(الصفحة 243)
مسألة 5 ـ لو عاد الذوق تستعاد الدية والأحوط التصالح1 .
السادس: قيل لو اُصيب بجناية فتعذر عليه الانزال ففيه الدية، وكذا لو تعذر عليه الاحبال، وكذا لو تعذر عليه الالتذاذ بالجماع، وفي الجميع إشكال والأقرب الحكومة نعم لا يترك الاحتياط في إنقطاع الجماع أي تكون الجناية سبباً لانقطاع أصل الجماع وعدم نشر الآلة2 .
1 - الوجه في عود الدية بعد عود الذوق عدم وجود موجبها وهو زوال الذوق بالمرة ولكن مقتضى الاحتياط الوجوبي في ذلك التصالح لعدم وجود دليل على أصله ولا على عوده كما عرفت.
2 - في هذا الأمر فروع:
الأول لو اُصيب بجناية فتعذر عليه الإنزال فقط قيل فيه الدية وقد صرح به المحقق في الشرائع وقبله الشيخ وبعده ابن سعيد والفاضلان بل في محكي الرياض نفي الخلاف فيه للضابطة المتقدمة التي عرفت المناقشة في شمولها لمثل المقام ولرواية سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) المشتملة على قوله (عليه السلام) وفي الظهر إذا إنكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة(1). فإنه يستفاد من قوله حتى لا ينزل صاحبه الماء إن الملاك عدم الإنزال ولو كانت الجناية غير كسر الظهر ولكن الاستفادة ممنوعة فالقاعدة تقتضي الذهاب إلى الحكومة.
الثاني لو تعذر عليه الإحبال فقط وإن كان ينزل وقد أوجب العلامة في المحكي عنه فيه الدية للضابطة المزبورة ولرواية سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام)
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الأول، ح7.
(الصفحة 244)
المشتملة على قوله وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد فقال الدية كاملة(1). وفي دلالتها على حكم المقام إشكال مع إنه في صحيحة أبي بصير قال: قلت: لأبي جعفر (عليه السلام) ما ترى في رجل ضرب امرأة شابّة على بطنها فعقر رحمها فأفسد طمثها وذكرت إنه قد إرتفع طمثها عنها لذلك وقد كان طمثها مستقيماً، قال: ينتظر بها سنة فإن رجع طمثها إلى ما كان وإلاّ استحلفت وغرم ضاربها ثلث ديتها لفساد رحمها وإنقطاع طمثها(2). ولكن الظاهر إن موردها الحبل لا الإحبال الذي هو محل البحث في المقام والأقرب فيه أيضاً الحكومة.
الثالث لو تعذر عليه بسبب الجناية الواقعة الالتذاذ بالجماع فالمحكي عن الفاضل أيضاً إن فيه الدية ولا دليل عليه غير الضابطة المزبورة مع المناقشة الواردة عليها بالاضافة إلى الشمول لمثل المقام فالأقرب فيه أيضاً الحكومة.
الرابع لو صارت الجناية سبباً لانقطاع أصل الجماع ونشر الآلة نهى عن ترك الاحتياط فيه في المتن ولعلّ منشأه أنه قوام الرجل والجماع من أركان الالتذاذ كما لا يخفى ولكنه لم يرد فيه بالخصوص تقدير فلاحظ.
- (1) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب التاسع، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب العاشر، ح1.
(الصفحة 245)
السابع: في سلس البول الدية كاملة إن كان دائماً على الأقوى، والأحوط ذلك إن دام تمام اليوم كما إن الأحوط فيما كان إلى نصف النهار ثلثا الدية و إلى إرتفاعه ثلثها، وفي سائر أجزاء الزمان الحكومة والمراد من اليوم أو تمام اليوم أو بعضه هو كونه كذلك في جميع الأيام، وإن صار كذلك في بعض الأيام وبرء فيه الحكومة1 .
1 - المشهور على ما في محكي المسالك إن في سلس البول الدية الكاملة لأنه يدل عليها مضافاً إلى الضابطة التي أشرنا إليها وإلى مناقشتها رواية غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه (عليه السلام)إنّ عليّاً (عليه السلام) قضى في رجل ضرب حتى سلس بوله بالدية كاملة(1). وخبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) إن رجلا ضرب رجلا على رأسه فسلس بوله فرفع إلى علي (عليه السلام) فقضى عليه بالدية في ماله(2). قال المحقق في الشرائع وفيهما ضعف، هذا ولكن الضعف منجبر بالشهرة وبالروايات الواردة في كسر البعصوص فلا يملك إسته وفي ضرب العجان فلا يستمسك بوله ولا غائطه فالأقوى فيه الدية الكاملة.
