق فيها بين صورة الجناية وعدمها بخلاف السوداء فإن الدية فيها تختص بصورة عدم الجناية بل وجود الخلقة قال ولعل الفرق بينهما ما ذكره في المبسوط من إنه إذا ضرب سنّه فصارت صفراء ففيها الحكومة قال فإن قلعها قالع بعد هذا فعليه الدية لأنها سنّ بحيالها وقد لحقها مثلين فهي كالاصبع إذا لحقها شين فقطعت فإن فيها ديتها أيضاً لكن ذكر في الجواهر إن جميع ما يجري في الصفرة يجري في السوداء قال ويمكن الفرق بينهن بما تسمعه من النصّ والله العالم.
هذا وأمّا لو إسودت بالجناية ولم تسقط فقد قوى في المتن إن ديتها ثلثا ديتها صحيحة وقد نفى وجدان خلاف محقق فيه بل في كشف اللثام نسبته إلى قطع الأصحاب وفيها روايات عمدتها صحيحة عبدالله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال السنّ إذا ضربت إنتظر بها سنة فإن وقعت اُغرم الضارب خمسمائة درهم وإن لم تقع
(الصفحة 159)
وإسودت اُغرم ثلثي الدية(1).
لكن في مقابلها مرسلة أبان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام)يقول إذا إسودت الثنية جعل فيها (ثلث) الدية(2). ولكن الرواية مضافاً إلى الارسال فيها والاضطراب في متنها من جهة الجمع بين يقول وجعل; وقع الاختلاف في نقلها ففي الكافي والتهذيب والاستبصار جعل فيها الدية وقال في الاستبصار فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على التفصيل الذي ذكرناه في الرواية الاُولى من إيجاب ثلثي الدية فيها دون الدية الكاملة.
أقول مع إن الشهرة الفتوائية المحققة مطابقة للاُولى نعم في كتاب ظريف فإذا إسودت السنّ إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون ديناراً(3). وفي فقه الرضا إذا تغير السنّ إلى السوداء ديته ستة دنانير وإذا تغيرت إلى الحمرة فثلاثة دنانير وإذا تغيرت إلى الخضرة فدينار ونصف ولكن الثانية غير حجة والاُولى لا تقاوم ما ذكر.
هذا ولو قلع السن السوداء بالجناية أو لعارض فقد إحتاط في المتن بثبوت الثلث ونسبه المحقق في الشرائع إلى الأشهر وعن الخلاف وظاهر الغنية الاجماع عليه ولكن المحكي عن النهاية والقاضي ويحيى بن سعيد ثبوت الربع ويدل على الأول رواية عبدالرحمن العرزمي عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) إنه جعل في السنّ السوداء ثلث ديتها
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن، ح4.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن، ح1.
- (3) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن، ح1.
(الصفحة 160)
الحديث(1). وضعفها منجبر بالشهرة ورواية الحكم بن عتيبة المشتملة على قول أبي جعفر (عليه السلام)وكلما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح(2). بناءً على إنه شلل أو حيث يتحقق فيه الشلل كما إنه يدل على الربع رواية عجلان عن الصادق (عليه السلام)قال في دية السن الأسود ربع دية السن(3). ولكنها مع ضعفها وندرة القائل بها تقصر عن مقاومة ما عرفت فالأحوط ما اُفيد في المتن.
بقي الكلام في انصداع السنّ بلا سقوط وقد قوى في المتن فيه الحكومة وقد جعلها المحقق في الشرائع الأشبه ولكن المحكي عن الشيخين وابن حمزة والفاضل بل في محكي الروضة وغيرها النسبة إلى المشهور ثبوت ثلثي الدية ويستفاد من بعض الكلمات ثبوت رواية عليه وقال المحقق في الشرائع وفي الرواية ضعف لكن قد إعترف غير واحد ممن تأخر عنه بعدم العثور عليها وعلى أي فبعد الثبوت لا تعلم صحة الرواية والمفروض إنه لا جابر لها فيقوى في النظر حينئذ الحكومة كما قواها في المتن ودعوى ـ إنّ الأصح مجبورية الرواية سنداً ودلالة ـ مدفوعة بأن أصل وجودها غير معلوم والدلالة غير قابلة للانجبار بوجه نعم في كتاب ظريف فان انصدعت ولم تسقط فديتها خمسة و عشرون دينارا(4) لكن الثانية غير معتبرة والاُولى غير مقاومة كما عرفت على إنه لم يوجد عامل بهما في هذا المورد أصلا كما لا يخفى.
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثالث والأربعون، ح2.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع والثلاثون، ح1.
- (3) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الأربعون، ح3.
- (4) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الثامن، ح1.