(الصفحة 271)
وفي هذا الزمان الذي هو زمن الغيبة وعدم الحضور فالولي هو الحاكم ويقوم مقام ولي المقتول في القصاص في قتل العمد وإستيفاء الدية في قتلى شبيه العمد والخطاء وقد وردت في هذا المجال صحيحة أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مسلم قتل رجلا مسلماً (عمداً) فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلاّ أولياء من أهل الذمة ومن قرابته فقال على الامام أن يعرض على قرابته من أهل بيته، الاسلام فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم أحد كان الامام ولي أمره، فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لأن جناية المقتول كانت على الامام فكذلك تكون ديته لامام المسلمين; قلت: فإن عفا عنه الامام; قال فقال: إنما هو حق جميع المسلمين وإنما على الامام أن يقتل أو يأخذ الدية وليس له أن يعفو(1). قال صاحب الوسائل ورواه في العلل عن أبيه عن سعد عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب مثله إلاّ إنه أسقط حكم العفو من الامام، وغير ذلك من الروايات الواردة.
وهل للحاكم العفو مجّاناً أو لا فيه إحتمالان وإحتاط في المتن بالعدم ومنشأه وجود روايات دالة على العدم كالرواية المتقدمة على بعض طرقها وبعض الروايات الاُخر مضافاً إلى إنه قول الأكثر بل كاد يكون إجماعاً ولم يعرف فيه مخالف إلاّ الحلي إلاّ أن يقال بإحتمال الفرق بين الامام والحاكم وهو مدفوع بمقتضى التعليل الوارد في جمع منها وهو إن جنايته على بيت مال المسلمين فلا ينبغي ترك الاحتياط.
- (1) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب الستون، ح1.
(الصفحة 272)
(الصفحة 273)
القول في اللواحق
وهي اُمور:
الأول في الجنين
الجنين إذا ولج فيه الروح ففيه الدية كاملة ألف دينار إذا كان بحكم المسلم الحرّ وكان ذكراً وفي الاُنثى نصفها، وإذا إكتسى اللحم وتمتّ خلقته ففيه مائة دينار ذكراً كان الجنين أو اُنثى، ولو لم يكتس اللحم وهو لحم ففيه ثمانون ديناراً، وفي المضغة ستون، وفي العلقة أربعون، وفي النطفة إذا إستقرت في الرحم عشرون من غير فرق في جميع ذلك بين الذكر والاُنثى1 .
1 - هذا هو المشهور والمخالف نادر ويدل عليه روايات.
منها ما رواه المشايخ الثلاثة بأسانيدهم إلى كتاب ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام)قال جعل دية الجنين مائة دينار وجعل مني الرجل إلى أن يكون جنيناً خمسة أجزاء فإذا كان جنيناً قبل أن تلجه الروح مائة دينار وذلك إن الله عزوجل خلق الانسان
(الصفحة 274)
من سلالة ـ وهي النطفة ـ فهذا جزء ثم علقة فهو جزأن، ثم مضغة فهو ثلاثة أجزاء ثم عظماً فهو أربعة أجزاء ثم يكسا لحماً فحينئذ تم جنيناً فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار والمائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرين ديناراً وللعلقة خمسي المائة أربعين ديناراً وللمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً وللعظم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً فإذا كسى اللحم كانت له مائة كاملة، فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس بألف دينار كاملة إن كان ذكراً وإن كان اُنثى فخمسمائة دينار وإن قتلت امرأة وهي حبلى متم فلم يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أو اُنثى ولم يعلم أبعدها مات أم قبلها فديته نصفين (نصفان ظ) نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى ودية المرأة كاملة بعد ذلك وذلك ستة أجزاء من الجنين الحديث(1).
ومنها مرسلة ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال دية الجنين خمسة أجزاء خمس للنطفة عشرون ديناراً وللعلقة خمسان أربعون ديناراً، وللمضغة ثلاثة أخماس ستون ديناراً وللعظم أربعة أخماس ثمانون ديناراً وإذا تم الجنين كانت له مائة دينار فإذا انشئ فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكراً وإن كان اُنثى فخمسمائة دينار وإن قتلت المرأة وهي حبلى فلم يدر أذكراً كان ولدها أم اُنثى فدية الولد نصف دية الذكر ونصف دية الاُنثى ودية كاملة(2).
ومنها رواية سليمان بن صالح عن أبي عبدالله (عليه السلام) في النطفة عشرون ديناراً وفي العلقة أربعون ديناراً، وفي المضغة ستون ديناراً، وفي العظم ثمانون ديناراً، فإذا كسى
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الواحد والعشرون، ح1.
(الصفحة 275)
اللحم فمائة دينار ثم هي ديته حتى يستهل فإذا إستهل فالدية كاملة(1).
ومنها رواية أبي جرير القمي قال سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن النطفة ما فيها من الدية؟ وما في العلقة؟ وما في المضغة؟ وما فى المخلّقة؟ وما يقرّ في الأرحام؟ فقال إنه يخلق في بطن اُمّه خلقاً من بعد خلق يكون نطفة أربعين يوماً ثم تكون علقة أربعين يوماً ثم مضغة أربعين يوماً ففي النطفة أربعون ديناراً وفي العلقة ستون ديناراً وفي المضغة ثمانون ديناراً فإذا اكتسى العظام لحماً ففيه مائة دينار قال الله عزوجل ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين فإن كان ذكراً ففيه الدية وإن كانت اُنثى ففيها ديتها(2). وذكر صاحب الوسائل بعد نقلها هذا محمول على زيادة خلقة النطفة إلى أن تبلغ علقة وزيادة العلقة إلى أن تبلغ المضغة وزيادة المضغة إلى أن تبلغ العظم.
ثم الظاهر إنه لا إشكال في ثبوت الدية الكاملة بعد ولوج الروح فيه وهو الذي يشير إليه قوله تعالى ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين وتعليقها على الاستهلال الذي هو أول صوت الصبي بعد الولادة كما في بعض الروايات المتقدمة بل الحكم بثبوت مائة دينار حتى يستهل مخالف لسائر الروايات التي وقع فيها التصريح بأن ثبوت الدية الكاملة إنما هو إذا انشاء فيه الروح بل ربما يقال بثبوت الدية الكاملة قبل ولوج الروح أيضاً كالعمّاني نظراً إلى صحيحة أبي عبيدة عن الصادق أو عن أبيه (عليهما السلام) في امرأة شربت دواءً (عمداً خل) وهي حامل لتطرح ولدها (على رواية الفقيه) ولم يعلم بذلك زوجها فألقت ولدها فقال: إن كان له عظم
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح9.