(الصفحة 276)
وقد نبت عليه اللحم عليها دية تسلّمها إلى أبيه وإن كان حين طرحته علقة أو مضغة فإنّ عليها أربعين ديناراً أو غرّة تسلّمها إلى أبيه، قلت له: فهي لا ترث من ولدها من ديته مع ابيه؟ قال لا لأنها قتلته فلا ترثه.(1) وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)المشتملة على قوله (عليه السلام) إذا كان عظماً شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه فإذا كان كذلك فإن فيه الدية كاملة(2). فإن مقتضى إطلاقهما ثبوت الدية الكاملة حتى قبل ولوج الروح لكنهما قابلان للتقييد بما ذكر نعم حكي عن الاسكافي إنه قال: إذا ألقى الجنين ميتاً من غير أن تتبين حياته بعد الجناية على الاُم كان فيه غرة عبداً أو أمة إذا كان الاُم حرة مسلمة وقدر قيمة الغرّة قدر نصف عشر الدية ويدل عليه روايات:
منها رواية السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جنين الهلاليّة حيث رميت بالحجر فألقت ما في بطنها ميتاً فإن عليه غرة عبّداً أو أمة(3).
ومنها رواية أبي بصير التي رواها عنه علي بن أبي حمزة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال إذا ضرب الرجل امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميتاً فإن عليه غرّة عبد أو أمة يدفعه إليها(4).
ومنها رواية داود بن فرقد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال جائت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنيناً فقال الأعرابي لم يهلّ ولم يصح ومثله يطل، فقال
- (1) الوسائل: أبواب موانع الارث، الباب الثامن، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب التاسع عشر، ح4.
- (3) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح3.
- (4) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح5.
(الصفحة 277)
النبي (صلى الله عليه وآله) اُسكت سجّاعة عليك غرّة وصيف عبد أو أمة(1).
حكي عن الفيروز آبادي إنه قال الطل بدر الهدم.
ومنها رواية سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) إنّ رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وقد ضرب امرأة حبلى فأسقطت سقطاً ميتاً فأتى زوج المرأة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فاستعدى عليه فقال الضارب يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أكل ولا شرب ولا إستهل ولا صاح ولا استبش (استبشر) فقال النبي (صلى الله عليه وآله) إنك رجل سجاعة فقضى فيه رقبة(2). والظاهر إتحاد القضية والواقعة مع مورد الرواية السابقة.
ومنها صحيحة أبي عبيدة والحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سئل عن رجل قتل امرأة خطأً وهي على رأس ولدها تمخض فقال خمسة آلاف درهم وعليه دية الذي في بطنها وصيف أو وصيفة أو أربعون ديناراً(3).
ومنها رواية أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال أُتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) برجل قد ضرب امرأة حاملا بعمود الفسطاط فقتلها، فخيّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوليائها أن يأخذوا الدية خمسة آلاف درهم وغرّة وصيف أو وصيفة للذي في بطنها أو يدفعوا إلى أولياء القاتل خمسة آلاف ويقتلوه(4).
ومنها غير ذلك من الروايات الواردة.
وأمّا التقدير بنصف عشر الدية كما في كلام الاسكافي فيدل عليه رواية عبيد بن
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح2.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح4.
- (3) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح6.
- (4) الوسائل: أبواب قصاص النفس، الباب الثالث والثلاثون، ح5.
(الصفحة 278)
زرارة قال قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) الغرّة قد تكون بمائة دينار وقد تكون بعشرة دنانير فقال بخمسين(1). وظاهر صحيحة أبي عبيدة والحلبي المتقدمة إن قيمتها أربعون وفي موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) إن الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها أربعون ديناراً(2). ورواها الكليني بسند صحيح وفي رواية السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها خمسمائة درهم(3). وهي أيضاً على التقدير المزبور لأن خمسمائة درهم تطابق خمسين ديناراً وأخبار التقدير مطلقاً موهونة بما عن المختلف من تضمنها الحوالة على أمر غير منضبط لا تناط به الأحكام فإن جعل قيمة واحدة للقيمي مطلقاً مع إن القيمة السوقية تزيد وتنقص نوعاً لا مجال لها خصوصاً بعد ضعف سند بعضها من دون أن يكون هناك جابر ومع موافقتها أجمع لمذهب الجمهور وما رووه في جنين الهلالية ولذا حملها الشيخ على التقية تارة وعلى ما إذا كان علقة أو مضغة اُخرى وإن كان هذا الحمل لا يكاد ينطبق جملة منها عليه.
