(الصفحة 311)
مسألة 4 ـ لو كان في إحدى الطبقات وارث وإن كان واحداً لا يؤخذ من الامام (عليه السلام) العقل بل يؤخذ من الوارث1 .
الامام (عليه السلام)فاعلم إنه إذا لم يكن المراتب الثلاثة الاُولى موجودة ينتقل في الآخر إلى الامام (عليه السلام) وحينئذ يقع البحث في أنه عليه من بيت المال أو أنه عليه من مال نفسه وظاهر التدبر في عبارة المتن يقضي بأن الانتقال إلى بيت المال متقدم على ثبوت مال نفسه مع أن الوصول إلى الامام (عليه السلام) إن أمكن فهو أعرف بحكمه من غيره وإن لم يمكن كما في زماننا هذا فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) إنه لم يذكر أحد من المتعلمين في الفقه فضلا عن أكابرهم إن من مصرف حق الصاحب روحي له الفداء وغيره من الأنفال في زمن الغيبة ما يشتغل به ذمة الامام (عليه السلام) من ديات الخطاء نفساً وجرحاً وإن نائب الغيبة يقوم مقامه في ذلك بل إن ذكره ذاكر كان من المضحكات فلا محيص حينئذ عن القول بكونه على الجاني وإن البحث في تقدم ضمانه على ضمان الامام (عليه السلام) وبالعكس إنما هو مع بسط اليد وجريان العدل لا مطلقاً.
و ـ عليه ـ فلا يبقى وجه للتردد المذكور في الفرع الأخير في المتن فتدبر.
1 - لو كان في إحدى الطبقات وارثاً أي من العصبة الذين عرفت الضابط فيهم فالعقل عليه ولا مجال للأخذ عن الامام (عليه السلام) بعد كون مرتبته في العاقلة آخر المراتب والمفروض وجود العصبة في الرتبة الاُولى ولا فرق بين الوحدة والتعدد بوجه كما لا يخفى.
(الصفحة 312)
مسألة 5 ـ ابتداء زمان التأجيل في دية القتل خطأً من حين الموت، وفي الجناية على الأطراف من حين وقوع الجناية، وفي السراية من حين إنتهاء السراية على الأشبه، ويحتمل أن يكون من حين الإندمال ولا يقف ضرب الأجل إلى حكم الحاكم1 .
1 - أمّا كون الابتداء في القتل من حين الموت، وفي الجناية على الأطراف من حين وقوع الجناية وتحقق الضمان فلا إشكال فيه ولا شبهة.
وأمّا في السراية فهل المبدء إنتهاء السراية أو المبدء شروع الإندمال وربما نسب الثاني إلى المشهور وقد إستشكل عليه بأنه لو قطع إصبعاً منه ـ مثلا ـ وسرى إلى الكف فوقعت فأي فرق بين الوقوع إبتداءً أو بالسراية ولا شبهة في أنه في الأول من حين الوقوع فكذا الثاني.
ومقتضيى القاعدة هو الاحتمال الأول إذ بسبب إنتهاء السراية يتحقق الضمان المفروض إنه على العاقلة ولعلّ القائل بالإندمال ناظر إلى أن إحراز إنتهاء السراية لا يتحقق نوعاً إلاّ بالشروع في الإندمال لعدم العلم بإنتهاء السراية غالباً ضرورة إنه لو سرت بعد الشروع في الإندمال مجدداً من دون أن يكون المجنى عليه مقصراً في ذلك لا مجال للحكم بعدم الضمان أصلا والظاهر عدم التوقف على حكم الحاكم لاطلاق الدليل المقتضى كونه ديناً من الديون المؤجلة شرعاً من غير حاجة إلى حكم الحاكم خلافاً لبعض العامة حيث أنه جعل ابتداء الأجل من حين المرافعة إلى الحاكم وآخر فجعله من وقت حكم الحاكم بالدية حتى لو قضت ثلاث سنين ثم تحاكموا يضرب الحاكم المدة من حين حكمه محتجاً بأن هذه مدة تناط بالاجتهاد فلا تتقدر بدون الحكم ولا يخفى ضعف كلا القولين بعد ثبوت الضمان بالقتل أو الجناية أو
(الصفحة 313)
مسألة 6 ـ بعد حلول الحول يطالب الدية ممن تعلّقت به ولو مات بعد حلوله لم يسقط ما لزمه وثبت في تركته ولو مات في أثناء الحول ففي تعلقه بتركته كمن مات بعد حلوله أو سقوطه وتعلقه بغيره إشكال وتردد1 .
إنتهاء السراية على ما مر وإن دية الخطاء نفساً أو غيرها تستأدى في مدة مضبوطة كما لا يخفى.