ولكنه حكي عن الشيخ وبني حمزة وسعيد وإدريس إنه إن دام إلى الليل ففيه الدية وإن كان إلى الزوال فثلثا الدية وإلى إرتفاع النهار فثلث الدية، وعن بعضهم ثم على هذا الحساب وعن الرياض الظاهر ثبوت الشهرة القديمة عليه والعمدة رواية الاسحاق عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سأله رجل وأنا عنده عن رجل ضرب رجلا فقطع بوله، فقال له: إن كان البول يمرّ إلى الليل فعليه الدية لأنه قد منعه المعيشة وإن
- (1) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب التاسع، ح4.
- (2) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب التاسع، ح5.
(الصفحة 246)
كان إلى آخر النهار فعليه الدية وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية وإن كان إلى إرتفاع النهار فعليه ثلث الدية(1). وفي الوسائل بعد نقل الرواية عن الشيخ قال ورواه الكليني عن محمد بن يحيى مثله، وفي الجواهر حكي عن الفقيه والمقنع بدل فقطع بوله فلم ينقطع بوله خالياً عن العلة المذكورة وإحتمل أن يكون قطع البول فيه بمعنى قطع مجراه أو شيء منه حتى لا يستمسك أو من التقطيع بمعنى التفريق الموجب للسلس ودوام الخروج شيئاً فشيئاً.
نعم يقع الكلام في الحكم بثبوت الدية الكاملة في الفرضين الأولين معاً وإحتمل فيهما الاتحاد معنى والتأكيد كما إنه إحتمل فيهما الاختلاف بأن يراد بالشرطية الثانية الاستمرار إلى قريب من الليل لا إليه مؤيداً بالأصل لأن لزوم الدية على الاطلاق مما ينفيه أصالة البراءة فينبغي الاقتصار فيه على المتيقن الذي هو الصورة الاُولى وأمّا الصورة الثانية فالأصل عدم لزومها فيها أيضاً.
هذا والظاهر إنه لا إجماع في المسألة يعتمد عليه والخبر ضعيف بصالح بن عقبة الراوي عن الإسحاق المزبور لأنه غال كذاب لا يلتفت إلى روايته مع الاغتشاش في متنه على رواية التهذيب والكافي فلا يترك الاحتياط بالتصالح ومنه يظهر إن المتجه الحكومة بالاضافة إلى سائر أجزاء الزمان مثل ما إذا سلس في ساعتين من اليوم قبل الزوال ـ مثلا كما إن المتجه أيضاً الحكومة فيما إذا صار كذلك في بعض الأيام وإن كان إلى الليل أو مطلقاً لكنه برء بعد يوم أو أيام لأن المعهود أن ثبوت الدية وكذا بعضها المقدر إنما هو في ذهاب العضو أو المنفعة رأساً لا ما إذا تحقق البرء
- (1) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب التاسع، ح3.
(الصفحة 247)
الثامن: في ذهاب الصوت كلّه الدية كاملة، وإذا ورد نقص على الصوت كما غن أو بح فالظاهر الحكومة والمراد بذهاب الصوت أن لا يقدر صاحبه على الجهر ولا ينافي قدرته على الاخفات1 .
من ذلك بعد يوم أو أيام أيضاً كما لا يخفى.
1 - أمّا ثبوت الدية الكاملة في ذهاب الصوت كلّه فقد ورد فيما عرضه يونس على الرضا (عليه السلام)من أنّ في ذهاب السمع كلّه ألف دينار والصوت كلّه من الغنن والبحح ألف دينار الحديث(1). وفي رواية الأصبغ بن نباتة الواردة في رجل ضرب رجلا على هامته فإدعى المضروب إنه لا يبصر (بعينه) شيئاً ولا يشم الرائحة وإنه قد ذهب لسانه (خرس فلا ينطق) الدالة على إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال إن صدق فله ثلاث ديات(2). وفيها أيضاً إن علامة صدق دعواه في اللسان إنه يضرب على لسانه بابرة فإن خرج الدم أحمر فقد كذب وإن خرج الدم أسود فقد صدق.
وكيف كان فموضوع الحكم بثبوت الدية إنما هو ذهاب الصوت كله وأمّا إذا ورد نقص على الصوت فلم يقع فيه تقدير شرعي فالظاهر فيه الحكومة كما إن الظاهر إن المراد بذهاب الصوت كله ليس هو عدم القدرة عليه مطلقاً لا جهراً ولا إخفاتاً بل عدم القدرة على الجهر فقط وإن كان في رواية الأصبغ التعبير بذهاب اللسان وفي نسخة فلا ينطق لكن الظاهر إن المراد به أيضاً ذلك.
- (1) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب الأول، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات المنافع، الباب الرابع، ح1.