وكيف كان فالظاهر إنه بالاضافة إلى قبل ولوج الروح لا فرق بين الذكر والاُنثى لاطلاق النصوص الواردة على ما عرفت نعم في رواية ابن مسكان المتقدمة التصريح بأنه بعد ولوج الروح وإنشاء خلق آخر يثبت الدية الكاملة التي هي ألف دينار في الذكر وخمسمائة دينار في الاُنثى هذا كله في الجنين المسلم.
وأمّا لو كان ذمّياً حكماً لا حقيقة ففي الشرائع فعشر دية أبيه وفي رواية السكوني
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح7.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح8.
- (3) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب العشرون، ح9.
(الصفحة 279)
مسألة 1 ـ لو كان الجنين ذمّياً فهل ديته عشر دية أبيه أو عشر دية اُمّه فيه تردد وإن كان الأول أقرب1 .
مسألة 2 ـ لا كفارة على الجاني في الجنين قبل ولوج الروح، ولا تجب الدية كاملة ولا الكفارة إلاّ بعد العلم بالحياة ولو بشهادة عادلين من أهل الخبرة ولا إعتبار بالحركة إلاّ إذا علم إنها إختيارية ومع العلم بالحياة تجب مع مباشرة الجناية2 .
عن جعفر عن علي (عليهم السلام) إنه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية اُمّه(1) والعمل على الأول. والظاهر إنه لا يوجد فيه خلاف بل عن الخلاف الاجماع عليه هذا وفي رواية مسمع التي في سندها سهل بن زياد(2) مثل رواية السكوني لكن الأصحاب أعرضوا عن ظاهرهما.
نعم عن قواعد العلاّمة: الأقرب حمله على ما لو كانت مسلمة أي كانت ذمية فأسلمت قبل الجناية والاسقاط وأورد عليه صاحب الجواهر (قدس سره) بأن المتجه حينئذ كون ديته ثابتة لكونه بحكم المسلم إلاّ على القول بأن دية الاُنثى خمسون وربما إحتمل القول بالتفصيل هنا والفرق في جنين الذمي بين ذكره واُنثاه وحمل الخبر على الاُنثى وربما إحتمل الحمل على حربيّة الأب والأولى إطراحها إنتهى.
1 - قد تقدم البحث عن هذه المسألة في ذيل المسألة السابقة وتقدم نقل عبارة الشرائع المتضمنة لايراد رواية في هذا الباب فراجع وتأمل.
2 - يقع الكلام في هذه المسألة في أمرين:
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثمانية عشر، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثمانية عشر، ح1.
(الصفحة 280)
الأول الكفارة الثابتة في القتل وهي على ما تأتي إن شاء الله تعالى كفارة الجمع في قتل المؤمن عمداً ظلماً والكفارة المترتبة في سائر أقسام القتل من شبه العمد والخطاء المحض لا تثبت في الجنين قبل ولوج الروح لعدم تحقق زوال الحياة في المفروض بوجه لعدم ثبوتها من رأس فلا يصدق القتل حينئذ حتى يدخل في أحد أقسامه خلافاً للمحكي عن أبي علي من إنه إن حكم عليه بديات أجنّة قتلهم كان عليهم من الكفارة لكل جنين رقبة مؤمنة وهو واضح الضعف كالمحكي عن الشافعي حيث إنه أوجبها فيما وجب فيه غرّة ومنه الجنين التام خلقة قبل ولوج فيه عنده وهو أيضاً واضح الضعف بعد عدم صدق القتل وعدم دليل على وجوب الكفارة حينئذ.
الثاني إنه لا تجب الدية ولا الكفارة إلاّ بعد تيقن الحياة بأي وجه حصل العلم واليقين بعد كون مقتضى الأصل العدم نعم لا يلزم العلم الحقيقي بل يكفي العلم الحكمي ولو من طريق شهادة عدلين من أهل الخبرة ولا إعتبار بمجرد الحركة إذا لم تعلم كونها إختيارية وإحتمل كما في كلام الشرائع كونها عن ريح وأضاف إليه في الجواهر قوله ونحوه مما يكون به الاختلاج كما يتفق للّحم إذا عصر شديداً والمذبوح بعد زوال روحه. نعم مع العلم بإختيارية الحركة الناشئة عن الحياة يتحقق العلم بالحياة لا محالة وتترتب عليه الكفارة أيضاً.
وعن ظاهر الأصحاب عدم إعتبار مضي الأربعة أشهر في الحكم بحياته على وجه تترتب عليه الدية وإن ورد في رواية زرارة عن الصادق (عليه السلام) إنه قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل(1) وأفتى بمضمونها الأصحاب إلاّ إن ذلك لا يقتضي تحقق
- (1) الوسائل: أبواب غسل الميت، الباب الثاني عشر، ح4.