1 - لا شبهة في ظهور النص والفتوى في إستقرار الوجوب عليه بحلول الحول على وجه يكون ذلك كالدين فلا يسقط بالموت بعد الحلول خلافاً لبعض العامة حيث حكم بسقوطه عنه لو مات قبل الأداء مطلقاً ولا ريب في ضعفه وأمّا لو مات في أثناء الحول ففي محكي القواعد سقط ما قسط عليه وأخذ من غيره لعدم إستقراره عليه قبل إنقضائه وللنظر فيه مجال واسع اللهم إلاّ أن يكون إجماعاً أو منصوصاً وليس شيء منهما أو يقال بأن العاقله لا تكون ضامناً على النحو المعهود في ضمان الدين بل لا يكون في البين إلاّ مجرد التكليف وهو يسقط بالموت كغيره من التكاليف وهذا المعنى وإن كان يؤيده ما تقرر في باب الرهن من عدم الخلاف بينهم في عدم جواز الرهن على القسط في دية الخطاء قبل حلول الحول وليس إلاّ لذلك أو نحوه وإلاّ فعدم اللزوم لا ينافي في الرهانة كما في ثمن ذي الخيار وحينئذ فالتعبير بما يظهر منه إنه دين أو كالدين محمول على ضرب من التوسع والعناية والمجاز إلاّ أن التفكيك بين حلول الحول والموت بعده وبين الموت قبل الحلول مما لا يكاد يستقيم فإنه إذا لم يكن ديناً أو كالدين فاللازم الحكم بالسقوط في الموت بعد الحلول مع عدم الأداء وقد عرفت ظهور النص والفتوى في الاستقرار بعد الحلول خلافاً لبعض العامة
(الصفحة 314)
مسألة 7 ـ لو لم تكن عاقلة غير الامام (عليه السلام) أو عجزت عن الدية تؤخذ من الامام (عليه السلام) دون القاتل وقيل تؤخذ من القاتل ولو لم يكن له مال تؤخذ من الامام (عليه السلام)والأول أظهر1 .
وحينئذ فأي فرق بين الفرضين إذاً بملاحظة حكم الموت بعد الحلول الذي يتبنى على كونه ديناً أو كالدين لابد من الحكم بالتعلق بالتركة وعدم السقوط عنه كما لا يخفى.
1 - ويدل على أن الأخذ من الامام (عليه السلام) إنما هو بعد عدم ثبوت المال للجاني في فرض المسألة مرسلة يونس عن أحدهما (عليهما السلام) إنه قال في الرجل إذا قتل رجلا خطأً فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول من الدية إن الدية على ورثته فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من بيت المال(1). وصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله. قال فقال أبو عبدالله (عليه السلام): هذان متعديان جميعاً فلا أرى على الذي قتل الرجل قوداً لأنه قتله حين قتله وهو أعمى والأعمى جنايته خطاء يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجماً فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها ثلاث سنين ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه(2). وموثقة عمار الساباطي عن أبي عبيدة قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح فقال إن عمد الأعمى مثل الخطاء هذا فيه الدية في ماله فإن لم يكن له مال فالدية على الامام ولا يبطل حق امرئ مسلم(3). ورواية أبي العباس عن أبي
- (1) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب السادس، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب العاقلة، الباب العاشر، ح1.
- (3) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب الخامس والثلاثون، ح1.
(الصفحة 315)
مسألة 8 ـ قد مرّ أن دية العمد وشبه العمد في مال الجاني لكن لو هرب فلم يقدر عليه اُخذت من ماله إن كان له مال وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب فإن لم تكن له قرابة أدّاها الامام (عليه السلام) ولا يبطل دم امرئ مسلم2 .
عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن الخطاء الذي فيه الدية والكفارة أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله فقال نعم قلت رمى شاةً فأصاب إنساناً قال ذاك الخطاء الذي لا شك فيه عليه الدية والكفارة(1) وفي الدلالة نظر.
2 - قد تقدم البحث في هذه المسألة في أول مباحث العاقلة فراجع.
تـكملة
ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) ما ملّخصه إن المغروس في الذهن وإن كان إن دية الخطاء على العاقلة إبتداءً إلاّ إنّ التدبر في النصوص وقاعدة إختصاص الجناية بالجاني دون غيره إنها عليه وإن أدت العاقلة عنه إذ قد سمعت ما في خبري البقباق (أبي العباس الذي مرّ آنفاً) وغيره بل لعله المنساق من الآية ولو بسبب جمع الكفارة التي لا إشكال في كونها عليه مع الدية فالجمع حينئذ بينها وبين ما دل على اَنها على العاقلة اَنها تؤدي عنه كما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) التصريح به: أنا وليه والمؤدي عنه(2)ولا فرق بينه وبين باقي أفراد العاقلة وهو حينئذ شاهد جمع إن لم نقل إنه المنساق
- (1) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب الحادي عشر، ح9.
- (2) في رواية مسلمة بن كهيل المفصلة المتقدمة فراجع.